ترويحات قرآنية من سورة يونس " نهاية الفرعون "

إنضم
04/03/2006
المشاركات
179
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
العمر
58
الإقامة
جمهورية مصر العر
يقول تعالي " وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) 91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)يونس
هذه اللحظة من نهاية الفرعون انفردت بها سورة يونس دون باقي المواضع التي تناولت قصة سيدنا موسي في القران فقد وردت سيرة سيدنا موسى في القرآن الكريم، أكثر من سائر الأنبياء، حتى قال بعض علماء القران كاد القران كله أن يكون لموسى ,وقد خاض موسى عليه السلام المرحلة الأولى من رسالته في ملحمة كبري مع الطغيان والاستكبار ممثلا في فرعون وقومه ,وقد استفاض القران في الحديث عن المرحلة الأولى في العهد المكي فورد الحديث عن قصة موسى عليه السلام مع فرعون في سورة الأعراف ويونس وهود وطه والشعراء والنمل والقصص والنازعات وكلها سور مكية لكن ما تفردت به سورة يونس دون غيرها من السور هو نقلها لهذه اللحظة من نهاية الفرعون فغرق الفرعون وجنوده تكرر في القران في أكثر من موضع بصفة إجمالية مثل "فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) القصص .وقوله تعالي " فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعًا (103( الإسراء . وحيث يحرص الناس عن معرفة اخر كلام المشاهير قبل وفاتهم فقد انفردت هذه الآية بذكر اخر لحظات نهاية الفرعون بهذا التفصيل ولنا معها وقفتان :-
الوقفة الأولي:- ما ورد علي لسان فرعون قوله " آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ "هذا القول رفضه الله كتوبة لأنها جاءت في وقت الغرغرة الذي لايقبل فيه التوبة , لكن هذا القول من فرعون له دلالة أخري مهمة وهو أن فرعون بهذه المقولة القصيرة نسف كل ما كان يروجه عن نفسه بأنه ربهم الاعلي وانه لا يعلم لهم إلها سواه هاهو الآن يقول بنفسه وعلي لسانه علي مسمع ومرأي ممن كانوا يعبدونه ويقدسونه انه لا اله الا الذي آمنت به بنو إسرائيل وانه من المسلمين وبذلك وفي ثواني هدم هو ما بناه هو وآباؤه وأجداده في قرون من أساطير حول إلوهيتهم ,والحقيقة أن لحظة الموت هي لحظة المكاشفة بالحقيقة وبها يتمايز الحق من الباطل فالمسلم يشهد في لحظات الموت انه لا اله إلا الله وان محمد رسول الله ويحرص ان تكون هذه آخر كلماته والنطق بها في لحظة الحقيقة شاهد علي صدقها طوال حياته أما أهل الباطل فيتنكرون لباطلهم في هذه اللحظة وهذا دليل علي انه باطل وكانوا يعلمون انه باطل وقد اخبرنا القران انهم يتراجعون عن كفرهم وشركهم في لحظة الموت إذ هي لحظة الحقيقة والمكاشفة "حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (37) الأعراف.
وهذا اكبر دليل غي صحة عقيدة الإسلام وعقيدة التوحيد علي لسان المعاندين لها والمستكبرين عليها
الوقفة الثانية :- قوله تعالي "فاليوم ننجيك ببدنك " لن نشغل أنفسنا وغيرنا بما شغلنا به أصحاب ما يسمي الإعجاز العلمي عن مصير جسد الفرعون وهل هو رمسيس الأول وانه باقي حتي اليوم وعن إخبار القران بهذه الحقيقة 00 الخ ,فذلك علم لا ينفع وجهل لا يضر بل ضره اقرب من نفعه اذ شوش علي المعني المقصود من الآية فمعظم اراء المفسرين علي ان المقصود بمن خلفك هم بنو إسرائيل او المصريين المعاصرين للفرعون الذي حضروا هذه اللحظات وليس معناه تخليد هذا الجسد فلا نعلم مصيره بعد ذلك فقد يكون فني كما تفني باقي الأجساد الا ان الله أراد ان يري المعاصرين للفرعون جسده وهو عاريا تتقاذفه الأمواج ميتا لا حراك فيه وهو الذي كان اسمه يزلزل القلوب فالعقلية التي تشبعت بهذه الأساطير لاتصدق انه مات لمجرد فقده في البحر فقد يستبعدون موته خاصة بني إسرائيل فاراد الله ان يبقي الجسد لا تأكله الأسماك حتي يشاهدوه وهو ميت يقول الفخر الرازي "أن قوما ممن اعتقدوا فيه الإلهية لما لم يشاهدوا غرقه كذبوا بذلك وزعموا أن مثله لا يموت ، فأظهر الله تعالى أمره بأن أخرجه من الماء بصورته حتى شاهدوه وزالت الشبهة عن قلوبهم . ا.ه .
فبعد ان غرق ومات نجي الله بدنه فلم تأكله الأسماك وطرح علي الشاطئ ميتا عريانا أسيفا حتي رأوه بنو إسرائيل فأيقنوا صدق وعد الله لهم ومما يؤكد هذا المعني قول القران لبني إسرائيل " فأغرقنا آل فرعون وانتم تنظرون "
والآية بهذا المعني تحكي لنا سنة ثابتة من سنن الله في الطغاة والمستكبرين وهو انه عند هلاكهم يكون التنكيل بهم وأهانتهم امام من كانوا يعظمونهم , حتي تنقضي سيرتهم في التسلط والبغي بانقضاء حياتهم ,ويتهاوي مابنوه في حياتهم عن عظمة زائفة اوهموا بها الناس ,فرؤية مصارع الظالمين تزيد الإيمان لانتقالها من علم اليقين إلى عين اليقين , فعندما يرى المؤمن المفارقة العجيبة بين موقفين , موقف الظالم وهو في أوج قوته وسطوته واستعلائه وتكبره , يكاد يظن في نفسه أنه يقول للشئ كن فيكون , وبين موقف آخر يراه فيه ذليلا منكسرا – حيا أو ميتا – لا حيلة له ولا إرادة ولا سطوة , يراه مهزوما منكسرا ينتظر ما يفعل به أن كان حيا ويقلبه الناس ميتا على وجهه وظهره فلا يحرك ساكنا ولا يأمر ولا ينهي , ساعتها يخر المؤمن ساجدا لربه بعدما أراه مثل هذه الآية العظيمة .
رأينا ذلك في الماضي كما حكي القران عن فرعون وكان يتوعد بالأمس بني إسرائيل " سنقتل أبنائهم ونستحي نسائهم وانا فوقهم قاهرون " ثم هاهو بعد ساعات رأيناه ميتا ذليلا عريانا تتقاذفه الأمواج ورأينا علي مدي التاريخ هكذا مصارع الطغاة ورأيناه في المعاصرين , وسنراه في كل طاغية مستكبر تلك سنة الله ولن تجد لسنة الله تبدليلا
 
ترويحات تريح النفس وتغذي العقل والروح بارك الله في علمكم
 
عودة
أعلى