بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة
و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين
الأخت الفاضلة رزان
حفظها الله
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أقدر فيكم شجاعتكم الأدبية لطرح هذا الموضوع المشكل ، ذلك أننا كأساتذة جامعيين لم نتلق أي تكوين في البيداغوجية الجامعية، وطرق التدريس ، ومن ثم فإننا ـ في الحقيقة ـ نتعلم عن طريق التجربة و الخطأ وهي أسوء طرق التعليم، وقد نتعلم عن طريق محاكاة بعض أساتذتنا المبرزين، وهي طريقة لا تحقق المقصود، المتمثل في التدريس الجامعي الفعال، الذي يعتمد إيصال المعلومة العلمية إلى الطالب، مع تدريبه على المنهجية العلمية، المتمثلة في معرفة طرق الوصول إلى المعلومات في مظانها الأصلية، مع القدرة على توظيفها في المجال الذي نريد، وما يصاحب ذلك من توثيق علمي للمعلومات، وفهمها فهما صحيحا، فالعلم يسير في اتجاهين متوازيين و متكاملين : التوثيق و الفهم، وهما اللذان ابتكرتهما الحضارة الإسلامية، فأنتجت علوم الحديث، وأصول الفقه، والتفسير و علومه.
والواقع أنني كنت منذ مدة قد أعددت مقالا في الموضوع، وكنت أنوي نشره، لكن بعض الزملاء ألح على بإرفاقه يتجربة عملية كنت خضتها مع طلبتي، لتعزز الجانب النظري، مما جعلني أتأخر في نشره.
ويسعدني هنا أن أعيد نشر جزء من مقال سبق نشره في انتظار نشر المقال الجديد :
أول ما يتعين البدء به تحديد الهدف من درس التفسير؟ و الذي يمكن أن يكون أحد هذه الأهداف الثلاث، أو اثنين منها أو كلها جميعا :
1- معرفة المعاني التي انتهى إليها المفسرون " نقل المعرفة ".
2- امتلاك الطالب القدرة على التفسير ، أي تأهيله لكي يكون مفسرا " إنتاج المعرفة " .
3- امتلاك الطالب القدرة على البحث في التفسير وقضاياه " البحث عن المعرفة أو البحث في المعرفة ، أم هما معا " .
في تصوري الخاص إن الهدف الذي يمكننا كأساتذة الباحثين العمل على تحقيقه هو تخريج طلبة ناقلين للمعرفة المحصلة من علوم القرآن، وتفاسير القرآن الكريم، ومؤهلين للقيام بمهام البحث في التفسير وقضاياه وذلك كهدف للتكوين العام. أما أهداف التكوين الخاص الموجهة لصفوة الطلبة ونخبتهم فإنه يتجاوز هذا الهدف إلى القدرة على التفسير، أي تأهيله للاستجابة لحاجيات المجتمع، بإيجاد مفسرين قادرين على الإجابة على أسئلة العصر، وحل أزماته، انطلاقا من القرآن الكريم، أي قادرون على تنزيل النص القرآني على الواقع ، بغية تعبيد الحياة كل الحياة لله رب العالمين، مما يجعل من التفسير مشروعا حضاريا .
وبناء على ما سبق فإنني أقترح أن تعتمد مادة التفسير المحاور التالية :
1- تفسير آيات العقيدة .
2- تفسير آيات الأحكام .
3- تفسير الآيات المتضمنة للقصص القرآني .
4- تفسير آيات الأخلاق والسلوك .
وذلك حتى يمتلك الطالب تصورا متكاملا عن التفسير ومجالاته، وطرق المفسرين في تفسير كل محور من المحاور القرآنية السابقة التي تعتبر الموضوعات الكبرى للقرآن الكريم، مع الوقوف على خصوصياته اللغوية والأسلوبية والتشريعية ، ومعرفة طرق الاستدلال والإقناع التي اعتمدها القرآن الكريم في المواقف المختلفة . كما يتمكن الطالب من معرفة عوامل استخراج المعنى من الخطاب القرآني، وكيف يعمل المفسر على مقاربة النص القرآني بما يلائمه من أدوات معرفية ومنهجية .
ويتعين على الأستاذ التخطيط لموضوع محاضرته وإعدادها إعدادا مسبقا وكافيا، مع تنويع مصادره التفسيرية واستخدام أفضل طرق التدريس ، والعمل على إشراك الطالب . مع تخصيص حصص للدروس التوجيهية والتطبيقية حيث تختار نصوص قرآنية تتم دراستها بناء على المحاور التالية : أ ـ مدخل عام يعد فيها الأستاذ بطاقات تقنية عن الموضوعات و المباحث التالية:
1- الفضائل .
2- أسباب النزول وملابسات النزول .
3- الناسخ والمنسوخ .
4- المحكم والمتشابه .
5- القراءات القرآنية .
ب ـ المحور اللغوي :
1- المعجم .
2- الصرف و الاشتقاق .
3- النحو .
4- الدلالة .
5- البلاغة .
ج ـ مصادر التفسير :
1- تفسير القرآن بالقرآن .
2- تفسير القرآن بالسنة .
3- تفسير القرآن بقول الصحابي .
4- تفسير القرآن بقول التابعي .
5- تفسير القرآن بقول تابع التابعي .
د ـ أسباب الاختلاف في التفسير .
هـ ـ قواعد الترجيح .
و ـ الثابت و المتطور في التفسير : حيث يعمل الأستاذ على استقصاء التفاسير ما أمكنه ذلك ، ويرتبها ترتيبا تاريخيا ، بحيث نصبح أمام جرد لتفسير المفسرين للآية أو السورة موضوع التفسير ، يقترب من الاستقراء التام ، ويقتصر فيه على تفسير المفسر ، ويتجنب مانقله أو حكاه عن غيره ، لنستطيع معرفة ماهو الثابت، وتمييزه عن المتطور في التفسير من جهة، ومعرفة التفاسير و المفسرين واستنباطاتهم، و طرق استخراج المعنى المعتمدة من قبل كل واحد منهم.
اختيار نصوص تفسيرية من تفاسير مختلفة ودراسته على ثلاث مستويات :
1- الدراسة الوصفية .
2- الدراسة التحليلية .
3- الدراسة المقارنة .
( تجدر الإشارة إلى أننا عالجنا هذه القضية في موضوع نشر بعنوان القراءة العلمية للتفاسير تجدونها على الرابط التالي :
(
القراءة العلمية للتفاسير )
وفي الختام أحب أن أشير إلى أن درس التفسير يأخذ الأبعاد التالية :
1- علوم القرآن .
2- أصول التفسير .
3- دراسة نصوص قرآنية ( التفسير ) .
4- دراسة التفاسير ( مناهج المفسرين .
وتفضلوا بقبول فائق التحيات والتقدير .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .