تفسير قوله: وهديناه النجدين

إنضم
09/09/2010
المشاركات
178
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الهند

لقد ذهب الأكثرون من المفسرين في تأويل النجدين بأنهما طريق الخير والشر، أو طريق السعادة والشقاء أو طريق الهدى والضلالة، كما ذهب بعضهم إلى أنهما الثديان.(تفسير الماوردي) وسوف أكتفي بالحديث عن القول الأول وهو المشهور، حيث ضعف القول الثاني لايحتاج إلى بيان.
ومن تأمل في التأويل المشهور وقف أمام إشكالات منها:
أولا: النجد مكان مرتفع أو طريق يؤدي إلى مكان الأعالي، فهل يطلق على حضيض الكفر كلمة نجد؟ وقد فطن لهذا الإشكال، الشهاب الخفاجى في حاشيته على البيضاوي، حيث قال: "ووصف مكان الخير بالرفعة والنجدية ظاهر بخلاف الشرّ فإنه هبوط من ذروة الفطرة إلى حضيض الشقوة فهو على التغليب أو على توهم المتخيلة له صعودا فتدبر" فأورد الإشكال وأتى بالجواب، ولكن الذي يظهر للمتأمل أن الجواب ليس في قوة الإشكال.
ثانيا: الحديث هنا في معرض الامتنان فهل إرشاد الإنسان إلى طريق الضلالة والشر والشقاء، يليق بهذا المقام؟
وقد فطن لذلك أيضا الشهاب الخفاجي، حيث يقول: لا يخفى أنه ذكر في سياق الامتنان فالمراد الامتنان عليه بان هداه وبين له الطريق فسلكها تارة ، وعدل عنها أخرى فلا امتنان عليه بالشرّ.
ثالثا: هل الله عزوجل يهدي إلى الشر؟ أو الهداية التي يرزقها الله كل إنسان تكون إلى الخير فحسب أو إلى الخير والشر كليهما؟ ونستعين في بحث هذا السؤال إلى الاستعمالات القرآنية.
يقول الله تعالى: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17) ، فهديناهم، والهدى، في الآية لايحتملان إلا الإرشاد إلى طريق الخير، وذكر في مقابل الهدى العمى، وهذه مقارنة بليغة.
ويقول تعالى: إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) وهنا ذهب المفسرون عموما إلى نفس التأويل الذي ذهبوا إليه في آية سورة البلد، وقالوا: السبيل هو طريق الخير والشر، وقد اختار الطبري وغيره في هذه الاية وجها آخر، قال الطبري: يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} إِنَّا بَيَّنَّا لَهُ طَرِيقَ الْجَنَّةِ ، وَعَرَّفْنَاهُ سَبِيلَهُ ، إِنْ شَكَرَ ، أَوْ كَفَرَ.
بينما ذكر القرطبي القولين، حيث قال في تفسير الآية: قوله تعالى: (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) أي بينا له وعرفناه طريق الهدى والضلال، والخير والشر ببعث الرسل، فآمن أو كفر، كقوله تعالى: وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ . وقال مجاهد: أي بينا له السبيل إلى الشقاء والسعادة. وقال الضحاك وأبو صالح والسدي: السبيل هنا خروجه من الرحم. وقيل: منافعه ومضاره التي يهتدي إليها بطبعه وكمال عقله. (إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) أي أيهما فعل فقد بينا له. قال الكوفيون: (إن) ها هنا تكون جزاء و(ما) زائدة أي بينا له الطريق إن شكر أو كفر. واختاره الفراء ولم يجزه البصريون، إذ لا تدخل (إن) للجزاء على الأسماء إلا أن يضمر بعدها فعل. وقيل: أي هديناه الرشد، أي بينا له سبيل التوحيد بنصب الادلة عليه، ثم إن خلقنا له الهداية اهتدى وآمن، وإن خذلناه كفر. وهو كما تقول: قد نصحت لك، إن شئت فاقبل، وإن شئت فاترك، أي فإن شئت، فتحذف الفاء. وكذا إِمَّا شاكِراً والله أعلم.
وهذا الوجه الذي ذكره الطبري والقرطبي من أن السبيل هنا سبيل الرشد والهداية هي الهداية إلى الخير هو الذي يناسب المقام وهو الامتنان بالنعم. ويناسب استعمال القرآن الكريم للهداية حيث يطلق على ما يهدي إلى الخير إلا إذا صرح عكس ذلك. ويكون المعنى: نحن هديناه سبيل الخير، فإما يكون شاكرا على نعمة الهداية ويقبلها، أو يكفربها ويأباها.
وهناك آية أخرى تبدو في بادئ الأمر قريبة في المعنى مما نحن فيه، وهو قوله تعالى: (فألهمها فجورها وتقواها) ولكن الأمر يختلف، فالهداية في معنى الإرشاد، والإلهام بمعنى الإعلام، ويصح أن نقول اللهم عرفنا بالخير والشر، ولكن لا يسوغ أن نقول اللهم اهدنا الخير والشر، وقد ذهب الكثيرون إلى أن الهداية في الايات التي نحن بصددها بمعنى التبيين وليس بمعنى الهداية المعروف، ولكن ذلك يبدو نقل الكلمة من معناها الحقيقي من غير داع.
والآن نعود إلى تأويل قوله تعالى: (وهديناه النجدين) فقد ذكر الله مع النجدين العقبة وعرفها، وقال: (فلا اقتحم العقبة. وما أدراك ماالعقبة. فك رقبة. أو إطعام في يوم ذي مسبغة. يتيما ذا مقربة. أو مسكينا ذا متربة) هنا انتهى ذكر العقبة، ثم بيّن الله تعالى النجدين، وقال: (ثم كان من الذين آمنوا) وهذا هو النجد الأول، وقال (وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة) وهذا هو النجد الثاني، ولا يمكن لشخص أن يفوز بذانك النجدين إلا إذا اقتحم العقبة بالإنفاق في اليتامى والمساكين.
أرجو من القراء أن يتأملوا معي في هذا الوجه، لعل الله يفتح علينا حكما كثيرة في اختيار هذا التعبير. وإذا صح شيء من هذا التأويل فالفضل يعود إلى شيخنا الكبير محمد أمانة الله الإصلاحي حفظه الله ورعاه.
 
للشيخ بسام قول آخر، فهو يرى أن النجد الأول يتعلق بالفلاح الدنيوي، والنجد الثاني يتعلق بالفلاح الأخروي.
فعلى مدى ثلاث ساعات في ثلاث حلقات يفسّر الشيخ جرار سورة البلد. وتجدون ذلك على اليوتيوب.
والذين شاهدوا الحلقة الاولى سابقاً نعلمهم أنه تم اليوم تنزيل الحلقة الثانية والثالثة.
وسبق أن أعلمنا الأخوة أن للشيخ درس أسبوعي في التفسير يتم تنزيله على اليوتيوب، ويمكن التوصل إلى الدروس بكتابة: بسام جرار+تفسير.
أظن أن من يستمع إلى تفسير درس واحد من دروس قصار السور سيحرص إن شاء الله على متابعة باقي الدروس.
 
