اطلعت في العدد الأخير من مجلة الحكمة - رقم 30 بتاريخ محرم 1426هـ على خبر سرني كثيراً ، كنت سمعته من بعض الإخوة قديماً ، ولم يتبين لي مصدره . ونص الخبر في آخر صفحات المجلة :
[align=center]من مشاريعنا العلمية :[/align][align=justify]شرع رئيس تحرير مجلة الحكمة الشيخ وليد بن أحمد الحسين منذ بضعة أشهر في تحقيق كتاب (درج الدرر في تفسير الآي والسور - لإمام البلاغيين وشيخ العربية عبدالقاهر بن عبدالرحمن الجرجاني المتوفى سنة 471هـ ) ويحقق الكتاب على أربع نسخ مخطوطة ، والكتاب كامل من سورة الفاتحة إلى سورة الناس ، ويغلب على الكتاب الطابع البلاغي والنحوي والتفسير الموضوعي ، كما يتميز بطابع الاختصار.
ولعل الكتاب بعد التحقيق يصل إلى خمسة مجلدات . ولم يسبق - حسب علمنا واستقصائنا - أن طبع الكتاب ، وله مكانة وأهمية في جانب تخصصه ، ولذا حرصنا أن يخرج إلى حيز الوجود)أهـ .
ولا شك أن الإمام عبدالقاهر الجرجاني إمام البلاغيين ، وسيكون لكلامه في بلاغة الآيات قيمة علمية كبيرة تفوق كلام الزمخشري إن طبع الكتاب إن شاء الله. بل إني رأيت من درس منهج الزمخشري البلاغي في تفسيره يرد تميزه في هذا الجانب إلى تبنيه منهج الجرجاني في دراسته البلاغية ، وخاصة ما سماه نظرية النظم ، مع إني لم أجد في تفسير الزمخشري أي إشارة للجرجاني ولا لكتبه .
وأرجو ممن لديه مزيد تفصيل حول خبر طباعة هذا التفسير للجرجاني أن يفيدنا مشكوراً .[/align]
أخي عبد الرحمن أرجو ان تراجع قوله تعالى ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) ، فقد قال الزمخشري : ( ... وقد ملَّح الإمام عبد القاهر في قوله لبعض من يأخذ عنه :
ما شئت من زهزهة والفتى * * * * بمصقلاباذ لسقي الزروع
أهمية هذا الكتاب تكمن في تركيزه على بلاغة وإعجاز القرآن الكريم-في زمن ضعف فيه تذوق البلاغة--ولا بد أن بعضا من النفحات التي كانت في دلائل الإعجاز موجودة في تفسيره
وأود أن أنقل لكم هذه النفحة
قال في الدلائل ((قوله تعالى: " ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم ".
وذلك أنهم قد ذهبوا في رفع ثلاثة إلى أنها خبر مبتدأ محذوف وقالوا: إن التقدير ولا تقولوا آلهتنا ثلاثة وليس ذلك بمستقيم.
وذلك أنا إذا قلنا: ولا تقولوا آلهتنا ثلاثة ذلك والعياذ بالله شبه الإثبات أن هاهنا آلهة من حيث إنك إذا نفيت فإنما تنفي المستفاد من الخبر عن المبتدأ ولا تنفي معنى المبتدأ.
فإذا قلت: ما زيد منطلقاً نفيت الانطلاق الذي هو معنى الخبر عن زيد ولم تنف معنى زيد ولم توجب عدمه.
كان ذلك كذلك فإذا قلنا: ولا تقولوا آلهتنا ثلاثة كنا قد نفينا أن تكون عدة الآلهة ولم ننف أن تكون آلهة جل الله تعالى عن الشريك والنظير كما أنك إذا قلت: أمراؤنا ثلاثة كنت قد نفيت أن تكون عدة الأمراء ثلاثة ولم تنف أن يكون لكم أمراء ما لا شبهة فيه.
وإذا أدى هذا التقدير إلى هذا الفساد وجب أن يعدل عنه إلى غيره.
والوجه والله أعلم أن تكون ثلاثة صفة مبتدأ لا خبر مبتدأ ويكون التقدير: ولا تقولوا لنا ثلاثة أو في الوجود آلهة ثلاثة ثم حذف الخبر الذي هو لنا أو في الوجود كما حذف من " لا إله إلا الله " و " ما من إله إلا الله " فبقي: ولا تقولوا: آلهة ثلاثة ثم حذف الموصوف الذي هو آلهة فبقي ولا تقولوا ثلاثة.
[align=justify][align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
بارك الله فيك أخي الكريم جمال على هذه الإثارة المباركة .. وزادك علماً وعملاً نافعين بإذنه ..
وقد جاء في باب "كلام في النكرة إذا قدمت على فعل" من كتاب الدلائل :
وإن أردت أن تزداد تبييناً لهذا الأصل - يعني وجوب أن تسقط المفعول لتتوفر العناية على إثبات الفعل لفاعله ولا يدخلها شوب - فانظر إلى قوله تعالى: " ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم أمرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير . فسقى لهما ثم تولى إلى الظل " ففيها حذف مفعول في أربعة مواضع إذ المعنى : وجد عليه أمة من الناس يسقون أغنامهم أو مواشيهم وامرأتين تذودان غنمهما وقالتا: لا نسقي غنمنا فسقى لهما غنمهما .
ثم إنه لا يخفى على ذي بصر أنه ليس في ذلك كله إلا أن يترك ذكره ويؤتى بالفعل مطلقاً . وما ذاك إلا أن الغرض في أن يعلم أنه كان من الناس في تلك الحال سقي ومن المرأتين ذود وأنهما قالتا : لا يكون منا سقي حتى يصدر الرعاء وأنه كان من موسى عليه السلام من بعد ذلك سقي . فأما ما كان المسقي غنماً أم إبلاً أم غير ذلك فخارج عن الغرض وموهم خلافه . وذاك أنه لو قيل . وجد من دونهم امرأتين تذودان غنمهما جاز أن يكون لم ينكر الذود من حيث هو ذود بل من حيث هو ذود غنم حتى لو كان مكان الغنم إبل لم ينكر الذود كما أنك إذا قلت : ما لك تمنع أخاك كنت منكراً المنع لا من حيث هو منع بل من حيث هو منع أخ فاعرفه تعلم أنك لم تجد لحذف المفعول في هذا النحو من الروعة والحسن ما وجدت إلا لأن في حذفه وترك ذكره فائدة جليلة وأن الغرض لا يصح إلا على تركه .
ومما هو كأنه نوع آخر غير ما مضى قول البحتري من الطويل : إذا بعدت أبلت وإن قربت شفت فهجرانها يبلي ولقيانها يشفي قد علم أن المعنى: إذا بعدت عني أبلتني وإن قربت مني شفتني إلا أنك تجد الشعر يأبى ذكر ذلك ويوجب اطراحه . وذاك لأنه أراد أن يجعل البلى كأنه واجب في بعادها أن يوجبه ويجلبه وكأنه كالطبيعة فيه .
وكذلك حال الشفاء مع القرب حتى كأنه قال: أتدري ما بعادها هو الداء المضني وما قربها هو الشفاء والبرء من كل داء .
ولا سبيل لك إلى هذه اللطيفة وهذه النكتة إلا بحذف المفعول البتة فاعرفه .
