ابو العزايم عبد الحميد
New member
يقول تعالي "كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (182) البقرة
الوصية تصرف الإنسان في بعض ماله تصرفا لا ينفذ إلا بعد موته وكانت هي الأساس الأول لانتقال المال بعد الوفاة , فهي اسبق في النص القرآني علي الميراث , وقد جاء تشريع الوصية احتراما لإرادة الإنسان في توزيع أمواله بعد موته بشكل يحقق ما يراه عدلا وصلة لأقاربه , ثم جاء تشريع الميراث ليحدد الورثة ويحدد نصيب كل منهم وعندها قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "إن الله أعطى كل ذي حق حقه، ولا وصية لوارث واذ حدد النص القرآني ورثة المتوفى فان السنة قد حددت أيضا القدر الذي يستطيع الإنسان ان يوصي به لغير الورثة وهو ثلث المال فعن سعد بن أبي وقاص قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي، فقلت: يا رسول الله، قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا" ، فقلت: فالشطر؟ قال: "لا" ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الثلث، والثلث كثير. إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس...
وجمهور المفسرين علي ان هذه الآية منسوخة بآيات المواريث وبالحديث المذكور وبعيدا عن الخلاف في صحة القول بوجود النسخ في القران فلا ينبغي التوسع في موضوع النسخ طالما يمكن الجمع بين الآيات لتظل الآية القرآنية فعاليتها واثرها في حياة المجتمع فهي ما زالت تتلي ويتعبد بتلاوتها ويبقي معناها وفهمها مؤثرا ومتاثرا بغيرها من الايات
وانا أميل إلي أن الآية محكمة وليست منسوخة إذ تأكد حكمها بأوصاف صريحة محكمة لا تقبل النسخ مثل (كُتِبَ )، (حَقًّا)، (عَلَى الْمُتَّقِينَ) والوعيد لمن بدله ( فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ۚ ) فالله إذا انزل للناس حكما وعلم انه مؤقت وانه سينسخ بعد وقت قريب لا يؤكده بمثل هذه العبارات كما ان الآية لا تتعارض مع آيات المواريث بل تؤكدها اذ تعلق استحقاق الوارث لنصيبه المقدر علي إخراج الوصية أولا وقد علق القران استحقاق الميراث بعد إخراج الوصية في أربع مرات في آيات المواريث مثل قوله تعالي " من بعد وصية يوصي بها او دين " فالقول بالجمع بين الآيتين واعتبار آيات المواريث مخصصة لآية الوصية هو خير وأقوم قيلا
وإذ انتهينا إلي ان الآية غير منسوخة فإنها تضمن حكما بالوجوب يستفاد من قوله " كتب " كما قال كتب عليكم القصاص وكتب عليكم الصيام وكتب عليكم القتال ومعني هذا أن علي الإنسان الذي عنده مال كثير وهو معني ان ترك خيرا فالخير يطلق علي المال الكثير فإذا كان الإنسان عنده مال كثير عليه أن ينظر إلي أقاربه الغير وارثين فيوصي لهم بجزء من ماله في حدود الثلث و يجب ان تأخذ الآية بعدها في حياة المسلم وان يعتني بها الدعاة والوعاظ لزيادة الوعي بهذه القضية و بهذا تعيد الآية التوازن في العلاقات الاجتماعية التي يمكن ان تتصدع بسبب الميراث وما اكثر ما يفعل الميراث من شحناء بين الأقارب
وقد ذهب بعض الفقهاء منهم داوود الظاهري وابن حزم الي وجوب هذه الوصية للاقارب الغير الوارثين وأعطوا الحق للحاكم أن ينفذ هذه الوصية جبرا اذا لم يوصي بها الميت ولم يدخر إبن حزم الأندلسي في كتابة " المُحلى " جهداً في الرد على أنصار الوصية الإختيارية ونعتهم بفساد الرأي وقلة العلم، والطعن برواة الأحاديث والسنن التي لا توافق مذهبه.
