التفريغ :
طبعاً قرأتم أنتم .. طيب نبدأ اليوم في الاستعاذة والكلام عليها ثم بعدها نفتح المجال للإضافات .. لإضافة ما لم يذكر .
يقول الله سبحانه وتعالى : ( فإذا قرأت القران فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) .
ويقول : ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه هو السميع العليم ) .
الاستعاذة تنقسم إلى قسمين : استعاذة كاملة واستعاذة مجزئة .
الاستعاذة الكاملة : هي ما توفرت فيها الأركان الثلاثة بزيادة الأوصاف .
وأركان الاستعاذة ثلاثة : مستعاذ به وهو الله . مستعاذ منه وهو الشيطان . ومستعيذ وهو القارئ.
والمجزئة : هي ما اقتصر فيها على الأركان . مثال على الاستعاذة الكاملة : أن تقول أعوذ بالله السميع العليم – فقد ذكرت المستعاذ به و وصفته بالسمع والعلم – من الشيطان الرجيم – وذكرت المستعاذ منه و وصفته بأنه رجيم .
أما المجزئة : فهي التي تقتصر فيها على أركان الاستعاذة : أعوذ بالله من الشيطان . فمن قال : أعوذ بالله من الشيطان أجزأته . لكن من قال : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم . فهذه أكمل . وقد ورد في السنة صور أو صيغ من الاستعاذة الكاملة منها قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( أعوذ بالله العظيم بوجه الله الكريم وسلطان الله القدير من شر الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه )) ومنها قوله : (( أعوذ بالله ذي الشأن عظيم السلطان شديد البرهان قوي الأركان من شر الشيطان )) وكل ما زاد وصفك للمستعاذ به وهو الله ؛ كلما كان ذلك أدعى لعونك .
نعم .. إذًا هذه أركان الاستعاذة وتعريفها وأقسامها .
الاستعاذة ورد الأمر بها و ورد الخبر عنها , ورد الأمر بها في القران ( فاستعذ بالله )
وورد الخبر عنها في القران (( قالت إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم () فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتاً حسناً وكفلها زكريا )) :
فتقبلها ربها بقبول حسن ..
وأنبتها نباتاً حسناً ..
وكفلها زكريا ..
هذه الأمور الثلاث نتيجة للاستعاذة يعني لو لم تستعذ لما حصل قبول ، ولا إنبات حسن ، ولا كفالة. فعلم أن الشيطان يؤثر في هذه , يؤثر في القبول فيوضع البغضاء للإنسان بسبب الشيطان ليست لذاته ، وإنما للشيطان المقارن له ، وأيضاً ينبت نباتاً سيئاً ؛ فيصاب بأمراض ومشاكل وهذه ليست منه ، وإنما للشيطان الذي معه . ويصعب عليه رزقه ، وليس منه ، وانما من الشيطان الذي معه . فمن لزم الاستعاذة وضع له القبول ، وأنبت نباتاً حسناً ، وتيسرت له أسباب رزقه ؛ هذه من فضائل الاستعاذة .
طيب نأتي لمعاني الاستعاذة كلمة أعوذ مشتقة من العوذ ، والعوذ ما هو ؟
طالب : الالتجاء .
الشيخ : الالتجاء . لكن أي نوع من الالتجاء ؟
الالتجاء ينقسم إلى قسمين ما هما ؟ التجاء لطلب نفع والتجاء لدفع ضر
الالتجاء لطلب النفع يسمى : اللوذ . والالتجاء لدفع الضر يسمى : العوذ .
فالاستعاذة هي التجاء لدفع الضر وهي التجاء الخائف .
وأما الالتجاء لجلب النفع فهو اللوذ وهي التجاء الراجي .
وقد يجتمعان معاً خوفا من جهة وطمعاً من جهة ، ولابد منهما بل لا ينفكان ، وكل عوذ متضمن لوذًأ ، وكل لوذ متضمن عوذًأ .
فإذا قلت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . فقد استعذت وقد لذت . استعذت من ماذا ؟ من الشيطان , ولذت بماذا ؟ بالله . وكذلك اذا طلبت اللوذ فقد لذت وأعذت .
لكن الفرق بين الأمرين .. الفرق بين العوذ واللوذ ما هو ؟
دليل اللوذ حديث النبي صلى الله عليه وسلم والعوذ أيضا , فيه يعوذ عائذ بالبيت حديث المهدي المنتظر يعوذ عائذ بالبيت فيخرج له جيش من قبل الشام فإذا كان بالبيداء بين مكة والمدينة خسف به وفي رواية خسف بأولهم وآخرهم هذا في يعوذ عائذ ...
لكن اللائذ الذي يلوذ هذا لم يرد حسب علمي فيه صيغة معينة للوذ يعني يلوذ بكذا ، لكن وردت أعوذ ، وأصبح اللوذ مضمناً للعوذ ، وتقديم العوذ على اللوذ من باب تقديم الخوف على الطمع . تقديم الخوف على الرجاء ، وهذا ديدن الصالحين (( ولمن خاف مقام ربه جنتان )), (( والذين يخشون ربهم بالغيب)) إلى غير ذلك
(( يدعوننا رغباً ورهباً ))
ولأن الشيطان عدو فخوفك منه أولى من الأمن ، ولذلك تقول العرب : الخوف خير من الود . هذا مثل عربي الخوف خير .. ما معنى هذا المثل ؟
يعني أن تخاف إبليس أحسن أو تصادقه : تصاحبه ؟ لأنك إذا صاحبته لا تأمن مكره ، وإذا خفت منه هربت منه وأمنت مكره , الخوف خير من الود .
لكن الخوف من غير الله نقص ، والخوف إذا كان مما يبعد عن الله كان عبادة ؛ كالخوف من الشيطان ، والخوف من النفس ، والخوف من الدنيا أن تضره في دينه هذا خوف على الدين وهو من باب الحرص .
أما الخوف على النفس أو الخوف على المال أو الخوف على العرض فهذا فطرة فطر الناس عليها ( فأوجس في نفسه خيفة موسى )) كما قال تعالى (( قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى ) وهذا الخوف الطبيعي من العدو الطبيعي يعاذ بالله منه أيضاً .
وهذا الخوف : إما أن يكون من محسوس ملموس أو أن يكون معنى من موجود غير مرئي .
