تحقيق التوحيد

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
قال ابن القيم - رحمه الله : وأصل العبادة وتمامها وكمالها هو المحبة ، وإفراد الرب سبحانه بها ؛ فلا يشرك العبد به فيها غيره ؛ والكلمة المتضمنة لهذين الأصلين هي الكلمة التي لا يدخل في الإسلام إلا بها ، ولا يُعصم دمه وماله إلا بالإتيان بها ، ولا ينجو من عذاب الله إلا بتحقيقها بالقلب واللسان ؛ وذكرها أفضل الذكر ، كما في صحيح ابن حبان عنه صلى الله عليه وسلم : " أَفْضَلُ الذِّكْرِ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " ، والآية المتضمنة لها ولتفضيلها سيدة أي القرآن ( آية الكرسي ) ؛ والسورة المختصة بتحقيقها ( سورة الإخلاص ) تعدل ثلث القرآن ؛ وبها أرسل الله سبحانه جميع رسله ، وأنزل جميع كتبه ، وشرع جميع شرائعه ؛ قياما بحقها ، وتكميلا لها ؛ وهي التي يدخل بها العبد على ربه ، ويصير في جواره ، وهي مفزع أوليائه وأعدائه ؛ فإن أعداءه إذا مسهم الضر في البر والبحر فزعوا إلى توحيده ، وتبرؤوا من شركهم ، ودعوه مخلصين له الدين ؛ وأما أولياؤه فهي مفزعهم في شدائد الدنيا والآخرة ؛ ولهذا كانت دعوات المكروب : " لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ " ؛ ودعوة ذي النون التي ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربه : { لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } [ الأنبياء : 87 ] ؛ وقال ثوبان رضي الله عنه : كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا رَاعَهُ أَمْرٌ قَالَ : " اللهُ رَبِّي ، لاَ أشَرِكُ بِهِ شَيْئًا " وفي لفظ قال : " اللهُ رَبِّي ، لاَ شَرِيكَ لَهُ " ؛ وقالت أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ : عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهَا عِنْدَ الْكَرْبِ : " اللهُ اللهُ رَبِّي ، لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا " ؛ وفي الترمذي من حديث إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ : لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، سُبْحَانَكَ ، إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ ، إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ " ؛ وفي مسند الإمام أحمد مرفوعًا : " دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ : اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو ، فَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ " .
فالتوحيد ملجأ الطالبين ، ومفزع الهاربين ، ونجاة المكروبين ، وغياث الملهوفين ، وحقيقته إفراد الرب سبحانه بالمحبة والإجلال والتعظيم ، والذل والخضوع .ا.هـ .
 
عودة
أعلى