أحمد البريدي1
New member
- إنضم
- 02/04/2003
- المشاركات
- 1,318
- مستوى التفاعل
- 2
- النقاط
- 38
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذا بحث في تفسير القرآن بالقرآن وقد تناولته من خلال تسعة محاورٍ هي كالتالي :
1-أهميته .
2-تعريفه .
3-طريقة الوصول إليه .
4-حجيته .
5-مصادره .
6-ما يطلب من المفسر في تفسير القرآن بالقرآن .
7-معتمد الربط بين الآيات .
8-أقسام القرآن من جهة البيان .
9-أوجه تفسير القرآن بالقرآن .
وهذا أوان الشروع بالمقصود والله الموفق .
المحور الأول : أهميته :
لقد تكفل الله سبحانه وتعالى ببيان القران وتفصيله وإيضاحه قال تعالى "وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون " وقال سبحانه " قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون " ، ومن بيان القران ماجاء في القران نفسه إذ أن تفسير القرآن بالقرآن من أصح طرق التفسير كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وقال ابن القيم " وتفسير القرآن بالقرآن من أبلغ التفاسير " ولا عجب في ذلك لأن قائل الكلام هو أدرى بمعانيه وأهدافه ومقاصده من غيره وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم بعض الآيات بآيات أخرى إشارة منه صلى الله عليه وسلم إلى أهمية هذا العلم ونقل عن الصحابة والتابعين وأتباعهم من ذلك الشيء الكثير وفي ذلك دليل على أهمية هذا الطريق من طرق التفسير ولذا لا يجوز الانتقال من هذه المرحلة إلى غيرها إذا صح شيء من ذلك ، فالناظر في القرآن يشاهد أن فيه الإيجاز والإطناب وفيه الإطلاق والتقييد والعام والخاص ولذا كان لزاماً على من أراد أن يخوض غمار التفسير أن يبدأ قبل كل شيء في جمع كل ما تكرر من ذكر الحادثة أو القصة ويقابل الآيات بعضها ببعض ليستعين بما جاء مسهباً على معرفة ما جاء موجزاً ويفهم ما جاء مبهماً بواسطة ما جاء مبيناً وهكذا وبهذا يكون قد فسر القرآن بالقرآن .
2- تعريفه :
لم يعرف هذا المصطلح تعريفاً دقيقاً وكل من عرفه إنما يعرفه بذكر بعض أنواعه كشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله والذي أراه أن تفسير القرآن بالقرآن يمكن تعريفه بتعريف التفسير إذ إنه جزء منه يقيد فيه فقط وبما أ ننا نعرف التفسير بالبيان فتعريف تفسير القرآن بالقرآن .
هو : بيان القرآن بالقرآن .
ثم أنه ينبغي ألا نحصر البيان بالبيان اللفظي فقط فهذا نوع من أنواع البيان بل ينبغي أن نقول إن مقصدنا هو مطلق البيان فمتى استفدنا بيان آيه من آيه أخرى فهو داخل في هذا النوع من التفسير ويدل عليه صنيع من استخدم هذا الطريق كما سيأتي في مبحث معتمد الربط بين الآيات .
3- طريقة الوصول إليه : له طريقان :
الأول :الوحي وله صورتان : 1- ما جاء صريحاً وواضحاً في القرآن نفسه كمثل : " وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب " .
2- ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب . الثاني : الرأي والاجتهاد فقول المفسر هذه الآية تفسرها هذه الآية هو من قبيل الاجتهاد ثم يخضع هذا الاجتهاد للنظر والمناقشة ولا يشكل على ما قلت نقل تفاسيرهم فهذا باب آخر وإنما أقصد أن معتمد ربط المفسر بين الآيتين إنما هو عن طريق الفهم وإعمال الذهن والله أعلم .