ونظرا لوجود بعض المشكلات الاجتماعية التي حدثت في حرمان الابناء من تركة جدهم لوجود اعمامهم فقد أخذت بعض التشريعات بهذا الرأي وأوجبت لأبناء الابن المتوفي في حياة أبيه حصة أبيهم في حدود الثلث وصية واجبة وان لم يوصي بها الجد منها قانون الوصية الواجبة المصري رقم 71 لسنة 1946 لعلاج مشكلة أبناء الابن المتوفى في حياة أبيه فالأصل طبقا لقواعد الميراث الا يرث ابن الابن مع وجود الابن فكان الأبناء يأخذون التركة ولاشيء لأبناء الابن الذي توفي قبل ابيه ولو كان هناك وعي بهذه الآية ما تركهم الجد قبل أن يموت دون ان يوصي لهم بشيء من المال في حدود ما سمح له الشرع من الوصية غير ان القانون واذ عالج مشكلة أبناء الابن المتوفى في حياة أبيه فانه ما يزال قاصرا عن علاج الحالات الاخري من غير الأبناء فالوصية الواجبة ليست لأبناء الابن المتوفى حال حياة أبيه فقط بل للأقارب الغير الوارثين ولم يتطرق اليها القانون مثل الزوجة الكتابية مثلا فانها ممنوعة من الميراث لاختلاف الدين فاذ لم إذا لم يوصِ الزوج لها بشيء ولم يكن لها عمل أو مصدر معيشة معتبر، وقد تكون ساهمت بشكل ما في ثروة زوجها فستكون مشكلة تتنافي مع عدل الإسلام كما هناك أيضا تكون الوصية ملحة فيها في غير حالات الأبناء فمثلا لو ترك الميت مليون دولار مثلا ولم يترك الا ابن أخ وبنت اخ اخذ ابن الأخ المال كله تعصيبا ولاشيء لأخته !!! فكيف يكون حالها مع أخيها ومشاعرها نحوه وقد تكون محتاجة فكان يجب عليه في هذه الحالات ان يوصي لها بشيء والأمثلة كثيرة فالعم يرث دون العمة وابن العم دون بنت العم فهؤلاء أقارب للمتوقي يرثون ولا يرث نظرائهم وقد شرعت الوصية ووجبت لإعادة التوازن في هذه العلاقات الاجتماعية ومعالجة ما يحدث عند الحصول علي المال والحرمان منه من احن وشقاق وتصدع في المجتمع فان حدث ذلك فبسبب خلل في فهم الآيات ونقص في الوعي وتقصير من الدعاة في ايقاف الناس عند حدود ربهم
الوصية تصرف الإنسان في بعض ماله تصرفا لا ينفذ إلا بعد موته وكانت هي الأساس الأول لانتقال المال بعد الوفاة , فهي اسبق في النص القرآني علي الميراث , وقد جاء تشريع الوصية احتراما لإرادة الإنسان في توزيع أمواله بعد موته بشكل يحقق ما يراه عدلا وصلة لأقاربه , ثم جاء تشريع الميراث ليحدد الورثة ويحدد نصيب كل منهم وعندها قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "إن الله أعطى كل ذي حق حقه، ولا وصية لوارث واذ حدد النص القرآني ورثة المتوفى فان السنة قد حددت أيضا القدر الذي يستطيع الإنسان ان يوصي به لغير الورثة وهو ثلث المال فعن سعد بن أبي وقاص قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي، فقلت: يا رسول الله، قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا" ، فقلت: فالشطر؟ قال: "لا" ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الثلث، والثلث كثير. إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس...
