ترجمة القرآن بين الممكن والمستحيل بحث للإطلاع والمناقشة

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع مرهف
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

مرهف

New member
إنضم
27/04/2003
المشاركات
511
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
ـ سوريا
الموقع الالكتروني
www.kantakji.org
الحمد لله وبعد :
فهذا بحث لأخ لنا قدمه في ندوة أو مؤتمر وهذا البحث يمكنني القول هو خلاصة لكتاب يعمل مؤلفه على إخراجه حول إمكانية ترجمة القرآن الكريم أو استحالتها، وقد اطلعت على بحثه الذي يجهد لإخراجه، ووجدته قد خرج بنتائج طيبة لأن أسلوبه كان على طريقة الترجمة المقارنة للقرآن ، أي بإحضار ترجمات القرآن وعرض ألفاظ الترجمة وأسلوب كتابتها باللغة المترجمة ودلالتها حسب طريقة الكتابة وأثرها على المجتمع الذي تقرأ فيه حسب الدلالة ، وبحسب علمي فإن الدراسات التي تناولت الترجمة في البحث لم تتناولها بهذا الأسلوب مع أنه ضروري ومهم جداً وله أثر على الحكم بالجواز وعدمه لأن إثبات الإمكانية أو عدمها واستحالتها يؤثر بالنتيجة على جوازها أو تحريمها وأترككم الآن مع البحث المقدم ولكن حواشيه لم تظهر ومن أراد البحث على ملف وورد فهو موجود وفيه الحواشي وقد أرفقته وأرجو من المختصين إفادتنا بملاحظاتهم ما أمكنهم.
[line]
مؤتمر الترجمة في الدول العربية : أهميتها ودورها في التواصل الحضاري بين الأمم

المحور: معايير اختيار النصوص ومهمة المترجم بين تحقيق الأمانة العلمية والرسالة الإنسانية . في رحاب جامعة تشرين في الفترة الواقعة بين 26 – 28 / 6 / 2006

[align=center]عنوان البحـث:
ترجمة القرآن بين الممكن والمستحيل من حيث تحقيق الأمانة العلمية وأداء الرسالة الإنسانية[/align]
[align=center]إعداد الباحث:
علي عبدو الإبراهيم
إجازة في اللغة الفرنسية وآدابها
إجازة بالهندسة المعمارية
حماة – سورية – الشريعة – جانب جامع الإيمان
هـ. منزل: 00963 33 513541 مكتب: 00963 33 215784
فاكس: 228114 (فرع اتحاد الكتاب العرب بحماة)
ص. ب. / 51 / نقابة المهندسين بحماة
البريد الإلكتروني: [email protected] [/align]
[line]
إذا كان التراجمة فرسان التنوير كما يقول بوشكين، فأين تقبع مقولة الإيطاليين " المترجم خائن:"traduttore, traditore" ([1]) وأين تتوضع العبارة الفرنسية traduire, c'est trahir"" بمعنى "الترجمة خيانة " وهل تصدق هذه السمات على الجميع؟ أم أن المشكلة ليست في المترجمين فقط، بل تتجاوز حدود الإمكان البشري مهما بلغ، أمام نصوص ترقى على آناء الزمان والمكان وتعلو على الانتماء لمجموعة عرقية أو قومية وتمحو حواجز الحدود السياسية والقوقعة الفردية لأنها رسالة إنسانية بكل معاني الكلمة.
أليس ثمة معايير critères للنصوص قممها وقيعانها، دقتها وفضفضتها ما علا منها وتقدس، وما دنا منها وتدنس؟
فإن ساوينا بينها فقد دخلنا الفوضوية Anarchisme من أوسع أبوابها وكنا في غيبوبة الفكر المبنية على رفض كل قيم الحياة الحضارية باتجاه نكوص يلغي كل القيم العليا...
أليس ثمة معايير تفرق بين نصوص "كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير " أنزلت لخير البشرية جمعاء وبين نصوص ليس همها سوى إثارة شهوات الفروج والبطون وإمتاع الحواس الحيوانية في الإنسان في مذاهب إباحية متفلتة من كل قيد اجتماعي وكل قيمة إنسانية عليا:Pornographie (laisser passer,laisser faire).
أليس ثمة معايير تميز الفوارق من حيث المستوى الأسلوبي واللغوي رصانة وسبكاً أو تفككاً وضعفاً؟
أليس ثمة معايير في عوالم الأدب والعلم والفن عموماً وأنوعها المختلفة من شعر ومسرح وقصة وغير ذلك خصوصاً؟...
إن الإحصاءات الأخيرة في معايير الترجمة وحسن الاختيار مخجلة بالنسبة للأمة العربية من حيث الكيف والكم في كل المجالات العلمية والأدبية والفنية سواء تمت الترجمة من العربية إلى ألسنة أخرى أو بالعكس فإن تم شيء من ذلك فلا يصطفى منه في الجملة إلا القليل ([2]).
ثم أليس من أسس الأمانة أن نعرف المدى الذي يحق للتراجمة الدخول به على النصوص؟ وهل ما يولد لديهم من " جميلات خائنات " كما يقول الفرنسيون (les belles infidélles) هن بنات شرعيات لنصوص أمهات، وهل يجوز للتراجمة إدخال آرائهم ومعتقداتهم من حيث أمانة النقل من مرسل إلى مستقبل؟!
هل يجوز لهم الإضافة والحذف أو التحريف والتبديل، ثم كيف لهم أن يقسروا لغة على ما ليس فيها قواعدياً ولغوياً وفكرياً؟ تلك بعض من أسئلة أولى تراودنا عندما نترجم، تتوالد وتزداد عندما نعلو ونحترم المرسل والمستقبل ونحترم الرسالة التي نحن بصدد نقلها ضمن شعور تام بالمسؤولية تجاه أمانة إبلاغ الكلمة...
إن التوغل في جوهر عملية الترجمة والوقوف على سره واكتشاف الثوابت التي تتعدى اللسان المعين إلى اللغة كظاهرة إنسانية مشتركة أمر غاية في الأهمية ولأن الترجمة.. كما يقول جورج مونان "في الشرق كما في الغرب بدأت دينية أي تناولت ما يتصل بالدين والمباحث الدينية" لما لذلك من أهمية بالغة في حياة الإنسان لمعرفة نفسه والكون من حوله ولأن الدين لما يستنفد أغراضه في هذه الحياة ونعتقد أنه لن يستنفدها... وحتى لا تمسي أعمالنا في الترجمة عبثاً ينبغي البحث الدؤوب لنقل ما يهم هذا الإنسان في كل محاوره المادية والفكرية ولسبر ما يرافق النصوص المطروحة من معان وظلال وأسلوب، ولنعلم أن غاية الترجمة هي أن تعفينا من قراءة النص الأصل وأن تجعل النص الموضوع يبقى إياه بعد ترجمته من حيث مطالب المنطق لأن محافظة النص في اللغة الهدف مع كل ما في النص المصدر أمر في غاية الصعوبة من الناحية العملية وذلك لأسباب عديدة تتعلق بالمرسل والرسالة والمتلقي وبذلك يصبح المترجم بآن واحد متمثلاً دور الناقل الحيوي فهو متلق ومرسل لرسالة تعبر عن فكر سواه كمرسل أول وتأخذ منها في فكر مستقبل الترجمة بالإضافة إلى سمتها الفنية علماً قائماً بذاته؟... وهذا ما يدفعنا إلى السؤال الملح ما هي معايير الترجمة السليمة؟ لنستمع إلى ما يقول ماروزو Marouzeau ([3]):"يجب أن تنقل الترجمة المعنى، كل المعنى ولا شيء سوى معنى النص الأصلي. إنه أمر بديهي، إنه المقتضى الأدنى، لكن على الترجمة أن تنقل المظهر أيضاً، يجب أن تنقل إلى أقصى حد ممكن المظهر البنيوي، أي أن عليها أن تتيح للقارئ تكوين فكرة تقريبية على الأقل عن اللغة المنقول عنها، عن خصوصيات مفرداتها وبنائها وطريقتها في المطابقة بين العبارة والفكرة، ويجب أن تنقل المظهر الأسلوبي، أي النوعية والمستوى: شكل عادي، طريف، مهمل، وصفي مبتذل، خطابي، فني شاعري "... وهذه المعايير تثير – كما يقول جورج مونان ([4]) مسألتين رئيستين هما مسألة الاصطلاحات ومسألة التراكيب، ولكل منها دراسات متسعة في مظانها.

ونجد المعنى ذاته في تعريف الترجمة في قاموس الألسنية ([5]): الترجمة هي " ذكر - في لغة أخرى (أو لغة الهدف) - ما كان مذكوراً في لغة (مصدر) مع الحفاظ على المعادلات الدلالية والأسلوبية "traduire: c'est énoncer dans une autre langue (ou autre cible) ce qui a été enoncé, dans une langue source, en concernant les équivalences sémantiques et stylistiques.