4- حجية تفسير القرآن بالقرآن :
أقصد بهذا المبحث أنه هل يعني قولنا إنه أصح طرق التفسير أنه يقبل مطلقاً فربما يفهم أحد من هذه العبارة ذلك والواقع خلاف ذلك إذ لا نقول بحجيته مطلقاً ولا نرده مطلقاً بل له أحوال ترجع إلى من قام بالتفسير :
فإن كان المفسر هو النبي صلى الله عليه وسلم وصح ذلك عنه فهو حجة لأنه وحي قال تعالى "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم "
وإن كان المفسر هو الصحابي فيجري عليه ما يجري في حكم تفسير الصحابي وكذا التابعي لأن تفسير القرآن بالقرآن نوع من التفسير وجزء منه ولذا نجد ابن جرير رحمه الله يخالف مجاهداً عندما فسر قوله تعالى "ثم السبيل يسره " بقوله تعالى "إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً " إذ قال وأولى التأويلين بالصواب قول من قال ثم الطريق وهو الخروج من بطن أمه يسره .....لأنه أشبهها بظاهر الآية(1) .
5- مصادر تفسير القرآن بالقرآن :
عند التأمل يظهر أن لتفسير القرآن بالقرآن أربعة مصادر :
الأول : التفسير النبوي : وهو أعلى مصادر تفسير القرآن بالقرآن ومن أمثلته :
1-ما رواه البخاري في كتاب تفسير القرآن (5/ 193) ورواه مسلم (1/114) برقم (197) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : لما نزلت : "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " [الأنعام:82] شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : أينا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه : يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم " [لقمان :13]
قال الزركشي: فحمل النبي صلى الله عليه وسلم الظلم ههنا على الشرك لمقابلته بالأيمان واستأنس عليه بقول لقمان .(1)
2-ما رواه البخاري في كتاب تفسير القران (5/ 146 ) من حديث أبي سعيد بن المعلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقران العظيم الذي اوتيته ".
وفيه إشارة إلى آية الحجر المكية " ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقران العظيم " .
3-ما رواه الإمام البخاري في مواضع أخرجها في كتاب التفسير (6/ 21) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم :
"مفاتح الغيب خمس ثم قرأ : إن الله عنده علم الساعة ....
في هذا الحديث تفسير لآية الأنعام " وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو " بآية لقمان " إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي ارض تموت "
4-ما رواه ابن جرير في تفسيره (30/ 69 ) من حديث النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم "وإذا النفوس زوجت " قال: الغرباء كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون عمله وذلك أن الله يقول " وكنتم أزواجاً ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون " .
وبهذا يكتسب تفسير القرآن بالقرآن التأصيل العلمي وأنه من أهم مصادر تفسير القرآن بالقرآن .
الثاني : ما ذكر عن الصحابة من ذلك وهم في المرتبة الثانية ومن أمثلته :
1-ما رواه ابن جرير بإسناده (30/ 69 ) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه " وإذا النفوس زوجت " قال هم الرجلان يعملان العمل فيدخلان به الجنة وقال : "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم " قال : ضرباءهم
وفي رواية فسرها بآية " وكنتم أزواجاً ثلاثة .......
قال ابن جرير بعد ذكره للقولين في المسألة : وأولى التأويلين في ذلك بالصحة الذي تأوله عمر بن الخطاب رضي الله عنه للعلة التي أعتل بها ......وذلك لاشك الأمثال والأشكال في الخير والشر وكذلك قوله " وإذا النفوس زوجت " بالقرناء والأمثال في الخير والشر .
2-ما رواه ابن جرير بإسناده (30/ 130 ) عن الحسن بن علي رضي الله عنه أنه سئل عن قوله تعالى " وشاهد ومشهود " فقال : الشاهد محمد ثم قرأ "فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً "
والمشهود يوم القيامة ثم قرأ " ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود " .
3-ما رواه ابن جرير بإسناده عن ابن عباس (30/ 41 ) في تفسير قوله تعالى " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " قال : أما الأولى فحين قال : " ما علمت لكم من إله غيري " وأما الآخرة فحين قال:" أنا ربكم الأعلى "
وابن عباس رضي الله عنه هو أشهر من استعمل هذا الطريق من الصحابة ونقل عنه من ذلك كثير انظر على سبيل المثال في تفسير ابن جرير الجزء الأول الصفحات التالية 68- 154- 186- 276- 282 – 354- 490 –524-526 –
وفي الجزء الثلاثين الصفحات التالية: 130-178-259-286-308
4-ما رواه ابن جرير بإسناده عن سعد بن أبي وقاص (1/476) عن القاسم قال: سمعت سعد بن أبي وقاص يقول : " ما ننسخ من آية أو تنسها " قلت له : فإن سعيد بن المسيب يقرؤها " أو ننسها " فقال سعد : إن القرآن لم ينزل على المسيب ولا على آل المسيب ، قال الله : " سنقرئك فلا تنسى " " واذكر ربك إذا نسيت "
5-مارواه ابن جرير بإسناده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (1/186) في قوله تعالى: " أمتنا اثنتين واحييتنا اثنتين " قال : هي كالتي في البقرة : " كنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم "
ولعلي أدع ذكر الرابط بين الآيات في هذه الأمثلة ليعمل فيها القارئ ذهنه والله أعلم .
الثالث : التابعون وأتباعهم وهم في المرتبة الثالثة .
وقد ورد عنهم من ذلك شئ كثير وأكتفي بذكر مثال واحد عن الإمام مجاهد رواه ابن جرير في تفسيره (30/100) في قوله " كلا بل ران على قلوبهم ماكانوا يكسبون " قال الرجل يذنب الذنب فيحيط الذنب بقلبه ، حتى تغشى الذنوب عليه قال مجاهد : مثل الآية التي في سورة البقرة " بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئة فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "
1-وانظر عن مجاهد كذلك : تفسير ابن جرير 1/ 186 – 244 – 525- 526- 571
2-قتادة انظر :30 / 3 – 34 – 111 – 597
3-عكرمة انظر: 30 / 131- 521 – 525
4-الضحاك : 30 / 186
5-الحسن البصري : 1 / 48 – 245- وفي 30 / 31-248
6-الربيع بن أنس : 1/ 115 – 177 – 241 – 526
7-محمد بن إسحاق : 1/ 225
8-السدي : 1/ 227 – 235-277 – 286- 331
9-ابو العالية : 1/ 241 – 244
10-ابن جريج : 1/ 250- 276
11-قيس بن سعد : 1/ 520
12-عطاء : 1/ 387
13-محمد بن كعب القرظي : 30 / 350
14-عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : 1/ 122- 187- 243- 249 – 251-261- 265 – 278- 285 – 288 – 371 – 404 – 407 – 557 – 569- وفي 30/ 5- 21 – 23 – 34 – 39 – 47 – 55 – 60 – 116- 149 – 166 – 174 – 201 – 279 – 283 – 309 .
وهو أشهر من نقل عنه هذا النوع من المتقدمين .
15-الكلبي : 30 / 68
16-شمر بن عطية : 30 / 68
17-سفيان الثوري انظر تفسيره في الصفحات التالية : 43-78- 99 – 147 – 226 – 239 – 248
18-سفيان ابن عيينة انظر تفسيره في الصفحات التالية : 253- 293- 307 – 314 – 320 .
19-ابو صالح : انظر تفسير ابن جرير : 1/ 525
الرابع : المدونون في التفسير الذين اعتمدوا هذا الطريق :
أكثر من كتب في التفسير اعتمد هذا الطريق فمن مقل ومستكثر لكن أشهر من اعتمده من المتقدمين ابن جرير الطبري رحمه الله .
وكذلك ابن كثير رحمه الله وهذا يتبين للناظر في تفسيره من أول وهلة حتى قل أن تجد صفحة ليس فيها عبارة : وهو كقوله تعالى
ولذا قال أحمد شاكر في مقدمة عمدة التفسير : حافظت كل المحافظة على الميزة الأولى لتفسير ابن كثير الميزة التي انفرد بها عن جميع التفاسير التي رأيناها وهي تفسير القرآن بالقرآن فلم أحذف شيئاً مما قاله المؤلف الإمام في ذلك .
وقد خصه بعضهم بالتأليف كالأمير الصنعاني واسم كتابه : مفاتيح الرضوان في تفسير القرآن بالقرآن .
والشنقيطي في كتابه : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن وقد وضع مقدمة نافعة في هذا الباب .
وعبد الكريم الخطيب في كتابه : التفسير القرآني للقرآن .
