علي هاني يوسف
New member
- إنضم
- 09/01/2008
- المشاركات
- 81
- مستوى التفاعل
- 2
- النقاط
- 8
التحضيض مبالغة في الحض على الشيء، وهو طلبه والحث على فعله، وحروفه: هلا، وألَّا[1]، ولولا، ولوما[2] " والتحضيض فيه طلب بحث وإزعاج.
تشترك لولا ولوما في أنهما تكونان للتحضيض ، سواء دخلتا على الماضي أو المضارع ولكن إذا دخلتا على المضارع كانتا للتحضيض نحو { لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية } ، وأما إذا دخلتا على الماضي واستعملتا في التحضيض : فمعناهما اللوم والتوبيخ على عدم الفعل في الماضي والحث والتحضيض على الفعل في المستقبل أي ِلمَ لمْ يفعل وهلا يفعل نحو { ولا أنزل عليه آية} { لولا اجتبيتها} ، وقلما يخلو مصحوبها من توبيخ :
قال الرضي : " إذا وقع بعدها المضارع فمعناها الحض على الفعل والطلب له فهي بمعنى الأمر إلا أنها تستعمل كثيرا في لوم على أنه ترك في الماضي شيئا يمكن تداركه في المستقبل وقلما تستعمل إلا في موضع التوبيخ واللوم على ما كان يجب أن يفعله المخاطب "
قال ابن مالك في التسهيل: " قلما يخلو مصحوبها من توبيخ" .
قال الصبان: ولا يبعد عندي أنهن بالاشتراك إذا دخلن على الماضي كن توبيخا على ترك الفعل في الماضي وتحضيضا على فعل مثله في المستقبل.
هذه المعاني التي تشترك فيها لولا ولوما ، إذا كانت للتحضيض لكن ما الفرق المعنوي بين لولا ولوما التي للتحضيض ؟
أشار العلماء إشارات دقيقة إلى الفرق لكنها ليست صريحة في الفرق ، ولم أطلع على نص صريح في الفرق ولم أجده ، ولكن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود ، فذكرت هذه الفروق أخذا واستنباطا من كلام العلماء :
لوما: تدل على شدة تحضيض وحث وقوة توكيد أكثر من لولا ، والاستعجال فيها أكثر من لولا فما بعدها مراد حصوله في وقت قصير كأنهم يطلبونه في الحال ، وفيها الرد والمواجهة لقول المقابل .
وأما لولا : تدل على التحضيض و الحث الممتد الزمن وهي أقل توكيدا من لوما
ويدل على ما ذكر عدة أدلة :
الدليل الأول:
قال الدكتور فاضل السامرائي في معاني النحو :
1. "ما إذا دخلت على المضارع خلصته للحال عند الجمهور قال سيبوبه وإذا قال هو يفعل أي هو في حال فعل فإن نفيه ما يفعل وإذا قال هو يفعل ولم يكن الفعل واقعا فنفيه لا يفعل قال السامرائي وهذا هو الحق أنها تكون للحال كثيرا وقد تكون لغير الحال فقد تستعمل للاستمرار نحو { وما تسقط من ورقة إلا يعلمها } .
2. وفي (ما) توكيد فقد ذكر سيبويه أنها نفي لـ (لقد فعل) قال سيويه وإذا قال / لقد فعل فإن نفيه ما فعل لأنه كأنه قال والله لقد فعل فقال والله ما فعل فهي آكد من لم جاء في الإتقان ومقتضى كلام سيبويه أن فيها معنى التأكيد لأنه جعلها في النفي جوابا لقد فكما أن قد فيها معنى التأكيد فكذلك ما جعل جوابا لها .
3. وما تأتي ردا على قول أو ما نزل هذه المنزلة كأن يقول لك قائل (لقد ذهب سالم إلى سعيد) فتقول له : ما ذهب إليه ، { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ـ ـ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ} { فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} "
وأما (لا) فهي تدخل لا على الفعل المضارع فلا تقيده بزمن على الأرجح وإن كان النحاة يرون أنها تخلصه للاستقبال قال الرازي في الفرق بين ألا تفعل وألست تفعل : "وإذا قلت ألا تفعل لا ينفى بها المستقبل فإذا دخلت عليها الهمزة صارت تحضيضا على فعل ما يستقبل بخلاف أليس تفعل فإن ليس تستعمل لنفي الحال فإذا دخلت عليها الألف صار لتحقيق الحال " قال السامرائي: وقد ذكرنا سابقا ن (ليس) تكون لنفي الحال عند الإطلاق وأما لا فليست مقيدة بزمن على الأرجح".
