ابو العزايم عبد الحميد
New member
قال تعالي " وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآَمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (148) الصافات
توالت سير الأنبياء في القران مواكبا من النور تترى عبرة لأولي الألباب وتثبيتا لقلب النبي صلي الله عليه وسلم " وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120)هود , لكن تظل سيرة نبي الله يونس عليه السلام في القران نافذة قرآنية تطل منها النفوس علي آفاق واسعة من الأمل , فتبدد ظلمات اليأس والقنوط الذي تسلل إليها بسبب إعراض المعرضين وتكذيب المكذبين واستهزاء المستهزئين , إن يونس عليه السلام اسم ومعني فلأسماء الأنبياء في القران معاني ترسم ملامح رسالتهم فهو يونس وتذكره في النفوس يؤنس لقد كان هذا النبي الكريم هو أول نبي ذكر في القران وطرقت سيرته سمع النبي محمد صلي الله عليه وسلم قبل أي نبي من الأنبياء فقد حكيت لسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم طرف من قصته في سورة القلم وهي ثاني سورة في القران في ترتيب النزول " "فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) القلم , وفي أوقات الضيق والمحن الشديدة التي مرت بالنبي صلي الله عليه وسلم كيوم الطائف وهو اشد يوم مر عليه بل كان اشد عليه من يوم احد كما في حديث عائشة عندما الجيء من التعب الشديد إلي حائط عتبة وشيبة ابني ربيعة فإذ بغلام اسمه عداس يأتي إليه ومعه عنقود من العنب يقدمه للنبي فسمع عداس النبي يقول بسم الله الرحمن الرحيم قال والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد فقال النبي ومن أي البلاد أنت يا عداس؟ وما دينك؟» قال «نصراني، من أهل نينوى فقال من قرية الرجل الصالح يونس بن متى؟, فقال له عداس ,وما يدريك ما يونس بن متى؟, فقال ,ذاك أخي كان نبيًا وأنا نبي نعم.. -كان نبيا وأنا نبي- وهنا وصلت الذكري كان مطلوبا ان يتذكر يونس في هذه اللحظة فقال النبي صلي الله عليه وسلم في دعئه لربه "ان لم يكن بك علي غضب فلا أبالي"
ارسل يونس عليه السلام الي قومه فكذبوه , فحق عليهم العذاب ,وعندما راي بشائر العذاب بدا له أن يترك القوم.. لكن دون إذن من الله "فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ".. " إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}.. تعريض به ، فالخروج بدون إذن ممن أرسله هو خروج عبد آبق.. فالعبد إذا أراد أن يخرج من بيت سيده ، فلا بد وأن يكون بإذنه وإلا يكون آبقا ويونس عليه السلام "أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ"؛ تأمل الفلك المشحون لقد كان الفلك المشحون اداة لنجاة نوح عليه السلام "فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (119) الشعراء , حيث كان ركوب نوح فيه بأمر الله وبإذنه لكن في حالة يونس فهو آبق لانه خرج بدون اذن سيده فسيكون الفلك المشحون أداة للهلاك وليس النجاة " فمع انه مشحون لكنه لم يتحمل بوجود يونس عليه السلام " فساهم فكان من المدحضين فالتقمه الحوت وهو مليم وفجأة يجد يونس عليه السلام نفسه في ظلام بطن الحوت وظلام البحر وظلام الليل "فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ " فاستجاب الله له فتبدد كل ظلام ظلام الحوت وظلام الليل بل وظلام الإعراض والتكذيب فينجيه الله من بطن الحوت ويعود الي قريته فيجدهم قد امنوا كلهم , انه الذكر اليونسي ليس خاصا بيونس بل يشمل كل المؤمنين " فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) الانبياء,انه اللجوء إلي الله عندما تنقطع الأسباب يقول الرسول صلي الله عليه وسلم " دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له. رواه الحاكم وصححه,
يقول الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي "إن مناجاة سيدنا (يونس بن متى)- على نبينا وعليه الصلاة والسلام - هي من أعظم أنواع المناجاة، وأروعها، ومن أبلغ الوسائل لاستجابة الدعاء وقبوله.. وسر هذه المناجاة العظيم هو: إن الأسباب المادية قد هوت كلياً في ذلك الوضع المرعب، وسقطت نهائياً، فلم تحرك ساكناً، ولم تترك أثراً، وذلك لأن الذي يستطيع أن ينقذه من تلك الحالة، ليس إلاّ ذلك الذي تنفذ قدرتُه في الحوت، وتهيمن على البحر، وتستولي على الليل وجو السماء؛ حيث أن كلا من الليل الحالك، والبحر الهائج، والحوت الهائل، قد اتفق على الانقضاض عليه، فلا ينجيه سبب، ولا يخلصه أحد، ولا يوصِله إلى ساحل السلامة بأمان، إلاّ من بيده مقاليد الليل، وزمام البحر والحوت معاً، ومَن يسخّر كل شيء تحت أمره.. حتى لو كان الخلق أجمعين تحت خدمته ،ورهن إشارته، في ذلك الموقف الرهيب، ما كانوا ينفعونه بشيء!.
قد يسود الظلم والظلام كل مكان وقد يغطي اليأس الأسود أفضل القلوب وأطهرها وقد يبدو المستقبل مظلماً مخيفاً، مرعبا ,أحلك ظلاماً واشد عتمة من بطن الحوت , فما علينا اذاً إلاّ الاقتداء بسيدنا يونس عليه السلام والسير على هديه، معرضين عن الأسباب جميعاً، مقبلين كلياً علي رب الأسباب مسبحين ومستغفرين فستتبدد تلك الظلمات كلها وستظللنا أشجار اليقطين وستضيء كل المشاعل التي انطفأت وسيتضاعف أعداد المؤمنين من جديد تلك هي حكاية يونس عليه السلام في القران رحمة وذكري للدعاة والمصلحين عبر الزمان
#ترويحات_قرانية
توالت سير الأنبياء في القران مواكبا من النور تترى عبرة لأولي الألباب وتثبيتا لقلب النبي صلي الله عليه وسلم " وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120)هود , لكن تظل سيرة نبي الله يونس عليه السلام في القران نافذة قرآنية تطل منها النفوس علي آفاق واسعة من الأمل , فتبدد ظلمات اليأس والقنوط الذي تسلل إليها بسبب إعراض المعرضين وتكذيب المكذبين واستهزاء المستهزئين , إن يونس عليه السلام اسم ومعني فلأسماء الأنبياء في القران معاني ترسم ملامح رسالتهم فهو يونس وتذكره في النفوس يؤنس لقد كان هذا النبي الكريم هو أول نبي ذكر في القران وطرقت سيرته سمع النبي محمد صلي الله عليه وسلم قبل أي نبي من الأنبياء فقد حكيت لسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم طرف من قصته في سورة القلم وهي ثاني سورة في القران في ترتيب النزول " "فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) القلم , وفي أوقات الضيق والمحن الشديدة التي مرت بالنبي صلي الله عليه وسلم كيوم الطائف وهو اشد يوم مر عليه بل كان اشد عليه من يوم احد كما في حديث عائشة عندما الجيء من التعب الشديد إلي حائط عتبة وشيبة ابني ربيعة فإذ بغلام اسمه عداس يأتي إليه ومعه عنقود من العنب يقدمه للنبي فسمع عداس النبي يقول بسم الله الرحمن الرحيم قال والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد فقال النبي ومن أي البلاد أنت يا عداس؟ وما دينك؟» قال «نصراني، من أهل نينوى فقال من قرية الرجل الصالح يونس بن متى؟, فقال له عداس ,وما يدريك ما يونس بن متى؟, فقال ,ذاك أخي كان نبيًا وأنا نبي نعم.. -كان نبيا وأنا نبي- وهنا وصلت الذكري كان مطلوبا ان يتذكر يونس في هذه اللحظة فقال النبي صلي الله عليه وسلم في دعئه لربه "ان لم يكن بك علي غضب فلا أبالي"