لقد ذهب الأكثرون من المفسرين في تأويل النجدين بأنهما طريق الخير والشر، أو طريق السعادة والشقاء أو طريق الهدى والضلالة، كما ذهب بعضهم إلى أنهما الثديان.(تفسير الماوردي) وسوف أكتفي بالحديث عن القول الأول وهو المشهور، حيث ضعف القول الثاني لايحتاج إلى بيان.
ومن تأمل في التأويل المشهور وقف أمام إشكالات منها:
أولا: النجد مكان مرتفع أو طريق يؤدي إلى مكان الأعالي، فهل يطلق على حضيض الكفر كلمة نجد؟ وقد فطن لهذا الإشكال، الشهاب الخفاجى في حاشيته على البيضاوي، حيث قال: "ووصف مكان الخير بالرفعة والنجدية ظاهر بخلاف الشرّ فإنه هبوط من ذروة الفطرة إلى حضيض الشقوة فهو على التغليب أو على توهم المتخيلة له صعودا فتدبر" فأورد الإشكال وأتى بالجواب، ولكن الذي يظهر للمتأمل أن الجواب ليس في قوة الإشكال.
ثانيا: الحديث هنا في معرض الامتنان فهل إرشاد الإنسان إلى طريق الضلالة والشر والشقاء، يليق بهذا المقام؟
وقد فطن لذلك أيضا الشهاب الخفاجي، حيث يقول: لا يخفى أنه ذكر في سياق الامتنان فالمراد الامتنان عليه بان هداه وبين له الطريق فسلكها تارة ، وعدل عنها أخرى فلا امتنان عليه بالشرّ.
ثالثا: هل الله عزوجل يهدي إلى الشر؟ أو الهداية التي يرزقها الله كل إنسان تكون إلى الخير فحسب أو إلى الخير والشر كليهما؟ ونستعين في بحث هذا السؤال إلى الاستعمالات القرآنية.
يقول الله تعالى: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17) ، فهديناهم، والهدى، في الآية لايحتملان إلا الإرشاد إلى طريق الخير، وذكر في مقابل الهدى العمى، وهذه مقارنة بليغة.
ويقول تعالى: إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) وهنا ذهب المفسرون عموما إلى نفس التأويل الذي ذهبوا إليه في آية سورة البلد، وقالوا: السبيل هو طريق الخير والشر، وقد اختار الطبري وغيره في هذه الاية وجها آخر، قال الطبري: يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} إِنَّا بَيَّنَّا لَهُ طَرِيقَ الْجَنَّةِ ، وَعَرَّفْنَاهُ سَبِيلَهُ ، إِنْ شَكَرَ ، أَوْ كَفَرَ.
بينما ذكر القرطبي القولين، حيث قال في تفسير الآية: قوله تعالى: (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) أي بينا له وعرفناه طريق الهدى والضلال، والخير والشر ببعث الرسل، فآمن أو كفر، كقوله تعالى: وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ . وقال مجاهد: أي بينا له السبيل إلى الشقاء والسعادة. وقال الضحاك وأبو صالح والسدي: السبيل هنا خروجه من الرحم. وقيل: منافعه ومضاره التي يهتدي إليها بطبعه وكمال عقله. (إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) أي أيهما فعل فقد بينا له. قال الكوفيون: (إن) ها هنا تكون جزاء و(ما) زائدة أي بينا له الطريق إن شكر أو كفر. واختاره الفراء ولم يجزه البصريون، إذ لا تدخل (إن) للجزاء على الأسماء إلا أن يضمر بعدها فعل. وقيل: أي هديناه الرشد، أي بينا له سبيل التوحيد بنصب الادلة عليه، ثم إن خلقنا له الهداية اهتدى وآمن، وإن خذلناه كفر. وهو كما تقول: قد نصحت لك، إن شئت فاقبل، وإن شئت فاترك، أي فإن شئت، فتحذف الفاء. وكذا إِمَّا شاكِراً والله أعلم.
وهذا الوجه الذي ذكره الطبري والقرطبي من أن السبيل هنا سبيل الرشد والهداية هي الهداية إلى الخير هو الذي يناسب المقام وهو الامتنان بالنعم. ويناسب استعمال القرآن الكريم للهداية حيث يطلق على ما يهدي إلى الخير إلا إذا صرح عكس ذلك. ويكون المعنى: نحن هديناه سبيل الخير، فإما يكون شاكرا على نعمة الهداية ويقبلها، أو يكفربها ويأباها.
وهناك آية أخرى تبدو في بادئ الأمر قريبة في المعنى مما نحن فيه، وهو قوله تعالى: (فألهمها فجورها وتقواها) ولكن الأمر يختلف، فالهداية في معنى الإرشاد، والإلهام بمعنى الإعلام، ويصح أن نقول اللهم عرفنا بالخير والشر، ولكن لا يسوغ أن نقول اللهم اهدنا الخير والشر، وقد ذهب الكثيرون إلى أن الهداية في الايات التي نحن بصددها بمعنى التبيين وليس بمعنى الهداية المعروف، ولكن ذلك يبدو نقل الكلمة من معناها الحقيقي من غير داع.
والآن نعود إلى تأويل قوله تعالى: (وهديناه النجدين) فقد ذكر الله مع النجدين العقبة وعرفها، وقال: (فلا اقتحم العقبة. وما أدراك ماالعقبة. فك رقبة. أو إطعام في يوم ذي مسبغة. يتيما ذا مقربة. أو مسكينا ذا متربة) هنا انتهى ذكر العقبة، ثم بيّن الله تعالى النجدين، وقال: (ثم كان من الذين آمنوا) وهذا هو النجد الأول، وقال (وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة) وهذا هو النجد الثاني، ولا يمكن لشخص أن يفوز بذانك النجدين إلا إذا اقتحم العقبة بالإنفاق في اليتامى والمساكين.
أرجو من القراء أن يتأملوا معي في هذا الوجه، لعل الله يفتح علينا حكما كثيرة في اختيار هذا التعبير. وإذا صح شيء من هذا التأويل فالفضل يعود إلى شيخنا الكبير محمد أمانة الله الإصلاحي حفظه الله ورعاه.

جزى الله كل خير الأخ غازي على هذه الإضافة القيمة من فضيلة الشيخ محمد أمانة الله الإصلاحي حفظه الله ورعاه.
هنالك تعبيرات وتوضيحات عدة للدين أو الإسلام، لكني أقول بكل إيجاز أن الدين لا يكتمل إلا بعنصرين أساسين: (1) الإيمان بكاملة معتقداته ( طبعاً الأعمال الصالحة الفردية داخلة فيها) (2) التواصي بالحق (هو الإيمان بكامل معتقداته والقيام بالأعمال مع التواصي بالصبر على طريق الإيمان. فلنفهم هذه الآية في ضوء سورة العصر‘ يمكن القول إن سورة العصر تفسير شامل للآية‘ وقد يقول قائل فيها أربعة عناصر: 1) الإيمان . 2) العمل الصالح. 3) تواصي بالحق 4) تواصي بالصبر. نقول العمل الصالح داخل بالإيمان بداهة. وبقي عمل التواصي بأمرين: هما الحق والاستقامة عليه بالصبر و المصابرة: قل آمنت بالله ثم استقم ... الحديث
وذكر هنا في هذه الآية جزء من الحق وهو التواصي بالمرحمة، لأن الذي لا يتواصى بالمرحمة ولا يحض على طعام المسكين يكذب بالدين.
معنى الآيات: أن الله تعالي من على الإنسان بخلقه في أحسن تقويم حيث جعل له عينين ولسانا وشفتين في وجهه يراه أي إنسان أخر، كما هداه النجدين وجعل محلهما القلب (الإيمان ما وقر في القلب...)، لإن الإيمان وعمل التواصي إنما يندفعان من قلب سليم ملئ بشعور امتنان الخالق والحب الشديد له، ولا يسهل اقتحام العقبة و ما أدراك مالعقبة إلا بهما. بخلاف ذلك إذا لم يكن القلب سليماً لا يدفع صاحبه إلى اقتحام العقبة؛ فهو مع ظاهر إيمانه يجمع ماله ويعدده ويحسب أن ماله يخلده ويحسب أن لن يقدرعليه أحد، حتى ينسلخ من قائمة أصحاب الميمنة وينضم إلى قائمة أصحاب المشئمة التي عليهم نار مؤصدة. وتلك النار تطلع على تلك الأفئدة.
إذا ستكتمل الصورة مع التدبر في ثلاث سور: وهي البلد، والعصر والهمزة.
 
للشيخ بسام قول آخر، فهو يرى أن النجد الأول يتعلق بالفلاح الدنيوي، والنجد الثاني يتعلق بالفلاح الأخروي.
فعلى مدى ثلاث ساعات في ثلاث حلقات يفسّر الشيخ جرار سورة البلد. وتجدون ذلك على اليوتيوب.
والذين شاهدوا الحلقة الاولى سابقاً نعلمهم أنه تم اليوم تنزيل الحلقة الثانية والثالثة.
وسبق أن أعلمنا الأخوة أن للشيخ درس أسبوعي في التفسير يتم تنزيله على اليوتيوب، ويمكن التوصل إلى الدروس بكتابة: بسام جرار+تفسير.
أظن أن من يستمع إلى تفسير درس واحد من دروس قصار السور سيحرص إن شاء الله على متابعة باقي الدروس.

شكر الله لكم، وما ذهب إليه الشيخ بسام أقرب إلى دلالة الكلمات من التفسير المشهور، ويا حبذا لو تكرمتم بتلخيص ما استدل به الشيخ هنا للفائدة، وأما ما ذكرته من تفسير الآية فالمزية فيه أنه مستنبط من نظم السورة نفسها، حيث ذكر الله ثلاثة أشياء وعيّن واحدا منها بأنه اقتحام العقبة، وبقي الاثنان ليتعين كونهما النجدان. والحقيقة أنه ليس هناك مقام أعلى للعبد من مقام الإيمان ومقام التواصي بالخير. نسأل الله أن يرزقنا سلوك المدارج العالية.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
أعتقد والله أعلم أن الإشكال جاء من مفهوم معنى الهداية هنا .
وكما هو معلوم للجميع فالهداية هدايتان:
هداية توفيق ، وهداية دلالة وإرشاد
والهداية هنا هداية دلالة فعرفه طريق الخير ودعاه إليها ، وعرفه طريق الشر وحذره منها.
وهذه منة عظيمة من الله تعالى.
وهداية السبيل المذكورة في سورة الإنسان هي نفسها الهداية المذكورة في سورة البلد ، يوضحها قوله تعالى:
"إما شاكرا وإما كفورا"
فالشاكر يسلك سبيل النجاة والإيمان ، والكافر يسلك سبيل الكفر والهلاك.
وبهذا يزول الإشكال ولله الحمد.

وهنا كلام جميل للشيخ الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى:
"والهداية : الدلالة على الطريق المبلِّغة إلى المكان المقصود السير إليه .
والنجد : الأرض المرتفعة ارتفاعاً دون الجبل . فالمراد هنا طريقان نجدان مرتفعان ، والطريق قد يكون مُنجداً مصعداً ، وقد يكون غوراً منخفضاً .
وقد استعيرت الهداية هنا للإِلهام الذي جعله الله في الإنسان يدرك به الضارّ والنافع وهو أصل التمدن الإنساني وأصل العلوم والهداية بدين الإسلام إلى ما فيه الفوز .
واستعير النجدان للخير والشر ، وجعلا نجدين لصعوبة اتباع أحدهما وهو الخير فغلِّب على الطريقين ، أو لأن كل واحد صعب باعتبار ، فطريق الخير صعوبته في سلوكه ، وطريق الشر صعوبته في عواقبه ، ولذلك عبر عنه بعدَ هذا بـ { العَقَبة } [ البلد : 11 ] .
ويتضمن ذلك تشبيه إعمال الفكر لنوال المطلوب بالسير في الطريق الموصل إلى المكان المرغوب كما قال تعالى : { إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً } [ الإنسان : 3 ] وتشبيه الإِقبال على تلقّي دعوة الإِسلام إذ شقّت على نفوسهم كذلك .
وأدمج في هذا الاستدلال امتنانٌ على الإِنسان بما وُهبه من وسائل العيش المستقيم .
ويجوز أن تكون الهداية هداية العقل للتفكير في دلائل وجود الله ووحدانيته بحيث لو تأمل لعَرف وحدانية الله تعالى فيكون هذا دليلاً على سبب مؤاخذة أهل الشرك والتعطيل بكفرهم في أزمان الخلو عن إرسال الرسل على أحد القولين في ذلك بين الأشاعرة من جهة ، وبين الماتريدية والمعتزلة من جهة أخرى ."
 
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل أباسعد على هذه الإضافة الطيبة، واسمح لي بأن أقول بكل تأدب واحترام:
حقيقة الأمر ما ذكره ابن عاشور وهو لم يراعه فيما بعد رحمه الله، فقد قال: "والهداية : الدلالة على الطريق المبلِّغة إلى المكان المقصود السير إليه". ولذلك نقول إن الله لا يهدي طريق الشر، لأنه لا يبلغ إلى المكان المقصود السير إليه، بل "الله يهدي للحق". وهناك فرق بين التحذير من شيء والدلالة إلى شيء، والهداية في الأصل الدلالة وليس التحذير، ولذلك لايسوغ لنا أن نقول: اللهم اهدنا الكفر. بمعنى اللهم حذرنا من آفات الكفر. بل ربما لا يسوغ أن نقول اللهم اهدنا إلى الإسلام ولا تهدنا إلى الكفر بمعنى هداية التوفيق، لأن الكفر لايقرن بالهداية في أي حال، والشيطان يضل الناس ولا يهديهم إلى الكفر، والله إذا يسّر للكافرين طريق الكفر نتيجة إصرارهم على ذلك لايسمه الهداية بل يسمه الإضلال، فالهداية لايقرن بالكفر والشر والباطل في حال من الأحوال.
وقال: "والنجد : الأرض المرتفعة ارتفاعاً دون الجبل . فالمراد هنا طريقان نجدان مرتفعان ، والطريق قد يكون مُنجداً مصعداً ، وقد يكون غوراً منخفضاً" ونحن نقول الطريق المرتفع لا يكون إلا طريق الخير.
والقرآن ذكر الهداية في مواضع كثيرة جدا، ولم ينسب صريحا في أي موضع إلى طريق الكفر والشر. وقد صرح مرارا أن الهداية تكون للخير والإيمان. فينبغي أن يحمل المجمل على المبين.
وكذلك في قوله تعالى: إناهديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا، السبيل مجمل فيحمل على سبيل الحق الذي صرح به القرآن مرارا، فقد قال: وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيل، وقال: يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وقال: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ.
كما أن السبيل إذا أطلق في القرآن فهو سبيل الخير والإيمان، قال تعالى: وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ. وفي موضع آخر: وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ. وفي موضع آخر: فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيل. وينبغي أن يحمل على ذلك قوله تعالى: ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَه. وقد جانب الكثيرين فيه الصواب.
ويضاف إلى ذلك، أن القرآن لم يستخدم صريحا كلمة الهداية بمعنى بيان طريق الكفر للعباد ليحذروه.
والإشكال جاء من قوله تعالى: إما شاكرا وإما كفورا، والمعنى الصحيح هو: إنا هديناه سبيل الحق، فمن شاء فليشكر ويؤمن، ومن شاء فليكفر. وكذلك الإشكال جاء من قوله: النجدين، بالتثنية، وقد بينا أن المراد به مقام الإيمان المرتفع، ومقام التواصي المرتفع. فلا داعي للاستعارات المتكلفة التي لجأ إليها ابن عاشور رحمه الله وقد سبقه في ذلك الشهاب الخفاجي كما ذكرت آنفا.
والخلاصة، أننا إذا تأملنا استعمالات القرآن لكلمة السبيل ولكلمة الهداية، اتضح لنا الأمر. ولله الحمد.
 
الدكتور محي الدين
سلام الله عليك ورحمته وبركاته
شكرا الله لك هذا النقاش الممتع
وهذا جوابي عليه:
تقول :
"ولذلك نقول إن الله لا يهدي طريق الشر، لأنه لا يبلغ إلى المكان المقصود السير إليه، بل "الله يهدي للحق".

أقول:
هذا كلام تنقصه الدقة ، والسبب كما ذكرت سابقا هو عدم التفريق بين هداية التفويق وهداية الدلالة :
والله سبحانه وتعالى قال عن كتابه الكريم:
وبيان طرق الشر والتحذير منها وبيان الأسباب الموصلة إليها هو من الهداية التي جاء بها القرآن ، وأيضا ما غرسه الله في الفطر من حب الخير وكراهية الشر هو من الهداية.

وتقول:
"وهناك فرق بين التحذير من شيء والدلالة إلى شيء، والهداية في الأصل الدلالة وليس التحذير، ولذلك لايسوغ لنا أن نقول: اللهم اهدنا الكفر. بمعنى اللهم حذرنا من آفات الكفر. بل ربما لا يسوغ أن نقول اللهم اهدنا إلى الإسلام ولا تهدنا إلى الكفر بمعنى هداية التوفيق، لأن الكفر لايقرن بالهداية في أي حال، والشيطان يضل الناس ولا يهديهم إلى الكفر، والله إذا يسّر للكافرين طريق الكفر نتيجة إصرارهم على ذلك لايسمه الهداية بل يسمه الإضلال، فالهداية لايقرن بالكفر والشر والباطل في حال من الأحوال."

وأيضا هذا الكلام تنقصه الدقة:
فالدلالة تعرفك طرق الخير وتعرفك طريق الشر ، وتتضمن الترغيب في الخير والتحذير من الشر ، قال تعالى:
(قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) المائدة (60)
هذه جاءت تحذيرا من الأمور التي استحق بها هؤلاء هذا المصير في الآيات السابقة :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57)وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (58) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59))
أليست هذه من هداية القرآن ؟
بلى
ويقول تعالى:
(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106))
أليست هذه من هداية القرآن ؟
بلى.
والهداية التامة لا تكون إلا بمعرفة طريق الخير وطريق الشر ، ولا تكون هذه المعرفة إلا عن طريق الدلالة ، ولهذا يقول حذيفة بن اليمان:
"كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي" الحديث.
وكون الكلمة لا يصلح أن تستخدمها في موضع معين لا يلغي دلالتها ، فنحن عندما نقول:
"اللهم اهدنا فيمن هديت"
يشمل هداية الدلالة والتوفيق ، ومن هداية الدلالة أن تعرف الشر حتى تجتنبه.
ثم إن القرآن استخدم الكلمة في نقيض ما تقول ، قال الله تعالي:
(كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ) الحج(4)
وقال تعالى:
(احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23))
فهنا استخدم الهداية في الدلالة ولكن إلى الشر.

وتقول:
"وقال: "والنجد : الأرض المرتفعة ارتفاعاً دون الجبل . فالمراد هنا طريقان نجدان مرتفعان ، والطريق قد يكون مُنجداً مصعداً ، وقد يكون غوراً منخفضاً" ونحن نقول الطريق المرتفع لا يكون إلا طريق الخير.
والقرآن ذكر الهداية في مواضع كثيرة جدا، ولم ينسب صريحا في أي موضع إلى طريق الكفر والشر. وقد صرح مرارا أن الهداية تكون للخير والإيمان. فينبغي أن يحمل المجمل على المبين."

وأقول :
من أين لك أن الطريق المرتفع لا يكون إلا طريق خير ؟
الطرق الحسية سواء منخفضة أو مرتفعة لا تمدح ولا تذم إلى بحسب ما تؤدي إليه ، والطريق الواحد سواء كانت نجدا أو منخفضا يستخدمه شخص فتوصله إلى السعادة والرفعة ،ويستخدمها آخر فتوصله إلى الشقاء نعوذ بالله.
إذا الذي يحدد المعنى ليس وصف الطريق.

وأما قولك :
"والقرآن ذكر الهداية في مواضع كثيرة جدا، ولم ينسب صريحا في أي موضع إلى طريق الكفر والشر"
فقد أعطيتك موضعين من القرآن وها هي مرة أخرى:
(كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ) الحج(4)
( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23)) الصافات

وتقول:
"وكذلك في قوله تعالى: إناهديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا، السبيل مجمل فيحمل على سبيل الحق الذي صرح به القرآن مرارا، فقد قال: وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيل، وقال: يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وقال: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ.
كما أن السبيل إذا أطلق في القرآن فهو سبيل الخير والإيمان، قال تعالى: وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ. وفي موضع آخر: وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ. وفي موضع آخر: فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيل. وينبغي أن يحمل على ذلك قوله تعالى: ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَه. وقد جانب الكثيرين فيه الصواب. "

أقول:
هداية السبيل لا تكون تامة إلا بمعرفة وصفها وهو: التعريف بالخير والأمر باتباعه ، والتعريف بالشر والنهي عنه.
فقوله تعالى " وهو يهدي السبيل " أي السبيل الموصل إلى الخير
ما هو هذا السبيل الموصل إلى الخير ؟
هو إتيان الخير واجتناب الشر ، وهذا فرع معرفته ، ومعرفته لا تحصل إلا بالهداية الدالة.

تقول:
"ويضاف إلى ذلك، أن القرآن لم يستخدم صريحا كلمة الهداية بمعنى بيان طريق الكفر للعباد ليحذروه.
والإشكال جاء من قوله تعالى: إما شاكرا وإما كفورا، والمعنى الصحيح هو: إنا هديناه سبيل الحق، فمن شاء فليشكر ويؤمن، ومن شاء فليكفر"

وأقول:
وهذا أيضا كسابقه ، فقولك: "إنا هديناه سبيل الحق" ، لا يغير في القضية شيئا ، فسبيل الحق هو أن تعرف الخير فتأتيه ، وتعرف طريق الشر فتجتنبه فتكون شاكرا ، وعكسه تعرف الخير وتتركه وتعرف الشر وتأتيه وبهذا تقوم عليك الحجة وتكون كافرا ، نعوذ بالله من الكفر.

وتقول:
" وكذلك الإشكال جاء من قوله: النجدين، بالتثنية، وقد بينا أن المراد به مقام الإيمان المرتفع، ومقام التواصي المرتفع. فلا داعي للاستعارات المتكلفة التي لجأ إليها ابن عاشور رحمه الله وقد سبقه في ذلك الشهاب الخفاجي كما ذكرت آنفا."

وأقول:
النجد في لغة العرب الطريق المرتفع قال صاحب المحيط في اللغة:
"نجد: النَّجْدُ: ما خَالَفَ الغَوْرَ، والجميعُ الأنْجَادُ والنَّجُوْدُ والنَّجَادُ. وأنْجَدَ القَوْمُ: صارُوا ببلادِ نَجْدٍ. والنَّجُوْدُ من الإِبِلِ: التي لا تَبْرُكُ إلاّ على نَجْدٍ. و النِّجَادُ: أرْضٌ فيها صَلاَبَةٌ وارْتِفَاعٌ. وقَوْلَه: " وَهَدَيْنَاه النَّجْدَيْنِ " أي طَرَيْقَ الخَيْرِ والشَّرِّ. وَ أَمْرٌ نَجْدٌ: أي واضِحٌ."
فالله سبحانه وتعالى قد هدى عباده ، بمعنى دلهم إلى طريقين واضحين لا خفاء بهم ، فأوضح لهم طريق الخير وأمرهم باتباعها ، وأوضح لهم طريق الشر ونهاهم عن سلوكها.
وهذه هي الهداية التي قال بن عاشور عنها :
"والهداية : الدلالة على الطريق المبلِّغة إلى المكان المقصود السير إليه"
و إتيان الخير واجتناب الشر هو الطريق المبلغ إلى المكان المقصود وهو: الجنة.
جعلنا الله جميعا ووالدين من أهلها.
وصل الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
 
الدكتور محي الدين
سلام الله عليك ورحمته وبركاته
شكرا الله لك هذا النقاش الممتع
وهذا جوابي عليه:
تقول :
"ولذلك نقول إن الله لا يهدي طريق الشر، لأنه لا يبلغ إلى المكان المقصود السير إليه، بل "الله يهدي للحق".

