تفريغ المحاضرة السابعة في مادة مصادر البحث كتب آيات الأحكام والتفسير الموضوعي

إنضم
29/09/2010
المشاركات
14
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
جدة
بسم الله الرحمن الرحيم
تفريغ المحاضرة السابعة
كتب آيات الأحكام والتفسير الموضوعي
ألقاها الدكتور مساعد الطيار يوم الأحد 17 / 2 / 1434هـ .
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
أمابعد :
نكمل بعض الأفكار المرتبطة بالمصادر، سيبقى عندنا إن شاء الله موضوع منهج البحث ، وعلامات الترقيم . وهذه مبثوثة وموجدة في الكتب ، وأمرها إن شاء الله ميسور. ويمكن أن تعدل مع الطالب من خلال البحوث التي يقدمها . فسنُعنى إن شاء الله بقضية تصحيح بعض علامات الترقيم التي يقوم بها أو كذلك بعض القضايا المرتبطة بقضية النقل فتكون أشبه ما تكون تطبيقية أكثر منها أخذ معلومات عامة فقط .
ولعلكم ترجعون إلى بعض الكتب التي كتبت في هذا المجال، وسيكون موضوع التطبيق الذي تقومون فيه في البحوث القصيرة موضوعًا تطبيقيًا نستطيع أن نصحح من خلاله .
مما تبقى علينا من أنواع العلوم :
1- موضوع أحكام القرآن
2- التفسير الموضوعي.
أما كتب أحكام القرآن فمما نبدأ به :
علاقة أحكام القرآن بالتفسير :
أحكام القرآن : هو مصطلح أطلقه العلماء على بيان الأحكام التي نص عليها القرآن صراحة . ثم أيضًا أضاف المتأخرون ما يمكن أن يستنبط من هذه الآيات أو من غيرها .
أحكام القرآن : بيان الأحكام التي نص عليها القرآن صراحة ,ثم مع التطور الذي في التأليف دخلت قضيتان :
القضية الأولى : الاستنباط والاستطراد من هذه الآيات التي هي آيات الأحكام .
القضية الثانية : استنباط أحكام من آيات هي في أصلها ليست من آيات الأحكام إنما تكون قضية خبرية فيستنبط منها بعض العلماء الأحكام .
فإذا : هذا التطور الذي حصل في الكتابة في أحكام القرآن من الأشياء الذي يحسن أن ينتبه إليها طالب العلم ، و السبب الذي نورد فيه هذا التطور هو: التنبه إلى كيف كان هذا العلم يكتب قديمًا ، ثم كيف تطور هذا العلم. فلماذا مثلاً إذا رجعنا إلى الكتب المتقدمة في أحكام القرآن نجد أن الكتاب صغير، والآيات التي فيه آيات محدودة ، ومعروفة يكاد يتفق على أنها من آيات الأحكام .
ثم إذا تقدم بنا الزمن بعد ذلك وجدنا أن هذه الكتب تزداد وتتضخم شيئًا فشيئًا، طبعًا من أسباب الزيادة ما ذكرته لكم وهو دخول الاستنباط من آيات الأحكام في آيات الأحكام .حيث أن ممن يعنى بالأحكام
يناقش هذا الحكم ويستطرد في مناقشة أحكام مرتبطة به ـ استنباطات من هذا الحكم ـ
كذلك يُدخل مناقشات العلماء ، وأقوال العلماء ، وتفصيلات . هذا مما لاشك يزيد في كمية الكتاب .
كذلك مما يدخل بعض الآيات الخبرية وما يمكن أن يستنبط منهامثلا . قوله تعالى : (( وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون )) هذا خبر لكن هل يتضمن هذا الخبر شيء من الأحكام ؟ تجد أن بعض من كتب في آيات الأحكام يستطرد هنا للحديث عن أحكام الهدية مثلا . هذا استطراد في أحكام الهدية هو ليس من صلب آيات الأحكام ، وإنما الأصل أن آيات الأحكام أن تناقَش الأحكام التي نص عليها القرآن صراحة مثل قوله سبحانه وتعالى : (( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة ....)) هذا حكم مباشر ، فمثل هذا الحكم المباشر هو الذي يمكن أن نطلق عليه آيات الأحكام
وإذاكانت هذه آيات الأحكام فما علاقتها بالتفسير ؟وهذه قضية مهمة جدًا ، ومن المهم الانتباه إلى تمايز أنواع العلوم .
وتمايز أنواع العلوم مفيد جدًا لطالب العلم عمومًا ؛ لأن تداخل أنواع العلوم مظنة لعدم الفهم يقع فيه لبس في الفهم.
هذا الذي بين يدينا الآنو هو آيات الأحكام ، إذا تاملناه سنجد أن جزءًا منه لا ينفك عن معنى التفسير ، وإن جزءا من كتب الأحكام هي خارج التفسير .
مالذي يمكن أن يدخل في التفسير ؟ والذي هو خارج التفسير ؟ والذي جعل بعض من يكتب في باب التفسير يخرج آيات الأحكام ظنًا منه أنها تتكلم عن قضايا فقهية وهكذا هو الحال لكن هي في الحقيقة جزء منها لا يمكن أن تنفك عن التفسير. على سبيل المثال :الآية التي ذكرتها وهي قوله تعالى :(( ياأيهاالنبيإذاطلقتمالنساءفطلقوهنلعدتهنوأحصواالعدة ....)) هل يكمن أن نفهم الحكم الشرعي بدون فهم المعنى ؟لا يمكن .
إذا : في مثل هذا الحال نقول : إن الحكم الشرعي مبني على فهم المعنى .
لو سألت مثلا : (( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ...) ) لو لم يعرف التالي للقرآن معنى يئسن من المحيض فإذا لن يفهم الحكم الشرعي المترتب على ذلك .
إذا : هنا ارتباط بين الحكم الشرعي ومعنى التفسير ، فهذا الجزء هو في الحقيقة تفسير ولابد للمفسر أن يعلمه ويعرفه لكن لو نحن أخذنا في الاستطراد في هذه الأحكام وما يترتب على طلاق اليائسة وهل لها سكنى أو ليس لها سكنى وأحكام مترتبة على ذلك واستنباطات فهذه في الحقيقة خارج حدود التفسير.
إذا : نحن دخلنا إلى شيء وراء المعنى ، والقاعدة التي أخذناها في بداية الكلام : أننا إذا خرجنا إلى ماوراء المعنى فنحن خرجنا عن حد التفسير إلى أمر آخر هو مرتبط بالآية بلاريب ، وهو جزء من علوم الآية بلا ريب ، لكنه ليس هو علم التفسير .
التفريق في هذا الأمر بين هذين النوعين مهم جدًا لنعرف مدى التطور الذي حصل في كتب أحكام القرآن وأن من كتب في أحكام القرآن هو سيختلف في أمرين :
1- إختياره للمعنى الذي يوافق مذهبه الفقهي .