إما أن يكون من عدو مرئي أو تجده أمامك كشخص يريد أن يقتلك بسيف أو سكين أو يكون من عدو لا تراه ؛ مثل : إبليس فخوفك من هذا أقوى أو خوفك من هذا أيهما أدعى للخوف الأكثر ؟ أن تخاف من عدو تراه ويراك أو من عدو يراك ولا تراه ؟ الذي لا تراه لأنه ممكن يهجم عليك في أي وقت ، وأنت لا تراه ، وقد توعد وتهدد لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم يعني يأتيك من كل جهة إلا من جهة العلو
فلا ينزل الشيطان من أعلى ، والسبب أن الله عز وجل يقول (( سبح اسم ربك الأعلى )) , والشيطان قال له (( اهبط منها مذموماً )) , قال له (( اخرج منها مذموما )) , فالجهة العلوية لله سبحانه وتعالى ، ولله المثل الأعلى.. الشيطان لا يأتي منها ، لكن ممكن يأتي من أسفل ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي ) .
الشيطان إن جاء من أمامك أو جاء من خلفك أو جاء عن يمينك أو جاء عن شمالك جاء موسوساً , أما إن جاء من أسفل جاء ضاراً مغتالاً ، ولذلك المس الشيطاني غالباَ يأتي من أسفل يأتي في الحركات القوية فيدخل الشيطان من أسفل غالباَ يدخل من الرجلين .
نعم... ولهذا الرقص .. أكثر الراقصين والراقصات في عرضة للمس الشيطاني بسبب عدم الاستقامة والفرح أو الطرب الزائد { لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين } .
فإذا فرح الإنسان زيادة عن الحد كان عرضة لأن يتقمصه الشيطان { هل أونبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم } . نسأل الله العافية .
الشيطان له مداخل طبعا على الإنسان يدخل منها إليه إذا لم يستعذ الإنسان من الشيطان فتحت المداخل للشيطان فدخل . يدخل من بابين :
الباب الأول : باب التفريط في الطاعات .
الباب الثاني : باب الإفراط في الطاعات .
في باب الطاعة يدخل من بابين باب التفريط وباب الإفراط . فإذا كنت تريد أن تقرأ القرآن وقد فتحت المصحف ولم تستعذ بالله من الشيطان الرجيم فيأتيك من باب التفريط بعدين تقرأ , خلي المصحف ممكن تقرأ من حفظك ، ولا يزال بك حتى تفرط في كتاب ربك سبحانه وتعالى , وقد يأتيك من باب التفريط في الزيادة من التلاوة أو من باب التفريط في معرفة التفسير أو معرفة الأحكام أو غير ذلك . ثم إذا كنت قوياَ ومجاهداَ لنفسك فإنه يأتيك من باب الإفراط .
والإفراط : الزيادة على الحد . فقد تكون الزيادة على الحد في المدود والقراءة . وهي ما زاد على التحقيق فيمد مداَ يؤدي إلى اللحن حتى تلحن فتغير كلام الله ولا تتلوه حق تلاوته فهذه زيادة مثل مد ما لا يمد .
هذا أحد القراء يستمع لطالب وذلك الطالب متحمس ويخشى من النقص فدخله الشيطان من باب الزيادة فمد ممدودًا لا أصل لها قال : الحمد للاهي راب, الراب هو أعوذ بالله المغني, حمد اللاهي ووصفه بأنه مغني ، وقلب المعاني .
فكل زيادة هي نقص كما قال الفقهاء : الزيادة كالنقص . إذاَ هذا الباب ليس فقط من باب التلاوة حتى باب العبادات ، وهذان المدخلان هما مدخلا الشيطان في باب الطاعة .
وهناك مدخلان آخران في باب المعصية : التزيين { زين لهم الشيطان أعمالهم } والتهوين يزين ويهون ، ويقول له : سوف تتوب مرة ثانية . فله باب التزيين والتهوين في باب المعصية . وايضاَ قد يفتح الشيطان باب الأمل في طول العمر حتى يتوب ويحسن , فإذا جاءت المعصية ؛ قال له : العمر طويل ، وإذا وصلت الأربعين أو خمسين أقبل . الحين خذ راحتك . ولا يدري ؛ قد يأتيه أجله قبل ذلك .
فإذا استعذت بالله من الشيطان الرجيم أغلقت هذه الأبواب كلها في وجهه : باب الإفراط ، وباب التفريط : باب التزيين ، وباب التهوين ، وباب الأمل .
الشيطان أين مقره من ابن آدم؟
- طالب : مجرى الدم .
- الشيخ : يجري , أنا ما سألت عن مكان جريانه, هذاك يقوم برياضة : يتمشى ، لكن استقراره في السخيمة ، والسخيمة مضغة دم داخل القلب ، وهي دم فاسد هو مقر الشيطان القلب ، وقد شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخرجت السخيمة منه فأصبح الشيطان لا علاقة له بقلب النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ولهذا قلب النبي صلى الله عليه وسلم مهبط الوحي { نزل به الروح الأمين على قلبك }.
لأنه قلب لا سخيمة فيه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم { وأسلل سخيمة صدري }, لكن كل الناس بعد ذلك غير النبي صلى الله عليه وسلم في قلوبهم سخيمة .
هذه السخيمة هي موطن للشيطان إذا وصل إليها استقر بها فإذا استعذت أغلقت الباب فلا يصل إليك .
مواطن الاستعاذة : تشرع الاستعاذة في مواطن ما هي ؟
- طالب : عند دخول المسجد , عند قراءة القرآن .
- الشيخ : عند دخول المسجد كيف ؟
- طالب : أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم .
- الشيخ : طيب .. ثم عند ماذا ؟
- طالب : عند دخول الخلاء .
- الشيخ : عند دخول الخلاء ما هي الصيغة ؟
- طالب : أعوذ بالله من الخبث والخبائث .
- الشيخ : ثم ماذا ؟
- طالب : عند نزول المكان .
- الشيخ : ما هي الصيغة ؟
- طالب : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق .
- الشيخ : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق , هذا عام يدخل فيه الشيطان وغيره من الحيات والعقارب .
- طالب : كل صباح ومساء.
- الشيخ : طيب .. ثم ماذا ؟ عند إتيان الرجل أهله { اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا }
عند ولادة المولود { إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم }
وعند الغضب { إني لأعلم قولاَ لو قاله هذا لذهب عنه ما يجد : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم }
كل هذه مواطن الاستعاذة .
نأتي لحكم الاستعاذة .
الاستعاذة مختلف في حكمها . الجمهور على أنها واجبة لأمر الله سبحانه وتعالى بها والأصل في الأمر الوجوب { فاستعذ بالله ... }
بعض العلماء يرى أنها مستحبه لعدم ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم عليها ، ولعدم إثم من لم يقلها.
والصحيح على أنها سنة مؤكدة وليست واجبة , والأمر يكون أمرًا للندب ؛ لأن الأمر الواجب اللازم هو الذي إذا ترك ترتب على تركه عقوبة ، ولم ترد عقوبة على ترك الاستعاذة .
