ابو العزايم عبد الحميد
New member
يقول تعالى "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) الحج
هناك معني مشهور في هذه الآية سار عليه بعض المفسرين ويستند الى ما سمي بحديث الغرانيق وهي قصة رفضها العلماء المحققون ومفادها : أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - لما شق عليه إعراض قومه عنه تمنى في نفسه أن لا ينزل عليه شيء ينفرهم عنه لحرصه على إيمانهم ، فكان ذات يوم جالسا في ناد من أنديتهم وقد نزل عليه سورة ( والنجم إذا هوى ) [ النجم : 1 ] فأخذ يقرؤها عليهم حتى بلغ قوله افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالة الاخري "النجم : 19 - 20 وكان ذلك التمني في نفسه ، فجرى على لسانه مما ألقاه الشيطان عليه : تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتها لترتجى فلما سمعت قريش ذلك فرحوا ومضى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في قراءته حتى ختم السورة ، فلما سجد في آخرها سجد معه جميع من في النادي من المسلمين والمشركين ، فتفرقت قريش مسرورين بذلك قالوا : قد ذكر محمد آلهتنا بأحسن الذكر ، فأتاه جبريل فقال : ما صنعت ؟ تلوت على الناس ما لم آتك به عن الله ، فحزن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وخاف خوفا شديدا ، فأنزل الله هذه الآية ، هكذا قالوا .
وهذا المعنى لا يمكن قبوله بأي حال اذ يخالف الأصول الثابتة بشان الوحي قال تعالى "لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) فصلت ,ويقول تعالى" وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46)" الحاقة وقوله تعالى وما ينطق عن الهوى"(3) النجم , وقوله :تعالى "وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) الإسراء , فضلا عن عدم صحة هذه الرواية كما يقول المحققون من علماء الرواية .
ونرى استبعاد هذه الروايات وعدم فهم الآية في ضوئها وضرورة فهم الاية في ضوء سياقها من النص القرآني والآية في ضوء سياقها من النص يفهم منها معنيان المعنى الأول واليه ذهب الشهيد سيد قطب إذ يقول رحمه الله "إن الرسل عندما يكلفون حمل الرسالة إلى الناس، يكون أحب شيء إلى نفوسهم أن يجتمع الناس على الدعوة، وأن يدركوا الخير الذي جاءوهم به من عند الله فيتبعوه.. لكن العقبات في طريق الدعوات كثيرة. والرسل بشر محدودو الأجل. وهم يحسون هذا ويعلمونه. فيتمنون لو يجذبون الناس إلى دعوتهم بأسرع طريق.. يودون –مثلا - لو هادنوا الناس فيما يعز على الناس أن يتركوه من عادات وتقاليد وموروثات فيسكتوا عنها مؤقتا لعل الناس أن يفيئوا إلى الهدى، فإذا دخلوا فيه أمكن صرفهم عن تلك الموروثات العزيزة! ويودون - مثلا - لو جاروهم في شيء يسير من رغبات نفوسهم رجاء استدراجهم إلى العقيدة، على أمل أن تتم فيما بعد تربيتهم التربية الصحيحة التي تطرد هذه الرغبات المألوفة!
ويجد الشيطان في تلك الرغبات البشرية، وفي بعض ما يترجم عنها من تصرفات أو كلمات، فرصة للكيد للدعوة، وتحويلها عن قواعدها، وإلقاء الشبهات حولها في النفوس.. ولكن الله يحول دون كيد الشيطان، ويبين الحكم الفاصل فيما وقع من تصرفات أو كلمات، ويكلف الرسل أن يكشفوا للناس عن الحكم الفاصل، وعما يكون قد وقع منهم من خطأ في اجتهادهم للدعوة. كما حدث في بعض تصرفات الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفي بعض اتجاهاته، مما بين الله فيه بيانا في القرآن..
وعلى هذا المعنى يحمل ما ورد من عتاب القران للنبي صلي الله عليه وسلم مثل اسري بدر وزواجه من زينب بنت جحش وغيرها.
والمعنى الثاني فيذهب إليه الطاهر بن عاشور رحمه الله يقول إن الآية تسلية للنبي عن تكذيب المكذبين فيقول الآية عطف على جملة قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين ، لأنه لما أفضى الكلام السابق إلى تثبيت النبيء - صلى الله عليه وسلم - وتأنيس نفسه فيما يلقاه من قومه من التكذيب بأن تلك شنشنة الأمم الظالمة من قبلهم فيما جاء عقب قوله وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة إلخ ، وأنه مقصور على النذارة فمن آمن فقد نجا ومن كفر فقد هلك ، أريد الانتقال من ذلك إلى تفصيل تسليته وتثبيته بأنه لقي ما لقيه سلفه من الرسل والأنبياء - عليهم السلام - وأنه لم يسلم أحد منهم من محاولة الشيطان أن يفسد بعض ما يحاولونه من هدي الأمم وأنهم لقوا من أقوامهم مكذبين ومصدقين سنة الله في رسله - عليهم السلام - . فقوله ( من رسول ولا نبيء ) نص في العموم ، فأفاد أن ذلك لم يعد أحدا من الأنبياء والرسل . ا.ه.