ارسل يونس عليه السلام الي قومه فكذبوه , فحق عليهم العذاب ,وعندما راي بشائر العذاب بدا له أن يترك القوم.. لكن دون إذن من الله "فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ".. " إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}.. تعريض به ، فالخروج بدون إذن ممن أرسله هو خروج عبد آبق.. فالعبد إذا أراد أن يخرج من بيت سيده ، فلا بد وأن يكون بإذنه وإلا يكون آبقا ويونس عليه السلام "أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ"؛ تأمل الفلك المشحون لقد كان الفلك المشحون اداة لنجاة نوح عليه السلام "فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (119) الشعراء , حيث كان ركوب نوح فيه بأمر الله وبإذنه لكن في حالة يونس فهو آبق لانه خرج بدون اذن سيده فسيكون الفلك المشحون أداة للهلاك وليس النجاة " فمع انه مشحون لكنه لم يتحمل بوجود يونس عليه السلام " فساهم فكان من المدحضين فالتقمه الحوت وهو مليم وفجأة يجد يونس عليه السلام نفسه في ظلام بطن الحوت وظلام البحر وظلام الليل "فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ " فاستجاب الله له فتبدد كل ظلام ظلام الحوت وظلام الليل بل وظلام الإعراض والتكذيب فينجيه الله من بطن الحوت ويعود الي قريته فيجدهم قد امنوا كلهم , انه الذكر اليونسي ليس خاصا بيونس بل يشمل كل المؤمنين " فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) الانبياء,انه اللجوء إلي الله عندما تنقطع الأسباب يقول الرسول صلي الله عليه وسلم " دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له. رواه الحاكم وصححه,
يقول الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي "إن مناجاة سيدنا (يونس بن متى)- على نبينا وعليه الصلاة والسلام - هي من أعظم أنواع المناجاة، وأروعها، ومن أبلغ الوسائل لاستجابة الدعاء وقبوله.. وسر هذه المناجاة العظيم هو: إن الأسباب المادية قد هوت كلياً في ذلك الوضع المرعب، وسقطت نهائياً، فلم تحرك ساكناً، ولم تترك أثراً، وذلك لأن الذي يستطيع أن ينقذه من تلك الحالة، ليس إلاّ ذلك الذي تنفذ قدرتُه في الحوت، وتهيمن على البحر، وتستولي على الليل وجو السماء؛ حيث أن كلا من الليل الحالك، والبحر الهائج، والحوت الهائل، قد اتفق على الانقضاض عليه، فلا ينجيه سبب، ولا يخلصه أحد، ولا يوصِله إلى ساحل السلامة بأمان، إلاّ من بيده مقاليد الليل، وزمام البحر والحوت معاً، ومَن يسخّر كل شيء تحت أمره.. حتى لو كان الخلق أجمعين تحت خدمته ،ورهن إشارته، في ذلك الموقف الرهيب، ما كانوا ينفعونه بشيء!.
قد يسود الظلم والظلام كل مكان وقد يغطي اليأس الأسود أفضل القلوب وأطهرها وقد يبدو المستقبل مظلماً مخيفاً، مرعبا ,أحلك ظلاماً واشد عتمة من بطن الحوت , فما علينا اذاً إلاّ الاقتداء بسيدنا يونس عليه السلام والسير على هديه، معرضين عن الأسباب جميعاً، مقبلين كلياً علي رب الأسباب مسبحين ومستغفرين فستتبدد تلك الظلمات كلها وستظللنا أشجار اليقطين وستضيء كل المشاعل التي انطفأت وسيتضاعف أعداد المؤمنين من جديد تلك هي حكاية يونس عليه السلام في القران رحمة وذكري للدعاة والمصلحين عبر الزمان
#ترويحات_قرانية