أبومجاهدالعبيدي1
New member
- إنضم
- 02/04/2003
- المشاركات
- 1,760
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 36
- الإقامة
- السعودية
- الموقع الالكتروني
- www.tafsir.org
[align=justify][align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فلا شك أن "التفسير الميسر" الذي أعده نخبة من العلماء المتخصصين، وتولى طباعته ونشره مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف يُعد من أفضل التفاسير المختصرة الميسرة، وقد كتب الله له من القبول والانتشار ما هو له أهل، وقد نفدت طبعته الأولى منذ سنوات، ثم أعيدت طباعته هذا العام – عام 1430هـ -.
وقد حصلت على نسخة من الطبعة الجديدة في شهر رمضان، وبدأت في قراءته وتأمله، وأثناء ذلك ظهرت لي بعض المآخذ التي رأيت أنه كان ينبغي تلافيها، وتوقفت عند بعض التفسيرات في هذا التفسير وترجح عندي أن غيرها أولى وأظهر وأنسب؛ فبدأت أسجل ما رأيت من تعليقات، وأقيد ما أرى أن الحاجة تدعو إلى بيانه والتنبيه عليه من التعقيبات.
وسأبدأ – بتوفيق الله وعونه – في هذا الموضوع بتسجيل هذه التعليقات والتعقيبات، مع الحرص على الاختصار والتوثيق، ثم أذكر ما أرى أنه البديل الأنسب لما ورد في هذا التفسير القيم. وسأحرص على ذكر ما ورد في بعض التفاسير المختصرة الأخرى كالجلالين والوجيز للواحدي وغيرهما.
وأنبه هنا على أنه هذه التعليقات والتعقيبات ليست مرتبة حسب ترتيب السور، وإنما هي متفرقة حسب ما وقفت عليه عند قراءاتي المتفرقة في هذا التفسير، وسأعود إليها فيما بعد – إن شاء الله – لترتيبها وتنسيقها.
1- قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾ [النساء : 29 ، 30]
جاء في التفسير الميسر في تفسير الآية رقم 30 ما نصه: ( ومن يرتكب ما نهى الله عنه من أخذ المال الحرام كالسرقة والغصب والغش معتديًا متجاوزًا حد الشرع, فسوف يدخله الله نارًا يقاسي حرَّها, وكان ذلك على الله يسيرًا. ).
التعليق: يظهر فيما ذكر في تفسير الآية أن الإشارة بقوله : "ذلك" تعود إلى ما نهى الله عنه من أخذ المال الحرام فقط، وفي هذا نظر؛ لأنهم لم يذكروا آخر مذكور قبل الإشارة وهو قتل النفس، وبعض المفسرين يرى أنه يعود إلى جميع ما نهى الله عنه قبل هذه الآية من قول الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾، وهذا رأي شيخ المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله، ولأهمية تفسيره للمشار إليه هنا أذكر ما أوره باختصار.
قال رحمه الله: ( قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"ومن يفعل ذلك عدوانًا".
فقال بعضهم: معنى ذلك: ومن يقتل نفسه، بمعنى: ومن يقتل أخاه المؤمن ="عدوانًا وظلمًا فسوف نُصليه نارًا" ......
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ومن يفعل ما حرَّمته عليه من أول هذه السورة إلى قوله:"ومن يفعل ذلك" = من نكاح من حَرّمت نكاحه، وتعدِّي حدوده، وأكل أموال الأيتام ظلمًا، وقتل النفس المحرّم قتلها ظلمًا بغير حق.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ومن يأكل مالَ أخيه المسلم ظلمًا بغير طيب نفس منه، وَقَتل أخاه المؤمن ظلمًا، فسوف نصليه نارًا.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: معناه: ومن يفعل ما حرّم الله عليه، من قوله:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ) إلى قوله:"ومن يفعل ذلك"، من نكاح المحرمات، وعضل المحرَّم عضلُها من النساء، وأكل المال بالباطل، وقتل المحرّم قتله من المؤمنين= لأنّ كلّ ذلك مما وعد الله عليه أهلَه العقوبة.
