عمر جمال النشيواتي
New member
- إنضم
- 29/05/2010
- المشاركات
- 16
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
- الإقامة
- السعودية-جدة
- الموقع الالكتروني
- www.facebook.com
تبقى نظرتنا إلى كثير من الأمور نظرة مختلة .. غير متعادلة , بعيدة كل البعد عن الاتزان ,, وتختلف وجهات النظر , وتتفاوت التقديرات , فمن مرجح لكفة على حساب كفة , ومن مفضل لجهة على أخرى ... وستبقى كذلك مختلة دائما , حتى تحكم بميزان عادل , وتُضبط بضابط دقيق , وتقاس بمقياس محكم,,ثابت لا يتغير... ذلكم الميزان هو ميزان الله الذي وضعه لنا في القرآن , (الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان)
لذا تُعتبر كل آية من آيات هذا الكتاب المحكم ,بل كل كلمة فيه , ميزانا نزن به الأمور , ومقياسا نقيس عليه الأحوال ,ونعرف به الصواب من الخطأ , فضلا عن القواعد والثوابت والكليات التي رسمها لنا القرآن لتكون لنا منهج حياة , وسلوكا عاما , وطريقا واضح المعالم , جلياً صافياً لا غبار عليه ولا غبش ... من تلك القواعد القرآنية العظيمة التي تضبط الأمور بضابط محكم وتزنها بميزان دقيق , وتقيسها بمقياس ثابت , نعرف بها الخلل وتكشف لنا مواطن الضعف في كافة أمور حياتنا لتسنح لنا الفرصة بعدها للمراجعة والتدارك والتصحيح,,, قاعدة تكررت في كتاب الله مرات ومرات حتى تَرسخ في النفوس وتثبت في الحس والضمير قبل العقل والفكر ,,, تلك القاعدة هي قاعدة الجمع بين السنة الكونية القدرية ,, والسنة الشرعية الربانية ,, في جميع أمور حياتنا...
كثيراً ما نعيش اختلا فا في تقدير الأمور بيننا كيف يجب أن تكون ؟ وبأي قدر يجب أن تقدر ؟ فمن مفضل لكفة السبب الشرعي , صارفا نظره عن كل سبب قدري وقانون فطري وناموس كوني ... ومن مرجح للسنن الكونية على حساب السنن الربانية السماوية , ولاشك أن كلا الطرفين مقصر, وكل منها مخل في تقديره, وأنى له أن يصل إلى مبتغاه , وتتحقق آماله , إلا أن يُستدرج مَن قَصر في الأخذ بالسبب الشرعي ... وبالجمع بين هاتين السنتين معا يبلغ المرء هدفه , و يتحقق له ما يصبو إليه "سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا "
نقصد بالسبب الشَرعي أو القانون الرباني : كل وسيلة أو سبب دلنا عليه الشارع الحكيم عن طريق الوحيين , وجعله سببا مشروعا للوصول لأمر ما , فالدعاء - مثلاً - جعله الله سببا لنجاة المضطر:" أمن يُجيب المضطر إذا دعاه" , وجعل الله التقوى سببا لتفريج الكربات كما جعله سببا للرزق :" ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب "
وجعل الاستغفار سببا لنزول المطر , والإمداد بالأموال و البنين "فقلت استفغروا ربكم إنه كان غفارا , يرسل السماء عليكم مدرارا , ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا",,, وهذا أمر واضح جلي عُلم بصريح نص القرآن , ولا يختلف عليه اثنان لكن يبقى السؤال ... هل يكفي الأخذ بهذه الأسباب الشرعية للحصول على هذه الأمور ؟؟
إنه مما ترسخ في كل فطرة سليمة ,أنه لا نجاة لغريق ــ مثلا ــ بيده سببٌ للنجاة من منقذٍ أو قارب أو نحوها , ولم يأخذ بذلك السبب , واكتفى برفع يديه إلى السماء سائلاً مولاه النجاة .. وأنى لمكثر من الاستغفار أن يُرزق بولدٍ ولم يتزوج بعد , وأنى لمتقّ أن يرزق ويُغنى ولم يباشر سببًا للرزق بيده ...وهذا مانعنيه بالسبب الكوني ...
