تعقيب وتصويب، وبيان سلامة سند المغاربة والشناقطة في رواية قالون من طريق ابن نفيس.

إنضم
12/12/2012
المشاركات
34
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
المغرب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذ الحسن محمد ماديك ورواية نافع عند الموريتانيين
نقده لطريق ابن نفيس عن قالون من طريق أبي نصر البغدادي.
بقلم: د/ عبد الهادي حميتو
وصلت إلي منذ أشهر رسالة نقدية للأستاذ الحسن محمد ماديك، أصدرها من انواكشوط في فاتح ذي الحجة عام 1430 هـ وكان له موقف لم يكن يطمئن فيه إلى بعض أسانيد أهل بلاده في رواية قالون من طريق أحمد بن سعيد بن نفيس المصري، وكانت هذه الرسالة قد صدرت منه في التاريخ المذكور، وحمل فيها حملة شعواء على رواية ابن نفيس عن أبي نصر في رواية قالون، ونشرها في موقع ملتقى أهل التفسير بتاريخ 26/05/1431هـ الموافق 15/10/2009 م، وكان عنوان الرسالة: "دراسة نقدية حول أسانيد الشناقطة المغربية عن ابن نفيس".
قال في أولها: "وبعد فإن أسانيد الشناقطة في مرحلة ما قبل 1382 هـ منذ أن جاء بها سيدي عبد الله بن أبي بكر التنواجيوي من المغرب من فاس، لتجتمع كلها على طريق ابن نفيس، سواء منها لقراءة نافع وحده، أو القراءات السبع، ولم تكن العشر معروفة لديهم فضلا عن غيرها".
ولقد أطبقت أسانيد الشناقطة على إسناد رواية قالون كالتالي: "عن ابن نفيس، عن أبي نصر البغدادي، عن أبي أحمد الفرضي، عن ابن بويان، عن ابن الأشعث، عن أبي نشيط، عن قالون، عن نافع".
وقد بدأ الأستاذ ماديك بذكر ترجمة ابن نفيس نقلا عن غاية النهاية لابن الجزري حيث ذكر ترجمة شيوخه في القراءات، فعدَّ منهم أربعة فقال الأستاذ: "ولقد أثبت ابن الجزري لابن نفيس القراءة عرضا على هؤلاء الأربعة، وههنا بدأ إشكال عريض يزداد عرضا كلما حسب الباحث نفسه قد خرج منه؛ إذ ليس أبو نصر البغدادي الذي زعمته أسانيد الشناقطة شيخ ابن نفيس في رواية قالون، أحد هؤلاء المعدودين في ترجمة ابن نفيس".
"إن أبا نصر البغدادي مجهول أو مغمور من بين شيوخ ابن نفيس ومن بين تلامذة أبي أحمد الفرضي، إذ لم يعرفه المحقق ابن الجزري في نشره ولا في غاية النهاية في طبقات القراء من بين هؤلاء".
ثم أخذ الباحث يستعرض كل الاحتمالات فيمن يكون أبا نصر البغدادي هذا؟ فساق أسماء عدد ممن ذكروا في غاية النهاية بهذه الكنية ونظر في تواريخهم، أو المعلومات المذكورة في تراجمهم، فلم يجد شيئا يمكن أن يُطمأن إليه، ثم نظر في طرق أخرى لابن نفيس في النشر وغيره، ودعا إلى اعتمادها بدلا من طريق ابن نفيس عن أبي نصر، ثم قال مطمئنا إلى النتيجة: "وهكذا يستبدل هذا الجزء من إجازات الشناقطة القديمة: "عن ابن نفيس، عن أبي نصر البغدادي، عن أبي أحمد الفرضي، عن ابن بويان، عن ابن الأشعث، عن أبي نشيط، عن قالون، عن نافع" اهـ . بتصويبه كالتالي: " عن ابن نفيس، عن أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون، عن صالح بن إدريس، عن القزاز، عن ابن الأشعث، عن أبي نشيط، عن قالون" اهـ، والله الموفق.
وهكذا كان جزم السيد الباحث بسلامة ما انتهى إليه في شأن رواية أهل المغرب وموريتانيا وكل من يسند من طريقهم، بأن إسنادهم لرواية قالون من طريق ابن نفيس عن أبي نصر البغدادي لا أصل له، وأن الصواب أن يستبدلوا به ما ذكره عن ابن نفيس عن ابن غلبون المذكور.
