تفسير آية من كتاب الله تعالى

ابن العربي

New member
إنضم
05/02/2004
المشاركات
58
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
تفسير آية من كتاب الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
فقد أثار موضوع ممكن فتوى والذي نقل فيه الأخ الفاضل بعض ما جاء في ذلك الموقع ورد الأخوان الرد الشافي الكافي ولكن أنا أحب هذا الملتقى ومن فيه ولذلك حبيت أن أفسر لكم الآية الكريمة التي استشهدت بها الأخت على كلامها :
وهي قوله تعالى : (( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ))
قوله : ( وإذ قلنا ) الواو حرف عطف على ما تقدم من مفردات القصة وأحداثها ، ( وإذ) ظرف لما مضى من الزمان وهي هنا بمعنى حين ، ومتعلقها ( اذكر ) واذكر إذ قال الله للملائكة .
(( وإذ قلنا للملائكة )) أي إذ أمرنا الملائكة ، والمراد بالملائكة جنس الملائكة وهم عباد الله المكرمين خلقوا من نور ، وأفضلهم جبريل عليه السلام ، والله تعالى خلق الأرض أولاً ثم خلق السماء ، وخلق للسماء خلقاً وأسكنهم فيها وجعلهم مطهرين لا يعصونه ؛ لأنهم مقربون منه ، وهم الملائكة ثم خلق للأرض خلقاً وأسكنهم فيها وهم الجن ، ولكن الجن أفسدوا فيها وسفكوا الدماء ، وقتل بعضهم بعضاً ، فأراد الله تعالى أن يطهر الأرض منهم ، ويخلق خلقاً أكرم منهم فبعث الله إليهم الملائكة فقاتلتهم ، وطردتهم إلى أطراف الأرض ، وقمم الجبال . قال ابن عباس رضي الله عنهما ( فلما طردهم قال عز وجل للملائكة " إني جاعل في الأرض خليفة " بدل من هؤلاء الذين أفسدوا . والخليفة هو من يخلف غيره فقال : " إني جاعل في الأرض خليفة " أي بدل الجن المفسدين فخلق الله تعالى آدم من طين ليحل محل الجن ، والجن المخلوقين قبل آدم أبوهم ( الجان ) كما ورد في سورة الحجر فقال تعالى " والجان خلقناه " والجان اسم مفرد ولذلك قال " خلقناه" بضمير المفرد والمادة التي خلق منها الجان هي المارج وهو لهب النار ولسانها المختلط فإذا نظرت إلى لسان النار تجده أحمر ، وأخضر ، وأصفر ، وأزرق فهي ألوان مختلط بعضها ببعض ؛ فلما كان هذا أصل خلقتهم من لسان النار صار لهم القدرة على التشكل . قوله (( اسجدوا لآدم )) آدم أبو البشر وهو اسم أعجمي معرب . قوله :( فسجدوا ) أي الملائكة والفاء الدالة على سرعة المبادرة والامتثال . قوله ( إلا إبليس ) (إلا ) أداة استثناء منقطع من غير جنس المستثنى منه كقولنا : قام القوم إلا حصان ، فهذا مستثنى منقطع ؛ لأن الحصان ليس من جنس القوم فتكون ( إلا ) في الآية بمعنى (لا ) وبذلك يكون إبليس ليس من الملائكة ، قال تعالى : " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه " فرتب الفسوق على كونه من الجن لكن كفر هو وذريته ، وذرية إبليس هم الشياطين ، والشياطين كلهم كفرة . أما الجن فمنهم المؤمن ، ومنهم الكافر ، ومنهم الفاسق . ويغلب عليهم الفسق ، أما إبليس فهو كافر أصله ونسله ؛ لأن الله تعالى طرده وأبلسه ، والإبلاس هو الانقطاع . ولا يعرف كيف تتناسل ذريته ولكن الله أخبر أن له ذرية ، وإذا أطلق لفظ شيطان أو شياطين فهي علماً على إبليس وذريته ، وإن كانت لفظة الشياطين في اللغة العربية تطلق على كل من فارق أصله سواء كان إنسان ، أو جن ، أو حيوان يسمى شيطان أما إذا أطلقت كلمة شيطان فالمراد بها إبليس وذريته . قوله ( أبى وأستكبر وكان من الكافرين ) الواو في الآية واو الحال أي الذي جعله يأبى ويستكبر كونه من الكافرين فليس غريباً عليه أن يأبى ويستكبر ( وكان من الكافرين ) ولم يقل : ( وكان كافرا ) وهذا فيه دليل على أن إبليس فيه جميع صفات الكافرين ( وكان من الكافرين ) أبلغ من قوله ( وكان كافرا ) ؛ لأن فيها مبالغة لقوة التزامه لمذهب الكافرين .
والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد

ينظر إلى تفسير الضوء المنير على التفسير لابن القيم ، سورة البقرة ، والأعراف ، والأحقاف ، والجن . ففيها كلام نفيس في هذا الجانب ، وينظر أيضاً إلى تهذيب التفسير وتجريد التأويل لعبد القادر شيبة الحمد ج1 ص 96 وما بعدها .
 
عودة
أعلى