لا أَظُن أني أضفت شيئًا جديدًا إن اكتفيت بمثل هذه الأمثلة لكن إنما أردت تثبيت هذه ا لقاعدة وترسيخها , والتذكير بها عبر مسلمات واضحة متذرعًا بها إلى أمثلة أخرى كثيرًا ما نغفل عن تطبيق هذه القاعدة عليها مستحثًا النفوس على تذكر هذه القاعدة وتفعيلها في كافة جوانب حياتنا , والموفق من رُزق اتزانًا دائمًا في الأخذ بهاتين السُّنتين معًا وجمع بينهما في كل أمور حياته , وسأقتصر هنا على ذكر أمثلة من كتاب الله تعالى كتطبيق عملي على هذه القاعدة...
لا أَظُن أني أضفت شيئًا جديدًا إن اكتفيت بمثل هذه الأمثلة لكن إنما أردت تثبيت هذه ا لقاعدة وترسيخها , والتذكير بها عبر مسلمات واضحة متذرعًا بها إلى أمثلة أخرى كثيرًا ما نغفل عن تطبيق هذه القاعدة عليها مستحثًا النفوس على تذكر هذه القاعدة وتفعيلها في كافة جوانب حياتنا , والموفق من رُزق اتزانًا دائمًا في الأخذ بهاتين السُّنتين معًا وجمع بينهما في كل أمور حياته , وسأقتصر هنا على ذكر أمثلة من كتاب الله تعالى كتطبيق عملي على هذه القاعدة...
قال ابن القيم : ( وبالجملة : فالقرآن ــ من أوله إلى آخره ــ صريح في تَرتُّب الجزاء بالخير والشر , والأحكام الكونية و الأمرية على الأسباب , بل ترتيب أحكام الدنيا والآخرة ومصالحها ومفاسدها على الأسباب والأعمال ومن تفقه في هذه المسألة , وتأملها حق التأمل , انتفع بها غاية النفع , ولم يتكل على القدر جهلا منه وعجزا وتفريطا واضاعة ,, فيكون توكله عجزا , وعجزه توكلا..!بل الفقيه - كل الفقيه – الذي يرد القدر بالقدر ويدفع القدر بالقدر, ويعارض القدر بالقدر , لا يمكن للإنسان أن يعيش إلا بذلك ..! فإن الجوع والعطش والبرد وأنواع المخاوف والمحاذير هي من القدر , والخلق كلهم ساعون في دفع هذا القدر ..! وهكذا من وفقه الله وألهمه رشده يدفع قدر العقوبة الأخروية بقدر التوبة والإيمان والأعمال الصالحة ..! فهذا وزن القدر المخوِّف في الدنيا ومايضاده , فرَبُّ الدارين واحد , وحكمته واحده لا يناقض بعضها بعضا , ولا يبطل بعضها بعضا , فهذه المسألة من أشرف المسائل لمن عرف قدرها , ورعاها حق رعايتها ..! والله المستعان .انتهى.
تطبيقات عملية لهذه القاعدة : ــ
1/(تطبيق روحي) الانتفاع بالقرآن :ــ
(( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب , أو ألقى السمع وهو شهيد )) قوله: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى } أي: لعبرة { لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ } أي: لُبٌّ يَعِي به. وقال مجاهد: عقل { أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } أي: استمع الكلام فوعاه، وتعقله بقلبه وتفهمه بلبه.
وقال مجاهد: لا يحدث نفسه بغيره.. وفي الخبر : « إن لله أوانيَ ألاَ وهي القلوب ، وأقربها من الله مارقَّ وصفا » شبَّه القلوب بالأواني؛ فقلبُ الكافرِ منكوسٌ لا يدخل فيه شيء ، وقلبُ المنافقِ إناء مكسور ، ما يُلْقى فيه من أوَّله يخرج من أسفله ، وقلبُ المؤمنِ إناءٌ صحيح غير منكوس يدخل فيه الإيمانُ ويَبْقَى .