ويحمل على هذا المعنى " انك لا تهدي من أحببت" فما كل ما يتمناه النبي من هداية قومه سيكون بل ان الشيطان يلقي عند بعض قومه من الذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم من الفتنة ما يحول بينهم وبين ما يتمناه النبي من الهداية " لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ"
هناك معني مشهور في هذه الآية سار عليه بعض المفسرين ويستند الى ما سمي بحديث الغرانيق وهي قصة رفضها العلماء المحققون ومفادها : أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - لما شق عليه إعراض قومه عنه تمنى في نفسه أن لا ينزل عليه شيء ينفرهم عنه لحرصه على إيمانهم ، فكان ذات يوم جالسا في ناد من أنديتهم وقد نزل عليه سورة ( والنجم إذا هوى ) [ النجم : 1 ] فأخذ يقرؤها عليهم حتى بلغ قوله افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالة الاخري "النجم : 19 - 20 وكان ذلك التمني في نفسه ، فجرى على لسانه مما ألقاه الشيطان عليه : تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتها لترتجى فلما سمعت قريش ذلك فرحوا ومضى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في قراءته حتى ختم السورة ، فلما سجد في آخرها سجد معه جميع من في النادي من المسلمين والمشركين ، فتفرقت قريش مسرورين بذلك قالوا : قد ذكر محمد آلهتنا بأحسن الذكر ، فأتاه جبريل فقال : ما صنعت ؟ تلوت على الناس ما لم آتك به عن الله ، فحزن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وخاف خوفا شديدا ، فأنزل الله هذه الآية ، هكذا قالوا .
وهذا المعنى لا يمكن قبوله بأي حال اذ يخالف الأصول الثابتة بشان الوحي قال تعالى "لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) فصلت ,ويقول تعالى" وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46)" الحاقة وقوله تعالى وما ينطق عن الهوى"(3) النجم , وقوله :تعالى "وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) الإسراء , فضلا عن عدم صحة هذه الرواية كما يقول المحققون من علماء الرواية .
ونرى استبعاد هذه الروايات وعدم فهم الآية في ضوئها وضرورة فهم الاية في ضوء سياقها من النص القرآني والآية في ضوء سياقها من النص يفهم منها معنيان المعنى الأول واليه ذهب الشهيد سيد قطب إذ يقول رحمه الله "إن الرسل عندما يكلفون حمل الرسالة إلى الناس، يكون أحب شيء إلى نفوسهم أن يجتمع الناس على الدعوة، وأن يدركوا الخير الذي جاءوهم به من عند الله فيتبعوه.. لكن العقبات في طريق الدعوات كثيرة. والرسل بشر محدودو الأجل. وهم يحسون هذا ويعلمونه. فيتمنون لو يجذبون الناس إلى دعوتهم بأسرع طريق.. يودون –مثلا - لو هادنوا الناس فيما يعز على الناس أن يتركوه من عادات وتقاليد وموروثات فيسكتوا عنها مؤقتا لعل الناس أن يفيئوا إلى الهدى، فإذا دخلوا فيه أمكن صرفهم عن تلك الموروثات العزيزة! ويودون - مثلا - لو جاروهم في شيء يسير من رغبات نفوسهم رجاء استدراجهم إلى العقيدة، على أمل أن تتم فيما بعد تربيتهم التربية الصحيحة التي تطرد هذه الرغبات المألوفة!
ويجد الشيطان في تلك الرغبات البشرية، وفي بعض ما يترجم عنها من تصرفات أو كلمات، فرصة للكيد للدعوة، وتحويلها عن قواعدها، وإلقاء الشبهات حولها في النفوس.. ولكن الله يحول دون كيد الشيطان، ويبين الحكم الفاصل فيما وقع من تصرفات أو كلمات، ويكلف الرسل أن يكشفوا للناس عن الحكم الفاصل، وعما يكون قد وقع منهم من خطأ في اجتهادهم للدعوة. كما حدث في بعض تصرفات الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفي بعض اتجاهاته، مما بين الله فيه بيانا في القرآن..
وعلى هذا المعنى يحمل ما ورد من عتاب القران للنبي صلي الله عليه وسلم مثل اسري بدر وزواجه من زينب بنت جحش وغيرها.
والمعنى الثاني فيذهب إليه الطاهر بن عاشور رحمه الله يقول إن الآية تسلية للنبي عن تكذيب المكذبين فيقول الآية عطف على جملة قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين ، لأنه لما أفضى الكلام السابق إلى تثبيت النبيء - صلى الله عليه وسلم - وتأنيس نفسه فيما يلقاه من قومه من التكذيب بأن تلك شنشنة الأمم الظالمة من قبلهم فيما جاء عقب قوله وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة إلخ ، وأنه مقصور على النذارة فمن آمن فقد نجا ومن كفر فقد هلك ، أريد الانتقال من ذلك إلى تفصيل تسليته وتثبيته بأنه لقي ما لقيه سلفه من الرسل والأنبياء - عليهم السلام - وأنه لم يسلم أحد منهم من محاولة الشيطان أن يفسد بعض ما يحاولونه من هدي الأمم وأنهم لقوا من أقوامهم مكذبين ومصدقين سنة الله في رسله - عليهم السلام - . فقوله ( من رسول ولا نبيء ) نص في العموم ، فأفاد أن ذلك لم يعد أحدا من الأنبياء والرسل . ا.ه.
ويحمل على هذا المعنى " انك لا تهدي من أحببت" فما كل ما يتمناه النبي من هداية قومه سيكون بل ان الشيطان يلقي عند بعض قومه من الذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم من الفتنة ما يحول بينهم وبين ما يتمناه النبي من الهداية " لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ"