تفسير سورة يونس من مختصري لتفسير الطبري (متجدد)

إنضم
12/06/2004
المشاركات
456
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
سُورَةُ يُونُسَ مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا تِسْعٌ وَمِائَةٌ
الْقَوْلُ فِي تَفْسِيرِ السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا يُونُسُ
{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ}[يونس: 1]
{الر} وَالرَّحْمَنُ..
{تِلْكَ} هَذِهِ..
{آيَاتُ} أَعْلَامُ..
{الْكِتَابِ} الْقُرْآنِ، وَالْكِتَابُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْقُرْآنِ..
{الْحَكِيمِ}[يونس: 1] الْمُحْكَمُ، كَمَا قِيلَ عَذَابٌ أَلِيمٌ، بِمَعْنَى مُؤْلِمٌ، فَمَعْنَاهُ: تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُحْكَمِ الَّذِي أَحْكَمَهُ اللَّهُ وَبَيَّنَهُ لِعِبَادِهِ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: «الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِلَتْ مِنْ لَدُنٌ حَكِيمٌ خَبِيرٌ»[هود: 1].
 
{أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ} [يونس: 2]
{أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا} كَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْحَى مِنْ قَبْلِهِ إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْبَشَرِ، فَتَعْجَبُوا..
{أَنْ أَوْحَيْنَا} مِنْ وَحِينَا الْقُرْآنَ..
{إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ} عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ بِإِنْذَارِهِمْ عِقَابَ اللَّهِ عَلَى مَعَاصِيهِ..
{وَبَشِّرِ} وَأَنْ بَشِّرِ..
{الَّذِينَ آمَنُوا} بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ..
{أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ} أَنَّ لَهُمُ أَجْرًا حَسَنًا بِمَا قَدَّمُوا مِنْ صَالِحِ الْأَعْمَالِ..
{عِنْدَ رَبِّهِمْ} يَسْتَوْجِبُونَ بِهَا مِنْهُ الثَّوَابَ..
{قَالَ الْكَافِرُونَ} قَالَ الْمُنْكِرُونَ تَوْحِيدَ اللَّهِ وَرِسَالَةَ رَسُولِهِ، لَمَّا بَشَّرَهُمْ وَأَنْذَرَهُمْ وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْوَحْيَ..
{إِنَّ هَذَا} الَّذِي جَاءَنَا بِهِ مُحَمَّدٌ..
{لَسَاحِرٌ مُبِينٌ}[يونس: 2] لَسِحْرٌ مُبِينٌ؛ يُبَيِّنُ لَكَمْ عَنْهُ أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِيمَا يَدَّعِيهِ.
 
{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ}[يونس:3]
{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ} الَّذِي لَهُ عِبَادَةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا تَنْبَغِي الْعِبَادَةُ إِلَّا لَهُ، هُوَ..
{الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ} السَّبْعَ..
{وَالْأَرْضَ} وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ..
{فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} وَانْفَرَدَ بِخَلْقِهَا بِغَيْرِ شَرِيكٍ وَلَا ظَهِيرٍ..
{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأمْرَ} ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ مُدْبِرًا لِلْأُمُورِ وَقَاضِيًا فِي خَلْقِهِ مَا أَحَبَّ، لَا يُضَادُّهُ فِي قَضَائِهِ أَحَدٌ، وَلَا يَتَعَقَّبُ تَدْبِيرَهُ مُتَعَقِّبٌ، وَلَا يَدْخُلُ أُمُورَهُ خَلَلٌ..
{مَا مِن شَفِيعٍ} لَا يَشْفَعُ عِنْدَهُ شَافِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أَحَدٍ..
{إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ} إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ لَهٌ فِي الشَّفَاعَةِ فِيْهِ..
{ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ} هَذَا الَّذِي هَذِهِ صِفَتُهُ سَيِّدُكُمْ وَمَوْلَاكُمْ، لَا مَنْ لَا يَسْمَعُ، وَلَا يُبْصِرُ، وَلَا يُدَبِّرُ، وَلَا يَقْضِي مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَوْثَانِ..
{فَاعْبُدُوهُ} فَاعَبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي هَذِهِ صِفَتُهُ، وَأَخْلِصُوا لَهُ الْعِبَادَةَ، وَأَفْرِدُوا لَهُ الْأُلُوهَةَ وَالرُّبُوبِيَّةَ، بِالذِّلَّةِ مِنْكُمْ لَهُ دُونَ أَوْثَانِكُمْ، وَسَائِرِ مَا تُشْرِكُونَ مَعَهُ فِي الْعِبَادَةِ..
{أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ}[يونس:3] أَفَلَا تَتَّعِظُونَ وَتَعْتَبِرُونَ بِهَذِهِ الْآيَاتِ وَالْحُجَجِ، فَتُنِيبُونَ إِلَى الْإِذْعَانِ بِتَوْحِيدِ رَبِّكُمْ، وَإِفْرَادِهِ بِالْعِبَادَةِ، وَتَخْلَعُوْنَ الْأَنْدَادَ، وَتَبرَءُونَ مِنْهَا.
 
{إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ}[يونس: 4]
{إِلَيْهِ}
إِلَى رَبِّكُمُ الَّذِي صِفَتُهُ مَا وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي الْآيَةِ قَبْلَ هَذِهِ..
{مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا}
مَعَادُكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ..
{وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا}
يَعِدُكُمُ اللَّهُ أَنْ يُحْيِيكُمْ بَعْدَ مَمَاتِكُمْ وَعْدًا حَقًّا..
{إِنَّهُ}
إِنَّ رَبَّكُمْ..
{يَبْدَأُ الْخَلْقَ}
يَبْدَأُ إِنْشَاءَ الْخَلْقِ وَإِحْدَاثَهُ وَإِيجَادَهُ..
{ثُمَّ يُعِيدُهُ}
فَيُوجِدُهُ حَيًّا كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ ابْتَدَأَهُ بَعْدَ فَنَائِهِ وَبَلَائِهِ..
{لِيَجْزِيَ}
لِيُثِيبَ..
{الَّذِينَ آمَنُوا}
مَنْ صَدَقَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ..
{وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}
وَعَمِلُوا مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَاجْتَنَبُوا مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ ..
{بِالْقِسْطِ}
لِيَجْزِيَهُمْ عَلَى الْحَسَنِ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الَّتِي عَمِلُوهَا فِي الدُّنْيَا الْحَسَنَ مِنَ الثَّوَابِ وَالصَّالِحَ مِنَ الْجَزَاءِ فِي الْآخِرَةِ، وَذَلِكَ هُوَ الْقِسْطُ، وَالْقِسْطُ الْعَدْلُ وَالْإِنْصَافُ..
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا}
وَالَّذِينَ جَحَدُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَكَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ..
{لَهُمْ شَرَابٌ}
فِي جَهَنَّمَ..
{مِنْ حَمِيمٍ}
وَذَلِكَ شَرَابٌ قَدْ أُغْلِيَ، وَاشْتَدَّ حَرُّهُ، حَتَّى أَنَّهُ فِيمَا ذُكِرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَتَسَاقَطُ مِنْ أَحَدِهِمْ حِينَ يُدْنِيهِ مِنْهُ فَرْوَةُ رَأْسِهِ، وَكَمَا وَصَفَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: «كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ»[الكهف: 29]..
{وَ}
لَهُمْ مَعَ ذَلِكَ..
{عَذَابٌ أَلِيمٌ}
مُوجِعٌ سِوَى الشَّرَابِ مِنَ الْحَمِيمِ..
{بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ}[يونس: 4]
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ.
 
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}[يونس: 5]
{هُوَ} رَبُّكُمُ اللَّهُ..
{الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً} بِالنَّهَارِ..
{وَالْقَمَرَ نُورًا} بِاللَّيْلِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ: هُوَ الَّذِي أَضَاءَ الشَّمْسَ وَأَنَارَ الْقَمَرَ..
{وَقَدَّرَهُ} قَضَاهُ فَسَوَّاهُ..
{مَنَازِلَ} لَا يُجَاوِزُهَا، وَلَا يَقْصُرُ دُونَهَا عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ أَبَدًا.. وَقَالَ: «وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ» فَوَحَّدَهُ، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: «وَقَدَّرَهُ» لِلْقَمَرِ خَاصَّةً، لِأَنَّ بِالْأَهِلَّةِ يُعْرَفُ انْقِضَاءُ الشُّهُورِ وَالسِّنِينَ لَا بِالشَّمْسِ، وَالْآخَرُ: أَنْ يَكُونَ اكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ، كَمَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: «وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ» [التوبة: 62]..
{لِتَعْلَمُوا} وَقَدَّرَ ذَلِكَ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّاسُ..
{عَدَدَ السِّنِينَ} دُخُولَ مَا يَدْخُلُ مِنْهَا، وَانْقِضَاءَ مَا يُسْتَقْبَلُ مِنْهَا..
{وَالْحِسَابَ} وَحِسَابَ أَوْقَاتِ السِّنِينَ، وَعَدَدَ أَيَّامِهَا، وَحِسَابَ سَاعَاتِ أَيَّامِهَا..
{مَا خَلَقَ اللَّهُ} لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ..
{ذَلِكَ} الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَمَنَازِلَهُمَا..
{إِلَّا بِالْحَقِّ} وَحْدِي بِغَيْرِ عَوْنٍ وَلَا شَرِيكٍ..
{يُفَصِّلُ} يُبَيِّنُ..
{الْآيَاتِ} الْحُجَجَ وَالْأَدِلَّةَ..
{لِقَوْمٍ} إِذَا تَدَبَّرُوهَا..
{يَعْلَمُونَ}[يونس: 5] حَقِيقَةَ وَحْدَانِيَّةَ اللَّهِ، وَصِحَّةَ مَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَلْعِ الْأَنْدَادَ، وَالْبَرَاءَةِ مِنَ الْأَوْثَانِ.
 
عودة
أعلى