الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وصحابته ومن والاه
تأويل ابن جرير الطبري كان على مستويين :
المستوى الأول :
والصواب من القول في ذلك عندنا أن الذي قاله مسروق في تأويل ذلك أشبه بظاهر التنزيل، لأن قوله: { قُلْ أرأيْتُمْ إنْ كانَ مِنْ عنْدِ اللَّهِ وكَفَرْتُمْ بِهِ وشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَني إسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ } في سياق توبيخ الله تعالى ذكره مشركي قريش، واحتجاجاً عليهم لنبيه صلى الله عليه وسلم، وهذه الآية نظيرة سائر الآيات قبلها، ولم يجر لأهل الكتاب ولا لليهود قبل ذلك ذكر، فتوجه هذه الآية إلى أنها فيهم نزلت، ولا دلّ على انصراف الكلام عن قصص الذين تقدّم الخبر عنهم معنى،
المستوى الثاني :
غير أن الأخبار قد وردت عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ذلك عنى به عبد الله بن سلام وعليه أكثر أهل التأويل، وهم كانوا أعلم بمعاني القرآن، والسبب الذي فيه نزل، وما أريد به،
فتأويل الكلام إذ كان ذلك كذلك، وشهد عبد الله بن سلام، وهو الشاهد من بني إسرائيل على مثله، يعني على مثل القرآن، وهو التوراة، وذلك شهادته أن محمداً مكتوب في التوراة أنه نبيّ تجده اليهود مكتوباً عندهم في التوراة، كما هو مكتوب في القرآن أنه نبيّ.
وإذا قارنا هذا مع ماجاء في تأويل الآية 101 من سورة الأعراف :
{تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ }الأعراف101
حيث جاء في تأويل : " فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ"
قال : " اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك :
فقال بعضهم ...
وقال آخرون...
وأشبه هذه الأقوال بتأويل الآية وأولاها بالصواب ، القول الذي ذكرناه عن أبي بن كعب والربيع
وأما الذي قاله مجاهد من أن معناه : لو ردوا ما كانوا ليؤمنوا فتأويل لا دلالة عليه من ظاهر التنزيل ، ولا من خبر عن الرسول صحيح . وإذا كان ذلك كذلك ، فأولى منه بالصواب ما كان عليه من ظاهر التنزيل دليل ".
من ذلك نستنتج أن التأويل عند ابن جرير يكون حسب الترتيب التالي :
أولا : دليل ظاهر التنزيل + خبر الرسول صحيح
ثانيا : دليل ظاهر التنزيل + الأخبار الواردة عن جماعة من أصحاب رسول الله
ثالثا : خبر الرسول الصحيح مقدم عن الدليل من ظاهر التنزيل
رابعا : الأخبار الواردة عن جماعة من أصحاب رسول الله مقدمة عن الدليل من ظاهر التنزيل
خامسا : ما كان عليه من ظاهر التنزيل دليل