2- استطراداته الفقهية . بمعنى أننا نقول الخلاف الذي سيقع ـ إن وقع ـ في كتب الأحكام في أحد الجانبين .
الجانب الأول : إذا كانت وقع فيها خلاف ، أو الحكم الشرعي المنصوص عليه الذي وقع فيه خلاف بين الفقهاء ، فكل سيفسر الآية على مذهبه .
الجانب الثاني : الاستطرادات التي ستقع بعد فهم المعنى .فهذه التي ستتمايز بها كتب أحكام القرآن .
من أوائل من كتب في أحكام القرآن ونسب له كتاب : الإمام الشافعي توفي سنة : 204 هـ . قد ذكر هذا في بعض كتبه وأشارإلى أحكام القرآن .
وعملالبيهقي رحمه الله مستخرجا لأحكام القرآن عن الإمام الشافعي وكتب فيه أيضًا أبو الحسن علي بن حُجر توفي سنة 244هـ كتب في أحكام القرآن .
والقاضي إسماعيل بن إسحاق الجهضمي من أشهر من كتب في أحكام القرآن توفي سنة 282هـ وهو ينسب إلى المالكية .
وأبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي توفي سنة 321هـ كتب كتابا في أحكام القرآن .
والطحاوي حنفي المذهب ، وقد طبع الموجود من كتابه وهو كتاب نفيس جدًا ، يذكر فيه أقاويل أئمة الحنفية المتقدمين : أبو يوسف ، وزُفر ، وأبو حنيفة . فهذا الكتاب يعتبر من الكتب النفيسة وفيه نفس أبي جعفر الطحاوي وهو نفس عال جدً، ا وفيه تحقيقات في هذا الكتاب يحسن بطالب العلم أن يقتني مثل هذا الكتاب ويستفيد من منهجية مؤلفه . ومؤلفه معروف منزلته في العلم ، له كتب كثيرة جدًا في العلم .
أيضا : من الكتب المشهورة والمطبوعة كتاب الجصاص الحنفي توفي سنة 370هـ ، وكتاب الجصاص بما أننا قلنا الحنفي إذًا : فإنه سينتصر لمذهب أبي حنيفة ، وقد وقع لكنه ـ رحمه الله ـ كان متعصبًا للمذهب ، والتعصب للمذهب أحيانًا يكون مفيدًا إذا كان المتعصب عالمًا فإنه يخرج من المسائل والمناقشات والجدل ما يستفيد منه طالب العلم .
أما بعض ما يقع سواء من الجصاص أو ممن سيأتي غيره من الألفاظ أو التشنيعات التي تحصل فإن طالب العلم عليه أن يأخذ بغُنم الكتاب ويترك غُرمه ، ويكون هذا مما يكون في سوءة في بحر حسنات أمثال هؤلاء العلماءـ رحمهم الله ـ لأن بعض طلاب العلم إذا اطلع على من تكلم فيه الجصاص أو يعبر به أحيانًا قد يستغرب كيف عالم مثل الجصاص يقول مثل هذا الكلام؟ المفترض من طالب العلم أن يعرض صفحًا عن هذا ، ويدعوا لهم ويستغفر لهم ، ويعتبرها من الهفوات التي تغمر في بحر حسناتهم .
مثله أبو بكر ابن العربي توفي سنة 543 هـ له كتاب أحكام القرآن .وهو من كتب أحكام القرآن النفيسة وهذا الإمام من الأئمة الذين يحرص طالب العلم على اقتناء كتبهم والاستفادة منها ، وابن العربي أيضًا وقع في كتابه مثل ما وقع في كتاب الجصاص من بعض العبارات النابية في حق بعض الأئمة الشافعي، وأبي حنيفة ، وإن كان لايذكر مذهب الإمام أحمد إلا لَمامًا ، وإلا أغلب مناقشاته مع الشافعية و الحنفية وأغلب ما يكون مع الشافعية .
لكن المقصود وقع أحيانًا في بعض العبارات التي أيضا تتطلب منا نحن أن نجعلها من الأشياء التي لا تساوي شيئا في حسنات أبي بكر ابن العربي ـ رحمه الله ـ .
ويتميز هذا الكتاب بحسن التنظيم و توزيع المسائل العلمية ، ولهذا نجده يذكر في المسألة في الآية عدة مسائل . يقول مثلاً : قوله تعالى : كذا وفيها عشر مسائل : المسألة الأولى ، المسألة الثانية حتى ينتهي من جميع المسائل .
وأيضا من الكتب التي خرجت مؤخرا : كتاب ابن *** "لم يتبين لي اسمه " وهو كتاب متوسط وجيد
ومن أوسع الكتب التي خرجت كتاب القرطبي توفي سنة 371 هـ .
والكتاب الذي عنونه باسم الجامع لأحكام القرآن .
والقرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ قد قصد في التأليف أمرين :
1- بيان التفسير .
2- بيان الأحكام . مع الحرص على الاستطراد في الأحكام وبيان بعض القضايا الفقهية المرتبطة بالألفاظ .
إذا جاءت لفظة تشير إلى حكم فقهي فإنه رحمه الله يستطرد في هذا الحكم ، حتى يظن القارئ لها الذي لا يعرف منهج المؤلف أن هذه الآية أنما نزلت في شأن هذا الحكم الفقهي .
فمثلا : تكلم عند قوله تعالى : (( وقلنا يا آدم اسكن انت وزوجك الجنة ... )) عن أحكام السكنى الرُقبى والعُمرى .
وانتقده في ذلك أبو حيان أنه قال : إن بعض المفسرين ذكرعند هذه الآية أحكام السكنى وغيرها وهذه محله كتب الفقه وليس كتب التفسير .
ونحن نستفيد من هذا الانتقاد من أبي حيان فائدة مهمة جدًا: وهي أنه لايلزم أن تكون المعلومات التي في بطون كتب التفسير من التفسير إذ قد يكون هناك شيء من الاستطرادات التي يستطرد بها المؤلف .
وهذا الاستدراك الذي ذكره أبو حيان ذكره في أكثر من موطن وكذلك ابن عطيه ، وغيرهم من العلماء حينما يعلقون على بعض المسائل أن محل هذا إنما هو كتب ذلك الفن وليس كتب التفسير .
هذه بعض الكتب التي خصت بما يمكن أن يسمى بمصطلح أحكام القرآن ، ويمكن الرجوع لرسالة الدكتور علي العبيد في أحكام القرآن .
نسيت أن أذكر مؤلف متقدم وهو مقاتل ابن سليمان ، توفي سنة 305 هـ وقد مر علينا هذا العلم أكثر من مرة .
أيضا له كتاب الخمسمئة آية . وهو كتاب مرتبط بالأحكام ، وهذا الكتاب حقق في رسالة علمية ولكنه لم يطبع إلى الآن ، ولو طبع لكان فيه فائدة في معرفة تعامل ذلك الجيل مع آيات الأحكام ، وكيف بدأ التطور الذي ذكرته لكم يحصل شيئا بعد شيء .
كتب أحكام القرآن في طريقة الترتيب سارت على طريقتين :
1- ترتيب القرآن على سور القرآن .
وهذه الطريقة هي الطريقة السائدة والغالبة إلى اليوم .
مثلا : يبتدئ بسورة الفاتحة وما فيها من أحكام ، ثم سورة البقرة وما فيها من آيات أحكام ، ثم ينتقل إلى سورة آل عمران وهكذا إلى أن يصل إلى نهاية القرآن . هذه الكتب يسهل البحث فيها بالنسبة لطالب علم التفسير لأنه إذا كانت الآية ضمن آيات الأحكام يتجه مباشرة إلى الكتاب ، ثم إلى السورة ، ثم إلى الآية فيجدها ليس هناك أي صعوبة في هذه الطريقة في حال البحث .
2- ترتيب الكتاب على أبواب الفقه.
وقد سار على ذلك أبو جعفر الطحاوي فقد بنى كتابه على الأبواب باب الطهارة ،باب الصلاة وهكذا ، وهذه أيضا سهلة من جهة ، لكن قد تعسر أحيانًا فيما لولم يتبين الطالب الحكم الذي في الآية ، وفيها ميزة : وهي جمع المتناظرات في باب واحد ، وفيها أيضًا مشكلة أخرى وهي تقطيع الآية التي قد تحتويأكثر من حكم ، فيضطر أن يقطع الآية مرة هنا ويذكرها في الحكم الآخر هناك .
هذه ستكون أشبه بالطريقة الموضوعية بالذي يذكر الآيات في موضع واحد في مكان واحد .
وهذه الطريقة كما تلاحظون لا يكاد يوجد لها إلا هذا الكتاب وهو كتاب الطحاوي .
هذه الكتب عموما كما سبق أن ذكرت لكم فيها جانب وهي أن المؤلف سواء شاء أم أبى سيبرز مذهبه من خلال آيات الأحكام .
فإذًا معرفة المذهب الذي ينتمي إليه المؤلف تفيدنا في معرفة التوجه العلمي الفقهي الذي سيسلكه المؤلف في الغالب، إذ نادرًا ما يخرج المؤلف عن المذهب الذي ينتمي إليه .
بناءا على ذلك فإنه يمكن أن يكون عندنا مجموعة من البحوث التي نبتدعها من خلال هذه الحيثية بالذات مثلا : يمكن أن تدرس أصول الحنفية من خلال كتب الأحكام التي ينتمي مؤلفها إلى مذهب الحنفية ، وأصول المالكية وأثرها من خلال الكتب التي للمالكية ، وأصول الشافعية وأثرها من كتب آيات الاحكام من خلال الكتب التي ألفها الشافعية
هذه نقطة من النقاط التي يمكن ان تبحث أيضًا .
مما يمكن أن يبحث : الموازنة بين كتابين إما في مذهب واحد وإما في أكثر من مذهب .
أيضًا يمكن أن يبحث الاختيار الفقهي عند فلان أو من خلال آيات الأحكام عند الحنفية ، فإذا عندنا إمكانية ذكر أكثر من مثال أو أكثر من بحث .
مما أولع به المعاصرون البحث الذي يتناسب مع قضايا العصر . وهذا وإن كانت تكون مساحته ضيقة في هذه الكتب ، إلا أنه يمكن أن يستقرأ كل ما في كتب الأحكام لإبراز قضايا العصر عند هؤلاء ، وأثرها في آيات الأحكام ، يعني هل ذكروا قضايا مرتبطة بعصرهم ، وكيف ناقشوها وعالجوها . هذا يمكن أن يبحث باستقلال .
الفكرة أن تُستقرأ كتب آيات الأحكام الموجودة في السوق ، ويُنظر في القضايا التي كانت معاصرة لهم وعالجوها من خلال آيات الأحكام ، ومن خلال القراءة أقول لكم ـ وهذا مبدئي ليس حكمًا نهائيًا ـ سنجد أنها قليلة ليست كما يتصور بعضهم أنها كثيرة . وهذا له أسباب ليس هذا محل ذكرها . لكن أقصد من ذلك أن هذه أيضا
من الأشياء التي يمكن أن تبحث.
عندنا أيضا من القضايا المرتبطة بكتب آيات الأحكام وهو ما ذكرت لكم من قضية الاستطرادات التي تحصل في الكتب أيضا مما يمكن أن يبحث موضوع وهو تقسيم هذه الكتب بما له علاقة بالآية مباشرة من خلال الحكم ، وما هو من باب الاستطرادات . وسنجد أمثلة كثيرة جدًا في هذا الباب . لأن كثير من كتب آيات الأحكام خصوصًا المتأخرة أضافت إضافات كثيرة على المنصوص عليه في الآية . ففيها مجال رحب جدًا لمناقشة قضايا فقهية كثيرة .
أيضًايمكن أن يدرس في نفس الكتب : موضوع الأحكام الفقهية التي طرحها هؤلاء وموازنتها بالمشهور من المذهب عندهم . بمعنى أن هؤلاء هل هم مفسرون أرادوا أن يتفقهوا ، أو فقهاء ففسروا وأضافوا مع تفسيرهم فقه؟ وهذا لا يبرز إلا من خلال الموازنة مع كتب الفقه المشهورة في المذهب ، ولا أعرف أن هناك دراسات قائمة بما ذكرت لكم من هذه الأنواع من البحوث التي يمكن أن تدرس في هذا المجال .
من القضايا التي يُنتبه إليها في كتب آيات الاحكام تمثل هي مشكلة لكن يمكن حلها ، أن كتب آيات الأحكام لا تُعنى في الغالب بقضايا التفسير ، بمعنى أنه ليس من هم الذي ألف في آيات الأحكام أن يناقش الآية من جهة التفسير كاملة وأن يرجح المعاني التي لا علاقة لها بحكم الآية . في الغالب لا نجد هذا النقاش موجودًا ، وإنما ينصب كلامه على الحكم الفقهي من حيث هو حكم ، أما كيف وصل إلى المعنى ؟ ما هي القواعد التي أعملها ؟ أقوال المفسرين وكيف تعامل معهاهذه تكاد في الغالب لا تكون موجودة لأن كتابه في الحقيقة هو كتاب آيات الأحكام وليس كتاب تفسير أصالة .
إذا أردنا أن نعرف الفرق لو نحن بحثنا في آية من الآيات عند ابن العربي والقرطبي لوجعلنا موازنة وأنا سأطلب منكم هذه الموازنة نموذج موازنة ، لكي نعرف الفرق في طريقة عرض الآية . يعني يمكن أن نرجع إلى الصفحة الأولى من سورة الطلاق . ونعمل موازنة بين كتاب ابن العربي أحكام القرآن ، والقرطبي في كتابه الجامع لأحكام القرآن. ما الذي سنجده ؟ بأن ابن العربي قد أقام كتابه على أحكام القرآن فقط ، فإن قضايا التفسير عنده ستكون ماذا ؟ تكاد تكون غير موجودة إلا ما يقوم الحكم الفقهي عليه . أما في الجامع لأحكام القرآن سنجد أنه يفسر ثم يبين الأحكام .