[h=1]الدليل الثاني: [/h][h=1]ما ذكره العلماء في أصل الكلمة قال العلماء : [/h]قال الإمام الرازي في سورة التوبة : الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي تَفْسِيرِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ «لَوْلَا» إِذَا دَخَلَ عَلَى الْفِعْلِ كَانَ بِمَعْنَى التَّحْضِيضِ مِثْلَ هَلَّا، وَإِنَّمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ لَوْلَا بِمَعْنَى هَلَّا، لِأَنَّ هَلَّا كَلِمَتَانِ هَلْ وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ وَعَرْضٌ، لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ لِلرَّجُلِ هَلْ تَأْكُلُ؟ هَلْ تَدْخُلُ؟ فَكَأَنَّكَ عَرَضْتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَ «لَا» وَهُوَ جَحْدٌ، فَهَلَّا مُرَكَّبٌ مِنْ أَمْرَيْنِ:
الْعَرْضُ، وَالْجَحْدُ. فَإِذَا قُلْتَ: هَلَّا فَعَلْتَ كَذَا؟ فَكَأَنَّكَ قُلْتَ: هَلْ فَعَلْتَ. ثُمَّ قُلْتَ مَعَهُ: «لَا» أَيْ مَا فَعَلْتُهُ، فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى وُجُوبِ الْفِعْلِ، وَتَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ حَصَلَ الْإِخْلَالُ بِهَذَا الْوَاجِبِ، وَهَكَذَا الْكَلَامُ فِي «لَوْلَا» لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: لَوْلَا دَخَلْتَ عَلَيَّ، وَلَوْلَا أَكَلْتَ عِنْدِي. فَمَعْنَاهُ أَيْضًا عَرْضٌ وَإِخْبَارٌ عَنْ سُرُورِكَ بِهِ، لَوْ فَعَلَ، وَهَكَذَا الْكَلَامُ في «لو ما» وَمِنْهُ قَوْلُهُ: لَوْ مَا تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ [الْحِجْرِ: 7] فثبت أن لولا وهلا ولو ما أَلْفَاظٌ مُتَقَارِبَةٌ، وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْكُلِّ التَّرْغِيبُ وَالتَّحْضِيضُ فَقَوْلُهُ: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ أَيْ فَهَلَّا فَعَلُوا ذَلِكَ."
قال ابن مالك في شرح التسهيل: هلا، وألا، ولولا، ولوما ـ ـ "كأنهن مأخوذات من "هل" المنقولة إلى التمني في نحو قوله تعالى: (فهل لنا من شُفَعاء) مبدلة هاؤها همزة على لغة. ومن "لو" المنقولة إلى التمني أيضا في نحو: لو تأتيني فتحدثَني، بالنصب، لما فيها من تقدير غير الواقع واقعا، ثم ركبا مع لا وما المزيدتين تنبيها على نقلهما إلى التحضيض، فإذا قلت: هلّا فعلت: فكأنك قلت: ليتك فعلت، متولدا منه معنى التنديم. وإذا (قلت: هلا تفعل)، فكأنك قلت: ليتك تفعل، متولدا منه معنى التقاضي والحث."
يقول علي هاني: فتكون لوما أصلها من لو أي تدل على التمني والعرض والإخبار عن السروروالحب لأن يفعل ، و(ما) تدل على أنه لم يفعله في وقت الحال مع الرد والتأكيد أنه لم يفعل فيكون المقصود التحضيض والحث على الفعل في الحال مع التأكيد والرد كما في قوله تعالى حكاية عن الكفار { لوما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين} ردا على قوله عليه الصلاة والسلام أنه نزل عليه القرآن ويدل عليه سياق الآية { وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون} .
[h=1]الدليل الثالث: [/h]قال الشيخ محمد حسن جبل في المعجم الاشتقاقي:
الميم: تعبر عن تضام أو استواء ظاهري لشيء على شيء، وذلك أخذا من أم الرأس : الخريطة أو الجلدة التي تجمع الدماغ فهذا ضم وجمع في كيس جامع ـ ـ ـ وهذا المعنى يلتقي مع الشعور بتكون الميم بالتقاء الشفتين في نقطة أقرب إلى ظاهرهما مع خروج زمير الجهر من الأنف فالضم والاجتماع هنا أقل قوة مما مع الباء .