ويبدو أن السيد الباحث كان صادقا مع نفسه ومع قرائه؛ لأن ذلك هو ما كان أداه إليه البحث، ولذلك عاد إلى اطِّراح ما كان أخذ به ودعا إليه فكتب يقول في آخر بحثه: "وبعد نشر هذا البحث أهدى إليَّ الدكتور عبد العلي المسؤول من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس بالمغرب، ملاحظة هي خير من حمر النعم ومن البروج المشيدة، ومن عجب أنه أسر إليَّ بها على حياء، وبخطاب خافت جدا، حتى كاد يخفى عليَّ أهمية ملاحظته العلمية". ثم ذكر أن الدكتور عبد العلي ذكر له أنه أعجب ببحثه كثيرا، قال: "وبخاصة ما يتعلق بتحقيقك حول أبي نصر البغدادي الوارد في سند الشناقطة في رواية قالون من طريق ابن نفيس، وكان هذا الأمر قد استوقفني كثيرا، حيث إن لي إجازة بهذا السند، وما وقفت عليه لحد الساعة هو ما ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام (7/231) حيث قال: "إبراهيم بن الحسين بن محمد بن أحمد بن حاتم بن صولة، أبو نصر البغدادي البزاز، نزيل مصر، ووالد أبي الحسن علي، سمع أبا أحمد الفرضي، وعنه جعفر السراج وعلي بن المؤمل بن غسان الكاتب، وعلي بن الحسن الفراء، ومحمد بن أحمد الرازي المعدل، وغيرهم، وكان محدثا ثقة عالما" اهـ."
وعلق الأستاذ الحسن محمد ماديك على هذا الاكتشاف من الدكتور عبد العلي قائلا: "هذا الكنز الثمين أسر إليَّ به في رسالة خاصة، ولقد أَسَرَني أدبه ولطيف خطابه، رحم الله والديه ومن أدبه معهما، فقد أحسنا تأديبه". ثم قال: "وأقول: جزاك الله عني خير الجزاء؛ إذ أهديت إليَّ نصا لم أهتد إليه من قبل، وهو كلام الذهبي في تاريخ الإسلام، والآن بعد أن اطلعت عليه من كتاب تاريخ الإسلام للذهبي، واطلعت على مطابقة ما نقل عنه الدكتور عبد العلي المسؤول، أقول وبالله التوفيق: الآن أقبل أن إبراهيم بن الحسين بن محمد بن أحمد بن حاتم بن صولة أبا نصر البغدادي هو أحد شيوخ أبي أحمد الفرضي، وليس هو كما تقدم في بحثي واحدا من التسعة المعروفين في غاية النهاية بكنية أبي نصر البغدادي كما أثبته دون تكلف من قبل، ولكن الإشكال لا يزال قائما حتى يثبت أن إبراهيم بن الحسين أبا نصر البغدادي المتوفى سنة 462 هـ هو أحد شيوخ ابن نفيس المتوفى سنة 445 هـ أو سنة 453 هـ أي قبل أبي نصر البغدادي المذكور في تاريخ الإسلام للذهبي بتسع سنين أو سبعة عشر عاما، وقد يموت التلميذ قبل الشيخ، لكننا بصدد ثبوت تلقي ابن نفيس من إبراهيم بن الحسين المذكور، لاسيما وأن الذهبي في تاريخ الإسلام لم يعدُد ابن نفيس ضمن من تلقوا عن أبي نصر البغدادي إبراهيم بن الحسين المذكور، وابن نفيس أكبر صيتا من أن يخفى على الذهبي ليتجاوزه إلى غيره من المعدودين، وهم: جعفر السراج، وعلي بن المؤمل بن غسان الكاتب، وعلي بن الحسن الفراء، ومحمد بن أحمد الرازي المعدل ـ قال ـ وغيرهم، لكن ابن نفيس أكبر صيتا من هؤلاء".
"وهكذا لا يزال الإشكال قائما حتى يثبت تلقي ابن نفيس عن إبراهيم بن الحسين أبي نصر البغدادي المذكور". ثم قال السيد الباحث بإنصاف: "وللباحث الكبير عبد العلي المسؤول مني التقدير والشكر، فقد ساعدنا على إيضاح ما انعجم علينا، وأتمنى عليه وعلى سائر الباحثين متابعة الخيط لتحرير المسألة".
طالب العلم:
الحسن محمد ماديك
انواكشوط ـ فاتح ذي الحجة 1430 هـ.







تعقيب وتصويب، وبيان سلامة سند المغاربة والشناقطة في رواية قالون من طريق ابن نفيس، وأنه لا علاقة له بكل ما ذكره الباحثان المحترمان، مع تقديري لما بذلاه من جهد في تحرير المسألة.





وأول ما أبدأ به على سبيل التعقيب، الدعوةُ إلى عدم التسرع في مثل هذا الأمر، إلى حد الجزم والقطع بخطإ سند كهذا يسند منه المغاربة في جميع أقطارهم منذ قرون وإلى يومنا، ويدخل في مئات الإجازات برواية قالون من أيام الشيخ ابن غازي (919 هـ) وإلى يومنا، حيث لا نكاد نقف على سند مكتوب أو إجازة عند المغاربة وأهل شنقيط وموريتانيا الحالية في رواية قالون عن نافع إلا وجدنا ابن نفيس وأبا نصر حاضرين فيها، فكيف يستسهل الإقدام على مثل ما أقدم عليه الباحث في القضية في قوله (ص2): " ليس أبو نصر البغدادي الذي زعمته أسانيد الشناقطة شيخ ابن نفيس في رواية قالون". فضلا عن القيام بخطإ أكبر يتمثل في استبدال سند الموريتانيين عن أبي نصر المجهول أو المغمور ـ كما قال السيد الباحث ـ وإحلال أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون مكانه في السند؛ لأن رواية ابن نفيس عن أبي الطيب مذكورة في ترجمته عند ابن الجزري في غاية النهاية (1/56 ـ 57 رقم الترجمة 243).
