ابو العزايم عبد الحميد
New member
يقول تعالي يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ ۚ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۙ وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الْآثِمِينَ (106) المائدة
هذه الآية ظللت أفكر فيها ثلاثين سنة منذ أن أتممت حفظ القران وكلما مررت عليها كنت اشعر أنها تحتاج شيئا فوق قدراتي لكني وقد عزمت أن أتحسس بعضا من معانيها فلا مانع من الوقوف معها وقفات تأمل وتدبر بقدر ما نستطيع ومن العجيب اني قد رايت الفخر الرازي في تفسيره يقول عند تعرضه لتفسير هذه الايات "وقد اتفق المفسرون على أن هذه الآية في غاية الصعوبة إعرابا ونظما وحكما ، وروى الو احدي رحمه الله في "البسيط " عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : هذه الآية أعضل ما في هذه السورة من الأحكام . ويقول مكي بن أبي طالب هذه الآيات الثلاث عند أهل المعاني من أشكل ما في القرآن إعرابا ومعنى وحكما قال القرطبي : ما ذكره مكي ذكره أبو جعفر النحاس قبله أيضا . قال السعد في حاشيته على الكشاف : واتفقوا على أنها أصعب ما في القرآن إعرابا ونظما وحكما
وقبل أن نقف مع هذه الآية فقها وتدبرا, نورد المعني العام بإيجاز شديد فالذي تدور عليه الآية أن الموصي إذا حضرته الوفاة في السفر عليه أن يشهد علي وصيته اثنين ذوي عدل من المسلمين أو اثنين آخرين من غير المسلمين فإذا قدما إلي أهله أديا الشهادة على وصيته بان يقسما بالله بعد الصلاة أنهما ما كذبا؛ وأن ما شهدا به بشان الوصية هو الحق؛ وأنهما لم يكتما شيئا منها ؛ فان فعلا حكم بشهادتهما؛ و نفذت الوصية , وإذا رفض أهل الموصي هذه الشهادة ,واتهموا الشهود بالكذب حلف رجلان من أولياء الموصي على أن هذين الشاهدين كاذبان؛ أو خائنان؛ أو آثمان ,وفي هذه الحالة ردت شهادتهما ولم تنفذ هذه الوصية , حتى يعرف الشهود أنه سترد شهادتهما بأيمان من أولياء الميت فيكونوا حريصين أن يأتوا بالشهادة علي وجهها حتى لا ترد أيمانهم .
هذا المعني الإجمالي باختصار لكن الآية تضمنت العديد من القضايا الخطيرة التي صال فيها الفقهاء وجالوا واضطربت آراؤهم في العديد من أحكامها منها حلف الشاهد اليمين ، ومنها شهادة غير المسلم علي المسلم فيما هو خاص بالمسلمين ، ومنها العمل بيمين المدعي ، ومنها اعتبار يمين غير المسلم رغم أن عقيدته بالنسبة لنا فاسدة ومع ذلك يؤخذ بيمنه ولهذا هرب كثير من الفقهاء من هذه الأحكام بادعاء النسخ في الاية . وسنقف مع هذه الآية الآن وقفتان ولنا عودة لاستكمال التدبر فيها ففيها الكثير
الوقفة الأولي :- ادعاء النسخ في الآية لا يمكن قبول دعوي النسخ في الآية فما عليه المحققون أن سورة المائدة محكمة ليس فيها نسخ علي ما تطمئن به النفس من التحقيق الفقهي فسورة المائدة من آخر ما نزل من القران وتضمنت الأحكام النهائية فمن الصعب قبول دعوي النسخ لرد بعض أحكام الآية يقول الكيا الهراسي الطبري و يقوي ذلك أن سورة المائدة من آخر القرآن نزولا ، حتى قال ابن عباس و الحسن و غيرهما إنه لا منسوخ فيها .