لنر الآن ماذا يحدث للمترجمين مشاة جيش الكتاب " كما يسميهم دومنيك أوري Dominique Ouri هل سيدخلون قلعة الترجمة بسهولة أم أنهم يتساقطون واحداً تلو الآخر أمام قلاع النصوص العليا إلهية الإرسال قبل تحريف الكثير مما فيها؟
لقد نقل القديس جيروم Saint Jérome بعض المعاني معكوسة عندما ترجم الكتاب المقدس.
كما اكتُشِفَت لدى أميو Amio معان معكوسة، ولدى بودلير Beaudeliue معان خاطئة عندما كان ترجم آلان بون وها هو أندريه جيدAndré Gide الكاتب الفرنسي المتضلع بالانكليزية يترجم لشكسبير ترجمات لا تشبه مؤلفات شكسبير، ومهما كانت الحواشي في أسفل الصفحات فإن تلك الحواشي عار على المترجم كما يقول " دومنيك أوري ".
"إذن لابد من توفر الكثير من الكفاءات من أجل الترجمة الجيدة - كما يقول روجيه ارنالديز ([6]) - أي لا بد من معرفة اللغة المصدر واللغة الهدف والعلم أو العلوم التي تعالجها الرسالة بالطريقة التي تسمح بالفهم الدقيق لما يريده المرسل (في اختصاصه). وفي هذا الصدد يقول الجاحظ: " على المترجم أن يدرك الموضوع بقدر إدراك الكاتب له " وتقول مريم سلامة كار ([7]) " على المترجم أن يزول أمام ترجمته وأن يكون مخلصاً للنص الأصلي ودون أن يؤثر ذلك في ترجمته. اهـ. وكلما كان الموضوع صعب المنال أثار تحليل النص مشكلات أمام المترجم مما يجعل الترجمة أكثر صعوبة ومما يستدعي كفاءة لغوية أكبر.
ومن هنا تأتي أهمية فهم النصوص المراد ترجمتها ومما يؤكد ضرورة امتلاك المترجم معارف تناسب معارف الكاتب(المرسل)، وأن يكون مخلصاً أميناً لما ينقله عنه وما أكثر الأفخاخ أمامه، وهذا ما يجعلنا أيضاً نؤكد على موضوع التخصصات. ومن هنا نرى أنه من الأشراط الأولية لكل ترجمة حقيقية أن تتسم بمعرفة اللغة والموضوع بالإضافة إلى المهارة التي تتجلى في خاصية إعادة التعبير عن مضمون النص المصدر في النص الهدف.
وهكذا نجد أنه حينما نواجه صعوبات في الترجمة أو حينما تبدو الترجمة مستحيلة فإن ذلك يعزى إلى نقص في المعارف في ذات المترجم (وذات اللغة) وذات الموضوع ولضعف في الطاقات المتخصصة أو الموسوعية ومن لم يحط بالموضوع مفرداته ومصطلحاته وأوجهه الظاهرة والعميقة بالإضافة إلى الإخلاص والأمانة فإنه سيشوه النصوص الأصيلة ويمسخها وعندها تنطبق عليه سمات الخيانة للنصوص وتضيع لديه الأمانات....
سندخل الآن في موضوع أكثر تخصصاً في مشكلات ترجمات القرآن الكريم.. حيث ثمة أكثر من أربعين ترجمة موجودة باللغة الفرنسية وأكثر من مائة ترجمة باللغة الانكليزية كما أن ثمة ترجمات عديدة في اللغات الأخرى...

والسؤال هل هذه الترجمات قد حازت على سمة الأمانة وإلى أي حد؟
ولكن لنتعرف على الرسالة والمرسل والمتلقي قبل أن ندخل بحراً محيطاً لا نزال على شواطئه:

1- الرسالة حسبما اتفق عليه علماء الأصول والفقهاء وعلماء العربية هي: كلام الله تعالى المعجز المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم باللسان العربي في المصاحف /المنقول عنه بالتواتر / المتعبد بتلاوته ([8]) " وهي رسالة منزلة بلسان عربي مبين " إنا أنزلناه قرآناً عربياًلعلكم تعقلون"([9]) وللناس كافة " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" ([10])

ولغة القرآن ومعانيه تحمل قدراً لا نهاية له من الفهم والتدبر وتوليد المعاني والاسترسال في النظر دون شطط أو اعتداء على الحدود ([11]) ولأن هذا القرآن معجز أن يؤتى بمثله لأن المرسل هو الأحد العالم بكل أسرار اللغة وما فيها وبكل أسرار الكون وما فيه وبكل ما لدى الإنسان وما فيه " كتاب أحكمت آياته، ثم فصلت من لدن حكيم خبير " ([12]). ولذا فإن محاولات ترجمات القرآن ليست حتماً بقرآن فإن صح أن تسمى ترجمة لتفسير معاني القرآن. فإن ذلك يحتاج إلى علوم كثيرة جداًولن يكون إلا شيئاً من أحد أوجه التفسير ويحتاج أيضاً إلى كفاءات خاصة وأشراط التفسير كثيرة.. لأن هذه الرسالة الإلهية الإرسال قد أعجزت أهل اللسان العربي ذاتهم فكيف بالمتسللين؟.

فإذا ما رحنا نتتبع تاريخ الترجمات بدءاً من المحاولة اللاتينية الأولى عام (1143) ميلادي وحتى يومنا هذا نخلص إلى الملاحظات الآنية:

1- الكثير من الدراسات اللغوية لترجمات معاني القرآن غير منتظم وكلها يعوزها الشمول والموقف النظري الواضح (د.عمر شيخ الشباب) ([13]) وفيها كثير من السلبيات (تزيدات ونواقص).

2- أولى الترجمات كانت للاتينية 1143 ثم الإيطالية 1548 ثم الألمانية 1623 ثم الفرنسية 1647 ثم الإنكليزية (عن طريق العنعنة) 1647 ثم الأسبانية والروسية في القرن التاسع عشر.م.

3- "إن تعدد الترجمات في كل لغة واختلافها فيما بينها يؤدي إلى الحيرة واللبس عند المختصين في الدراسات اللغوية والإسلامية فما بالنا إذا وصل الأمر للإنسان العادي غير المختص حيث سيكون اللبس والحيرة لديه أكثر ولن يدري أي طريق يتجه" ([14]).

4- " تصدى لترجمة القرآن الكريم أناس لا يعرفون من الدين إلا القليل، كما وضعت الصهيونية المقنعة بالمسيحية يدها بالتغيير والتحريف في بعض هذه الترجمات على غفلة وجهالة من المسلمين " ([15]).

5-" بعض الترجمات مليئة بالأخطاء اللفظية مع تحريف الأحكام الشرعية والعقائد، وفي بعضها تبديل الكفر بالإيمان ولعبادة الله بعبادة غيره، وتبديل لأسماء بعض الأنبياء والسور والأماكن والصفات والأعلام "([16]).

6-" الرسول صلى الله عليه وسلم أعرف الناس بأحكام الله تعالى وأخلص الخلق في الدعوة إلى الله عز وجل، لم يتخذ ترجمة القرآن وسيلة إلى تبليغ غير العرب مع أنه دعا العرب والعجم وأرسل للناس كافة ([17]). ويمكن الرجوع إلى رسائل ([18]) النبي صلى الله عليه وسلم إلى كل من: 1- هرقل ملك الروم 2- كسرى ملك فارس 3-النجاشي ملك الحبشة 4- المقوقس عظيم القبط، وقد وصلت رسـالة نبوية إلى الصين في السـنة الثانية للهجرة النبوية ([19]).

7-كل يقرظ ما كتب هو أو ما علق عليه يمدحه ويثني عليه ويلعن ترجمات غيره ويقول بنقصانها وانحرافها ويبدي عيوبها...

8-كثير من الترجمات أخذت موافقات الأكاديميات العربية الإسلامية المعترف بها فاتخذ ذلك دريئة لما وقع فيها وترك الوزر على عاتق الذين ختموا على صحة وجودة الترجمات....

بالنسبة للدراسة التي قمت بها في هذا الاتجاه فإنها تتلخص بالخطوات التالية:

1 - تابعت عشر ترجمات فرنسية هي للتراجمة:

1- كازيمر سكي 2- ريجيس بلاشير 3- جان غروجان 4- دنيس ماسون 5- محمد حميد الله 6- صلاح الذين كشريد 7- بوريما عبده داودا 8- نور الدين بن محمود 9- اللجنة السعودية الفرنسية 10 – أبو القاسمي فخري.

ترجمات إنكليزية هي للتراجمة:

1- عبد الله يوسف عي 2- مار مادوك بكتال 3- اللجنة السعودية الإنكليزية 4- د. تقي الدين الهلالي + د. محمد محسن خان 5- د. أحمد زيدان والسيدة دينا زيدان 6- الشيخ عز الدين الحايك 7- توماس ب.ايرفنغ

2- قارنت بعض النقاط في هذه الترجمات بتأن وقدمت هذه المقارنات مجدولة تكشف الخلاف فيها في دراسات أكاديمية علمية.

3- لم أقدم آرائي الخاصة إلا بما استنتجته من دراسات في فقه اللغة العربية انطلاقاً من فكرة أن لكل حرف في العربية معنى أو لنقل لوناً خاصاً به لا يذوب أو يتنحى عند ترافقه مع حرف ثان ذي لون ثان بحيث تبدأ معان جديدة ناجمة عن دمج هذين المعنيين أو لنقل اللونين بالعودة إلى فكرة أن المرحلة الحضارية للغة سابقاً كانت تعتمد الحرفين ثم تتثلث في مرحلة البلوغ وتأخذ إحداثياتها دون أن تخرج المفردة الأساس (الثلاثية) عن معاني وألوان أحرفها المشكلة التي هي لبنات البناء لهذه المفردة.

4- تركت من خلال مقارناتي واستنتاجاتي للقارئ اللبيب استخراج القيم ومدى استيعابه الدراسة التي قدمتها لهذه المفردات القرآنية أو بعض الجمل.

5- لم أتدخل في موضوع شرعية الترجمة التي أرى أنها أشبعت بحثاً لكني أريد أن أصل مع القارئ الحصيف لهذه الترجمات إلى نتيجة مفادها أن مترجماً أياً كان عربياً أو مسلماً غير عربي أو غير مسلم وغير عربي لا يمكنه البتة الإتيان بمثل ما في هذا القرآن ولا الإحاطة بمعانيه مهما بلغ سواء كانت عناوين الترجمات: مباشرة أو تحت يافطات اسمها ترجمة المعاني وهي ليست في الحقيقة إلا غطاء كاذباً...

6- لا أريد أن أقدم شرعية الترجمة أو رفضها بل أريد تقديم نماذج أرى أنها كافية مبدئياً لإسقاط مبدأ ترجمة القرآن إلى لغة أياً كانت بسبب عقبات كأداء لا يمكن تجاوزها مهما كان المترجم حائزاً من صفات يظن بها أنه قادر على ذلك مهما تعالت أسهمه في هذا العلم وفنيته.

7- أوجه إعجاز القرآن أكثر من أن تعد رغم أن كثيراً من الباحثين قد حاولوا معرفتها وتفصيلها ولكني أردد مع أية القرآن " وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً([20]) " وترجمة القرآن إحدى أوجه الإعجاز الجامعة بعد حل كل تلك المعجزات وها أنا ذا أقدم بعضاً من هذه العقبات أمام فرسان التنوير وكتيبة جند مشاة الكتاب.

أ- كتبت أسماء القرآن بأشكال متعددة أحياناً باللغة الواحدة.

ب- تباينت الترجمات بين أسمائها فمنهم من قال: صراحة "ترجمة القرآن ومنهم من قال ترجمة معاني القرآن، ومنهم من قال شرح وتعليق على ترجمة القرآن ".

ج- تباينت أسماء السور في اللغة الواحدة لدى الترجمة.

د- تباينت أشكال البسملة لدى التراجمة وحتى أحياناً نجد بسملتين في نسخة واحدة.

