ابو العزايم عبد الحميد
New member
يقول تعالى "قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (53) إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آَلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) هود
والسؤال هنا هل نبي الله هود لم يأتي لقومه بمعجزة تكون برهانا بين يدي دعوته حتى يقولوا هذا الكلام ؟ يري البعض انه اتى بمعجزات ولم يذكرها القران وان قول قومه هذه افتراء وكذب
والطاهر بن عاشور يري انه جاء بآيات ولم يذكرها القران فيقول" وقولهم ما جئتنا ببينة بهتان لأنه أتاهم بمعجزات لقوله - تعالى : وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وإن كان القرآن لم يذكر آية معينة لهود عليه السلام . ولعل آيته أنه وعدهم عند بعثته بوفرة الأرزاق والأولاد واطراد الخصب وفرة مطردة لا تنالهم في خلالها نكبة ولا مصيبة بحيث كانت خارقة لعادة النعمة في الأمم ,وفي الحديث الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال( ما من الأنبياء نبي إلا أوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر )الحديث.
غير أن الملفت للنظر أن رد سيدنا هود عليه السلام على قولهم" ما جئتنا ببينة" لم يذكر لهم آية كما فعل صالح عليه السلام مثلا بقوله في نفس الموقف " هذه ناقة الله لكم آية" وكما فعل موسي عليه السلام في نفس الموقف عندما سأله فرعون" أولو جئتك بشيء مبين " ... فالقي موسى عصاه فإذا هي ثعبان مبين "
يبقي السؤال ما هي آية هود عليه السلام ؟ ولماذا أطلق عليها القران بينة؟ ولم يطلق عليها آية فقال "ما جئتنا ببينة "ولم يقل ما جئتنا بآية".
وقول ابن عاشور وجماعة من المفسرين بأنه كان هناك آية محسوسة ولم يذكرها القران صعب قبوله لأنها موطن العظة والحجة فلابد أن يذكرها القران ان كانت موجودة .
ومن ثم يبقي التأمل في الآيات والسؤال ما هي البينة التي سألوا هود عليه السلام عنها واجابهم ببيانها وهل هناك فرق بينها وبين الآية؟
لتوضيح ذلك علينا ان نتذكر ان قوم عاد من جبابرة الامم وعتاتها في التاريخ البشري كله وكان انحرافهم الذي ارسل سيدنا هود لتقويمه هو الاستكبار في الارض بغير الحق فقد قالوا " من اشد منا قوة " وسجل القران عليهم " واتبعوا امر كل جبار عنيد " كما سجل عليهم ايضا " واذا بطشتم بطشتم جبارين "
و القران يعبر عن قوتهم بهذا التعبير " لم يخلق مثلها في البلاد" هؤلاء القوم بهذه الصفات ارسل لهم النبي هود ليعالج هذا الانحراف بهدي السماء
فغلب عليهم التكبر والطغيان وقالوا سواء علينا اوعظت ام لم تكن من الواعظين وقالوا له انه ما جاء ببينة واضحة على صدق قوله لكي يتبعوه عليها اذ من غير المقبول ان يتبعوه على مجرد اقاويل يقولها دونما بينة وهذا واضح من قولهم ومانحن بتاركي الهتك عن قولك فدعوته حسب زعمهم مجرد قول لا يستحق ان يتركوا عبادتهم من اجلها.
هنا تظهر البينة وهي تحدي نبي الله هود لهم والوقوف في وجه باطلهم المتسربل بجبروتهم وطغيانهم يقف وحده غير عابئ بقوتهم ولا تهديدهم متمسكا بقوة الله وحوله متوكلا عليه وحده وهذه وحدها تهز أركان الطغيان في كل وقت وقد تنبه الى هذا المعنى في الاية الامام ابن القيم اذ يقول في تفسير الاية " من أخفى آيات الرسل آيات نبي الله هود عليه السلام حتى قال له قومه: يا هود ما جئتنا ببينة. ومع هذا فبينته من أظهر البينات، وقد أشار إليها بقوله: إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه فيكيدوني جميعا ثم لا تنظرون * إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم.
فهذا من أعظم الآيات أن رجلا واحدا يخاطب أمة عظيمة بهذا الخطاب غير جزع ولا فزع ولا خوار بل واثق مما قاله جازم به، قد أشهد الله أولا على براءته من دينهم ومما هم عليه إشهاد واثق به معتمد عليه معلم لقومه أنه وليه وناصره وأنه غير مسلطهم عليه. اهـ
ويذهب الفخر الرازي الى ذات المعنى تقريبا اذ يقول "اعلم أن هذا معجزة قاهرة ، وذلك أن الرجل الواحد إذا أقبل على القوم العظيم وقال لهم : بالغوا في عداوتي وفي موجبات إيذائي ولا تؤجلون - فإنه لا يقول هذا إلا إذا كان واثقا من عند الله تعالى بأنه يحفظه ويصونه عن كيد الأعداء
ومن هنا تظهر بينة نبي الله هود عليه السلام وهو الوقوف في وجه قوى الاستكبار والطغيان الذين قالوا من اشد منا قوة يقف في وجههم يتحداهم ويقول لهم "من دون الله بالغوا في عداوتي ولا تؤجلوا ذلك فانا متوكل على الله .
في هذه اللحظة هزمت كلمة الحق قوى التكبر وتتفتت على صخرة صمود صاحبها حتى لو كان واحدا فقط والأمر هو هو عندما قال السحرة بعد إيمانهم لفرعون وهو يهددهم بكل انواع التعذيب والقتل " اقض ما أنت قاض " هذه هي البينة التي تهزم الطغيان إرادة مؤمنة قوية لا يتطرق إليها ضعف ولا لين .
