نايف الزهراني
New member
كنت استفدت واستمتعت بحضور اللقاء العلمي الأول الذي أقامه مركز تدبر حول: مفهوم التدبر, والذي سبق عرضه في هذا الموضوع, غير أن الدعوة المتأخرة للحضور, وضيق مجال العرض والمناقشة في اللقاء أخرا هذه الوقفة, والتي أرجو بعرضها تتميم ما حرره الإخوة حول هذا المفهوم, وتأليف عدد من الآراء حوله والتي لا تخالف بينها على الحقيقة.
- مفهوم التدبر:
هو: التأمل في معاني الآيات التفسيرية والاستنباطية بقصد معرفة الحق فيها, والانتفاع به علماً وعملاً.
وفهم هذا المعنى يتوقف على بيان جوانب منه: فالتفسير هو المعنى المباشر للفظ, والاستنباط هو المعاني التالية والتابعة للمعنى المباشر والمتعلقة به بنوع علاقة, وهذه الاستنباطات بطبيعتها متفاوتة في القرب والبعد والوضوح والخفاء.
فنظر المتدبر في المعنى المباشر للآية أو المعاني التابعة, بقصد التأثر بها وإصابة الحق في فهم المراد منها, ومن ثم العمل بهذا الحق واعتقاده = هو معنى تدبر القرآن المأمور به في القرآن, واستعراض الآيات القرآنية الآمرة بالتدبر يوصل إلى هذا المعنى, وهي على الترتيب:
- { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا }[النساء 82], ويلاحظ هنا غاية التدبر, وهي الوصول إلى ما تضمنه القرآن من الحق الذي لا اختلاف فيه. كما أن في الآية إشارةً ظاهرةً إلى سبيل إزالة الاختلاف الموهوم في القرآن, وهو: تدبر القرآن. فإذا حصل التدبر لم يجد الناظر في القرآن اختلافٌ ألبتَّة.
- { أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءهُمُ الْأَوَّلِينَ }[المؤمنون 68], والمراد بالقول: القرآن الكريم؛ ففي السياق قبلها: {قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون, مستكبرين به سامرا تهجرون}[66- 67], فبينت الآية سبب إعراضهم عن الانتفاع بالقرآن والإيمان والاهتداء به؛ وهو أنه ليس على ما يهوون مما يوافق ما عليه آبائهم الأولين, فأعرضوا عنه. أو يكون المعنى: أن ما جاءهم هو ما جاء آباءهم قبلهم من الأمم السابقين, ففيم تعرضون وقد جاءكم ما جاءهم ؟ وما كان محمد صلى الله عليه وسلم بدعاً من الرسل .
- { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }[ص 29], يلاحظ في الآية أمران:
الأول: أن الغاية العظمى من إنزال القرآن: تدبر آياته من جميع البشر, ثم الاهتداء بها والتذكر بما فيها من الحق من أصحاب العقول الراجحة الذين ينتفعون بما يعقلون. فالتدبر مأمورٌ به كلّ عاقل, ثم يبلغ غاية التدبر منهم من نفعه عقله واهتدى بعلمه.
وهذه الآية أجلى دليل على أن الغاية من التدبر العلم والعمل؛ وذلك أن هذان الأمران هما غاية دعوة الأنبياء كما دلت عليه كثير من الآيات القرآنية(*), ويقابل ذلك تحديد غاية إنزال القرآن هنا بالتدبر والتذكر, فبأخذ النتيجتين من تلكما المقدمتين يتقرر: أن المراد من التدبر الذي أنزل لأجله القرآن = العلم والإيمان, والتأثر والعمل.
الثاني: وصف القرآن بـ (المبارك) في سياق الأمر بالتدبر فيه, وبهذه الصيغة الدالة على الثبات واللزوم = فيه دلالة - غاية في الظهور - على أن وجوه تدبره والانتفاع به لا نهاية لها, إذ لا حد لبركة القرآن في الانتفاع به وكثرة معانيه ومجالات التأثر به؛ فإنها بعدد كل عاقل يقرأه أو يسمعه.
- { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }[محمد 24], ماذا بقي ليقال عن هذه الآية؟! وقد أبرزت أعظم سبب يمنع من غاية التدبر ومنتهى المراد منه (التأثر والعمل), وهو: انغلاق القلوب عن سماع الحق ورؤيته, والتأثر به وأخذه.