هذا الآن كلام نظري ، لإثباته تطبيقا أطلب منكم أن ترجعوا لهذين الكتابين وتعملون موازنة بين الكتابين في الصفحة الأولى من سورة الطلاق .
المراد فقط أن نعرف ما هي المعلومات الموجودة عند ابن العربي ليست موجودة عند القرطبي ، وما هي المعلومات الموجودة عند القرطبي ليست موجودة عند ابن العربي معلومات عامة فقط ، ما هي الآيات التي فسرها القرطبي ولم يفسرها ابن العربي أو المقاطع التي فسرها القرطبي ولم يفسرها ابن العربي لأن القرطبي فسر جميع الآيات وابن العربي يختار .
هذه الموازنة ستعطينا النظرية التي ذكرتها لكم قبل قليل هل هذه النظرية صحيحة أو عليها إشكال .
من القضايا المعاصرة التي نجدها عند المعاصرين نذكرها من باب الفائدة ؛ لأن من سيكون بإذن الله منكم في المستقبل مدرسًا للتفسير ولهذه العلوم أحب أن أضع عنده فكره أو نظرة وهي أن الجامعات تحرص على أن يوجد فيها مادة اسمها آيات الأحكام خصوصًا الدراسات الشرعية .
وأنا نظري الخاص منذ أن درست هذه المادة أنه لا يصلح أن تفرد مادة لطلاب كلية الشريعة باسم آيات الأحكام . والسبب : أن طلاب كلية الشريعة أصلا يدرسون الفقه بالتفصيل في مادة مستقلة اسمها الفقه وهي مادة أصيلة عندهم ، ومادة ستستوعب أغلب أحكام الفقه هم ليسوا بحاجة لأن يدرسوا آيات الأحكام لأن هذا سيكون تكرار عليهم فقط .الذي أخذوه في أبواب الطهارة والصلاة والزكاة والحج هو ما سيأخذونه في آيات الأحكام وقد يكون أقل .
ولهذا أقترح : أن من يدرس الفقه على سبيل التفصيل يأخذ التفسير كاملاً مادة التفسير لا مادة لآيات الاحكام ،أما إذا كانت الكلية ليس فيها فقه على سبيل التفصيل فيمكن أن تدرس مادة آيات الأحكام هناك بحيث تكون معززة لمادة الفقه وإن كان قد يقع فيها تكرار لكن على الأقل كونه متخصص يحسن أن يدرس هذا وذاك .
وكم جميل لو كانت آيات الأحكام تدرس من خلال سورة كاملة فيكون المادة اسمها آيات الأحكام لكن من خلال سورة النور . بحيث يأخذ جميع سورة النور تفسيرًا ويأخذ أيضًا ما تضمنته من أحكام فيكون الكلام عن آيات الأحكام مقصودًا والكلام أيضًا عن التفسير مقصودًا. وقس على ذلك غيرها من السور .
هذه اقتراح وملحوظه أطرحها بين يديكم لأن كتب آيات الأحكام بدأنا ننظر الذين يدرسون هذه المادة بدءوا يكتبون مؤلفات وتنزل للساحة ونفس الفكرة لم تتغير ، لكن كتبها فلان أو كتبها فلان واختلفوا فقط في قضية الترجيح ، والآيات هي الآيات وهي كلام العلماء هو نفسه لم يتغير شيء إلا أنه فلان هو الذي كتب قد يكون عنده تميز في أمر ما لكن المقصود أن الكتب في النهاية هي واحدة .
سؤال : ما علاقة آيات الأحكام بالتفسير ؟ صار واضح عندنا أن آيات الاحكام لو كانت فقط تناقش الحكم المنصوص عليه فإنها جزء من التفسير، لكن الواقع الذي نجده في كتب آيات الاحكام هي في الحقيقة جزء من علم الفقه .
الواقع الذي نجده في آيات الأحكام أنها في الحقيقة جزء من علم الفقه ، يغلب عليها الجانب الفقهي على الجانب التفسيري .
هذا باختصار ما يتعلق بآيات الاحكام , لو طلب منك بحث حكم آية عند المالكية ستتجه إلى كتب المالكية أو إلى غيره من المذاهب ستتجه إلى الذي طلب منك وحدد .
إذا كان مطلوب بحث عام استقرائي لآيات الأحكام فأنت ترجع إلى كتب آيات الأحكام ولكتب التفاسير لأنه ما من تفسير إلا ويذكر الحكم المنصوص عليه ، أما إذا كان من المطولات ففي كثير من المطولات نقاشات أيضا مثل كتب آيات الأحكام فقد تناقش أقوال العلماء وتذكر الراجح أو لا تذكر على حسب طريقة المؤلفين فيها .المقصود : أن كتب التفسير هي أيضًا مرجع من المراجع التي نرجع فيها إلى آيات الأحكام..
ثانيًا : التفسير الموضوعي
عندنا الموضوع الأخير من ناحية المصادر كتب التفسير الموضوعي ..
التفسير الموضوعي كفكرة متكاملة هي وليدة البحث المعاصر خصوصًا في الجامعات , ولما أضيفت هذه المادة في كليات أصول الدين في الأزهر ابتدأ التأليف فيها , وكان من أوائل من ألف فيها السيد أحمد الكومي رحمه الله تعالى , ثم بدأت تتوالى بعد ذلك التأليف وكثرت كثرة خاصة في التطبيقات تفوق الحصر , وصارت الكتابة في التفسير الموضوعي أو في موضوع من خلال القرآن ملجأ للطلاب وكتبوا فيها كتابات كثيرة جدًا , المال في القرآن والجهاد في القرآن الملائكة في القرآن الجن في القرآن , وقس على ذلك من الموضوعات , فإذاً نحتاج نحن الآن فقط أن نعرف ما هي مسارات البحث التي قامت وكيف يمكن الاستفادة من هذا المادة فيما نحن بصدده . التفسير الموضوعي كنسبة فيها إشكال وقد طرحت هذه المشكلة لن نناقشها هنا ولكن طرحتها في ملتقى أهل التفسير , وعندي أن الأفضل في مثل هذا المقام أن يقال النظر الموضوعي في القرآن أو الموضوع القرآني , نريد نحن أن نناقش موضوع من خلال القرآن الواقع الذي يعيشه هذا النوع من الدراسة نجد أنهم يناقشون موضوع من خلال القرآن مثل ما قلنا المال في القرآن النفاق في القرآن الانفاق في القرآن الجهاد في القرآن أو يناقش أيضًا أحيانًا مصطلح من خلال القرآن مثل : " في سبيل الله " في القرآن كمصطلح , ما هو سبيل الله الوارد في القرآن ؟ يعني عندنا موضوع وعندنا مصطلح , وأحيانًا قد يكون أدق أكثر عندما يكون لفظة ليست مصطلحًا وإنما يشترك فيها أن تكون وردت مرة بمعنى مصطلح ووردت مرة بمعنى اللغوي ووردت بمعنًى في سياق آخر – ثلاثة نقاط – وهذا في الغالب تكون شبيه بعلم من العلوم التي سبق أن أخذناها ,
ما هو العلم الذي يشبه الفكرة الثالثة وهي دراسة لفظة من خلال القرآن من جهة لفظية ومن جهة مصطلحية ؟ الجواب كتب الوجوه والنظائر فكتب الوجوه والنظائر أصل لهذه الفكرة .