وليس لنتائج هذا الحذف أعني حذف المفعول نهاية فإنه طريق إلى ضروب من الصنعة وإلى لطائف لا تحصى .[/align]
السلام عليكم ورحمة الله
اشكركم على اثارة موضوع كتاب الجرجاني في التفسير والذي اعلمه بان الكتاب يحقق في رسالة دكتوراة في التفسير في جامعة بغداد حيث يقوم على تحقيقة التلميذ النجيب محمود محمد شكور مرير واقبلوا خالص تحياتي
يا ترى هل يعلم الأخ الكريم وليد الحسين عن رسالة الدكتوراه في تحقيق الكتاب في جامعة بغداد التي ذكرها الدكتور جمال حسان وفقه الله. وهل رسالة الدكتوراه تستوعب التفسير كاملاً ؟
الذي اعلمه ان هذا الكتاب يحقق في رسالة لكن هل هي بالاشتراك ام ان الطالب وحده يقوم بهذا الفعل يمكن مساءلة الدكتور محمد شكور مرير استاذ الحديث المساعد بجامعة العلوم التطبيقية بالاردن فهو والد الطالب المعني واقبلوا خالص التحيات
وجدت معلومات عن لجنة المناقشة التي ناقشت الباحث الأستاذ وليد الحسين وهي كالآتي :
عنوان البحث: "درج الدرر في تفسير الآي والسور (دراسة وتحقيق سورتي الفاتحة والبقرة) تأليف عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني المتوفى سنة 471هـ "
اسم الطالب: وليد بن أحمد بن صالح الحسين
الدرجة: الماجستير في اللغة العربية وآدابها بدرجة "ممتاز" على المناقشة.
المناقشون:
الدكتورة هدى حداد رئيساً
الأستاذ الدكتور عبد المنعم بشناتي مشرفاً
الدكتور يوسف مرعشلي مناقشاً
الدكتور غسان عبد الرحمن مناقشاً
تاريخ المناقشة: 23/6/2005م.
احب أن أضيف أن التفسير ليس لعبدالقاهر الجرجاني وانما هو لعلي الجرجاني وحقق احد الاخوة الاردنيين جزءا منه في احدى جامعات المانيا أو لندن الى سورة النساء ومن الفاتحة الى اخر البقرة حققته احدى الاخوات في الاردن ولدي نسخة من هذه الرسالة وقام الاستاذ وليد بتحقيق الفاتحة والبقرة في لبنان فيما اظن وتقوم عدد من الطالبات في كليات البنات بتحقيق باقيه ولتأخر الوقت الان سأوضح أكثر لاحقا ان شاءالله
السلام عليكم ورحمة الله
ان من نعم الله على هذا الملتقى مشاركة الاستاذ الدكتور فهد الرومي فيه
ولكن نحن الفقراء نحتاج الى كثير من المسائل فما ذكره الفاضل اكرمه الله من ان الكتاب لعلي الجرجاني يحتاج الى بيان فانا التقيت الطالب الذي يحقق الكتاب في العراق وسالته فزعم انه حقق نسبة الكتاب الى الجرجاني عبد القاهر والمامول من الاستاذ الرومي ان يتكرم بافادتنا بما عنده وفقه الله تعالى
البحث عن صحة نسبة الكتاب الى المؤلف تحتاج إلى تجردٍ ، وبعض الباحثين تحت وطأة الخوف من أن تقل قيمة بحثه العلمية إذا لم تصح نسبة الكتاب لمؤلفة يتغاضى عن قوة الدليل. ليس هذا التفسيرأعني ، وإنما أتحدث عن عاملٍ نفسي غالبٍ مما يدعو لمزيد دراسة وتحقيق ، وعدم الاكتفاء بما يميل إليه بعض المحققين.
وكتاب (درج الدرر) قام الدكتور الفاضل عبدالله الخطيب من الأردن ، ويعمل عضو هيئة تدريس في كلية الشريعة في جامعة الشارقة بتحقيقه من أوله إلى آخر سورة النساء في مانشسترببريطانيا .
وقامت الأستاذة حنان ذياب بتحقيقه من أوله إلى آخرالآيه 141 من سورة البقرة بإشراف د. أحمد أبو هزيم ، وأعضاء اللجنة د.فريد سلمان رحمه الله ، ود. أحمد شكري ، و د. عبدالرحيم الزقة في 16/1/2003 كلية الدراسات العليا الجامعة الأردنية ، وللدكتور عبدالرحمن نسخة مني لنشر معلومات أكثر.
وذكر حاجي خليفة في كشفه1/570 ، والبغدادي في الهدية 5/606 أََنَّ (درج الدرر) مختصرٌ للشيخ عبد القاهر ظناً ، وقال بروكلمان : وينسبُ أيضاً إلى علي الجرجاني السيد الشريف ت 816 ، وصحة النسبة غير محسومة ، وهي بحاجة لمزيد تحقيق.
وتم توزيع بقية التفسير على خمس طالبات تقريباً في كليات البنات ، وسواء كان لهذا أو ذاك فإنه لايقللُ من قيمته ؛ لأنه إن كان لعبدالقاهر فهو غير قائمٍ على أساس نظرية النظم التي قعَّدها عبدالقاهر كما تقول الأستاذة الفاضلة حنان ذياب .
جزى الله الدكتور فهد الرومي خيراً على هذا البيان والتوضيح ، وأشكرك على النسخة التي ستهديها لي أحسن الله إليك يا أبا خالد ، وليست هذه بأول بركاتكم وأفضالكم علينا .
وليت الأخت الكريمة حنان ذياب تتفضل بما لديها في هذا الموضوع فهي من أعضاء هذا الملتقى العلمي .
بين أيدينا نص صريح النسبة إلى عبد القاهر الجرجاني أورده الزمخشري في الكشاف عند القول في تفسير آية ( ذلك لمن كان له قلب ......) من سورة ق - كما نبه عليه أحد الإخوة الأجلاء تعليقا على هذا الموضوع ، ووجدته في موضعه كما قال - فلو أن أحد الفضلاء الذين يملكون صورة من إحدى مخطوطات الكتاب تأمل هذا النص فيها فإن وجده كما أورده الزمخشري فهذه مظنة لصحة نسبة الكتاب إلى عبد القاهر ، ثم يكون البحث عن قرائن أخرى حتى نبلغ اليقين في أمر الكتاب ومؤلفه ، وبالله التوفيق .
لعل الأخت الفاضلة حنان ما دامت أحد أعضاء الملتقى أن تضيف ما جَدَّ عندها في هذا الموضوع . وقد قرأتُ ما ذكرَتهُ - وفقها الله - من أدلةٍ على صحة نسبة التفسير لعبدالقاهرالجرجاني ، لكني أرى أنَّ ما ذكرته في رسالتها القيمة لا يكفي. ولعلي أرجع للموضع الذي نقله الزمخشري ، للتأكد إن لم يكن المخطوط عندها كاملاً.
أتابع عن كثب ما أثاره الموقع حول تفسير"درج الدرر" من بداياته ، وأشكر جميع المشاركين وتعقيباتهم حول الموضوع ، لا سيما الدكتور فهد الرومي - حفظه الله -، وكذلك الأستاذ الشهري ، وما أدلى به الدكتور جمال أبو حسان من معلومات قيمة ، نفعنا الله تعالى بعلمهم جميعاً ، وسيكون لي توضيح مفصل لاحقاً إن شاء الله تعالى لضيق الوقت الآن...حنان
بالنسبة لما أورده الأستاذ منصور مهران حول النص الذي أورده صاحب الكشاف نقلا عن عبد القاهر الجرجاني ، فإني ألفت الانتباه إلى أن عبد القاهر الجرجاني تحدث عن هذه الآية المذكورة في كتابه (( دلائل الإعجاز )) بتحقيق محمود شاكر ، فليراجعه الأستاذ منصور مهران ، حتى يخبرنا عن مدى توافق النصين .