ولقد تعب السيد الباحث كثيرا في استخراج اثنتي عشرة ترجمة لأسماء الأعلام الذين يحملون كنية أبي نصر في غاية النهاية، وذكر أرقام تراجمهم وسنوات وفياتهم؛ ليستبعد إمكان أن يكون بين أحد منهم وبين ابن نفيس علاقة من جهة الرواية.
وأخيرا حين لاح له بصيص أمل عند اتصال الباحث الدكتور عبد العلي به، ارتاح له ارتياحا كبيرا، واعتبرها كما قال: " ملاحظة هي خير من حمر النعم، ومن البروج المشيدة..."، كما سماها بعد ذلك بـ"الكنز الثمين"، وسرعان ما فترت عزيمته وكاد يستسلم.
ولكن مع كل هذا فإني أحمد للباحث الأستاذ الحسن عدم استسلامه أو اكتفائه بهذه البارقة من الأمل، وقوله في ختام الرسالة: " وهكذا لا يزال الإشكال قائما حتى يثبت تلقي ابن نفيس عن إبراهيم بن الحسين أبي نصر البغدادي المذكور".
وأول ما نفاجئ به الأستاذ الفاضل أن ذلك لن يثبت أبدا، إلا أن الإشكال سوف يزول بعون الله بما وفقنا الله تعالى إليه من البيان الذي لا يبقى معه غموض أو إشكال، ولن يكون صاحب الرواية إلا من ثبتت روايته عن ابن نفيس في مئات الأسانيد والإجازات بإذن الله، وسوف تتهاوى كل الأسئلة والإيرادات التي أوردها الباحث مشكورا، وإن كان قد تسرع في الدعوة إلى التخلص من رواية أبي نصر هذا الذي لم يجد سبيلا إلى معرفة من يكون؟
من هو أبو نصر البغدادي، وهل عرفه ابن الجزري؟
يقول الأستاذ الحسن محمد ماديك في بحثه بعد أن رجع إلى ترجمة أحمد بن سعيد بن نفيس المصري في غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري برقم 243 فوجد أن ابن الجزري ذكر له أربعة من الشيوخ سماهم، ولم يذكر منهم من كنيته أبو نصر، قال: "وههنا بدأ إشكال عريض يزداد عرضا كلما حسب الباحث نفسه قد خرج منه؛ إذ ليس أبو نصر البغدادي الذي زعمته أسانيد الشناقطة شيخ ابن نفيس في رواية قالون، أحد هؤلاء المعدودين في ترجمة ابن نفيس". ثم يقول جازما لا متسائلا: "إن أبا نصر البغدادي مجهول، أو مغمور من بين شيوخ ابن نفيس ومن بين تلامذة أبي أحمد الفرضي، إذ لم يعرفه المحقق ابن الجزري في نشره ولا في غاية النهاية في طبقات القراء من بين هؤلاء".
وإذن فيفهم من هذا في نظر السيد الباحث، أنه لو كان أبو نصر من شيوخ ابن نفيس لذكره ابن الجزري، وطالما أنه لم يذكره ابن الجزري فهو مجهولا أو مغمورا؛ إذ لو لم يكن كذلك لعرفه في نشره وفي غاية النهاية له من بين هؤلاء.
ونحن مسايرة للسيد الباحث نفترض أن ابن الجزري لم يذكره ولم يعرفه، فهل كل من لم يذكره ابن الجزري أو لم يعرفه نعتبره نحن مجهولا أو مغمورا؟
إن كان هذا الاستنتاج صحيحا وسليما، فكيف ناقض السيد الباحث نفسه في حديثه (في ص8) عن بعض طرق ابن نفيس نفسه إلى البزي حيث قال: "ولا تكاد طريق ابن نفيس إلى البزي تعرف لخلو "النشر" منها، وإنما عثرت عليها في كتاب "الإقناع" لابن الباذش". ثم قال بعد كلام: "ويلاحظ أن هذا إسناد خارج طريقي "النشر" للبزي". ثم يقرر بعد هذا قائلا: "ولئن وُجد اليوم من المغاربة وما حولهم من الشناقطة وبلاد التكرور من يقرأ بطريق ابن نفيس للبزي، فإن ذلك يعني أن من الأداء ما لا يزال متواترا متصلا خارج النشر وطيبته، فاعلم أيها القارئ ذلك".
إن هذا الذي اهتدى إليه الباحث ـ حفظه الله ـ بخصوص وجود روايات عند المغاربة خارج النشر وطيبة النشر هو في غاية الأهمية، والمعرفة بوجوده، والتسليم له والعملُ بمقتضاه يرفع الكثير من الاستشكال عند كثير ممن لا يعرفون أو من لا يعترفون إلا بما في النشر والطيبة، وحتى إذا اعترفوا به رموه بالشذوذ أو انقطاع القراءة به والرواية من طريقه، فكنا ننتظر من الباحث أن يكون أول من ينتفع بهذا الاكتشاف في شأن أبي نصر البغدادي ولو بالتوقف عن إصدار قراره بالاستبدال به.