أقول:
هذا كلام تنقصه الدقة ، والسبب كما ذكرت سابقا هو عدم التفريق بين هداية التفويق وهداية الدلالة :
والله سبحانه وتعالى قال عن كتابه الكريم:
وبيان طرق الشر والتحذير منها وبيان الأسباب الموصلة إليها هو من الهداية التي جاء بها القرآن ، وأيضا ما غرسه الله في الفطر من حب الخير وكراهية الشر هو من الهداية.

وتقول:
"وهناك فرق بين التحذير من شيء والدلالة إلى شيء، والهداية في الأصل الدلالة وليس التحذير، ولذلك لايسوغ لنا أن نقول: اللهم اهدنا الكفر. بمعنى اللهم حذرنا من آفات الكفر. بل ربما لا يسوغ أن نقول اللهم اهدنا إلى الإسلام ولا تهدنا إلى الكفر بمعنى هداية التوفيق، لأن الكفر لايقرن بالهداية في أي حال، والشيطان يضل الناس ولا يهديهم إلى الكفر، والله إذا يسّر للكافرين طريق الكفر نتيجة إصرارهم على ذلك لايسمه الهداية بل يسمه الإضلال، فالهداية لايقرن بالكفر والشر والباطل في حال من الأحوال."

وأيضا هذا الكلام تنقصه الدقة:
فالدلالة تعرفك طرق الخير وتعرفك طريق الشر ، وتتضمن الترغيب في الخير والتحذير من الشر ، قال تعالى:
(قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) المائدة (60)
هذه جاءت تحذيرا من الأمور التي استحق بها هؤلاء هذا المصير في الآيات السابقة :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57)وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (58) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59))
أليست هذه من هداية القرآن ؟
بلى
ويقول تعالى:
(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106))
أليست هذه من هداية القرآن ؟
بلى.
والهداية التامة لا تكون إلا بمعرفة طريق الخير وطريق الشر ، ولا تكون هذه المعرفة إلا عن طريق الدلالة ، ولهذا يقول حذيفة بن اليمان:
"كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي" الحديث.
وكون الكلمة لا يصلح أن تستخدمها في موضع معين لا يلغي دلالتها ، فنحن عندما نقول:
"اللهم اهدنا فيمن هديت"
يشمل هداية الدلالة والتوفيق ، ومن هداية الدلالة أن تعرف الشر حتى تجتنبه.
ثم إن القرآن استخدم الكلمة في نقيض ما تقول ، قال الله تعالي:
(كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ) الحج(4)
وقال تعالى:
(احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23))
فهنا استخدم الهداية في الدلالة ولكن إلى الشر.

وتقول:
"وقال: "والنجد : الأرض المرتفعة ارتفاعاً دون الجبل . فالمراد هنا طريقان نجدان مرتفعان ، والطريق قد يكون مُنجداً مصعداً ، وقد يكون غوراً منخفضاً" ونحن نقول الطريق المرتفع لا يكون إلا طريق الخير.
والقرآن ذكر الهداية في مواضع كثيرة جدا، ولم ينسب صريحا في أي موضع إلى طريق الكفر والشر. وقد صرح مرارا أن الهداية تكون للخير والإيمان. فينبغي أن يحمل المجمل على المبين."

وأقول :
من أين لك أن الطريق المرتفع لا يكون إلا طريق خير ؟
الطرق الحسية سواء منخفضة أو مرتفعة لا تمدح ولا تذم إلى بحسب ما تؤدي إليه ، والطريق الواحد سواء كانت نجدا أو منخفضا يستخدمه شخص فتوصله إلى السعادة والرفعة ،ويستخدمها آخر فتوصله إلى الشقاء نعوذ بالله.
إذا الذي يحدد المعنى ليس وصف الطريق.

وأما قولك :
"والقرآن ذكر الهداية في مواضع كثيرة جدا، ولم ينسب صريحا في أي موضع إلى طريق الكفر والشر"
فقد أعطيتك موضعين من القرآن وها هي مرة أخرى:
(كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ) الحج(4)
( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23)) الصافات

وتقول:
"وكذلك في قوله تعالى: إناهديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا، السبيل مجمل فيحمل على سبيل الحق الذي صرح به القرآن مرارا، فقد قال: وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيل، وقال: يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وقال: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ.
كما أن السبيل إذا أطلق في القرآن فهو سبيل الخير والإيمان، قال تعالى: وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ. وفي موضع آخر: وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ. وفي موضع آخر: فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيل. وينبغي أن يحمل على ذلك قوله تعالى: ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَه. وقد جانب الكثيرين فيه الصواب. "

أقول:
هداية السبيل لا تكون تامة إلا بمعرفة وصفها وهو: التعريف بالخير والأمر باتباعه ، والتعريف بالشر والنهي عنه.
فقوله تعالى " وهو يهدي السبيل " أي السبيل الموصل إلى الخير
ما هو هذا السبيل الموصل إلى الخير ؟
هو إتيان الخير واجتناب الشر ، وهذا فرع معرفته ، ومعرفته لا تحصل إلا بالهداية الدالة.

تقول:
"ويضاف إلى ذلك، أن القرآن لم يستخدم صريحا كلمة الهداية بمعنى بيان طريق الكفر للعباد ليحذروه.
والإشكال جاء من قوله تعالى: إما شاكرا وإما كفورا، والمعنى الصحيح هو: إنا هديناه سبيل الحق، فمن شاء فليشكر ويؤمن، ومن شاء فليكفر"

وأقول:
وهذا أيضا كسابقه ، فقولك: "إنا هديناه سبيل الحق" ، لا يغير في القضية شيئا ، فسبيل الحق هو أن تعرف الخير فتأتيه ، وتعرف طريق الشر فتجتنبه فتكون شاكرا ، وعكسه تعرف الخير وتتركه وتعرف الشر وتأتيه وبهذا تقوم عليك الحجة وتكون كافرا ، نعوذ بالله من الكفر.

وتقول:
" وكذلك الإشكال جاء من قوله: النجدين، بالتثنية، وقد بينا أن المراد به مقام الإيمان المرتفع، ومقام التواصي المرتفع. فلا داعي للاستعارات المتكلفة التي لجأ إليها ابن عاشور رحمه الله وقد سبقه في ذلك الشهاب الخفاجي كما ذكرت آنفا."