هـ - في البسملة ذاتها نجد خلافات كبيرة وجوهرية في الكلمات الثلاث أولها وأهمها اسم الجلالة " الله " هل يمكن أن تبقى اللفظة العربية أم نأخذ أشكالها المصطلحة في الألسنة الأخرى مثل Dieu وأخواتها اللاتينية و God وأخواتها في الإنكلوساكسونية وغيرها لعدم التوازن بينها.

و- الرحمن الرحيم حيث ليس ثمة مقابلات في اللغات الأخرى حيث تباينت الترجمات.

ز- لا توجد مقابلات كثيرة لألفاظ قرآنية عربية مثل (الوفاة – العمه – إبليس – الجن – الصلاة - الزكاة – الجهاد.... الخ).

ح- هناك الحذف للكلمة وأحياناً للجملة مثلما فعل كازيمر سكي في أول سورة آل عمران الآية 2 كلمة " القيوم " (الله لا إله إلا هو الحي القيوم...) وعندما حذف "حنيفاً " في الآية 125 من سورة النساء.

ط- هناك دمج للآيات القصيرة في الآية الواحدة برقم واحد.

ي- وهناك تقطيع الآية الطويلة إلى آيات متعددة بأرقام جديدة.

ك – هناك التحريف كما فعل كازيمر سكي عندما وضع كلمة "عيسى" بدلاً من إبراهيم في الآية: " إن ذلك لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى " حيث جاءت عنده " إن ذلك لفي الصحف الأولى صحف عيسى وموسى ".

ل- الترجمة بالعنعنة تضاعف الأخطاء وخصوصاً عند تعدد هذه العنعنات.

م – الترجمة الحرفية: أضاعت الكثير كما كان يفعل مثلاً: وليام بكتال ص 34 ومحمد حميد الله الذي قال حرفياً: ترجمنا حرفياً صفحة XXXIV في مقدمته على طبعة أمانة كوربوريشن.

ن – استعملت مفردة Saint بمعاني: قديس، قدوس، القدس، والمقدس.

س- استعملت كلمة سينيور ٍSeigneur بمعنى: الله، ومحمد، وجبريل (عند كشريد) في الصفحة XV.

ع- جاءت الغيب عند الأكثرية بمعنى "invisible" غير مرئي " وهذا لحاسة واحدة فأين الغيب بالنسبة لبقية الحواس؟

ف- جاءت مفردات تحريفية لدى كازيمر سكي عندما علق في الحاشية على نداء " أيها الناس " أن النداء للعرب وليس للناس أجمعين صفحة 41.

ص- صلى الله عليه وسلم فيها مشكلات الأمر ومعاني الصلاة والسلام.

ق- المترجم الألماني دنيفر يخلط التفسير بالقرآن ويدعي أنه القرآن، وكذلك المترجمة فطمة زايدة.

ر- العبودية هي العبادية والعبيدية حسب آي القرآن الكريم فكيف ترجمها التراجمة بالخدم والزنوج والأقنان... والفرق شاسع...

ش- الربوبية تخالف اللورد والseigneur تماماً حيث ثمة خلط بين مفردات " الله، الرب، المسيح..." فكلها يمكن أن تكون god...

ت- مشكلة العلمية والمعنى للأسماء / الأنبياء / محمد – أحمد... الخ

ث- رسول – نبي – حواري / وما ينجم عنها / بالنسبة لمحمد صلى الله عليه وسلم.

خ- خلط أسماء الأنبياء (ذو الكفل مرة Elie مرة وزكريا مرة...)

ذ- اللوطية واللواطية / صفات النبي لوط ومازاده قومه... /

ض- مشكلة التفسيرات ضمن النص تعطي معان معاكسة أو خطيرة كما جاء لدى بوريما عبده عند حديثه عن بني إسرائيل عندما أعطاهم بنص التفسير (الشام ومصر والرافدين...) فساعدهم دون قصد – على فساد رأيهم.

ظ- الزوج والأزواج ومشكلة المعنى الزواجي والتصنيفي.

غ- النفس التي تجمع على نفوس وأنفس ثمة مشكلة كبيرة / الوفاه /.

أ َ- العين التي تجمع على عيون وأعين ثمة مشكلة كبيرة / العمه /.

بَ- عفرت مشكلة معنى الكلمة وأصلها العربي القاموسي والفقهي.

جَ- القلب والفؤاد والفارق بينهما وصفات كل منهما...

دَ- الفارق بين الوفاة والموت والحياة.

هـَ- هل القلب هو العقل هو الصدر هو اللب هو النهى هو الأحشاء viscère هو الأمعاء Entrailles؟...

9 – كلمة الكفر infidelitè، mécréance، Incrédulité، Incroyance idolâtrie.

زَ- كلمتا قلف، غلف، الفارق بينهما من خلال معان الأحرف.

حَ- الصدور؟

طَ- اللغة ومشكلة غير العربي ومسؤولية العربي لكثير من المفاهيم مثل:

الرصاص (كأنه بنيان مرصوص)، السند (كأنهم خشب مسندة([21])) (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون ([22])).

ي- إِرَمَ ذات العماد (إِرْمِ المبنى ذا الأعمدة)([23]).؟

ك- الصمد (هل هي الخالد؟) كما وضع بعضهم...

لَِ – عبدول – حميدول – نجيبول..

م- ضريع ومشكلة أسماء غير موجودة في الحضارات الأخرى...

ن- الحروف العاطفة مثل:"وَ" " أو " فقد تباينت البحوث بشأنها.

س- الاستعانة بالإسرائيليات والديانات الأخرى والأساطير لدى التراجمة

ع- الموسيقية والشاعرية تتباين من لغة إلى أخرى / رشد وترجمة العنعنة... /.

ف- التخصص في العلوم، وجهل العلماء / بيرس /.

ص- أسماء العصر والضحى؟...

سنحاول الآن تقديم النماذج السابقة بشيء من الشروحات المختصرة جداً:

1 - أشكال أسماء القرآن تباينت حيث تضاعفت أدوات التعريف في العنعنة في الفرنسية والإنكليزية والألمانية حيث جاءت:

· L’ Acoran بأداة تعريف فرنسية مع أداة التعريف العربية ص (53) XLIII في قائمة محمد حميد الله، حيث حاول لوثر أن يتعرف على L’Acoran في كتابه مذكرات لوثر.

· The Alcoran حيث جاءت بأداة تعريف إنكليزية مع أداة التعريف العربية أيضاً ص XLVI في قائمة محمد حميد الله في ترجمة ألكسندر روس من الإنكليزية.

· Der Al koran حيث أداة تعريف ألمانية مع أداة التعريف العربية ص XLIII في قائمة محمد حميد الله في طيعة لود وفتشي مراتشي lodovici Maracci في ترجمة ديفيد نيريتر David nerreter للألمانية.

والسؤال ماذا يجري إذا تضاعف عدد العنعنات حيث تبقى كلها جديدة على ما سبقها من لغات؟.

· وكتب عند بلاشير Le coran وبين قوسين (al- Qor'ân).

· وعند صلاح الدين كشريد

al – Qur' ân al - Karim

· عند بوريما عبده داودا. Saint Qour’ân

جاءت عناوين الترجمات في التسمية على أشكال متعددة:

· صريحة "ترجمة القرآن " بالفرنسية عند:

أ‌- كازيمر سكي – ترجمة دون نص عربي traduction

ب‌- بلاشير – ترجمة دون نص عربي traduction

ت‌- غروجان – ترجمة دون نص عربي traduction

ث‌- ماسون – ترجمة - (ترجمة مع نص عربي) traduction

ج‌- حميد الله: ترجمة وتعليق ، نشر " أمانة " الراجحي (مع النص العربي)،(ترجمة متكاملة وأمالي)

جَ - حميد الله: طبعة إيران (مع النص العربي).

ح‌- صلاح الدين كشريد (ترجمة وأمالي). (مع النص العربي).

خ‌- الشيخ بوريما عبده داودا كتب على المغلف الخارجي:

تفسير ومعاني القرآن الكريم باللغة الفرنسية

وبالفرنسية: معاني آيات القرآن المقدس عربي – فرنسي.

وفي الداخل ترجمة الآيات وحشى داخلها بالذي يراه من شروحات توسعة للفهم؟ (مع النص العربي) مجاورأ.

هـ- نور الدين بن محمود: جاءت بالعربية: ترجمة معاني القرآن الكريم وبالفرنسية Le coran (مع النص العربي)

وكتب شرح وترجمة إلى اللغة الفرنسية (ترجمة وأمالي) traduction et note

ط- اللجنة السعودية الفرنسية: جاءت بالفرنسية:

Le saint coran

Et la traduction en laugue française Du sens de ses versets

وبالعربية: القرآن الكريم وترجمة معانيه إلى اللغة الفرنسية (فيه بعض الحواشي) في أسافل الصفحات. مع النص العربي.

ي- أبو القاسمي فخري

Le coran

Traduction Par dr. ing. G.h. Abolqasemi Fakhri القرآن الكريم

(مع نص عربي مرافق).

إن ثمة تلاعب بالعناوين بالفرنسية وسنرى العناوين بالإنكليزية.

· بالإنكليزية:

أ – عبد الله يوسف علي: القرآن المقدس بالإنكليزية:

The Holy Qur- an

Text, translation an Commentary By Abdullah yusuf Ali

(طباعة الهند – لاهور) 1934 (مرفقة بالنص العربي).

أََ – طبعة – ميريلاند – شركة أمانة 1989 لعبد الله يوسف علي / معدلة /.

– سميت ترجمته بالعربية: ترجمة معاني القرآن الكريم بالإنجليزية و بالإنكليزية ذات العنوان أعلاه (مرفقة بالنص العربي) فثمة إذن تناقض وتلاعب بالعناوين بالعربية !... لأن النص مقابل النص والترجمة حرفية.

ب – اللجنة السعودية الإنكليزية جاءت (د. محمد تقي الدين الهلالي – د. محمد محسن خان):

The noble Qur’an

English translation of the meaning and Commentary (1419). H

وبالعربية: القرآن الكريم وترجمة معانيه إلى اللغة الإنكليزية

ب َ – أخذت اللجنة السعودية ذات العنوان أعلاه بالإنكليزية، وأضافت بالعربية كلمة تفسيره
(القرآن الكريم وترجمة معانيه وتفسيره إلى اللغة الإنكليزية) على أنه نقل مع اختصار وفي الحواشي فقط لترجمة عبد الله يوسف علي / بإقرار اللجنة الموقرة /

ج – ترجمة محمد مارمادوك بكتال – طبعة نيودلهي النص العربي – والنص الإنكليزي للترجمة + اللفظ بالحرف اللاتيني وثمة ترجمة أخرى لبكتال – طبعة ليبيا كتب عليها بالعربية: ترجمة معاني القرآن الكريم (يوجد نص عربي) و بالإنكليزية:

The meaning of glorious Qur’ān

د – ترجمة: د. أحمد زيدان والآنسة دينا زيدان كتب على الكتاب بالإنكليزية:

The Glorious Qur’ān text and translation وبالعربية ترجمة معاني القرآن الكريم.

