بنت التوحيد
New member
[FONT="].. بسم الله الرحمن الرحيم ..[/FONT]
[FONT="]أولاً أنا طالبة مبتدئة في قسم التفسير وعلوم القرآن ، طلب منا الدكتور الجامعي تقديم بحث مبسط عبارة عن تعليق على أي آية وردت في القرآن الكريم ، مشترطاً عدم النقل ..[/FONT]
[FONT="]فكان هذا ما قدمت ، تعليقاً على الآية التي ذكرت ..[/FONT]
[FONT="]أرجو منكم التعليق عليه وتصحيح الأخطاء ، واعتبروني طالبة لديكم ، أستفيد من خبراتكم ، فأنا مبتدئة جداً في مثل هذا ، وهذا أول بحث من مجهودي الشخصي ..[/FONT]
[FONT="]،،[/FONT]
[FONT="]،،[/FONT][FONT="]الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..[/FONT]
[FONT="]يقول الله تبارك وتعالى في سورة النساء آية ( 110 )..[/FONT]
[FONT="]( [/FONT][FONT="]وَمَن يَعْمَلْ سُوءَاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ الله يَجِد الله غَفُوراً رَحِيماً[/FONT][FONT="] )..[/FONT]
[FONT="]يقول أهل التفسير في هذه الآية ..[/FONT]
[FONT="]يخبر الله تبارك وتعالى عن كرمه وجوده وسعة رحمته وأنه إذا فعل العبد معصية صغيرة أو كبيرة ، فإن الله يغفرها ، مادام العبد يستغفر الله ..[/FONT]
[FONT="]وقد جاء في الحديث ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من عبد أذنب فقام فتوضأ فأحسن وضوءه ، ثم قام فصلى واستغفر من ذنبه ، إلا كان حقاً على الله أن يغفر له ، لأنه يقول : ([/FONT][FONT="] ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيما[/FONT][FONT="]ً ).. [/FONT][FONT="]تفسير ابن كثير ..[/FONT]
[FONT="]وقال ابن عباس : عرض الله التوبة على بني أبيرق بهذه الآية ، أي ومن يعمل سوءا بأن يسرق أو يظلم نفسه بأن يشرك ثم يستغفر الله يعني بالتوبة ، فإن الاستغفار باللسان من غير توبة لا ينفع .. [/FONT][FONT="]تفسير القرطبي ..[/FONT]
[FONT="]وقال أبو جعفر : ومن يعمل ذنبا ، وهو "السوء" أو يظلم نفسه بإكسابه إياها ما يستحق به عقوبة الله ثم يتوب إلى الله بإنابته مما عمل من السوء وظلم نفسه ، ومراجعته ما يحبه الله من الأعمال الصالحة التي تمحو ذنبه وتذهب جرمه يجد ربه ساتراً عليه ذنبه بصفحه له عن عقوبة جرمه ، رحيما به .. [/FONT][FONT="]تفسير الطبري ..[/FONT]
[FONT="]،،[/FONT]
[FONT="]والله أن هذه الآية تفتح لكل مؤمن باباً من الأمل ، والثقة ، وإحسان الظن بالله عز وجل ..[/FONT]
[FONT="]فإن كان الشرك الذي هو أعظم ذنب عصي الله به ، وهو أعظم الظلم ، يغفره الله بالتوبة فكيف بما دونه من الذنوب ..؟![/FONT]
[FONT="]فكم من المعاصي والذنوب التي نقوم بها ، ثم نتوب ، ثم نعاود الكرة لتلك المعصية ، ثم نتوب .. مراراً وتكراراً ..[/FONT]
[FONT="]والله تبارك وتعالى يفرح بتوبة عبده أشد من فرح تلك الأم التي وجدت رضيعها بعد عناء من البحث ..!![/FONT]
[FONT="]ولو أراد الله تبارك وتعالى أن يعاقبنا على كل زلة ، لما بقي أحد على وجه الأرض إلا وقد عوقب ..[/FONT]