الوقفة الثانية :- الأحكام الفقهية المتعلقة بغير المسلمين المقيمين في المجتمع المسلم مرت بالعديد من الأطوار وخضعت للعديد من الاعتبارات السياسية والاجتماعية أكثر من خضوعها للنصوص والاية تدعوا الموصي الي الاشهاد علي وصيته بشاهدين ذوي عدل منا او من غيرنا اي من غير المسلمين ; كما توثق هذه الشهادة بتحليفهم اليمين سواء كان مسلم او غير مسلم وغير المسلم سيحلف علي عقيدته طبعا يقول الشيخ رشيد رضا في تفسير المنار عند تفسيره لهذه الاية " وبقي هنا بحث مهم , وهو أن أحكام القرآن في هذه المسألة وفي غيرها أوسع مما جرى عليه الفقهاء ، وكذلك أحكام السنة ، وكل ما في الفقه من التشديد والتقييد فهو من اجتهاد الفقهاء ، ولا سيما المصنفين منهم الذين جاءوا بعد الصحابة والتابعين . وأولى الأحكام الاجتهادية بالنظر والاعتبار ما اتفق عليه كبار المجتهدين ، وجرى عليه عمل حكام العصور الأولى من المسلمين ، ومنه عدم قبول شهادة الكافر على المسلم في القضايا الشخصية والمدنية والجنائية على سواء ، فما سبب ذلك ؟ ولماذا لم يأخذوا بظاهر آية المائدة وهي من آخر ما نزل من القرآن فيعدوها شارعة لقبول شهادة غير المسلم عند الحاجة مطلقا ، أو في غير ما ورد النص بإشهاد المسلمين العدول عليه لحكمة تقتضي ذلك ، ثم يقول أن الإيمان بالله وبشرع له يحرم الكذب كاف لتحقيق المقصد الذي تتوخونه من الشهادة ، وهذا مما يوجد في غير الإسلام من الملل ، والقول: إن غير المسلم لا يكون صادقا ولا عدلا لا دليل عليه من النقل ، ولا من سيرة البشر المعلومة بالاختبار والعقل أما النقل فقد جاء على خلافه فإن الله تعالى يقول" ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك " فهذه شهادة لهم بالأمانة وقد استشهد الرسول صلى الله عليه وسلم بعض اليهود على آية الرجم في التوراة فاعترف بها بعضهم لما أقسم عليه بالله الذي أنزل التوراة على موسى.ا.ه وأقول من خلال عملي بالمحاماة في مجتمع متعدد الأعراق والديانات وجدت ذلك واقعا فرأيت من غير المسلمين من لا يمكن ان يكذب وإذا شهد شهد بالصدق ومنهم غير ذلك طبعا كما هو الحال ف في المسلمين أيضا ,مما يجعلنا نقول أو ليس الغرض من الشهادة أن تكون بينة يعرف بها الحق ، فإذا اطمئن القاضي إلي شهادة غير المسلم فما المانع من الأخذ بشهادته ,وطالما صح الأخذ بشهادته فما المانع من إشهاده علي معاملات المسلم , أن اندماج غير المسلمين مع المسلمين في المعاملات وحركة المجتمع خير للإسلام من تفخيخ العلاقة بينهما .
هذه الآية ظللت أفكر فيها ثلاثين سنة منذ أن أتممت حفظ القران وكلما مررت عليها كنت اشعر أنها تحتاج شيئا فوق قدراتي لكني وقد عزمت أن أتحسس بعضا من معانيها فلا مانع من الوقوف معها وقفات تأمل وتدبر بقدر ما نستطيع ومن العجيب اني قد رايت الفخر الرازي في تفسيره يقول عند تعرضه لتفسير هذه الايات "وقد اتفق المفسرون على أن هذه الآية في غاية الصعوبة إعرابا ونظما وحكما ، وروى الو احدي رحمه الله في "البسيط " عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : هذه الآية أعضل ما في هذه السورة من الأحكام . ويقول مكي بن أبي طالب هذه الآيات الثلاث عند أهل المعاني من أشكل ما في القرآن إعرابا ومعنى وحكما قال القرطبي : ما ذكره مكي ذكره أبو جعفر النحاس قبله أيضا . قال السعد في حاشيته على الكشاف : واتفقوا على أنها أصعب ما في القرآن إعرابا ونظما وحكما
وقبل أن نقف مع هذه الآية فقها وتدبرا, نورد المعني العام بإيجاز شديد فالذي تدور عليه الآية أن الموصي إذا حضرته الوفاة في السفر عليه أن يشهد علي وصيته اثنين ذوي عدل من المسلمين أو اثنين آخرين من غير المسلمين فإذا قدما إلي أهله أديا الشهادة على وصيته بان يقسما بالله بعد الصلاة أنهما ما كذبا؛ وأن ما شهدا به بشان الوصية هو الحق؛ وأنهما لم يكتما شيئا منها ؛ فان فعلا حكم بشهادتهما؛ و نفذت الوصية , وإذا رفض أهل الموصي هذه الشهادة ,واتهموا الشهود بالكذب حلف رجلان من أولياء الموصي على أن هذين الشاهدين كاذبان؛ أو خائنان؛ أو آثمان ,وفي هذه الحالة ردت شهادتهما ولم تنفذ هذه الوصية , حتى يعرف الشهود أنه سترد شهادتهما بأيمان من أولياء الميت فيكونوا حريصين أن يأتوا بالشهادة علي وجهها حتى لا ترد أيمانهم .