- طالب : الجمهور يا شيخ .
- الشيخ : الجمهور على الوجوب لأن الأصل في الأمر عندهم الوجوب .
- طالب : ومن الذي خالفهم ؟
- الشيخ : خالفهم الظاهرية والحنفية وبعض الفقهاء لا أذكر أسماءهم .
- طالب : الشيطان هل يطلق على الإنس والجن وإيش معناه ؟
- الشيخ : هذا فعلاً معاني الاستعاذة .. نأتي لمعاني الاستعاذة .
كلمه أعوذ عرفناها من عاذ يعوذ عوذاً إذا لجأ والتجأ بما يؤمنه مما يخاف.
وكلمة الشيطان على وزن فعلان وهو مشتق من إما من شَطُنَ يشطُن ، وإما من شاط يشيط . فإن كان من شاط بمعنى : احترق , عندما تصنع القدر على النار ، وتقوي النار القدر إيش يحصل له ؟ يشيط .. تقول شاط الطعام يعني احترق . يقال فلان استشاط غضباً يعني احترق غضباً . فالشيطان من هذه الناحية شاط إذا احتراق .
وقيل : مشتق من شَطُنَ إذا بَعُدَ تقول شَطُنَ البئر إذا بَعُدَ قعره . فهو محترق بعيد .
وقيل : إنه سمي شيطاناَ من الشطن , والشطن : هو الإلهاء , شطنه إذا ألهاه وهو يلهي ويشغل الإنسان حتى لا يعمل بأمر الله سبحانه وتعالى .
وكلمة إبليس قيل مشتقة من البلس .. ومنه قوله ( مبلسون ) ، والبلس أي ليس عندهم شيء يعني ذهب كل ما عندهم , مثل الفلس ... حتى إن الفلس يكون عنده القليل , والمبلس ليس عنده شيء , وإبليس أبلس من عبادته كلها : يعني كل ما كان عنده من طاعة ذهب ، هذا معنى قوله تعالى : { وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا } .
طيب .. تاريخ الشيطان
(( والجان خلقناه من قبل من نار السموم )) هل الشيطان هو الجان أو الشيطان من ذريه الجان أو الشيطان من غير الجان ؟
الشيطان هو الجان نفسه ، وهو الأب للجن جميعاً , وخلقه الله من مارج من نار , ومارج النار هو المختلط من دخان النار مع النار , إذا اختلطت النار بالدخان سمي ذلك الاختلاط مارجًا , (( مرج البحرين يلتقيان )) .. المروج والمرج هو التداخل , فاختلاط الدخان بالنار هو الذي خلق منه الشيطان , عناصر الشيطان التي خلق منها اثنان : دخان ونار ، وعناصر آدم التي خلق منها اثنان : الماء والتراب , فأي العناصر في رأيكم أفضل ؟ الدخان والنار أو الماء والتراب ؟
- طالب : الماء والتراب .
- الشيخ : لأنك آدمي , إبليس قال : أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين , إبليس هنا جحد الدخان , قال : خلقتني من نار . لكن هذه النار سماها الله نار السموم , ونار السموم : هي التي تختلط النار فيها بالدخان السام , وهي النار القاتلة ؛ فإبليس خلق من مادة الفناء ، وآدم خلق من مادة الحياة : النار محرقة ، والماء قال الله عز وجل عنه (( وجعلنا من الماء كل شي حي )) , إذًا الشيطان يعدكم الفقر , والفقر يناسب خلقته ويناسب أصله , أيهما أحب إليك أن ينزل الماء القوي على بيتك أو النار القوية على بيتك ؟ الماء يطهر وينظف وينبت الشجر ، ولكن النار تحرق الأخضر واليابس .
طيب .. خلق من مارج من نار , وهل خلق الشياطين من مارج من نار كلهم أجمعون أو أن أباهم خلق من مارج من نار ، وخلقت ذريته منه كحال آدم وذريته ؟
المسألة خلافية ولم يرد فيها نص صحيح لكن الواضح أنهم مثل بني آدم ؛ لأن الله قال: (( والجان خلقناه من قبل من نار السموم )) الجان هو أبو الجن ، فيكون الشيطان - وهو إبليس - خلق من نار السموم ، وذريته خلقت منه ذكورًا وإناثًا .
طيب .. متى أصبح شيطانًا ؟ وما الفرق بين الشيطان وبين الجان ؟
قال الله عز وجل : (( إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه )) قوله : (( كان من الجن )) هل (من) هنا تبعيضيه أي كان من بعض الجن فيكون جزء من الجان وليس هو أبو الجان مثله مثل فرعون كان من الإنس ، وليس هو أبو الإنس ؟
طيب .. آدم هل كان من الإنس أو الجن ؟ نعم كان من الإنس وهو أبو الإنس , فقوله ( كان من الجن ) لا تنفي أنه أب للجن لكن إبليس مر بمراحل :
المرحلة الأولى : المرحلة الجنية , مرحلة كونه جانًا .
والمرحلة الثانية : مرحلة الملائكية .
والمرحلة الثالثة : مرحله الشيطنة ، وهي المرحلة الأخيرة أو تسميها مرحلة اللعنة والطرد , لأنه حصل فيها اللعن والطرد .
طيب .. أين يسكن إبليس ؟
يسكن إبليس على البحر ، كما قال النبي صلى لله عليه وسلم (( يضرب الشيطان عرشه على البحر ثم يبعث سراياه إلى الناس فأقربهم منه منزلة من فرق بيت المرء وزوجه يقول له : أنت ابني أنت ابني ، ويضع على رأسه تاج )) .
طيب .. أي بحر ؟ يضع الشيطان عليه عرشه ؟
بعض المعاصرين قال : هو في مثلث برمودا . وهو مثلث في البحر بين أمريكا وأوربا لا تمر سفينة منه إلا فقدت ولا طائره من فوقه إلا سقطت , هو فساد بمعنى الكلمة , وإلى الآن لم يكتشفوا سر ذلك المثلث .
ومنهم من قال : هو في بحر شرقي الدنيا , يعني من جهه المشرق فيكون البحر الهادي ، وأصحاب هذا القول استدلوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم (( تطلع الشمس بين قرني شيطان )) والشمس تطلع من المشرق , ولكن هذا القول مردود عليه بقوله (( وتغرب بين قرني شيطان)) فعلى ذلك يقتصر على النص في هذه المسألة ، ويقال : يضرب عرشه على البحر أي بحر ؟ لم يرد تحديده .