ولو وفق إلى ذلك لكان قد اعتبر من هذا القبيل ما يجده عند المغاربة والشناقطة في إسناد رواية قالون "عن ابن نفيس، عن أبي نصر البغدادي، عن أبي أحمد الفرضي، عن ابن بويان، عن ابن الأشعث، عن أبي نشيط، عن قالون، عن نافع".
ولو فعل ذلك لم يعتدَّ بعدم ذكر ابن الجزري لأبي نصر في ترجمة ابن نفيس في جملة شيوخه، ولو رتب على عدم ذكره ما رتبه في قوله في أول مقالته: "وههنا بدأ إشكال عريض يزداد عرضا كلما حسب الباحث نفسه قد خرج منه؛ إذ ليس أبو نصر البغدادي الذي زعمته أسانيد الشناقطة شيخ ابن نفيس في رواية قالون، أحد هؤلاء المعدودين في ترجمة ابن نفيس". ثم يضيف مستنتجا من هذا فيقول جازما ومؤكدا، لا مجرد متسائل: "إن أبا نصر البغدادي مجهول أو مغمور من بين شيوخ ابن نفيس ومن بين تلامذة أبي أحمد الفرضي، إذ لم يعرفه المحقق ابن الجزري في نشره، ولا في غاية النهاية في طبقات القراء من بين هؤلاء".
ولا يخفى أن هذا الحكم الذي حكم به هنا يعتبر على طرفي نقيض مع ما سوف يقوله في بحثه حينما يفرغ من سند رواية قالون، ويأخذ في ذكر رواية البزي فيلاحظ (في ورقة رقم 8) قائلا: "ويلاحظ أن هذا إسناد خارج طريقي "النشر" للبزي: طريقي النقاش وابن بنان، كلاهما عن أبي ربيعة عن البزي"، ثم يخرج بهذا الاستنتاج فيقول: ""ولئن وُجد اليوم من المغاربة وما حولهم من الشناقطة وبلاد التكرور من يقرأ بطريق ابن نفيس للبزي، فإن ذلك يعني أن من الأداء ما لا يزال متواترا متصلا خارج النشر وطيبته، فاعلم أيها القارئ ذلك".
لماذا صدر هذا الاعتراف من السيد الباحث هنا لحساب رواية البزي ولم يعتبر عدم وجود ذلك في النشر ولا في الطيبة أمرا قادحا في صحة الرواية من الطريقين المذكورين، بينما نجده في شأن رواية الشناقطة لرواية قالون من طريق "ابن نفيس عن أبي نصر البغدادي عن أبي أحمد الفرضي عن ابن بويان ..." يحكم عليها بخلاف ما حكم به في قبوله لرواية البزي المذكور مع أنها كما قال: "خارجة عن النشر وطيبته".
وإذا كان قد فعل ذلك في شأن طريقي البزي لأنه وقف على صحتهما في قوله قبل ذلك في الورقة نفسها: "ولا تكاد طريق ابن نفيس إلى البزي تعرف لخُلوِّ "النشر" منها، وإنما عثرت عليها في كتاب "الإقناع" لابن الباذش" المرقم في غاية النهاية برقم 376 وأسند فيه ابن الباذش رواية البزي من طريق قراءته على "شيخه أبي الحسن شريح من قراءة شريح على أبيه محمد بن شريح، وقرأ ابن شريح (الأب) على أبي العباس بن نفيس، وقرأ ابن نفيس على أبي أحمد السامري، وقرأ أبو أحمد السامري على كل من شيخيه ....". (ينظر ذلك في الإقناع: 1/87 ـ 88).
أفلا يحتمل أن يكون الباحث لم يتح له الاطلاع على ما يثبت صحة رواية الشناقطة والمغاربة عموما لرواية ابن نفيس عن أبي نصر البغدادي عن أبي أحمد الفرضي، كما أتيح له ذلك فيما وقف عليه في شأن رواية البزي من طريق ابن نفيس في كتاب "الإقناع"؟
وإذا لم يتيسر له الاطلاع بعدُ على ذلك، أما كان الأحوطُ والأليق بالمنهج العلمي أن يكتفي بإثارة السؤال، دون أن يتجاوزه إلى التصريح بتجهيل أبي نصر أو تردده بين أن يكون مجهولا أو مغمورا، ثم يرتب على ذلك الطعن على سلامة سند المغاربة والشناقطة من طريق ابن نفيس عن أبي نصر البغدادي حيث يقول جازما: "إذ ليس أبو نصر البغدادي الذي زعمته أسانيد الشناقطة شيخ ابن نفيس في رواية قالون، أحد هؤلاء المعدودين في ترجمة ابن نفيس". ثم ينطلق من هذا ليستقرئ من يمكن أن يكون المراد بأبي نصر المذكور في السند، فيورد أسماء اثني عشر ممن يحملون هذه الكنية في غاية النهاية مع (أبي) وبدونها، فلا يجد فيها مجالا لأن يكون أحدها هو المراد، حتى إذا لم يجد أحدا عمد إلى خطإ منهجي أخر، وكأن الأمر أمسى محسوما، فاقترح عملية جراحية تجرى على السند يتم فيها بتر بعض حلقات سلسلته ليحظى بالقبول، وهكذا وبكل سهولة يقول السيد الباحث (في ص6): "وهكذا يستبدل هذا الجزء من إجازات الشناقطة القديمة: "عن ابن نفيس، عن أبي نصر البغدادي، عن أبي أحمد الفرضي، عن ابن بويان، عن ابن الأشعث، عن أبي نشيط، عن قالون، عن نافع"، بتصويبه كالتالي: " عن ابن نفيس، عن أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون، عن صالح بن إدريس، عن القزاز، عن ابن الأشعث، عن أبي نشيط، عن قالون" اهـ، والله الموفق.
