ابو العزايم عبد الحميد
New member
يقول تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) المائدة
هذه الآية وآية سورة البقرة " وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) تتحدثان عن موضوع واحد هو الردة عن الدين وهما تقرران سنن اجتماعية هامة في حياة الأفراد والأمم بشان قضية الردة وقبل ان نتناول هذه السنن يحسن بنا التامل في الفرق بين الآيتين.
ونلاحظ أولا :- أن آية البقرة جاء التعبير القرآني في المصاحف العامة بدالين " من يرتدد " بفك الإدغام وآية المائدة بدال واحدة " من يرتد" بالإدغام وقرئت آية المائدة في القراءات المتواترة بدالين " من يرتدد " بفك الإدغام كآية البقرة وهي قراءة نافع وابن عامر وأبو جعفر لكن آية البقرة ليس فيها إلا قراءة واحدة صحيحة وهي بفك الإدغام فما الحكمة ؟
كما نلاحظه أن آية البقرة تتحدث عن الردة على مستوى الفرد وهذا واضح من قوله تعالى " فيمت وهو كافر " فهذا حديث عن فرد أما آية المائدة فتتحدث عن الردة على مستوى الجماعة و الأمة وهذا واضح في قوله تعالى " فسوف ياتي الله بقوم ".
و الآية الأولى تتحدث عن آثار الردة بحق الفرد وهو حبوط العمل في الدنيا والآخرة " فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ " أما آية المائدة فتتحدث عن اثر الردة بحق الأمة وهو استبدالها بغيرها فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ "
إما حبوط العمل بالنسبة للفرد فيقول الفقهاء : إن المرتد تبطل أعماله حتى كأنه لم يعمل خيرا قط ، وحتى إنه يجب عليه إعادة نحو الحج إذا رجع إلى الإسلام ، وتطلق منه امرأته طلاقا بائنا فلا تعود إليه إذا هو عاد إلى الإسلام إلا بعقد جديد .وهذا قول مالك وابو حنيفة ويقول غيرهم : إن حبوط العمل مشروط بالموت على الكفر; فإذا ارتد المسلم مدة ثم عاد لا تجب عليه إعادة نحو الحج ، وأما امرأته فإنها تكون موقوفة إلى انتهاء العدة ، فإن عاد إلى الإسلام قبل انقضاء عدتها كانت على عصمته ، وإن عاد بعد انقضاء العدة فإنها لا ترجع إليه بعقد جديد ، وللردة أحكام أخرى عند الفقهاء تطلب من كتبهم .
وما يهمنا هنا هو بيان الأثر المترتب على الرد والانتكاسة عن طريق الحق بعد تبينه والتي تحدث لبعض الأفراد فينقلبوا على أعقابهم بعد ما تبين لهم الهدي فالآية تقرر تجريدهم من جميع الأعمال التي عملوها في وقت الهداية وانتهاء آثارها في الدنيا فما حصلوه بسبب هذه الأعمال من سمو للنفس وزكاة في الخلق ورفعة بين الخلق كل ذلك ينتهي ويتلاشى بعد الردة ويعود وكأنه لم يعمل عملا صالحا قط وهذا معنى حبطت أعمالهم أي زالت اثأر أعمالهم في الدنيا والآخرة وهذه سنة اجتماعية واضحة للعيان فالأشخاص الذي يتساقطون على طريق الحق من بعد ما تبين لهم الهدى يفقدون كل المزايا والفضائل التي حصلوها قبل ذلك .
اما اثر الردة في حياة الأمم والتي وضحتها اية المائدة فهي استبدال الأمة بغيرها تقوم بما فشلت فيه الأمة المنتكسة "فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ" ونلاحظ هنا ملاحظتين الاولى :- ان الأمة المستبدلة ذات مواصفات خاصة "أذلة على المؤمنين" أعزة على الكافرين " "يجاهدون في سبيل " "ولا يخافون لومة لائم " ونفهم من هذه الصفات أنها هي المؤهلات لاستمرار الأمة في اداء دورها وان فقدانها هو السبب في زوال الأمة وانتهاء أثرها واستبدالها بغيرها أما الملاحظة الثانية فهي استعمال كلمة سوف " فسوف يأتي الله بقوم " وسوف في اللغة تدل على المستقبل البعيد إذ يعبر عن المستقبل القريب بالسين ويعبر عن البعيد بسوف فقال الله تعالى "فسوف يأتي الله "ولم يقل فسيأتي الله وهذا يعني أن عملية الاستبدال للأمة وإيجاد امة أخرى بأوصافها المذكورة يستغرق وقتا طويلا إذ هو ميلاد امة تتكون ليس أمرا فوريا وإنما يستغرق وقتا وهذه سنة الله في تغيير الأمم وهذا بخلاف الأثر المترب على انتكاسة الفرد إذ عبر عنه بالفاء في قوله " فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ" والفاء تعني التعقيب والترتيب أي أن زوال آثار الأعمال الصالحة يتم عقب انتكاسة الشخص عن طريق الحق اللهم ثبتنا على طريق الحق واستعملنا ولا تستبدلنا
هذه الآية وآية سورة البقرة " وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) تتحدثان عن موضوع واحد هو الردة عن الدين وهما تقرران سنن اجتماعية هامة في حياة الأفراد والأمم بشان قضية الردة وقبل ان نتناول هذه السنن يحسن بنا التامل في الفرق بين الآيتين.