طيب .. بقي ان نعرف الفرق بين الشيطان والجان , ما الفرق بين الجن والشياطين ؟ مارأيكم هل كل جني شيطان ؟
كلمه شيطان هي وصف يطلق على الإنسان وعلى الحيوان وعلى الجان , إذا اتصف بالصفة التي تلزم ذلك , فمثلاً من شياطين الإنس , كل دعاة الضلالة السحرة شياطين ، ولذلك قال الله عز وجل : (( شياطين الانس والجن يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا )) , وهناك شياطين من الدواب كالكلب الأسود ؛ فإنه شيطان ؟ حديث جابر في صحيح البخاري (( أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب حتى إن الضعينة لتأتي ومعها كلبها فنقتله ثم نهانا عن قتل الكلاب إلا الكلب الأسود فإنه شيطان )) الشاهد قوله إلا الكلب الأسود فإنه شيطان .
أيضا من شياطين الطيور الحمام , مرت حمامة يتبعها كلب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (( شيطان يتبع شيطانه )) فالحمام شياطين ، ولذلك كره بعض الفقهاء أكل لحم الحمام لوصفه بالشيطان ؛ لأن بعض المطعومات تكون فيها زيادة الشهوة أو زيادة الاندفاع نحو الشهوة ، ومنه لحم الحمام .
كلمه الرجيم على وزن فعيل ، والفعيل في اللغة العربية تأتي وصفًا لكل مادام واتصل واستمر على الوصفية المذكورة ؛ مثلاً : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم . بسم الله الرحمن الرحيم - ولله المثل الأعلى - عند ما تقابل ما بين الشيطان الرجيم والرحمن الرحيم تجد أن الصيغة متساوية الرحمن – والله المثل الأعلى – على وزن فعلان ، والشيطان على وزن فعلان, الرحيم على وزن فعيل ، والرجيم على وزن فعيل .
طيب .. أين الرحمن ؟
الرحمن على العرش استوى ..
طيب .. أين الشيطان ؟
في أسفل السافلين اهبطو منها جميعًا , (( اخرج منها مذمومًا مدحورًا )) فهو أبعد خلق لله عن الله , فمن كان الشيطان له قرينًا كيف يكون قربه من الله ؟ بعيد ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانًا فهو له قرين )) فإذا ذكرت الله قربت منه ، وإذا قربت منه ؛ بعدت من الشيطان ، وإذا بعدت من الشيطان بعدت عن أصله عن النار ؟ وإذا نسيت ذكر ربك قربت من الشيطان ، وإذا قربت من الشيطات قربت من أصله وهو النار .
الرجيم . من الرجم وهو رجم دائم . فالشيطان رجيم فعيل بمعنى مفعول , كقتيل بمعنى مقتول , أي دائم الرجم من الذي يرجمه ؟ الملائكة .
كل ما يستعيذ أحد منه رجم , أكثر مخلوق يرجم هو إبليس ، ولو كتب الله له الوفاة لمات ، لكن يرجم ، ولا يموت ؛ لأنه قال : اجعلني من المنظرين . ندم على دعوته , يقال ما ندم أحد على دعاء طلبه إلا إبليس (( قال ربي فأنظرني إلى يوم يبعثون )) وهو من ذلك اليوم ، وهو يرجم , يتمنى الموت ، ولا يجده .
هل هنالك شي غير الاستعاذة يدفع عنك الشيطان ؟
- طالب : التسمية وقراءه القران .
- الشيخ : نعم أحسنت, التسمية ، وقراءه القران ، وذكر الله مطلقًا هذا يدفع الشيطان (( وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورًا )) آية الكرسي علَّم إبليس فضلها لأبي هريرة , قال : لأعلمنك آية إذا قرأتها في ليلة لا يقربك شيطان حتى تصبح
- طالب : سورة البقرة كذلك .
- الشيخ : القران كله إذا قرئ فر الشيطان .
- الأذان .
- الشيخ : الأذان - أحسنت - الأذان يطرد الشيطان , إذا أذن المؤذن ولى الشيطان ، وله ضراط .
- طالب : الوضوء عند الغضب .
- الشيخ : الوضوء يحمي ولا يطرد .
- طالب : السواك .
- الشيخ : السواك , من الأشياء التي تحمي .
الشيطان يختار أماكن معينة يكون فيها , وأحوال معينة يظهر فيها , فمن الأماكن التي يكون الشيطان دائما فيها أماكن اللهو , إذا رأيت قوم يصفقون ويرقصون , اعلم أن الشيطان معهم , وإذا سمعت قوم يكذبون ويفترون الكذب فاعلم أن الشيطان معهم , وإذا رأيت قوم يمكرون ويخدعون الناس اعلم أن الشيطان معهم .
وقد يتمثل الشيطان في صورة الإنسان ، ويتمثل في صورة الحيوان , تمثل في صورة شيخ نجدي كما تعلمون لقريش قبل الهجرة ، وكانت نجد وقتئذ ديرة مشركين , كلهم كانوا على الشرك لكن كانوا أهل زراعة (مزارعين) ، وكانوا أكثر الناس إبلاً وأصحاب الإبل , دائمًا الشيطان يتسلط عليهم ، ولذلك الفضاضة والقسوة والشدة فيهم ؛ ومن هنا شرع الوضوء من لحم الإبل , إذا أكلت لحم الجزور تتوضأ لأنه لحم الجزور ؛ قد يدخلك شيطان معه .
الشيطان عنده حبائل ووسائل ؛ حبائله : النساء , النساء حبائل الشيطان , ما لا يستطيع الشيطان الوصول له يرسل له حبل ؛ يعني إذا كنت أنت مستقيم وملتزم ، ولم يقدر عليك الشيطان , أرسل إليك حبلاً , يرسل إليك المرأة تفسدك أكثر مما يفسدك الشيطان . كيد الشيطان كان ضعيفًا ، وكيد المرأة وصفه الله عز وجل في قوله ( إن كيدكن عظيم ) .
الشيطان هذا السلاح الفتاك عنده إذا عجز هو يذهب إليها هي , فكيده ضعيف بالنسبة للرجل قوي بالنسبة للمرأة ، وكيد المرأة ضعيف بالنسبة لكيد الشيطان ، وقوي بالنسبة لكيد الرجل , فإن كادها قدر عليها ، وإن كادته هي لم تقدر عليه ، وكيد الرجل مع الشيطان قوي ، وكيد المرأة للرجل قوي ، وهكذا بعضهم عدو لبعض (( اهبطو منها جميعًا بعضكم لبعض عدو )) ولذلك الرجل إذا أراد أن يحارب الشيطان أول ما يبدأ به زوجته , فيعلمها ويفهمها حتى تكون عونًا له ، ولا تكون عونًا عليه .