[FONT="]لكن رحمة الله التي وسعت كل شي ، وكرمه وجوده على عباده قد غمرت الخلق وغشيتهم ..[/FONT]
[FONT="]هذه الآية العظيمة ،[/FONT][FONT="]من أعظم أساليب الترغيب في القرآن ، كلما يقرأها المؤمن يعلم يقيناً أن أعظم ما شرّفه ورفع منزلته هو العبودية لله تبارك وتعالى ..[/FONT]
[FONT="]ومن شواهد رحمة الله ولطفه بعباده قوله تعالى :[/FONT]
[FONT="]( [/FONT][FONT="]قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ[/FONT][FONT="] )..[/FONT]
[FONT="]إن الله يغفر الذنوب جميعاً ..[/FONT]
[FONT="]صغيرها وكبيرها ، دقها وجلها ، ولو بلغت عنان السماء ..[/FONT]
[FONT="]يا من أسى فيما مضى ثم اعترف *** كن محسناً فيما بقى تُجزى الغرف [/FONT]
[FONT="]فمن الناس من عرف حق الله ، ما إن يعصي الله إلا ويسارع بالتوبة ، وهؤلاء من خيرة الخلق ، وهم من يحبهم الله تبارك وتعالى ( إن الله يحب التوابين ) ، فأي نعمة ، وأي فضل ، وأي شرف ، أعلى وأعظم من أن نكون ممن يحبهم الله ..؟؟[/FONT]
[FONT="]وليس العجب في أن نحب الله ..[/FONT]
[FONT="]إنما العجب في أن يحبنا الله ..[/FONT][FONT="]!![/FONT]
[FONT="]وهنـا يكون الإنجــاز ..[/FONT]
[FONT="]ومن الناس من يُذنب ولا يعرف حق الله ، فيعاود الكرّة لتلك المعصية بلا توبة، ولا يكتفي بذلك بل ويجاهر بها ، فلا يستحي من الله ولا من خلقه..!![/FONT]
[FONT="]فمثل هذا كيف يهنأ وكيف يطيب عيشه وقد أغضب من بيده ملكوت كل شيء ..؟؟[/FONT]
[FONT="]ولو أراد عقوبته لقال كن فيكون ..[/FONT]
[FONT="]لكن رحمته أعظم من أن يعاجلنا بالعقوبة ..[/FONT]
[FONT="]ومن أعظم نعم الله على عباده ، أن فتح لهم باباً لا يُغلق ، ويسر لهم الوصول إليه ، وهو باب التوبة ..[/FONT]
[FONT="]فمن العباد من أعرض عنه ، واتبع هواه ، وما أجمل عتب[/FONT][FONT="] ابن الجوزي رحمه الله حين قال :[/FONT]
[FONT="]يا طفل الهوى ..!! [/FONT]
[FONT="]متى يؤنس منك رشد ..؟! [/FONT]
[FONT="]عينك مطلقة في الحرام ، ولسانك مهمل في الآثام ، وجسدك يتعب في كسب الحطام ..[/FONT]
[FONT="]أين ندمك على ذنوبك ..؟![/FONT]
[FONT="]أين حسرتك على عيوبك ..؟![/FONT]
[FONT="]إلى متى تؤذي بالذنب نفسك ، وتضيع يومك تضييعك أمسك ، لا مع الصادقين لك قدم ، ولا مع التائبين لك ندم ..؟![/FONT]
[FONT="]هلاّ بسطت في الدجى يداً سائلة ..؟![/FONT]
[FONT="]وأجريت في السحر دموعاً سائلة ..؟![/FONT]
[FONT="]،،[/FONT]
[FONT="]ومن رحمة الله بعباده أن جعل لكبائر الذنوب توبة ..[/FONT]
[FONT="]فالظلم الذي قد حرمه الله تبارك وتعالى على نفسه ، جعله الله مما يُغفر بالتوبة والاستغفار ..[/FONT]
[FONT="]وفي هذه الآية دليل على أن الظلم لا يكون من الإنسان على غيره فقط ؛ بل قد يكون ظلمه على نفسه ؛ وذلك بفعله المعاصي واستغراقه فيها ، وسمي ظلم النفس ظلماً ؛ لأن النفس ملكاً لله تبارك وتعالى ، ليست ملكاً للعبد ، إنما هي أمانة بين جنبيه ..[/FONT]
