تدبرلسورة البقرة على ضوء المعاني التي وردت في سورة الفاتحة.

أم الأشبال

New member
إنضم
30/06/2004
المشاركات
503
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :

لسورة الفاتحة مكانة مميزة في كتاب الله المجيد، إذ هي فاتحة ذلك الكتاب، وهي ( أم القرآن ) وهي ( أم الكتاب ) وهي ( الأساس ) ولها غير ذلك من الأسماء التي سُميت بها، والتي تدل على مكانة هذه السورة بين سور القرآن الكريم؛ حيث جمعت في آياتها السبع مقاصد القرآن وكلياته .

وقد أخرج البيهقي في " شعب الإيمان " عن الحسن البصري أنه قال: " إن الله أودع علوم الكتب السابقة في القرآن، ثم أودع علوم القرآن في المفصَّل، ثم أودع علوم المفصل في الفاتحة، فمن عَلِم تفسيرها، كان كمن عَلِم تفسير جميع الكتب المنـزلة " .

ورغم تعدد أقوال أهل العلم فيما اشتملت عليه هذه السورة من علوم ومقاصد وحِكَم، بَيْدَ أن كلمتهم قد أجمعت على شمول هذه السورة لكل ما جاء في القرآن، واحتوائها لمقاصد الشريعة في الدنيا والآخرة، ومن هنا كانت فاتحةً لهذا الكتاب، وعنوانًا عامًا يدل على ما جاء فيه من تفصيل وتبيين؛ وبهذا يظهر وجه المناسبة في تصدير هذه السورة لباقي سور القرآن . (1)

لهذا أردت في هذه المشاركة أن أتدبر المعاني التي اشتملت عليها سورة البقرة من خلال المقاصد والقواعد التي اشتملت عليها سورة الحمد في حدود علمي ، وأسأل الله ربي الإعانة والتوفيق والتسديد إنه ولي ذلك ومولاه .

أولا : عرض مختصر للمعاني والمقاصد التي اشتملت عليها سورة الحمد .

1- { الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } (الفاتحة:2).
فيها ثناء على الله تعالى ، الموجد لهذه الحياة الدنيا .
2- { الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ } ( الفاتحة :3 )
أي: المنعم بجلائل النعم ودقائقها التي بها البقاء .
3- { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }(الفاتحة:4)
الله سبحانه مالك الدنيا والآخرة ، لكن في الآخرة يظهر للخلق تمام ملكه وعدله وحكمته تمام الظهور.
4- { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }(الفاتحة:5)
وفي هذه الآية قاعدة لمن يطلب السعادة ، فالقيام بعبادة الله والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية ، والنجاة من جميع الشرور.
5- { اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ }(الفاتحة:6)
والهداية للصراط المستقيم ، تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علما وعملا، فهذا الدعاء من أجمع الأدعية، وأنفعها للعبد ، فالصراط المستقيم هو الموصل لله وجنته بلزوم دين الإسلام .
6- { صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ }(الفاتحة:7).
صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، غير صراط المغضوب عليهم الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم ، وغير صراط الضالين الذين تركوا الحق عن جهل وضلال ، كالنصارى .

ثانيا : تدبر آيات سورة البقرة على ضوء المعاني التي وردت في سورة الفاتحة.

1- الصفحة الأولى من سورة البقرة .

({ الم {1} ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ {2} الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ {3} والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ {4} أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {5} } )

عندما أقرأ قوله تعالى : (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ) أشعر بعظمة هذا الكتاب ، وإن كان المؤمن يطلب الهداية من الله تعالى كما أرشدنا المولى في سورة الفاتحة ، فها هو المولى عز وجل يرشد عباده إلى هذا الكتاب المعجز الذي فيه هداية لأهل الإيمان المتميزين بكونهم أتقياء مداومين على الطاعات ، فأشعر أني كلما اتقيت الله وأطعته كنت أقرب إلى الاستفادة من هذا الكتاب العظيم الذي هو في غاية الإتقان والدقة بحيث يطمئن المتمسك به بأنه لن يضل الطريق بإذن الله تعالى فهو على هدى ومطمئن وسعيد. أهــ /د/ص1.

