ابو العزايم عبد الحميد
New member
يقول تعالى "مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117) آل عمران
هذا هو الموضع الوحيد في القران الذي جاء التعبير القراني في قوله تعالى ولكن أنفسهم يظلمون بدون "كانوا " وهناك سبعة مواضع أخرى في القران جاء التعبير القرآني " ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" بإثبات "كانوا " موضع في البقرة في الآية 157 وموضع في الأعراف في الآية 160 وموضع في التوبة في الآية 70 وموضعين في النحل في الآية 33والاية 118 وموضع في الروم في الآية 40 وموضع في العنكبوت في الآية 9 فهذه المواضع السبعة كلها جاء التعبير القرآني "ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" أما موضع آل عمران في الآية التي بين أيدينا فجاء بدون لفظ "كانوا" والتأمل والوقوف عند هذه المفارقة يفتح لنا أبعادا مهمة في فهم الآية الكريمة والمتأمل في المواضع الذي جاءت بإثبات لفظ " كانوا " يجد الحديث فيها عن قوم رحلوا في الزمان الغابر فالحديث فيها عن الماضي او عن يوم القيامة تأمل قوله تعالى مثلا" هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (33) النحل ,وقوله تعالى " فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) العنكبوت , وهكذا تأمل المواضع السبعة التي ذكرناها أما موضع آل عمران فتتحدث عن حالة واقعة حاضرة ومستمرة وهو ما يجعلنا نميل إلى الرأي القائل بأن الآية نزلت لتبين أحوال الكفار هم يناصبون النبي العداء وفيما كان ينفقه أهل مكة كلهم أو بعضهم أو اليهود في عداوة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومقاومته ، إذ كانوا هم الذين اختاروا ذلك لأنفسهم وان الله سيحبط كيدهم فلن يضروه - صلى الله عليه وسلم - ومن معه به ، بل كانوا سبب سيادته عليهم وتمكنه منهم ، وفي تفسير البغوى: أراد نفقات أبي سفيان وأصحابه ببدر وأحد على عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال مقاتل : نفقة اليهود على علمائهم ، قال مجاهد : يعني جميع نفقات الكفار في الدنيا وصدقاتهم.
وإذا رجعنا إلى أفعال الكفار الحاضرة ,وقت النبي بما إنفاقهم الأموال ,نجد ان القران يتناولها ببيان عدم جدوى هذه التحركات ضد النبي صلى الله عليه وسلم ,فهم ينفقون الأموال ليصدوا عن سبيل الله , إلا أنها ستكون عليهم حسرة ثم يغلبون "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) الانفال ,وهم يستقوون بأموالهم وأولادهم على المؤمنين ويقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا " الا أن خزائن الله في يده سبحانه وليست في أيديهم " هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) بل بين القران أن الأموال التي يستقوون بها لن تنفعهم شيئا " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116) آل عمران ثم جاءت هذه الآية لكي تقرر قاعدة ان حركة الكفار المستمرة ضد المؤمنين تدور بالوبال والخسران عليهم وتنقلب عليهم في الدنيا وان النار التي يوقدونها للمؤمنين لن تحرق إلا أنفسهم "وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون "بما يعني ان سيستمرون في هذا الفعل والله سيستمر في إرجاع كيدهم إلى نحورهم فهم في إنفاقهم للصد عن سبيل ستكون هذه الأموال بمثابة ريح فيها صر وقد فسر الصر بالبرد الشديد أو الحر الشديد هذه الريح ستأتي على جميع انجازاتهم وحرثهم في البغي والصد عن سبيل الله فتحرقها جميعا ومن ثم فالمعنى في الآية أن القوم الذين ظلموا أنفسهم هو المنفقين من الكفار وليسوا هم أصحاب الحرث يقول وان الذي احرق هو حرث هؤلاء الكفار وما قدمته أيديهم من مكائد ومؤامرات يقول صاحب تفسير المنار "والظاهر المختار أن الضمير في قوله : وما ظلمهم الله للمنفقين الذين ضرب المثل لبيان حالهم ، فهم المقصودون بالذات . والمعنى ما ظلمهم الله بأن لم ينفعهم بنفقاتهم بل هم الذين ظلموا أنفسهم وحدها دون غيرها بإنفاق تلك الأموال في الطرق التي تؤدي إلى الخيبة والخسران بحسب سنة الله في أعمال الإنسان .
