محمد محمود إبراهيم عطية
Member
إنَّ الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما .. أما بعد :
فها قد دخلنا في أشهر الحج ، مما يحرك في قلب كل مؤمن الشوق لأداء الحج فريضة ونافلة .
وقد فرض الله تعالى على عباده فرائض ، وجب عليهم أن يلتزموها ولا يضيعوها ؛ وجعل لمن أدى هذه الفرائض - فضلا منه - أجرًا وجزاءً ، وتوعد المقصرين - عدلا منه - عز وجل - نكالًا وعذابًا ، { جَزَاءً وِفَاقًا } [ النبأ : 26 ] . ومع أنه يجب على العباد أن يذعنوا لأمر ربهم ويسارعوا إلى طاعته ، فهو سبحانه المستحق لذلك وحده ؛ فقد أودع الله تعالى فيما فرض على عباده فضائل ووجوهًا من الْحِكَم ، منها ما هو ظاهر جلي ، ومنها ما هو باطن خفي ، مما يُرَغِّب العباد ويشوقهم إلى نيل فضائل هذه العبادات ، والنظر في حِكَمِهَا الظاهرة والباطنة .
وقد تناول العلماء في شروحهم بعض هذه الحِكَم بالبيان ، وأفرد بعضهم الحديث عن حِكَم العبادات إما في عناوين خاصة عند الحديث عنها ، أو في مصنفات منفردة .
وقد نالت فريضة الحج اهتمام العلماء بالحديث عن الحِكَم المبثوثة في كل نسك من مناسكها ؛ وبينوا ما ظهر لهم من حِكَمٍ أدركها المتأملون وأحسها العابدون ؛ مما كان فيه إعانة على الطاعة ، والاجتهاد في أدائها على الوجه الذي يحصِّل فيه العابد ما في هذه العبادة من فضل وأجر ؛ فإن النفوس تتوق إلى الْحِكَمِ الباطنة لتعلي همتها ، وترقى بها من الدرجات أعاليها .
ويتجدد شوق المؤمن دائمًا إلى بيت الله الحرام للحج أو العمرة ؛ لقول الله تعالى : { وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا } [ البقرة : 125 ] ؛ ومثابة ، أي : مرجعًا يثوب إليه العمار والحجاج ؛ والمراد أنه يقصده الناس بالتعظيم ، ويلوذون به ؛ أي : يزوره ناس ويذهبون ، فيخلفهم ناس ... وهكذا . وقال ابن جماعة - رحمه الله : قيل إن سبب هذا الشوق دعاء إبراهيم حيث قال : { فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ } [ إبراهيم : 37 ] ، قال جماعة من المفسرين : معناه تحنُّ إليهم ، ولو قال : ( فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم ) لحجه اليهود والنصارى ( 1 ) ؛ أي : لو كان دعاء إبراهيم ( أفئدة الناس ) لا ( أفئدة من الناس ) ، لكان جميع الناس حتى اليهود والنصارى يدخلون في الدعاء ، ولكنه خصَّ ، واستجيب له .
وهذه رسالة جَمعتُ فيها ما انتهيت إليه من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقوال أهل العلم حول فضائل الحج وحِكَمِهِ ، رجاء أن ينتفع بها المسلمون ، فيكون مشوِّقًا لهم لأداء الحج والعمرة ؛ ولذلك سميته :
( تشويق الْمُهَجِ بحِكَمِ وفضائل الحج )
واخترت لفظ ( حكم ) بدلا من لفظ ( أسرار ) وإن استعمله بعض العلماء ؛ إذ الحكمة تظل حكمة ظهرت أم خفيت ؛ وأما السرُّ فهو سر ما خفي ، فأما إذا ظهر لم يعد سرًّا ؛ والعلم عند الله تعالى .
وسأتناول في هذه الرسالة ما يلي :
فضل مكة
فضل العشر الأوائل من ذي الحجة
فضل الحج المبرور والعمرة
فضل تكرار الحج كل خمسة أعوام
الاستخارة قبل الحج والحِكمة منها
التوبة ورد المظالم قبل الحج
التزود للحج
فضل الاقتصاد في نفقة الحج
اختيار الرفقة الصالحة
مواعظ في الطريق
الخروج من البلد
المخاوف التي يلاقيها في الطريق
رفع الصوت بالتلبية
دخول مكة
عند رؤية البيت
تقبيل الحجر وفضله
فضل الطواف
الالتصاق بالملتزم
النظر إلى البيت عبادة
فضل ماء زمزم
حِكَم السعي بين الصفا والمروة
فضل يوم عرفة
حِكَم الوقوف بمزدلفة
فضل الحلق
فضل أيام التشريق
فضل رمي الجمار
نحر الهدي
بِرُّ الحج
طواف الوداع
وماذا بعد الحج
استقبال الحاج
فضل الموت في الحج
فضل الموت بعد الحج
والله أسأل أن يوفقنا لما يحب ويرضى ، لا رب غيره ، ولا أرجو إلا خيره ، عليه توكلت وإليه أنيب ، وهو حسبي ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
( 1 ) انظر ( هداية السالك ) : 1 / 129 - دار البشائر - بيروت .