أرجو من الأستاذ ( أبو طلال العنزي ) تأمل قولي عما أورده الزمخشري فقد قلت عنه : ( صريح النسبة إلى عبد القاهر) ولم أقل : ( مقطوعٌ بنسبته إلى عبد القاهر) ؛ لأن معنى ( صريح النسبة ) أن الراوي - وهو الزمخشري - صرح باسم عبد القاهر وأنه قائل القول الذي دار حوله النقاش فالعهدة عليه ، والنقاش دائر حول محاولة التحقق من صحة نسبة التفسير إلى عبد القاهر أو إلى غيره ، لذلك قلت فيما بعد : ( ثم يكون البحث عن قرائن أخرى ... ) لأني لا أزعم أننا فرغنا من أمر جليل كهذا . هذه واحدة ، والأخرى وهي ورود قولٍ لعبد القاهر حول هذه الآية في كتابه ( دلائل الإعجاز) بتحقيق شاكر ص 304 و 305 لا يمنع أن يكون الرجل تكلم عنها هنا في مقام بلاغي ، وتكلم عنها مرة أخرى في مقام التفسير - إذا صحت نسبة التفسير إليه - وهذا هو الأمر الذي يحاول الإخوان الوصول إليه فلم يقطع مشارك منا بقول حاسم حتى الآن ، وبالله التوفيق .
أستميح القراء الكرام عذراً في نقل ما كتبته حول نسبة المخطوط لعبد القاهر الجرجاني باختصار وتصرف ، لا سيما للدكتور فهد الرومي طالما رسالتي بين يديه الكريمتين :
إذ قلت:(مما لا شك فيه أن هذه القضية - نسبة كتاب لمؤلفه - من أهم القضايا التي يجب على المحقق بيانها وتحقيقها ، فكيف إذا كان الأمر متعلقاً بنسبة كتاب لعبد القاهر الجرجاني وهو مَن هو مكانة وعلماً ، ولا يعلم به كثير من الدراسين والباحثين .
وقلت : إن أول ذكر للتفسير كان عند حاجي خليفة في كشف الظنون ، والبغدادي في هدية العارفين ، إذ ذكر الأول :"درج الدرر في التفسير، مختصر للشيخ عبدالقاهر الجرجاني ظنا" ، وأدرج الثاني الكتاب ضمن كتب الجرجاني ومؤلفاته. وعبارة حاجي خليفة مشكلة من ناحية قوله:"ظنا" ، فكأنما يشك في هذه النسبة .... ثم أيدت كلامي هذا بما تحصل لدي من معلومات ، كانت كالآتي :
أ- إن تأخر ذكر الكتاب في المصادر وعدم اشتهاره غير قادح في هذه النسبة ؛ إذ إن كثيراً من مؤلفات الجرجاني لم تذكر إلا متأخراً ولم يرد لها ذكر في المصادر المتقدمة ، بل إن دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة أشهر وأهم كتب الجرجاني لم يحظيا بأي ذكر في المصادر المتقدمة .
ب- يتوقع القارئ عندما يسمع بتفسير للجرجاني أن تكون نظرية النظم قد استحوذت على الحيز الأكبر منه ، لكن الدارس للتفسيرلا يجد ذلك ، لذا قلت:" إن اعترض معترض بأن الكتاب غير قائم على أسس نظرية النظم التي قعدها عبد القاهر ، لعله ألف التفسير في بداية حياته العلمية قبل أن تستوي في ذهنه فكرة النظم وتتبلور ، ثم أودعها كتابيه الدلائل والأسرار ، لا سيما أنه أشار في المخطوط عند قوله تعالى:{وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا}سورة البقرة:(... وإنما وقع التحدي ها هنا بنظم عجيب بديع ، تضمن معنى صحيحا غير متناقض ولا هزل).
ثم أشرت إلى بعض القضايا البلاغية الواردة في المخطوط كالحذف ، والمجاز ونحوها ، والتي لعلها شكلت بذوراً نشأت عنها نظرية النظم بعد ذلك.
ج- كما أنني أشرت إلى الآراء الكلامية على مذهب الأشاعرة التي ضمنها الجرجاني تفسيره عند تناوله لبعض الآيات ، ومعلوم أنه متكلم أشعري.
د- واستأنست بعبارة ذكرها الادنه وي في طبقات المفسرين إذ يقول عند تعداده لمؤلفات عبدالقاهر:" وصنف التفسير".
هـ- كما أن الكتاب نسب للجرجاني في فهرس مؤسسة آل البيت 1/114.
و-صفحات غلاف المخطوط في نسخه الأربع التي اعتمدت عليها أشارت إلى ذلك، وإن كانت هذه الوسيلة من أضعف وسائل إثبات نسبة كتاب لمؤلفه.
ز- كما أنني درست لغة الجرجاني في مخطوطه وسائر كتبه -عدا الدلائل والأسرار-، فوجد انها جميعها موجزة العبارة، سهلة المأخذ، وهذا شأن المخطوط.
ثم قلت بعد ذلك:(من خلال هذه القرائن يبدو لي أن التفسير لعبد القاهر الجرجاني ، ولعله ألفه في بداية حياته العلمية ، سلك فيه طريقة مبسطة موجزة فهو مختصر كما ذكر حاجي خليفة).
ثم أشرت إلى كلام بروكلمان الذي قال:(درج الدرر وهو تفسير القرآن وينسب خطأ للشريف).وقلت : إن عبارته وإن حملت في طياتها ادعاء أحدهم نسبة المخطوط لغير عبدالقاهر ، فإنها في نفس الوقت نفت ذلك وخطأته ، وقد رجعت إلى مظان ترجمة الشريف فلم أعثر على ذكر لهذه النسبة له ، ولم يدرج التفسير ضمن مؤلفاته).
وبناء على ما تقدم:
1- حاولت أثناء دراستي لنسبة المخطوط - ما استطعت - أن أتعامل مع ما وقع بين يدي من حقائق ومعلومات ، وسعيت إلى استنطاق النصوص المتوافرة بين يدي لشح المعلومات حول شخصية مثل عبد القاهر الجرجاني.
2-ثم حاولت افتراض فرضيات أو تساؤلات قد تدورفي الذهن حول وجود تفسير لعبدالقاهر،من حيث لغته، نظريته في النظم...ولم أدع أنه قائم على أساسها البتة وإنما حاولت ايجاد قاسم مشترك بين المخطوط بين جهود الجرجاني البلاغية، وأظن أنني لم اتعسف في ذلك أو أقحمه فيها اقحاما.
3-ثم إنني أشرت في خاتمة رسالتي إلى ضرورة التحقق من هذه المسألة فقلت:" حاولت -ما أمكن- توثيق نسبة الكتاب لعبدالقاهر في حدود ما اطلعت عليه من معلومات،ومثل هذه المسألة في غاية الأهمية،تبقى مدارا للبحث ومجالا مفتوحا للتأمل حسب ما يتيسر من معلومات".... وعليه فقد تركت الباب مشرعا لما يستجد من حقائق في هذا الجانب ولم أجزم جزما بهذه النسبة,
لذا يحق لي الآن أن أتساءل عن "قوة الدليل" الذي تحدث عنه الدكتور فهد الرومي،وعله يتكرم ويتحفني بما عنده -حفظه الله-، وانتظر ذلك أيضا من الدكتور عبد الرحمن الشهري.
ثم إن صحت هذه النسبة أو لم تصح فإنها غير قادحة في قيمة المخطوط ولا من الجهد المبذول في تحقيقه كما ذكر الدكتور الفاضل....حنان
شكرَ الله للأستاذة الفاضلة حنان بيانها وتوضيحها ، وأملي أن لا يُفهم قولي على أني أُقلل من جهدها - حاشا والله - فهو جهدٌ لا يُنكر ، ويُذكرني عملُها هذا ببعض أبحاث الدكتورة هند شلبي في كتابها (القراءات بأفريقية) أو في أحد أبحاثها المخطوطة التي أهدتني إياها لا أذكر، حيث تُشبع المسألة إستدلالاً ، ثم تقول بتواضعٍ ، وتجردٍ علميٍ نادرٍ : إنَّ هذا لايكفي .
