محمد بن جماعة
New member
- إنضم
- 23/01/2007
- المشاركات
- 1,211
- مستوى التفاعل
- 2
- النقاط
- 38
- الإقامة
- كندا
- الموقع الالكتروني
- www.muslimdiversity.net
ترددت منذ فترة في الحديث بتفصيل عن رأيي في ما يسمى بـ(المدارس العقائدية) و(علم الفرق)، وتصنيف المعتقدات، وتصنيف الأشخاص، وأسباب الاختلاف العقائدي، لتعلق هذه المواضيع بكتابين لم أفرغ منهما، وحرصي على التريث والتأكد من استقراء كل الأدلة وسلامتها.
وسأعرض هنا بعض الأفكار المكثفة، راجيا أن تجد حظا من التأمل، ورحم الله امرءا أهدى إليّ أخطائي:
عقيدة الإنسان عبارة عن نظام متشابك متكون من عدد لا يمكن حصره من الأجزاء والتفاصيل والذرات. وبعض هذه الأجزاء والتفاصيل والذرات ديني، وأكثرها دنيوي (ثقافي، اجتماعي، سياسي) ناشئ من الوراثة والبيئة والتأثر بالآخرين والملاحظة والتجربة والتعلم.
والمعتقدات نظام تراكمي سريع النمو، تتشكل أجزاؤه وتتوالد وتتطور بشكل يومي نتيجة تدافع المعتقدات السابقة وتلاقحها وتنافسها. ونتيجة هذا التلاقح والتوالد تنشأ المعتقدات لدى الإنسان، وقد تحيى وتقوى بمرور الزمن، وقد تمر بها مراحل ضعف ووهن، وفي بعض الأحيان يتخلى عنها (أو بمعنى آخر: تموت) لتترك مكانها لمعتقدات أخرى.
وما يصبح معتقدا دينيا جديدا قد ينشأ عن خليط من معتقدات سابقة دينية ودنيوية، وقد يكون ناتجا عن معتقدات دينية بحتة. وقد يتولد فقط من معتقدات دنيوية وليس له علاقة بمعتقدات دينية سابقة.
ولذلك، فالمعتقدات دائمة الحركة ("ديناميكية") في عقل الإنسان طيلة حياته، لا تستقر على حال، وكلما توفرت معلومات أو أدلة أو ملاحظات جديدة، تتغير درجة قوتها والاقتناع بها. وقد تقوى هذه المعتقدات يوما، وقد تضعف يوما (بمعنى: تزيد وتنقص) في درجة فهمها والاطمئنان إلى صحتها ووضوحها وعلاقتها بالمعتقدات الأخرى، وقيمتها مقارنة بهذه المعتقدات الأخرى.
وهي أيضا دائمة الحركة ("ديناميكية") في تمثلها في سلوك الإنسان، يعبر عنها الإنسان لحظة أو ساعة أو يوما أو فترة من حياته، بحماس وعاطفة وحرارة بالكلام أو الكتابة أو السلوك أو الفعل، فنعرف درجة تمسكه بهذا المعتقد. وقد يفتر هذا الحماس والعاطفة لحظة أو ساعة أو يوما أو فترة أخرى من حياته، وقد تضعف قيمة هذا المعتقد حتى يصبح وجوده كعدمه في العقل.
والمعتقدات بعضها شعوري إرادي (حاضر في الذهن أو الذاكرة القصيرة)، يستطيع الإنسان أن يكتشفه في نفسه ويحدده ويعرّفه بدقة (من خلال إدامة الفكر والتأمل والدربة)، وقد يكون لا شعوريا (غائبا عن الذهن، أو غارقا في الذاكرة العميقة) يظهر في بعض السلوكيات اللاواعية، ولا يقدر الإنسان على تحديده وتعريفه بدقة.
والمعتقدات يكون بعضها (سلبيا) وقد يكون (إيجابيا). والسلبي هو ما يعتقده الإنسان فكريا، دون أن يكون له أثر في عمله وسلوكه. والإيجابي هو ما ترتب عليه أثر ما في القول أو الفعل أو الخلق (صالحا أو غير صالح، جيدا أو سيئا...).
