د. محمد بن جميل المطري
New member
ترجمة الحافظ ابن حجر العسقلاني
بقلم/ محمد بن جميل المطري
الإمام العلامة الحافظ المحدث المفسر الفقيه المؤرخ الأديب العالم الموسوعي أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، أصله فلسطيني، ولد ونشأ في القاهرة يتيم الأبوين، فكفله أحد كبار التجار الصالحين، وشجعه على طلب العلم، وحج معه وعمره 12 عامًا، واجتهد ابن حجر في طلب العلم منذ صغره، فحفظ أولًا القرآن الكريم، وحفظ متن عمدة الأحكام في الحديث، ودرسه على بعض الشيوخ، ثم اهتم بعلم الشعر والنحو والأدب والتاريخ والفقه وأصول الفقه، ثم توسع في علم الحديث، وسمع أو قرأ على مشايخه أمات كتب الحديث، وبعضها أكثر من مرة كصحيحي البخاري ومسلم، ومنها كتب كبار جدًا كمسند أحمد بن حنبل المشتمل على أكثر من 27 ألف حديث، ولازم شيخه أبا الفضل العراقي عشر سنوات، ونبغ في مختلف العلوم الشرعية، ورحل في طلب العلم إلى الإسكندرية واليمن مرتين فدخل زبيد وتعز وعدن، ثم حج ورجع إلى مصر، ثم حج ودخل اليمن مرة ثانية فاستفاد وأفاد، وحج عدة مرات، وسمع بمكة والمدينة من كثير من الشيوخ، وسمعوا منه بعض مروياته، ورحل إلى مدن الشام، وكان سريع القراءة على الشيوخ قراءة ضبط وإتقان، فقد قرأ صحيح مسلم في أربعة مجالس في يومين وشيء من اليوم الثالث، وقرأ سنن ابن ماجه في أربعة مجالس، وقرأ السنن الكبرى للنسائي في عشرة مجالس، كل مجلس نحو أربع ساعات، وعدد أحاديث السنن الكبرى للنسائي 12 ألف حديث تقريبًا، وقرأ معجم الطبراني الصغير في مجلس واحد بين صلاتي الظهر والعصر، وعدد أحاديثه 1200 حديث تقريبًا، وهذه الكتب قرأها ابن حجر على مشايخه في زمن طلب العلم، وقرأ ابن حجر صحيح البخاري على طلابه في عشرة مجالس، كل مجلس منها أربع ساعات، وتولى ابن حجر القضاء عدة مرات، وألَّف المؤلفات الكثيرة النافعة التي تزيد على المائة، أجلُّها فتح الباري بشرح صحيح البخاري المطبوع في 17 مجلدًا، مكث في تأليفه 25 عامًا.
قال السيوطي: ابن حجر شيخ الإسلام، وإمام الحفاظ في زمانه، وحافظ الديار المصرية، بل حافظ الدنيا مطلقًا، قاضي القضاة، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر الكِناني العسقلاني ثم المصري الشافعي، سمع الكثير، ورحل في طلب العلم، ولازم شيخه الحافظ أبا الفضل العراقي، وبرع في الحديث، وتقدم في جميع فنونه، وصنف التصانيف التي عم النفع بها كشرح البخاري الذي لم يصنِّف أحد في الأولين ولا في الآخرين مثله.
وقال عنه ابن العماد الحنبلي: هو قدوة الأمة، وعلامة العلماء، وحجة الأعلام، ومحيي السنة، الإمام الحافظ المؤرخ الكبير، صاحب فتح الباري بشرح صحيح البخاري، والإصابة في تمييز الصحابة، والدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، وغير ذلك من المصنفات النافعة المفيدة القيمة.