هناك موضوع من خلال سورة مثل أن يقال التقوى من خلال سورة الطلاق لأنه تعددت لفظة التقوى ,أو الرحمة من خلال سورة مريم لأنه كثرت فيها ذكر الرحمة أو الصدقوآثاره من خلال سورة مريم لأنه تكرر لفظ الصدق والصادقين في مريم , يعني يختار موضوع ويدرسه من خلال السورة , فإذًا هناك مجموعة من الآيات ناقشت هذا الموضوع من خلال سورة فيذكره , وهذا الموضوع من خلال السورة هو الذي قام عليه أستاذنا الشيخ الدكتور مصطفى مسلم في التفسير الموضوعي لسور القرآن وخرج في عشر مجلدات من جامعة الشارقة , بحيث إنهم درسوا كل سورة , وكان له حفظه الله طريقة في دراسة الموضوع وقد طبقها في هذا الكتاب , وكان قد طبقها أيضًا في كتاب له ( تربية الأسرة المسلمة من خلال سورة التحريم ) , وغيرها من الكتب التي أخرجها , فهذا يقال موضوع من خلال سورة .
الآن عندنا يمكن أن نقول إنها كلها تدخل في مصطلح التفسير الموضوعي لكن من الأشياء التي يَحسُن أن ننتبه لها , أن الذين كتبوا في التفسير الموضوعي سواء تنظيرًا أو تطبيقًا , والكتابات التي يمكن أن توصف بأنها من التفسير الموضوعي هي في الحقيقة كتابات متعددة بحيث أن نقول إن أي نظر موضوعي لآيات القرآن أو لسور القرآن هو في حقيقته يدخل في البحث الموضوعي الذي يسمى التفسير الموضوعي , لكن ليس كل من كان عنده نظر موضوعي يمشي على نفس النمط والطريقة التي سلكها بعض المعاصرين , حتى المعاصرون عندهم اختلاف في منهجية البحث في التفسير الموضوعي , ولهذا أقول إن التفسير الموضوعي أو إن الكتابة في التفسير الموضوعي ليست على منهاج واحد , وليس لها طريقة واحدة بل هناك طرق متعددة عند المعاصرين , وكل واحد درس هذه المادة , فإنه يخرج برؤية خاصة عنده , ويبرزها ويرى أنها هي الطريقة التي يحسن أن يسلكها من يريد أن يفسر أو أن يدخل في باب التفسير الموضوعي .
وبناءًا على وجود هذا الاختلاف في هذه الطرق فإنّا نقول أن الأمر فيه سعة لكن أهم نقطة يمكن أن نجعلها أصل في هذا الباب , هو أن يكون النظر الموضوعي موجودا في أي بحث من هذه البحوث , يعني القصد إلى النظر الموضوعي يكون موجودًا في أي بحث من البحوث .
فمثلاً إذا قلنا لأحدنا نريد منك أن تجمع لنا الآيات التي تحدثت عن الملائكة وتذكر لنا من خلال هذه الآيات ما تستنبطه من القضايا المرتبطة بالملائكة يعني أوصافهم الخًلقية والخُلُقية , وأعمالهم ما هي أعمالهم ؟..الخ ثم جمعها لنا خلال خمس ست صفحات بشروحات موجزة , أليس هذا يدخل في البحث الموضوعي في القرآن ؟ الجواب بلى ولكن يمكن لو قدمناه هذا البحث الموجز إلى من عنوا بالتفسير الموضوعي بالطرقة الأكاديمية يقولون هدا ليس تفسيرًا موضوعيًا , وأنا عندي أن الحكم عليه بأنه ليس تفسيرًا موضوعيًا فيه نوع من عدم الصوابية لماذا ؟ لأن حقيقة أن هناك قدر أقل يجب أن نتفق عليه ثم بعد ذلك يكون هناك قدر زائد نختلف فيه إذا وجد القدر الأقل فإنه يدخل تحت هذا الباب المذكور وهو التفسير الموضوعي , وإن كنت أنا أتحفظ على هذا المصطلح كما قلت لكم , لكن سأندرج أو سأتكلم على أنه ليس فيه مشكلة , فنقول أقل ما يمكن أن يقال أن أن أي بحث موضوعي فإنه يندرج تحت مسمى التفسير الموضوعي إذا كان يمتلك موضوعًا معينًا أو يناقش موضوعا معينًا , ثم بعد ذلك تتمايز الكتابة فيه على حسب المناهج الموجودة في التفسير الموضوعي , ففلان له طريقته وفلان آخر له طريقته , وهكذا فهي مجموعة من الطرق في البحث الموضوعي ..
هل نستطيع نحن أن نوجد رابط بين هؤلاء ؟ طبعًا لاشك أن البحث العلمي كما تلاحظون كل واحد منا يبحث ويرى أن هذا أفضل فيقدمه لكن الجميع يشترك في هذه الفكرة وهو أننا عندنا موضوع نحتاج أن نبحثه من خلال القرآن .
هناك كتب كتبت عند المتقدمين لو نحن تأملناه سنجد أنها يمكن أن تدخل في النظر الموضوعي مثل رسالة كتبها العلامة ابن تيمية رحمه الله اسمها القنوت في القرآن , لو رجعنا إلى هذه الرسالة القنوت في القرآن سنجد أنه يستعرض جميع آيات القنوت وهذه أحد الشروط الموجودة في التفسير الموضوعي ,ويبين المعاني السياقية والمعنى اللغوي لها وهذا أيضًا يدخل في شروط التفسير الموضوعي , بل يزيد على ذلك تحرير أقوال المفسرين من الصحابة والتابعين وأتباعهم وما قالوه في آيات القنوت , ثم خلص بنتيجة وهي المراد بالقنوت في القرآن .
أنا بنظري أن هذ انوع من البحث الموضوعي بلا ريب وهو نوع من التفسير الموضوعي
لكن حينما نقول تفسير موضوعي لا يلزم أن نحكِّم ما طرحه ابن تيمية على الشروط والمصطلحات التي اصطلحناها , فإذا أردنا أن نحكِّم الشروط والمصطلحات فهذه الطريقة والمنهجية خطأ , وإنما نقول هذه أحد البذور وأحد اللبنات التي كانت موجودة في التفسير الموضوعي بحثها أحد هؤلاء العلماء مثل ابن تيمية .