هـ ترجمة الشيخ عز الدين الحايك: كتب عليها بالإنكليزية:

An Approximate translation Of the meaning of the Honorable Qur’ān In the English language

وبالعربية: ترجمة تقريبية لمعاني القرآن الكريم باللغة الإنكليزية

و- ترجمة –ايرفنغ:

كتب عليها بالإنكليزية: The noble Qur’an English translation

وبالعربية: ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنكليزية

(نص عربي + إنكليزي).

1- تباينات أسماء السور لدى التراجمة:

- سنستعرض بضعا من مشكلاتها وهي كثيرة:

منها مشكلة تباين التسميات لدى المتراجم لاسم السورة في اللغة الواحدة فللفاتحة لدي تسع تراجم للفرنسية:ستة أشكال وللبقرة ثلاثة، ولآل عمران أشكال متباينة التهجئة والانتساب أما المائدة فلها خمسة أشكال وللأنعام أربعة وللأعراف ستة أشكال وللأنفال ثلاثة وللتوبة أربعة واختلفت كتابات اسم يونس فجاءت به شكلين ومثلها هود ويوسف وجاءت الرعد مع شكلين وكذلك إبراهيم بينما جاءت كتابة الحجر على ثلاثة أشكال وجاءت النحل مرة بالمفرد وأخرى بالجمع، وجاءت مريم عل لهجتين أما الفرقان فجاءت على ستة أشكال وجاءت النمل مرة بالإفراد ومرات بالجمع والقصص على شكلين أما سورة الروم فجاءت على أربعة أشكال وتباينت كتابة لقمان وجاءت السجدة على شكلين أما الأحزاب فقد أخذت خمسة أشكال وفاطر على شكلين.

أما الصافات فجاءت على اختلافات عديدة فمرة جاءت (اسماً والأخرى جاءت جملة، وجاء الفاعل في الجملة أحياناً جمع مذكر وأحياناً جمع مؤنث) وتباينت تهجئة سورة (ص) بينما جاءت الزمر على شكلين، وغافر على طريقتين اسم وجملة والاسم ذاته على ثلاثة أشكال....

وما هذه إلا أمثلة سريعة ومثلها بقية أسماء السور....

ولدينا جداول في هذا الإطار...

4- البسملة:

أما البسملة "بسم الله الرحمن الرحيم " فالخلافات كبيرة وهي في العنوان فكيف بالمضمون والمتون... من ثلاثة مفردات هي: الله الرحمن الرحيم جاء التباين في تباين الأشكال اسم الجلالة " الله " فمن التراجمة من جعله ذات اللفظة بحرف لاتيني ومنهم من استبدله بكلمة dieu الفرنسية و God الإنكليزية وأخواتها في الألسنة الأخرى...

وهذا ما لدينا بحث مستفيض عنه بعدم جواز استبدال اسم الجلالة العربي بأي اسم آخر.... لا من الناحية الشرعية فقط بل من فروق المعاني ذات الصفات "فلله الكمال المطلق والتنزه عن كل نقص وأي نقص " بينما ليس للآلهة الأخرى مهما بلغت هذه الخاصة في أفكار أقوامها، والدراسات تؤكد ذلك...

والمفردة الثانية هي الرحمن (وفاقد الشيء لا يعطيه) ولكن ما الرحمن هل هو العاطف على الفقراء، أو فاعل الخير، أو الحنون على التعساء (البؤساء)؟........ ولِمَ يدمج في كثير من الأحيان بالرحيم أو يستبدل به والعكس بالعكس.؟

لقد جاء أحد عشر شكلاً للبسملة في تسع ترجمات بالفرنسية وفي نسختين منها شكلان لها كما نجد لدى ترجمة النسخة السعودية الفرنسية وفي مقدمات بوريما عبده داودا...

ولا عجب ففي اللغات الأخرى لا توجد ذات المفاهيم حتى إن المترجمة المصرية السيدة زينب عبد العزيز أستاذة الحضارة قدمت نحتاً بالفرنسية (رفض فيما بعد من قبل الأكاديمية الفرنسية فكتب كأمر واقع:

Miséricordieux و Misèricordant، لعدم وجود مقابلات وهذه الأمور من فروق الحضارات ولا عجب ألا توجد في لغة الهدف Cible ولكن من المعيب والصعب قسر اللغة على قبول ما ليس فيها.

5- قد لا توجد مفردات في لغة الهدف تقابل مفردات في لغة المصدر (وفاقد الشيء لا يعطيه) ومن ذلك المفاهيم التالية على سبيل المثال لا الحصر " الوفاة" قال تعالى " الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها، فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى([24]) " والوفاة من الوفاء حيث يستوفي الله الأنفاس (بوفاتها) ولا يستوفي النفوس أي ينزع من الأجساد الإرادة وحرية التحكم بينما يبقى الكائن بيولوجياً حياً ولذا جاء في الحديث الشريف الصحيح " رفع القلب أي المحاسبة والمسؤولية عن النائم حتى يستيقظ فقد يفعل ما لا يريد أو يقول ما لا يعي ولا يستطيع التحكم " وهنا يدخل علم التنويم المغناطيسي أو الإيحائي وغيره.... فالوفاة شيء غير الموت وغير الحياة بالمعنى الدقيق للكلمة... ولذلك جاءت الآية الكريمة بشأن عيسى عليه السلام... "يا عيسى إني متوفيك([25]) " ولم يقل أنني مميتك أي أنزع عنك صفة الأنفسية لا النفوسية ورافعك إلي... الخ

- والأمر ذاته مثلا بالنسبة لمفردة "العمه " فهي خاصة بالأعين بينما العمى خاص بالعيون وهذا ما نسميه عمى البصيرة وليس عمى البصر، والتفصيل بين " أفْعُل وفعول " واضح في آي قرآن الكريم بين ما هو مترجم على عمه من أكثرية التراجمة فرسان التنوير وقادة جيوش المشاة لدى الكتاب.... وثمة تفصيل لهذه الأمور في مظانها وفي بحثنا....

6- المفردات الخاصة بحضارة دون الأخرى مشكلة عويصة الحل كما نرى مثلاً في مفاهيم الجن وإبليس والشيطان وكذلك في مفهومات الصلاة والزكاة والحج والصوم والجهاد... فكما أن اسم الجلالة العربي القرآني الإسلامي مباين تماماً لما عليه Dieu وأخواته وGod وأخواته وبقية الآلهة الأسطورية في ديانات العالم فإن المفاهيم الخاصة بالمسلمين من صلاة وزكاة وحج وصوم وجهاد مباينة تماما ًَ لما عليه من أقوام آخرون ولو كانت عموم المعاني اللغوية قريبة نسبياً بيد أنها غائمة تماماً ولا مساواة أبداً...

7 - كما هو معلوم ولو نظرياً لا يحق للتراجمة أن يزيدوا أو ينقصوا أو يحرفوا أو يعدلوا وبمعنى أدق أن يتقولوا على النصوص العليا بشكل خاص وقد أشار القرآن إلى ذلك " ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين([26])"وتم توجيه الرسول نحو بوصلة الهدف من إرساله.... " فذكر إنما أنت مذكر ولست عليهم بمسيطر([27]) " وفي الآية " فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب([28]) ". فالبلاغ المبين لما أنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ([29]) " وجاء في آية أخرى " بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون([30]) "، فهل يمكن لمتقول أن يزيد على البلاغ أو ينقص وما هي جرائر ذلك؟ وما هي جراء ذلك لقد قام العديد من التراجمة بأفعال لا تنم عن الأمانة أبداً اتجاه ما ترجموه وفي ذلك يقول أحمد ديدات: " لقد قام شهود يهوه بالتخلص من سبعة وعشرين صفحة من مقدمة عهدهم القديم " ويضيف في كتابه " الله في اليهودية والمسيحية والإسلام قوله ص 88 " إن لعبة الإثبات والحذف " هي لعبة قديمة جداً في الغرب ".

ويقول موريس بوكاي:"يطغى على الترجمات الأولى للقرآن التصرف بالنص وهي لا تصلح للاستخدام([31]) وها هو كازيمر سكي يبدل / كما هو ديدنه الدائم / أرقام الآيات فيعطي مثلاً الآية رقم 29 في العربية برقم 27 في الترجمة الفرنسية ويحذف عندما لا يعرف معنى المفردة ففي الصفحة 71 يحذف معنى " القيوم " في سورة آل عمران وهذا يذكرنا بمقولة حنين بن اسحق " لم أتبين بالضبط معنى الجملة التي نقلها جالينوس عن أريستوفان وقررت حذفها برمتها "، وفي أول سورة الكافرون يحذف " قل " ومثله في كثير من السمات المترجم نور الدين بن محمود :

فلدى كازيمير سكي تغير رقم 3 البقرة 2 إلى البقرة 2 (-1)

44 آل عمران 3 إلى 39 (-5)

92 المؤمنون 23 إلى 93 (+1)

77 النحل 16 إلى 80 (+3)

وغيره الكثير...

ولدى بن محمود تغير رقم 44 آل عمران 3 إلى 43 (-1)

50 الأنعام 6 إلى 52 (+1)

وهناك قاعدة لدى كثير من التراجمة هي زد ولا تنقص (Add no omet)

وغيره الكثير.....

وهناك من زاد في النص في شرح المتن وبين قوسين فوقع - حسب فهمه - في مشكلة سياسية ومغالطة تاريخية حيث أنه أعطى اليهود بلاد الشام والرافدين والنيل وهو المترجم بوريما عبده داودا...

8- وقع بعض التراجمة في التحريف والتعديل فقاموا بدمج آيات بعضها مع البعض أو فصلوا آية طويلة إلى آيات أخرى متجزئة على هواهم كما فعل كازيميرسكي ونور الدين بن محمود كما نرى ذلك مثلاً في سورة البقرة وآل عمران وغيرهما.. وكذلك نرى ذلك في نسخة عبد الله يوسف علي طبعة الهند 1932 م.