وسائل الشيطان كثيرة ، ومن وسائله الغناء ، وخصوصًا المزامير ، وخصوصا التي تصنع من شعر الخيل , ما تسمونها ؟
- طالب : الزير
- الشيخ : الزير وغير ذلك , والتي ينفح فيها من أدوات المعازف كلها . هذه من أشد وأعظم الوسائل ، ومنها الطبل , الطبل من وسائل الشيطان وهو أعظم من الدف , شيء كبير ومغلق من جميع الجهات إذا ضربته تشعر أن زلزالاً وقع في المنطقة من قوته .
الطبل ممنوع في ذي البلاد **** لأنه إلى الضلال هادي
أول ما يدق الطبل تتحرك الشياطين فتؤز الناس أزًا إلى موطن الدق ؛ لذلك استخدامه في الأعراس من أكبر الفساد بخلاف الدف , الدف تحت الإبط وهو ضعيف لا يسمعه إلا الحضور، لكن الطبل القرية كلها تسمعه أو المدينة كلها تسمعه ، فيجتمع عليه من الشياطين ما لا يعلمه إلا الله ، فإذا جاء وقت الصلاة غلب صوت الطبل صوت المؤذن إلى غير ذلك .
وسائله كثيرة .
الشيطان له وعود وكلها كاذبة , يعد الشيطان بالغنى ، ويعد بالدنيا ، ويعد بطول العمر ويعد بالصحة ، وكل هذه وعود كاذبة , حقيقته أن ما يعد به هو عين الفقر ، ولو تخيل الإنسان ( الشيطان يعدكم الفقر .. )) وإن ما يأمر به هو عين الفحشاء ، ولو ظهر لبعض الناس أنه طاعة, قد يأتي الشيطان من باب الدين وفعل الخير ويجرك إلى زيادة على حد كما ذكرت , هذا عن ما يتعلق بالاستعاذة .
- طالب : ما الفرق بين إبليس والجان ؟
- الشيخ : إبليس هو أبو الجان , لكن الفرق بين الشياطين وبين الجان , شياطين الجن وبين الجن العاديين : الفرق بينهم أن الشياطين جميعًا هم ذريه إبليس بعد لعنه ، وهم ملعونون مثله ، وأما الجن فهم ذريته قبل لعنته , يعني هذا أن إبليس خلقه الله ، وخلق معه جنيه ، وهما زوجان .. فتناسلوا وتناسلوا وتوالدوا . .. ذريتهم كلها جان فلما جاءت قصه آدم وأبى الشيطان أن يسجد لعنه الله فذريته بعد لعنته صارت شياطين ، وذريته قبل لعنته جان ، وأصبح الجن ينقسم إلى قسمين : شياطين وجان عاديين .
الجان العاديين منهم الصالحون (( وإنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددًا)).
أما الشياطين فهم جميعًا في النار حالهم حال يأجوج ومأجوج في بني آدم .
آدم ذريته تنقسم إلى قسمين : ناس عاديين وناس مفسدون وهم يأجوج ومأجوج , يأجوج ومأجوج جميعًا إلى النار ( إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض ) , كذلك إن الشياطين جميعًا مفسدون فحال أولئك كحال أولئك , لكن الناس العاديين غير يأجوج مأجوج منهم الصالحون ، ومنهم دون ذلك ، والجن منهم الصالحون ومنهم دون ذلك .
مراحل إبليس :
مرحلته الأولى : مرحلة الجنية , أنه جان عادي ثم ترقى فأصبح مع الملائكة في الطاعة ثم – أعوذ بالله نسأل الله حسن الخاتمة – انتهى باللعنة والطرد ، ومازال ملعونًا طريدًا ، ولا يزال كذلك إلى قيام الساعة ، وإذا قامت الساعة دخل النار ، وعقد فيها مؤتمرًا عامًا لجميع أتباعه يبرئ فيها نفسه مما وقع لهم ، ويطلب منهم عدم لومه على ما حصل ( فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنأ بمصرخكم وما أنتم بمصرخي ) , نسال الله العافية .
طيب .. هل يمكن أن يرى إبليس أو لا يمكن ؟
- طالب : ( إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم **) .
- الشيخ : هذا نص على أنه يرانا من حيث لا نراه , لكن هل يمكن أن نراه ؟
- طالب : يرى على غير هيئته كالشيخ النجدي .
- الشيخ : يرى على غير هيئته ولا يمكن أن يرى على هيئته ؟
- طالب : لا يمكن .
- الشيخ : ما الدليل على أنه لا يمكن ؟
- طالب : ( من حيث لا ترونهم ) .
- الشيخ : (من حيث لا ترونهم ) لا تنفي , ممكن أن يكون واحد خلف هذا الباب يرانا من حيث لا نراه ، فإذا خرج من وراء هذا الباب رأيته , لأنه حيث هنا تدل على المكان , فلان أين هو ؟ هو حيث تركته , فالحيثية مكان . هو إذا تشكل يمكن رأيته , الأصل أنه إذا تشكل يرى , والجن جميعًا يتشكلون لكن الشيطان لا يتشكل في صور معينة , لا يتشكل في صور الأنبياء ما يمكن يأتيك في صورة نبي ، ولا يتشكل في صورة الملائكة ، وإنما يتشكل في صور من دون ذلك , ممكن أن يأتيك في صوره صحابي أو صوره إمام من الأئمة ، ولذلك الذين عبدوا الأصنام كان الشيطان يتشكل لهم ، ويتكلم لهم , تارة في صورة امرأة . كعباد العزى تشكل الشيطان لهم في صورة امرأة ثائرة الرأس فادخلوها بيت العزى في الطائف ، وكانوا يطوفون بذلك البيت ، ويعبدونه يسمعون صوت الشيطان داخل البيت ، وكانوا إذا سألوا واستشاروا تكلم لهم ، فقالوا : إذن هذا البيت هو بيت العزى ، والعزى هي إلهة الأرض ، ولأن إله السماء هو العزيز فالعزى هي الأنثى , هذه إلهة لذلك الله عز وجل قال ( إن يدعون من دونه إلا إناثًا ) واللات مؤنثة من لفظ الجلالة الله ، ومناة مؤنثة من المنان إلى غير ذلك , ولما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد إلى العزى فجاء إليها فكانت هناك ثلاث نخلات فقطع النخلة الأولى والثانية فلما ضرب الثالثة خرجت هذه المرأة ثائرة الرأس , سوداء تدعو بالويل والثبور ، فقتلها خالد بن الوليد , كانت شيطان (جنية) , الجني إذا تشكل يحتاج وقت حتى يعود إلى أصله ، ولذلك إذا قتلته فلاشيء عليك فيه , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث : (( من جاءكم على غير هيئته فاقتلوه)) إلا الحية فإن الحية لا تقتل حتى تنذر ، وهي الوحيدة لكن لو جاءك إبليس في صورة إنسان اقتله توكل على الله ، ولن تقدر على قتله , لن تسلط عليه .