وأقول:
النجد في لغة العرب الطريق المرتفع قال صاحب المحيط في اللغة:
"نجد: النَّجْدُ: ما خَالَفَ الغَوْرَ، والجميعُ الأنْجَادُ والنَّجُوْدُ والنَّجَادُ. وأنْجَدَ القَوْمُ: صارُوا ببلادِ نَجْدٍ. والنَّجُوْدُ من الإِبِلِ: التي لا تَبْرُكُ إلاّ على نَجْدٍ. و النِّجَادُ: أرْضٌ فيها صَلاَبَةٌ وارْتِفَاعٌ. وقَوْلَه: " وَهَدَيْنَاه النَّجْدَيْنِ " أي طَرَيْقَ الخَيْرِ والشَّرِّ. وَ أَمْرٌ نَجْدٌ: أي واضِحٌ."
فالله سبحانه وتعالى قد هدى عباده ، بمعنى دلهم إلى طريقين واضحين لا خفاء بهم ، فأوضح لهم طريق الخير وأمرهم باتباعها ، وأوضح لهم طريق الشر ونهاهم عن سلوكها.
وهذه هي الهداية التي قال بن عاشور عنها :
"والهداية : الدلالة على الطريق المبلِّغة إلى المكان المقصود السير إليه"
و إتيان الخير واجتناب الشر هو الطريق المبلغ إلى المكان المقصود وهو: الجنة.
جعلنا الله جميعا ووالدين من أهلها.
وصل الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.

نقاش هادف من الأخ أبو سعد الغامدي، فليستمر هذا النقاش حتى نتوصل إلى معنى مناسبة للآية بصدد النقاش؛ ولكن لي ملاحظات سريعة على كلام الشيخ أبو سعد الغامدي:
1-الآية ...... ويهديه إلى عذاب السعير.....
الآية التي قبلها
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ.
نعم هنا الهداية نسبت إلى الشيطان، فهو عمله " لأقعدن لهم صراطك المستقيم ........ ولاتجد أكثرهم شاكرين... قال تعالى لأملأن جهم منك ومن تبع منهم أجمعين: فاشيطان فقط يهدي الإنسان إلى عذاب السعير، وليس الله هو الذي يهديه إلى الشر ومن ثم إلى عذاب السعير.
2- فاهدوهم إلى صراط الجحيم (آية الصافات) المراد هنا الإيصال إلى المطلوب. المطلوب هو هنا إيصال المجرمين إلى جهنم اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا.... (آية الطور)
3- أما ذكره من المحيط وهو ليس معنى الكلمة في اللغة بل هو ما يري صاحب المحيط من النجدين وهو محل الخلاف!
4- إناهديناه السبيل...... كلمة السبيل المعرف باللام تدل بداهة على سبيل واحد خاص ولا يكون واحد لاثاني له.
 
السلام عليكم
يختلف الطريق عن السبيل عن الصراط عن النجد
ولم ترد كلمة نجد فى القرآن إلا فى هذه الآية
والنجد إذا ماعرفناه بالطريق المرتفع نكون أهملنا جانبا مهما فيه ، بل أهم جانب .... حبث أن وصفه بالارتفاع يدل على أنه بدأ هكذا ... فهل الانسان كان فى منخفض ودُل على طريق مرتفع ؟!
ولذلك فالأصح - من وجهة نظرى - أن نقول أنه طريق صاعد بدأ مع بداية التكليف وتصاعد مع سهم العمر حتى نهاية سعي الانسان ليمثل فى النهاية محصلة سعى هذا الانسان
والهدى بمعنى الدلالة عليهما ... وفى كل لحظة ومع كل فعل هناك هدى يتبين من خلاله الانسان على أى نجد هو فى هذا الفعل ؛ مع القابلية لتبديل النجد كليةً مع الفتن أو الهزات العنيفة .
والهدى هنا له مدخلات كثيرة ، منها البيئة والمجتمع ... ولذلك فى السورة ذكر للبلد وذكر لما فى المحتمع من تفاعلات تتداخل بالسلب او بالايجاب فى تكوين هذه المحصلة { فَلاَ ٱقتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ *.......}.

ونجد كل انسان اما إلى الميمنة أو إلى المشأمة ليكون من أصحابها
إذن هما طريقان صاعدن متوازيان يمثلان محصلة سعى الانسان فى حياته الدنيا إما إلى جنة وإما إلى نار ؛ وكل فرد يركب أحد النجدين ؛ فهو نجد له ولايشاركه أحد سواه ؛ ليمثل سعيه فى النهاية درجته فى الآخرة ؛ التى لن تجد فيها درجة أخرى تماثلها.
والله أعلم
 
قال الله تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا) النساء (137)
قال الطبري:
"ولا ليهديهم سبيلا" يقول: ولم يكن ليسدِّدهم لإصابة طريق الحق فيوفقهم لها، ولكنه يخذلهم عنها، عقوبة لهم على عظيم جُرمهم، وجرأتهم على ربهم."
فهو هنا يتكلم عن هداية التوفيق ، وأما هداية الدلالة فقد قدمها لهم وبينها وأنارها . فبين لهم ما هو إيمان وما هو كفر وما هو خير وما هو شر وما هو حرام وما هو حلال.

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169)) النساء
قال الطبري رحمه الله تعالى:
"ولا ليهديهم طريقًا"، يقول: ولم يكن الله تعالى ذكره ليهدي هؤلاء الذين كفروا وظلموا، الذين وصفنا صفتهم، فيوفقهم لطريق من الطرق التي ينالون بها ثوابَ الله، ويصلون بلزومهم إياه إلى الجنة، ولكنه يخذلهم عن ذلك، حتى يسلكوا طريق جهنم. وإنما كنى بذكر"الطريق" عن الدين. وإنما معنى الكلام: لم يكن الله ليوفقهم للإسلام، ولكنه يخذلهم عنه إلى"طريق جهنم"، وهو الكفر، يعني: حتى يكفروا بالله ورسله، فيدخلوا جهنم"
وهذه أيضا ينفي فيها عنهم هداية التوفيق ، ويستخدم الكلمة "يهدي" مكان الإضلال من باب التهكم والتبكيت لهم.

فهداية الدلالة من الله لجميع الناس ، فقال تعالى:" إن علينا للهدى"
ولهذا وصف كتابه بقوله :"هدى للناس و بينات من الهدى والفرقان" ، والقرآن كله في بيان الطريق الموصل للخير والنجاة والطريق الموصل للشر والهلاك.
ولكن الناس منهم من يقبل الهداية ومنهم من يرفضها ، كما قال تعالى:
" وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى"

والعرب تستخدم "يهدي" في الدلالة والإرشاد وسواء كان إلى الخير أو إلى الشر ، وهذا سيد العرب والعجم صلوات ربي وسلامه عليه يستخدمها في الدلالة على الشر كما في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه:
"كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي" رواه البخاري.
وقد استخدمها القرآن الكريم في غير طريق الخير وسقت الأمثلة في المشاركة السابقة وهنا في سورة النساء.

أما مسألة النجدين : وكون النجد هو الطريق المرتفع الواضح البين وهو ما يتناسب مع وصف الهدى، فأيضا له صفات أخرى فهو في الغالب شاق ووعر وصلب.
 
أود أن يتحرر لدينا محل الخلاف:
أولا: لاخلاف أن الله بين لنا طريق الحق وبين لنا طريق الباطل. فالوحي بشير ونذير، والإسلام امتثال واجتناب.
ثانيا: إن الله تعالى في القرآن في (معرض الإيمان والكفرعلى وجه الخصوص) لم ينسب الهداية إلى الكفر بمعنى البيان.
ثالثا: إن الله تعالى أطلق السبيل في عدة مواضع وأراد به سبيل الحق لا غير، ولم يذكر السبيل وأراد به سبيل الباطل.
رابعا: لايجوز أن نقول حضيض الإيمان. كما لايجوز أن نقول سمو الكفر، فكذلك نحبذ أن لا يعنى بالنجد طريق الكفر.
خامسا: لايسوغ أن نقول اللهم اهدنا الكفر، ونعني اللهم بين لنا الكفر، مع أن المعنى صحيح ولكن الفظ غير سائغ.
سادسا: ما ذكره الشيخ أبو سعد (أسعده الله) من أمثلة الهداية إلى العذاب فهذا ليس ما نحن بصدده، وما نحن نبحث فيه هو نسبة الهداية إلى الكفر أو الباطل أو الشر أو نحو ذلك.
سابعا: تقسيم الهداية إلى إرشاد وتوفيق، لا دور له في هذا النقاش، لأن الله عزوجل لم ينسب أي نوع من الهداية إلى الكفر. لاهداية إرشاد ولا هداية توفيق.
ثامنا: أرجو من الإخوة النظر ثانيا في التأويل الذي ذكرته، حيث إنها صورة جميلة، حيث يهدي الله العبد إلى نجدين مرتفعين وهما نجد الإيمان ونجد التواصي بالخير، ثم يقول: إنك إذا أردت الوصول إلى ذانك النجدين فعليك باقتحام العقبة وذلك بالإنفاق على الفقراء والمساكين، وإلا فلن تبلغ النجدين.
اللهم وفقنا لاقتحام العقبة وبلغنا النجدين.
 