هذه هي الخلاصة والنتيجة العلمية التي وصل إليها الأستاذ الحسن محمد ماديك، وهي في نظره خدمة منه لأسانيد أهل بلده، ويد بيضاء منه يسديها للمغاربة عموما حتى لا يعوّلوا في إسناد رواية قالون على سلسلة مدخولة فيها رواية عن مجهول لا يعرف، ونكرة لا تتعرف.
ونحن نرى أن البحث في هذا الصدد لتحقيق الأسانيد والتعريف برجالها والنظر في ما يعتريها من سقط أو تصحيف أو وهم أمر إيجابي ومطلوب من أهل الاختصاص والمتمرسين بالبحث في هذا المجال، ولكن التسرع في إصدار الأحكام عليها بالبطلان، أو الدعوة إلى تعديلها بغيرها لمجرد أن الباحث قد عجز عن معرفة الحقيقة أو استعصى عليه التعرف على بعض حلقات السند، أمر في غاية الخطورة، ومن شأنه أن يأتي بنتائج عكسية، وأن يفتح الذرائع للطعن على الصواب، وإثارة الشكوك في الأسانيد والإجازات التي بأيدي القراء بدون حجج قاطعة وأدلة دامغة.
وأرى أن شيئا من هذا قد وقع في القضية التي أثارها الأستاذ الحسن محمد ماديك حول مصداقية سند رواية قالون، وهو سند متداول منذ قرون في الأقطار المغربية بالصيغة نفسها تقريبا، وحسب التسلسل الوارد فيما تحدث السيد الباحث عنه، مما يدعو إلى لزوم التوقف طويلا عند أي ملاحظة تتوجه بالنقد إلى سلامته وصحته، إلى أن يتحقق وقوع خلل فيه في بعض سياقاته إن وقع، فينظر في ذلك حينئذ اعتمادا على ما يجتمع من الأدلة المطلوبة.
وجهة نظرنا.
وأنا أصفها بوجهة نظر احتياطا، في انتظار تجميع ما يلزم من الوثائق ووسائل الإثبات؛ لأن الحكم في النهاية رهين بما يتأتى وضع اليد عليه من ذلك مما سنذكره بعون الله تعالى.
وأول ما ألفت النظر إليه هو الإشارة إلى أن الاستقراء الذي قام به السيد الباحث الحسن محمد ماديك لما في كتاب غاية النهاية ممن يحملون كنية (أبي نصر) ويدور الاحتمال عليهم، هو استقراء ناقص لا يعوّل عليه، فقد فاته عدد كبير منهم ممن ينتمون إلى طبقة شيوخ ابن نفيس، كما أن ادعاء عدم معرفة ابن الجزري له في النشر أو في غاية النهاية هو أيضا حكم غير صائب كما سوف نراه بإذن الله.
وعندما شرعت في البحث عمن يكون (أبو نصر) ممن يدور الاحتمال عليه وجدت في غاية النهاية (1/310 رقم الترجمة 1364) من ترجم له ابن الجزري وتوقعت أن يكون المراد، وذلك في قوله: "سلامة بن هارون أبو نصر البصري، قرأ على هارون بن موسى الأخفش..... روى القراءة عنه عبد الله بن الحسين أبو أحمد" .
فقلت: "أبو أحمد" المذكور هو عينه أبو أحمد الفرضي المذكور في سند قالون، ووجدت ابن الجزري قد أشار إلى (ج ك) في بيان مصدر ما ذكره، ويعني "جامع البيان" للداني، و"الكامل في القراءات" لأبي القاسم الهذلي.
وإذن فأبو نصر المذكور هو شيخ لأبي أحمد كما في هذه الترجمة بخلاف ما في سند قالون عندنا.
فإذا رجعنا إلى "الكامل" المذكور، ازددنا طمعا في اكتشاف حقيقة أبي نصر؛ لأنه سيذكره الهذلي مقترنا بابن نفيس، فيقول في قسم الأسانيد: "طريق سلامة بن هارون: قرأت على أبي عبد الله محمد بن الحسن بن موسى الشيرازي بمصر، قال: قرأت على أبي بكر محمد بن الحسن الضرير" . قال الهذلي: "وقرأت على أحمد بن نفيس وعبد الساتر بن الذرب باللاذقية، وعلى أبي الحسين الخشاب، قالوا: قرأنا على أبي أحمد، على سلامة بن هارون وابن بقرة وابن الصباح". (الكامل: 216).
