ابو العزايم عبد الحميد
New member
يقول تعالى "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (243)البقرة
ذكر أكثر المفسرين أن هذه قصة واقعية حدثت في التاريخ الغابر ثم اختلفوا بعد ذلك عن ماهية هؤلاء القوم وفي أي زمن كانوا وفي أي مكان وجدوا وما سبب خروجهم وذكروا في ذلك روايات عديدة لم يصح منها شيء وذهب آخرون إلى أن هذه الآية جرت مجرى المثل وقد أورد ابن كثير في تفسيره أن هذا مثل لا قصة واقعة ورواه عن ابن جريج عن عطاء ، ورجح الإمام محمد عبده هذا التوجه في تفسير الآية كما ورد في تفسير المنار.
والآية لا تدل من قريب او بعيد عن أي ملامح لهؤلاء القوم او عن زمانهم آو مكانهم مثل ما ورد في الآيات التي بعدها في قوله تعالى " أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ .........(246)البقرة . إذ حددت من قالوا ذلك وأنهم ملأ من بني إسرائيل من بعد موسى وقالوا ذلك لنبي لهم أما القوم الذين خرجوا من ديارهم فليس في الآية ثمة إشارات عنهم مما يرجح أن الآية جرت مجرى المثل فعلا وأيا كان الرأي فلسنا في مجال الترجيح بين هذه الاتجاهات في تفسير الآية لكن المؤكد أن الذهاب وراء الروايات التي وردت في الآية على ضعفها أذهبت الكثير من دلائل وعبر الآية لو ظلت على إطلاقها وما تظهره بشان حركة العمران البشري من نواميس ثابتة وسنن لا تتبدل ولذلك فنحن نريد عندما نقف عند هذه الآية نقف عند تراكيبها اللغوية وسياقها من النص القرآني وفرائدها اللغوية التي تميزت بها بفهم مجرد من الروايات المتهافتة التي صاحبتها عند بعض المفسرين .
فالآية تحكي حالة قوم كان عددهم" ألوف " فألوف جمع كثرة من الألف أكثر من الآلاف وجاءت نكرة لتدل على زيادة العدد اكثر وأكثر فهم مئات الآلاف أو ملايين ورغم هذه الأعداد الهائلة فقد خرجوا من ديارهم بنفسية خائرة مهزومة يسيطر عليها هاجس الخوف من الموت وعبرت الآية عن ذلك باللفظ "حذر الموت" وهذه العبارة لم تأت في القران إلا مرتين في هذا الموضوع والموضع الأخر في اول السورة وفي الموضعين مقاربات مهمة فالموضع الأول أورد هذه العبارة كصفة للمنافقين في قوله تعالى " يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت " فهؤلاء المنافقون يجعلون أصابعهم في آذانهم حتى لا يسمعوا الصواعق خوفا من الموت وكأنهم يريدون ان يهربوا من خطر الصواعق بغلق آذانهم حتى لا يسمعوا لها صوتا و بهذا يكونون بمنجى عن الموت " فهذا هروب وهمي ونفسي من الموت وهذه الآية تحكي أيضا الهروب المكاني من الموت وهو أيضا هروب وهمي من الموت " فقد ظنوا أنهم عندما يتركون ديارهم لقمة سائغة للغاصبين ويهربون سينجون من الموت الذي سبب لهم هاجسا مؤرقا وذلك رغم وفرة عددهم الذين لو فكروا قليلا لكان يمكن أن يقاوموا الغاصب الذي هددهم بالموت وأفاد التعبير "حذر الموت" ان خطر الموت والقتل لم يكن ماثلاً أو واقعاً بهم ولا حتى متوقعاً بل هو الحذر والاحتياط من خطر قد يحل بهم ، أو لا يحل بهم فما بالهم يغلبّون الاحتمال الضعيف ويتجاهلون الاحتمال القوي وهو النصر ورد الغزاة خائبين إن هم فعلا واجهوهم ؟! ومعهم الكثرة الوفيرة .
كما جاء التعبير أيضا "خرجوا " ولم يقل "أُخرجوا او هاجروا فهم قد خرجوا بإرادتهم هربا من هواجس الموت التي في نفوسهم أملا في حياة الدعة والراحة بعيدا عن هم المقاومة وخطر الجهاد أما المهاجر فهو الذي أُخرج من داره لوجود خطر رفض أن يصفق له ويتماهى معه و ليس طلبا للدعة والراحة ولكن لينقل المعركة مع العدو من مكان آخر ليس للعدو عليه فيه سلطان ويستطيع استجماع القوة وإعداد العدة استعدادا للمواجهة بعد ذلك مع العدو ولذلك سمي هذا الخروج هجرة وهو نوع من الجهاد وليس هروبا بخلاف هؤلاء القوم .
والآية بعد ذلك تخبرنا أنهم بهذا الهروب لم يتحقق ما أملوه بل وجدوا ما خافوا وحذروا منه , فقال لهم الله موتوا " فاستحقوا الموت المعنوي والحقيقي في البلاد التي خرجوا إليها إليها عقوبة من الله على سوء فعلتهم غير أن الله قد أحياهم مرة أخرى بفضله العميم لكن حياة الإباء والعزة بعد أن خاضوا هذه التجربة القاسية .
إن كل أمة تتقاعس عن حمل أعباء الحياة الكريمة و وتخشى عواقب المخاطرة والجرأة، عليها أن تتجرع كاس الذلة والموت والهوان، وعلى الأمم النائمة المهزومة التي يؤرقها هاجس الموت أن تتحمل أوزار ما تُقاسي وتُعاني،". أما الأمة التي نزع من نفوس أبنائها الخوف من الموت الذين أحبوا الموت في سبيل دينهم مثل حب غيرهم للحياة فقد وهبت لهم الحياة الحقيقية هذه هي العبرة من الاية الكريمة.
ذكر أكثر المفسرين أن هذه قصة واقعية حدثت في التاريخ الغابر ثم اختلفوا بعد ذلك عن ماهية هؤلاء القوم وفي أي زمن كانوا وفي أي مكان وجدوا وما سبب خروجهم وذكروا في ذلك روايات عديدة لم يصح منها شيء وذهب آخرون إلى أن هذه الآية جرت مجرى المثل وقد أورد ابن كثير في تفسيره أن هذا مثل لا قصة واقعة ورواه عن ابن جريج عن عطاء ، ورجح الإمام محمد عبده هذا التوجه في تفسير الآية كما ورد في تفسير المنار.
والآية لا تدل من قريب او بعيد عن أي ملامح لهؤلاء القوم او عن زمانهم آو مكانهم مثل ما ورد في الآيات التي بعدها في قوله تعالى " أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ .........(246)البقرة . إذ حددت من قالوا ذلك وأنهم ملأ من بني إسرائيل من بعد موسى وقالوا ذلك لنبي لهم أما القوم الذين خرجوا من ديارهم فليس في الآية ثمة إشارات عنهم مما يرجح أن الآية جرت مجرى المثل فعلا وأيا كان الرأي فلسنا في مجال الترجيح بين هذه الاتجاهات في تفسير الآية لكن المؤكد أن الذهاب وراء الروايات التي وردت في الآية على ضعفها أذهبت الكثير من دلائل وعبر الآية لو ظلت على إطلاقها وما تظهره بشان حركة العمران البشري من نواميس ثابتة وسنن لا تتبدل ولذلك فنحن نريد عندما نقف عند هذه الآية نقف عند تراكيبها اللغوية وسياقها من النص القرآني وفرائدها اللغوية التي تميزت بها بفهم مجرد من الروايات المتهافتة التي صاحبتها عند بعض المفسرين .
فالآية تحكي حالة قوم كان عددهم" ألوف " فألوف جمع كثرة من الألف أكثر من الآلاف وجاءت نكرة لتدل على زيادة العدد اكثر وأكثر فهم مئات الآلاف أو ملايين ورغم هذه الأعداد الهائلة فقد خرجوا من ديارهم بنفسية خائرة مهزومة يسيطر عليها هاجس الخوف من الموت وعبرت الآية عن ذلك باللفظ "حذر الموت" وهذه العبارة لم تأت في القران إلا مرتين في هذا الموضوع والموضع الأخر في اول السورة وفي الموضعين مقاربات مهمة فالموضع الأول أورد هذه العبارة كصفة للمنافقين في قوله تعالى " يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت " فهؤلاء المنافقون يجعلون أصابعهم في آذانهم حتى لا يسمعوا الصواعق خوفا من الموت وكأنهم يريدون ان يهربوا من خطر الصواعق بغلق آذانهم حتى لا يسمعوا لها صوتا و بهذا يكونون بمنجى عن الموت " فهذا هروب وهمي ونفسي من الموت وهذه الآية تحكي أيضا الهروب المكاني من الموت وهو أيضا هروب وهمي من الموت " فقد ظنوا أنهم عندما يتركون ديارهم لقمة سائغة للغاصبين ويهربون سينجون من الموت الذي سبب لهم هاجسا مؤرقا وذلك رغم وفرة عددهم الذين لو فكروا قليلا لكان يمكن أن يقاوموا الغاصب الذي هددهم بالموت وأفاد التعبير "حذر الموت" ان خطر الموت والقتل لم يكن ماثلاً أو واقعاً بهم ولا حتى متوقعاً بل هو الحذر والاحتياط من خطر قد يحل بهم ، أو لا يحل بهم فما بالهم يغلبّون الاحتمال الضعيف ويتجاهلون الاحتمال القوي وهو النصر ورد الغزاة خائبين إن هم فعلا واجهوهم ؟! ومعهم الكثرة الوفيرة .
كما جاء التعبير أيضا "خرجوا " ولم يقل "أُخرجوا او هاجروا فهم قد خرجوا بإرادتهم هربا من هواجس الموت التي في نفوسهم أملا في حياة الدعة والراحة بعيدا عن هم المقاومة وخطر الجهاد أما المهاجر فهو الذي أُخرج من داره لوجود خطر رفض أن يصفق له ويتماهى معه و ليس طلبا للدعة والراحة ولكن لينقل المعركة مع العدو من مكان آخر ليس للعدو عليه فيه سلطان ويستطيع استجماع القوة وإعداد العدة استعدادا للمواجهة بعد ذلك مع العدو ولذلك سمي هذا الخروج هجرة وهو نوع من الجهاد وليس هروبا بخلاف هؤلاء القوم .
والآية بعد ذلك تخبرنا أنهم بهذا الهروب لم يتحقق ما أملوه بل وجدوا ما خافوا وحذروا منه , فقال لهم الله موتوا " فاستحقوا الموت المعنوي والحقيقي في البلاد التي خرجوا إليها إليها عقوبة من الله على سوء فعلتهم غير أن الله قد أحياهم مرة أخرى بفضله العميم لكن حياة الإباء والعزة بعد أن خاضوا هذه التجربة القاسية .
إن كل أمة تتقاعس عن حمل أعباء الحياة الكريمة و وتخشى عواقب المخاطرة والجرأة، عليها أن تتجرع كاس الذلة والموت والهوان، وعلى الأمم النائمة المهزومة التي يؤرقها هاجس الموت أن تتحمل أوزار ما تُقاسي وتُعاني،". أما الأمة التي نزع من نفوس أبنائها الخوف من الموت الذين أحبوا الموت في سبيل دينهم مثل حب غيرهم للحياة فقد وهبت لهم الحياة الحقيقية هذه هي العبرة من الاية الكريمة.