والمعتقدات بعضها يستطيع الإنسان أن يعبر عنه بدقة ووضوح في كلامه، وقد لا يستطيع التعبير عنه بالكلام، إما لقصور الفهم أو قصور القدرة اللغوية.
والمعتقدات قد يرغب الإنسان في إعلانها، وقد يحرص على كتمانها. وعندما يكتمها: قد يظهر خلافها وقد لا يظهر خلافها. وقد يظهرها لبعض من حوله، ويكتمها عن آخرين.
والمعتقدات قد تكون صوابا وقد تكون خطأ. والخطأ في معتقد ما قد يتجاوز حدود الفكر فيكون له أثر خاطئ في السلوك والعمل. وقد لا يتجاوز حدود العقل، وحينها لا يجوز إعطاؤه قيمة أكبر من قيمته الفعلية.
مما يزيد الأمر تعقيدا وصعوبة: أن معتقد الإنسان لا يمكن تحديده إلا إذا أعلن عنه أو عبر عنه من خلال القول أو الفعل أو الخلق. غير أننا لا يمكن أن نجزم بالحكم على قول أو فعل أو خلق بأنه أثر لبعض المعتقدات، لأن القول (أو الفعل أو الخلق) قد يصدر بحكم العادة أو التقليد، وقد يصدر بقصد أو بغير مقصود، وقد يصدر نتيجة تسرع فيندم الإنسان عليه في لحظته أو بعد حين، وإذا ندم عليه، قد يحتفظ بهذا الندم في قلبه ولا يبديه لأحد. وقد يقول الإنسان كلمة حق أو كلمة باطل ولا يلقي لها بالا. وقد يصدر عنه قول أو فعل أو سلوك، فيفهم على خلاف قصده.
بعبارة أخرى: معتقدات الإنسان ظاهرة وباطنة، وباطنها الخفي أكثر بكثير من ظاهرها. وما يظهر منها لا يمكن تتبعه وحصره بكامله، إلا إذا وضعنا الإنسان تحت المجهر لتسجيل كل حركاته وسكناته. وهذا أمر مستحيل، حتى على الإنسان نفسه، إذ يستحيل على الإنسان نفسه أن يحصي أعماله الشخصية والظاهرة. وهو أعجز عن معرفة باطنه.
لهذا ولغيره (مما قد أفصله مرة أخرى)، فإن عقيدة الإنسان (كل إنسان) تشكل نسيجا متميزا عن غيره، ولا يمكن العثور في تاريخ البشرية كلها على شخصين لهما نفس المعتقدات، فما بالك بجماعات من البشر. لذلك فهي تشبه البصمة التي تميز الإنسان عن غيره.
وإذا كان الأمر بهذا القدر من التشعب والتعقيد والتفصيل، فكيف يمكن حصر معتقدات الإنسان؟ وكيف يمكن تصنيفها؟
لا ريب أن معرفة عقيدة الإنسان تحتاج لميزان دقيق يستطيع معرفة الظاهر والباطن، ومنشأ كل ذرة من ذرات هذه العقيدة لدى الإنسان، وما صدر بوعي وما صدر بغير وعي، والنية الحقيقية وراء ما صدر. وهذا لا يتأتى إلا لمن يعلم السر وأخفى، فيرى مثقال الذرة من عمل الإنسان، خيرا أو شرا (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره). وهذا من أدق وأصدق التعبيرات عن معتقد الإنسان وأثر هذا المعتقد وطريقة معرفته بعدل.
هذا هو الجانب الأول من الموضوع. وكما هو ملاحظ، تم الحديث فيه عن المعتقدات الذاتية ومنشئها بشكل عام (دينية كانت أو دنيوية).