لو بحثنا في مؤلفات العلماء المتقدمين لوجدنا أمثلة كثيرة من هذا النوع هناك كتب ورسائل في هذا النوع التي هي بحث موضوع أو بحث لفظة من خلال القرآن يكون مستقل الكلام عن موضوع معين من خلال القرآن يوجد مجموعة من الكتب في هذا المجال , لو تذكرون قبل قليل تكلمت عن كتاب الطحاوي في الفقه في أنه كان نظره موضوعي بحيث أنه جمع آيات الطهارة آيات الصلاة آيات الصيام آيات الحج فهذا أيضًا حقيقة هو نوع من النظر الموضوعي لآيات القرآن , الشيخ السعدي رحمه الله له أيضًافي كتابه المختصر " تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن " هو أيضًا نجد أنه استخدم نفس الطريقة في التفسير الموضوعي تكلم عن آيات العدة آيات الطلاق آيات الصلاة , وهذا أيضًا نوع من النظر الموضوعي .
الكتب كما قلت لكم كثيرة جدًا سواء في التأصيل أوفي التطبيق ,ولا يزال نوع في الحقيقة من الأنواع التي أقول أنه مهم أن يكتب فيها لكن بدون تقصير وبدون أيضًا إطالة لا فائدة فيها ؛ لأن المقصود هو إيصال الفائدة والأحكام العلمية والأدبية الموجودة في الآية بطريق مختصر , وأما الذي نجده اليوم فكثير مما كتب في هذا نجد أن فيه حشوًا وتطويلاً خصوصًا في استخدام الأسلوب الإنشائي في التعبير عن بعض المسائل التي تذكر في مجال التفسير الموضوعي .
وهذه في الحقيقة تبعد عن الفائدة لاستخدام هذا الأسلوب الإنشائي فبدلا أن تكتب الفائدة من سطرين نجد أنه بالإنشاء أخذت عندنا صفحتين أو ثلاث صفحات من أجل فقط التعبير عن هذاا المعنى الذي هو يختصر في سطرين وقد رأيت هذا في بعض الكتب التي كتبت بهذه الطريقة .
نعم كتاب التفسير " تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن " هذا في الحقيقة أنه كتاب من كتب التفسير الموضوعي أو كتب موضوعات قرآنية بطريقته رحمه الله قبل أن تخرج كتب التفسير الموضوعي , ولا شك أن التفسير الموضوعي كما تذكر الباحثة الدكتورة ..... السريع هو كذلك , لكن أنا أحب أن تنتبهوا إلى فائدة مهمة نناقشها ونجعلها نقطة تكون للتفكير , من خلال تعريفنا للتفسير وهو بيان المعاني , ماذا سيقدم التفسير الموضوعي للمعاني ؟
الجواب : في الغالب – وأنا استخدم لفظة في الغالب احتياطًا وإلا أنا عندي هو أن الأم كليًا – أنه لن يقدم معنًى زائدًا بل التفسير الموضوعي من يبحث في التفسير الموضوعي محتاج لفهم المعاني من خلال ما فهم المفسرون , ثم يبني بعد ذلك معلوماته التي يريد بناءها , على سبيل المثال لو كان يتكلم عن الشهادة في القرآن أول عمل سيعمله سيأخذ مادة شهد وسيجمع كل ما فيها مما جاء في القرآن , سيجد وهو يدرس هذه الآيات لأنه لا بد أن يرجع إلى أقوال المفسرين , وهذا أصل عند جميع من كتب في التفسير وهذا بالإجماع , لابد من الرجوع إلى ما يسمى بالتفسير التحليلي , فإذا رجع إلى التفسير سيجد أن لفظة الشهادة في بعض المواطن وقع فيها خلاف على سبيل المثال في قوله تعالى :" وشاهد ومشهود "
وقع فيها خلاف عريض بين المفسرين , كيف سيتعامل هو في جانب التفسير الموضوعي مع هذا الخلاف ؟الذي يقع والذي رأيته في بعض الرسائل أنا ماقرأت جميع الرسائل لكن ماقرأته أن الذي يكتب يعرض عن ذكر الخلاف إعراضًا تامًا بناءًا على أن كتب التفسير الموضوعي ليست كتبًا لعرض الخلاف .
هذا كلام صحيح نظريًا لكن يلزم أن يبين لنا الباحث لماذا اختار هذا المعنى دون ذلك المعنى إذا كان يرجح هذا المعنى ويرى المعنى الآخر ليس راجحًا, إذا كانت المعاني كلها عنده صحيحة كيف يستطيع أن يوظفها في البحث في أكثر من موطن ,أيضًا هذه مهارة أخرى قلما تجدها في كتب التفسير الموضوعي , في الاستفادة من الخلاف بين المفسرين في جعل هذا القول في هذا الموطن والقول الآخر في موطن آخر لأن هذا صحيح والآخر صحيح مع التنبيه على الاختلاف في أحد الموطنين .
الجانب الذي يتميز به البحث الموضوعي هو الاستنباط , أي باب الاستنباط هو الباب الذي نجده في البحث الموضوعي , بمعنى أننا استطعنا أن نعرف ما هي صفات الملائكة من خلال جمع الآيات التي تتحدث عن الملائكة , ما هي أساليب المشركين في الصد عن دعوة الله استطعنا أن نجمعها في مكان واحد فعرفنا ما هي الأساليب : الأسلوب الأول الأسلوب الثاني ... وهكذا.
هذه القضايا لا يمكن أن ندركها إلا بطريق الجمع الذي ذكرناه في التفسير الموضوعي , أما في التفسير التحليلي قد يفوتنا مثل هذا لكن من جاء إلى موضوع قصد جمع أطرافه فسيبرز عنده هذه الأشياء .أما جانب المعاني فإنه لن يتغير, معنى الآية كذا هو كذا لا يتغير عنده ؛ لأنه يعتمد على ما قاله المفسرين , فإذن هو يفيدنا في جمع الآيات وما يترتب عليها من فوائد في الترتيب , مثلا: أساليب المشركين في الصد عن دعوة الله تكون مجموعة في مكان واحد ,أيضًا الاستنباط من هذه الآيات أو استنباط قضايا في هذا الموضوع , استطاع من خلال جمع الآيات أن يخرج لنا استنباطات معينة .فإذن باب التفسير الموضوعي في الحقيقة هو جزء من الاستنباط , ومهارة من يبحث في هذا هو في قدرته على هذين الأمرين :
1- جمع الفوائد التي جمعها من الآيات التي اجتمعت عنده .
2- ثم الاستنباط من هذه الآيات أو من هذا الموضوع الذي ذكره .