يتبع ان شاء الله بقية البحث .
فهذا بحث في تفسير القرآن بالقرآن وقد تناولته من خلال تسعة محاورٍ هي كالتالي :
1-أهميته .
2-تعريفه .
3-طريقة الوصول إليه .
4-حجيته .
5-مصادره .
6-ما يطلب من المفسر في تفسير القرآن بالقرآن .
7-معتمد الربط بين الآيات .
8-أقسام القرآن من جهة البيان .
9-أوجه تفسير القرآن بالقرآن .
وهذا أوان الشروع بالمقصود والله الموفق .
المحور الأول : أهميته :
لقد تكفل الله سبحانه وتعالى ببيان القران وتفصيله وإيضاحه قال تعالى "وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون " وقال سبحانه " قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون " ، ومن بيان القران ماجاء في القران نفسه إذ أن تفسير القرآن بالقرآن من أصح طرق التفسير كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وقال ابن القيم " وتفسير القرآن بالقرآن من أبلغ التفاسير " ولا عجب في ذلك لأن قائل الكلام هو أدرى بمعانيه وأهدافه ومقاصده من غيره وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم بعض الآيات بآيات أخرى إشارة منه صلى الله عليه وسلم إلى أهمية هذا العلم ونقل عن الصحابة والتابعين وأتباعهم من ذلك الشيء الكثير وفي ذلك دليل على أهمية هذا الطريق من طرق التفسير ولذا لا يجوز الانتقال من هذه المرحلة إلى غيرها إذا صح شيء من ذلك ، فالناظر في القرآن يشاهد أن فيه الإيجاز والإطناب وفيه الإطلاق والتقييد والعام والخاص ولذا كان لزاماً على من أراد أن يخوض غمار التفسير أن يبدأ قبل كل شيء في جمع كل ما تكرر من ذكر الحادثة أو القصة ويقابل الآيات بعضها ببعض ليستعين بما جاء مسهباً على معرفة ما جاء موجزاً ويفهم ما جاء مبهماً بواسطة ما جاء مبيناً وهكذا وبهذا يكون قد فسر القرآن بالقرآن .
2- تعريفه :
لم يعرف هذا المصطلح تعريفاً دقيقاً وكل من عرفه إنما يعرفه بذكر بعض أنواعه كشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله والذي أراه أن تفسير القرآن بالقرآن يمكن تعريفه بتعريف التفسير إذ إنه جزء منه يقيد فيه فقط وبما أ ننا نعرف التفسير بالبيان فتعريف تفسير القرآن بالقرآن .
هو : بيان القرآن بالقرآن .
ثم أنه ينبغي ألا نحصر البيان بالبيان اللفظي فقط فهذا نوع من أنواع البيان بل ينبغي أن نقول إن مقصدنا هو مطلق البيان فمتى استفدنا بيان آيه من آيه أخرى فهو داخل في هذا النوع من التفسير ويدل عليه صنيع من استخدم هذا الطريق كما سيأتي في مبحث معتمد الربط بين الآيات .
3- طريقة الوصول إليه : له طريقان :
الأول :الوحي وله صورتان : 1- ما جاء صريحاً وواضحاً في القرآن نفسه كمثل : " وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب " .
2- ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب . الثاني : الرأي والاجتهاد فقول المفسر هذه الآية تفسرها هذه الآية هو من قبيل الاجتهاد ثم يخضع هذا الاجتهاد للنظر والمناقشة ولا يشكل على ما قلت نقل تفاسيرهم فهذا باب آخر وإنما أقصد أن معتمد ربط المفسر بين الآيتين إنما هو عن طريق الفهم وإعمال الذهن والله أعلم .