ما الفرق بين الشيطان والدجال ؟
- طالب : الدجال آدمي والشيطان جني .
- الشيخ : ما الدليل على أن الدجال آدمي ؟
- طالب : لأنه يفتن الإنس .
- الشيخ : والشيطان يفتن من ؟
- طالب : لم يرد أن الدجال يتشكل على غير هيئته بل إن النبي صلى الله عليه وسلم وصفه .
- الشيخ : صح وذلك دليل على ماذا ؟
- طالب : دليل على أنه ليس من الشياطين .
- الشيخ : هو وصفه بأنه اعور العين اليمنى ، وهذا قد يكون فعلاً دليل على أنه ليس من الشياطين . ليس من الجن ، وقد يكون من الجن ، وتشكل وأثبته الله على الشكل , يعني قد يتشكل الجني على شكل ، ويثبت عليه ما يقدر يرجع ... الدجال كثرت فيه الأقاويل ولكل أمه دجال .
كل أمة فيها دجال ؛ فدجال بني إسرائيل كان السامري ، وهذه الأمة فيها ثلاثين دجال - أمه محمد صلى الله عليه وسلم أكثر الأمم حظًا من الدجاجلة - يقول النبي صلى الله عليه وسلم (( لا تقوم الساعه حتى يخرج في أمتي ثلاثون دجالاً آخرهم يدعي الربوبية)) , كل الذين قبله اقتصروا على ادعاء النبوة ؛ مثل : مسيلمة الكذاب ومختار الثقفي وغيرهم ، وهذا الحديث فيه دلالة على أنه من الإنس , باقي شي ؟
- طالب : صيغ الاستعاذة .
- الشيخ : الصيغة ذكرناها : الكاملة والمجزئة , أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ...
اختيار الاسمين , السميع والعليم , في باب الاستعاذة , ما المناسبة فيه ؟ ما المناسبة في اختيار الاسمين , اسم السميع واسم العليم ؟
- طالب : لأنه عز وجل يعلم بك وبكيده ويعلم سره وعلانيته .
- الشيخ : جميل , لأن الله يعلم بك ويعلم به ويسمعك إذا استعذت كما يسمعه إذا وسوس , فعلمه بكما وسمعه لكما كاف لدفعه عنك مع القدرة , الله عز وجل هو سميع وسع سمعه الأصوات جميعها , وعليم أحاط علمه بكل شي , وهو على كل شي قدير , فقد تسمع وتعلم ، ولا تقدر ؛ مثل إنسان يسمع صراخ طفل في النار ، ويراه يحترق , ولا يقدر على إنقاذه ، فهو ضعيف لو دخل لاحترق معه , فأنت هنا سامع أو سميع وعليم ، لكن ضعيف , الله سميع عليم قوي قدير .
- طيب .. لماذا ما أضيفت القدرة مع العليم ؟
- طالب : أعوذ بالله أي التجىء إليه , وفي هذا دلاله على قدرته .
- الشيخ : مادام قلت بالله انتهى الموضوع , يعني لفظ الجلالة شامل , جامع لجميع الأسماء والصفات , ولذلك هل يجون ان تقول أعوذ بالسميع العليم أو لابد تقول أعوذ بالله السميع العليم ؟ لأنك لو قلت أعوذ بالسميع العليم طبعا السميع العليم , هنا هو الله لكن لا تكون مجزئه ؛ لأنه ممكن يدخل سميع آخر أو عليم آخر ؛ فالشيطان قد يكون سمع في وقت كلامك وعليمًا ، فتكون استعذت بغير الله . فقولك : أعوذ بالله السميع العليم هو الأكمل والأشمل .
- باقي سؤال , ما الفرق بين شيطان الإنس وشيطان الجن ؟
- طالب : شيطان الجن تدفع بالاستعاذة ، ولكن شياطين الجن لا تدفع بالاستعاذة .
- الشيخ : تدفع بماذا ؟
- طالب : بالابتعاد عنهم .
- الشيخ : جميل تدفع بالتي هي أحسن ((ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)), هذا فرق جيد , طيب فرق ثاني ؟
- طالب : شياطين الإنس لا يتشكلون , وشياطين الجن يتشكلون .
- الشيخ : شياطين الإنس لا يتشكلون .. هذا ليس مجمع عليه فقد يتشكل شيطان الإنس إذا تقمصه الشيطان ، وحصل بينهما التعاون قد يحصل التشكل , ممكن ساحر يعظم في أعين الناظرين أو يصغر أو ينقلب إلى شيء آخر ، وهذا يحصل بالتشكل أو بمساعدة الشياطين . أن يتقمصه الشيطان , ويستحوذ عليه , قال الله عز وجل ( استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله )) هذا وارد ومعروف عن السحرة التشكل , يقولون : إن في المدينة قبضوا على ساحر ، وادخلوه زنزانة ولما أراد أن ياتوا به للمحاكمة فتحوا الزنزانة فوجدوا فيها كلبًا جالسًا ؛ هل هو مسخ إلى كلب أو تشكل ؟ ثم فكوه فرجع مثل ما كان , هل هو سحر أعينهم ، فتصور لهم على أنه كلب ، كما قال تعالى ( سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم )) الذي ينظر إلى حبل على أنه حية يمكن ينظر إلى إنسان على أنه كلب , فعلى ذلك مسألة التشكل قد لا تكون هي الفرق .
- طالب : لعلك تستطيع أن تصلح شياطين الإنس ، ولكن شياطين الجن يصعب ذلك ؛ إن لم يستحل .
- الشيخ : هل كل شياطين الجن ملعونين أم يمكن أن يسلموا ؟ هذا سؤال .
- طالب : يمكن أن يسلموا .
- الشيخ : أحسنت , النبي صلى الله عليه وسلم عندما تكلم عن القرين قالوا : ولا أنت يا رسول الله , قال : إلا أن ربي أعانني عليه فأسلم , يمكن قرينك الشيطان من الجن ثم يتأثر بتلاوتك القران وبصلاحك ويسلم يعينك الله عليه فيكون عونا لك على الطاعة , ولذلك القرين ( قال قرينه ربنا ما اطغيته ولكن كان في ضلال بعيد ) , فالإنسان إن كان في ضلال بعيد فالقرين الذي معه من الجن يكون عونًا له على الضلال ، وان كان فيه هدى قد يكون هذا القرين عونًا له على الهدى , الملعون واحد وهو إبليس , هذا ابليس ملعون لكن ذريته من حل عليه اللعنة من ذريته ليست لعنة دائمة مثل إبليس الله ما قال عليك وعلى ذريتك , قال ( وان عليك لعنتي إلى يوم الدين )) هذا واحد .