وقال الشوكاني: أحمد بن علي الشهاب أبو الفضل الكناني العسقلاني القاهري الشافعي المعروف بابن حجر، الحافظ الكبير الشهير الإمام المنفرد بمعرفة الحديث وعِلَلِه في الأزمنة المتأخرة، وُلِد بمصر ونشأ بها يتيمًا، وحفظ القرآن وهو ابن تسع سنين، ثم حفظ عمدة الأحكام وألفية الحديث لشيخه العراقي، وحفظ الحاوي الصغير في الفقه الشافعي ومختصر ابن الحاجب في الأصول ومُلحة الإعراب، وبحث في ذلك على الشيوخ، ثم حبب الله إليه علم الحديث، فأقبل عليه أقبالًا كليًا وعمره 20 عامًا، فعكف في طلب علم الحديث على الزين عبد الرحيم بن الحسين العراقي، وحمل عنه جملة نافعة من علم الحديث سندًا ومتنًا وعِللًا واصطلاحًا، وارتحل إلى بلاد الشام والحجاز واليمن ومكة وما بين هذه النواحي، وأكثر جدًا من المسموع والشيوخ، وأدرك من الشيوخ جماعة كل واحد رأسٌ في فنه الذي اشتُهِر به، فالتنوخي في معرفة القراءات، والعراقي في الحديث، والبلقيني في سعة الحفظ وكثرة الاطلاع، وابن الملقن في كثرة التصانيف، والمجد صاحب القاموس في حفظ اللغة، والعز بن جماعة في تفننه في علوم كثيرة، ثم تصدى لنشر الحديث، وقصر نفسه عليه مطالعة وإقراء وتصنيفًا وإفتاء، وتفرد بذلك، وشهد له بالحفظ والإتقان القريب والبعيد، حتى صار إطلاق لفظ الحافظ عليه كلمة إجماع، ورحل الطلبة إليه من الأقطار، وانتشرت مؤلفاته في حياته في الأقطار، وهي كثيرة جدًا، وأجلها فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ودرَّس في مواطن متعددة، واشتَهر ذكرُه، وبعُد صيتُه، وارتحل إليه العلماء، وتبجح الأعيان بلقائه.
وقد أثنى على ابن حجر كثير من مشايخه في شبابه، من ذلك ما كتبه شيخه البُلقيني في تقريظه لبعض كتبه: الشيخ الحافظ، المحدث المتقن المحقق، شهاب الدين أبو الفضل أحمد ابن الفقير إلى الله تعالى الفاضل المرحوم نور الدين علي الشهير بابن حجر، نفع الله تعالى به وبفوائده آمين.
وكتب شيخه أبو الفضل العراقي في تقريظه لبعض كتبه: الشيخ الفقيه المحدث الفاضل الحافظ المتقن، الناقد الحجة، المفيد المجيد، الثقة المأمون، شهاب الدين أحمد بن علي الشافعي، الشهير بابن حجر، الشيخ الإمام المحدث الحافظ المتقن الرحال، نفع الله بفوائده، وأمتع بعوائده.
وأهدى إليه العلامة ابن الجزري كتابه النشر في القراءات العشر وكتب في الإهداء: هدية من العبد الفقير إلى رحمة الله تعالى محمد بن محمد بن محمد بن الجزري مؤلفه عفا الله تعالى عنه لخزانة مولانا الشيخ الإمام العلامة حافظ عصره، وشيخ مصره، شيخ الأنام، وحافظ الإسلام، شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن الشيخ الإمام المرحوم علي بن محمد العسقلاني المعروف بابن حجر، أدام الله تعالى نفع المسلمين بعلومه الشريفة، وأبقى على المؤمنين فوائد مؤلفاته الظريفة، وأدام نفع المسلمين بمؤلفاته المفيدة، وفضائله العديدة، وأيامه السعيدة.
وقال عنه شيخه سبط ابن العجمي الحلبي: هذا الرجل في غاية ما يكون من استحضار الرجال والكلام فيهم، وله مؤلفات كثيرة في تراجمهم، وله أخلاق حسنة، ونوادر، وسكون، ويستحضر أشياء حسنة مليحة، وأما الحديث فله معرفة تامة برجاله المتقدمين والمتأخرين بتراجمهم، ولا أعلم أني رأيت مثله في معرفة رجاله، والله أعلم.
وقال شيخه ابن ناصر الدين الدمشقي في بعض رسالة إليه: إلى مولانا وسيدنا شيخ الإسلام، حافظ الأعلام، ناصر السنة، إمام الأئمة، قاضي قضاة الأمة، أبي الفضل أسبغ الله على الوجود ظل بقائه، ولا أخلانا والمسلمين من عوائد فوائده.
