ابو العزايم عبد الحميد
New member
ترويحات قرآنية من سورة الكهف
يقول تعالي وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ ۖ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ ۚ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا (58) الكهف
أولا:- غالبا ما يأتي اسم الله الغفور مقرونا باسمه الرحيم في القران "غفور رحيم" أو "انه كان غفورا رحيما" او " والله غفور رحيم " وكلاهما صيغة مبالغة فغفور صيغة مبالغة علي وزن فعول أي كثير المغفرة ورحيم صيغة مبالغة علي وزن فعيل أي كثير الرحمة وفي هذه الآية جاء مقرونا ذو الرحمة وليست بصيغة المبالغة ولم يقل وربك الغفور الرحيم فما الحكمة
الملاحظة الأولي :- المغفرة في اللغة معناها الستر او الإزالة وغفران الذنب يعني ستره أو إزالته ينبغي أن نلاحظ الفرق بين لفظي المغفرة والرحمة وترددهما في القران فنلاحظ أن الله قد اشتق لنفسه من الرحمة اسمان هما الرحمن والرحيم وهما الاسمان الذين وردا في القران من أسماء الله الحسني مشتقة من الرحمة أما المغفرة فقد اشتق الله له منها ثلاثة أسماء غافر وغفار وغفور والأول اسم فاعل والاثنين صيغة مبالغة فهذه ملاحظة أولية للدخول في الموضوع
الملاحظة الثانية :- التأمل في محل كل منهما فمحل المغفرة هو الفعل ومحل الرحمة هو الفاعل فالمغفرة تقع على الفعل القبيح فتستره أو تمحوه أو تجعله غير ذا اثر أما الرحمة فتقع على الشخص فترفع عنه الألم والشقاء ومن ثم فالمغفرة تسبق الرحمة فالرحمة اثر للمغفرة ومظهر لها يغفر الله الذنب فيرحم صاحبه من سوء عاقبته ونلاحظ انه عندما يجتمع الفعلان في القران تأتي المعفرة أولا ثم تليها الرحمة " وهذه في كل مواضع القران بصورة مطردة إلا موضعا واحدا فقط تقدمت الرحمة فيها علي المغفرة وهو موضع سورة سبا يقول تعالي : يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ [سبأ:2] وقد نعود إليها عند الحديث عن سورة سبا لبيان السر في ذلك وما سوي اية سبا فتاتي المغفرة متقدمة علي الرحمة فالله يستر الذنب أولا ويمحوه ثم يتوب علي صاحبه ويرحمه ولما كان محل المغفرة هي الأفعال كان لله من المغفرة ثلاثة أسماء لان الأفعال القبيحة في عالم البشر كثيرة ولو لم يغفرها الله ويسترها أو يمحوها أولا بأول ما كنا نطيق العيش على هذه الأرض فالاعمال القبيحة على الأرض تعمل فيه ثلاثة أسماء من أسماء الله الحسنى حتي يستطيع الإنسان ان يعيش فهذا الكم من الاثام والذنوب والاعمال القبيحة تكفي ان تشل حركة الحياة لولا المغفرة هذه الافعال تكفي ان تمنع النبات من النمو والماء من النزول والشمس من الشروق وان تقضي علي اي مظهر من مظاهر الحياة لو لم يغفرها الله ويمحوها .
الملاحظة الثالثة :- مدلول الآية ان الله سبحانه وتعالي من رحمته قد أخر الحساب إلي اجل مسمي فلا يعجل بالحساب علي السيئات وحتى يأتي هذا الأجل يغفر تلك السيئات كما وكيفا فيشترها ويبطل مفعولها السام اولا باول حتى يمكن للبشر ان يعيشوا علي هذه الأرض " وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ "النحل:61" وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا"فاطر:45.
ونظرا لان المغفرة تتعلق باستمرار حركة الحياة علي الأرض حتي اجلها الذي قدره الله لها فان الله واسع المغفرة ويغفر الذنوب جميعا ولا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء أما الرحمة فلا يستفيد منها إلا المتقون والمحسنون " أن رحمة الله قريب من المحسنين و رحمة الله وسعت كل شيء إلا أن الله لم يكتبها إلا للذين يتقون ويؤتون الزكاة "وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْءٍۢ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِـَٔايَٰتِنَا يُؤْمِنُونَ" (156) الأعراف, واشترط علي المؤمنين حتي يؤتيهم كفلين من رحمة أن يتقوا الله " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم (27) الحديد
الملاحظة الرابعة من اجل ذلك كان بين المؤمن وبين الاستغفار علاقة خاصة فهو ديدنه وهو سميره بالليل والنهار فهو مثل الهواء الذي يتنفسه والماء الذي يشربه هو المطهر والمعقم لحياتنا من القاذورات التي تقذفها أعمالنا السيئة فالاستغفار ينقي لنا أجواء الحياة وأجواء أنفسنا من قبيح الخواطر ومكنون النفوس ومن قبيح الأفعال ما علمنا منها و ما لم نعلم وكان من دعائه صلي الله عليه وسلم " اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا اعلمه وأستغفرك لما لا أعلمه , فالمؤمن لا يشعر بالحياة الطيبة النقية إلا بالاستغفار ولولا الاستغفار لما كنا نطيق أنفسنا ولما كنا نطيق الحياة وكان سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم أكثر من مائة مرة , وقد حثه ربه للاستغفار لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات قال تعالى: {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء:106] وقال تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر:3] وقال الله تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} (محمد:19) اللهم اجعلنا من المستغفرين بالأسحار
