تفسير "إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ" تفسيرا يرفع اللبس

إنضم
22/03/2012
المشاركات
288
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
القاهرة
يدور لغط كثير حول قول تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [الحج: 52]، لكن التفسير الذي ورد في كتاب "مفاهيم إسلامية، مقالات وفتاوى الشيخ يوسف الدجوي عضو جماعة كبار العلماء"، ص67-69، المجلد الثاني، من مطبوعات مجمع البحوث الإسلامية، ط1402هـ،1982م- أراه يرفعه كله، وهاكه بعد أن وقف الكاتب قبله مع ما يثار حول الآية.
تفسير الآية على سبيل الإجمال:
المراد من الآية على سبيل الاختصار أن الله تعالى ما أرسل رسولًا من الرسل ولا بعث نبيا من الأنبياء إلى أمة من الأمم إلا وذلك الرسول يتمنى الإيمان لأمته، ويحبه لهم ويرغب فيه، ويحرص عليه كل الحرص، ويعالجهم عليه أشد المعالجة. وفي جملتهم نبينا
2993alsh3er.gif
الذي قال له الرب سبحانه وتعالى:
"فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًاوقال تعالى: "وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَوقال تعالى: "أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَوقال تعالى: "فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ" إلى غير ذلك من الآيات المتضمنة لهذا المعنى.

ثم الأمة تختلف كما قال تعالى: "وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ" فأما من كفر فقد ألقى الشيطان في نفسه الوساوس القادحة في الرسالة الموجبة لكفره. وكذا المؤمن أيضًا لا يخلو من وساوس؛ لأنها لازمة للإيمان بالغيب في الغالب، وإن كانت تختلف في الناس بالشدة والضعف والقلة والكثرة.
فمعنى (تمنى) أنه يتمنى الإيمان لأمته، ويحب لهم الخير والرشد والصلاح والنجاح، فهذه أمنية كل رسول ونبي. وإلقاء الشيطان فيها يكون بما يلقيه في قلوب أمة الدعوة من الوساوس الموجبة لكفر بعضهم، ويرحم الله المؤمنين فينسخ ذلك من قلوبهم، ويحكم فيهم الآيات الدالة على الوحدانية والرسالة، ويبقي ذلك عز وجل في قلوب المنافقين والكافرين ليفتتنوا به. فتحصل من هذا أن الوساوس تلقى أولًا في قلوب الفريقين معًا، غير أنها لا تدوم على المؤمنين وتدوم على الكافرين.
وصفوة القول أن التفسير الصحيح لهذه الآية هو الذي يجمع بين أمور ثلاثة: العموم الذي في أولها، والتعليل الذي في آخرها من قوله تعالى: "لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ"، "وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ"، مع كونه يعطي للرسالة حقها.
 
الفاضل : فريد
جزاك الله خيرا وأحسن إليك ، وأريد أن أزيد الموضوع وضوحا :
جاء في : (الوسيط في تفسير القرآن الكريم) لطنطاوي (ت: 1431هـ):" قال الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآيات: قد ذكر كثير من المفسرين ها هنا قصة الغرانيق، وما كان من رجوع كثير من المهاجرين إلى أرض الحبشة، ظنا منهم أن مشركي قريش قد أسلموا. ولكنها من طرق كلها مرسلة، ولم أرها مسندة من وجه صحيح.
... ولفظ { تَمَنَّىٰ } هنا: فسره العلماء بتفسيرين:
أولهما: أنه من التَّمَنِّي، بمعنى محبة الشيء، وشدة الرغبة في الحصول عليه، ومفعول " ألقى " محذوف والمراد بإلقاء الشيطان في أمنيته : محاولته صرف الناس عن دعوة الحق، عن طريق إلقاء الأباطيل فى نفوسهم، وتثبيتهم على ما هم فيه من ضلال.
والمعنى: وما أرسلنا من قبلك - يا محمد - من رسول ولا نبي، إلا إذا تمنى هداية قومه إلى الدين الحق الذي جاءهم به من عند ربه، ألقى الشيطان الوساوس والشبهات في طريق أمنيته لكي لا تتحقق هذه الأمنية، بأن يوهم الشيطان الناس بأن هذا الرسول أو النبي ساحر أو مجنون، أو غير ذلك من الصفات القبيحة التي برأ الله - تعالى - منها رسله وأنبياءه.
...أما التفسير الثانى للفظ { تَمَنَّىٰ } فهو أنه بمعنى قرأ وتلا. ومنه قول حسان بن ثابت، في رثاء عثمان بن عفان رضي الله عنه:
تمنى كتاب الله أول لَيْلِهِ .................وآخره لاقى حمام المقادر
أي: قرأ وتلا كتاب الله في أول الليل. وفى آخر الليل وافاه أجله.
ومفعول { أَلْقَى } على هذا المعنى محذوف - أيضا - والمراد بما يلقيه الشيطان في قراءته: ما يلقيه في معناها من أكاذيب وأباطيل، ليصد الناس عن اتباع ما يقرؤه الرسول وما يتلوه، وليس المراد أنه يُلقي فيها ما ليس منها بالزيادة أو بالنقص، فإن ذلك محال بالنسبة لكتاب الله - تعالى - الذي تكفل - سبحانه - بحفظه فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9
والمعنى: وما أرسلنا من قبلك - أيها الرسول الكريم - من رسول ولا نبي إلا إذا قرأ شيئا مما أنزلناه عليه، ألقى الشيطان في معنى قراءته الشبه والأباطيل، ليصد الناس عن اتباع ما يتلوه عليهم هذا الرسول أو النبي.
...والآية الكريمة { لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي ٱلشَّيْطَانُ } على هذا التفسير - أيضا - واضحة المعنى، إذ المرادُ بما يُلقيه الشيطان في قراءة الرسول أو النبي، تلك الشبه والأباطيل التي يلقيها في عقول الضالين، فيجعلهم يؤولونها تأويلا سقيما ويفهمونها فهما خاطئا."
 
جزاكما الله خيراً
وحديث الغريق خرج طرقه وبين بطلانه الإمام الألباني في كتاب له بعنوان ( نصب المنجنيق لنسف قصة الغرانيق )
 
عودة
أعلى