أما باب المعاني كما قلت لكم سابقًا ففي الغالب أنه لا يضيف جديدًا , ولهذا تسميته تفسير هي مشكلة من هذا الجانب كما ذكرت لكم قبل قليل,هذا باختصار عن التفسير الموضوعي وكتبه كثيرة جدًا خاصة في هذا العصر كثيرة كثرة غالبة لا نحتاج أن نقول الكتاب الفلاني الكتاب الفلاني .
لكن كتب فيه تأصيلاً شيخنا الشيخ مصطفى مسلم وكذلك الأستاذ زيد عمر ,وكتب أيضًا الدكتور زيد....( لم يتبين لي الأسماء التي ذكرها بعد ذلك ). والخالدي أيضًا له كتاب في التفسير الموضوعي .
هم كتبوا تأصيلات كتبوا في التأصيل وهذه الكتب التي في التأصيل وقع أيضًا عند هؤلاء , هؤلاء اختلفوا في طريقة معالجة الموضوعات , وما لذي يمكن أن يعالج من خلال الموضوعات يعني وقع خلاف في التنظير وتبعه أيضًا خلاف في قضية التطبيق , وأيضًا هناك كتاب نقدي نسيته لا يحضرني اسم صاحبه للتفسير الموضوعي .
أسئلة الطلاب وإجابة الشيخ عنها :
س1/ ما هي أفضل الكتابات فيه برأيك شيخنا ؟ من جهة التطبيق وليس التأصيل ؟
ج/ ما عندي كتاب يمكن أن أقول عنه هو أفضل كتاب , أنا أقترح دائمًا على من أراد أن يبحث أن يجمع هذه الكتب ويقرأها ويخرج بخلاصة .
من جهة التطبيق أيضًا مشكلة التطبيق لايزال عندي ملحوظات كثيرة على التطبيق لأنها مبنية على تأصيل الأفكار قبل , وقد نقدت موضوع التفسير الموضوعي في ملتقى أهل التفسير وذكرت بعض المشكلات التي أرى أنها لم تذكر حتى الآن ولم تذكر طريقة معالجتها , ومنها شيء ذكرته لكم قبل قليل في كيفية التعامل مع اختلاف المفسرين فيما إذا كان الموضوع الذي في القرآن طرح بطريقة معينة , وفي السنة طرحت أشياء أخرى كيف نستفيد من السنة في القرآن ؟
مثلاً على سبيل المثال : الصلاة في القرآن كتب فيها كتب كثيرة يعني كعنوان ( الصلاة في القرآن) ومنها كتاب الدكتور فهد الرومي (الصلاة في القرآن ).
إذا جئنا إلى موضوع الصلاة في القرآن ستنجد مثلاً قضية فرض الصلاة أين كان فرض الصلوات الخمس ؟ كان كما نعلم في حادثة المعراج , لا نجد في القرآن أي إشارة إلى فرض الصلاة في القرآن مع أهمية هذا الموضوع , وما له من أثر , فكيف أستطيع أن أذكر فرض الصلاة في السماء , وهي غير موجودة في القران ؟ كيف أتعامل مع هذه المشكلة العلمية ؟ لا تجد في كتب التفسير الموضوعي التي قرأت حلاً لمثل هذه القضية لأنهم يقولون إن الموضوع يجب أن يكون قرآنيًا , مرتبط بالقرآن , وكيف طرح الموضوع , فإذا كان الموضوع ليس مذكورًا في القرآن فمعنى ذلك أننا لسنا ملزمين بأن نكتب عنوانًا غير قرآني هذه الفكرة باختصار .
فإذن فرض الصلاة في السماء , يعتبر من الأهمية بمكان فإغفاله في مثل هذا المقام هو إغفال لأمر كبير ومهم في هذا الموضوع فمثل هذه القضية أو الإشكالية تقع في التفسير الموضوعي , كيف نستفيد من السنة مع القرآن لم أجد أحدًا كتب كتابة واضحة مؤصلة في هذا القضية .كيف نستفيد من أقوال المفسرين خاصة أو اختلافات المفسرين في التفسير الموضوعي , لم أجد أيضًا من أصَّل هذا الموضوع تأصيلاً وهذا كله مرتبط بفهم منظومة أصول التفسير , وما يسمى بالتفسير التحليلي ثم الخروج بعد ذلك إلى التفسير الموضوعي .
س/ وحدة الموضوع ألا يساعد في ترجيح أحد المعاني لبعض الألفاظ ؟
ج/ لا وحدة الموضوع لا يساعد في ترجيح أحد المعاني لبعض الألفاظ , وحدة الموضوع ليست كافية في الترجيح .
س/ الدكتور محمد كان يقول أنه ممكن ذكر ذلك في الحاشية كتدعيم فقط ولا يوضع في المتن ؟
ج/ الحاشية محل لما لا يكون في الأصل نتفق عليه , لكن الحاشية نهرب إليها إذا كان إدخال الأمر في المتن يعتبر فيه إشكال فنهرب إلى الحاشية لأنها مجال للإضافات , فهذا حل لكنه ليست المشكلة هنا الآن , المشكلة في التأصيل هؤلاء الذين أصلوا لنا لم يبرزوا لنا كيف نتعامل مع هذه القضية , فأنا قصدي في التأصيل , فما يذكره الدكتور محمد هذا أحد الحلول في طريقة التعامل مع بعض المسائل التي ذكرت في السنة ولم تذكر في القرآن .
س/ هل تؤيدون فكرة تدريس التفسير الموضوعي للسورة بدلا من التفسير التحليلي لكل آية لمساعدة من يريد حفظ السورة خصوصًا السور الطويلة عن طريق ربط أجزائها ؟
ج/ لا لا أؤيد تدريس التفسير الموضوعي بدل التفسير التحليلي إطلاقًا , التفسير التحليلي أصل لا بد منه ويجب أن نعلم أن قضية الآيات كل آية لها موضوعها المستقل , ولها هدفها المستقل ولها فوائدها المستقلة التي لا يمكن أن نخرج بها من طريقة التفسير الموضوعي كما أن التفسير الموضوعي له فوائد فلا نجعل الموازنة بينهم إما هذا وإما هذا لماذا لا نقول هذا وهذا نجمع بين هذا وهذا وكلما أمكن الجمع بين أمرين ليس بينهما تعارض فهذا أولى وأحسن .