وقال الشيخ عن معنى اللام: تعبر عن نوع من الامتداد من شيء كالتعلق مع تميز أو استقلال وذلك أخذا من ـ ـ ألَلا : السكين والكتف وكل شيء عرض وجهاه والأمتداد في السكين لدعم عملها ومن الامتداد من الشيء مع تميزه عن حقيقته ألَّ صفا وبرق والأليل / صليل الحجر أيا كان ففيه امتداد صوت ـ ـ وهذا المعنى للام يلتقي مع الشعور بنطق اللام بامتداد طرف اللسان حتى يلتقي بأعلى اللثة كالمعلق مفسحا حانبيه لمرور صوت اللام مجهورا قويا .[3]
يقول الفقير علي هاني : هذا ما رأيته في الفرق بينهما اجتهدت فيه ، أخذا من كلام العلماء ، مع أني كنت أرجو أن أعثر على نص صريح لعلمائنا في الفرق ؛ لأني لا أحب أن أقول قولا دون أن أجد نصا لعالم من العلماء في المسألة [4]، فلذا أرجو من الأخوة الكرام الذين اطلعوا على نص في المسألة أن يتفضل بإرساله لي ، والحمد لله الذي تتم بفضله الصالحات .
[1] ألا بتشديد اللام ، وأما ألا بالتخفيف فهي حرف عرض
[2] ابن مالك شرح التسهيل (4/ 113).
[3] المعجم الاشتقاقي لمحمد حسن جبل (1/ 36) .
[4] اللهم إلا ما وجدته من كلام أبي زهرة والشوكاني قال أبو زهرة - ( ما ) نافية ، و( لولا ) ، إذا دخلت ( لو ) على ( لا )- كانت بمعنى الامتناع للوجود مثل قوله تعالى : { . . .لولا أنتم لكنا مؤمنين ( 31 ) } [ سبأ ] ، وتكون بمعنى الحض مثل قوله تعالى : { . . .لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة . . .( 32 ) } [ الفرقان ] مع امتناع الشيء يحض عليه ، وهو ما قبل ( لا ) ، فإنها تدل على الحض ، وعلى الامتناع لعدم وجود شيء فقوله تعالى : { لو ما تأتينا بالملائكة } معناها الحض على أن تأتي به الملائكة ، وعلى أن الامتناع عن الإيمان لأنه لم يأت به الملائكة ، بيد أنه يلاحظ أن ( لا ) تدل على النفي في الحال والاستقبال ، و ( ما ) تدل على النفي في الماضي ، وقد جمع في هذه الآية الكريمة بين ( ما ) ، وفعل المضارع بعدها ، فدلت على أن الامتناع عن الإيمان في الماضي لعدم إتيان الملائكة به ، وأنهم مستمرون على عدم الإيمان ما دامت الملائكة لم تنزل به" يقول علي هاني وما ذكرته أفضل كما يظهر .
تشترك لولا ولوما في أنهما تكونان للتحضيض ، سواء دخلتا على الماضي أو المضارع ولكن إذا دخلتا على المضارع كانتا للتحضيض نحو { لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية } ، وأما إذا دخلتا على الماضي واستعملتا في التحضيض : فمعناهما اللوم والتوبيخ على عدم الفعل في الماضي والحث والتحضيض على الفعل في المستقبل أي ِلمَ لمْ يفعل وهلا يفعل نحو { ولا أنزل عليه آية} { لولا اجتبيتها} ، وقلما يخلو مصحوبها من توبيخ :
قال الرضي : " إذا وقع بعدها المضارع فمعناها الحض على الفعل والطلب له فهي بمعنى الأمر إلا أنها تستعمل كثيرا في لوم على أنه ترك في الماضي شيئا يمكن تداركه في المستقبل وقلما تستعمل إلا في موضع التوبيخ واللوم على ما كان يجب أن يفعله المخاطب "
قال ابن مالك في التسهيل: " قلما يخلو مصحوبها من توبيخ" .
قال الصبان: ولا يبعد عندي أنهن بالاشتراك إذا دخلن على الماضي كن توبيخا على ترك الفعل في الماضي وتحضيضا على فعل مثله في المستقبل.
هذه المعاني التي تشترك فيها لولا ولوما ، إذا كانت للتحضيض لكن ما الفرق المعنوي بين لولا ولوما التي للتحضيض ؟
أشار العلماء إشارات دقيقة إلى الفرق لكنها ليست صريحة في الفرق ، ولم أطلع على نص صريح في الفرق ولم أجده ، ولكن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود ، فذكرت هذه الفروق أخذا واستنباطا من كلام العلماء :
لوما: تدل على شدة تحضيض وحث وقوة توكيد أكثر من لولا ، والاستعجال فيها أكثر من لولا فما بعدها مراد حصوله في وقت قصير كأنهم يطلبونه في الحال ، وفيها الرد والمواجهة لقول المقابل .