ــــــــــــــــــــــــــ
1- http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=60866
وينظر تفسير ابن السعدي .
 
2- الصفحة الثانية من سورة البقرة:

{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ{6} خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ{7} وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ{8} يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ{9} فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ{10} وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ{11} أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ{12} وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ{13} وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ{14} اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ{15} أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ{16} }

إن المتدبر لهذه الآيات الكريمة يعرف كم أن المؤمن سعيد برحمة الله ، فأي حياة يعيشها المنافق وقلبه يتقلب في نار النفاق والتلون والتخبط ، إن التنعم بالنعم يبدأ من القلب ، والسعيد هو السعيد بالله ، فما أوحش البعد عن المعبود بالعصيان وكفر النعم ، فبمن سيستعين المنافق وعلى من سيتوكل ، فلا نشك لحظة بعد ذلك في أن المنافق تاجر خاسر . أهــ/ د/ص2.
 
3- الصفحة الثالثة من سورة البقرة :

{ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ {17} صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ {18} أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ {19} يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{20} يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {21} الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {22} وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {23} فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ {24} }

الله نور السموات والأرض ، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور، فاطلب الهداية من الهادي يا عبد الله ، ها هي الأكوان والأرزاق تشهد على عظمة خالقك ورازقك ؛ لذلك الله سبحانه أحق بالعبادة والتعظيم والسؤال يا عبد الله ، وأنت تعلم يا عبد الله أنه يستحيل على العباد الضعفاء أن يكونوا ندا لرب الأرباب فعظم الله ولا تجعل له من الخلق الضعفاء أندادا، وإن كنت نسيت ضعفهم بطيب حديثهم أو حديث الناس عنهم ، فها هو القرآن النور المنزل والرحمة المهداة لن يستطيع الخلق أن يأتوا بمثله أبدا فيه هداية ونور ، فاتقي الله يا عبد الله حتى تنجوا من عذابه وتنال مرضاته . أهــ / د/ ص 3.
 
4- الصفحة الرابعة من سورة البقرة :

{ وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{25} إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ{26} الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ{27} كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ{28} هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{29} }

إن الرزق الذي يرزقه الله سبحانه المؤمن في الدنيا حلالا طيبا مباركا ، سيتذكره المؤمن في الجنة ، فلمن آمن واتقى جنتان ، كرامةٌ في الدنيا والآخرة ، فمن هدي للصراط المستقيم هدي للسعادة في الدنيا والآخرة ، فبشراكم يا أهل الإيمان الذين خالط الإيمان بشاشة قلوبهم وقرت عينهم بطاعة ربهم .
ويا أيها المؤمن المخلص أنت الذي ستوفق إلى التفكر في خلق الله ، وإذا ضرب الله سبحانه رب العالمين الخالق مثلا حتى لو كان على مخلوق صغير من مخلوقاته كالبعوض أو الذباب سيزيدك ذلك إيمانا وتصديقا وطاعة ، أما من وفق للعلم وعصى ربه فأنا له أن يستفيد وينيب ويهتدي بما قاله الهادي ، هذا الخاسر مؤكد أنه منكر للبعث والحساب بعد الممات في قلبه وإلا كيف له أن يعصي ربه، وإن أنكر البعث فكيف لم يتفكر في بداية الخلق ؟!. أهــ/د/ص 4.
 
5- الصفحة الخامسة من سورة البقرة :

{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {30} وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {31} قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ {32} قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ {33} وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ {34} وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ {35} فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ {36} فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {37} }

يا عباد الله: الله الله بالعلم ، بالعلم يهتدي الإنسان إلى ما يصلح حاله في الدنيا والآخرة ، وأهم ما لابد لكم من معرفته العلم الذي تهتدون به لطاعة الله والبعد عن معصيته ، هذا هو الطريق القويم والصراط المستقيم الذي ينصلح به الحال وترتاح بسلوكه الأفئدة والقلوب ، وإياكم بعد الذكرى والعلم أن يأسركم التكبر فتخسرون خيري الدنيا والآخرة بعصيان المنعم ، ولعمري بعد ذلك لن يفيدكم حسدكم للمتنعمين برضى الله تعالى ورحمته الخاصة لإيمانهم وطاعتهم بعد ذلك {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }(يونس:62). أهــ / د/ ص5.
 