4- حجية تفسير القرآن بالقرآن :
أقصد بهذا المبحث أنه هل يعني قولنا إنه أصح طرق التفسير أنه يقبل مطلقاً فربما يفهم أحد من هذه العبارة ذلك والواقع خلاف ذلك إذ لا نقول بحجيته مطلقاً ولا نرده مطلقاً بل له أحوال ترجع إلى من قام بالتفسير :
فإن كان المفسر هو النبي صلى الله عليه وسلم وصح ذلك عنه فهو حجة لأنه وحي قال تعالى "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم "
وإن كان المفسر هو الصحابي فيجري عليه ما يجري في حكم تفسير الصحابي وكذا التابعي لأن تفسير القرآن بالقرآن نوع من التفسير وجزء منه ولذا نجد ابن جرير رحمه الله يخالف مجاهداً عندما فسر قوله تعالى "ثم السبيل يسره " بقوله تعالى "إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً " إذ قال وأولى التأويلين بالصواب قول من قال ثم الطريق وهو الخروج من بطن أمه يسره .....لأنه أشبهها بظاهر الآية(1) .
5- مصادر تفسير القرآن بالقرآن :
عند التأمل يظهر أن لتفسير القرآن بالقرآن أربعة مصادر :
الأول : التفسير النبوي : وهو أعلى مصادر تفسير القرآن بالقرآن ومن أمثلته :
1-ما رواه البخاري في كتاب تفسير القرآن (5/ 193) ورواه مسلم (1/114) برقم (197) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : لما نزلت : "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " [الأنعام:82] شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : أينا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه : يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم " [لقمان :13]
قال الزركشي: فحمل النبي صلى الله عليه وسلم الظلم ههنا على الشرك لمقابلته بالأيمان واستأنس عليه بقول لقمان .(1)
2-ما رواه البخاري في كتاب تفسير القران (5/ 146 ) من حديث أبي سعيد بن المعلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقران العظيم الذي اوتيته ".
وفيه إشارة إلى آية الحجر المكية " ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقران العظيم " .
3-ما رواه الإمام البخاري في مواضع أخرجها في كتاب التفسير (6/ 21) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم :
"مفاتح الغيب خمس ثم قرأ : إن الله عنده علم الساعة ....
في هذا الحديث تفسير لآية الأنعام " وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو " بآية لقمان " إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي ارض تموت "
4-ما رواه ابن جرير في تفسيره (30/ 69 ) من حديث النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم "وإذا النفوس زوجت " قال: الغرباء كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون عمله وذلك أن الله يقول " وكنتم أزواجاً ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون " .
وبهذا يكتسب تفسير القرآن بالقرآن التأصيل العلمي وأنه من أهم مصادر تفسير القرآن بالقرآن .
الثاني : ما ذكر عن الصحابة من ذلك وهم في المرتبة الثانية ومن أمثلته :
1-ما رواه ابن جرير بإسناده (30/ 69 ) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه " وإذا النفوس زوجت " قال هم الرجلان يعملان العمل فيدخلان به الجنة وقال : "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم " قال : ضرباءهم
وفي رواية فسرها بآية " وكنتم أزواجاً ثلاثة .......
قال ابن جرير بعد ذكره للقولين في المسألة : وأولى التأويلين في ذلك بالصحة الذي تأوله عمر بن الخطاب رضي الله عنه للعلة التي أعتل بها ......وذلك لاشك الأمثال والأشكال في الخير والشر وكذلك قوله " وإذا النفوس زوجت " بالقرناء والأمثال في الخير والشر .
2-ما رواه ابن جرير بإسناده (30/ 130 ) عن الحسن بن علي رضي الله عنه أنه سئل عن قوله تعالى " وشاهد ومشهود " فقال : الشاهد محمد ثم قرأ "فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً "
والمشهود يوم القيامة ثم قرأ " ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود " .
3-ما رواه ابن جرير بإسناده عن ابن عباس (30/ 41 ) في تفسير قوله تعالى " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " قال : أما الأولى فحين قال : " ما علمت لكم من إله غيري " وأما الآخرة فحين قال:" أنا ربكم الأعلى "
وابن عباس رضي الله عنه هو أشهر من استعمل هذا الطريق من الصحابة ونقل عنه من ذلك كثير انظر على سبيل المثال في تفسير ابن جرير الجزء الأول الصفحات التالية 68- 154- 186- 276- 282 – 354- 490 –524-526 –
وفي الجزء الثلاثين الصفحات التالية: 130-178-259-286-308
4-ما رواه ابن جرير بإسناده عن سعد بن أبي وقاص (1/476) عن القاسم قال: سمعت سعد بن أبي وقاص يقول : " ما ننسخ من آية أو تنسها " قلت له : فإن سعيد بن المسيب يقرؤها " أو ننسها " فقال سعد : إن القرآن لم ينزل على المسيب ولا على آل المسيب ، قال الله : " سنقرئك فلا تنسى " " واذكر ربك إذا نسيت "
5-مارواه ابن جرير بإسناده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (1/186) في قوله تعالى: " أمتنا اثنتين واحييتنا اثنتين " قال : هي كالتي في البقرة : " كنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم "
ولعلي أدع ذكر الرابط بين الآيات في هذه الأمثلة ليعمل فيها القارئ ذهنه والله أعلم .
الثالث : التابعون وأتباعهم وهم في المرتبة الثالثة .
وقد ورد عنهم من ذلك شئ كثير وأكتفي بذكر مثال واحد عن الإمام مجاهد رواه ابن جرير في تفسيره (30/100) في قوله " كلا بل ران على قلوبهم ماكانوا يكسبون " قال الرجل يذنب الذنب فيحيط الذنب بقلبه ، حتى تغشى الذنوب عليه قال مجاهد : مثل الآية التي في سورة البقرة " بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئة فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "
1-وانظر عن مجاهد كذلك : تفسير ابن جرير 1/ 186 – 244 – 525- 526- 571
2-قتادة انظر :30 / 3 – 34 – 111 – 597
3-عكرمة انظر: 30 / 131- 521 – 525
4-الضحاك : 30 / 186
5-الحسن البصري : 1 / 48 – 245- وفي 30 / 31-248
6-الربيع بن أنس : 1/ 115 – 177 – 241 – 526
7-محمد بن إسحاق : 1/ 225
8-السدي : 1/ 227 – 235-277 – 286- 331
9-ابو العالية : 1/ 241 – 244
10-ابن جريج : 1/ 250- 276
11-قيس بن سعد : 1/ 520
12-عطاء : 1/ 387
13-محمد بن كعب القرظي : 30 / 350
14-عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : 1/ 122- 187- 243- 249 – 251-261- 265 – 278- 285 – 288 – 371 – 404 – 407 – 557 – 569- وفي 30/ 5- 21 – 23 – 34 – 39 – 47 – 55 – 60 – 116- 149 – 166 – 174 – 201 – 279 – 283 – 309 .
وهو أشهر من نقل عنه هذا النوع من المتقدمين .
15-الكلبي : 30 / 68
16-شمر بن عطية : 30 / 68
17-سفيان الثوري انظر تفسيره في الصفحات التالية : 43-78- 99 – 147 – 226 – 239 – 248
18-سفيان ابن عيينة انظر تفسيره في الصفحات التالية : 253- 293- 307 – 314 – 320 .
19-ابو صالح : انظر تفسير ابن جرير : 1/ 525
الرابع : المدونون في التفسير الذين اعتمدوا هذا الطريق :
أكثر من كتب في التفسير اعتمد هذا الطريق فمن مقل ومستكثر لكن أشهر من اعتمده من المتقدمين ابن جرير الطبري رحمه الله .
وكذلك ابن كثير رحمه الله وهذا يتبين للناظر في تفسيره من أول وهلة حتى قل أن تجد صفحة ليس فيها عبارة : وهو كقوله تعالى
ولذا قال أحمد شاكر في مقدمة عمدة التفسير : حافظت كل المحافظة على الميزة الأولى لتفسير ابن كثير الميزة التي انفرد بها عن جميع التفاسير التي رأيناها وهي تفسير القرآن بالقرآن فلم أحذف شيئاً مما قاله المؤلف الإمام في ذلك .
وقد خصه بعضهم بالتأليف كالأمير الصنعاني واسم كتابه : مفاتيح الرضوان في تفسير القرآن بالقرآن .
والشنقيطي في كتابه : أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن وقد وضع مقدمة نافعة في هذا الباب .
وعبد الكريم الخطيب في كتابه : التفسير القرآني للقرآن .
يتبع ان شاء الله بقية البحث .