وأما لولا : تدل على التحضيض و الحث الممتد الزمن وهي أقل توكيدا من لوما
ويدل على ما ذكر عدة أدلة :
الدليل الأول:
قال الدكتور فاضل السامرائي في معاني النحو :
1. "ما إذا دخلت على المضارع خلصته للحال عند الجمهور قال سيبوبه وإذا قال هو يفعل أي هو في حال فعل فإن نفيه ما يفعل وإذا قال هو يفعل ولم يكن الفعل واقعا فنفيه لا يفعل قال السامرائي وهذا هو الحق أنها تكون للحال كثيرا وقد تكون لغير الحال فقد تستعمل للاستمرار نحو { وما تسقط من ورقة إلا يعلمها } .
2. وفي (ما) توكيد فقد ذكر سيبويه أنها نفي لـ (لقد فعل) قال سيويه وإذا قال / لقد فعل فإن نفيه ما فعل لأنه كأنه قال والله لقد فعل فقال والله ما فعل فهي آكد من لم جاء في الإتقان ومقتضى كلام سيبويه أن فيها معنى التأكيد لأنه جعلها في النفي جوابا لقد فكما أن قد فيها معنى التأكيد فكذلك ما جعل جوابا لها .
3. وما تأتي ردا على قول أو ما نزل هذه المنزلة كأن يقول لك قائل (لقد ذهب سالم إلى سعيد) فتقول له : ما ذهب إليه ، { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ـ ـ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ} { فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} "
وأما (لا) فهي تدخل لا على الفعل المضارع فلا تقيده بزمن على الأرجح وإن كان النحاة يرون أنها تخلصه للاستقبال قال الرازي في الفرق بين ألا تفعل وألست تفعل : "وإذا قلت ألا تفعل لا ينفى بها المستقبل فإذا دخلت عليها الهمزة صارت تحضيضا على فعل ما يستقبل بخلاف أليس تفعل فإن ليس تستعمل لنفي الحال فإذا دخلت عليها الألف صار لتحقيق الحال " قال السامرائي: وقد ذكرنا سابقا ن (ليس) تكون لنفي الحال عند الإطلاق وأما لا فليست مقيدة بزمن على الأرجح".
[h=1]الدليل الثاني: [/h][h=1]ما ذكره العلماء في أصل الكلمة قال العلماء : [/h]قال الإمام الرازي في سورة التوبة : الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي تَفْسِيرِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ «لَوْلَا» إِذَا دَخَلَ عَلَى الْفِعْلِ كَانَ بِمَعْنَى التَّحْضِيضِ مِثْلَ هَلَّا، وَإِنَّمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ لَوْلَا بِمَعْنَى هَلَّا، لِأَنَّ هَلَّا كَلِمَتَانِ هَلْ وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ وَعَرْضٌ، لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ لِلرَّجُلِ هَلْ تَأْكُلُ؟ هَلْ تَدْخُلُ؟ فَكَأَنَّكَ عَرَضْتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَ «لَا» وَهُوَ جَحْدٌ، فَهَلَّا مُرَكَّبٌ مِنْ أَمْرَيْنِ:
الْعَرْضُ، وَالْجَحْدُ. فَإِذَا قُلْتَ: هَلَّا فَعَلْتَ كَذَا؟ فَكَأَنَّكَ قُلْتَ: هَلْ فَعَلْتَ. ثُمَّ قُلْتَ مَعَهُ: «لَا» أَيْ مَا فَعَلْتُهُ، فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى وُجُوبِ الْفِعْلِ، وَتَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ حَصَلَ الْإِخْلَالُ بِهَذَا الْوَاجِبِ، وَهَكَذَا الْكَلَامُ فِي «لَوْلَا» لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: لَوْلَا دَخَلْتَ عَلَيَّ، وَلَوْلَا أَكَلْتَ عِنْدِي. فَمَعْنَاهُ أَيْضًا عَرْضٌ وَإِخْبَارٌ عَنْ سُرُورِكَ بِهِ، لَوْ فَعَلَ، وَهَكَذَا الْكَلَامُ في «لو ما» وَمِنْهُ قَوْلُهُ: لَوْ مَا تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ [الْحِجْرِ: 7] فثبت أن لولا وهلا ولو ما أَلْفَاظٌ مُتَقَارِبَةٌ، وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْكُلِّ التَّرْغِيبُ وَالتَّحْضِيضُ فَقَوْلُهُ: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ أَيْ فَهَلَّا فَعَلُوا ذَلِكَ."
