ترويحات قرانية من سورة يوسف "

إنضم
04/03/2006
المشاركات
179
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
العمر
58
الإقامة
جمهورية مصر العر
قال تعالي "قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ "(77) يوسف
ما أورده المفسرون من روايات في تفسير هذه الآية تدعو إلي العجب وهي من الاسرائليات المسيئة للأنبياء والمتحيزة لإخوة يوسف ضد يوسف عليه السلام فقد أوردوا روايات عجيبة في تفسير هذه الاية مثل ان يوسف سرق صَنَمًا لجده أبي أمه، كسره وألقاه في الطريق، فكان إخوته يعيبونه بذلك, ومنها ان أمّ يوسف أمرت يوسف يسرق صنمًا لخاله يعبده ومنها , أن بني يعقوب كانوا على طعام , فنظرَ يوسف إلى عَرْق فخبأه ,فعيّروه بذلك ,ولا داعي لإيراد أكثر من ذلك وإنما أردنا فقط التنبيه إلي خطورة تسرب الاسرائليات في التفسير بما تحمله من الإساءة إلي الأنبياء فأنت تري ان هذه الروايات تفترض صدق إخوة يوسف ولا ادري لماذا افترضوا الصدق فيهم وهم كاذبون بشهادة القران الم يكذب هؤلاء من قبل علي أبيهم والقوا يوسف في غيابات الجب ثم جاءوا إليه عشاءا يبكون يقولون لقد أكله الذئب ؟! بل جائوا علي قميصه بدم كذب فلما استبعدنا ان يكون كاذبين في هذا المرة وقد كذبوا قبل ذلك كثيرا فلم يكن هناك داعي في اختلاق وقائع تؤول بان بوسف سرق فعلا حتي لو كان صنما بل هم كاذبون .
نعود إلي الآية ونحاول استشراف خلفية هذا القول من إخوة يوسف اقول ان المتتبع لسلوكهم من أول السورة يجد أنهم قوم قد أكل الحقد قلوبهم وهو أساس المشكلة مع اخيهم والحقد هو الذي دعاهم ان يتخلصوا من يوسف ليس لسبب سوي انه أحب إلي ابيهم منهم فقرروا التخلص منه بالقتل او النفي كي يخلوا لهم وجه ابيهم ويعيشوا من بعده قوما صالحين وهاهي الايام والسنون تمر وما زال الحقد يملا قلوبهم فيتهموه بالسرقة رغم انه اصبح بالنسبة لهم ذكري لااكثر الحقيقة ان الحقد اذا تملك من القلب لا ينتزع عنه بسهوله وهو موقد الصراع بين أهل الحق وأهل الباطل والتي ذكرها القران في أكثر من موضع وتجلت في إخوة
يوسف"اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا" هذا قانون مدرسة الانحراف في الواقع وعبر التاريخ في التعامل مع الصالحين ، قانون لا يعرف الا الإقصاء والتغيب وليس لديه علاج للفشل سوي قتل الناجحين هذا ما فعله أعداء الأنبياء مع أنبيائهم " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ۖ(32) إبراهيم . وهو مافعلته قريش مع النبي " إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)) الانفال. اقصاء بحت والغريب انهم يتهمون غيرهم بالاقصاء يتهمون المسلمين بالاقصاء الذي يقول كتابهم " وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ (6) التوبة . ومصيبة مدرسة الانحراف أنهم يتصورون أن التغييب بالنفي أو بالقتل هو الحل، وهو علاج لانحرافهم وفشلهم وشعورهم بالنقص وانهم بعد القتل والنفي والسجن سيعيشوا قوما صالحين لكن الحقيقة الي تذكرها الاية انه رغم التغييب والنفي والقتل تظل سيرة ومواقف واخلاق الصالحين تؤرقهم وتقض مضاجعم فلم يرتاحوا كما تخيلوا بل زادت اوجاعهم كلما هبت الرياح بذكري من ارادوا تغيبهم واتهموهم بالافك والبهتان لقد راينا اخوة يوسف لايطيقون ان يذكر اباهم اسم يوسف امامهم فيقولون له{تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ} وهاهم في هذه الاية الموقف وبعد ان غيبوه في الجب ومرت سنون واعوام لكن ذكراه ما زالت عالقة بالمرارة في نفوسهم فما ان تاتي مناسبة تذكرهم به الا ويكذبون عليه ويقولون فقد سرق اخ له من قبل وفي المقابل نجد يوسف عليه السلام يقف في هذا الموقف يسمع هذا الافتراء والكذب فيسره في نفسه ولم يرد عليه بل لم يظهر علي وجهه اثر منه باي شكل ولك ان تتخيل هذا الموقف وهذا الكم الهائل من الذكريات الاليمة في نفس يوسف عليه السلام من تصرفات هؤلاء الاخوة نحوه فيسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم ان اخوته الان امامه وهو سلطان في ملكه وسط حراسه وقواته والجميع ياتمر بامره وهو ينظر اليهم وقد عرفهم وهم له منكرون ينظر اليهم ورؤيا العصبة القوية تختطف طفلا صغيرا لتلقيه في ظلمات البئر دون ذرة من شقفقة او رحمة لم تفارق صورتهم خياله فما زالت اصواتهم بالمؤامرة ترن في اذنيه وما زالت افعالهم وهم يلقوه في البئر المظلم شاخصة امام بصره والاهم من ذلك مع مرور السنون والايام مازالت قلوبهم بالحقد كما هي يكذبون عليه كلما جاءت مناسبة وهم يقفون امامه صاغرين ينادونه بيا ايها العزيز ويطلبون منه الشفقه "مسنا واهلنا الضر" "ان له ابا شخا كبيرا " يطلبون الرحمة وهم لم يعرفوها قط بل ما زلت مشاعرهم نحوه كما هي ان يسرق فقد سرق اخ له من قبل كما كانت من قبل" احب الي ابينا منا " ومع هذا يقف كالطودِ الشامخ، لم تؤثر فيه كل هذه الاحقاد واسر الاساءة الاخيرة في نفسه بل سنراه عندما تظهر كل الحقائق لاخوته ويعلموا ان الله غالب علي امره انه سيعفوا عنهم دون تردد ويقول لاتثريب عليكم اليوم فهذه اخلاق سادتنا الانبياء الانقياء الاصفياء العظماء الذين هداهم الله وبهداهم يجب ان نقتدي "أُولَٰئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ۚ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (89) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ (90) الانعام
"فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لهم " من يستطيع ان يفعل ذلك ؟ فكم من المرارات لو اسرها احدنا في نفسه ولم يبدها لجنبته متاعب كثيرة
 
عودة
أعلى