وجمهور المفسرين علي ان هذه الآية منسوخة بآيات المواريث وبالحديث المذكور وبعيدا عن الخلاف في صحة القول بوجود النسخ في القران فلا ينبغي التوسع في موضوع النسخ طالما يمكن الجمع بين الآيات لتظل الآية القرآنية فعاليتها واثرها في حياة المجتمع فهي ما زالت تتلي ويتعبد بتلاوتها ويبقي معناها وفهمها مؤثرا ومتاثرا بغيرها من الايات
وانا أميل إلي أن الآية محكمة وليست منسوخة إذ تأكد حكمها بأوصاف صريحة محكمة لا تقبل النسخ مثل (كُتِبَ )، (حَقًّا)، (عَلَى الْمُتَّقِينَ) والوعيد لمن بدله ( فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ۚ ) فالله إذا انزل للناس حكما وعلم انه مؤقت وانه سينسخ بعد وقت قريب لا يؤكده بمثل هذه العبارات كما ان الآية لا تتعارض مع آيات المواريث بل تؤكدها اذ تعلق استحقاق الوارث لنصيبه المقدر علي إخراج الوصية أولا وقد علق القران استحقاق الميراث بعد إخراج الوصية في أربع مرات في آيات المواريث مثل قوله تعالي " من بعد وصية يوصي بها او دين " فالقول بالجمع بين الآيتين واعتبار آيات المواريث مخصصة لآية الوصية هو خير وأقوم قيلا
وإذ انتهينا إلي ان الآية غير منسوخة فإنها تضمن حكما بالوجوب يستفاد من قوله " كتب " كما قال كتب عليكم القصاص وكتب عليكم الصيام وكتب عليكم القتال ومعني هذا أن علي الإنسان الذي عنده مال كثير وهو معني ان ترك خيرا فالخير يطلق علي المال الكثير فإذا كان الإنسان عنده مال كثير عليه أن ينظر إلي أقاربه الغير وارثين فيوصي لهم بجزء من ماله في حدود الثلث و يجب ان تأخذ الآية بعدها في حياة المسلم وان يعتني بها الدعاة والوعاظ لزيادة الوعي بهذه القضية و بهذا تعيد الآية التوازن في العلاقات الاجتماعية التي يمكن ان تتصدع بسبب الميراث وما اكثر ما يفعل الميراث من شحناء بين الأقارب
وقد ذهب بعض الفقهاء منهم داوود الظاهري وابن حزم الي وجوب هذه الوصية للاقارب الغير الوارثين وأعطوا الحق للحاكم أن ينفذ هذه الوصية جبرا اذا لم يوصي بها الميت ولم يدخر إبن حزم الأندلسي في كتابة " المُحلى " جهداً في الرد على أنصار الوصية الإختيارية ونعتهم بفساد الرأي وقلة العلم، والطعن برواة الأحاديث والسنن التي لا توافق مذهبه.
ونظرا لوجود بعض المشكلات الاجتماعية التي حدثت في حرمان الابناء من تركة جدهم لوجود اعمامهم فقد أخذت بعض التشريعات بهذا الرأي وأوجبت لأبناء الابن المتوفي في حياة أبيه حصة أبيهم في حدود الثلث وصية واجبة وان لم يوصي بها الجد منها قانون الوصية الواجبة المصري رقم 71 لسنة 1946 لعلاج مشكلة أبناء الابن المتوفى في حياة أبيه فالأصل طبقا لقواعد الميراث الا يرث ابن الابن مع وجود الابن فكان الأبناء يأخذون التركة ولاشيء لأبناء الابن الذي توفي قبل ابيه ولو كان هناك وعي بهذه الآية ما تركهم الجد قبل أن يموت دون ان يوصي لهم بشيء من المال في حدود ما سمح له الشرع من الوصية غير ان القانون واذ عالج مشكلة أبناء الابن المتوفى في حياة أبيه فانه ما يزال قاصرا عن علاج الحالات الاخري من غير الأبناء فالوصية الواجبة ليست لأبناء الابن المتوفى حال حياة أبيه فقط بل للأقارب الغير الوارثين ولم يتطرق اليها القانون مثل الزوجة الكتابية مثلا فانها ممنوعة من الميراث لاختلاف الدين فاذ لم إذا لم يوصِ الزوج لها بشيء ولم يكن لها عمل أو مصدر معيشة معتبر، وقد تكون ساهمت بشكل ما في ثروة زوجها فستكون مشكلة تتنافي مع عدل الإسلام كما هناك أيضا تكون الوصية ملحة فيها في غير حالات الأبناء فمثلا لو ترك الميت مليون دولار مثلا ولم يترك الا ابن أخ وبنت اخ اخذ ابن الأخ المال كله تعصيبا ولاشيء لأخته !!! فكيف يكون حالها مع أخيها ومشاعرها نحوه وقد تكون محتاجة فكان يجب عليه في هذه الحالات ان يوصي لها بشيء والأمثلة كثيرة فالعم يرث دون العمة وابن العم دون بنت العم فهؤلاء أقارب للمتوقي يرثون ولا يرث نظرائهم وقد شرعت الوصية ووجبت لإعادة التوازن في هذه العلاقات الاجتماعية ومعالجة ما يحدث عند الحصول علي المال والحرمان منه من احن وشقاق وتصدع في المجتمع فان حدث ذلك فبسبب خلل في فهم الآيات ونقص في الوعي وتقصير من الدعاة في ايقاف الناس عند حدود ربهم