يقول تعالي وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ ۖ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ ۚ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا (58) الكهف
أولا:- غالبا ما يأتي اسم الله الغفور مقرونا باسمه الرحيم في القران "غفور رحيم" أو "انه كان غفورا رحيما" او " والله غفور رحيم " وكلاهما صيغة مبالغة فغفور صيغة مبالغة علي وزن فعول أي كثير المغفرة ورحيم صيغة مبالغة علي وزن فعيل أي كثير الرحمة وفي هذه الآية جاء مقرونا ذو الرحمة وليست بصيغة المبالغة ولم يقل وربك الغفور الرحيم فما الحكمة
الملاحظة الأولي :- المغفرة في اللغة معناها الستر او الإزالة وغفران الذنب يعني ستره أو إزالته ينبغي أن نلاحظ الفرق بين لفظي المغفرة والرحمة وترددهما في القران فنلاحظ أن الله قد اشتق لنفسه من الرحمة اسمان هما الرحمن والرحيم وهما الاسمان الذين وردا في القران من أسماء الله الحسني مشتقة من الرحمة أما المغفرة فقد اشتق الله له منها ثلاثة أسماء غافر وغفار وغفور والأول اسم فاعل والاثنين صيغة مبالغة فهذه ملاحظة أولية للدخول في الموضوع
الملاحظة الثانية :- التأمل في محل كل منهما فمحل المغفرة هو الفعل ومحل الرحمة هو الفاعل فالمغفرة تقع على الفعل القبيح فتستره أو تمحوه أو تجعله غير ذا اثر أما الرحمة فتقع على الشخص فترفع عنه الألم والشقاء ومن ثم فالمغفرة تسبق الرحمة فالرحمة اثر للمغفرة ومظهر لها يغفر الله الذنب فيرحم صاحبه من سوء عاقبته ونلاحظ انه عندما يجتمع الفعلان في القران تأتي المعفرة أولا ثم تليها الرحمة " وهذه في كل مواضع القران بصورة مطردة إلا موضعا واحدا فقط تقدمت الرحمة فيها علي المغفرة وهو موضع سورة سبا يقول تعالي : يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ [سبأ:2] وقد نعود إليها عند الحديث عن سورة سبا لبيان السر في ذلك وما سوي اية سبا فتاتي المغفرة متقدمة علي الرحمة فالله يستر الذنب أولا ويمحوه ثم يتوب علي صاحبه ويرحمه ولما كان محل المغفرة هي الأفعال كان لله من المغفرة ثلاثة أسماء لان الأفعال القبيحة في عالم البشر كثيرة ولو لم يغفرها الله ويسترها أو يمحوها أولا بأول ما كنا نطيق العيش على هذه الأرض فالاعمال القبيحة على الأرض تعمل فيه ثلاثة أسماء من أسماء الله الحسنى حتي يستطيع الإنسان ان يعيش فهذا الكم من الاثام والذنوب والاعمال القبيحة تكفي ان تشل حركة الحياة لولا المغفرة هذه الافعال تكفي ان تمنع النبات من النمو والماء من النزول والشمس من الشروق وان تقضي علي اي مظهر من مظاهر الحياة لو لم يغفرها الله ويمحوها .
الملاحظة الثالثة :- مدلول الآية ان الله سبحانه وتعالي من رحمته قد أخر الحساب إلي اجل مسمي فلا يعجل بالحساب علي السيئات وحتى يأتي هذا الأجل يغفر تلك السيئات كما وكيفا فيشترها ويبطل مفعولها السام اولا باول حتى يمكن للبشر ان يعيشوا علي هذه الأرض " وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ "النحل:61" وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا"فاطر:45.
ونظرا لان المغفرة تتعلق باستمرار حركة الحياة علي الأرض حتي اجلها الذي قدره الله لها فان الله واسع المغفرة ويغفر الذنوب جميعا ولا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء أما الرحمة فلا يستفيد منها إلا المتقون والمحسنون " أن رحمة الله قريب من المحسنين و رحمة الله وسعت كل شيء إلا أن الله لم يكتبها إلا للذين يتقون ويؤتون الزكاة "وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْءٍۢ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِـَٔايَٰتِنَا يُؤْمِنُونَ" (156) الأعراف, واشترط علي المؤمنين حتي يؤتيهم كفلين من رحمة أن يتقوا الله " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم (27) الحديد
الملاحظة الرابعة من اجل ذلك كان بين المؤمن وبين الاستغفار علاقة خاصة فهو ديدنه وهو سميره بالليل والنهار فهو مثل الهواء الذي يتنفسه والماء الذي يشربه هو المطهر والمعقم لحياتنا من القاذورات التي تقذفها أعمالنا السيئة فالاستغفار ينقي لنا أجواء الحياة وأجواء أنفسنا من قبيح الخواطر ومكنون النفوس ومن قبيح الأفعال ما علمنا منها و ما لم نعلم وكان من دعائه صلي الله عليه وسلم " اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا اعلمه وأستغفرك لما لا أعلمه , فالمؤمن لا يشعر بالحياة الطيبة النقية إلا بالاستغفار ولولا الاستغفار لما كنا نطيق أنفسنا ولما كنا نطيق الحياة وكان سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم أكثر من مائة مرة , وقد حثه ربه للاستغفار لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات قال تعالى: {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء:106] وقال تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر:3] وقال الله تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} (محمد:19) اللهم اجعلنا من المستغفرين بالأسحار