ابو العزايم عبد الحميد
New member
يقول تعالى "وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77) الإسراء.
محاولة المشركين وعزمهم على إخراج النبي صلى الله عليه وسلم من بلده وردت في أكثر من موضع في القران " وإذ يمكر بك الذين كفرو وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) الأنفال . وقوله تعالى "أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) التوبة , وغيرها من الآيات .
وموضع الإسراء هو الموضع الوحيد الذي ورد فيه لفظ "يستفزونك" مع لفظ "يخرجوك" وبعض المفسرين فسر معنى يستفزونك على معني يخرجونك لكننا نريد أن نتأمل الآية في ضوء ما أضافته العبارة " يستفزونك " قبل"يخرجوك " .
أصل الفعل "يستفزونك " من فز والفَزّة هي الوثبة بانزعاج و في معجم المعاني فَزَّهُ عَن مَكَانِهِ : أَزَالَهُ عَنْهُ و فَزَّ الوَلَدَ : أَفْزَعَهُ و أَزْعَجَهُ ,وإضافة السين والتاء تعني الطلب ,ويستفز أي يطلب إزعاجه لإزاحته عن مكانه , فهذه الآية أضافت معنى الاستفزاز ,أي الإزعاج والاستخفاف حتى يضطر النبي للخروج من بينهم وأفادت السين والتاء عن الطلب أي محاولات مستمرة لإزعاج النبي حتى يخرج من أرضهم .
وهذا اللفظ لم يرد في القران إلا في ثلاث مواضع كلها في هذه السورة الكريمة سورة الإسراء لنتأمل هذه المواضع ولنتأمل في الآية .
الموضع الأول ورد أثناء الحديث عن محاولة إبليس في إضلال البشر يقول تعالى " وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) الإسراء .
الموضع الثاني ورد في أثناء الحديث عن فرعون ومحاولته إخراج بني إسرائيل " فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103)الإسراء.
ولنتأمل في المواضع الثلاثة فالاستفزاز يسبق الخروج من مكان إلى آخر فإبليس يريد أن ينقلهم من الهداية إلى الضلالة فيستفزهم حتى ينتقلوا اليها وفرعون يريد ان يخرجهم من ارضهم فيستفزهم حتى يخرجوا منها ,وكذلك كفار قريش أرادوا ان يخرجوا الرسول من بلده فاستفزوه ليخرجوه منها, وإذا كانت محاولات إبليس قد آتت أكلها مع أوليائه فحولهم فعلا الى الضلالة , فقد فشلت محاولة فرعون مع بني إسرائيل إذ أهلكه الله كما فشلت أيضا محاولات المشركين مع النبي صلى الله عليه وسلم اذ ظل معهم صابرا ثابتا طوال ثلاث عشر سنة حتى أذن الله له بالهجرة .
وقد أفاد لفظ يكاد " التي تعنى المقاربة عند اللغويين أفاد أن محاولات الاستفزاز والإزعاج والاستخفاف كانت كثيفة وكبيرة وقد اقتربت من تحقيق هدفها لولا ان ثبت الله نبيه صلي الله عليه وسلم فالآية قدر وردت في معرض المن على النبي إذ ثبته الله ولم يستسلم لإزعاجهم واستفزازهم .
وما كان للنبي صلي الله عليه وسلم ان يترك بلده ويستسلم لهذا الاستفزاز والإزعاج وقد حذره القران ان يكون مثل صاحب الحوت الذي ترك قومه مغاضبا " فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادي وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)القلم. إن محاولات أهل الباطل في إزعاج المؤمنين واستفزازهم والاستخفاف بهم لإخراجهم من بين أظهرهم مستمرة وضخمة إلا أنه ينبغي ألا يستسلم لها أهل الحق او تؤثر في عزيمتهم .
يقول ابن القيم في مدارج السالكين" فمن وفَّى الصبر حقه، وتيقن أن وعد الله حق، لم يستفزه المبطلون، ولم يستخفه الذين لا يوقنون، ومتى ضعف صبره ويقينه أو كلاهما استفزه هؤلاء واستخفه هؤلاء، فجذبوه إليهم، بحسب ضعف قوة صبره ويقينه، فكلما ضعف ذلك منه، قوي جذبهم له، وكلما قوي صبره ويقينه، قوي انجذابه منهم، وجذبه لهم "
محاولة المشركين وعزمهم على إخراج النبي صلى الله عليه وسلم من بلده وردت في أكثر من موضع في القران " وإذ يمكر بك الذين كفرو وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) الأنفال . وقوله تعالى "أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) التوبة , وغيرها من الآيات .