9- قد يكون التحريف في بعض الترجمات مقصوداً كما هو الحال عند كازيمير سكي الذي وضع كلمة عيسى بدلاً من إبراهيم في الآية الكريمة " إن ذلك لفي الصحف الأولى، صحف إبراهيم وموسى " فجعلها صحف عيسى وموسى “ Dans les livres de Moïse et de Jésus”

10- الترجمة بالعنعنة تضاعف الأخطاء ولدي قائمة بخمسة عشر ترجمة تمت بهذه الطريقة، فلقد تمت الترجمة للألمانية مثلاً عن الهولندية عن الفرنسية وكذلك ترجمة أخرى عن اللاتينية وأخرى عن الإنكليزية، وكذلك ثمة ترجمات إلى الإنكليزية عن الفرنسية والعكس صحيح، هناك ترجمات للإيطالية عن اللاتينية، وثمة ترجمات إلى الروسية عن الفرنسية وعن الإنكليزية وعن السلافية....

- فإذا قرأنا مثلا ترجمة كازيمير سكي وما فيها من أخطاء فادحة وملابسات وقلنا إنها نسخة أصلية لنسخة روسية أو أكثر فما بالنا ماذا يبقى من مفاهيم القرآن العربي وصوره...إنه المسخ الحقيقي بكل معاني الكلمة

11- من الغباء المطبق أن نترجم حرفياً نصاً إلهياً فيه كثير من أوجه وأوجه إلى لغة هدف ليس لها ذات الأساليب وسعة المفردات وهاهو محمد حميد الله يحاول ذلك قائلاً "ترجمنا حرفياً"، صXXXIV من مقدمته طبعة ماريلاند، وكذلك محمد وليام مارمادوك بكتال ص 34 وهذا ما يضيع كثيراً من المعاني والصور القرآنية فكيف نترجم مثلاً: "ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً([32])"؟

وكيف نترجم " فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً([33]) " وهذه الطريقة تجعل النص الهدف صعباً غير مفهوم مما يذكرنا بمقولة مارتن لوثر (1483- 1546) واصفاً القرآن بأنه:"كتاب بغيض فظيع وملعون ومليء بالأكاذيب والخرافات والفظائع... ([34]) " لقد أعطته الترجمة اللاتينية حينذاك نتائج عكسية من حيث الصعوبة والريب.. أليس القرآن "هدى وشفاء "؟ فهل في هذه الأساليب ما نبتغيه من ترجمته؟...

وهاهو هولوبيك الفرنسي يكتب يوماً في صحيفة اللومند Le monde "إن الإسلام هو الدين الأكثر دموية ووحشية، وعندما يقرأ أي إنسان القرآن فإنه يكون عرضة للانهيار ". فهل أدى النص الهدف ما في النص المصدر الذي تسجد له القلوب قبل الجباه خشوعاً وتأثراً وتفيض له الأعين...!!.

12-خلط معاني المفردات وتفسيرها على الهوى... وقد جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى... إن هو إلا وحي يوحى ".. من ذلك على سبيل المثال لا الحصر:" استعملت مفردة Saint مقابلة لمفردات قديس وقدوس وقدس والمقدس حيث قال التراجمة:

Saint Paul, Saint Esprit saint coran و saint Gabriel و Dieu est saint

فأي استعمال دقيق لدى هؤلاء؟ ومثل ذلك أيضاًمفردة seigneur فقد جاءت بمعاني متعددة: حيث يقول كشريد:

كل اتصال للإنسان مع سينيوره ممنوع مطلقاً في هذا العالم، وقال سينيورنا جبريل وقال أيضاً سينيورنا محمد ص (XV) فما هو السينيور هنا؟. علماً أن غيره استعملها بمعنى Dieu.

13- استعملت بعض المفردات قاصرة عن تأدية معانيها الكبرى لدى كثير من التراجمة من ذلك مثلاً عن كازيميرسكي: " يا أنت أيها المغطى بما نطو ":

O toi qui es couvert d’un manteau المزمل

O toi qui es enveloppé d’un manteau المدثر

ولدي آخر enveloppé en drap أيها المتشرشف

من أجاز لهؤلاء الذين أسماهم بوشكين فرسان التنوير أن يخصصوا المانطو أو الشرشف دون غيرهما من أنواع الدثور والزمول..؟ وهذا من الخاص تجاه العام...

ومن ذلك أيضاً مفردة " الغيب " (وما دخل حرف الغين على مفردة إلا وأعطاها سمة عدم الوضوح فقد ترجمها كثير منهم Invisibilité وكما نعلم هذه المفردة خاصة بحاسة البصر (vision) وإمكانية الرؤية فعدم الرؤية يفيد غيباً معينا عن العين، أما الذوق واللمس فتلك أشياء أخرى... مفردة الغيب القرآنية العربية تعطي كل هذه الغيوب بينما تقصر المفردة الهدف عن المفردة المصدر بنسبة ثمانين بالمائة في أحسن أحوالها.... ومثل ذلك كثير كثير...

14 – كثيراً ما تلعب الذاتية دوراً سلبياً تجاه الموضوعية حيث يتدخل المترجم في مفاهيم النص فيزيد أو ينقص أو يحرف أو يعدل أو يلون بلونه الخاص وبذا يخون الأمانة "إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقنا منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً ([35]) "... وهذا كثير لدى التراجمة.

ومن أولئك مثلاً من جعل مريم العذراء طاهرة بتولاً حتى أوصلها إلى درجة أم الإله علواً فأفرط غلوا ومنهم من جعلها امرأة عادية أو أقل من ذلك حيث كانت-حسب ذاتية سالبة-تعاشر بالحرام يوسف النجار فحملت منه سفاحا ففرط تطرفاً.وتعالت السيدة مريم عن كلا الحالتين علواً كبيراً,فهي التقية النقية وليست أم الإله و ليست المخادعة السفوح,ومن ذلك أيضاً ما جعله كازيمر سكي نداء لأهل مكة فقط في ترجمة العبارة " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ([36]) "والتي ذكرت في القرآن الكريم بضع عشر مرة و حرف السياق عن مواضعه ونسي أو تناسى أو حرف قاصداً معاني آيات أخرى أن الرسالة "إلى الناس كافة للعالمين" انظر الصفحة 41 من ترجمته.

15-من المشكلات التي يواجهها التراجمة إشكالية نقل العبارات الجاهزة في لغة مصدر إلى لغة هدف وهي ما نسميها Idiotisme أو بالنسبة للغة العربية Arabisme وهي عبارات خاصة بكل لسان وهي مما يستعصي ترجمتها حرفياً و إنما بمقصودها في اللغة الهدف إن وجد لديها هذا المعنى وكما كررنا"فاقد الشيء لا يعطه".فما هي إذن ترجمة "صلى الله عليه وسلم"علماً أن صلاة الله على النبي غير صلاة المسلم عليه و غير صلاة الملائكة على الناس.وهاهي نماذج من دخول المترجم على النص بذاتيته:يقول حميد الله:فلينحن ديو عليه وليأخذه في حفظه ص XVI: وبالفرنسية: Que Dieu se penche sur lui,et le prenne en sa garde.

بينما يترجمها كشريد: بركة ديو وتحيته عليه ص XIII: " "bénédiction et salut de Qieu sur lui وجاءت بصيغة خبرية بينما يجعلها بوريما عبده داودا حرفية ويجعل (prier) التي معناها الصلاة ولغوياً الدعاء: ليصل عليه وليوجه له التحية ص 6:"Qu' Allah prie sur lui et lui accorde le salut وتجيء بشكل آخر: ص6: أيضاً ترجمة حرفية: prière et salut d’Allah sur lui. ويضع وزير الثقافة النيجيري محمد داندا صلاته على النبي على الشكل التالي: P S L ونتساءل هل توافق العالم الإسلامي بأكاديمياته العلمية والشرعية على حسبان P S L تخص هذا الاختصار ؟

وها هو ذا بن محمود يصيغها بترجمة تغير معنى العبارة فهو يضع /pour/ بدلاً من Sur وعبارته هي: Priez pour lui et louez le. والفارق بين هذه العبارة وما سبقها كبير. واللجنة السعودية تضع شكلا أيضاً مخالفاً: que la paix et la bénédiction d’Allah soient sur lui

ومعنى paix السلام بمعنى الأمن وليس التحية salut فهل حقق التراجمة الهدف فكانوا فعلاً فرسان التنوير أم قد يصبح بعضهم – ثيران البيادر – يدورون في حلقة مفرغة همهم أن يقولوا دون حسبان لما يقولون " وقد قال تعالى: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد "؟

16- من التراجمة من يخونون النص بشكل صريح دون أدنى حياء من أنفسهم أولاً أو المرسل أو المستقبل

وهذا ما نجده لدى بعضهم ممن يضيفون ما ليس في النص أصلاً ذلك ما فعلته فطمة زايدة التي أدخلت آراءها ضمن آي القرآن وجعلتها قرآناً حسب / أبلستها / وكذلك المترجم الألماني دنيفر الذين يجعل التفسير مع القرآن قرآناً وثمة آخرون يجعلون من الأديان الأخرى مراجعهم الإصلاحية لما يرونه ناقصاً – حسب ضعفهم الذاتي – في القرآن (النص المصدر) كما فعل من جعلوا الإسرائيليات مراجعهم التي لا تخطىء كأسماء الأنبياء عندما جعلوا Elie هو نفسه زكريا Zakaria وهو ذاته ذو الكفل فما هذا الخلط بينما جعل حميد الله (ذا الكفل) هو تعريب: كابيلا فاستو kabilavasto أو قد يكون بمعنى المغذي أو أبو براهما في الديانة البراهيمية الهندية – فما هذا الضرب بالأزلام؟...

17- العبودية والعبادية والعبيدية وفرقها عن الأقنان والأسرى والزنوج:

لقد وقع التراجمة في فخ كبير في هذه النقطة لعدم فهمهم أعماق المفردات ولعدم فقههم الفروق العقدية عن المصطلحات العامة...

إن جهلهم بصفات الخالق المرسل للنص القرآني ونصوص التوراة والإنجيل كما أنزلت على الأنبياء يجعلهم يخلطون الصالح بالطالح...