ومن خلال هذا المفهوم السابق بيانه, يتحدد موضوع التدبر, وهو: المعاني التفسيرية والاستنباطية للآيات القرآنية.
كما تتحدد فائدته وغايته, وهي: التأثر والعمل, وهما متلازمان في الواقع, وفي آيات التدبر السابقة إشارة ظاهرة متكررة إلى هذه الغاية, كما أنه يطابق المعنى الذي ينتهي إليه البحث اللغوي, وهو: النظر في عواقب الأمور وما تنتهي إليه. وهذا موضع التأثر والعمل في باب التدبر, ولئن صح معنى التدبر في غير القرآن بلا قيد التأثر والعمل, فلا يصح في القرآن إلا بهما.
وتتحرر بذلك أيضاً جملة من المسائل المتعلقة بهذا المفهوم, ومن أبرزها: هل يشترط العلم بمعنى الآية لصحة تدبرها ؟ والجواب يتوقف على تحديد المعنى المراد تدبره, فإن كان المعنى موضع التدبر هو تفسيرها ومعناها المباشر؛ صح اشتراط العلم بتفسير الآية ليصح التدبر المبني عليها, وإن كان المعنى موضع التدبر أحد المعاني المستنبطة - والتي لها نوع علاقة بالمعنى المباشر- فيكفى من هذا الشرط العلم بهذا المعنى المستنبط, والاطمئنان إلى صحة علاقته بالآية, وارتباطه بها.
وفيما نرى من تأثر كثير من العرب والعجم بسماع القرآن وتلاوته مع عدم إدراكهم لتفاصيل معناه, ومرتبة هذا المعنى تفسيرا أو استنباطا = دليل على صحة التوسع في هذا الباب, وعدم تضييقه, وأن كل تأمل أورث علما صحيحا (ولو مجملا), وعملا صالحا هو تدبر مأمور به, ومأجور عليه.
ويكفي علمَ التفسير شرفاً أنه خيرُ معين للوصول إلى هذه الغاية الشريفة من إنزال القرآن: {ليدَّبَّرُوا آياته}.
ومن المسائل المتعلقة أيضاً: هل تشترط سلامة القلب لصحة التدبر؟ والجواب يتبين من تحديد غاية هذا الباب وهي: التأثر والعمل, فهما تابعان للتدبر ونتيجتان له, فلا يصح تقدمهما عليه ولا يكون, وفي قوله تعالى {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}[محمد 24], دلالة على هذا؛ فالخطاب في الآية يشمل غير المؤمنين قطعاً, وأظهر منه قوله تعالى {أفلم يدبَّروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين}[المؤمنون 68], {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}[النساء 82], ومن ثَمَّ فلا يصح اشتراط ذلك لصحة التدبر؛ ولكن لكمال الانتفاع به, وفي القرآن دلائل عديدة على أن لسلامة القلب أثر في تمام الانتفاع بالقرآن وفهم المراد: {إن هو إلا ذكر وقرآن مبين, لينذر من كان حياً}[يس 69 - 70].
وأخيراً: هل في التدبر تدبر صحيح, وتدبر فاسد؟ والجواب أن التدبر لا يُوصِل لغير الحق, ولا يتوصل به إلى باطل؛ ومن ثم حُدِّدَ معنى التدبر سابقاً بذكر: قصد معرفة الحق والعمل به. فهو حالة خاصة يتجرد فيها قارئ القرآن وسامعه من حظوظ النفس والهوى والأحكام المسبقة, فكأنه نازلٌ عليه ومخاطب به على الخصوص, فلا تملك النفس في حالة كهذه غيرَ الانقياد والاستسلام حين يهيمن القرآن عليها, ويستولي على عقل ولب سامعه, وبالتأمل في ما أصاب الوليد بن المغيرة عند سماعه لتلاوة النبي صلى الله عليه وسلم لسورة فصلت, وكذا حال جبير بن مطعم حين سمع تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم لسورة الطور, يتبين ذلك الحال بجلاء, ثم إن حصل انقياد بعد ذلك تَمَّ به أثر التدبر وغايته, وهو بهذا أقرب ما يكون إلى معنى الإنصات المأمور به في قوله تعالى {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}[الأعراف 204].