أما الجانب الثاني منه فينحصر الحديث في المعتقدات الدينية الناشئة عن فهم الوحي (القرآن الكريم والسنة النبوية الثابتة). وهو ينقسم إلى قسمين: أولهما يتعلق بعقائد الإسلام، أو ما عبر عنه المصطلح النبوي بشعب الإيمان. والثاني يتعلق بمنهجية تصنيف الناس إلى فرق حسب الاعتقاد.
وسأتعرض لهذا بشيء من التفصيل في وقت لاحق بإذن الله.
وسأعرض هنا بعض الأفكار المكثفة، راجيا أن تجد حظا من التأمل، ورحم الله امرءا أهدى إليّ أخطائي:
عقيدة الإنسان عبارة عن نظام متشابك متكون من عدد لا يمكن حصره من الأجزاء والتفاصيل والذرات. وبعض هذه الأجزاء والتفاصيل والذرات ديني، وأكثرها دنيوي (ثقافي، اجتماعي، سياسي) ناشئ من الوراثة والبيئة والتأثر بالآخرين والملاحظة والتجربة والتعلم.
والمعتقدات نظام تراكمي سريع النمو، تتشكل أجزاؤه وتتوالد وتتطور بشكل يومي نتيجة تدافع المعتقدات السابقة وتلاقحها وتنافسها. ونتيجة هذا التلاقح والتوالد تنشأ المعتقدات لدى الإنسان، وقد تحيى وتقوى بمرور الزمن، وقد تمر بها مراحل ضعف ووهن، وفي بعض الأحيان يتخلى عنها (أو بمعنى آخر: تموت) لتترك مكانها لمعتقدات أخرى.
وما يصبح معتقدا دينيا جديدا قد ينشأ عن خليط من معتقدات سابقة دينية ودنيوية، وقد يكون ناتجا عن معتقدات دينية بحتة. وقد يتولد فقط من معتقدات دنيوية وليس له علاقة بمعتقدات دينية سابقة.
ولذلك، فالمعتقدات دائمة الحركة ("ديناميكية") في عقل الإنسان طيلة حياته، لا تستقر على حال، وكلما توفرت معلومات أو أدلة أو ملاحظات جديدة، تتغير درجة قوتها والاقتناع بها. وقد تقوى هذه المعتقدات يوما، وقد تضعف يوما (بمعنى: تزيد وتنقص) في درجة فهمها والاطمئنان إلى صحتها ووضوحها وعلاقتها بالمعتقدات الأخرى، وقيمتها مقارنة بهذه المعتقدات الأخرى.
وهي أيضا دائمة الحركة ("ديناميكية") في تمثلها في سلوك الإنسان، يعبر عنها الإنسان لحظة أو ساعة أو يوما أو فترة من حياته، بحماس وعاطفة وحرارة بالكلام أو الكتابة أو السلوك أو الفعل، فنعرف درجة تمسكه بهذا المعتقد. وقد يفتر هذا الحماس والعاطفة لحظة أو ساعة أو يوما أو فترة أخرى من حياته، وقد تضعف قيمة هذا المعتقد حتى يصبح وجوده كعدمه في العقل.
والمعتقدات بعضها شعوري إرادي (حاضر في الذهن أو الذاكرة القصيرة)، يستطيع الإنسان أن يكتشفه في نفسه ويحدده ويعرّفه بدقة (من خلال إدامة الفكر والتأمل والدربة)، وقد يكون لا شعوريا (غائبا عن الذهن، أو غارقا في الذاكرة العميقة) يظهر في بعض السلوكيات اللاواعية، ولا يقدر الإنسان على تحديده وتعريفه بدقة.
والمعتقدات يكون بعضها (سلبيا) وقد يكون (إيجابيا). والسلبي هو ما يعتقده الإنسان فكريا، دون أن يكون له أثر في عمله وسلوكه. والإيجابي هو ما ترتب عليه أثر ما في القول أو الفعل أو الخلق (صالحا أو غير صالح، جيدا أو سيئا...).
والمعتقدات بعضها يستطيع الإنسان أن يعبر عنه بدقة ووضوح في كلامه، وقد لا يستطيع التعبير عنه بالكلام، إما لقصور الفهم أو قصور القدرة اللغوية.