فلأنهم لم يعرفوا أصول الترجمة بمعرفة المرسل ضاعوا وضيعوا

فإذا ما كانت العبودية هي الوجه المقابل للألوهية بالأضداد وإذا ما كان وزن "فعولية " هو انطلاق أفقي ينشق عنه موقفان أحدهما باتجاه موجب سام هو العبادية الاختيارية أنفسياًوالآخر اختياراً أنفسياً أيضاً هو العبيدية.

فقد توضحت التوجهات (حسب المفهومات القرآنية)،والإنسان في كل حالاته مجبر نفوسياً (أقصد بيولوجياً) على الوجود ولا نفاذ من سنن الحياة من خلق وتحقيق وظائف جسدية) فالحساب فقط على حرية الاختيار والإرادة وهي مناط النية ومسؤولية الفؤاد (وهي غير مسؤولية القلب)، لأن الحساب على موقف الفؤاد...

وعلى ذلك فالفروق كبيرة عن معاني ما نسميهم بالأقنان الذين كانوا يباعون كأي عين مما هو موجود على الأرض، وكذلك عن الأسرى الذين يصبحون عبيداً يباعون ويشترون وكذلك الزنوج ذوي الألوان السمراء وهذه العبوديات ليست حقيقية ففي منهج القرآن العبد العبادي هو الطائع لله أو المتجه إليه والعبد العبيدي هو العاصي المبتعد عن طريق الله وشريعته، ولو ظن أنه متحرر من الدين فهو العبد العبيدي لشهواته من بطن وفرج ومنصب ومال...

وعلى ذلك فإن الترجمات التي نراها تستخدم مفردات معيبة لأن الخدم غير العبيد و الآلهة الأسطورية تأكل و تشرب وتمارس الجنس بكل أشكاله و الله متعال عن ذلك مطلقاً فليس هو بحاجة إلى خدم فاستخدام servirوما يشتق منها خطأ فاحش لأن الخدمة تسخيرية وليست عبودية بأي من الاتجاهين....

واستعمال مفردةNègre وأخواتها عيب وجهل كبيرين لأن الحساب على اللون وجعل صاحبه عبداً أو سيداً هو غاية الظلم بل إن اللون واللسان من آيات الله في الخليقة " ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم([37]) " ولدينا في البحث الأصيل حول هذا الموضوع جداول تدحض الاستعمالات الخاطئة التي ارتكبها قادة كتيبة المشاة في جيش الكتاب...

وها هو المترجم عبد الله يوسف علي الذي كان مرجعاً للعديد من الترجمات ومنها ترجمة اللجنة السعودية يستخدم لترجمة "عباد " servant " ولترجمة عبيد استخدم الخدم servant وخلاصة الأمر أنه يستخدم مقابل مفردات: (العباد والعبيد والعابد والعبد وعبد) مفردات servant و to serve واستخدم أحياناً to worship بينما استخدم مار مادوك بكتال مقابل العباد والعبيد bondmen وأحياناً slaves واستخدم to worship ولم يخرج بقية التراجمة بالفرنسية عن هذه الحالات دون تمييز كما رأينا حسب وجهة النظر القرآنية.

18- الربوبية: بين اللفظة العربية " رب " والفرنسية سينيور Seigneur والإنكليزية لورد Lord:

إذا تتبعنا في قاموس العربية [ ر.ف+... ] بقية الحروف العربية فسنجد أن الربوبية مجاورة لكل المعاني من ذات الأصل الواحد (ر.ب) مضافاً إليها تلوينة ثالثة. وهي كما قلنا عكساً لمعنى العبودية، ولا يقال الرب معرفاً بالألف واللام في غير الله، كما يقول المعجم الوسيط ص 321، ولم يستعمل العرب الحروف (س.ظ. ف.م.ن.هـ) مع الجذر الثنائي (ر.ب) وأما بقية الحالات فتشكل معاًمعاني: العلو والرفعة والحفظ والإصلاح والتعهد بالغذاء والتنمية والتأديب وجعل الشيء مستقراً وأعطاه شخصيته ومسؤولياته، وملأه وأقامه وبلده وأكسبه وزوده، وضخمه، وخلطه بالكدرة وأطلقه وتممه وكيسه، وجعله مثمراً وأمكثه ووصله وجعله في نعماء واتساع وأكثر عدده ونوعه ورباه...

أما في الفكر الغربي ففي الفرنسية: فهو مالك العطية وهو النبيل وهو ديو Dieu وهو الرب بأداة التعريف le

وفي الإنكليزية lord خازن الخبز والسلطان والسيد الحاكم والنبيل وإنسان له خاصية وهو عضو مجلس العموم (اللوردات) وهو الزوج وهو يهوه، وهو المخلّص يسوع، ويقال ربوب (للتصغير والتهكم) وهو المعمر (كبير السن)

يستعمل الفرنسيون: سينيور – ديو – يسوع- بذات المعنى.

ويستعمل الإنكليز: لورد – غود – يسوع. بذات المعنى أيضاً.

واستعمل المترجم صلاح الدين كشريد – سينيور مرافقة لكل من الكلمات: ديو- محمد – روح القدس كما رأينا.

فالسينيور أو اللورد هو مالك الأرض وهو النبيل في العصور الوسطى وهو لقب الشرف لرجل ما، وهو الجبار العاتي المتكبر الأنوف المسيطر وهو صاحب السمو وهو العجوز المعمر وهو المولى وهو عضو مجلس اللوردات وهو الزوج يهوه وهو المسيح.

ويستعمل الإنكليز فعل V.to lord بمعنى عتا وتجبر وتعجرف وجار واستبد وتغطرس.

ذلك مفهوم (السينيور – اللورد) في الفكر الغربي وتلك سماته ووظائفه، وبالمقارنة مع المفهوم في الفكر العربي اللغوي والإسلامي نجد الفارق كبيراً وبدراسة دقيقة نجد استحالة استبدال رب العربية بأي من سينيور ولورد... لتفاوت السمات وعدم اللياقة ومفارقات سعة الكلمات والشمول ولدينا دراسة عن ذلك تفصيلية. وهاهم التراجمة يترجمون: فكازيميرسكي يقول عن رب في الفاتحة Souverain وبلاشير وغروجان وماسون وحميد الله Seigneur وكشريد وبن محمود Maître وفي رب الناس " يرتد كازيمير سكي ليقول Seigneur أما بن محمود فيقول Nourricier (مغذى الناس) ويرتد بن محمود في "رب كل شيء " ليقول:le maître

وفي الإنكليزية يستعمل للرب:

The cherisher and sustainer في بداية الفاتحة. ثم يعود ليستعمل lord في الناس علماً أن معنى The cherisher هي العزيز و sustainer (المساعد، المعضد، المساند) وقد يكون بعض اللوردات على عكس كل القيم كما كان اللورد بايرون lord Byron الذي يسمى شاعر الرومانسية العاهرة وقد وصفته إحدى عشيقاته وقد عاشت معه في مجتمع مخملي "إنه مجنون وسافل ومنحط وخطر على البشرية كلها".

فهل يكرس هذا معنى الربوبية؟.

وهل أحسن التراجمة باستبدال رب العربية بمفردات Seigneur الفرنسية أو lord الإنكليزية؟!

19- مشكلة مفردة: زوج:

هو كل ما يقابل آخر من ذاته بتوافق بيولوجي أو نفسي وهو ثاني الاثنين... ونجد أن السادة التراجمة قد وقعوا في فخ كبير فمنهم من حسب أن الزوج هو الاثنين معاً ومنهم من حسب أن الزوج هو الرجل بالنسبة للمرأة أو الزوجة بالنسبة للرجل، ومنهم من قال بالصنف الثاني...

وهنا حدث خلط بيّن يبين تناقض التراجمة وعدم فهمهم الدقيق لمعاني المفردات:

- فهل "زوجت" معناها (Se marier de)؟ في الآية " إذا النفوس زوجت ([38]) ".

- وما معنى " ومن كل شيء خلقنا زوجين ([39]) "؟

وكيف نوفق بين الآيتين: ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون (70 الزخرف 43)

" واحشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون فاهدوهم إلى صراط الجحيم "(22 الصافات 37)

هل سنساوي بين النبيين نوح ولوط مع زوجيتهما الخائنتين فندخلهما الجنة أم ندخل النبيين النار بجرائم الزوجتين؟

وكيف نعالج مشكلة امرأة فرعون المؤمنة مع فرعون الجبار القاتل؟...

أليس ثمة تناقض إذا قلنا أن / زوج هنا معناه زوج زواجي جنسي / أم يحب البحث عن معنى آخر للزوج؟..

لا يوجد في القرآن الكريم من لفظ زوج على وزن "فعلة " أي زوجة.

وعند التوافق يستعمل القرآن زوج (في حالتي الخير والشر)

ومن الاختلاف والتضاد (امرأة)نوح و(امرأة)لوط وقال (امرأة) فرعون.

ومن سنن العدالة الإلهية ألا تزر وازرة وزر أخرى، وما من جرائر دون رضى قلبي..

استعمل التراجمة : Femme l'hmme

Épouse le marie

Wife man



20- مشكلة (رسول -نبي – حواري):

إن فهم النصوص وأمانة نقلها تدعو المترجمين إلى وضع المفردة في مكانها بمعناها الصحيح ومن ذلك مثلاً في دراستنا المقارنة وجدنا أن (رسول) تنوب لدى كثير من التراجمة عن (نبي) أو (حواري)أو أن ثمة علاقة ترادفية أو مساوية (لأن الترادف Synonime غير المساواة Équivalence)

مع وجود فوارق كبيرة بين هذه المفردات الثلاثة فليس النبي رسولاً بالضرورة ولكن الرسول نبي وليس الحواري إلا مبشر فليس هو نبي ولا رسول ومن هنا جاءت المفردات لدى التراجمة غائمة Ambigu. كما أن لفظ حواري لا تصلح أبداً أن تطلق على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن هذا اللقب لا يجعله نبياً ولا رسولاً ولننظر إلى التراجمة الذين وقعوا في فخ عدم الفهم لمعاني هذه المفردات وجرائرها ولدينا مقارنات مجدولة وعلى سبيل المثال لا الحصر سنرى ما يقولون: يتناقض كازيميرسكي مع نفسه أكثر من مرة ليقول: prophète ويقصد (نبي) مرة و apôtre ويقصد حواري ثانية و envoyé ثالثة أما بلاشير فيزاوج بين prophèteو Apôtre ويكثر من لفظة apôtre.