وللسخاوي كتاب نفيس بعنوان: الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر مطبوع في 3 مجلدات، سرد فيه مشايخ ابن حجر وعددهم أكثر من 600 شيخ، وسرد من مؤلفات ابن حجر أكثر من 200 كتاب ورسالة في علوم كثيرة، ومن أشهر مؤلفات ابن حجر في علوم الحديث خاصة: فتح الباري بشرح صحيح البخاري (17) مجلدًا، هدي الساري مقدمة فتح الباري مجلدان، تغليق التعليق على صحيح البخاري (5) مجلدات، المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية (19) مجلدًا، إتحاف الـمَهَرة (19) مجلدًا، التلخيص الحبير في تخريج الأحاديث (4) مجلدات، تهذيب التهذيب في أسماء الرجال (12) مجلدًا، تقريب التهذيب، الإصابة في تمييز الصحابة (8) مجلدات، لسان الميزان (7) مجلدات، نزهة الألباب في الألقاب، طبقات المدلسين، بلوغ المرام من أدلة الأحكام، متن نخبة الفِكَر في مصطلح أهل الأثر، نزهة النظر في توضيح نخبة الفِكَر، وله كتاب العُجاب في بيان الأسباب مجلدان، والدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (6) مجلدات، وإنباء الغُمر بأبناء العُمر (4) مجلدات ذكر فيه حوادث الزمان من سنة مولده إلى قبل وفاته بسنتين، وله ديوان شعر، وديوان خطب.
والعلامة ابن حجر كغيره من علماء الأمة يصيب ويخطئ، وقد نبَّه على بعض أخطائه بعض أهل العلم، ولا معصوم إلا النبي عليه الصلاة والسلام.
توفي ابن حجر رحمه الله في القاهرة سنة 852 هجرية وعمره 79 عامًا.
ومن أشهر تلاميذ ابن حجر: محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت 902 هـ) مؤلف كتاب فتح المغيث بشرح ألفية الحديث والضوء اللامع في أعيان القرن التاسع، وإبراهيم بن عمر البقاعي (ت 885 هـ) مؤلف كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور وكتاب مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور، وإسماعيل بن محمد بن المقري اليمني (ت 837 هـ) مؤلف كتاب عنوان الشرف الوافي في الفقه والنحو والتاريخ والعروض والقوافي وكتاب روض الطالب في الفقه الشافعي، ويوسف بن تَغْري بِرْدِي (ت 874 هـ) مؤلف كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، والعلامة القاضي المقرئ المحدِّث زكريا بن محمد الأنصاري (ت 926 هـ) مؤلف كتاب فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب في الفقه الشافعي وكتاب أسنى المطالب في شرح روض الطالب وشرح البهجة الوردية في الفقه الشافعي وغاية الوصول في شرح لب الأصول وشرح المقدمة الجزرية.
بقلم/ محمد بن جميل المطري
الإمام العلامة الحافظ المحدث المفسر الفقيه المؤرخ الأديب العالم الموسوعي أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، أصله فلسطيني، ولد ونشأ في القاهرة يتيم الأبوين، فكفله أحد كبار التجار الصالحين، وشجعه على طلب العلم، وحج معه وعمره 12 عامًا، واجتهد ابن حجر في طلب العلم منذ صغره، فحفظ أولًا القرآن الكريم، وحفظ متن عمدة الأحكام في الحديث، ودرسه على بعض الشيوخ، ثم اهتم بعلم الشعر والنحو والأدب والتاريخ والفقه وأصول الفقه، ثم توسع في علم الحديث، وسمع أو قرأ على مشايخه أمات كتب الحديث، وبعضها أكثر من مرة كصحيحي البخاري ومسلم، ومنها كتب كبار جدًا كمسند أحمد بن حنبل المشتمل على أكثر من 27 ألف حديث، ولازم شيخه أبا الفضل العراقي عشر سنوات، ونبغ في مختلف العلوم الشرعية، ورحل في طلب العلم إلى الإسكندرية واليمن مرتين فدخل زبيد وتعز وعدن، ثم حج ورجع إلى مصر، ثم حج ودخل اليمن مرة ثانية فاستفاد وأفاد، وحج عدة مرات، وسمع بمكة والمدينة من كثير من الشيوخ، وسمعوا منه بعض مروياته، ورحل إلى مدن الشام، وكان سريع القراءة على الشيوخ قراءة ضبط وإتقان، فقد قرأ صحيح مسلم في أربعة مجالس في يومين وشيء من اليوم الثالث، وقرأ سنن ابن ماجه في أربعة مجالس، وقرأ السنن الكبرى للنسائي في عشرة مجالس، كل مجلس نحو أربع ساعات، وعدد أحاديث السنن الكبرى للنسائي 12 ألف حديث تقريبًا، وقرأ معجم الطبراني الصغير في مجلس واحد بين صلاتي الظهر والعصر، وعدد أحاديثه 1200 حديث تقريبًا، وهذه الكتب قرأها ابن حجر على مشايخه في زمن طلب العلم، وقرأ ابن حجر صحيح البخاري على طلابه في عشرة مجالس، كل مجلس منها أربع ساعات، وتولى ابن حجر القضاء عدة مرات، وألَّف المؤلفات الكثيرة النافعة التي تزيد على المائة، أجلُّها فتح الباري بشرح صحيح البخاري المطبوع في 17 مجلدًا، مكث في تأليفه 25 عامًا.