وموضع الإسراء هو الموضع الوحيد الذي ورد فيه لفظ "يستفزونك" مع لفظ "يخرجوك" وبعض المفسرين فسر معنى يستفزونك على معني يخرجونك لكننا نريد أن نتأمل الآية في ضوء ما أضافته العبارة " يستفزونك " قبل"يخرجوك " .
أصل الفعل "يستفزونك " من فز والفَزّة هي الوثبة بانزعاج و في معجم المعاني فَزَّهُ عَن مَكَانِهِ : أَزَالَهُ عَنْهُ و فَزَّ الوَلَدَ : أَفْزَعَهُ و أَزْعَجَهُ ,وإضافة السين والتاء تعني الطلب ,ويستفز أي يطلب إزعاجه لإزاحته عن مكانه , فهذه الآية أضافت معنى الاستفزاز ,أي الإزعاج والاستخفاف حتى يضطر النبي للخروج من بينهم وأفادت السين والتاء عن الطلب أي محاولات مستمرة لإزعاج النبي حتى يخرج من أرضهم .
وهذا اللفظ لم يرد في القران إلا في ثلاث مواضع كلها في هذه السورة الكريمة سورة الإسراء لنتأمل هذه المواضع ولنتأمل في الآية .
الموضع الأول ورد أثناء الحديث عن محاولة إبليس في إضلال البشر يقول تعالى " وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) الإسراء .
الموضع الثاني ورد في أثناء الحديث عن فرعون ومحاولته إخراج بني إسرائيل " فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103)الإسراء.
ولنتأمل في المواضع الثلاثة فالاستفزاز يسبق الخروج من مكان إلى آخر فإبليس يريد أن ينقلهم من الهداية إلى الضلالة فيستفزهم حتى ينتقلوا اليها وفرعون يريد ان يخرجهم من ارضهم فيستفزهم حتى يخرجوا منها ,وكذلك كفار قريش أرادوا ان يخرجوا الرسول من بلده فاستفزوه ليخرجوه منها, وإذا كانت محاولات إبليس قد آتت أكلها مع أوليائه فحولهم فعلا الى الضلالة , فقد فشلت محاولة فرعون مع بني إسرائيل إذ أهلكه الله كما فشلت أيضا محاولات المشركين مع النبي صلى الله عليه وسلم اذ ظل معهم صابرا ثابتا طوال ثلاث عشر سنة حتى أذن الله له بالهجرة .
وقد أفاد لفظ يكاد " التي تعنى المقاربة عند اللغويين أفاد أن محاولات الاستفزاز والإزعاج والاستخفاف كانت كثيفة وكبيرة وقد اقتربت من تحقيق هدفها لولا ان ثبت الله نبيه صلي الله عليه وسلم فالآية قدر وردت في معرض المن على النبي إذ ثبته الله ولم يستسلم لإزعاجهم واستفزازهم .
وما كان للنبي صلي الله عليه وسلم ان يترك بلده ويستسلم لهذا الاستفزاز والإزعاج وقد حذره القران ان يكون مثل صاحب الحوت الذي ترك قومه مغاضبا " فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادي وَهُوَ مَكْظُومٌ (48)القلم. إن محاولات أهل الباطل في إزعاج المؤمنين واستفزازهم والاستخفاف بهم لإخراجهم من بين أظهرهم مستمرة وضخمة إلا أنه ينبغي ألا يستسلم لها أهل الحق او تؤثر في عزيمتهم .
يقول ابن القيم في مدارج السالكين" فمن وفَّى الصبر حقه، وتيقن أن وعد الله حق، لم يستفزه المبطلون، ولم يستخفه الذين لا يوقنون، ومتى ضعف صبره ويقينه أو كلاهما استفزه هؤلاء واستخفه هؤلاء، فجذبوه إليهم، بحسب ضعف قوة صبره ويقينه، فكلما ضعف ذلك منه، قوي جذبهم له، وكلما قوي صبره ويقينه، قوي انجذابه منهم، وجذبه لهم "