[FONT="]وقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( [/FONT][FONT="]كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون [/FONT][FONT="])..[/FONT]
[FONT="]ففي هذا دليل على أن أفضلنا وأكثرنا خيراً من أخطأ ثم اعترف وبادر بالتوبة ..[/FONT]
[FONT="]وللاستغفار فضائل كثيرة ، منها :[/FONT]
[FONT="]~[/FONT][FONT="] أنها سبب لمغفرة الذنوب ورفعة الدرجات ..[/FONT]
[FONT="]~[/FONT][FONT="] سبب لنزول المطر ..[/FONT]
[FONT="]~[/FONT][FONT="] سبب للرزق ، أموال ، ذرية ، جنات ، وأنهاراً ، كلها تحصل للعبد بكثرة الاستغفار ..[/FONT]
[FONT="]قال الله تبارك وتعالى : [/FONT][FONT="]([/FONT][FONT="] فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا[/FONT][FONT="])..[/FONT]
[FONT="]فالاستغفار مفتاح كل خير ، وبه صلاح الحال والمآل ..[/FONT]
[FONT="]ومن أجمل ما قرأتُ في هذا الشأن ، قول ابن القيم رحمه الله في كتابه مدارج السالكين :[/FONT]
[FONT="]... فلأهل الذنوب ثلاثة أنهار عِظام يتطهرون بها في الدنيا ، فإن لم تفِ بطهرهم طهروا في نهر الجحيم يوم القيامة : نهر التوبة النصوح ، ونهر الحسنات المستغرقة للأوزار المحيطة بها ، ونهر المصائب العظيمة المكفرة ، فإذا أراد الله بعبده خيراً أدخله أحد هذه الأنهار الثلاثة ، فورد القيامة طيباً طاهراً ، فلم يحتج إلى التطهير الرابع[/FONT][FONT="] ..!![/FONT]
[FONT="]،،[/FONT]
[FONT="]وفي قوله ( ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً )..[/FONT]
[FONT="]دليل على أنه الهداية تبدأ من العبد وتنتهي من الرب ..[/FONT]
[FONT="]فإن العبد هو من يبدأ بالتوبة والاستغفار ، ثم يجد المغفرة والرحمة من الله قد وسعته ..[/FONT]
[FONT="]،،[/FONT]
[FONT="]ومما [/FONT][FONT="]استوقفني[/FONT][FONT="] ، من أدلة رحمة الله بعباده ، إقامة الحدود ..[/FONT]
[FONT="]إقامة حد الزاني البكر ، حينما يُجلد عقوبة له على فعله الفاحشة .. [/FONT]
[FONT="]على الرغم من أن جلده عقوبة له ، إلا أن فيه من الرحمة والعطف الشيء الكثير ، فإنه يُجلد في جو معتدل ، لا هو شديد الحرارة ، ولا شديد البرودة ، وإن كان كذلك ، فإنهم يجعلون عليه قطعة من اللباس حتى لا يتأذى ..[/FONT]
[FONT="]كما أنه لا يُجلد في مكان واحد ، بل يُفرّق في جلده على ظهره حتى لا يُتلف عضو من أعضائه ..!![/FONT]
[FONT="]فسبحان الله العظيم ..!![/FONT]
[FONT="]على الرغم من أنها عقوبة ، إلا أنها رحمة ..[/FONT]
[FONT="]،،[/FONT]
[FONT="]هذا والله أعلم ، ونسبة العلم إليه أسلم ..[/FONT]
[FONT="]ختـامـاً ..||~[/FONT]
[FONT="]أي أرض تقلني ، وأي سماء تظلني ، إن قلت عن كتاب الله ما ليس فيه..؟![/FONT]
[FONT="]إن كان من صواب فمن الله وحده له الحمد وله الشكر أن سدد ووفق ، وإن كان من خطأ فمني والشيطان ، وأستغفر الله العظيم الجليل من كل ذنب ..[/FONT]
[FONT="]وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين ..[/FONT]