محمد محمود إبراهيم عطية
Member
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : إنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْنَا إلَّا بِمَا فِيهِ صَلَاحُنَا ، وَلَمْ يَنْهَنَا إلَّا عَمَّا فِيهِ فَسَادُنَا ؛ وَلِهَذَا يُثْنِي اللَّهُ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ ، وَيَأْمُرُ بِالصَّلَاحِ وَالْإِصْلَاحِ ، وَيَنْهَى عَنْ الْفَسَادِ ؛ فَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ إنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْنَا الْخَبَائِثَ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَضَرَّةِ وَالْفَسَادِ ، وَأَمَرَنَا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَالصَّلَاحِ لَنَا ؛ وَقَدْ لَا تَحْصُلُ هَذِهِ الْأَعْمَالُ إلَّا بِمَشَقَّةِ ؛ كَالْجِهَادِ ، وَالْحَجِّ ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ ، وَطَلَبِ الْعِلْمِ ؛ فَيَحْتَمِلُ تِلْكَ الْمَشَقَّةَ ، وَيُثَابُ عَلَيْهَا ، لِمَا يَعْقُبُهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ لَمَّا اعْتَمَرَتْ مِنْ التَّنْعِيمِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ : " أَجْرُك عَلَى قَدْرِ نَصَبِك " ؛ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فَائِدَةُ الْعَمَلِ مَنْفَعَةً لَا تُقَاوِمُ مَشَقَّتَهُ ، فَهَذَا فَسَادٌ ، وَاَللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ؛ وَمِثَالُ ذَلِكَ مَنَافِعُ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ مَنْ تَحَمَّلَ مَشَقَّةً لِرِبْحِ كَثِيرٍ ، أَوْ دَفْعِ عَدُوٍّ عَظِيمٍ ، كَانَ هَذَا مَحْمُودًا ؛ وَأَمَّا مَنْ تَحَمَّلَ كُلَفًا عَظِيمَةً وَمَشَّاقًا شَدِيدَةً لِتَحْصِيلِ يَسِيرٍ مِنْ الْمَالِ ، أَوْ دَفْعِ يَسِيرٍ مِنْ الضَّرَرِ ، كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَعْطِيَ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِيَعْتَاضَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ؛ أَوْ مَشَى مَسِيرَةَ يَوْمٍ لِيَتَغَدَّى غَدْوَةً ، يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَغَدَّى خَيْرًا مِنْهَا فِي بَلَدِهِ .
فَالْأَمْرُ الْمَشْرُوعُ الْمَسْنُونُ جَمِيعُهُ مَبْنَاهُ عَلَى الْعَدْلِ وَالِاقْتِصَادِ وَالتَّوَسُّطِ ، الَّذِي هُوَ خَيْرُ الْأُمُورِ ، وَأَعْلَاهَا ؛ كَالْفِرْدَوْسِ ، فَإِنَّهُ أَعْلَى الْجَنَّةِ ، وَأَوْسَطُ الْجَنَّةِ ، فَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَمَصِيرُهُ إلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
هَذَا فِي كُلِّ عِبَادَةٍ لَا تُقْصَدُ لِذَاتِهَا ، مِثْلِ الْجُوعِ وَالسَّهَرِ وَالْمَشْيِ ؛ وَأَمَّا مَا يُقْصَدُ لِنَفْسِهِ ، مِثْلُ مَعْرِفَةِ اللَّهِ ، وَمَحَبَّتِهِ ، وَالْإِنَابَةِ إلَيْهِ ، وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ ؛ فَهَذِهِ شُرِعَ فِيهَا الْكَمَالُ ، لَكِنْ يَقَعُ فِيهَا سَرَفٌ وَعُدْوَانٌ ، بِإِدْخَالِ مَا لَيْسَ مِنْهَا فِيهَا ؛ مِثْلُ أَنْ يُدْخِلَ تَرْكَ الْأَسْبَابِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي التَّوَكُّلِ ، أَوْ يُدْخِلَ اسْتِحْلَالَ الْمُحَرَّمَاتِ وَتَرْكَ الْمَشْرُوعَاتِ فِي الْمَحَبَّةِ ؛ فَهَذَا هَذَا . وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .... ( مجموع الفتاوى : 25 / 282 – 284 ) .
فَالْأَمْرُ الْمَشْرُوعُ الْمَسْنُونُ جَمِيعُهُ مَبْنَاهُ عَلَى الْعَدْلِ وَالِاقْتِصَادِ وَالتَّوَسُّطِ ، الَّذِي هُوَ خَيْرُ الْأُمُورِ ، وَأَعْلَاهَا ؛ كَالْفِرْدَوْسِ ، فَإِنَّهُ أَعْلَى الْجَنَّةِ ، وَأَوْسَطُ الْجَنَّةِ ، فَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَمَصِيرُهُ إلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
هَذَا فِي كُلِّ عِبَادَةٍ لَا تُقْصَدُ لِذَاتِهَا ، مِثْلِ الْجُوعِ وَالسَّهَرِ وَالْمَشْيِ ؛ وَأَمَّا مَا يُقْصَدُ لِنَفْسِهِ ، مِثْلُ مَعْرِفَةِ اللَّهِ ، وَمَحَبَّتِهِ ، وَالْإِنَابَةِ إلَيْهِ ، وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ ؛ فَهَذِهِ شُرِعَ فِيهَا الْكَمَالُ ، لَكِنْ يَقَعُ فِيهَا سَرَفٌ وَعُدْوَانٌ ، بِإِدْخَالِ مَا لَيْسَ مِنْهَا فِيهَا ؛ مِثْلُ أَنْ يُدْخِلَ تَرْكَ الْأَسْبَابِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي التَّوَكُّلِ ، أَوْ يُدْخِلَ اسْتِحْلَالَ الْمُحَرَّمَاتِ وَتَرْكَ الْمَشْرُوعَاتِ فِي الْمَحَبَّةِ ؛ فَهَذَا هَذَا . وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .... ( مجموع الفتاوى : 25 / 282 – 284 ) .