-------------
(*) ومنها قوله تعالى {وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله}[النساء 64], وقوله {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}[الأنبياء 25]. وقد قرر الإمام الشاطبي أن: (كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها خوض فيما لا يدل على استحسانه دليل شرعي. وأعني بالعمل: عمل القلب, وعمل الجوارح). ينظر: الموافقات 1/43- 66.
- مفهوم التدبر:
هو: التأمل في معاني الآيات التفسيرية والاستنباطية بقصد معرفة الحق فيها, والانتفاع به علماً وعملاً.
وفهم هذا المعنى يتوقف على بيان جوانب منه: فالتفسير هو المعنى المباشر للفظ, والاستنباط هو المعاني التالية والتابعة للمعنى المباشر والمتعلقة به بنوع علاقة, وهذه الاستنباطات بطبيعتها متفاوتة في القرب والبعد والوضوح والخفاء.
فنظر المتدبر في المعنى المباشر للآية أو المعاني التابعة, بقصد التأثر بها وإصابة الحق في فهم المراد منها, ومن ثم العمل بهذا الحق واعتقاده = هو معنى تدبر القرآن المأمور به في القرآن, واستعراض الآيات القرآنية الآمرة بالتدبر يوصل إلى هذا المعنى, وهي على الترتيب:
- { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا }[النساء 82], ويلاحظ هنا غاية التدبر, وهي الوصول إلى ما تضمنه القرآن من الحق الذي لا اختلاف فيه. كما أن في الآية إشارةً ظاهرةً إلى سبيل إزالة الاختلاف الموهوم في القرآن, وهو: تدبر القرآن. فإذا حصل التدبر لم يجد الناظر في القرآن اختلافٌ ألبتَّة.
- { أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءهُمُ الْأَوَّلِينَ }[المؤمنون 68], والمراد بالقول: القرآن الكريم؛ ففي السياق قبلها: {قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون, مستكبرين به سامرا تهجرون}[66- 67], فبينت الآية سبب إعراضهم عن الانتفاع بالقرآن والإيمان والاهتداء به؛ وهو أنه ليس على ما يهوون مما يوافق ما عليه آبائهم الأولين, فأعرضوا عنه. أو يكون المعنى: أن ما جاءهم هو ما جاء آباءهم قبلهم من الأمم السابقين, ففيم تعرضون وقد جاءكم ما جاءهم ؟ وما كان محمد صلى الله عليه وسلم بدعاً من الرسل .
- { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }[ص 29], يلاحظ في الآية أمران:
الأول: أن الغاية العظمى من إنزال القرآن: تدبر آياته من جميع البشر, ثم الاهتداء بها والتذكر بما فيها من الحق من أصحاب العقول الراجحة الذين ينتفعون بما يعقلون. فالتدبر مأمورٌ به كلّ عاقل, ثم يبلغ غاية التدبر منهم من نفعه عقله واهتدى بعلمه.
وهذه الآية أجلى دليل على أن الغاية من التدبر العلم والعمل؛ وذلك أن هذان الأمران هما غاية دعوة الأنبياء كما دلت عليه كثير من الآيات القرآنية(*), ويقابل ذلك تحديد غاية إنزال القرآن هنا بالتدبر والتذكر, فبأخذ النتيجتين من تلكما المقدمتين يتقرر: أن المراد من التدبر الذي أنزل لأجله القرآن = العلم والإيمان, والتأثر والعمل.
الثاني: وصف القرآن بـ (المبارك) في سياق الأمر بالتدبر فيه, وبهذه الصيغة الدالة على الثبات واللزوم = فيه دلالة - غاية في الظهور - على أن وجوه تدبره والانتفاع به لا نهاية لها, إذ لا حد لبركة القرآن في الانتفاع به وكثرة معانيه ومجالات التأثر به؛ فإنها بعدد كل عاقل يقرأه أو يسمعه.
- { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }[محمد 24], ماذا بقي ليقال عن هذه الآية؟! وقد أبرزت أعظم سبب يمنع من غاية التدبر ومنتهى المراد منه (التأثر والعمل), وهو: انغلاق القلوب عن سماع الحق ورؤيته, والتأثر به وأخذه.
ومن خلال هذا المفهوم السابق بيانه, يتحدد موضوع التدبر, وهو: المعاني التفسيرية والاستنباطية للآيات القرآنية.