أما غرو جان فيقول apôtre, messager ويقصد رسول وابن محمود يجعل كل مفردة رسول مقابلة لمفردة prophète وأما الترجمات الإنكليزية فنجد فيها أن: عبد الله يوسف علي في طبعة الهند يختار Apostle وتتغير في طبعة ماريلاند لتصير messanger...

فهل وفق التراجمة أم ضاعوا وضيعوا وهل كانوا فعلاً فرساناً للتنوير أم شيئاً آخر غير ذلك.

21- الموسيقية والشاعرية لدى التراجمة بالنص القرآني: من المعلوم أن أصعب الترجمات لدى الباحثين والمجربين من التراجمة أمور علم النفس وبالتالي مشاعر الإنسان وحيثياته ولما كان كل إنسان عالماً بذاته:

وتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر

فإن ألفاظ الحب والكره وتسميات الانفعالات بشتى صورها وأصدائها تعجز تحت كل التسميات عن التعبير عما يجول في هذا القلب الإنساني والذهن البشري، وبالتالي فإن ترجمة الشعر شيء عسير إن لم يكن مستحيلاً، أما ترجمة ما في آي القرآن مما تثيره من أحاسيس تدمع لها القلوب قبل العيون وتسجد لها العقول قبل الجباه خشوعاً ويقينياً وفي ذلك يقول مار مادوك بكتال: فالترجمة الناجمة عن هذا الجهد ليست هي القرآن الكريم " ذلك السيمفونية " المقطوعة النظير التي سينزل إيقاعها وتلحينها دموع الناس، فيرقى بهم إلى حال من ا لنشوة ".. فليس من ذلك شيء في الترجمات بل تثير هذه الترجمات الشعرية والقرآنية في أكثر الأحايين أحاسيس الغثيان Nausée والتثاؤب والتعب وكأن المرء يجبر على أكل ثمار حجرية يحتسي معها الغسلين الآسن.. الملوث بالرمال وهذا ما شعر به مارتن لوثر منذ سبعمائة سنة ونيف وكذلك هولوبيك في القرن العشرين.

ومن العجب أن نرى أن بعضاً من التراجمة قد أخذ على عاتقه أن يقدم الآيات حسب هواه- بطرائق موسيقية كما فعل د. محمد سعيد الرشد وزوجه الدكتورة إيمان فاليريا بوروخوفا في ترجمتها للغة الروسية، إن د.بوروخوفا تنقل عن زوجها المعاني كما يصرح هو ذاته في إحدى المقالات وتموسقها وترسم لوحتها الإعجازية وصورها البلاغية فهي –كما يقول – أديبة روسية ويقول حرفياً "كانت تكتب ما أترجمه لها بصور أدبية فيها سجع ونغمة محببة للنفس لأن من أهداف الترجمة أن يستمتع القارىء الروسي بقراءة القرآن كما يستمتع بذلك القارىء العربي "

فهل أحاط هؤلاء وأمثالهم بالموسيقا ومعنى المفردات وأحكام التجويد ومخارج الحروف وطبقوها في ترجماتهم أم راحوا يخوضون ويلعبون ويلهون؟؟

ولدينا على ذلك دراسات مقارنة حول بضعة ترجمات...

22- موضوع التخصصات العلمية وعلاقتها بالمترجمين يقول ج. بيرس ثمة ما يسمى بجهل العلماء ذلك أن من يتحدث بغير تخصصه كمن يمشي في طريق ممتلىء بالألغام، فمن يتخصص بالفلسفة، أو بعض من تخصصاتها لا يمكنه مطلقاً أن يقف إماماً في محراب التخصصات الطبية ومن له دراية باللغة أو بعض من تخصصاتها لا يمكنه أن يكون السابق ولا المصلي ولا المجلي....

وعل ذلك فإن تصدق مقولة بيرس فإن على جميع أهل التخصصات الدقيقة و العميقة جداً في شتى اختصاصات الاختصاصات أن يدلوا بدلائهم بعد كل تمحيص كي يجرؤوا على تفسيراتهم ويختموها بعبارة ضرورية هي " والله أعلم "...كما كان يفعل كبار الباحثين الذين يحترمون أنفسهم ومتلقيهم باحترامهم النصوص وأوجهها.

وأضرب أمثلة سريعة على خطأ كثير من المدعين ومنهم مثلاً ريجيس بلاشير الذي قال بأن العلق هو خثرة دموية متجلطة (متخثرة) والأمر غير ذلك لدى المتخصصين في علم الأجنة Embryologie وأمور مثل ذلك كثير فقد قال المترجم محمد حميد الله إن معنى "المرصوص " في الآية " إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص " أن البناء من الرصاص "plomb" وأشياء كثيرة مثل هذا...

23- رصف الأختام والتوقيعات على كثير من الترجمات

من الأخطاء الكبيرة جداً رصف الأختام والموافقات على كثير من الترجمات كما نرى على الترجمة للروسية من معهد البحوث الإسلامية للأزهر وكذلك على ترجمة ماسون أنها قد أخذت موافقة مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر وهناك ترجمات عديدة مثل ترجمة جان غروجان الحائز على موافقة الأزهر وغير ذلك...

وكذلك ترجمة القاسمي فخري التي حازت على موافقة دار الإفتاء في طرابلس لبنان والمضحك انه قد كتب عليها: نوافق على الترجمة الإنكليزية على نص الترجمة الفرنسي؟

هذا غيض من فيض من ملاحظات تلمسناها على بعض الترجمات التي بين أيدينا

وفي الختام نقول بعد عمل دؤوب لدينا وثائقها في دراساتنا المقارنة

أليس فك خيوط الحرير الأنثوية الرقيقة من كدسة عوسج

والانطلاق الحرج على الأعراف في واد سحيق والاتكاء الأليم على جروح الضعف الإنساني

كل هذا أهون ألف مرة من توكيدنا الأمانة بمعناها القرآني الدقيق,أننا ترجمنا في الشعر و القرآن؟

فألف شعب من المستحيلات أمام التراجمة الذين لما يزالوا على بوابات عالم متسع لإنسان أوتي من كل شيء سبباً,ولما يكتشف هو ذاته من أغوار نفسه إلا القليل القليل,ففيه بلغ الخلق أحسن تقويمه و فيه ارتداده إلى أدنى دناياه و بين جناحيه هذين بحر لا سواحل له,فعند تخومه الأولى صدرت معجزات السمع و البصر واللسان وفي منتهى فؤاده و يده كانت خواتيم الحرية المسؤولة التي هي أس الأمانة وأساسها و فيما بينهما قول و فعل

إنَّ في ذلك للذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

[align=center]والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته

31/ 3 / 2006

علي عبدو الإبراهيم [/align]

--- الحواشي -----
([1]) - راجع قاموس لاروس Larousse 1985 الملحق: عبارات لاتينية، يونانية، وأجنبية ص XII .
"traduttore, traditore" aphorisme italien, qui signifie que toute traduction est fatalement infidèle et trahit par conséquent la pensée de l'auteur du texte original " .
([2]) – راجع: دراسات في الترجمة والمصطلح والتعريب – شحادة الخوري – دار طلاس – دمشق، طبعة أولى – 1989 .
([3]) - - Jules Marouzeau , "la traduction . P. (47-)
([4]) - المسائل النظرية في الترجمة / ترجمة لطيف زينون، طبعة أولى، دار المنتخب العربي . بيروت 1994 م. ص 9
([5]) - Dictionnaise de linguistique – larousse 1973
([6]) - الترجمة في العصر العباسي، تأليف مريم سلامة كار ترجمة د. نجيب غزاوي – دمشق 1998- منشورات وزارة الثقافة . ص2.
([7]) - نفس المرجع أعلاه ص 91 .
([8]) – المعجزة الخالدة – د. حسن ضياء الدين عتر – دار النصر – حلب – سورية – طبعة أولى 1975 ص 143 .
([9]) – سورة يوسف: 12 الآية 2 .
([10]) – سورة الأنبياء: 21 الآية 107 .
([11]) - عمر شيخ الشباب ص 121 (فصول في التأويل ولغة الترجمة – دار الحصاد 2003 الطبعة الأولى).
([12]) – سورة هود: 11 الآية 1 .
([13]) – المرجع: ص 176 .
([14]) – المرجع السابق: ص 176 (فصول في التأويل ولغة الترجمة – دار الحصا\ 2003 ط1) .
([15]) - ترجمة القرآن الكريم – د. نجدة رمضان – دار المحبة – 1998 ص 14
([16]) – نفس المرجع السابق ص 77 .
([17]) – وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً (سورة سبأ 34 الآية 28) .
([18]) – المرجع: ترجمة القرآن الكريم – د. نجدة رمضان – دار المحبة – 1998 ص 77-94 .
([19]) - حاضر العالم الإسلامي وقضاياه المعاصرة – د . جميل عبد الله محمود المصري- مكتبة العبيكان الطبعة السادسة 1422هـ - 2001 م .
([20]) – السورة 17 الآية 85 .
([21]) – سورة المنافقون 63 الآية 4 .
([22]) – سورة الزخرف 43 الآية 36 .
([23]) – الأدب العربي بالفرنسية – اتحاد الكتاب العرب – 2005 .
([24]) – سورة الزمر 39 الآية 42 .
([25]) – سورة آل عمران 3 الآية 45 .
([26]) – سورة الحاقة 69 الآية 47 .
([27]) – سورة الغاشية 88 الآية 21 .
([28]) – سورة الرعد 13 الآية 40 .
([29]) – سورة المائدة 5 الآية 67 .
([30]) – سورة الأحقاف 46 الآية 35
([31]) – المرجع كتاب: القرآن والعلم المعاصر – د. موريس بوكاي – ترجمة د. محمد إسماعيل بصل + د. محمد خير البقاعي – طبعة أولى 1995 – دار ملهم – حمص – سورية ص 127 .
([32]) – سورة الإسراء 17 الآية 29 .
([33]) – سورة الكهف 18 الآية 11 .
([34]) – من كتاب: الإسلام في عيون غربية، تأليف محمد عمارة – دار الشروق – ط1 / 2005 ص 67 .
([35]) – سورة الأحزاب 33 الآية 72 .
([36]) – سورة البقرة 2 الآية 21 .
([37]) – سورة الروم 30 الآية 22 .
([38]) – سورة التكوير 81 الآية 7 .
([39]) – سورة الذاريات 51 الآية 49 .
 
