علي هاني يوسف
New member
- إنضم
- 09/01/2008
- المشاركات
- 81
- مستوى التفاعل
- 2
- النقاط
- 8
{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
سئلت عن معنى قوله سبحانه حكاية عن سيدنا سليمان عليه السلام:{ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}من { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَاأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ } [النمل: 16]كيف يؤتى كل شيء، فهذا هو الجواب ملخصًا من أقوال العلماء.
أخبر سيدنا سليمان عليه السلام بنعم الله عليه ، فيما وهبه له من فقال: {وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ} أي:
أعطانا الله من كل شيء مما يُؤتَى ويحتاجه الأنبياء والملوك؛ لإقامة الملك والنبوة من الأسباب اللازمة من الأمور المعنوية والمادية .
وعبر بأداة الاستغراق (كل) التي للعموم، وبالتنكير الذي فيه العموم؛ تعظيماً للنعمة وتحدثًا بها وشكرًا له سبحانه ؛فـ{ كُلٌّ } في الأصل للإحاطة وترد للتكثير كثيراً كما هنا، أو نقول هو عموم عرفي؛ لأن المراد كثرة ما أوتي فكأنه مستغرق لجميع الأشياء ، كما يقال لمن يكثر تردد الناس إليه : فلان يقصده كل أحد ، ويعلم كل شيء ، تريد : كثرة قصاده، ورجوعه إلى غزارة في العلم واستكثار منه .
و الإيتاء يشمل:
- الملك التام ، والتمكين العظيم .
- العلم التام: كعلم القيادة ، وعلم الحكم العادل.
- تسخير ما يصلح أن يكون مسخرًا مما يحتاجه الملك من آلات الحرب وغيرها ، فسخر الله له الشياطين يعملون له كل ما شاء من الأعمال التي يعجز عنها غيرهم كالمحاريب ، والتماثيل ، والجفان كالجوابي ، وسخر له الريح غدوها شهر ورواحها شهر ،وسَخَّر له الإنس والجن والطير ، وأسال له عين القطر (النحاس المذاب).
- وبنى {عُلِّمنا}،{ وأوتينا} للمفعول ، وحذف الفاعل:
- للعلم به ، وهو الله تعالى الذي له العظمة.
- وللدلالة على سهولتها عليه سبحانه فقد آتاه وعلمه بأيسر أمر من أمره..
- وعبر بنون العظمة ، {أُوتِينا}،{عُلِّمنا} ولم يقل أوتيت، عُلِّمتُ ؛ لبيان سيطرة السلطان، وللإشعار بأنه عبد من عباد الله المطاعين ، الذين سخر لهم جنوداً من الجن والإنس والطير ، ليكونوا في خدمته ، وليستعملهم في وجوه الخير ، فهو لم يقل ذلك على سبيل التباهي والتعالي ، وإنما قاله على سبيل التحدث بنعم الله تعالى.
وقال عند تفسير قوله تعالى: { إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم }[النمل:23] :" ومعنى أوتيت من كل شيء نالت من كل شيء حسن من شؤون الملك. فعموم كل شيء عموم عرفي من جهتين يفسره المقام كما فسر قول سليمان أوتينا من كل شيء [النمل: 16] ، أي أوتيت من خصال الملوك ومن ذخائرهم وعددهم وجيوشهم وثراء مملكتهم وزخرفها ونحو ذلك من المحامد والمحاسن.[2]
علي هاني العقرباوي/ عمان ـ الأردن / 11ـ جمادى الثانية ـ 1441هـ/5 ـ 2 ـ 2020 م
[1] التحرير والتنوير/ ابن عاشور (19/ 238).
[2] المرجع السابق (19/ 253).