ومثله قوله تعالى " مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18) إبراهيم.
هذا هو الموضع الوحيد في القران الذي جاء التعبير القراني في قوله تعالى ولكن أنفسهم يظلمون بدون "كانوا " وهناك سبعة مواضع أخرى في القران جاء التعبير القرآني " ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" بإثبات "كانوا " موضع في البقرة في الآية 157 وموضع في الأعراف في الآية 160 وموضع في التوبة في الآية 70 وموضعين في النحل في الآية 33والاية 118 وموضع في الروم في الآية 40 وموضع في العنكبوت في الآية 9 فهذه المواضع السبعة كلها جاء التعبير القرآني "ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" أما موضع آل عمران في الآية التي بين أيدينا فجاء بدون لفظ "كانوا" والتأمل والوقوف عند هذه المفارقة يفتح لنا أبعادا مهمة في فهم الآية الكريمة والمتأمل في المواضع الذي جاءت بإثبات لفظ " كانوا " يجد الحديث فيها عن قوم رحلوا في الزمان الغابر فالحديث فيها عن الماضي او عن يوم القيامة تأمل قوله تعالى مثلا" هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (33) النحل ,وقوله تعالى " فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40) العنكبوت , وهكذا تأمل المواضع السبعة التي ذكرناها أما موضع آل عمران فتتحدث عن حالة واقعة حاضرة ومستمرة وهو ما يجعلنا نميل إلى الرأي القائل بأن الآية نزلت لتبين أحوال الكفار هم يناصبون النبي العداء وفيما كان ينفقه أهل مكة كلهم أو بعضهم أو اليهود في عداوة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومقاومته ، إذ كانوا هم الذين اختاروا ذلك لأنفسهم وان الله سيحبط كيدهم فلن يضروه - صلى الله عليه وسلم - ومن معه به ، بل كانوا سبب سيادته عليهم وتمكنه منهم ، وفي تفسير البغوى: أراد نفقات أبي سفيان وأصحابه ببدر وأحد على عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال مقاتل : نفقة اليهود على علمائهم ، قال مجاهد : يعني جميع نفقات الكفار في الدنيا وصدقاتهم.
وإذا رجعنا إلى أفعال الكفار الحاضرة ,وقت النبي بما إنفاقهم الأموال ,نجد ان القران يتناولها ببيان عدم جدوى هذه التحركات ضد النبي صلى الله عليه وسلم ,فهم ينفقون الأموال ليصدوا عن سبيل الله , إلا أنها ستكون عليهم حسرة ثم يغلبون "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) الانفال ,وهم يستقوون بأموالهم وأولادهم على المؤمنين ويقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا " الا أن خزائن الله في يده سبحانه وليست في أيديهم " هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) بل بين القران أن الأموال التي يستقوون بها لن تنفعهم شيئا " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116) آل عمران ثم جاءت هذه الآية لكي تقرر قاعدة ان حركة الكفار المستمرة ضد المؤمنين تدور بالوبال والخسران عليهم وتنقلب عليهم في الدنيا وان النار التي يوقدونها للمؤمنين لن تحرق إلا أنفسهم "وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون "بما يعني ان سيستمرون في هذا الفعل والله سيستمر في إرجاع كيدهم إلى نحورهم فهم في إنفاقهم للصد عن سبيل ستكون هذه الأموال بمثابة ريح فيها صر وقد فسر الصر بالبرد الشديد أو الحر الشديد هذه الريح ستأتي على جميع انجازاتهم وحرثهم في البغي والصد عن سبيل الله فتحرقها جميعا ومن ثم فالمعنى في الآية أن القوم الذين ظلموا أنفسهم هو المنفقين من الكفار وليسوا هم أصحاب الحرث يقول وان الذي احرق هو حرث هؤلاء الكفار وما قدمته أيديهم من مكائد ومؤامرات يقول صاحب تفسير المنار "والظاهر المختار أن الضمير في قوله : وما ظلمهم الله للمنفقين الذين ضرب المثل لبيان حالهم ، فهم المقصودون بالذات . والمعنى ما ظلمهم الله بأن لم ينفعهم بنفقاتهم بل هم الذين ظلموا أنفسهم وحدها دون غيرها بإنفاق تلك الأموال في الطرق التي تؤدي إلى الخيبة والخسران بحسب سنة الله في أعمال الإنسان .
ومثله قوله تعالى " مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18) إبراهيم.