هذا المعني الإجمالي باختصار لكن الآية تضمنت العديد من القضايا الخطيرة التي صال فيها الفقهاء وجالوا واضطربت آراؤهم في العديد من أحكامها منها حلف الشاهد اليمين ، ومنها شهادة غير المسلم علي المسلم فيما هو خاص بالمسلمين ، ومنها العمل بيمين المدعي ، ومنها اعتبار يمين غير المسلم رغم أن عقيدته بالنسبة لنا فاسدة ومع ذلك يؤخذ بيمنه ولهذا هرب كثير من الفقهاء من هذه الأحكام بادعاء النسخ في الاية . وسنقف مع هذه الآية الآن وقفتان ولنا عودة لاستكمال التدبر فيها ففيها الكثير
الوقفة الأولي :- ادعاء النسخ في الآية لا يمكن قبول دعوي النسخ في الآية فما عليه المحققون أن سورة المائدة محكمة ليس فيها نسخ علي ما تطمئن به النفس من التحقيق الفقهي فسورة المائدة من آخر ما نزل من القران وتضمنت الأحكام النهائية فمن الصعب قبول دعوي النسخ لرد بعض أحكام الآية يقول الكيا الهراسي الطبري و يقوي ذلك أن سورة المائدة من آخر القرآن نزولا ، حتى قال ابن عباس و الحسن و غيرهما إنه لا منسوخ فيها .
الوقفة الثانية :- الأحكام الفقهية المتعلقة بغير المسلمين المقيمين في المجتمع المسلم مرت بالعديد من الأطوار وخضعت للعديد من الاعتبارات السياسية والاجتماعية أكثر من خضوعها للنصوص والاية تدعوا الموصي الي الاشهاد علي وصيته بشاهدين ذوي عدل منا او من غيرنا اي من غير المسلمين ; كما توثق هذه الشهادة بتحليفهم اليمين سواء كان مسلم او غير مسلم وغير المسلم سيحلف علي عقيدته طبعا يقول الشيخ رشيد رضا في تفسير المنار عند تفسيره لهذه الاية " وبقي هنا بحث مهم , وهو أن أحكام القرآن في هذه المسألة وفي غيرها أوسع مما جرى عليه الفقهاء ، وكذلك أحكام السنة ، وكل ما في الفقه من التشديد والتقييد فهو من اجتهاد الفقهاء ، ولا سيما المصنفين منهم الذين جاءوا بعد الصحابة والتابعين . وأولى الأحكام الاجتهادية بالنظر والاعتبار ما اتفق عليه كبار المجتهدين ، وجرى عليه عمل حكام العصور الأولى من المسلمين ، ومنه عدم قبول شهادة الكافر على المسلم في القضايا الشخصية والمدنية والجنائية على سواء ، فما سبب ذلك ؟ ولماذا لم يأخذوا بظاهر آية المائدة وهي من آخر ما نزل من القرآن فيعدوها شارعة لقبول شهادة غير المسلم عند الحاجة مطلقا ، أو في غير ما ورد النص بإشهاد المسلمين العدول عليه لحكمة تقتضي ذلك ، ثم يقول أن الإيمان بالله وبشرع له يحرم الكذب كاف لتحقيق المقصد الذي تتوخونه من الشهادة ، وهذا مما يوجد في غير الإسلام من الملل ، والقول: إن غير المسلم لا يكون صادقا ولا عدلا لا دليل عليه من النقل ، ولا من سيرة البشر المعلومة بالاختبار والعقل أما النقل فقد جاء على خلافه فإن الله تعالى يقول" ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك " فهذه شهادة لهم بالأمانة وقد استشهد الرسول صلى الله عليه وسلم بعض اليهود على آية الرجم في التوراة فاعترف بها بعضهم لما أقسم عليه بالله الذي أنزل التوراة على موسى.ا.ه وأقول من خلال عملي بالمحاماة في مجتمع متعدد الأعراق والديانات وجدت ذلك واقعا فرأيت من غير المسلمين من لا يمكن ان يكذب وإذا شهد شهد بالصدق ومنهم غير ذلك طبعا كما هو الحال ف في المسلمين أيضا ,مما يجعلنا نقول أو ليس الغرض من الشهادة أن تكون بينة يعرف بها الحق ، فإذا اطمئن القاضي إلي شهادة غير المسلم فما المانع من الأخذ بشهادته ,وطالما صح الأخذ بشهادته فما المانع من إشهاده علي معاملات المسلم , أن اندماج غير المسلمين مع المسلمين في المعاملات وحركة المجتمع خير للإسلام من تفخيخ العلاقة بينهما .