كما تتحدد فائدته وغايته, وهي: التأثر والعمل, وهما متلازمان في الواقع, وفي آيات التدبر السابقة إشارة ظاهرة متكررة إلى هذه الغاية, كما أنه يطابق المعنى الذي ينتهي إليه البحث اللغوي, وهو: النظر في عواقب الأمور وما تنتهي إليه. وهذا موضع التأثر والعمل في باب التدبر, ولئن صح معنى التدبر في غير القرآن بلا قيد التأثر والعمل, فلا يصح في القرآن إلا بهما.
وتتحرر بذلك أيضاً جملة من المسائل المتعلقة بهذا المفهوم, ومن أبرزها: هل يشترط العلم بمعنى الآية لصحة تدبرها ؟ والجواب يتوقف على تحديد المعنى المراد تدبره, فإن كان المعنى موضع التدبر هو تفسيرها ومعناها المباشر؛ صح اشتراط العلم بتفسير الآية ليصح التدبر المبني عليها, وإن كان المعنى موضع التدبر أحد المعاني المستنبطة - والتي لها نوع علاقة بالمعنى المباشر- فيكفى من هذا الشرط العلم بهذا المعنى المستنبط, والاطمئنان إلى صحة علاقته بالآية, وارتباطه بها.
وفيما نرى من تأثر كثير من العرب والعجم بسماع القرآن وتلاوته مع عدم إدراكهم لتفاصيل معناه, ومرتبة هذا المعنى تفسيرا أو استنباطا = دليل على صحة التوسع في هذا الباب, وعدم تضييقه, وأن كل تأمل أورث علما صحيحا (ولو مجملا), وعملا صالحا هو تدبر مأمور به, ومأجور عليه.
ويكفي علمَ التفسير شرفاً أنه خيرُ معين للوصول إلى هذه الغاية الشريفة من إنزال القرآن: {ليدَّبَّرُوا آياته}.
ومن المسائل المتعلقة أيضاً: هل تشترط سلامة القلب لصحة التدبر؟ والجواب يتبين من تحديد غاية هذا الباب وهي: التأثر والعمل, فهما تابعان للتدبر ونتيجتان له, فلا يصح تقدمهما عليه ولا يكون, وفي قوله تعالى {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}[محمد 24], دلالة على هذا؛ فالخطاب في الآية يشمل غير المؤمنين قطعاً, وأظهر منه قوله تعالى {أفلم يدبَّروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين}[المؤمنون 68], {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}[النساء 82], ومن ثَمَّ فلا يصح اشتراط ذلك لصحة التدبر؛ ولكن لكمال الانتفاع به, وفي القرآن دلائل عديدة على أن لسلامة القلب أثر في تمام الانتفاع بالقرآن وفهم المراد: {إن هو إلا ذكر وقرآن مبين, لينذر من كان حياً}[يس 69 - 70].
وأخيراً: هل في التدبر تدبر صحيح, وتدبر فاسد؟ والجواب أن التدبر لا يُوصِل لغير الحق, ولا يتوصل به إلى باطل؛ ومن ثم حُدِّدَ معنى التدبر سابقاً بذكر: قصد معرفة الحق والعمل به. فهو حالة خاصة يتجرد فيها قارئ القرآن وسامعه من حظوظ النفس والهوى والأحكام المسبقة, فكأنه نازلٌ عليه ومخاطب به على الخصوص, فلا تملك النفس في حالة كهذه غيرَ الانقياد والاستسلام حين يهيمن القرآن عليها, ويستولي على عقل ولب سامعه, وبالتأمل في ما أصاب الوليد بن المغيرة عند سماعه لتلاوة النبي صلى الله عليه وسلم لسورة فصلت, وكذا حال جبير بن مطعم حين سمع تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم لسورة الطور, يتبين ذلك الحال بجلاء, ثم إن حصل انقياد بعد ذلك تَمَّ به أثر التدبر وغايته, وهو بهذا أقرب ما يكون إلى معنى الإنصات المأمور به في قوله تعالى {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}[الأعراف 204].
-------------
(*) ومنها قوله تعالى {وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله}[النساء 64], وقوله {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}[الأنبياء 25]. وقد قرر الإمام الشاطبي أن: (كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها خوض فيما لا يدل على استحسانه دليل شرعي. وأعني بالعمل: عمل القلب, وعمل الجوارح). ينظر: الموافقات 1/43- 66.