وإنما أردت ماذكرَته الأستاذةُ حنان في آخر كلامها حفظها الله : أنَّ الباب لايزالُ مشرعاً وأنها لاتجزمُ بالنسبة ، وهذا هو عين ما أردته بقولي : إنَّ ماذكرَتْه لايكفي .
اشكر للدكتور فهد الرومي تفضله وتكرمه بما عقب به حول مخطوط الجرجاني، إلا أنه ما زال لي التماس أن تطلعني إن استجد عنده شئ حول النسبة.لا يضيرني ان ظهر امر خلاف ما كتبت،،
جعلنا الله جميعا خداما للعلم والعلماء.....
بسم الله الرحمن الرحيم
[align=right]ألا يمكن أن نجعل من طريقة المقارنة منهجا لإثبات الكتاب أو نفيه ؛ وذلك بجمع جميع الآيات التي فسرها عبد القاهرالجرجاني في كتابيه " الدلائل " و " الأسرار " ومقارنتها بما ورد في المخطوط فلعل الكثير من الجمل والعبارات تضل عالقة بأسلوب المؤلف سواء عبد القاهر أو الشريف؛ ثم إن أعوزتنا العبارات لجأنا إلى القرائن التي تقربنا من الحقيقة؛ وحينها نهرع إلى طريقة أهل الأصول في استعمال " قياس الشبه " لنلحقه بصاحبه الذي خطه بيمينه، أنا سأقوم إن شاء الله بتتبع الآيات التي ذكرها عبد القاهر في كتابه " دلائل الإعجاز " لأنني أملك منه النسخة التي علق عليها الشيخ محمد عبده، وليقم غيري بتتبع " أسرار البلاغة " ثم لتقم الأخت الفاضلة حنان بمقارنتها بمخطوط التفسير الذي لديها . والله الموفق للصواب.[/align]
اشكر للاستاذ علال اقتراحه القيم وأود الاشارة إلى انني لم أغفل هذه القضية أثناء دراستي للمخطوط ووجد تباينا واضحا بينه وبين سائر كتب الجرجاني،إلا أن هذا لايقدح في نسبته اليه لا سيما ان كتب الجرجاني الاخرى اتسمت بالايجاز والاختصار.
إلا انني اود الاشارة إلى انني اطلعت على رسالة الدكتور محمد اديب شكور التي أشار اليها الدكتور جمال ابو حسان،والتي نوقشت في جامعة بغداد، وبرهن خلالها الدكتور ان المخطوط منسوب لعبدالقاهر الجرجاني واستدل على ذلك... وحبذا لو يتحفنا بما توصل اليه...
أشكر للافاضل جميعا اهتمامهم بالمخطوط واقتراحاتهم القيمة للوقوف على صحة النسبة لعبد القاهر الجرجاني... إلا أنني أود الإشارة -تأدية للأمانة إلى أهلها- أن يتم توثيق أية معلومة تؤخذ من رسالتي، لاسيما أن لي السبق بالكشف عنه وتحقيقه، وكل الرسائل التي تناولته سواء في لبنان أو العراق جاءت بعد دراستي...." أن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها".
اللهم لا تجعل للهوى على عقلي سبيلا ولا للباطل على عملي دليلا...
لا يسعنا إلا أن نزجي الشكر العميم إلى كل من تفضل بالإبانة عن الكتاب المنسوب إلى عبد القاهر الجرجاني بدءا بالدكتورة حنان صاحبة الريادة في الكشف عن مخطوطة الكتاب وتحقيقه مع الاحتفاظ بحقها في توثيق أي نص أو فكرة أو نتيجة مما ورد في رسالتها ، ونشكرهم كذلك على جمال المناقشة والترفع عن القول الهابط ، ونأمل أن نستبقي بقية من العوارف تتم إن شاء الله عند صدور الكتاب مطبوعا في القريب العاجل ، والله ولي التوفيق .
لاشك أنَّ للسابق فضلاً على اللاحق كما قال ابنُ مالك عن ألفية ابن معطي
[align=center]وهو بسبق حائز التفضيلا * مستوجبٌ ثنائي الجميلا[/align]
وللأخت الفاضلة الدكتورة حنان الحق كل الحق في توثيق أي معلومة تؤخذ من رسالتها وهذا مايؤكد ما أدعو إليه من نشر الرسائل العلمية بين الباحثين والمختصين لتعم فائدتها أولا ولقطع الطريق على ضعاف النفوس والقيم وكشف كل نقل أو اقتباس أو نقل غير موثق ثانيا ولعل الدكتورة الفاضلة تبادر لطبع رسالتها لتعم فائدتها .
نشرالدكتورسليمان أوغلوفي العدد 51 من مجلة آفاق الثقافة والتراث التي يصدرها مركز جمعة الماجد بحثا عن التفسير المنسوب لإبن أبي شيبة ت ( 235 ) بين فيه خطأ النسبة وأثبت أنه لأحد المفسرين في القرن الخامس الهجري من زملاء الثعلبي وأنهما من تلاميذ أبي القاسم الحسن بن محمد بن الحبيب النيسابوري فهل الجرجاني من تلاميذه وهل تكون هذه النسخة ل ( درج الدرر ) لعل الدكتورة الفاضلة حنان تبين ذلك
إذا كان الرجل الذي أورد اسمه وعناه أخي الدكتور فهد الرومي ؛ وهو ( أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحبيب النيسابوري ) : هو عين الرجل الذي ورد اسمه وكنيته في بعض دفاتر العلم - مثل الوافي بالوفيات 12 / 239 ، الإتقان في أول صفحة منه ، العبر 3 / 93 ، بغية الوعاة 1 / 515 ، شذرات الذهب 5 / 41 طبعة دار ابن كثير - بأنه ( أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري المفسر) المتوفى سنة 406 فيبعد أن يكون شيخا لعبد القاهر الجرجاني المتوفى سنة471 أو 474 ، لو افترضنا وفاة الجرجاني عن 75 سنة حيث لم تذكر كتب التراجم سنة ولادته تكون سِنه عند وفاة أبي القاسم الحسن النيسابوري سبع سنوات أوعشر سنوات - حسب التاريخين المذكورين - وهذه السن لا تؤهل لطلب العلم على شيخ كبير كهذا الرجل ، وقصارى ما يكون في سن السابعة أو العاشرة أن يخرج الطفل لحفظ القرآن الكريم وبعض مبادئ العلوم .
قلت : وإن لم يكنه فقد باءت تقديراتي بالفشل ، وعندها أسأل الله الهداية للصواب والرشاد ، ثم هذا اعتذاري إليكم عن ضياع بعض الوقت في المتابعة ، والله يرعاكم .
لعل الله تعالى ييسر لي نشر الرسالة واستئناف العمل فيها في قابل الايام ان شاء الله... ولك استاذي الفاضل فهد الرومي كل الشكر والعرفان على ما أسديت وقدمت.... وعلنا نلتقي في الأردن في القريب العاجل ببركة هذا المخطوط... وببركة العلم الذي نخدم...
ما أشار اليه الاستاذ منصور مهران منطقي جدا.... وقد أشرت في رسالتي إلى ان عبد القاهر الجرجاني لم يتتلمذ إلا على يدي ابي الحسين الفارسي... وقد ذكرت كتب التراجم انه تتلمذ على يدي القاضي الجرجاني، والصاحب بن عباد وغيرهم.. وقد نفيت ذلك استنادا إلى الفارق الزمني بين الجرجاني وبينهم بحيث يمتنع امكانية اللقاء بينهم واخذ العلم عنهم... وخرجت بانه تتلمذ على كتبهم لا على اشخاصهم.