قال ابن مالك في شرح التسهيل: هلا، وألا، ولولا، ولوما ـ ـ "كأنهن مأخوذات من "هل" المنقولة إلى التمني في نحو قوله تعالى: (فهل لنا من شُفَعاء) مبدلة هاؤها همزة على لغة. ومن "لو" المنقولة إلى التمني أيضا في نحو: لو تأتيني فتحدثَني، بالنصب، لما فيها من تقدير غير الواقع واقعا، ثم ركبا مع لا وما المزيدتين تنبيها على نقلهما إلى التحضيض، فإذا قلت: هلّا فعلت: فكأنك قلت: ليتك فعلت، متولدا منه معنى التنديم. وإذا (قلت: هلا تفعل)، فكأنك قلت: ليتك تفعل، متولدا منه معنى التقاضي والحث."
يقول علي هاني: فتكون لوما أصلها من لو أي تدل على التمني والعرض والإخبار عن السروروالحب لأن يفعل ، و(ما) تدل على أنه لم يفعله في وقت الحال مع الرد والتأكيد أنه لم يفعل فيكون المقصود التحضيض والحث على الفعل في الحال مع التأكيد والرد كما في قوله تعالى حكاية عن الكفار { لوما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين} ردا على قوله عليه الصلاة والسلام أنه نزل عليه القرآن ويدل عليه سياق الآية { وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون} .
[h=1]الدليل الثالث: [/h]قال الشيخ محمد حسن جبل في المعجم الاشتقاقي:
الميم: تعبر عن تضام أو استواء ظاهري لشيء على شيء، وذلك أخذا من أم الرأس : الخريطة أو الجلدة التي تجمع الدماغ فهذا ضم وجمع في كيس جامع ـ ـ ـ وهذا المعنى يلتقي مع الشعور بتكون الميم بالتقاء الشفتين في نقطة أقرب إلى ظاهرهما مع خروج زمير الجهر من الأنف فالضم والاجتماع هنا أقل قوة مما مع الباء .
وقال الشيخ عن معنى اللام: تعبر عن نوع من الامتداد من شيء كالتعلق مع تميز أو استقلال وذلك أخذا من ـ ـ ألَلا : السكين والكتف وكل شيء عرض وجهاه والأمتداد في السكين لدعم عملها ومن الامتداد من الشيء مع تميزه عن حقيقته ألَّ صفا وبرق والأليل / صليل الحجر أيا كان ففيه امتداد صوت ـ ـ وهذا المعنى للام يلتقي مع الشعور بنطق اللام بامتداد طرف اللسان حتى يلتقي بأعلى اللثة كالمعلق مفسحا حانبيه لمرور صوت اللام مجهورا قويا .[3]
يقول الفقير علي هاني : هذا ما رأيته في الفرق بينهما اجتهدت فيه ، أخذا من كلام العلماء ، مع أني كنت أرجو أن أعثر على نص صريح لعلمائنا في الفرق ؛ لأني لا أحب أن أقول قولا دون أن أجد نصا لعالم من العلماء في المسألة [4]، فلذا أرجو من الأخوة الكرام الذين اطلعوا على نص في المسألة أن يتفضل بإرساله لي ، والحمد لله الذي تتم بفضله الصالحات .
[1] ألا بتشديد اللام ، وأما ألا بالتخفيف فهي حرف عرض
[2] ابن مالك شرح التسهيل (4/ 113).
[3] المعجم الاشتقاقي لمحمد حسن جبل (1/ 36) .
[4] اللهم إلا ما وجدته من كلام أبي زهرة والشوكاني قال أبو زهرة - ( ما ) نافية ، و( لولا ) ، إذا دخلت ( لو ) على ( لا )- كانت بمعنى الامتناع للوجود مثل قوله تعالى : { . . .لولا أنتم لكنا مؤمنين ( 31 ) } [ سبأ ] ، وتكون بمعنى الحض مثل قوله تعالى : { . . .لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة . . .( 32 ) } [ الفرقان ] مع امتناع الشيء يحض عليه ، وهو ما قبل ( لا ) ، فإنها تدل على الحض ، وعلى الامتناع لعدم وجود شيء فقوله تعالى : { لو ما تأتينا بالملائكة } معناها الحض على أن تأتي به الملائكة ، وعلى أن الامتناع عن الإيمان لأنه لم يأت به الملائكة ، بيد أنه يلاحظ أن ( لا ) تدل على النفي في الحال والاستقبال ، و ( ما ) تدل على النفي في الماضي ، وقد جمع في هذه الآية الكريمة بين ( ما ) ، وفعل المضارع بعدها ، فدلت على أن الامتناع عن الإيمان في الماضي لعدم إتيان الملائكة به ، وأنهم مستمرون على عدم الإيمان ما دامت الملائكة لم تنزل به" يقول علي هاني وما ذكرته أفضل كما يظهر .