تحقيق في مسألة بول النبي ﷺ واقفًا وجالسًا وتفنيد الشبهات

إنضم
08/10/2024
المشاركات
11
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
تحقيق في مسألة بول النبي ﷺ واقفًا وجالسًا وتفنيد الشبهات

أولًا: الأحاديث الواردة في المسألة

وردت في السنة النبوية أحاديث متعلقة بكيفية بول النبي ﷺ، وهي على قسمين:
حديث يدل على أنه بال واقفًا:

عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال:
«أتى النبيُّ ﷺ سُبَاطَةَ قومٍ فبالَ قَائمًا، فبالَيتُ أنْ يراهُ أحدٌ، فقُمتُ عندَه، فَتَوَضَّأَ فَمَسَحَ على خُفَّيهِ» (رواه البخاري: 224، ومسلم: 273).
أحاديث تدل على أنه كان يبول جالسًا:

عن عائشة رضي الله عنها قالت:
«مَن حدَّثكم أنَّ النبيَّ ﷺ كان يبولُ قائمًا فلا تُصَدِّقوهُ، ما كان يبولُ إلَّا جالسًا» (رواه الترمذي: 12، والنسائي: 29، وصححه الألباني).
ثانيًا: الجمع بين الأحاديث وتوجيهها

حديث حذيفة لا يدل على أن النبي ﷺ كان دائمًا يبول قائمًا، وإنما يدل على أنه فعل ذلك في موقف معين.

أشار العلماء إلى أن النبي ﷺ كان في موضع لا يصلح فيه الجلوس، كأن يكون المكان متسخًا أو غير مناسب، فاضطر للبول قائمًا.
يؤكد هذا أن النبي ﷺ بعد ذلك توضأ ومسح على خفيه، مما يدل على أن الأرض كانت قذرة.
حديث عائشة رضي الله عنها يُحمل على الأغلب والأعم، وليس على العموم المطلق.

قولها "فلا تصدقوه" ليس إنكارًا لحديث حذيفة، وإنما يُفهم على أنه تأكيد لطريقة النبي ﷺ المعتادة في البول، وهي الجلوس، وهذا هو الأصل في هديه ﷺ.
الإمام الشافعي رحمه الله قال: "حديث عائشة يعني به ما كان يفعله في بيته، وحديث حذيفة لما كان في موضع معين، فلا تعارض بينهما".
رأي أهل العلم في المسألة:

الإمام النووي رحمه الله قال: "ليس في حديث حذيفة ما يخالف حديث عائشة، فإن عائشة أخبرت عن عادته في بيته، وحذيفة أخبر عما وقع مرة في موضع معين، فلا تعارض".
ابن القيم رحمه الله قال: "إنما بال النبي ﷺ قائمًا لعذر أو لحاجة".
ثالثًا: الرد على الشبهات

الشبهة الأولى: قولهم إن النبي ﷺ كان يبول قائمًا دائمًا
هذا غير صحيح، إذ ورد في حديث عائشة أنها نفت ذلك، وهو أدرى بحاله في بيته.
الفقهاء أجمعوا على أن الأصل في البول هو الجلوس، والقيام يكون لحاجة، كما في حديث حذيفة.
الشبهة الثانية: زعم بعض المستشرقين أن النبي ﷺ لم يكن حريصًا على الطهارة
هذا افتراء؛ فالنبي ﷺ كان أشد الناس حرصًا على الطهارة، وهو الذي نهى عن البول في الماء الراكد، وعن الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار.
حتى في حديث حذيفة، فإن النبي ﷺ بعد البول توضأ ومسح على خفيه، مما يدل على اهتمامه بالطهارة.
الشبهة الثالثة: ادعاء أن حديث عائشة يناقض حديث حذيفة
لا تعارض بينهما، بل الجمع بينهما ممكن، فحديث حذيفة يدل على فعل عارض، وحديث عائشة يدل على الأصل.
القاعدة في علم الحديث أن الجمع بين الأدلة أولى من الترجيح، ولا يوجد تعارض هنا بل تكامل.
رابعًا: الخلاصة

الأصل في بول النبي ﷺ أنه كان يجلس، كما ثبت عن عائشة رضي الله عنها.
ثبت أنه بال قائمًا مرة، وهذا لحاجة معينة، وليس عادة دائمة.
لا تعارض بين الأحاديث، والجمع بينها ممكن بسهولة.
الشبهات المثارة حول المسألة مردودة علميًا وفقهيًا.
والله تعالى أعلم.
______________________________ _

كتبه فضيلة الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني0a004c6d-cf33-4fa7-a519-52ead0d432c8.jpg
 
عودة
أعلى