فها قد دخلنا في أشهر الحج ، مما يحرك في قلب كل مؤمن الشوق لأداء الحج فريضة ونافلة .
وقد فرض الله تعالى على عباده فرائض ، وجب عليهم أن يلتزموها ولا يضيعوها ؛ وجعل لمن أدى هذه الفرائض - فضلا منه - أجرًا وجزاءً ، وتوعد المقصرين - عدلا منه - عز وجل - نكالًا وعذابًا ، { جَزَاءً وِفَاقًا } [ النبأ : 26 ] . ومع أنه يجب على العباد أن يذعنوا لأمر ربهم ويسارعوا إلى طاعته ، فهو سبحانه المستحق لذلك وحده ؛ فقد أودع الله تعالى فيما فرض على عباده فضائل ووجوهًا من الْحِكَم ، منها ما هو ظاهر جلي ، ومنها ما هو باطن خفي ، مما يُرَغِّب العباد ويشوقهم إلى نيل فضائل هذه العبادات ، والنظر في حِكَمِهَا الظاهرة والباطنة .
وقد تناول العلماء في شروحهم بعض هذه الحِكَم بالبيان ، وأفرد بعضهم الحديث عن حِكَم العبادات إما في عناوين خاصة عند الحديث عنها ، أو في مصنفات منفردة .
وقد نالت فريضة الحج اهتمام العلماء بالحديث عن الحِكَم المبثوثة في كل نسك من مناسكها ؛ وبينوا ما ظهر لهم من حِكَمٍ أدركها المتأملون وأحسها العابدون ؛ مما كان فيه إعانة على الطاعة ، والاجتهاد في أدائها على الوجه الذي يحصِّل فيه العابد ما في هذه العبادة من فضل وأجر ؛ فإن النفوس تتوق إلى الْحِكَمِ الباطنة لتعلي همتها ، وترقى بها من الدرجات أعاليها .
ويتجدد شوق المؤمن دائمًا إلى بيت الله الحرام للحج أو العمرة ؛ لقول الله تعالى : { وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا } [ البقرة : 125 ] ؛ ومثابة ، أي : مرجعًا يثوب إليه العمار والحجاج ؛ والمراد أنه يقصده الناس بالتعظيم ، ويلوذون به ؛ أي : يزوره ناس ويذهبون ، فيخلفهم ناس ... وهكذا . وقال ابن جماعة - رحمه الله : قيل إن سبب هذا الشوق دعاء إبراهيم حيث قال : { فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ } [ إبراهيم : 37 ] ، قال جماعة من المفسرين : معناه تحنُّ إليهم ، ولو قال : ( فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم ) لحجه اليهود والنصارى ( 1 ) ؛ أي : لو كان دعاء إبراهيم ( أفئدة الناس ) لا ( أفئدة من الناس ) ، لكان جميع الناس حتى اليهود والنصارى يدخلون في الدعاء ، ولكنه خصَّ ، واستجيب له .
وهذه رسالة جَمعتُ فيها ما انتهيت إليه من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقوال أهل العلم حول فضائل الحج وحِكَمِهِ ، رجاء أن ينتفع بها المسلمون ، فيكون مشوِّقًا لهم لأداء الحج والعمرة ؛ ولذلك سميته :
( تشويق الْمُهَجِ بحِكَمِ وفضائل الحج )
واخترت لفظ ( حكم ) بدلا من لفظ ( أسرار ) وإن استعمله بعض العلماء ؛ إذ الحكمة تظل حكمة ظهرت أم خفيت ؛ وأما السرُّ فهو سر ما خفي ، فأما إذا ظهر لم يعد سرًّا ؛ والعلم عند الله تعالى .
وسأتناول في هذه الرسالة ما يلي :
فضل مكة
فضل العشر الأوائل من ذي الحجة
فضل الحج المبرور والعمرة
فضل تكرار الحج كل خمسة أعوام
الاستخارة قبل الحج والحِكمة منها
التوبة ورد المظالم قبل الحج
التزود للحج
فضل الاقتصاد في نفقة الحج
اختيار الرفقة الصالحة
مواعظ في الطريق
الخروج من البلد
المخاوف التي يلاقيها في الطريق
رفع الصوت بالتلبية
دخول مكة
عند رؤية البيت
تقبيل الحجر وفضله
فضل الطواف
الالتصاق بالملتزم
النظر إلى البيت عبادة
فضل ماء زمزم
حِكَم السعي بين الصفا والمروة
فضل يوم عرفة
حِكَم الوقوف بمزدلفة
فضل الحلق
فضل أيام التشريق
فضل رمي الجمار
نحر الهدي
بِرُّ الحج
طواف الوداع
وماذا بعد الحج
استقبال الحاج
فضل الموت في الحج
فضل الموت بعد الحج
والله أسأل أن يوفقنا لما يحب ويرضى ، لا رب غيره ، ولا أرجو إلا خيره ، عليه توكلت وإليه أنيب ، وهو حسبي ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
( 1 ) انظر ( هداية السالك ) : 1 / 129 - دار البشائر - بيروت .