السلام عليكم
ثامنا: أرجو من الإخوة النظر ثانيا في التأويل الذي ذكرته، حيث إنها صورة جميلة، حيث يهدي الله العبد إلى نجدين مرتفعين وهما نجد الإيمان ونجد التواصي بالخير، ثم يقول: إنك إذا أردت الوصول إلى ذانك النجدين فعليك باقتحام العقبة وذلك بالإنفاق على الفقراء والمساكين، وإلا فلن تبلغ النجدين.
اللهم وفقنا لاقتحام العقبة وبلغنا النجدين.
أخى الكريم
أولا : ثلاث أشياء امتن الله بها على الانسان فليست هداية النجدين فقط هى ماكان يجب بها أن يقتحم العقبة ؛ لآن جعل العينيين واللسان والشفتيين يتساويان مع هداية النجدين
ثانيا : لماذا كان الايمان نجد والتواصى بالخير نجد آخر ؟ولماذا لايكون نجد الصبر أو نجد المرحمة ؟
ثالثا : كيف يؤدى الانفاق على الفقراء إلى نجد الايمان ... أليس الايمان هو مايؤدى إلى الانفاق لا العكس ؟
رابعا : إما أن تنفق وإلا لن تصل إلى النجدين !!! حكم شديد يحتاج نص قاطع به .
خامسا : تحرير الموضوع فى توضيح الفرق بين الطريق والصراط والسبيل والنجد ؛ وتحديد متى وكيف كانت الهداية لأى واحد منهم ... فمثلا الصراط ... لازال الصالحون وغيرهم يدعون : اهدنا الصراط المستقيم ؛ والكيفية معروفة بكثرة العبادة والدعاء ؛ أما السيبل فهو " السبيل يسره " منذ البدء ؛ والطريق عندما طرقه من قبلك ... والهداية إليه باتباع هذا الذى طرقه ؛
فمتى كانت الهداية إلى النجد ... لايتصور أنه طريق مرتفع أعلى من " صراط الذين أنعمت عليهم " ولايتصور أنها هداية مفطورة فى الانسان ، كما جاء فى قوله تعالى " الذى أعطى كل شيء خلقه ثم هدى "
لذلك أرى أنه لكى يكون علما نافعا يجب أن يحدد منذ متى وهو نجد ،وهل هو منهج يتبع ،وما الفرق بينه وبين الصراط أو الطريق .....الخ
بارك الله فيك
 
يا أخانا الفاضل الآية واضحة للأولين والآخرين:
هذه أمور في خلقة الإنسان وفطرته التي فطرها الله عليها ، والله يمتن على عباده بها فيقول:
ألم نجعل له عينين
ولسانا وشفتين
وهديناه النجدين
فلأولى والثانية في صورته الظاهرة
والثالثة في صورته الباطنة حيث فطره على معرفة الخير والشر والتمييز بينهما وهي كقوله تعالى:
فألهمها فجورها وتقواها.
وهداية القرآن جاءت لتعزز هذه الفطرة : فتبين الخير وتأمر بها ، وتبين الشر وتنهى عنه.
يقول شيخ الإسلام بن تيمة رحمه الله تعالى:
"{ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ } قَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ : سَبِيلُ الْخَيْرِ ، وَالشَّرِّ . وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : سَبِيلُ الْهُدَى وَالضَّلَالِ . وَقَالَ مُجَاهِدٌ : سَبِيلُ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ : أَيْ فَطَرْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ وَعَرَّفْنَاهُ إيَّاهُ ، وَالْجَمِيعُ وَاحِدٌ . وَالنَّجْدَانِ الطَّرِيقَانِ الْوَاضِحَانِ وَالنَّجْدُ الْمُرْتَفِعُ مِنْ الْأَرْضِ فَالْمَعْنَى أَلَمْ نُعَرِّفْهُ طَرِيقَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَنُبَيِّنْهُ لَهُ كَتَبْيِينِ الطَّرِيقَيْنِ الْعَالِيَيْنِ ؛ لَكِنَّ الْهُدَى وَالتَّبْيِينَ وَالتَّعْرِيفَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ يَشْتَرِكُ فِيهِ بَنُو آدَمَ وَيَعْرِفُونَهُ بِعُقُولِهِمْ ."
 
أخي الكريم مصطفى سعيد

أما قولكم ثلاث أشياء امتن الله بها على الانسان فليست هداية النجدين فقط هى ماكان يجب بها أن يقتحم العقبة ؛ لآن جعل العينيين واللسان والشفتيين يتساويان مع هداية النجدين، فالجواب عنه أن الحديث في الأصل عن هداية النجدين، وأما ما قبله فتوطئة لذلك.

وأما قولكم لماذا كان الايمان نجد والتواصى بالخير نجد آخر ؟ولماذا لايكون نجد الصبر أو نجد المرحمة ؟ فالجواب عنه أن التركيز هنا على التواصي بالصبر والتواصي بالمرحمة، وليس الصبر والمرحمة، وهذا ليس فيه تقليل من أهميتهما ولكن التأكيد على أهمية التواصي بهما.

وأما قولكم كيف يؤدى الانفاق على الفقراء إلى نجد الايمان ... أليس الايمان هو مايؤدى إلى الانفاق لا العكس ؟
وقولكم إما أن تنفق وإلا لن تصل إلى النجدين !!! حكم شديد يحتاج نص قاطع به. فالجواب عنه أنه من باب قوله تعالى لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون. وقول النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ : وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ قِيلَ ، وَمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ.
 
شيخنا الفاضل أبوسعد، يقول فضيلتكم: الآية واضحة للأولين والآخرين.

ولكن الحق أن الآية لم تكن بتلك الوضوح لديهم، والدليل عليه ما ذكره الطبري حيث يقول:
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَهَدَيْنَاهُ الثَّدْيَيْنِ : سَبِيلَيِ اللَّبَنِ الَّذِي يَتَغَذَّى بِهِ ، وَيَنْبُتُ عَلَيْهِ لَحْمُهُ وَجِسْمُهُ.
ذكر مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عِقَالٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}. قَالَ: هُمَا الثَّدْيَانِ.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مِهْرَانُ ، عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ مُجَاهِدٍ ، عَنْ جُوَيْبِرٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، قَالَ : الثَّدْيَانِ.

ثم لايمكن أن نقول إنه لا إشكال مطلقا في تفسير النجدين بالخير والشر، وإلا لماذا لجأ أعلام المفسرين أمثال الطاهر بن العاشور إلى القول بالتغليب، والحقيقة أن القول بالتغليب فيه تكلف شديد، لأن التغليب يكون بين القرينين أو المتغايرين، مثل الرجل والمرأة والليل والنهار، وليس بين النقيضين مثل الخير والشر أو الكفر والإسلام.
 