- هل تريدون الاقتصار على هذا أم ندخل في البسملة ؟
- طالب : ندخل في البسملة
- الشيخ : ما هي البسملة ؟ البسملة فوعله كالحوقلة والهيللة والسبحلة والحمدلة , فالعرب تختصر جمل على وزن فوعله , الهيللهة ما هي ؟ لا اله إلا الله , والسبحلة : سبحان الله, الحمد له : الحمد لله , والحوقلة : لا حول ولا قوه إلا بالله , البسملة : بسم الله الرحمن الرحيم , البسملة هل هي آية من القران أو جزء من آية , أو ليست بآية ؟ هذه ثلاث أقوال للعلماء في البسملة , اتفق الجميع على أنها جزء من آية ، وهذا لا خلاف فيه ، وهي قول الله عز وجل ( إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ) ، وقال الإمام الشافعي رحمه الله : إنها آية من كل سورة , وقال الإمام مالك رحمه الله : إنها ليست بأية , وقال الإمام احمد رحمه الله : إنها آية مستقلة , إذا كم قول عندكم ؟ أربعة, قولان : إنها آية ، لكن منهم من قال : آية من كل سورة وهو من ؟ الشافعي , ومنهم من قال : آية مستقلة وهو الإمام احمد , ومنهم من قال ليست بآية , والجميع اتفقوا على أنها جزء من آية , إذا ما هو القول الراجح ؟
- طالب : ليست بآية .
- الشيخ : الله يهديك
- طالب : ليست بآية في كل سورة .
- الشيخ : آية وإلا ليست بآية .
- طالب : ليست بآية .
- الشيخ : يعني قول المالكية .
- طالب : آية مستقلة .
- طالب : آية من الفاتحة .
- الشيخ : آية من الفاتحة , هذا القول الخامس ، وهو رواية عن الإمام الشافعي - رحمه الله - القول الراجح أنها آية مستقلة , أولا لأنها مكتوبة في المصحف , والمصحف لا يكتب فيه إلا القران كما قالت عائشة رضي الله عنها : مابين دفتي المصحف كلام الله, ولو لم تكن آية لما اجمعت الأمة على كتابتها في المصحف .
ولحديث انس بن مالك رضي الله عنه قال : كنا لا نعلم السورة من القرآن حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم , ولحديث (( أنزلت على الساعة في نومتي هذه سورة هي أحب إلي من الدنيا وما فيها فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر ) إذا كونها آية مستقلة أقرب للصواب , أما من قال : إنها آية من كل سورة إلا سورة التوبة , فاستدل بكتابتها قبل كل سورة وأنها نزلت مع كل سورة , ومن قال : إنها آية من فاتحة الكتاب استدل بقراءه النبي صلى الله عليه وسلم لها في التلاوة , سئلت عائشة - رضي الله عنها - عن تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قالت : كان يقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ... )) يرفع بها صوته وانك لتعد حروفه حرفاً حرفاً )من الترتيل . فاستدلوا بهذا الحديث على أنها آية من سورة الفاتحة لقراءة النبي صلى الله عليه وسلم لها في الصلاة وحديث أنس رضي الله عنه قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وكلهم يقرأ في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين .
أما دليل مالك على أنها ليست بآية فاستدل بحديث وهو قصة : قال: لما نزلت على النبي صلى الله عليه سلم سوره العلق ( اقرأ باسم ربك ) كان يقرا باسمك اللهم فلما نزلت (الرحمن علم القرآن) كان يقرا بسم الله الرحمن ، ولما نزلت ( إنه من سليمان وأنه بسم الله الرحمن الرحيم)) قرأ بسم الله الرحمن الرحيم , فكان هذا التدرج فيها دليل على أنها اجتهاد من النبي صلى الله عليه وسلم ، وليست آية مستقلة ؛ فإنها لو كانت آية مستقلة لنزلت دفعة واحده شأنها شأن الآيات الأخرى . ما الراجح عندكم ؟
- طالب : آية مستقلة .
- الشيخ : طيب . كيف تردون على الإمام مالك ؟ هي آية من باب إجماع الأمة , إذا لم تكن آية لما كتبت وأجمعت الأمة على كتابتها ، وهذا الراجح .
- طيب لمَ لم تكتب البسملة قبل سورة براءة ؟
- طالب : نسخت مع آية الرجم .
- الشيخ : هذا قول , وما القول الثاني ؟
- طالب : فيها الرحمة والآيات كلها عن المنافقين .
- الشيخ : وهذا تأويل آخر ذكره بعض العلماء . صحيح ، والقول الثالث ؟
- طالب : إن الأنفال والتوبة سورة واحدة .
- الشيخ : أحسنت , حصل بين الصحابة خلاف أهما سورتان أم سورة واحدة ، والجمهور ( جمهور الصحابة ) على أنها سورة واحدة ؛ ولذلك لم يضعوا البسملة ؛ لأنها سورة واحدة .
- كم في المصحف من سورة ؟ كل سور القرآن من الفاتحة إلى الناس ، كم سورة ؟
- طالب : 113 سورة .
- الشيخ : طيب جيب المصحف ، وانظر الفهرس , هذا لأنهم عدوا السورتين , وهناك سور كان الصحابة يجمعونها - أعطيكم إياها - يعني على أنها سورة واحدة , لذلك ستجدون أن عدد السور ..
- طالب : 114 سورة في المصحف .
- الشيخ : اذا جمعت التوبة مع الأنفال يصيروا كم ؟
- طالب : 113 سورة .
- الشيخ : واذا جمعت الفيل مع قريش ؟
- طالب : 112 سورة .
- الشيخ : وإذا جمعت المعوذتين ؟
- طالب: 111 سورة .
- الشيخ : وهذا قال به من قال بالجمع بين السور , وكذلك سورة الشرح والضحى ؟ تصير 110 سور , لأن هذه كلها ورد فيها : أنها سورة واحدة .
