إسلام بن منصور
New member
- إنضم
- 12/06/2004
- المشاركات
- 456
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
سُورَةُ النِّسَاءِ (4) مَدَنِيَّةٌ وَآيَاتُهَا سِتٌّ وَسَبْعُونَ وَمِائَةٌ
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النساء: 1]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} احْذَرُوا أَيُّهَا النَّاسُ رَبَّكُمْ فِي أَنْ تُخَالِفُوهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ، وَفِيمَا نَهَاكُمْ، فَيَحِلَّ بِكُمْ مِنْ عُقُوبَتِهِ مَا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ.. ثُمَّ وَصَفَ -تَعَالَى ذِكْرُهُ- نَفْسَهُ بِأَنَّهُ الْمُتَوَحِّدُ بِخَلْقِ جَمِيعِ الْأَنَامِ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَعَرَّفَ عِبَادَهُ كَيْفَ كَانَ مُبْتَدَأُ إِنْشَائِهِ ذَلِكَ مِنَ النَّفْسِ الْوَاحِدَةِ، وَمُنَبِّهُهُمْ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ جَمِيعَهُمْ بَنُو رَجُلٍ وَاحِدٍ وَأُمٍّ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَأَنَّ حَقَّ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَاجِبٌ وُجُوبَ حَقِّ الْأَخِ عَلَى أَخِيهِ؛ لِاجْتِمَاعِهِمْ فِي النَّسَبِ إِلَى أَبٍ وَاحِدٍ وَأُمٍّ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّ الَّذِي يَلْزَمُهُمْ مِنْ رِعَايَةِ بَعْضِهِمْ حَقَّ بَعْضٍ، وَأَنَّ بَعُدَ التَّلَاقِي فِي النَّسَبِ إِلَى الْأَبِّ الْجَامِعِ بَيْنَهُمْ، مِثْلَ الَّذِي يَلْزَمُهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي النَّسَبِ الْأَدْنَى، وَعَاطِفًا بِذَلِكَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ، لِيَتَنَاصَفُوا، وَلَا يَتَظَالَمُوا، وَلِيَبْذُلَ الْقَوِيُّ مِنْ نَفْسِهِ لِلضَّعِيفِ حَقَّهُ بِالْمَعْرُوفِ، عَلَى مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ لَهُ، فَقَالَ..{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النساء: 1]
{الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} يَعْنِي: مِنْ آدَمَ..
{وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} وَخَلَقَ مِنَ النَّفْسِ الْوَاحِدَةِ زَوْجَهَا؛ يَعْنِي بِـ «الزَّوْجِ» الثَّانِي لَهَا وَهُوَ فِيمَا قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ: امْرَأَتُهَا حَوَّاءُ..
{وَبَثَّ} وَنَشَرَ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثناؤُهُ: {كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ}[القارعة: 4] يُقَالُ مِنْهُ: بَثَّ اللَّهُ الْخَلْقَ وَأَبَثَّهُمْ..
{مِنْهُمَا} مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ عليهما السلام..
{رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} قَدْ رَآهُمْ..
{وَاتَّقُوا اللَّهَ} أَيُّهَا النَّاسُ..
{الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ} الَّذِي إِذَا سَأَلَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا سَأَلَ بِهِ، فَقَالَ السَّائِلُ لِلْمَسْئُولِ: أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ، وَأَنْشِدُكَ بِاللَّهِ، وَأُعَزِّمُ عَلَيْكَ بِاللَّهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَكَمَا تُعَظِّمُونَ أَيُّهَا النَّاسُ رَبَّكُمْ بِأَلْسِنَتِكُمْ، حَتَّى تَرَوْا أَنَّ مَنْ أَعْطَاكُمْ عَهْدَهُ فَأَخْفَرَكَمُوهُ، فَقَدْ أَتَى عَظِيمًا، فَكَذَلِكَ فَعَظِّمُوهُ بِطَاعَتِكُمْ إِيَّاهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ، وَاجْتِنَابِكُمْ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ، وَاحْذَرُوا عِقَابَهُ مِنْ مُخَالَفَتِكُمْ إِيَّاهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ أَوْ نَهَاكُمْ عَنْهُ..
{وَالْأَرْحَامَ} وَاتَّقُوا الْأَرْحَامَ أَنْ تَقْطَعُوهَا..
{إِنَّ اللَّهَ كَانَ} إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ..
{عَلَيْكُمْ} عَلَى النَّاسِ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ جَلَّ ثناؤُهُ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ»، وَالْمُخَاطَبُ وَالْغَائِبُ إِذَا اجْتَمَعَا فِي الْخَبَرِ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تُخْرِجُ الْكَلَامَ عَلَى الْخِطَابِ، فَتَقُولُ إِذَا خَاطَبَتْ رَجُلًا وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً فَعَلْتُ هِيَ وَآخَرُونَ غَيَّبَ مَعَهُمْ فَعَلَا: فَعَلْتُمْ كَذَا، وَصَنَعْتُمْ كَذَا..
{رَقِيبًا}[النساء: 1] حَفِيظًا، مُحْصِيًا عَلَيْكُمْ أَعْمَالَكُمْ، مُتَفَقِّدًا رِعَايَتَكُمْ حُرْمَةَ أَرْحَامِكُمْ وَصِلَتَكُمْ إِيَّاهَا، وَقَطْعَكُمُوهَا وَتَضْيِيعِكُمْ حُرْمَتُهَا.