ترويحات قرآنية من سورة ال عمران (1)

إنضم
04/03/2006
المشاركات
179
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
العمر
58
الإقامة
جمهورية مصر العر
قوله تعالي " لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)آل عمران
يستند الشيعة إلي هذه الآية في تبرير مذهبهم في التقية ,وهو مذهب خطيرله تداعيات كثيرة علي المستوي العقدي ,وعلي المستوي الاجتماعي ,ولا يعنينا هنا هذا الأمر لكن الملفت للنظر والخطر أيضا أن طوائف من أهل السنة تستند أيضا لهذه الآية في تبرير تعاونهم مع الظالمين والكافرين والتعامل معم خشية من ضررهم ,فتري كثير من هؤلاء يبرر تعاونهم مع الظالمين انه لو لم يفعل لهلك مصدر رزقه او ناله ضرر في النفس أو المال فهو لا يملك إلا أن يجاريهم ليأمن بطشهم ويستند أيضا إلي هذه الآية مما يجعلنا نتناولها بشيء من التأمل والتدبر .
معني الولاية هي النصرة والمعاونة والمظاهرة ,والمعني لا يمكن ان يوصف بالإيمان من يعاون ويناصر ويظاهر الكافرين ضد المؤمنين ,وقد اعتبر الإمام الشافعي رضي الله عنه النهي في الآية ممتد إلي النهي عن موالاة الظالمين والفاسقين من غير الكافرين فالآية ليست قاصرة علي النهي موالاة الكافرين بل تشمل أيضا موالاة الظالمين والفاسقين من المسلمين ,فيحرم أيضا مولاتهم ومعاونتهم فيما يظلمون به المؤمنين ,لان العبرة فيما يصدر عنهم من أذي للمؤمنين وليس لأشخاصهم ,وسواء صدر هذا الاذي من كافر أو من مسلم ظالم او فاسق فهو اذي طال مؤمن فيحرم معاونته ومساعدته في هذا الأذى.
ويبقي الإشكال في الآية في الاستثناء الوارد فيها " إلا أن تتقوا منهم تقاة " فإذا فهمنا الاستثناء علي جواز موالاة الكفار والظالمين عند الخوف منهم علي النفس والمال كما ذهب البعض فقد وقعنا في تناقض مع آية المائدة يقول تعالي " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) المائدة
فأنت تري في هذه الآية أن الله وصف الذين يسارعون فيهم بإرضائهم ومساعدتهم وموالاتهم تحت مبرر أنهم يخشون أن تصيبهم دائرة أي دائرة السوء هؤلاء وصفهم الله انه في قلوبهم مرض وان مصيرهم أن يصبحوا علي ما أسروا في أنفسهم نادمين ,مع أنهم استعملوا التقية التي اعتبروها رخصة في الآية .
فضلا عن ذلك فان موالاة الكفار والظالمين والفاسدين خشية علي النفس تتنافي مع مبادئ الإسلام في مشروعية مقاومة الظلم والفساد حتى لو كان فيها هلاك النفس أو المال إذ هو الجهاد بعينه ذروة سنام الاسلام ,ومن ثم فإننا لا نستريح إلي أن التقية أو الاتقاء هي استثناء من الولاية ,أي يجوز ولايتهم وملاطفتهم ومساعدتهم عند خشية الضرر منهم , وإنما ما نطمئن إليه هو أن الاستثناء في الآية منقطع والاستثناء المنقطع عندما لا يكون المستثني من جنس المستثني منه فتكون فيه أداة الاستثناء" إلا " بمعني" لكن " فيكون علي سبيل الاستدراك وان اخذ شكل الاستثناء مثل قوله تعالي لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا إلا قيلا سلاما سلاما فقول السلام ليس من جنس المستثني وهو اللغو بل يختلف عنه وفائدة الاستثناء المنقطع انه استدراك يؤكد المعني ولا ينفيه ولا يقتطع منه ففي الآية السابقة تصبح إلا بمعني لكن علي الاستدراك أي لا يسمعون لغوا ولا كذابا ولكن يسمعون سلاما دائما وفائدة الاستدراك هنا أو الاستثناء المنقطع انه يؤكد المعني ولا ينقص منه أي ان أهل الجنة ليس فقط لا يسمعون لغوا او كذابا , ولكن يسمعون سلاما ,فربما توهم أنهم لا يسمعون لغوا ولا يسمعون شيئا آخر فكان الاستدراك انهم يسمعون سلاما ومثله قوله تعالي لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا الا حميما وغساقا فأهل النار ليس فقط محرومون من البرد والشراب بل لهم فوق ذلك حميم وغساق .
وعلي هذه المعني فالاستثناء في الآية التي معنا هو استثناء منقطع أي لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء ولكنهم يتقونهم ويحمون أنفسهم من ضررهم فالتقية ليست استثناء من الولاية ولكن التقية تؤكد عدم ولايتهم فالمؤمن لا يساعد الكافر في حربه علي المؤمن ولكن يتجنبه ويتقيه ولا يجعل نفسه عرضة لخطره وهذا استدراك اقتضته تحريم الولاية بمعني أنكم طالما أنكم ستمتنعون عن مساعدتهم وتقاطعونهم فلابد أن يلاحوقكم بالأذى فعليكم أن تحذروهم ومنه قوله تعالي " يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا (71) النساء فلم يقل خذوا حذركم فعاونوهم او ساعدوهم او والوهم ولكن انفروا ثبات او انفروا جميعا " فليس هناك مبرر لمساعدة الظالمين عند إيقاعهم الأذى بالمؤمنين حتى لو كان ذلك نتيجة الخوف علي النفس نعم خذ حذرك منه واتقيه لكن لا تواليه ولا تساعده ولا تناصره فان فعلت فأنت شريك له في جريمته ضد المؤمنين
 
عودة
أعلى