ترويحات قرانية من سورة الفتح

إنضم
04/03/2006
المشاركات
179
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
العمر
58
الإقامة
جمهورية مصر العر
يقول تعالى "إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا ﴿١﴾ لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّـهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿٢﴾ وَيَنصُرَكَ اللَّـهُ نَصْرًا عَزِيزًا ﴿٣﴾
هذه السورة لها عندي ذكريات جميلة فمنذ ايام الطفولة وانا احب قرائتها وأطرب للاستماع اليها فقبل ان احفظ القران وقبل ان يمن الله على بحظ من من علوم القران والتفسيراذكر اني استمعت الى هذه السورة ذات مرة وقت السحر من الراديو بصوت الشيخ مصطفى اسماعيل رحمه الله –وهومن المقربين الى قلبي – فمازال جمالها يرن في سمعي حتى الان بعد مرور سنين عددا .
والان يتكشف لي بعضا من اسرار هذا الجمال في هذه السورة الكريمة فعندما نزلت هذه السورة الكريمة على الرسول صلى الله عليه وسلم بعد عودته من صلح الحديبية فرح بها فرحاً شديداً وقال: “أنزلت عليّ الليلة سورة هي أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها). ولقد ورد ان النبي كان يقرأها بالتطريب والترجيع ’روى البُخَارِيّ عن عبد الله بن مُغفل قَالَ: «رَأَيْت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على نَاقَته- أَو جمله- وَهِي تسير بِهِ وَهُوَ يقْرَأ سُورَة الْفَتْح- أَو من سُورَة الْفَتْح- قِرَاءَة لينَة وَهُوَ يرجع».
كما روى مُسلم: عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة قَالَ: سَمِعت عبد الله بن مُغفل الْمُزنِيّ يَقُول: «قَرَأَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَام الْفَتْح فِي مسير لَهُ سُورَة الْفَتْح على رَاحِلَته فَرجع فِي قِرَاءَته. قَالَ مُعَاوِيَة: لَوْلَا أَنِّي أَخَاف أَن يجْتَمع عَليّ النَّاس لحكيت لكم قِرَاءَته».
وزاد البُخَارِيّ: «قَالَ: فَقلت لمعاوية: كَيفَ كَانَ ترجيعه؟ قَالَ آآآ ثَلَاث مَرَّات». المقصود الفات الفواصل "مبينا" "مستقيما" "عزيزا " كان يرجع الالف فيها ثلاث مرات
وواضح من خلال هذه الاحاديث كيف كان النبى يستمتع ويطرب بتلاوتها وتاثر الصحابي معاوية بن قرة بها ولك ان تتخيل ماذا يعني تطريب الرسول بها فانظر احسن صوت سمعته في حياتك واعلم ان الرسول اجمل منه صوتا واحسن نديا وكأني بالنبي صلى الله عليه وسلم عندما كان يتلوها تتمايل معه الجبال والطير طربا كما كانت تفعل مع داود عليه السلام
هذا عن الناحية الجمالىة للسورة اما عن الموضوع فان الكثير يفهمون ان الفتح بمعني التوسعة حتي يقال في اللغة الدارجة فتح الله لك اي وسع عليك وهذا خلاف اللغة وخلاف استعمال القران لهذا اللفظ فالفتح يعني القضاء وحسم الخصومة وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال‏:‏ قال ابن عباس‏:‏ ما كنت ادري ما قوله ‏(‏ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق) حتى سمعت قول بنت ذي يزن‏:‏ تعال أفاتحك تريد‏:‏ أخاصمك‏ .‏ اي اقاضيك ونقل الطبري العديد من الاقوال التي تؤيد هذاالمعنى
عن ابن عباس، قوله: ( ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ) ، يقول: اقض بيننا وبين قومنا.و عن قتادة، قوله: ( افتح بيننا وبين قومنا بالحق ) ، أي: اقض بيننا وبين قومنا بالحق. وعن السدي، أما قوله: ( افتح بيننا ) ، فيقول: احكم بيننا.وعن الحسن البصري: افتح احكم بيننا وبين قومنا، و إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ،حكمنا لك حكمًا مبينًا.
