ترويحات قرآنية من سورة طه وظيفة نبي الله هارون

إنضم
04/03/2006
المشاركات
179
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
العمر
58
الإقامة
جمهورية مصر العر
يقول تعالى "قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32)طه
طلب موسى عليه السلام عندما كلفه ربه بالرسالة أن يجعل له وزيرا من أهله وطلب ان يكون هارون تحديدا ليشد من أزره ويسانده في هذه المهمة التي كلفه الله بها وفي سورة الشعراء علل موسى عليه السلام بأنه يخاف أن يكذبوه لأن القوم لهم عليه ذنب كما ان هارون عليه السلام هو أفصح منه لسانا " قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) الشعراء وفي سورة القصص زاد في التعليل بأنه يخاف ان يقتلوه "وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ(33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35) القصص
فالمتبادر إلى الذهن أن يكون الدور الرئيسي لهارون عليه السلام عند صراع موسى عليه السلام مع فرعون غير أننا لم نجد في القران دورا يذكر لهارون في هذه المرحلة ففي المحاورة التي كانت بين موسى عليه السلام وفرعون والتي سجلتها سورة طه وسورة الشعراء بإسهاب كانت الإجابات من موسى عليه السلام منفردا ," قال فمن ربكما يا موسى" فالذي يرد عليه هو موسى عليه السلام فقط رغم أن الكلام موجه إلى الاثنين " فمن ربكما " فلم يرد هارون عليه السلام وإنما الذي رد هو موسى عليه السلام وفي سورة غافر تم تهديد موسي بالقتل عندما قال فرعون "ذروني اقتل موسي وليدع ربه" لم ينبري له هارون عليه السلام وإنما خرج له رجل من قوم فرعون يكتم إيمانه ليقول "أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله .
إذاً لم نجد أن القران سجل موقفا لهارون عليه السلام في هذه المرحلة ولكن الذي سجله القران لهارون عليه السلام كان في المرحلة الثانية من رسالة موسي عليه السلام بعد هلاك فرعون وجنوده ونجاته مع بني إسرائيل فعندما ذهب موسي عليه السلام إلى ميقات ربه كان تكليف موسي لهارون واضحا بان يخلفه في قومه " وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142) الاعراف .
وفي أثناء غياب موسي عليه السلام, اتخذ قومه من بعده من حليهم عجلا ليعبدوه ,وقد صنعه لهم السامري, وهنا ظهر دور هارون عليه السلام إذ انبري لهم وواجه هذا الانحراف " وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90)طه .
وفي سورة الأعراف يتبين من رد هارون عليه السلام مدى حجم الأزمة التي حدثت فلم يقف موقفا سلبيا من هذا الانحراف كما تصور موسى بل خاض معهم صراعا قويا وصل إلى حد التهديد له بالقتل" وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) الأعراف.
وفي سورة طه ذكر هارون تخوفه من تفرقهم والانفضاض من حوله "قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) الاعراف .
وقد بدا لي من التأمل في هذه الآيات أن مهمة سيدنا موسى في سياسة بني إسرائيل بعد الخروج كانت أصعب واشد من مهمته في مقاومة الفرعون ولذلك ظهرت مساعدة هارون عليه السلام في المرحلة الثانية كما أن طبيعة هارون الهادئة المتروية كانت مناسبة للمهمة بعد الخروج وقد ترشدنا الآيات إلى أن إعادة تأهيل الأمة التي كانت ترزح تحت نير الاستبداد والطغيان وتربيتها للقيام بوظيفتها الحضارية اكبر من مقاومة الطغيان نفسه وإسقاطه ولقد غفلت بعض الحركات الإصلاحية عن هذا المعنى فاهتمت أكثر بإزالة الظلم والطغيان وأبدعت في وسائله أكثر من اهتمامها بإقامة العدل وتربية الأمة وإعادة تأهيلها واعتقد أن هذه من أهم مشكلاتنا الحضارية فهل نتأمل؟
 
ومما يستنبط ـ أيضا ـ أن الأدوار يجب أن يحسب لها ألف حساب ، فلكل مقام مقال ، ولكل فرعون موسى .
 
عودة
أعلى