* * *
فإن قال قائل: فما منعك أن تجعل قوله:"ذلك"، معنيّا به جميع ما أوعدَ الله عليه العقوبة من أول السورة؟
قيل: منعني ذلك أن كلّ فصْل من ذلك قد قُرِن بالوعيد، إلى قوله:( أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) ، ولا ذكر للعقوبة من بعد ذلك على ما حرّم الله في الآي التي بعده إلى قوله:"فسوف نصليه نارًا". فكان قوله:"ومن يفعل ذلك"، معنيًّا به ما قلنا، مما لم يُقرَن بالوعيد، مع إجماع الجميع على أنّ الله تعالى قد توعد على كل ذلك = أولى من أن يكون معنيًّا به ما سلف فيه الوعيد بالنهي مقرونًا قبل ذلك. ) انتهى
وقد علّق محمود شاكر على هذا الاختيار من شيخ المفسرين بقوله: ( هذه حجة واضحة ، وبرهان على حسن فهم أبي جعفر لمعاني القرآن ومقاصده. ونهج صحيح في ربط آيات الكتاب المبين ، قل أن تظفر بمثله في غير هذا التفسير.).
وأكثر المفسرين بل يمكن القول بأنه قول الجميع على إدخال قتل النفس في المشار إليه.
جاء في التفسير الوجيز للواحدي: ( { ومَنْ يفعل ذلك } أَيْ : أكل المال بالباطل وقتل النَّفس ..)
وجاء في تفسير الجلالين: ( "وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ" أَيْ مَا نُهِيَ عَنْهُ ...)
وجاء في التفسير المنتخب: ( ومن يُقْدِمُ على فعل ما حرَّم الله ...)
وفي تفسير ابن جزي الغرناطي: ( { وَمَن يَفْعَلْ ذلك } إشارة إلى القتل ، لأنه أقرب مذكور ، وقيل : إليه وإلى أكل المال بالباطل ، وقيل : إلى كل ما تقدّم من المنهيات من أوّل السورة ..)
وفي جامع البيان للأيجي: ( "ومن يفعل ذلك" ما سبق من المحرمات أو القتل..).
وعلى هذا؛ فالأولى أن يكون نص تفسير الآية: ( ومن يرتكب ما حرّم الله من القتل وأكل المال الحرام وغير ذلك من المحرمات المذكورة معتديًا متجاوزًا حد الشرع, فسوف يدخله الله نارًا يقاسي حرَّها, وكان ذلك على الله يسيرًا. ).
تتمة: هذا المثال يدخل تحت القاعدة التفسيرية الأصولية: "إذار ورد الشرط أو الاستثناء أو الصفة أو الغاية أو الإشارة بـ"ذلك" بعد مفردات أو جمل متعاطفة عاد إلى جميعها، إلا بقرينة." انظر قواعد التفسير لخالد السبت ص 611.[/align]
صباح الجمعة 4 ذو القعدة 1430هـ.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فلا شك أن "التفسير الميسر" الذي أعده نخبة من العلماء المتخصصين، وتولى طباعته ونشره مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف يُعد من أفضل التفاسير المختصرة الميسرة، وقد كتب الله له من القبول والانتشار ما هو له أهل، وقد نفدت طبعته الأولى منذ سنوات، ثم أعيدت طباعته هذا العام – عام 1430هـ -.
وقد حصلت على نسخة من الطبعة الجديدة في شهر رمضان، وبدأت في قراءته وتأمله، وأثناء ذلك ظهرت لي بعض المآخذ التي رأيت أنه كان ينبغي تلافيها، وتوقفت عند بعض التفسيرات في هذا التفسير وترجح عندي أن غيرها أولى وأظهر وأنسب؛ فبدأت أسجل ما رأيت من تعليقات، وأقيد ما أرى أن الحاجة تدعو إلى بيانه والتنبيه عليه من التعقيبات.
وسأبدأ – بتوفيق الله وعونه – في هذا الموضوع بتسجيل هذه التعليقات والتعقيبات، مع الحرص على الاختصار والتوثيق، ثم أذكر ما أرى أنه البديل الأنسب لما ورد في هذا التفسير القيم. وسأحرص على ذكر ما ورد في بعض التفاسير المختصرة الأخرى كالجلالين والوجيز للواحدي وغيرهما.
وأنبه هنا على أنه هذه التعليقات والتعقيبات ليست مرتبة حسب ترتيب السور، وإنما هي متفرقة حسب ما وقفت عليه عند قراءاتي المتفرقة في هذا التفسير، وسأعود إليها فيما بعد – إن شاء الله – لترتيبها وتنسيقها.
1- قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾ [النساء : 29 ، 30]
جاء في التفسير الميسر في تفسير الآية رقم 30 ما نصه: ( ومن يرتكب ما نهى الله عنه من أخذ المال الحرام كالسرقة والغصب والغش معتديًا متجاوزًا حد الشرع, فسوف يدخله الله نارًا يقاسي حرَّها, وكان ذلك على الله يسيرًا. ).