والمعتقدات قد يرغب الإنسان في إعلانها، وقد يحرص على كتمانها. وعندما يكتمها: قد يظهر خلافها وقد لا يظهر خلافها. وقد يظهرها لبعض من حوله، ويكتمها عن آخرين.
والمعتقدات قد تكون صوابا وقد تكون خطأ. والخطأ في معتقد ما قد يتجاوز حدود الفكر فيكون له أثر خاطئ في السلوك والعمل. وقد لا يتجاوز حدود العقل، وحينها لا يجوز إعطاؤه قيمة أكبر من قيمته الفعلية.
مما يزيد الأمر تعقيدا وصعوبة: أن معتقد الإنسان لا يمكن تحديده إلا إذا أعلن عنه أو عبر عنه من خلال القول أو الفعل أو الخلق. غير أننا لا يمكن أن نجزم بالحكم على قول أو فعل أو خلق بأنه أثر لبعض المعتقدات، لأن القول (أو الفعل أو الخلق) قد يصدر بحكم العادة أو التقليد، وقد يصدر بقصد أو بغير مقصود، وقد يصدر نتيجة تسرع فيندم الإنسان عليه في لحظته أو بعد حين، وإذا ندم عليه، قد يحتفظ بهذا الندم في قلبه ولا يبديه لأحد. وقد يقول الإنسان كلمة حق أو كلمة باطل ولا يلقي لها بالا. وقد يصدر عنه قول أو فعل أو سلوك، فيفهم على خلاف قصده.
بعبارة أخرى: معتقدات الإنسان ظاهرة وباطنة، وباطنها الخفي أكثر بكثير من ظاهرها. وما يظهر منها لا يمكن تتبعه وحصره بكامله، إلا إذا وضعنا الإنسان تحت المجهر لتسجيل كل حركاته وسكناته. وهذا أمر مستحيل، حتى على الإنسان نفسه، إذ يستحيل على الإنسان نفسه أن يحصي أعماله الشخصية والظاهرة. وهو أعجز عن معرفة باطنه.
لهذا ولغيره (مما قد أفصله مرة أخرى)، فإن عقيدة الإنسان (كل إنسان) تشكل نسيجا متميزا عن غيره، ولا يمكن العثور في تاريخ البشرية كلها على شخصين لهما نفس المعتقدات، فما بالك بجماعات من البشر. لذلك فهي تشبه البصمة التي تميز الإنسان عن غيره.
وإذا كان الأمر بهذا القدر من التشعب والتعقيد والتفصيل، فكيف يمكن حصر معتقدات الإنسان؟ وكيف يمكن تصنيفها؟
لا ريب أن معرفة عقيدة الإنسان تحتاج لميزان دقيق يستطيع معرفة الظاهر والباطن، ومنشأ كل ذرة من ذرات هذه العقيدة لدى الإنسان، وما صدر بوعي وما صدر بغير وعي، والنية الحقيقية وراء ما صدر. وهذا لا يتأتى إلا لمن يعلم السر وأخفى، فيرى مثقال الذرة من عمل الإنسان، خيرا أو شرا (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره). وهذا من أدق وأصدق التعبيرات عن معتقد الإنسان وأثر هذا المعتقد وطريقة معرفته بعدل.
هذا هو الجانب الأول من الموضوع. وكما هو ملاحظ، تم الحديث فيه عن المعتقدات الذاتية ومنشئها بشكل عام (دينية كانت أو دنيوية).
أما الجانب الثاني منه فينحصر الحديث في المعتقدات الدينية الناشئة عن فهم الوحي (القرآن الكريم والسنة النبوية الثابتة). وهو ينقسم إلى قسمين: أولهما يتعلق بعقائد الإسلام، أو ما عبر عنه المصطلح النبوي بشعب الإيمان. والثاني يتعلق بمنهجية تصنيف الناس إلى فرق حسب الاعتقاد.
وسأتعرض لهذا بشيء من التفصيل في وقت لاحق بإذن الله.