فأبو أحمد عنده تلميذ لأبي نصر سلامة بن هارون لا شيخ له.
وأما الداني فقال في "جامع البيان" عند ذكر أسانيد قراءة ابن عامر من رواية ابن ذكوان: "قال لي فارس بن أحمد: وقرأت القرآن أيضا على عبد الله بن الحسين، وقال لي: قرأت على أبي الحسن بن شنبوذ، وعلى أبي نصر سلامة بن هارون البصري، وقالا: قرأنا على الأخفش: حدثنا ابن ذكوان". (جامع البيان: 1/336).
فـ"عبد الله بن الحسين" عنده قد قرأ على أبي نصر سلامة بن هارون أيضا، فاتفقا على رواية أبي أحمد على أبي نصر سلامة بن هارون، لا العكس كما في سند قالون.
وإذن فـ"أبو نصر سلامة بن هارون" المذكور لا يهمنا، ولا سيما أنه أبو نصر البصري، وليس البغدادي. وأبو أحمد المذكور أيضا لا يهمنا هنا؛ لأنه "عبد الله بن الحسين السامري" شيخ ابن نفيس، وليس أبا أحمد عبيد الله بن محمد الفرضي، ولا سيما وأن أبا أحمد الذي يعنينا في سند قالون هو شيخ لأبي نصر المطلوب لا تلميذ له.
وأما أبو أحمد الفرضي الذي يعنينا فهو كما ترجم له ابن الجزري: "عبيد الله بن محمد بن أحمد أبو أحمد الفرضي البغدادي، إمام كبير ثقة ورع، أخذ القراءة عرضا وسماعا عن أبي الحسين بن بويان، وهو آخر من بقي من أصحابه ممن روى عنه رواية قالون وغيرها،.... وأعلى ما وقعت رواية قالون من طريقه.... توفي سنة 406 هـ، وله اثنتان وثمانون سنة". (غاية النهاية: 1/491 ـ 492 ترجمة رقم 2043).
فهذا إذن هو الذي يتعلق البحث به عندنا في سندنا عن قالون، والمغاربة القدامى أسندوها من طريق أبي نصر البغدادي عنه لهذه المزية من علو السند في هذه الطريق، ولكن السؤال:
من هو أبو نصر البغدادي الذي يروي رواية قالون عن أبي أحمد الفرض؟
كان من عجيب أقدار الله تعالى وحسن توفيقه وعونه، أني في أيام وقوفي على ما كتبه الباحث الأستاذ الحسن محمد ماديك عن سند الشناقطة المذكور الذي استنكره ودعا إلى الاستبدال به بغيره، وهو كما قال كالتالي: "عن ابن نفيس عن أبي نصر البغدادي عن أبي أحمد الفرضي، عن ابن بويان، عن ابن الأشعث، عن أبي نشيط، عن قالون، عن نافع" ـ أهدى إلي بعض فضلاء الباحثين، وهو الشيخ المقرئ الأديب الدكتور عبد الرحيم نابولسي على غير توقع أو انتظار ـ جزاه الله خير الدارين ـ كتابا جليلا من مصادر النشر لابن الجزري، وهو كتاب الروضة الذي عنه قال في النشر "للإمام الشريف أبي إسماعيل موسى بن الحسين بن إسماعيل بن موسى المعدل". (النشر: 1/79).
فقد صدر هذا الكتاب ـ بحمد الله تعالى ـ بتحقيق الدكتور خالد حسن أبو الجود في ثلاثة مجلدات تحت عنوان: " الجامع للأداء روضة الحفاظ المعروف بروضة المعدل، تأليف موسى بن الحسين بن إسماعيل الحسيني المعدل المصري (توفي نحو سنة 500 هـ).
وكم كانت دهشتي وفرحتي غامرة حين فتحت الكتاب فإذا بي وجها لوجه مع المطلوب عندي في موضوعنا، حيث استهل مؤلفه ـ رحمه الله ـ كتابه بذكره لأسانيده في قراءة أهل المدينة، فيدأ بقراءة نافع من رواية ورش، ثم عقد فصلا قال فيه ـ وهو الذي يعنينا هنا ـ".
"فصل: أسانيد رواية قالون: رواية أبي نشيط وطرقه:
فصل: رواية ابن الأشعث عنه.
قرأت بها على الشيخ الإمام أبي نصر عبد الملك بن علي بن سابور البغدادي المقرئ ـ رضي الله عنه ـ بتاج الجوامع، وقال: قرأت بها على أبي أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن مهران بن أبي مسلم الفرضي الزاهد المقرئ، وأنه قرأ بها على أبي الحسين أحمد بن بويان الحربي، وأنه قرأ على أحمد بن محمد الأشعث القاضي، وأنه قرأ على أبي نشيط محمد بن هارون المروزي". (روضة المعدل: 1/162).
