عبد القادر الغنامي
New member
عقد الأستاذ الدكتور طه عبد الرحمن فصلا من كتابه "سؤال العمل"* أفرده لترجمة القرآن الكريم، وهو بعنوان "القول الثقيل والترجمة التأصيلية"؛ وفيما يلي عرض موجز له:
الفصل الخامس: القول الثقيل والترجمة التأصيلية
لاشك أن ترجمة القرآن الكريم وفهمه وتأويله وتفسيره من أعقد العمليات التي لا يستطيع إتيانها إلا ذوو الحظ العظيم من العلم، وبلغة القرآن الكريم، الراسخون في العلم، وقد توقف د. طه في هذا الفصل لمناقشة هذه المسألة بعدما بدأنا نسمع عن بعض الترجمات التي يقدمها بعض "الباحثين" الذين تعوزهم العدة العلمية والمنهجية والحكمة الربانية، من ذلك الترجمة التي قام بها "يوسف الصديق" عندما ترجم القرآن إلى اللغة الفرنسية، تحت هذا الاسم:"القرآن، قراءة أخرى وترجمة أخرى).
وقد بين د. طه في معرض هذا الفصل، مخاطر مثل هذا العمل، حينما أكد على "أن القول الثقيل يتصف بالتعالي واللاتناهي والكونية ولو أنه نزل في لسان بشري بعينه، وهو اللسان العربي، والاشتغال بترجمته بغير استيفاء الشرائط التي توجبها هذه الصفات يوقع صاحبه في التعامل "البروميثي" مع هذا القول الإلهي، ويعرضه لأخطار الابتعاد عن هذا القول وأخطار إبعاد قائله العلى له، ولا ترجمة بمقدورها أن تستوفي هذه الشرائط سوى الترجمة التأصيلية، حيث التأصيل لا يعني رد القول الثقيل إلى القول الخفيف كما فعل بعضهم (ترجمة يوسف الصديق)، وإنما يعني إقامة الذات في القول الثقيل، والحال أنه لا إقامة لها فيه إلا بانتقال المترجم من مختلس للنار إلى مقتبس للنور، ومن فاقد للإذن القلبي على مالك لهذا الإذن بفضل ما يحصله من قدرة على قراءة القول الثقيل بكل مداركه، وقد رشحت بالإيمان وتأيدت بالروح، والمترجم الذي يكون بهذا الوصف، لا تراه إلا متقربا بنقله الخفيف إلى الملقي الأعلى، فلا يتطاول و يغتر ولا يبدل ولا يحرف، متشوفا أيما تشوف على أن يستمع هذا الملقي العلى إليه ويكلمه، وينظر إليه، عسى أن تثقل كلماته في الميزان في اليوم الثقيل.
ويختم د. طه هذا الفصل بالآية الكريمة التي يقول فيها الحق سبحانه وتعالى: "والوزن يومئذ الحق، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون"(الآية 8، سورة الأعراف).
المصدر:
http://nama-center.com/ActivitieDatials.aspx?ID=147
---------
* المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، 2012، ص 191-208.
الفصل الخامس: القول الثقيل والترجمة التأصيلية
لاشك أن ترجمة القرآن الكريم وفهمه وتأويله وتفسيره من أعقد العمليات التي لا يستطيع إتيانها إلا ذوو الحظ العظيم من العلم، وبلغة القرآن الكريم، الراسخون في العلم، وقد توقف د. طه في هذا الفصل لمناقشة هذه المسألة بعدما بدأنا نسمع عن بعض الترجمات التي يقدمها بعض "الباحثين" الذين تعوزهم العدة العلمية والمنهجية والحكمة الربانية، من ذلك الترجمة التي قام بها "يوسف الصديق" عندما ترجم القرآن إلى اللغة الفرنسية، تحت هذا الاسم:"القرآن، قراءة أخرى وترجمة أخرى).
وقد بين د. طه في معرض هذا الفصل، مخاطر مثل هذا العمل، حينما أكد على "أن القول الثقيل يتصف بالتعالي واللاتناهي والكونية ولو أنه نزل في لسان بشري بعينه، وهو اللسان العربي، والاشتغال بترجمته بغير استيفاء الشرائط التي توجبها هذه الصفات يوقع صاحبه في التعامل "البروميثي" مع هذا القول الإلهي، ويعرضه لأخطار الابتعاد عن هذا القول وأخطار إبعاد قائله العلى له، ولا ترجمة بمقدورها أن تستوفي هذه الشرائط سوى الترجمة التأصيلية، حيث التأصيل لا يعني رد القول الثقيل إلى القول الخفيف كما فعل بعضهم (ترجمة يوسف الصديق)، وإنما يعني إقامة الذات في القول الثقيل، والحال أنه لا إقامة لها فيه إلا بانتقال المترجم من مختلس للنار إلى مقتبس للنور، ومن فاقد للإذن القلبي على مالك لهذا الإذن بفضل ما يحصله من قدرة على قراءة القول الثقيل بكل مداركه، وقد رشحت بالإيمان وتأيدت بالروح، والمترجم الذي يكون بهذا الوصف، لا تراه إلا متقربا بنقله الخفيف إلى الملقي الأعلى، فلا يتطاول و يغتر ولا يبدل ولا يحرف، متشوفا أيما تشوف على أن يستمع هذا الملقي العلى إليه ويكلمه، وينظر إليه، عسى أن تثقل كلماته في الميزان في اليوم الثقيل.
ويختم د. طه هذا الفصل بالآية الكريمة التي يقول فيها الحق سبحانه وتعالى: "والوزن يومئذ الحق، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون"(الآية 8، سورة الأعراف).
المصدر:
http://nama-center.com/ActivitieDatials.aspx?ID=147
---------
* المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، 2012، ص 191-208.