يشكو البعض أحيانًا من ضعف التأثر بالقرآن والانتفاع به , ومن راجع نفسه وحاسبها علم أنه إنما حصل ذلك له بسبب ضعف في الأخذ بهذين السببين أو أحدهما, فإما أن المرء يسمع القرآن بإذنه فقط , وقلبه غافلٌ لاهٍ , أو لضعفٍ في إيمانه وتقواه والقرآن ((هدىً للمتقين )),وهذه أسباب شرعية ربانية , وإما أنه لا يعير اهتمامًا لكيفية سماعه للقرآن من تجويد الصوت به والتغني بتلاوته أو سماعه من حَسَن الصوت , ولا يُهيء المكان والمناخ المناسب ويُطيب الأجواء ويُطهرها فإن هذا كله من الأسباب الكونية المعينة على التأثر بالقرآن, والانتفاع به .
وفي سورة الحاقة قال الله عن القرآن ( وإنه لتذكرة للمتقين ) سبب شرعي . وقال (وتَعيها أذنٌ واعية ) أي من شأنها أن تحفظ ما يجب حفظه بتذكره وإشاعته والتفكر فيه ولا تضيعه بترك العمل به قال قتادة : الواعية هي التي عقلت عن الله تعالى وانتفعت بما سمعت من كتاب الله تعالى , وهذا سبب كوني .
1/(تطبيق روحي) الانتفاع بالقرآن :ــ
(( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب , أو ألقى السمع وهو شهيد )) قوله: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى } أي: لعبرة { لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ } أي: لُبٌّ يَعِي به. وقال مجاهد: عقل { أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } أي: استمع الكلام فوعاه، وتعقله بقلبه وتفهمه بلبه.
وقال مجاهد: لا يحدث نفسه بغيره.. وفي الخبر : « إن لله أوانيَ ألاَ وهي القلوب ، وأقربها من الله مارقَّ وصفا » شبَّه القلوب بالأواني؛ فقلبُ الكافرِ منكوسٌ لا يدخل فيه شيء ، وقلبُ المنافقِ إناء مكسور ، ما يُلْقى فيه من أوَّله يخرج من أسفله ، وقلبُ المؤمنِ إناءٌ صحيح غير منكوس يدخل فيه الإيمانُ ويَبْقَى .
يشكو البعض أحيانًا من ضعف التأثر بالقرآن والانتفاع به , ومن راجع نفسه وحاسبها علم أنه إنما حصل ذلك له بسبب ضعف في الأخذ بهذين السببين أو أحدهما, فإما أن المرء يسمع القرآن بإذنه فقط , وقلبه غافلٌ لاهٍ , أو لضعفٍ في إيمانه وتقواه والقرآن ((هدىً للمتقين )),وهذه أسباب شرعية ربانية , وإما أنه لا يعير اهتمامًا لكيفية سماعه للقرآن من تجويد الصوت به والتغني بتلاوته أو سماعه من حَسَن الصوت , ولا يُهيء المكان والمناخ المناسب ويُطيب الأجواء ويُطهرها فإن هذا كله من الأسباب الكونية المعينة على التأثر بالقرآن, والانتفاع به .
وفي سورة الحاقة قال الله عن القرآن ( وإنه لتذكرة للمتقين ) سبب شرعي . وقال (وتَعيها أذنٌ واعية ) أي من شأنها أن تحفظ ما يجب حفظه بتذكره وإشاعته والتفكر فيه ولا تضيعه بترك العمل به قال قتادة : الواعية هي التي عقلت عن الله تعالى وانتفعت بما سمعت من كتاب الله تعالى , وهذا سبب كوني .
قال ابن القيم :"القلب محل تلقي الوحي , فإذا أردت الانتفاع بالوحي فلا بد من تفريغ القلب من ضده , لأن إصغاء القلب مثل إصغاء الأذن , فإذا أصغى إلى غير حديث الله , لم يبق فيه إصغاء ولا فهم لحديثه , وإذا امتلأ بالشبه والشكوك , والمضحكات والصور المحرمة , والغناء المحرم الذي يصد عن الوحي , جاءته حقائق القرآن فلم تجد فيه فراغا لها ولا قبولا قتعدته وجاوزته إلى محل سواه" .... يتبع