السلام عليكم
رويدك علينا حتى نستطيع الفهم عليك
وأبدأ من حيث انتهيت
البر والانفاق غير الايمان والانفاق
أى :ايمان + انفاق مما تحبون قد = بر
ولكن لاأحد يقول : لاايمان + انفاق = ايمان
 
السلام عليكم
رويدك علينا حتى نستطيع الفهم عليك
وأبدأ من حيث انتهيت
البر والانفاق غير الايمان والانفاق
أى :ايمان + انفاق مما تحبون قد = بر
ولكن لاأحد يقول : لاايمان + انفاق = ايمان

وهذه المعادلة الرياضية للتعبير عن موضوع محل النقاش تعد قياس مع الفارق. إذ ليس البر كما ذكر في المعادلة، بل البر في التعبير القرآني:
لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (البقرة 177)
وأن المقصود من البر في أية آل عمران
"لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ" هو ذكر عنصر من عناصر البر هو ما تنفقوا مما تحبون مثل ما ذكر في آية البر وآتى المال على حبه......وليس المقصود هو مجرد الإنفاق فقط ،وهذا واضح كل الوضوح لكل من يتدبر في الآيات التي قبلها.
وإنما المقصود من آيات سورة البلد وخاصة بمفهوم " آية وهديناه النجدين...." أن الله سبحانه وضح للإنسان عنصرين أساسين للدين ( الإيمان) ولا يكتمل الدين إلا بهما: 1- الإيمان بكل معتقدات الإيمان 2) التواصي بالحق مع التواصي الصبر والاستقامة على طريق الحق. وذكر تواصي بالمرحمة هو ذكر جزء من الكل " الإيمان بضع وسبعون شعبة...."
والله أعلم
 
السلام عليكم
أخى الكريم
وإنما المقصود من آيات سورة البلد وخاصة بمفهوم آية" وهديناه النجدين...." أن الله سبحانه وضح للإنسان عنصرين أساسين للدين ( الإيمان) ولا يكتمل الدين إلا بهما: 1- الإيمان بكل معتقدات الإيمان 2) التواصي بالحق مع التواصي الصبر والاستقامة على طريق الحق. وذكر تواصي بالمرحمة هو ذكر جزء من الكل " الإيمان بضع وسبعون شعبة...."
هل المقصود بالنجدين الايمان والتواصى؟!!
كلامك يقول أنهما عنصران فى نجد واحد حسبما فهمت
وفى سورة العصر هل نقول أنهم ثلاثة عناصر .. الايمان والعمل الصالح والتواصى... ثم نجعل كل عنصر منهم نجد ؟!!!
أخى الكريم
النجدين فى سورة البلد تبينهما الثنائيات
اقتحم العقبة .... مقابل فلا اقتحم العقبة
كان من الذين آمنوا وتواصوا ... مقابل كفروا بآيتنا
أصحاب الميمنة .... مقابل أصحاب المشئمة

فلقد بين الشرع لنا نجد هؤلاء ونجد أولئك ... فهذان هما النجدان
والله أعلم
 
السلام عليكم
أخى الكريم هل المقصود بالنجدين الايمان والتواصى؟!!
كلامك يقول أنهما عنصران فى نجد واحد حسبما فهمت
وفى سورة العصر هل نقول أنهم ثلاثة عناصر .. الايمان والعمل الصالح والتواصى... ثم نجعل كل عنصر منهم نجد ؟!!!
أخى الكريم
النجدين فى سورة البلد تبينهما الثنائيات
اقتحم العقبة .... مقابل فلا اقتحم العقبة
كان من الذين آمنوا وتواصوا ... مقابل كفروا بآيتنا
أصحاب الميمنة .... مقابل أصحاب المشئمة

فلقد بين الشرع لنا نجد هؤلاء ونجد أولئك ... فهذان هما النجدان
والله أعلم

سورة العصر تشتمل على عنصرين هما: 1) الإيمان وأن العمل الصالح داخل بالإيمان بداهة وذكر العمل الصالح هنا في معرض التفصيل فقط. 2) التواصي. التواصي بماذا؟ التواصي الحق والثبات عليه بالصبر والمصابرة ، قب آمن بالله ثم استقم.
والله أعلم
 
أولا، أشكر إخواني الأفاضل على إثراء الموضوع بتعليقاتهم العلمية. وهذا هو أكثر ما يعجبني في هذا الملتقى الكريم.

ثانيا، بالنسبة لقول أخينا الفاضل مصطفى: كيف يؤدى الانفاق على الفقراء إلى نجد الايمان ... أليس الايمان هو مايؤدى إلى الانفاق لا العكس ؟ وقولكم إما أن تنفق وإلا لن تصل إلى النجدين !!! حكم شديد يحتاج نص قاطع به.

فإن هناك مثال آخر ربما يوضح مقصودنا أكثر، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: لن تؤمنوا حتى تحابوا. رواه الحاكم في المستدرك. فهنا حسب قول النبي صلى الله عليه وسلم، التحابب بين المؤمنين يؤدي إلى نجد الإيمان، ولا يصح أن نقول: كيف يؤدى التحابب إلى نجد الايمان ... أليس الايمان هو مايؤدى إلى التحابب لا العكس ؟ كما لا يصح أن نقول : إما أن تحاب وإلا لن تصل إلى النجدين !!! حكم شديد يحتاج نص قاطع به.
 
سورة العصر تشتمل على عنصرين هما: 1) الإيمان وأن العمل الصالح داخل بالإيمان بداهة وذكر العمل الصالح هنا في معرض التفصيل فقط. 2) التواصي. التواصي بماذا؟ التواصي الحق والثبات عليه بالصبر والمصابرة ، قب آمن بالله ثم استقم.
والله أعلم
السلام عليكم
أخى الكريم العمل الصالح داخل فى الايمان بداهة !!! إذن التواصى داخل فى العمل الصالح بداهة
جزاك الله خيرا
 
السلام عليكم
فإن هناك مثال آخر ربما يوضح مقصودنا أكثر، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: لن تؤمنوا حتى تحابوا. رواه الحاكم في المستدرك. فهنا حسب قول النبي صلى الله عليه وسلم، التحابب بين المؤمنين يؤدي إلى نجد الإيمان، ولا يصح أن نقول: كيف يؤدى التحابب إلى نجد الايمان ... أليس الايمان هو مايؤدى إلى التحابب لا العكس ؟ كما لا يصح أن نقول : إما أن تحاب وإلا لن تصل إلى النجدين !!! حكم شديد يحتاج نص قاطع به.
إذن فأنت تقصد زيادة الايمان وليس أصله ... لابد أن نقرق بين الأمرين
فهل زيادة الايمان نجد ؟
فى السورة ... انسان خام امتنت عليه السورة بالعينين واللسان والشفتين ،جُعل له من الملكات مايؤهله إلى المضى فى هذا النجد أو ذاك ؛ إذن هو نجد يصعده لأول مرة .؛ وقد هُدى إليهما ؛..وبعد ركوبه هذا النجد باقتحامه العقبة.. حدث فى قلبه تغيرات أهلته للايمان بعد ذلك ... أفاد ذلك حرف التراخى " ثم كان من الذين آمنوا "
إذن هى مساحات على متصل نجد الايمان .. هدى إلى النجد .. صعود نجد الايمان .... يؤدى أعمال الايمان وخاصة النفقة ... يزداد الايمان ثم يوصى غيره بالصبر وبالمرحمة ...يؤهله هذا ان يكون من أصحاب الميمنة

هذا ما أراه .. ولاداع لجعل هذا الأعمال منفصلة عن أصل الايمان
فهو نجد يبدأ من هنا وينتهى فى الجنة
والآخر نجد يبدأ من هنا وينتهى فى النار
نسأل الله جنته ونعوذ به من ناره
والسلام عليكم
 
عودة
أعلى