اما بالنسبة للنيسابوري فلم تشر كتب تراجم الجرجاني انه كان تلميذا له... وقد استقصيت اثناء دراستي كل الكتب التي ترجمت للجرجاني وكلها أجمعت على ان استاذه الوحيد هو الفارسي...
ولعلي اعود الى ترجمت النيسابوري لاقف ان كان هناك ذكر لهذه القضية..
والله ولي التوفيق
السلام عليكم يا دكتور عبد الرحمن نحن فى مصر عندنا نسختين من المخطوط ولكن بدون مقدمه فلو لدي حضرتك نسخه او اكثر بها مقدمه ارجو ان ترسلها لى على البريد الالكترونى اذا كانت ليديك على ملف ورد والاميل [email protected]وجزاك الله خيرا
السلام عليكم دكتور فهد نحن فى مصر نقوم بتحقيق هذا المخطوط ايضا فان كان لدى حضرتكم نسخه او جزء محقق او مخطوط ارجو ارساله فلى اقرب فرصه ليعيننى على ذلك حيث انى سابدا فى تحقييقه من قوله تعالى تلك الرسل فى البقره الى لايحب الله الجهر بالسوء فى النساء واذا ارسلتم الى الدكتور عبد الرحمن نسخه فارجو ان ترسلو لى نسخ وان تنشروها فى المنتدى لتعم الفائده حيث ان النسخ الموجوده فى مصر ليس بها مقدمه مما يجعل التحقيق صعبا ولكم جزيل الشكر وجزاكم الله خيرا
السلام عليكم ارجو من الاخوه الفضلاء ان كان احدهم لديه نسخه او اكثر من المخطوط او اى جزء محقق ان يرسله لى او اى معلومات عنه اما عن طريق البريد الدولى وانا مستعد لتحمل التكاليف الماديه او على البريد الاليكترونى [email protected]او[email protected]
ولكم جزيل الشكر
السلام عليكم يا دكتوره حنان لو ممكن تدلينى على الكتب التى اعتمد عليها الامام عبد القاهر الجرجانى فى تفسيره لانى احترت فى ذلك ولكم جزيل الشكر والجزاء من الله
اخي الفاضل محمد بيومي قرأت طلبكم للتو بعد انقطاع لي عن دخول الموقع ... ولعلني ان شاء الله تعالى البي طلبكم خلال يومين باذنه تعالى لانشغالي الكبير الان.
قرأت في العدد الأخير من مجلة الحكمة وهو العدد 35 جمادى الآخرة 1428هـ أن المحقق وليد الحسين قد أنهى تحقيق الكتاب وسيخرج في أربعة أجزاء .
تجدون هذا في آخر ورقة من عدد المجلة . ونرجو أن نراه مطبوعاً قريباً .
اطلعت قبل مدة على تحقيق الشيخ : و ليد الحسيني جزاه الله خيرا للكتاب و أخبرني أنه سيطبع قريبا و طلب مني النظر في قضية النسبة إلى الجرجاني و أعطاني نسخة من رسالته و لم ألتق بعدها بالشيخ و ليد الحسيني . و لكن هناك قرائن تدل على عدم صحة النسبة إليه
و لأن الكتاب يطبع الان فأستميح الإخوان عذرا في مناشة هذه القضية لسفري و لغير ذلك .....
و الكتاب على كلّ الأحوال مفيد و قضية النسبة لم تحسم إلى الآن كما تفضل الدكتور : فهد الرومي
الإخوة الأكارم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد صدر كتاب "درج الدرر في تفسير القرآن العظيم" للإمام عبد القاهر الجرجاني رحمه الله، في مجلدين كبيرين، بتحقيق كل من الدكتور طلعت صلاح الفرحان، والدكتور محمد أديب محمد شكور امرير، وقد تصدر الكتاب في كل مجلد دراسة، فتصدر المجلد الأول دراسة لغوية للدكتور طلعت، تبعه القسم الأول الذي قام هو بتحقيقه وذلك من أول سورة الفاتحة وحتى نهاية سورة يونس عليه السلام، ونال به درجة الدكتوراه في اللغة العربية من جامعة بغداد، أما المجلد الثاني فقد تصدر بدراسة تفسيرية للكتاب، مع تحقيقه لباقي الكتاب وذلك من سورة هود عليه السلام وحتى نهاية القرآن الكريم، ونال بها درجة الدكتوراه بالتفسير من جامعة بغداد، وأسأل الله لها التوفيق والتقدم.
والدار التي نشرته هي دار الفكر ناشرون وموزعون.
وقد أثبت فيه المحققان أن الكتاب ليس لعبد القاهر الجرجاني، لكنهما لم يستطيعا أن يثبتا نسبته لأحد لأكثر من سبب منها عدم وجود مقدمة لهذا الكتاب.
تابعت بشوق مناقشة الاخوة العلماء لهذا الموضوع، لكن قصر انشغالي الماضي عن المشاركة الماتعة فيه، للكن حتى يضاف إلى ما ذكر من مجهودات حول التفسير المذكور ، وجدت أن باحثا آخر قد قام بتحقيق ما يقارب ثلث التفسير، ولم أجد من الأخوة من أشار إليه، وأعتذر للأخوة عن قصور المعلومات عن إضافات كافية، لكن حسب هذه المعلومات أن تضم إلى ما تقدم، فلعل في جمعها ما يفيد القطع في الموضوع، هذا ما توفر عندي
دُرج الدُّرر في تفسير القرآن العظيم المنسوب إلى عبد القاهر الجرجانيِّ المتوفَّى سنة 471هـ من أول المصحف إلى آخر سورة يونس…طلعت صلاح الفرحان…بغداد/تربية/ابن رشد
فالباحث ذكر أنه منسوب للشيخ عبد القاهر.
إلا أنني وجدت في كلام المفسر محمد رشيد رضا عبارات تفيد نسبته للشيخ عبد القاهر، حيث أورد ذلك في مجلة المنار عندما استفتي في أيات الربا، ونص العبارة:
قال الشيخ عبد القاهر الجرجاني في درج الدرر { قَالُوا إِنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا } ( البقرة : 275 ) قاسوا أن الزيادة في آخر العقد كهي في أول العقد ، قال
الواحدي في تفسيره الوجيز { إِنَّمَا البَيْعُ } ( البقرة : 275 ) وهو أن المشركين
قاسوا أن الزيادة على رأس المال بعد محل الدين كالزيادة في الربح .
ج31 مجلة المنار
السلام عليكم ورحمة الله
زيادة في إثراء الحديث عن هذا المؤلف القيم، أنقل إليكم ما كتبه محقق الجزء الثاني في نسبة الكتاب كاملة كما هي، وقريبا إن شاء الله سأنقل إليكم ما كتبه محقق الجزء الأول ريثما يتوفر لدي، شاكرا لكم هذه المشاركات الجميلة، مع التمنيات للجميع بالتوفيق.
نسبة الكتاب لمؤلفه
من أهمَّ القضايا التي يبدأ المحقِّقُ ببيانِها وتوضِيحِها هي: هل هذا الكتابُ لصاحبِه أو أنَّه منسوبٌ إليه؟ وبخاصةٍ إذا كان المؤلفُ منَ الأئمة الأعلامِ كالإمامِ عبدِ القاهرِ الجرجانيِّ العلاَّمةِ الأديبِ النحويِّ البلاغيِّ، فهذا يحتاجُ إلى جهدٍ ومشقَّةٍ وعَناءٍ، وممَّا يزيدُ الأمورَ تعقيدًا ومشقَّةً أنّ السيرةَ الذاتيَّةَ لهذا العالمِ الكبيرِ، وعلى الرغمِ من شهرتِه، لا تُسعفنا كثيرًا في مثلِ هذه المسألةِ.
