أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة.
تفسير سورة النمل من مختصري لتفسير الطبري (متجدد)
سُورَةُ النَّمْلِ مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا ثَلَاثٌ وَتُسْعُونَ
{طس، تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ}[النمل: 1]
{طس} قَدْ بَيَّنَّا الْقَوْلَ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِيمَا كَانَ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ فِي فَوَاتِحَ السُّوَرِ، فَقَوْلُهُ: «طس» مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ قَوْلَهُ «طس» قَسَمٌ أَقْسَمَهُ اللَّهُ هُوَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، فَالْوَاجِبُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: وَالسَّمِيعِ اللَّطِيفِ..
{تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ} إِنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي أَنْزَلْتُهَا إِلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ لَآيَاتُ الْقُرْآنِ..
{وَكِتَابٍ مُبِينٍ}[النمل: 1] وَآيَاتُ كِتَابٍ يَبِينُ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ وَفَكَّرَ فِيهِ بِفَهْمٍ، أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، أَنْزَلَهُ إِلَيْكَ، لَمْ تَتَخَرَّصْهُ أَنْتَ وَلَمْ تَتَقَوَّلْهُ، وَلَا أَحَدٌ سِوَاكَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ، وَلَوْ تَظَاهَرَ عَلَيْهِ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ.
{هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}[النمل: 2]
{هُدًى} مِنْ صِفَةِ الْقُرْآنِ، يَقُولُ: هَذِهِ آيَاتُ الْقُرْآنِ بَيَانٌ مِنَ اللَّهِ بَيَّنَ بِهِ طَرِيقَ الْحَقِّ وَسَبِيلَ السَّلَامِ..
{وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}[النمل: 2] وَبِشَارَةٌ لِمَنْ آمَنَ بِهِ، وَصَدَّقَ بِمَا أُنْزِلَ فِيهِ بِالْفَوْزِ الْعَظِيمِ فِي الْمَعَادِ.
{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ، وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}[النمل: 3]
{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} هُوَ هُدًى وَبُشْرَى لِمَنْ آمَنَ بِهَا، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ بِحُدُودِهَا..
{وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} وَيُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: وَيُطَهِّرُونَ أَجْسَادَهُمْ مِنْ دَنَسِ الْمَعَاصِي..
{وَهُمْ} مَعَ إِقَامَتِهِمُ الصَّلَاةَ، وَإِيتَائِهِمُ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ..
{بِالْآخِرَةِ} بِالْمَعَادِ إِلَى اللَّهِ بَعْدَ الْمَمَاتِ..
{هُمْ يُوقِنُونَ}[النمل: 3] فَيَذِلُّونَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، رَجَاءَ جَزِيلِ ثَوَابِهِ، وَخَوْفَ عَظِيمِ عِقَابِهِ، وَلَيْسُوا كَالَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ، وَلَا يُبَالُونَ أَحْسَنُوا أَمْ أَسَاءُوا، وَأَطَاعُوا أَمْ عَصَوْا، لِأَنَّهُمْ إِنْ أَحْسَنُوا لَمْ يَرْجُوا ثَوَابًا، وَإِنْ أَسَاءُوا لَمْ يَخَافُوا عِقَابًا.
{إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ}[النمل: 4]
{إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} إِنَّ الَّذِينَ لَا يُصَدِّقُونَ..
{بِالْآخِرَةِ} بِالدَّارِ الْآخِرَةِ، وَقِيَامِ السَّاعَةِ، وَبِالْمَعَادِ إِلَى اللَّهِ بَعْدَ الْمَمَاتِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ..
{زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ} حَبَّبْنَا إِلَيْهِمْ قَبِيحَ أَعْمَالِهِمْ، وَسَهَّلْنَا ذَلِكَ عَلَيْهِمْ..
{فَهُمْ يَعْمَهُونَ}[النمل: 4] فَهُمْ فِي ضَلَالِ أَعْمَالِهِمُ الْقَبِيحَةِ الَّتِي زَيَّنَّاهَا لَهُمْ يَتَرَدَّدُونَ حَيَارَى، يَحْسِبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ.
{أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ، وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ}[النمل: 5]
{أُولَئِكَ} هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ..
{الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ} فِي الدُّنْيَا، وَهُمُ الَّذِينَ قُتِلُوا بِبَدْرٍ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ..
{وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ} وَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ..
{هُمُ الْأَخْسَرُونَ}[النمل: 5] هُمُ الْأَوْضَعُونَ تِجَارَةً، وَالْأَوْكَسُونَهَا، بِاشْتِرَائِهِمُ الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى «فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ»[البقرة: 16] .