قال السيوطي: ابن حجر شيخ الإسلام، وإمام الحفاظ في زمانه، وحافظ الديار المصرية، بل حافظ الدنيا مطلقًا، قاضي القضاة، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر الكِناني العسقلاني ثم المصري الشافعي، سمع الكثير، ورحل في طلب العلم، ولازم شيخه الحافظ أبا الفضل العراقي، وبرع في الحديث، وتقدم في جميع فنونه، وصنف التصانيف التي عم النفع بها كشرح البخاري الذي لم يصنِّف أحد في الأولين ولا في الآخرين مثله.
وقال عنه ابن العماد الحنبلي: هو قدوة الأمة، وعلامة العلماء، وحجة الأعلام، ومحيي السنة، الإمام الحافظ المؤرخ الكبير، صاحب فتح الباري بشرح صحيح البخاري، والإصابة في تمييز الصحابة، والدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، وغير ذلك من المصنفات النافعة المفيدة القيمة.
وقال الشوكاني: أحمد بن علي الشهاب أبو الفضل الكناني العسقلاني القاهري الشافعي المعروف بابن حجر، الحافظ الكبير الشهير الإمام المنفرد بمعرفة الحديث وعِلَلِه في الأزمنة المتأخرة، وُلِد بمصر ونشأ بها يتيمًا، وحفظ القرآن وهو ابن تسع سنين، ثم حفظ عمدة الأحكام وألفية الحديث لشيخه العراقي، وحفظ الحاوي الصغير في الفقه الشافعي ومختصر ابن الحاجب في الأصول ومُلحة الإعراب، وبحث في ذلك على الشيوخ، ثم حبب الله إليه علم الحديث، فأقبل عليه أقبالًا كليًا وعمره 20 عامًا، فعكف في طلب علم الحديث على الزين عبد الرحيم بن الحسين العراقي، وحمل عنه جملة نافعة من علم الحديث سندًا ومتنًا وعِللًا واصطلاحًا، وارتحل إلى بلاد الشام والحجاز واليمن ومكة وما بين هذه النواحي، وأكثر جدًا من المسموع والشيوخ، وأدرك من الشيوخ جماعة كل واحد رأسٌ في فنه الذي اشتُهِر به، فالتنوخي في معرفة القراءات، والعراقي في الحديث، والبلقيني في سعة الحفظ وكثرة الاطلاع، وابن الملقن في كثرة التصانيف، والمجد صاحب القاموس في حفظ اللغة، والعز بن جماعة في تفننه في علوم كثيرة، ثم تصدى لنشر الحديث، وقصر نفسه عليه مطالعة وإقراء وتصنيفًا وإفتاء، وتفرد بذلك، وشهد له بالحفظ والإتقان القريب والبعيد، حتى صار إطلاق لفظ الحافظ عليه كلمة إجماع، ورحل الطلبة إليه من الأقطار، وانتشرت مؤلفاته في حياته في الأقطار، وهي كثيرة جدًا، وأجلها فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ودرَّس في مواطن متعددة، واشتَهر ذكرُه، وبعُد صيتُه، وارتحل إليه العلماء، وتبجح الأعيان بلقائه.
وقد أثنى على ابن حجر كثير من مشايخه في شبابه، من ذلك ما كتبه شيخه البُلقيني في تقريظه لبعض كتبه: الشيخ الحافظ، المحدث المتقن المحقق، شهاب الدين أبو الفضل أحمد ابن الفقير إلى الله تعالى الفاضل المرحوم نور الدين علي الشهير بابن حجر، نفع الله تعالى به وبفوائده آمين.
وكتب شيخه أبو الفضل العراقي في تقريظه لبعض كتبه: الشيخ الفقيه المحدث الفاضل الحافظ المتقن، الناقد الحجة، المفيد المجيد، الثقة المأمون، شهاب الدين أحمد بن علي الشافعي، الشهير بابن حجر، الشيخ الإمام المحدث الحافظ المتقن الرحال، نفع الله بفوائده، وأمتع بعوائده.