ثم تصفحت باقي أسانيد الشريف المعدل في الروضة فوجدته قد قرأ على أبي نصر عبد الملك المذكور، فيقول عنه أحيانا: "عن أبي نصر العراقي" وأحيانا يختصر فيقول: "ابن سابور"، كما أسند من قراءته عليه إلى جانب رواية قالون المذكورة رواية إسحاق المسيبي عن نافع. (ينظر 1/175 ـ 177). ويروي عن أبي نصر العراقي أيضا رواية البزي عن ابن كثير من طرق. (الروضة: 1/191 ـ 195). وقراءة ابن عامر أيضا وغيرها. فعرفت أن الرجل ليس نكرة، ولا كان مغمورا حتى لم يعرفه ابن الجزري، بل إن ابن الجزري أسند عنه في رواية ورش من طريق النحاس عن الأزرق عنه فقال: "طريق ابن شنبوذ ـ وهي الثامنة ـ عن النحاس من طريقين: من كتاب الكامل، قرأ بها الهذلي على أبي نصر العراقي". (النشر: 1/108). وأسند عنه في رواية الأصبهاني عن ورش. (النشر: 1/110). وفي رواية البزي عن ابن كثير. (النشر: 1/115 ـ 116). وفي رواية ابن وردان عن أبي جعفر. (النشر: 1/174). وفي رواية روح عن يعقوب. (النشر: 1/183). وغير هذه الروايات.
وترجم له ابن الجزري في الغاية فقال: "عبد الملك بن علي بن سابور بن نصر بن الحسين أبو نصر البغدادي الخرقي، شيخ مقرئ ناقل معروف، قرأ على أبي الحسن الحمامي وعبيد الله بن مهران، والحسن بن محمد بن عبد الله ابن أبي مرة. قرأ عليه موسى بن الحسين المعدل ـ يعني صاحب الروضة ـ وأبو القاسم الهذلي ـ يعني صاحب الكامل ـ". (غاية النهاية: 1/469 ترجمة رقم 1962).
هذا ـ إذن ـ هو أبو نصر العراقي الذي يروي رواية قالون عن أبي أحمد عبيد بن مهران الفرضي، وإسناد الشناقطة والمغاربة رواية قالون من طريقه في غاية الصحة، وهم في روايتهم عنه صادقون لا زاعمون كما قال السيد الباحث، وقد مر بنا أنه كما قال ابن الجزري: "أعلى ما وقعت رواية قالون من طريقه". ويقول الإمام الذهبي: "قرأ على أبي الحسين أحمد بن بويان فكان آخر من قرأ في الدنيا عليه". (معرفة القراء الكبار: 1/691 ترجمة رقم 410).
فالمغاربة ـ إذن ـ اختاروا هذه الطريق في رواية قالون عن نافع لصحتها وعلو سندها، فكيف بكامل السهولة نسحب عنها هذه الفضيلة وندعي عليها أن فيها من هو مجهول مغمور، لا يعرفه ابن الجزري، ثم نزيد على ذلك باقتراح بديل لها من طريق ابن غلبون، فنلغي بذلك جميع أسانيد المغاربة والشناقطة فيها بناء على أمر لا أساس له أسبغنا أو حاول بعضنا أن يسبغ عليه عن حسن نية طابع التحقيق العلمي، والله المستعان وعليه التكلان.
د. عبد الهادي حميتو
سلا ـ المغرب
الجمعة 27 شعبان 1437 هـ الموافق 03 يونيو 2016 م.
 
وصدر الشيخ الحسن ابن ماديك رحب واسع فقد تلقى تعقيب الشيخ الدكتور عبدالهادي حميتو وكتب جوابا هذا نصه:

إلى شيخنا الدكتور عبد الهادي حميتو
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه، وبعد:
فقد أكرمنـي الأخ الفاضل الدكتور محمد بن الدكتور عبد الله البخاري برابط تعقيب أخينا وشيخنا الدكتور عبد الهادي حـميتو على بحثي القديم الموسوم بـ "دراسة نقدية حول أسانيد الشناقطة المغربية عن ابن نفيس" المنشور فاتح ذي الحجة 1430 هـ ، بدافع الغيرة على أسانيدنا وسائر تراثنا المغربي، ونشأ طعني يومئذ بشبهة تلف الورق ومحو بعض السطور ومظنة تحريف النساخ لتجدد كتابة الأسانيد في كل مرة في بيئة بدوية متنقلة غير مستقرة ليس لها من الشمس ولا الرياح ولا الأمطار غير خيام من وبَرٍ، وخلت محاظرها من جميع المتون والأمهات ذات الصلة بتحرير الطرق والأسانيد.
والحق يقال: إنني لم أك يوم نشرتُ تلك الدراسة قبل سبعة أعوام أشك في ضبط أسانيد المغاربة وصحتها وسلامتها لما أنعم الله به عليهم من المدنية والاستقرار، وإنما توهمتُ ضبطَ أسانيد الشناقطة وأن قد لحقها الوهْم والتصحيف والتحريف من جهة النسَّاخ وهكذا سطَّرت يومئذ قولي:
:"وهكذا نستبدل هذا الجزء من إجازات الشناقطة القديمة: عن ابن نفيس عن أبي نصر البغدادي عن أبي أحمد الفرضي عن ابن بويان عن ابن الأشعث عن أبي نشيط عن قالون عن نافع " اهـ
بتصويبه كالتالي :
"عن ابن نفيس عن أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون عن صالح ابن إدريس عن القزاز عن ابن الأشعث عن أبي نشيط عن قالون " اهـ والله الموفق" اهـ محل الغرض منه وهو " وهكذا نستبدل هذا الجزء من إجازات الشناقطة القديمة" ويظهر قصور الحكم على أسانيد الشناقطة دون الأسانيد الأصلية المغربية.