التعليق: يظهر فيما ذكر في تفسير الآية أن الإشارة بقوله : "ذلك" تعود إلى ما نهى الله عنه من أخذ المال الحرام فقط، وفي هذا نظر؛ لأنهم لم يذكروا آخر مذكور قبل الإشارة وهو قتل النفس، وبعض المفسرين يرى أنه يعود إلى جميع ما نهى الله عنه قبل هذه الآية من قول الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾، وهذا رأي شيخ المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله، ولأهمية تفسيره للمشار إليه هنا أذكر ما أوره باختصار.
قال رحمه الله: ( قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"ومن يفعل ذلك عدوانًا".
فقال بعضهم: معنى ذلك: ومن يقتل نفسه، بمعنى: ومن يقتل أخاه المؤمن ="عدوانًا وظلمًا فسوف نُصليه نارًا" ......
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ومن يفعل ما حرَّمته عليه من أول هذه السورة إلى قوله:"ومن يفعل ذلك" = من نكاح من حَرّمت نكاحه، وتعدِّي حدوده، وأكل أموال الأيتام ظلمًا، وقتل النفس المحرّم قتلها ظلمًا بغير حق.
* * *
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ومن يأكل مالَ أخيه المسلم ظلمًا بغير طيب نفس منه، وَقَتل أخاه المؤمن ظلمًا، فسوف نصليه نارًا.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: معناه: ومن يفعل ما حرّم الله عليه، من قوله:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ) إلى قوله:"ومن يفعل ذلك"، من نكاح المحرمات، وعضل المحرَّم عضلُها من النساء، وأكل المال بالباطل، وقتل المحرّم قتله من المؤمنين= لأنّ كلّ ذلك مما وعد الله عليه أهلَه العقوبة.
* * *
فإن قال قائل: فما منعك أن تجعل قوله:"ذلك"، معنيّا به جميع ما أوعدَ الله عليه العقوبة من أول السورة؟
قيل: منعني ذلك أن كلّ فصْل من ذلك قد قُرِن بالوعيد، إلى قوله:( أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) ، ولا ذكر للعقوبة من بعد ذلك على ما حرّم الله في الآي التي بعده إلى قوله:"فسوف نصليه نارًا". فكان قوله:"ومن يفعل ذلك"، معنيًّا به ما قلنا، مما لم يُقرَن بالوعيد، مع إجماع الجميع على أنّ الله تعالى قد توعد على كل ذلك = أولى من أن يكون معنيًّا به ما سلف فيه الوعيد بالنهي مقرونًا قبل ذلك. ) انتهى
وقد علّق محمود شاكر على هذا الاختيار من شيخ المفسرين بقوله: ( هذه حجة واضحة ، وبرهان على حسن فهم أبي جعفر لمعاني القرآن ومقاصده. ونهج صحيح في ربط آيات الكتاب المبين ، قل أن تظفر بمثله في غير هذا التفسير.).
وأكثر المفسرين بل يمكن القول بأنه قول الجميع على إدخال قتل النفس في المشار إليه.
جاء في التفسير الوجيز للواحدي: ( { ومَنْ يفعل ذلك } أَيْ : أكل المال بالباطل وقتل النَّفس ..)
وجاء في تفسير الجلالين: ( "وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ" أَيْ مَا نُهِيَ عَنْهُ ...)
وجاء في التفسير المنتخب: ( ومن يُقْدِمُ على فعل ما حرَّم الله ...)
وفي تفسير ابن جزي الغرناطي: ( { وَمَن يَفْعَلْ ذلك } إشارة إلى القتل ، لأنه أقرب مذكور ، وقيل : إليه وإلى أكل المال بالباطل ، وقيل : إلى كل ما تقدّم من المنهيات من أوّل السورة ..)
وفي جامع البيان للأيجي: ( "ومن يفعل ذلك" ما سبق من المحرمات أو القتل..).
وعلى هذا؛ فالأولى أن يكون نص تفسير الآية: ( ومن يرتكب ما حرّم الله من القتل وأكل المال الحرام وغير ذلك من المحرمات المذكورة معتديًا متجاوزًا حد الشرع, فسوف يدخله الله نارًا يقاسي حرَّها, وكان ذلك على الله يسيرًا. ).
تتمة: هذا المثال يدخل تحت القاعدة التفسيرية الأصولية: "إذار ورد الشرط أو الاستثناء أو الصفة أو الغاية أو الإشارة بـ"ذلك" بعد مفردات أو جمل متعاطفة عاد إلى جميعها، إلا بقرينة." انظر قواعد التفسير لخالد السبت ص 611.[/align]
صباح الجمعة 4 ذو القعدة 1430هـ.