وأهدى إليه العلامة ابن الجزري كتابه النشر في القراءات العشر وكتب في الإهداء: هدية من العبد الفقير إلى رحمة الله تعالى محمد بن محمد بن محمد بن الجزري مؤلفه عفا الله تعالى عنه لخزانة مولانا الشيخ الإمام العلامة حافظ عصره، وشيخ مصره، شيخ الأنام، وحافظ الإسلام، شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن الشيخ الإمام المرحوم علي بن محمد العسقلاني المعروف بابن حجر، أدام الله تعالى نفع المسلمين بعلومه الشريفة، وأبقى على المؤمنين فوائد مؤلفاته الظريفة، وأدام نفع المسلمين بمؤلفاته المفيدة، وفضائله العديدة، وأيامه السعيدة.
وقال عنه شيخه سبط ابن العجمي الحلبي: هذا الرجل في غاية ما يكون من استحضار الرجال والكلام فيهم، وله مؤلفات كثيرة في تراجمهم، وله أخلاق حسنة، ونوادر، وسكون، ويستحضر أشياء حسنة مليحة، وأما الحديث فله معرفة تامة برجاله المتقدمين والمتأخرين بتراجمهم، ولا أعلم أني رأيت مثله في معرفة رجاله، والله أعلم.
وقال شيخه ابن ناصر الدين الدمشقي في بعض رسالة إليه: إلى مولانا وسيدنا شيخ الإسلام، حافظ الأعلام، ناصر السنة، إمام الأئمة، قاضي قضاة الأمة، أبي الفضل أسبغ الله على الوجود ظل بقائه، ولا أخلانا والمسلمين من عوائد فوائده.
وللسخاوي كتاب نفيس بعنوان: الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر مطبوع في 3 مجلدات، سرد فيه مشايخ ابن حجر وعددهم أكثر من 600 شيخ، وسرد من مؤلفات ابن حجر أكثر من 200 كتاب ورسالة في علوم كثيرة، ومن أشهر مؤلفات ابن حجر في علوم الحديث خاصة: فتح الباري بشرح صحيح البخاري (17) مجلدًا، هدي الساري مقدمة فتح الباري مجلدان، تغليق التعليق على صحيح البخاري (5) مجلدات، المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية (19) مجلدًا، إتحاف الـمَهَرة (19) مجلدًا، التلخيص الحبير في تخريج الأحاديث (4) مجلدات، تهذيب التهذيب في أسماء الرجال (12) مجلدًا، تقريب التهذيب، الإصابة في تمييز الصحابة (8) مجلدات، لسان الميزان (7) مجلدات، نزهة الألباب في الألقاب، طبقات المدلسين، بلوغ المرام من أدلة الأحكام، متن نخبة الفِكَر في مصطلح أهل الأثر، نزهة النظر في توضيح نخبة الفِكَر، وله كتاب العُجاب في بيان الأسباب مجلدان، والدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (6) مجلدات، وإنباء الغُمر بأبناء العُمر (4) مجلدات ذكر فيه حوادث الزمان من سنة مولده إلى قبل وفاته بسنتين، وله ديوان شعر، وديوان خطب.
والعلامة ابن حجر كغيره من علماء الأمة يصيب ويخطئ، وقد نبَّه على بعض أخطائه بعض أهل العلم، ولا معصوم إلا النبي عليه الصلاة والسلام.
توفي ابن حجر رحمه الله في القاهرة سنة 852 هجرية وعمره 79 عامًا.
ومن أشهر تلاميذ ابن حجر: محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت 902 هـ) مؤلف كتاب فتح المغيث بشرح ألفية الحديث والضوء اللامع في أعيان القرن التاسع، وإبراهيم بن عمر البقاعي (ت 885 هـ) مؤلف كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور وكتاب مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور، وإسماعيل بن محمد بن المقري اليمني (ت 837 هـ) مؤلف كتاب عنوان الشرف الوافي في الفقه والنحو والتاريخ والعروض والقوافي وكتاب روض الطالب في الفقه الشافعي، ويوسف بن تَغْري بِرْدِي (ت 874 هـ) مؤلف كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، والعلامة القاضي المقرئ المحدِّث زكريا بن محمد الأنصاري (ت 926 هـ) مؤلف كتاب فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب في الفقه الشافعي وكتاب أسنى المطالب في شرح روض الطالب وشرح البهجة الوردية في الفقه الشافعي وغاية الوصول في شرح لب الأصول وشرح المقدمة الجزرية.