ناصر عبد الغفور
Member
بسم الله الرحمن الرحيم
تعقيب على قول ابن الصلاح في أن الملائكة لم يعطوا كرامة قراءة القرآن:
نقل الإمام السيوطي رحمه الله تعالى في إتقانه عن الإمام ابن الصلاح رحمه الله تعالى قوله في فتاويه:
" قراءة القرآن كرامة أكرم الله بها البشر فقد ورد أن الملائكة لم يعطوا ذلك وأنها حريصة لذلك على استماعه من الإنس"[SUP]([/SUP][1][SUP])[/SUP].
والحقيقة أن هذه العبارة لم تستوقفني عند أول مرة وإنما استوقفتني مؤخرا، حيث رأيت أن في كلام ابن الصلاح رحمه الله تعالى نظر..وذلك من ثلاث وجوه:
- الأول: عدم ورود نص ثابت في ذلك وإن ثبت فلا يصح[SUP]([/SUP][2][SUP])[/SUP]. أما الاستماع فقد ثبت ذلك كما في حديث أسيد بن حضير رضي الله عنه وقد رواه الإمام البخاري في كتاب القرآن (بَاب نُزُولِ السَّكِينَةِ وَالْمَلَائِكَةِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ).
لكن الاستماع لا ينفي الحرمان من القراءة، والله أعلم.
- الثاني: أن هذا الأمر من أمور الغيب التي لا مجال فيها للاجتهاد فالقول فيها قول النص لا قول العقل أو الرأي، وقد أشرت أنه لم يصح في ذلك خبر وليس فيه دليل لا من كتاب الله جل في علاه ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ومعلوم أن الأصل في مجال الغيب التوقف حتى يصح نص في ذلك.
- الثالث: أنه على عكس ما ذكره الإمام ابن الصلاح رحمه الله تعالى فقد ثبت أن أفضل الملائكة وهو جبريل عليه السلام كان يدارس رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان، فعن ابن عباس رضي الله عنهما:" كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة "- رواه البخاري-.
ولا يتصور مدارسة دون قراءة.
بل إن القرآن الكريم إنما نزل على قبل النبي الأمين عليه من الله أفضل الصلاة والتسليم بواسطة القوي الأمين جبريل عليه السلام، كما ذكر الله تعالى في عدة مواضع من كتابه الحكيم. من ذلك قوله تعالى:" وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194)"-الشعراء-.
وإذا ثبت أن واحدا من الملائكة قد أعطي كرامة قراءة القرآن الكريم فلا يصح تعميم النفي عن كل الملائكة كما زعم الإمام ابن الصلاح.
والله أعلم وأحكم ونسبة العلم إليه سبحانه أسلم.
([1] ) الإتقان: 1/275.
([2] ) وقد بحثت أن حديث أو أثر في ذلك فلم أجده، والله أعلم.
تعقيب على قول ابن الصلاح في أن الملائكة لم يعطوا كرامة قراءة القرآن:
نقل الإمام السيوطي رحمه الله تعالى في إتقانه عن الإمام ابن الصلاح رحمه الله تعالى قوله في فتاويه:
" قراءة القرآن كرامة أكرم الله بها البشر فقد ورد أن الملائكة لم يعطوا ذلك وأنها حريصة لذلك على استماعه من الإنس"[SUP]([/SUP][1][SUP])[/SUP].
والحقيقة أن هذه العبارة لم تستوقفني عند أول مرة وإنما استوقفتني مؤخرا، حيث رأيت أن في كلام ابن الصلاح رحمه الله تعالى نظر..وذلك من ثلاث وجوه:
- الأول: عدم ورود نص ثابت في ذلك وإن ثبت فلا يصح[SUP]([/SUP][2][SUP])[/SUP]. أما الاستماع فقد ثبت ذلك كما في حديث أسيد بن حضير رضي الله عنه وقد رواه الإمام البخاري في كتاب القرآن (بَاب نُزُولِ السَّكِينَةِ وَالْمَلَائِكَةِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ).
لكن الاستماع لا ينفي الحرمان من القراءة، والله أعلم.
- الثاني: أن هذا الأمر من أمور الغيب التي لا مجال فيها للاجتهاد فالقول فيها قول النص لا قول العقل أو الرأي، وقد أشرت أنه لم يصح في ذلك خبر وليس فيه دليل لا من كتاب الله جل في علاه ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ومعلوم أن الأصل في مجال الغيب التوقف حتى يصح نص في ذلك.
- الثالث: أنه على عكس ما ذكره الإمام ابن الصلاح رحمه الله تعالى فقد ثبت أن أفضل الملائكة وهو جبريل عليه السلام كان يدارس رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان، فعن ابن عباس رضي الله عنهما:" كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة "- رواه البخاري-.
ولا يتصور مدارسة دون قراءة.
بل إن القرآن الكريم إنما نزل على قبل النبي الأمين عليه من الله أفضل الصلاة والتسليم بواسطة القوي الأمين جبريل عليه السلام، كما ذكر الله تعالى في عدة مواضع من كتابه الحكيم. من ذلك قوله تعالى:" وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194)"-الشعراء-.
وإذا ثبت أن واحدا من الملائكة قد أعطي كرامة قراءة القرآن الكريم فلا يصح تعميم النفي عن كل الملائكة كما زعم الإمام ابن الصلاح.
والله أعلم وأحكم ونسبة العلم إليه سبحانه أسلم.
([1] ) الإتقان: 1/275.
([2] ) وقد بحثت أن حديث أو أثر في ذلك فلم أجده، والله أعلم.