فأوَّلُ من ذكرَ هذا الكتابَ في كتبِ الفهارسِ والتي تذكرُ أسماءَ الكتبِ ومؤلِّفيها هو حاجي خليفة في كتابِه (( كشف الظنون )) فيقول: (( دُرجُ الدررِ في التفسيرِ، مختصرٌ للشيخِ عبدِ القاهرِ الجرجانيِّ ظنًّا )) ، وهذا الكلام يُشكَّكُ في نسبةِ هذا الكتابِ للإمامِ عبدِ القاهرِ الجرجانيِّ، كما ذكره إسماعيلُ باشا البغداديُّ في (( هدية العارفين )) إذ يُدرج في ضمنِ الكتبِ التي ألَّفها الجرجاني كتابًا باسم (( درج الدرر في تفسيرِ الآيِ والسورِ )) ، وهذا أيضًا يجعلُ في النفسِ شيئًا من نسبةِ الكتابِ وذلك لاختلافِ العنوانِ.
ومما يُثبتُ نسبةَ الكتابِ إلى عبدِ القاهرِ الجرجانيِّ ما يأتي:
1 – ما ورد في الأصولِ المخطوطةِ وعلى الصفحةِ الأولى من النسخِ الأربعِ، التي تدلُّ على أنَّ المخطوطةَ له، إذ جاءَ في النسخةِ الأصلِ ما نصُّه: (( كتابُ دُرجِ الدررِ في تفسيرِ القرآنِ العظيمِ للإمامِ العلامةِ علامةِ العالمِ، قُدوةِ السلفِ والخلفِ عبدِ القاهرِ الجرجانيِّ ))، وفي النسخة الأخرى من مكتبة كوبرلي: (( كتابُ دُرج الدررِ في تفسيرِ القرآنِ العظيمِ، تأليفُ الإمامِ العالمِ العلامةِ وحيدِ دهرِه وفريدِ عصرِه عبدِ القاهرِ الجرجانيِّ تغمَّدَه اللهُ برحمتِه ))، وفي نسخةِ نور عثمانية يقول: (( كتابُ تفسيرِ القرآنِ العظيمِ المسمَّى بدرجِ الدررِ، تأليفُ الإمامِ والحجةِ الهمامِ عمدةِ المفسرينَ وزبدةِ ... مولانا عبدِ القاهرِ بنِ عبدِ الرحمنِ الجرجانيِّ تغمَّده اللهُ بالرحمةِ والرضوانِ )). أما نسخةُ الأسكريالِ فكُتبِ على صفحتِها الأولى: (( تفسيرُ القرآنِ العظيمِ المسمَّى بدُرجِ الدررِ، تأليفُ سلطانِ ... سيدنا الشيخ المحقِّقِ عبدِ القاهرِ الجرجانيِّ تغمَّده اللهُ برحمتِه آمين )).
3 – نجدُه يقرِّرُ في كتابِه أنَّ إعجازَ القرآنِ إنَّما كانَ بالنظمِ العجيبِ فيقول: (( وحَدُّ الإعجازِ هو الإتيانُ بناقضِ العادةِ، والخارجِ عن طوقِ مَن هو مثلُ صاحبِ المعجزةِ في الخلقةِ، ... وإذا وقعَ التحدِّي هاهنا بنظمٍ عجيبٍ بديعٍ، تضمَّن معنًى صحيحًا غيرَ مناقضٍ ولا هزلٍ ...)).
4 – وجودُ كثيرٍ منَ الإشاراتِ البلاغيَّةِ المودعةِ في هذا التفسيرِ، كالحذفِ والمجازِ والكنايةِ ومعاني (افعل) الأمرِ، ومعاني الاستفهامِ، وغيرِها. ( يُرجعُ إلى مبحثِ عنايتِه بالبلاغةِ في قسمِ الدراسةِ ).
5 - الاستئناسُ بما جاءَ في بعضِ الترجماتِ لعبدِ القاهرِ الجرجانيِّ بأنَّ له تفسيرًا، كما جاءَ عندَ الأدنه وي والسيوطيِّ، إذ يقولانِ عندَ تعدادهما لمصنفاتِ عبدِ القاهرِ: (( وصنَّفَ التفسيرَ ))، وفي كشفِ الظنونِ يقول: (( تفسيرُ عبدِ القاهرِ بنِ عبدِ الرحمنِ الجرجانيِّ المتوفَّى سنةَ 474 هـ مختصرٌ في مجلَّدٍ، ولعلَّه تفسيرُ الفاتحةِ )).
6 – ومما يُستأنَسُ به لإثباتِ أنَّ هذا الكتابِ له هو ما ورد من أسماءٍ لأعلامٍ كانت وفاتُهم قبلَه، ممَّا يدلُّ على أنَّها في عصرِ الشيخِ الجرجانيِّ.
7 – نُسبَ التفسير في فهرس آل البيت لعبد القاهر الجرجاني.
ومما يُشكِّكُ بنسبةِ الكتابِ إلى عبدِ القاهرِ الجرجانيِّ أمورٌ متعدِّدةٌ، منها:
1 – ما ذُكرَ فيما سبق أنَّ أول ذكرٍ للكتابِ جاء في كشفِ الظنونِ لحاجِّي خليفة، وجاء بشكلٍ مُشكِّكٍ إذ قال: (( دُرجُ الدررِ في التفسيرِ، مختصرٌ للشيخِ عبدِ القاهرِ الجرجانيِّ ظنًّا ))، وقوله: ظنًّا، مُشكلٌ إذ يُشكِّكُ في نسبةِ الكتابِ له، ولكنَّ هذا القول لم يكن متثبِّتًا منه إذ في مكانٍ آخرَ يَنسبُه إليه من غيرِ شكٍّ فأدرجَه ضمنَ التفاسيرِ فقال: (( تفسيرُ عبدِ القاهرِ بنِ عبدِ الرحمنِ الجرجانيِّ ))، ولكنَّه ذكرَ أنَّه (( مختصرٌ في مجلَّدٍ ولعلَّه تفسيرُ الفاتحة )). وقولُه هذا دليلٌ على عدمِ اطِّلاعِه على الكتابِ، إذ لو اطَّلعَ عليه لعلمَ أنَّه ليس تفسيرَ الفاتحةِ.
2 – جاءَ في هديَّةِ العارفين اسمُ هذا الكتابِ ضمنَ كتبِ الجرجانيِّ (( درجُ الدررِ في تناسبِ الآيِ والسورِ دلائلُ الإعجازِ في المعاني والبيانِ، شَرَحَ الفاتحة في مجلَّدٍ ))، وهذا مخالفٌ لما هو مُدرجٌ في المخطوطاتِ الأربعِ بأنَّ اسمَ هذا الكتابِ هو (( درجُ الدررِ في تفسيرِ القرآنِ الكريمِ )). وهذا أيضًا يدحضُ قولَ حاجي خليفة بأنَّ دُرجَ الدرر غير تفسيرِ الفاتحةِ، كما أنّ هذا العنوانَ الذي ذكره إسماعيلُ باشا هو الأنسبُ لهذا الكتاب، وذلك لعادةِ المؤلفينَ في ذلك الوقتِ أنْ يُسمُّوا الكتبَ بأسماءَ مسجوعةٍ، ولعلَّه اطلعَ على نسخةٍ أخرى منَ الكتابِ لم تصلْ إلى مكتباتِ المخطوطاتِ العامّةِ.