والسؤال هنا هل نبي الله هود لم يأتي لقومه بمعجزة تكون برهانا بين يدي دعوته حتى يقولوا هذا الكلام ؟ يري البعض انه اتى بمعجزات ولم يذكرها القران وان قول قومه هذه افتراء وكذب
والطاهر بن عاشور يري انه جاء بآيات ولم يذكرها القران فيقول" وقولهم ما جئتنا ببينة بهتان لأنه أتاهم بمعجزات لقوله - تعالى : وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وإن كان القرآن لم يذكر آية معينة لهود عليه السلام . ولعل آيته أنه وعدهم عند بعثته بوفرة الأرزاق والأولاد واطراد الخصب وفرة مطردة لا تنالهم في خلالها نكبة ولا مصيبة بحيث كانت خارقة لعادة النعمة في الأمم ,وفي الحديث الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال( ما من الأنبياء نبي إلا أوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر )الحديث.
غير أن الملفت للنظر أن رد سيدنا هود عليه السلام على قولهم" ما جئتنا ببينة" لم يذكر لهم آية كما فعل صالح عليه السلام مثلا بقوله في نفس الموقف " هذه ناقة الله لكم آية" وكما فعل موسي عليه السلام في نفس الموقف عندما سأله فرعون" أولو جئتك بشيء مبين " ... فالقي موسى عصاه فإذا هي ثعبان مبين "
يبقي السؤال ما هي آية هود عليه السلام ؟ ولماذا أطلق عليها القران بينة؟ ولم يطلق عليها آية فقال "ما جئتنا ببينة "ولم يقل ما جئتنا بآية".
وقول ابن عاشور وجماعة من المفسرين بأنه كان هناك آية محسوسة ولم يذكرها القران صعب قبوله لأنها موطن العظة والحجة فلابد أن يذكرها القران ان كانت موجودة .
ومن ثم يبقي التأمل في الآيات والسؤال ما هي البينة التي سألوا هود عليه السلام عنها واجابهم ببيانها وهل هناك فرق بينها وبين الآية؟
لتوضيح ذلك علينا ان نتذكر ان قوم عاد من جبابرة الامم وعتاتها في التاريخ البشري كله وكان انحرافهم الذي ارسل سيدنا هود لتقويمه هو الاستكبار في الارض بغير الحق فقد قالوا " من اشد منا قوة " وسجل القران عليهم " واتبعوا امر كل جبار عنيد " كما سجل عليهم ايضا " واذا بطشتم بطشتم جبارين "
و القران يعبر عن قوتهم بهذا التعبير " لم يخلق مثلها في البلاد" هؤلاء القوم بهذه الصفات ارسل لهم النبي هود ليعالج هذا الانحراف بهدي السماء
فغلب عليهم التكبر والطغيان وقالوا سواء علينا اوعظت ام لم تكن من الواعظين وقالوا له انه ما جاء ببينة واضحة على صدق قوله لكي يتبعوه عليها اذ من غير المقبول ان يتبعوه على مجرد اقاويل يقولها دونما بينة وهذا واضح من قولهم ومانحن بتاركي الهتك عن قولك فدعوته حسب زعمهم مجرد قول لا يستحق ان يتركوا عبادتهم من اجلها.
هنا تظهر البينة وهي تحدي نبي الله هود لهم والوقوف في وجه باطلهم المتسربل بجبروتهم وطغيانهم يقف وحده غير عابئ بقوتهم ولا تهديدهم متمسكا بقوة الله وحوله متوكلا عليه وحده وهذه وحدها تهز أركان الطغيان في كل وقت وقد تنبه الى هذا المعنى في الاية الامام ابن القيم اذ يقول في تفسير الاية " من أخفى آيات الرسل آيات نبي الله هود عليه السلام حتى قال له قومه: يا هود ما جئتنا ببينة. ومع هذا فبينته من أظهر البينات، وقد أشار إليها بقوله: إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه فيكيدوني جميعا ثم لا تنظرون * إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم.
فهذا من أعظم الآيات أن رجلا واحدا يخاطب أمة عظيمة بهذا الخطاب غير جزع ولا فزع ولا خوار بل واثق مما قاله جازم به، قد أشهد الله أولا على براءته من دينهم ومما هم عليه إشهاد واثق به معتمد عليه معلم لقومه أنه وليه وناصره وأنه غير مسلطهم عليه. اهـ
ويذهب الفخر الرازي الى ذات المعنى تقريبا اذ يقول "اعلم أن هذا معجزة قاهرة ، وذلك أن الرجل الواحد إذا أقبل على القوم العظيم وقال لهم : بالغوا في عداوتي وفي موجبات إيذائي ولا تؤجلون - فإنه لا يقول هذا إلا إذا كان واثقا من عند الله تعالى بأنه يحفظه ويصونه عن كيد الأعداء
ومن هنا تظهر بينة نبي الله هود عليه السلام وهو الوقوف في وجه قوى الاستكبار والطغيان الذين قالوا من اشد منا قوة يقف في وجههم يتحداهم ويقول لهم "من دون الله بالغوا في عداوتي ولا تؤجلوا ذلك فانا متوكل على الله .
في هذه اللحظة هزمت كلمة الحق قوى التكبر وتتفتت على صخرة صمود صاحبها حتى لو كان واحدا فقط والأمر هو هو عندما قال السحرة بعد إيمانهم لفرعون وهو يهددهم بكل انواع التعذيب والقتل " اقض ما أنت قاض " هذه هي البينة التي تهزم الطغيان إرادة مؤمنة قوية لا يتطرق إليها ضعف ولا لين .