6- الصفحة السادسة من سورة البقرة :


{ قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {38} وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {39} يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ {40} وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ {41} وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {42} وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ {43} أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ {44} وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ {45} الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ {46} يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ{47} وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ{48} }

الله سبحانه وتعالى يقول في محكم آياته { فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ( النحل:43) ، وهم أهل العلم من كل أمة ، فأهل العلم على الهدى أدلاء ، فلذلك فضل العالم على العابد ، فإذا باع العالم دينه بعرض من الدنيا رخيص كتم الهدى عن من يجهله فاستحق غضب الله وعقابه ، والعالم المجاهد الصابر الذي يظن أنه سيلقى ربه لا محالة سيجد قرة عينه في الصلاة وراحته وسعادته ، وما دام على الهدى سائر فلن يخاف ولن يحزن ، ولمن الملك في يوم القيامة ؟ لله الواحد القهار ؛ لذلك فلن ينفع من باع دينه من أهل العلم سلطان ومال وشفاعة من باع دينه لأجلهم . أهـــ / د / ص6.
 
7- الصفحة السابعة من سورة البقرة :

{ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ{49} وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ{50} وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ{51} ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{52} وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ{53} وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{54} وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ{55} ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{56} وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ{57} }

إن المجتمع المسلم الذي يحظى بعلماء صادقين آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر ، والمجتمع مع هذا يستهدي بالهدى إذا عرفه وينتهي عن ما نهى الله عنه ويأتمر بأوامره ، لابد أن يعز هذا المجتمع ويعان من الله ويحفظ وتحفظ كرامته وثرواته ويبارك فيها ، أما المجتمع المعاند العاصي المكابر الظالم فماذا ينتظر غير الهلاك أو الذل أو الهوان. أهـ/د/ص7.
 
8- الصفحة الثامنة من سورة البقرة :

{ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ{58} فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ{59} وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ{60} وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ{61} }

الأرزاق بيد الله والراحة والطمأنينة بيده سبحانه ، وبالتوبة والإنابة والحرص من كل أفراد الأمة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق مع الله ، تأتي الأرزاق وتخرج الأرض كنوزها بلا تعب ، ويأكل المؤمنين أكلا هنيئا طيبا واسعا ، متمتعين بالأمن والسعادة والخيرات من رب السماوات ، ولهم العزة ولعدوهم الذلة .
أهـ/د / ص 8.
 
9- الصفحة التاسعة من سورة البقرة:

{ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (64) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (66) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) }

إن الأرزاق بيد الخالق فلما يعصي العبد ربه ويصر على المعصية لأجل الرزق ، إن القوة والحزم في كبح النفس عن طلب الرزق بما يغضب الرب لهو كفيل بالفوز والسعادة ، والبعد عن الشقاء ، ولله در من قال :
" علمت أن رزقي لن يأخذه غيري فاستراح قلبي " ، ولله دركم يا أتقياء.

أهـ / د / ص 9.
 
10- الصفحة العاشرة من سورة البقرة:

{ قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ{70} قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ{71} وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ{72} فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ{73} ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ{74} أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ{75} وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ{76}

إن القلب ليملأ بالقسوة والشدة عند التمادي في عصيان الخالق ، والتمرد على أوامره عز وجل والبعد عن هداه حتى يصبح أشد قسوة من الحجارة ، فلا يرجى منه إلا النفاق والكذب على الله عز وجل ، فلنرجع دائما وبسرعة إلى الخالق بالتوبة والإستغفار كلما أذنبنا حتى نكون مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين وحسن أولئك رفيقا .

أهــ / د/ ص 10.
 
عودة
أعلى