3 – أما بروكلمان فقد ذكر أنَّ التفسيرَ يُنسبُ خطأً للشريفِ الجرجانيِّ، فقال: (( درجُ الدررِ وهو في التفسيرِ ... ويُنسبُ خطأً للشريفِ الجرجانيِّ )) وعبارتُه هذه تحملُ ادعاءً لأحدِهم يَنسبُ الكتابَ لغيرِ عبدِ القاهرِ الجرجانيِّ، وهي في الوقت نفسِه نفت هذا الخطأ. كما أنَّه بعيد أنْ يكونَ له إذ خلا الكتابُ في نقلِه عن علماءَ منَ العصورِ التي بعدَ عبد القاهر الجرجانيّ، ممّا يجعلُ النسبةَ إليه من بابِ الوهمِ، فالشريفُ الجرجانيُّ قد تُوفيَ سنة 816 هـ، كما أنَّه لم ينقلْ منَ المؤلفاتِ في التفسيرِ أو غيره بعد عصرِ الجرجانيِّ، وبخاصَّةٍ الزمخشريِّ وأبي حيانَ وغيرهما منَ الأعلامِ الذين جاؤوا بعده.
وقد رجعتُ إلى مظانِّ ترجمةِ السيدِ الشريفِ الجرجانيِّ، فلم أجدْ ذِكرًا لهذه النسبةِ.
4 – المعروفُ عن عبدِ القاهرِ الجرجانيِّ وما ذكرتُه كتبُ التراجمِ التي ترجمتْ له: أنَّـه شافعيُّ المذهبِ، فقد ذكره الإسنويُّ في طبقاتِ الشافعيَّةِ، وقال عنه: (( كانَ
شافعيًّا ))، وكذلك في سير أعلام النبلاء، وغيرها.
وقد بحثتُ في مذهبِ المؤلِّفِ الفقهيِّ من خلالِ دراستي لهذا الكتابِ، وقد تولَّدَ لديَّ أنَّ صاحبَ هذا الكتابِ له مذهبٌ فقهيٌّ هو المذهبُ الحنفيُّ، وذلك من خلالِ المسائلِ التي ذكرتُها في مبحثِ (عنايتِه بالأحكامِ الفقهيَّةِ) فدرستُ مذهبَه الفقهيّ من خلالِ ثماني مسائلَ، هذه المسائلُ الثمانِي خالفَ فيها المؤلفُ المذهبَ الشافعيَّ أو الرأيَ الراجحَ في المذهبِ الشافعيِّ، ووافقَ فيها أصحابَ المذهبِ الحنفيِّ بل المشهورَ في المذهبِ الحنفيِّ، وأحيانًا يصرِّحُ بمخالفتِه للشافعيِّ.
أضفْ إلى ذلكَ أنَّه يذكرُ الإمامَ أبا حنيفةَ فيترضَّى عنه أو يترحَّم عليه في أكثرَ من موضعٍ، ويستشهد بقولِه كذلك، بل إنَّه يروي عنه بعضَ الأحاديثِ والآثارِ على الرغمِ من وجودِها عند غيرِه، فيختارُ طريقَ أبي حنيفةَ.
5 – من المعلومِ عن عبد القاهر الجرجانيِّ أنَّه أشعريُّ المذهبِ عقائديًّا، وهذا ما ذكرتْه كتبُ التراجمِ التي ترجمتْ له.
ولكن عند الدراسةِ في عقيدتِه في هذا الكتابِ يتبيَّنُ أنَّ مؤلفَ الكتابِ ليس أشعريَّ المذهبِ، فهو ينهجُ منهجَ الإمامِ أبي حنيفةَ النعمانِ في بعضِ المسائلِ العقديةِ التي ذكرها في تفسيرِه، ومن هذه المسائل:
أ – قوله بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، فقد جاء في تفسيره قول الله تعالى: (( إن الذين يكفرون بالله ورسله )) [النساء:150] إذ يقول: (( وفي الآيةِ دليلٌ على أنَّ الإيمانَ لا يزيدُ ولا ينقصُ )) ، وهذا القول يقولُ به الإمامُ أبو حنيفةَ رحمه الله تعالى ومَن وافقَه مِن بعدِه فقد جاء في شرح المقاصد ما نصّه: (( وعند أبي حنيفة (رحمه الله) وأصحابِه وكثيرٍ من العلماءِ، وهو اختيارُ إمامِ الحرمين، أنه لا يزيدُ ولا ينقصُ، لأنَّه اسمٌ للتصديقِ البالغِ حد الجزمِ والإذعانِ، ولا يتصوَّرُ فيه الزيادةُ والنقصانُ )).
ب – وعند تفسيرِه قولَ اللهِ تعالى: (( ولله المشرق والمغرب فاينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم )) [البقرة:115]، يقول: (( و (وجهُ الله) ليس كأوجهِ خلقِه، وهو خالقُ الوجوهِ، متعالٍ عن الحلولِ في الجهاتِ والأقطارِ، وهو أقربُ من حبلِ الوريدِ، سبحانه وتعالى. وقد أوّلَ مَن أوّلَ مِن أصحابِنا بأنَّه الإقبالُ بالرحمةِ والرضوانِ والقبولِ، وهو ممكنٌ أنْ يكون مُرادًا )).
ج – كذلك عند تفسيرِه قولَ اللهِ تعالى: (( هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك )) [الأنعام:158] يقول: (( دليلٌ أنَّ إتيانَ الربِّ صفةٌ له لا يجوزُ حملُها على إتيانِ الأمرِ، إذ الشيءُ لا يُعطفُ على نفسِه )).
د – أمَّا عن صفةِ الكلامِ فيقول: (( والتكليمُ صفةٌ للهِ تعالى حقيقيةٌ من غيرِ كيفيَّةٍ )) وذلك عند تفسيرِه قولَ اللهِ تعالى: (( وكلم الله موسى تكليمًا )) [النساء:164]، وأيضًا يقولُ في موضعٍ آخرَ: (( وقولُ اللهِ تعالى حقيقة، وقد أُكِّدَ بقولِه: (( وكلم الله موسى تكليمًا )) [النساء: 164]، والتأكيدُ لنفي إيهامِ الاستعارةِ، وفي فحوَى قوله: (( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيًا )) ، الآية [الشورى: 51] ما يدلُّ على أنَّ القولَ صفتُه حقيقةً )).
6 – ومن المعلومِ أيضًا عن الإمامِ عبدِ القاهرِ الجرجانيِّ أنَّه نحويٌّ بصريٌّ، فقد تتلمذَ على تلميذِ الإمامِ أبي عليّ الفارسيِّ، وهو أبو الحسين الفارسيُّ، أحدُ أئمةِ البصريينِ، بل لم يكن له شيخٌ له غيرُه، وقد شرحَ كتابَه (( الإيضاح )) واعتنى به عنايةً فائقةً، وسمَّاه (( المغني )) وقد بلغَ هذا السفرُ نحوًا من ثلاثينَ مجلدًا، ولكننا نلحظُ أنَّ مؤلِّفَ هذا الكتابِ لم ينقلْ عن أبي عليّ إلا في موضع واحدٍ فقط.
كما نجدُه ميّالاً إلى مذهبِ الكوفيين، فهو يقدِّمُ آراءَهم في كثيرٍ منَ الأحيانِ على آراءِ البصريينَ، ويعتدُّ بها، بل قد يكتفي بذكرها.
7 – هناك أمرٌ يَلفتُ انتباه المتتبعَ لهذا الكتابِ إذ نجدُ في موضعِ يقولُ: (( وفي الآيةِ دلالةٌ أنَّ صبرَ الخليفةِ على جناياتِ قومِه والتغافلَ عنها جائزٌ لابتغاءِ المصلحةِ، كمنابذتِه ومضاجرتِه إيّاهم، ولذلك يصبرُ خلفاءُ نبيِّنا من آل عباسٍ على قبائحَ هذه الأمَّةِ وافتراقِ أهوائِها )) وكذلك عند حديثِه عن قول الله تعالى: وأَمَرُوا بالمَعْرُوفِ ونَهَوْا عنِ المُنْكَرِ بأنَّ المرادَ هو (( أمَّةُ محمدٍ عليه السلام، وقد اختصَّتْ بها الخلفاءُ الأربعةُ وبنو عمِّه الأئمةُ المهديُّونَ )) ، ولعلَّه يقصدُ به الخلفاءَ العباسيَّينَ، وفي هذا الكلامِ دلالةٌ واضحةٌ على أنَّ مؤلفَ الكتابِ كان يميلُ لخلفاءِ بني عباس، على عكس ما ذُكر في سيرةِِ عبدِ القاهرِ الجرجانيِّ أنَّه كان يكره الحكامَ، ولا يميل إليهم, ويتبرّم منهم.
8 – أوردَ في كثيرٍ من المواضعِ ما يُخالفُ نظريَّةَ النظمِ التي ابتكرَها الجرجانيُّ، فنلاحظُ أنَّه في عددٍ من المواضعِ يقول: (( كذا لوَفقِ رؤوسِ الآيِ ))، وهذا يتعارضُ مع نظريةِ النظمِ، إذ يقولُ في دلائلِ الإعجازِ: (( واعلمْ أنْ ليس النَّظم إلا أنْ تضعَ كلامَكَ الوضعَ الذي يقتضيه علمُ النَّحو، وتعملَ على قوانينِه وأصولِه )). فالتَّقديمُ والتَّأخيرُ، أو تغييرُ التَّركيبِ لوَفقِ رؤوسِ الآي لا يتَّفقُ مع قولِه: (( أنْ تضعَ كلامَكَ الوضعَ الذي يقتضيه علمُ النَّحو )).
وقد يُردُّ على ما سبقَ: أنّ عبدَ القاهرِ الجرجانيَّ ربَّما ألّفَ (( درج الدرر )) في أوّلِ حياتِه العلميةِ قبل أنْ تنضجَ لديهِ فكرةُ نظريَّةِ النظمِ، وكان هذا التفسيرُ بدايةَ طريقِه مع هذه النظريَّةِ، لما تضمَّنَ من أمورٍ بلاغيَّةٍ كثيرةٍ، تدلُّ على بذرةٍ جيّدةٍ لنظريةِ النظمِ، كما أنَّه لم يتتلمذ على أحدٍ سوى أبي الحسين الفارسيِّ، وكان هذا التتلمذُ متأخِّرًا، فقد كان في بداية حياتِه العلميةِ حنفيَّ المذهبِ والاعتقادِ، كوفيًّا نحويًّا، وبعد أنْ نضجَ وتتلمذَ على يدِ أبي الحسينِ الفارسيِّ، وقرأ كتبًا أخرى، جعلته يُغيِّرُ منهجَه الذي يسيرُ عليه إلى منهجٍ آخرَ مختلفٍ تمامًا، نظرًا لسعةِ اطّلاعِه، وسعةِ أفقِه ومداركِه.
9 – ومما تجدرُ الإشارةُ إليه أنَّ المؤلفَ أوردَ خلالَ حديثِه عن اسمِ اللهِ تعالى (البارئ) خلال تفسير الآية 24 من سورةِ الحشرِ يقول: (( وقد استوفينا الكلامَ في الأسماءِ في مفتاحِ الهدى )) ، وقد استبشرتُ خيرًا بهذا فقد ذُكر أنَّ للجرجانيِّ كتابًا هو المفتاحُ، فقلت: إنَّ ضالَّتي قد وُجدت، فبحثتُ عن الكتابِ، وبعد جهدٍ توصَّلت إلى كتابِ للجرجانيِّ اسمُه (( المفتاح في الصرف ))، وبحثتُ فيه عن ذلك فلم أجد شيئًا يدلُّ على ما ذكرَه، ولو بالإشارةِ، فكان المفتاحُ في الصرفِ ليس له عَلاقةٌ في اشتقاقِ بأسماءِ اللهِ من قريبٍ ولا بعيدٍ، كما أنِّي لم أجدْ كتابًا بهذا الاسم فيما لديَّ من مصادرَ يَذكرُ كتابًا اسمه مفتاح الهدى، سواء للجرجاني أو غيره.
وخلالَ بحثي في الكتابِ عن شيءٍ يدلُّ على المؤلَِّفِ في محاولةٍ لمعرفةٍ المؤلِّفِ وجدتُ عبارةً مهمةً وهي: (( قال الأمير )) ، ولعلَّها من أهمِّ العباراتِ التي تشيرُ إلى المؤلِّفِ، إذ قد يكون الأميرُ هو مؤلِّفُ الكتابِ، إذ من المعتادِ في كتبِ القدماءِ أنْ يُذكرَ المؤلفُ باسمِه أو بلقبِه، لأنَّ كثيرًا منهم قد أملى كتابَه إملاءً على تلاميذِه، فقام هؤلاء التلاميذُ بذكرِ أسمائهم فيها، والأمثلةُ على ذلك كثيرةٌ، منها: (( معاني القرآن )) للفراء، والذي تَرِدُ فيه عبارةُ (( قال الفراء )) أو (( حدثنا شيخنا )) .
ونظرًا لأهميَّة هذه العبارة قمتُ بالبحثِ في المصادرِ عمَّن يُلقبُ بالأميرِ من العلماءِ الذين عاشوا في عصرِ المؤلِّفِ في القرنِ الخامسِ، فلم أجدْ سوى الأميرِ العالمِ ابنِ ماكولا، وهو سعد الملك أبو نصر عليّ بن هبة الله بن عليّ بن جعفر، صاحبُ كتابُ (( الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب )) المتوفَّى سنةَ نيّف وسبعين، أو نيّف وثمانين وأربع مئة للهجرةِ، فيكون كما ذكرت، من عصرِ عبدِ القاهرِ الجرجانيِّ، وهو العصرُ الذي رجحتُ أن يكونَ قد كُتبَ فيه الكتابُ.
ورغمَ أنَّ مصادرَ ترجمةِ ابنِ ماكولا ذكرت (( أنَّه كان نحويًّا مجوِّدًا وشاعرًا مبرِّزًا)) لكنِّي لم أقفْ في مصادرِ ترجمتِه على تآليفَ في التفسيرِ، فلم تذكر أنَّه كان له تفسيرٌ أو حتى تفسير سورة واحدة.
كما أنَّه ممَّا يظهرُ من هذا التفسيرِ والأحاديثِ الواردةِ فيها أنَّ صاحبَ التفسيرِ هذا لم تكنْ لديه اهتماماتُ المحدِّثينَ في ضبطِ الأحاديثِ وأسانيدِها والحكمِ عليها، بل نجدُه يستشهدُ بأحاديثَ ضيعفةٍ جدًّا بل موضوعةٍ، وكذلك يهتمَّ بالإسرائيلياتِ والتاريخِ، مما يدفع كونَ مؤلَّفَ الكتابِ هو من أهلِ الحديثِ كما هو معروفٌ عن ابن ماكولا، ودقتِه واحترافِه لهذا الفنِّ، وبخاصَّةٍ أنَّه ألّّف كتابًا في نقد الرجالِ وتاريخِهم وهو كتابُ (( الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب )).
وخلاصة القول: إنَّ كتابَ (( درج الدرر في تفسير القرآن العظيم )) وحسب ما ترجح لديَّ، والله أعلمُ، أنَّ الكتابَ ليس لعبد القاهر الجرجاني، بل هو لغيره، ولم أستطع نسبتَه لغيره، إذ لم توجد علاماتٌ دالّةٌ على ذلك، فهو، في رأيي المتواضع، منسوبٌ له، ويبقى كذلك حتى يتبيّن لي أو لأحدٍ غيري مؤلِّفُ الكتابِ.