الملف المرفق

الملف المرفق

هذا الملف المرفق المضغوط أسأل الله النفع والفائدة
 
شكر الله للكاتب , والناقل , وزيادة فائدة اذكر ما كتبه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حول هذا الموضوع من كتابه أصول في التفسير :

ترجمة القـرآن
الترجمة لغة: تطلق على معانٍ ترجع إلى البيان والإِيضاح
وفي الاصطلاح: التعبير عن الكلام بلغة أخرى
وترجمة القرآن: التعبير عن معناه بلغة أخرى
والترجمة نوعان:
أحدهما: ترجمة حرفية، وذلك بأن يوضع ترجمة كل كلمة بإزائها
الثاني: ترجمة معنوية، أو تفسيريَّة، وذلك بأن يعبر عن معنى الكلام بلغة أخرى من غير مراعاة المفردات والترتيب.
مثال ذلك: قوله تعالى: { )إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف:3)
فالترجمة الحرفية: أن يترجم كلمات هذه الآية كلمة كلمة فيترجم (إنا) ثم (جعلناه) ثم (قرآناً) ثم (عربياً) وهكذا.
والترجمة المعنوية: أن يترجم معنى الآية كلها بقطع النظر عن معنى كل كلمة وترتيبها، وهي قريبة من معنى التفسير الإِجمالي.

حكم ترجمة القـرآن:
الترجمة الحرفية بالنسبة للقرآن الكريم مستحيلة عند كثير من أهل العلم، وذلك لأنه يشترط في هذا النوع من الترجمة شروط لا يمكن تحققها معها وهي:
أ -وجود مفردات في اللغة المترجم إليها بإزاء حروف اللغة المترجم منها
ب -وجود أدوات للمعاني في اللغة المترجم إليها مساويةٍ أو مشابهة للأدوات في اللغة المترجم منها
جـ -تماثل اللغتين المترجم منها وإليها في ترتيب الكلمات حين تركيبها في الجمل والصفات والإِضافات وقال بعض العلماء: إن الترجمة الحرفية يمكن تحققها في بعض آية، أو نحوها، ولكنها وإن أمكن تحققها في نحو ذلك - محرمة لأنها لا يمكن أن تؤدي المعنى بكماله، ولا أن تؤثر في النفوس تأثير القرآن العربي المبين، ولا ضرورة تدعو إليها؛ للاستغناء عنها بالترجمة المعنوية
وعلى هذا فالترجمة الحرفية إن أمكنت حسًّا في بعض الكلمات فهي ممنوعة شرعاً، اللهم إلا أن يترجم كلمة خاصة بلغة من يخاطبه ليفهمها، من غير أن يترجم التركيب كله فلا بأس.
وأما الترجمة المعنوية للقرآن فهي جائزة في الأصل لأنه لا محذور فيها، وقد تجب حين تكون وسيلة إلى إبلاغ القرآن والإِسلام لغير الناطقين باللغة العربية؛ لأن إبلاغ ذلك واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
لكن يشترط لجواز ذلك شروط:
الأول: أن لا تجعل بديلاً عن القرآن بحيث يستغنى بها عنه، وعلى هذا فلا بد أن يكتب القرآن باللغة العربية وإلى جانبه هذه الترجمة؛ لتكون كالتفسير له.
الثاني: أن يكون المُتَرْجِمُ عالماً بمدلولات الألفاظ في اللغتين المترْجَم منها وإليها، وما تقتضيه حسب السياق.
الثالث: أن يكون عالماً بمعاني الألفاظ الشرعية في القرآن
ولا تُقْبَلُ الترجمة للقرآن الكريم إلا من مأمون عليها، بحيث يكون مسلماً مستقيماً في دينه.
 
بحث رائع ، فنحن نفتقد مثل هذه البحوث الموازنة من أناس لهم بصر باللغات ، ولعل الموضوع يأخذ حظه من التفاعل ، ففي موضوع الترجمة إشكالات لا تخفى على ذي بصر .
 
عذرا لم أقرأ البحث بعد.........لكن لدي ملاحظات نظرية عامة.
1-يستحيل ترجمة أي نص بسبب طبيعة اللغات الإنسانية نفسها،ذلك لأن كل كلمة تحتمل نوعين من المعاني:
-معاني معجمية ذاتية راجعة إلى الوضع.
-معاني إيحائية راجعة إلى الحقل الثقافي والحضاري.
فعلى فرض إمكان الحفاظ على النوع الأول في الترجمة فمن المستحيل قطعا تحميل المعاني الثانية لآن لكل كلمة ذاكرة خاصة .....
مثال ذلك:
Foret الفرنسية يمكن ترجمتها (غابة )
فهل الترجمة صحيحة؟
لا،لأن الكلمة الفرنسية لا تثير في ذهن الفرنسي الإحالة على فضاء مشجر فقط بل تثير في نفسه انطباعات البهجة حيث تذكره بالنزهة وعطلة يوم الأحد ورحلات القنص.....
أما الكلمة العربية فلها إيحاءات مقابلة تماما فهي تثير الخوف وتذكر بقصص الغول والجن والمادة اللغوية (غ.ي.ب)توشي بالغياب أي الفقدان والضياع....
فلو قلنا إن غابة هي نقيض Foret لما أبعدنا النجعة والحال أنهما عند المترجمين مترادفتان.فتأمل.

مثال آخر:
كلمة غيث- أو مطر نسبيا- لا يمكن ترجمتها ب pluie
صحيح كلتا الكلمتين تدلان على الماء النازل من السماء في اللغتين....لكن شتان في الاستقبال النفسي:
فالعربي يبتهج ويفرح لسماع الكلمة. (نتذكر تكرار السياب الحنيني للكلمة في قصيدته أنشودة المطر)
أما الفرنسي فالكلمة معادلة عنده للملل والقرف والشعور بالضيق...( المطر معادل للحرب عند جاك بريفير)
2-اعتمادا على ما سبق يمكن ترجمة النصوص العلمية بسبب اقتصارها على الدلالات الوضعية ( أو الدرجة صفر في الدلالة)....ويستحيل ترجمة النصوص الشعرية بسبب هيمنة الدلالات الإيحائية فيها....وتزداد الاستحالة في ترجمة الآية القرآنية .

3-عدد لا بأس به من علماء اللغة العرب والعجم ينكرون فكرة الترادف في اللغة الواحدة......وعليه لا يمكن تحويل النص داخل لغته فكيف يترجم إلى لغة أخرى!!!
4-المترجم للقرآن هو في الواقع يترجم ما فهمه من القرآن وشتان بين الأمرين.....والعملية تسير من انحطاط إلى آخر:
أولا= لا يستطيع المرء قطعا أن يحيط بكل دلالات الآية.
ثانيا=بعض ما يفهم من الآية ظني في الغالب و يجوز عليه الخطأ واتباع الهوى.
ثالثا=هذا البعض القليل سيضيع بعضه في عملية الترميز حين يترجم إلى لغة أخرى.
رابعا=مستقبل الترجمة قد لا يفهم بدقة مراد الرامز .
الحصيلة الابتعاد عن القرآن بأميال وأميال..........فلا ترجمة ممكنة.
 
اسم الجلالة " الله " فمن التراجمة من جعله ذات اللفظة بحرف لاتيني ومنهم من استبدله بكلمة dieu الفرنسية و God الإنكليزية وأخواتها في الألسنة الأخرى...
وهذا ما لدينا بحث مستفيض عنه بعدم جواز استبدال اسم الجلالة العربي بأي اسم آخر.... لا من الناحية الشرعية فقط بل من فروق المعاني ذات الصفات "فلله الكمال المطلق والتنزه عن كل نقص وأي نقص " بينما ليس للآلهة الأخرى مهما بلغت هذه الخاصة في أفكار أقوامها، والدراسات تؤكد ذلك...[

حكم ترجمة أسماء الله تعالى من العربية إلى الألسن الأعجمية مسألة فقهية أفتى فيها أهل العلم بالجواز قديما وحديثا
وهذه فتوى العلامة ابن باز
فتوى رقم ( 8115 ) :
س: أريد أن أقدم إليكم سؤالا قد اختلف العلماء فيه عندنا وهو مما علمنا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن صفات الله تبارك وتعالى توقيفية فنثبت ما أثبتها الله تعالى وننفي ما نفى الله تعالى ونسكت عما سكت عنه الله تعالى إما في كتابه أو بلسان نبيه صلى الله عليه وسلم فهل يجوز أن يسمي الله أحد بغير اسمه مثل (خدا) بالفارسية، أو (خداي) بالبشتو، أو (كاد) بالإنجليزي وغيرها من الأسماء، وهل يكون من ذكر الله بغير اسمه الثابت في الكتاب والسنة ملحدا كما قال تبارك وتعالى: وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ أو لا؟ ومن العلماء من يقول يجوز هذه الأسماء ويستدلون بجبرائيل ويقولون (إيل) اسم لله بالعبرانية فإذا جاز بالعبرانية تغيير الاسم فيجوز أيضا بلغة أخرى، فهل يصلح هذا التأويل أم لا؟ وهل يجوز تغيير أسماء الله بلغة أخرى غير العربية أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا .

ج تجوز ترجمة أسماء الله لمن لا يعرف اللغة العربية بلغتهم إذا كان المترجم بصيرا باللغتين، كما يجوز أن تترجم لهم معاني الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لتفهيمهم الدين
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن قعود , عبد الله بن غديان , عبد الرزاق عفيفي , عبد العزيز بن عبد الله بن باز
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 3 / 166 ، 167 ) .

وهذه أيضا فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( ترجمة أسمائه وآياته بلغة أخرى ، ليفهم أهل تلك اللغة معاني كلامه وأسمائه ، وهذا جائز ، بل مستحب أحيانا ، بل واجب أحيانا ) بيان تلبيس الجهمية ( 2 / 389 )

كما أن الإنقليزي المسلم مارماديوك بكثل ترجم لفظ الجلالة العربي الله إلى GOD في ترجمته للقرآن إلى الإنقليزية وكان معه فتوى من علماء الهند وقد أخذ ترجمته إلى مصر و عرضها على المراغي شيخ الأزهر وقد تحمس لها جدا , و ساعده في تنقيحها
ثم عبد الله يوسف علي في ترجمته
ترجم لفظ الجلالة العربي الله إلى GOD وكانت دار الإفتاء السعودية توزع ترجمته هذه على الفنادق مجانا
ولكن بعدما شرع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف بطباعتها تم تغيير God إلى لفظ الجلالة العربي وكذلك جرى التغيير في طباعات ترجمة مامديوك بكثل الجديدة أيضا وهذه اجتهادات من المراجعين
 
عودة
أعلى