س/ ما هو القدر الأقل الذي يصدق عليه أنه نظر موضوعي ؟
ج/ القدر الذي يصدق عليه أنه موضوعي كما قلت لكم قبل قليل أنه يُكوِّن وحدة موضوعية من خلال القرآن , مثلاً التيسير في القرآن الملائكة في القرآن الجن في القرآن , لو جمع جميع الآيات التي فيها وبين الفوائد والأحكام منها حتى لو كان في خمس صفحات أنا أعتبره هذا تفسير موضوعي في النهاية لأنه هو نفس الأصل , بدون كثرة كلام وبدون قضايا إنشائية ,وبدون عناوين متعددة , يمكن أن يجمع موضوع بهذه الطريقة , وأنا أقول أن التركيز في هذا المجال في هذه البحوث أولى من التشتيت , وأولى أيضًا من كثرة الإنشاء الذي يطغى على البحث فيبتعد الأمر عن الفائدة العلمية .وإذا أردتم الدليل على ذلك اقرءوا في الموسوعة التي خرجت بإشراف الدكتور مصطفى مسلم , ستجدون في بعض السور حشو من الكلام الإنشائي الذي يمكن أن نستخرجه في سطر واحد , يعني ما هي مناسبة كذا ؟ تجده يعبر ويعبر وفي النهاية المناسبة كيت وكيت فقط وانتهى الموضوع .
لكن لأن الطريقة أريد لها أن تسلك بهذه الطريقة صار يكثر الكلام والإنشاء بناء على الفائدة .
س/لمسنا من دراسة آيات الأحكام ميزةعن دراسة الفقه من كتب الفقه ..ألا يدل هذا على أن الاعتماد على النص وفهمه وما يتعلق به يعطي عمقً في فهم المسائل ؟
ج/ هذا الكلام جميل لو كان الذي يدرس أو يكتب في الأحكام ليس فقيهًا , هم فقهاء في النهاية , ولن يأتوا بشيء خارج عما ذكر في كتب الفقه , وإن وجد فهو قليل ولعله يكون محل بحث يعني ما هي الأشياء التي زادت عند من كتب في أحكام القرآن عن القضايا الفقهية التي طرحها الفقهاء في هذا .
س/ شيخنا أليس وحدة الموضوع داخل إطار السياق والسياق يؤثر في الترجيح ؟
ج/ وحدة الموضوع لا أثر لها في الترجيح وإنما السياق في حدود معينة , يعني مثلاً لو قلت موضوع سورة النبأ البعث , وبناءً عليه أرجح أن قوله سبحانه وتعالى : "عن النبأ العظيم " أنه هو البعث , لأن موضوع السورة هو البعث , أنا لا أرى أن هذا طريقة في الترجيح هي مؤنسة بذلك , ولكن هل غفل مجاهد أو قتادة لما قال : القرآن وغفل عن هذا المعنى وغفل أن السورة كلها تتحدث عن البعث , يجب أن يكون عندنا نوع من التأني في هذا الأمر.
س / هل يساعد علم الناسخ والمنسوخ في التفسير الموضوعي ؟
حسب الموضوع الذي نحتاره , وهذه العلوم متداخلة لكن لا يصلح أن نقول هذا يساعد وهذا لا يساعد لكن من حيث العموم قد يكون الحكم إذا كنا ندرس أحكام فيه ناسخ ومنسوخ فنحتاجه , وقد لا يكون كذلك, فلانجعل مثل هذه الحدود الضيقة أحكام تؤثر علينا في قضية البحث , يعني لو كنا نذكر الطلاق في القرآن قطعًا سيأتينا قضية الناسخ والمنسوخ لأننا نتحدث عنه كموضوع في القرآن لكن لو كنت أبحث عن موضوع ليس له علاقة بالناسخ والمنسوخ لن أتعرض له .
س/ هل نستطيع أن نقول أن التفسير الموضوعي هو تفسير القرآن بالقرآن ؟
لا تفسير القرآن بالقرآن شيء والتفسير الموضوعي شيء آخر . تفسير القرآن بالقرآن فيه وحدة موضوعية في جزئية معينة , أن معنى هذه الآية هو معنى هذه الآية , أما فكرة التفسير الموضوعي أوسع من ذلك بكثير, فأنا أبحث في جميع القرآن , ما هي الآيات التي تجتمع في موضوع واحد .
أما تفسير القرآن بالقرآن , أنا أبحث عن هذه الآية , وما لذي يفسرها من آيات أخرى , أما التفسير الموضوعي أنا أبحث عن ما هي الآيات التي تتحدث عن موضوع واحد , وقد تكون الآيات التي تتحدث عن موضوع واحد لا علاقة لها بعضها ببعض , وليست من باب التفسير يعني ليست هذه الآية تفسر هذه الآية , وإنما تحدثت عن نفس الموضوع , وهذه تضيف قضية في نفس الموضوع وهكذا .
مثاله : ما ذكره قتادة في فوائد النجوم أنه قال أن الله خلق النجوم لفوائد ثلاثة , ومن زعم غير ذلك فقد كفر , وذكر أنه جعلها زينة للسماء وأنه جعلها رجومًا للشياطين , وأنه جعلها علامات يهتدى بها وذكر الآيات المعروفة , قوله تعالى :" وعلامات وبالنجم هم يهتدون " وقوله : إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب * وحفظًا من كل شيطان مارد " , فهذا إذن الآن جمع الآيات المرتبطة في فائدة خلق النجوم ضمن منظومة النجوم أو ما يتعلق , فهذا ليس تفسيرًا لأن كونها زينة لا يفسر كونها رجومًا للشياطين وكونها علامات يهتدى بها , فكلها تدخل في معنى واحد وهو فائدة النجوم .
س/ هل نستطيع أن نقول أن كثيرًا من كتب السلف هي من التفسير الموضوعي كرسالة العبودية والإيمان وتزكية النفس لشيخ الإسلام ؟
ج/ لا ليس كذلك لأن هذه الكتب كتبت لمناقشة موضوع من خلال الإسلام وليس من خلال القرآن فقط , فيجب التفريق بينهما .
س/ د/ مساعد ما رأيك ( بالمصحف الموضوعي )بحيث يكون لكل موضوع في الصفحة الواحدة لون يتم تلوينه به يشبه شكل مصحف التجويد ؟
ج/ المصحف الموضوعي هو نموذج من الأعمال التي نعتبرها في الحقيقة جيدة , وإن كان الإشكالية في قضية التلوين , لكن تبقى الفكرة من حيث أصلها فكرة مقبولة وجيدة , وإنما وقع الإشكال على المؤلف من قضية الألوان التي ذكرها , ولو كان استفاد بطريقة معينة بدل من الألوان
س/ ما لفرق بين الوحدة الموضوعية والتفسير الموضوعي ؟
ج/ الوحدة الموضوعية جزء من التفسير الموضوعي فنقول أن هذه السورة تدور حول موضوع واحد , وهي غالبًا لا تأتي إلا في السور , ما هي الوحدة الموضوعية لسورة الطلاق ؟ ما هي الوحدة الموضوعية لسورة التحريم وهي التي يختار منها العنوان مثل ما ذكرت لكم قبل قليل تربية الأسرة المسلمةمن خلال سورة التحريم .

انتهى ولله الحمد ..
كود:
 
المحاضرة بصيغة وورد وبي دي إف

المحاضرة بصيغة وورد وبي دي إف

إتماما للفائدة أرفقت ملفا للمحاضرة بصيغة وورد وآخر بصيفة بي دي إف
 
عودة
أعلى