- طالب : هل وجه الجمع هو قراءه النبي صلى الله عليه وسلم لها ؟
- الشيخ : لا , ورد عن الصحابة , السورة الواحدة هي التي مضمونها واحد , سورة الفيل ( ألم ترا كيف فعل ربكم بأصحاب الفيل () الم يجعل كيدهم في تضليل () وأرسل عليهم طيرا أبابيل () ترميهم بحجارة من سجيل () فجعلهم كعصف مأكول () لإيلاف قريش () إيلافهم رحلة الشتاء والصيف .. ) . المعنى متصل ( كعصف مأكول () لإيلاف قريش ) من أجل أن يتألف قريش بهذه الحادثة قبل بعثه رسوله صلى الله عليه وسلم , وكذلك آخر آية في الأنفال , المعنى متصل فيها مع بداية براءة إلى غير ذلك وكذلك , ( وأما بنعمه ربك بحدث () الم نشرح لك صدرك ) وهكذا
- طالب : معاني البسملة .
- الشيخ : معاني البسملة طويلة . نأخذها باختصار أو نوقف هنا ؟
- طالب : الأسبوع القادم نبدأ فيها .
- الشيوخ : الأسبوع القادم أحسنت , لأن أخذ العلم شيئًا فشيئًا أفضل . ما أخذ جملة ذهب جملة ، وما أخذ بالتدرج ثبت ؛ ولذلك من أسرار تنزيل القرآن منجمها , تثبيت الفؤاد وحفظه ، لو نزل القرآن جملة واحدة لحصل له مثل ما حصل للتوراة والإنجيل والزبور, لذهب جميعه ، لكن نجم ؛ فحفظ ؛ ولهذا الله عز وجل قال : (( ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون )) فتعلمون وتدرسون إذا تكونوا ربانين ، والربانية هي أخذ صغار العلم قبل كباره شيئا فشيئا .
- الشيخ : هل يدخل الشيطان على جسم الإنسان ؟ ومن أين ؟
- طالب : يدخل من تحته .
- الشيخ : هذا إن كان مسًا ضارًا لكن قد يدخل من غير ذلك .
- طالب : يدخل من الفم .
- الشيخ : طيب أين يبيت الشيطان مع الإنسان .
- طالب : على أنف ابن آدم .
- الشيخ : إيش الدليل ؟
- طالب : لحديث النبي صلى الله عليه وسلم وأمره من يستيقظ بأن يستنفر ثلاث ؛ لأن الشيطان بات على أنفه .
- الشيخ : وفي حديث آخر ( يعقد الشيطان على قافية أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب على كل عقدة عليك ليل طويل فارقد ) طبعا هذه من أعمال الشيطان ، ونحن لم نتكلم على أعمال الشيطان , بوله وعقده ونفثه , والنبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ) ما هو همز الشيطان . إيش الهمز ؟
- طالب : همزه الخنق .
- الشيخ : نفخه؟
- طالب : الكبر .
- الشيخ : ونفثه ؟ السحر , هذه من أشهر أعمال الشيطان ، ويضاف إليها الربط ، والعقد وغير ذلك والمس ( إني مسني الشيطان بنصب وعذاب () اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ) .
- طيب .. الشيطان له أثر في الإنسان ، فما هي أبرز آثاره في الإنسان ؟
- طالب : البعد عن الله .
- الشيخ : هذا واحد , والنسيان ( وما أنسانيه إلا الشيطان ) ولذلك علاج النسيان ذكر الله (واذكر ربك إذا نسيت) .
- طالب : هل يعين الجان على الخير ؟
- الشيخ . نعم , الصالحون نعم .
- طالب : الاستعانة بهم هل تجوز يا شيخ ؟
- الشيخ : الاستعانة بهم فيما يقدرون عليه لا شئ فيها , إذا علم ذلك , استعان بهم من هو خير منا سليمان عليه السلام ، قال (( قال أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين () قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك واني عليه لقوي أمين () قال الذي عنده علم من الكتاب أنا اتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك )) , هذا الذي عنده علم من الكتاب لم يبين هو إنسي أو جني ، لكن ميز بالعلم أكثر الروايات الإسرائيلية على أنه إنسي ، وأن عنده اسم الله الأعظم ، وأنه دعا الله , فيكون الذي جاء به هو الله , وبعضهم يقول : إنه من الجن لكن من علماء الجن , لأن الجن فيهم علماء وعالم الجن أقوى من جاهلهم .
- طالب : الذي يستعين بالجن قد يضعف يا شيخ ؟
- الشيخ : هي الاستعانة بالله ( إياك نعبد وإياك نستعين ) لكن الاستعانة بمن يقدر على ما يقدر عليه ليس فيها شي خصوصا إذا كان هذا الأمر المستعان به أمر من الضرورة مثل الاستعانة به لفك سحر أو الإتيان به ، وهو من صالحي الجن ؛ لأنه حاصل تعاون بين شياطين الإنس وشياطين الجن ، كما قال تعالى ( شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورًا ) مفهوم هذه الآية مفهوم المخالفة صالحي الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض الحق , والإنس والجن جميعًا مأمورين بالتعاون ( وتعاونوا على البر والتقوى ) فالسحر إثم وعدوان ، ونقضه حق وبيان ؛ فعلى ذلك الذين يستعينون بصالحي الجن في فك السحر وفي غير ذلك من نفع الناس هذا شيء طيب , ليس بشرك ، ولاشيء فيه .
- طالب : كيف يعلم أنهم من صالحي الجن ؟
- الشيخ : هم الأصل فيهم الكذب لكن العبرة بما يستعان به فيه يعني أنت تستعين به على ماذا ؟ هل هذا الشيء الذي تستعين به فيه شيء مشروع أو ليس بمشروع ؟ إن كان سحرًا وضررًا ؛ هذا ليس بمشروع هذا باطل ، فالاستعانة على هذا باطل ، لكن هذا إنسان مريض ومسحور والشياطين ينظرون إليه ، وهو لا يراهم ويؤذونه ويعذبونه وهناك جن صالحين مستعدين أن يبعدوا هؤلاء ،وينقذوا هذا المريض ، وان يأتوا بالسحر ، ويبطلوه فلا مانع , ما لذي يمنعهم من فعل الخير .
- طالب : كيف الوصول إليهم ؟
- الشيخ : أنت لست بملزم بالوصول لهم في العادة الصالحين هم الذين يعرضون خدماتهم, قال تعالى : ( المؤمنون[جميعهم إنسهم وجنهم ] والمؤمنات[ جميعًا إنسهم وجنهم ] بعضهم أولياء بعض) الولاية بين الإنس والجن والملائكة ولاية حق , الملائكة أولياء للمؤمنين من الإنس والجن ، والمؤمنين من الإنس , هذه الولاية تقتضي التعاون؛ لأنك أنت الآن في معركة ؛ الشيطان عدو ، فالملائكة معك وصالحو الجن معك ...