وأسارع إلى إتيان الحق مذعنا مبتعدا عن خصال المنافقين في مثل هذه المواقف كالمبيَّن في سورة النور، فأقول: شكرا جزيلا أخي وشيخي عبد الهادي حـميتو ولقد صدَقْتَ في تحريرك وتحقيقِك صحة أسانيد المغاربة في رواية قالون عن ابن نفيس ومنها أسانيد الفرع البرِّ الوفيِّ الشناقطة في أقصى الجنوب المغربي كالتالي: عن ابن نفيس عن أبي نصر البغدادي عن أبي أحمد الفرضي عن ابن بويان عن ابن الأشعث عن أبي نشيط عن قالون عن نافع.
ويبادر طالب العلم الحسن محمد ماديك إلى سحب تصويبه واقتراحه معلنا اكتمال تحرير المسألة كما حررها الأخ والشيخ الفاضل عبد الهادي حميتو غفر الله لي وله ولسائر الباحثين الجادّين غير المتعصبين.
ولقد سررْتُ من قبلُ بمزيد علمٍ أسرَّ به إليَّ أخي الدكتور عبد العلي المسئول سرورا معلوما غير مستور شاكرا له على الملإ بقولي "وللباحث الكبير الدكتور عبد العلي المسئول مني التقدير والشكر فقد ساعدنا على إيضاح ما انعجم علينا وأتمنى عليه وعلى سائر الباحثين متابعة الخيط لتحرير المسألة " اهـ معلنا معترفا بقصوري عن استغراق البحث متمنيا على الباحثين متابعة الخيط لتحرير المسألة.
ولأنا اليوم أكثر سرورا باكتمال الخيط وتحرير المسألة التي انشغلت عنها وعن تحرير طرق القراءات منذ فترة بتحرير القراءات نفسها لتأصيل استعادة الأداء بالمصاحف العثمانية الستة والله الموفق وهو المستعان.
وإنه لا مزيد على تحريرك شيخنا عبد الهادي حميتو إلا بإسناد الفضل إلى أهله وإلا أن نظل فرعا برا وفيًّا لدوحة العلم وبحره الزاخر الوافر مغربنا الحبيب.
وأستحضر آخر بيت من لاميتي في تحرير قراءة نافع ورواية حفص من طرق النشر إذ قلتُ:
وَلَامِيَتِي تَمَّتْ فُرَاتًا وَسَلْسَلَا
مُحَرَّرَةً مِنْ طَالِبٍ قَلَّ عِلْمُهُ / هُوَ الْحَسَنُ الْمَادِيكُ مِنْ مَغْرِبِ الْمَلَا اهـ
وإنني لأكرر ما أسلفت من قبل في بحثي لتقرير صحة العشر النافعية وتواترها رغم غلو بعض المشارقة في نفي صحة ما لم تحوه طيبة النشر غلوا طعن فيه المحقق ابن الجزري نفسه في كتابه منجد المقرئين، ولتقرير ذلك عزمت منذ سنوات تحرير القراءات نفسها.
طالب العلم على عتبة باب فضلكم
الحسن محمد ماديك
نواكشوط
الجمعة 27/شعبان/1437هـ الموافق 3 يونيو 2016
 
قبل نحو أربع السنوات من الآن جرى نقاش حول هذه المسألة في هذا الملتقى المبارك،وكان بعضهم قد وقف على نسخة مخطوطة من روضة الحفاظ فرأى فيها النص على تسمية الراوي المبهم في سند قالون، فكتب في ذلك بحثا نشر على صفحات هذا الملتقى.تحت عنوان "تبيين المبهم من رواية عبيد الله بن مسلم". أوعنوان قريب من هذا ......ولو رفع ذلك هنا لكان فيه إثراء للموضوع
 
هل رواية ورش عن نافع التي نقرأ بها نحن الآن في الجزائر والمغرب وموريتانيا قطعية الثبوت عن رسول الله وهل هي سليمة من القياس
وهل أدائها كان على أداء الرسول صلى الله عليه وسلم
 
نحن هنا بصدد إحقاق حق السبق، وليس في النظر الى صحة سند رواية قالون او عدم صحته.
ما توصل اليه الحافظ عبد الهادي حميتو بعد تحقيق روضة المعدل توصل اليه السيد العلامة أحمد بن محمد فال، الألفغي، البهناوي، قبل أربع سنوات قبل تحقيق روضة المعدل.
لم يكن الحسن بن محمد ماديك بدعا في استشكال هوية أبي نصر البغدادي، فقد سبقه محمد بن عبد السلام الفاسي في ذلك، دون أن يطرح بديلا.
هذا، وعلى الرغم من وضوح نص المعدل، الا أني لست مطمئن البال الى هذا النص
 
عودة
أعلى