ونلاحظ أولا :- أن آية البقرة جاء التعبير القرآني في المصاحف العامة بدالين " من يرتدد " بفك الإدغام وآية المائدة بدال واحدة " من يرتد" بالإدغام وقرئت آية المائدة في القراءات المتواترة بدالين " من يرتدد " بفك الإدغام كآية البقرة وهي قراءة نافع وابن عامر وأبو جعفر لكن آية البقرة ليس فيها إلا قراءة واحدة صحيحة وهي بفك الإدغام فما الحكمة ؟
كما نلاحظه أن آية البقرة تتحدث عن الردة على مستوى الفرد وهذا واضح من قوله تعالى " فيمت وهو كافر " فهذا حديث عن فرد أما آية المائدة فتتحدث عن الردة على مستوى الجماعة و الأمة وهذا واضح في قوله تعالى " فسوف ياتي الله بقوم ".
و الآية الأولى تتحدث عن آثار الردة بحق الفرد وهو حبوط العمل في الدنيا والآخرة " فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ " أما آية المائدة فتتحدث عن اثر الردة بحق الأمة وهو استبدالها بغيرها فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ "
إما حبوط العمل بالنسبة للفرد فيقول الفقهاء : إن المرتد تبطل أعماله حتى كأنه لم يعمل خيرا قط ، وحتى إنه يجب عليه إعادة نحو الحج إذا رجع إلى الإسلام ، وتطلق منه امرأته طلاقا بائنا فلا تعود إليه إذا هو عاد إلى الإسلام إلا بعقد جديد .وهذا قول مالك وابو حنيفة ويقول غيرهم : إن حبوط العمل مشروط بالموت على الكفر; فإذا ارتد المسلم مدة ثم عاد لا تجب عليه إعادة نحو الحج ، وأما امرأته فإنها تكون موقوفة إلى انتهاء العدة ، فإن عاد إلى الإسلام قبل انقضاء عدتها كانت على عصمته ، وإن عاد بعد انقضاء العدة فإنها لا ترجع إليه بعقد جديد ، وللردة أحكام أخرى عند الفقهاء تطلب من كتبهم .
وما يهمنا هنا هو بيان الأثر المترتب على الرد والانتكاسة عن طريق الحق بعد تبينه والتي تحدث لبعض الأفراد فينقلبوا على أعقابهم بعد ما تبين لهم الهدي فالآية تقرر تجريدهم من جميع الأعمال التي عملوها في وقت الهداية وانتهاء آثارها في الدنيا فما حصلوه بسبب هذه الأعمال من سمو للنفس وزكاة في الخلق ورفعة بين الخلق كل ذلك ينتهي ويتلاشى بعد الردة ويعود وكأنه لم يعمل عملا صالحا قط وهذا معنى حبطت أعمالهم أي زالت اثأر أعمالهم في الدنيا والآخرة وهذه سنة اجتماعية واضحة للعيان فالأشخاص الذي يتساقطون على طريق الحق من بعد ما تبين لهم الهدى يفقدون كل المزايا والفضائل التي حصلوها قبل ذلك .
اما اثر الردة في حياة الأمم والتي وضحتها اية المائدة فهي استبدال الأمة بغيرها تقوم بما فشلت فيه الأمة المنتكسة "فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ" ونلاحظ هنا ملاحظتين الاولى :- ان الأمة المستبدلة ذات مواصفات خاصة "أذلة على المؤمنين" أعزة على الكافرين " "يجاهدون في سبيل " "ولا يخافون لومة لائم " ونفهم من هذه الصفات أنها هي المؤهلات لاستمرار الأمة في اداء دورها وان فقدانها هو السبب في زوال الأمة وانتهاء أثرها واستبدالها بغيرها أما الملاحظة الثانية فهي استعمال كلمة سوف " فسوف يأتي الله بقوم " وسوف في اللغة تدل على المستقبل البعيد إذ يعبر عن المستقبل القريب بالسين ويعبر عن البعيد بسوف فقال الله تعالى "فسوف يأتي الله "ولم يقل فسيأتي الله وهذا يعني أن عملية الاستبدال للأمة وإيجاد امة أخرى بأوصافها المذكورة يستغرق وقتا طويلا إذ هو ميلاد امة تتكون ليس أمرا فوريا وإنما يستغرق وقتا وهذه سنة الله في تغيير الأمم وهذا بخلاف الأثر المترب على انتكاسة الفرد إذ عبر عنه بالفاء في قوله " فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ" والفاء تعني التعقيب والترتيب أي أن زوال آثار الأعمال الصالحة يتم عقب انتكاسة الشخص عن طريق الحق اللهم ثبتنا على طريق الحق واستعملنا ولا تستبدلنا