لقد كان الصحابة محبطين من منعهم من أداء العمرة بسبب صلح الحديبية فنزلت هذه السورة تبين لهم ان الله قد حسم الامر بينهم وبين قومهم في باكثر مما تصوروه وتخيلوه . فعندما سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الرسول صلى الله عليه وسلم أفتح هو؟ قال : يا عمر إنّه لفتح. ان المتامل لمسيرة الانبياء في القران نجد انهم طلبوا من الله ان يفتح بينهم وبين قومهم بالحق "ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وانت خير الفاتحين " واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد " وهذه السورةنزلت لتبين ان الله قد قضى بين محمد صلى الله عليه وسلم وبين قومه بطريقته لا كما كان الصحابة يتصورون فلقد كان اقصى ما يتطلعون اليه ان يدخلوا مكة معتمرين بعد طول غياب وبعد ان تملكهم الشوق من زيارة البيت العتيق فنزلت لتبين لهم ان قضا الله لهم كان اكثر من ذلك بكثير وهي من أكثر السورة التي ذكر فيها الصحابة بخير فقد رضي عنهم وانزل السكينة في قلوبهم وضرب لهم مثلا ورد في التوارة والانجيل
نزلت هذه السورة تحمل كل آية فيها نوع من أنواع الفتح منها مغفرة الذنوب واتمام الهداية والنعمة والنصر العزيز (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا) (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا " ’ومنها إنزال السكينة في قلوب المؤمنين والرضى عنهم (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) ومنها دخول الجنّة (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا" ومنها تعذيب المنافقين (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا )
ومنها حصول المغائم العاجلة والاجلة (وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا) ومنها بشرى فتح مكة (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا"
واعلاها إظهار الدين وانتشاره في الارض (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا)"
هل كان الصحابة وهم راجعون من صلح الحديبة غاضبون لعدم دخولهم مكة هل كانوا يتصورون حجم الخير الذي قضاه الله لهم بعد ان سلموا للنبي صلى الله عليه وسلم وقاموا فحلقوا رؤسهم بعد ان راوا النبي يفعل ذلك ؟ يمكن ان نتخيل حجم الاحباط الذي اصابهم بعد عودتهم بدون زيارة البيت لكن استسلامهم لامرالنبي صلى الله عليه وسلم قد احبط الاحباط نفسه واشرقت قلوبهم بالرضى والسكينة وامتلات نفوسهم بالتفاؤل والامل فكان هذا الخير العميم اقول بعد فتح مكة ودخولهم مكة وقد جاء أهلها يقولون له تالله لقد آثرك الله علينا وان كنا لخاطئين ويقولون اخ كريم وابن اخ كريم
اي الزيارتين للبيت افضل الزيارة التي كانوا يطلبونها والبيت تحت سيطرة المشركين ام الزيارة التي قضاها الله لهم والبيت تحت حكم النبي صلى الله عليهوسلم ؟اي النصر افضل النصر الذي طلبوه ام النصر الذي قضاه الله لهم ؟ وقد شاهدوا الناس يدخلون في دين الله افواجا بعد غضبهم من واحد فقط رده النبي الى مكة ( ابو بصير ) اي الغنائم افضل الغنائم التي طلبوها ام الغنائم التي قضاها الله لهم ؟
واخيرا بعد التطريب بسماع هذه السورة الجميلة التي يشع من ثنايها السكينة والرضى ايهما افضل اختيارنا لانفسنا ام اختيار الله لنا ؟ نسال الله السكينة والرضى والتسليم بما يقضيه لنا فهو دائما افضل مما نطلبه لأنفسنا.
 
عودة
أعلى