تحريم الربا بالتدرج...

إنضم
13/05/2005
المشاركات
3
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة {رباً} الواردة في سورة الروم لا يراد بها الربا المحرم؟
تأملٌ في قول الله تعالى {وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون} الروم 39
الإخوة الكرام في الملتقى: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فيسعدني أن أتواصل معكم عبر هذا الملتقى، حيث سبق أن سعدت بمداخلاتكم على الرأي الذي ذكرته حول القصة الباطلة، وقد كتبت إجابة على هذه الردود أرجو قبولها والنظر فيها، وموضوعي اليوم يتعلق بدراسة كلمة لم ترد في كتاب الله تعالى إلا مرة واحدة، وهي كلمة {رباً} فأقول مستعيناً بالله:
الربا في هذه الآية ورد منكراً فهل يراد به الربا المحرم المنصوص على تحريمه معرفاً بالألف واللام في جميع آيات الربا في سورة البقرة الآية 275 { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا} تكررت كلمة الربا هنا معرفة ثلاث مرات، وفي الآية 276 {اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا} وفي سورة آل عمران الآية 130 {لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة} وفي النساء الآية 161 {وأخذهم الربا وقد نهوا عنه} أم يراد به غيره؟.
عند التأمل في آية الروم نجد أن الله سبحانه وتعالى قد أخبر أن ما يعطى من مال لينمو ويزداد فإنه لا يزيد عند الله عز وجل، ومن المعلوم أن المرابي لا يريد بالربا التقرب لله عز وجل حتى ينفى في الآية، وعلى هذا فيكون المراد بالربا في الآية معنى آخر؟
من فسر الآية بمجرد النظر إلى ورود هذه الأحرف الثلاثة {ربا} فقد وقع في الخطأ حيث ظن أن {ربا} تعني الربا المحرم، وهذا أحد أسباب الاختلاف التي أشار إليها شيخ الإسلام رحمه الله في مقدمته حيث قال في النوع الثاني من مستندي الاختلاف وهو ما يعلم بالاستدلال لا بالنقل: "قوم فسروا القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده بكلامه من كان من الناطقين بلغة العرب، من غير نظر إلى المتكلم بالقرآن، والمنزل عليه، والمخاطب به" مجموع الفتاوى 13/355.
لم يختلف المفسرون من الصحابة والتابعين فيما وقفت عليه في أن الآية ليس المراد بها الربا المحرم، وإنما اختلفت عباراتهم وتنوعت في معنى {ربا} في الآية، ومردها إلى أن المراد به: كل ما يحصل للمعطي والمنفق والمهدي من مصالح دنيوية أرادها وقصدها المعطي وإن لم يتم الاتفاق عليها؛ قال ابن جرير ’: "يقول تعالى ذكره: وما أعطيتم أيها الناس بعضكم بعضا من عطية، لتزداد في أموال الناس برجوع ثوابها إليه، ممن أعطاه ذلك {فلا يربو عند الله} يقول: فلا يزداد ذلك عند الله؛ لأن صاحبه لم يعطه من أعطاه مبتغيا به وجهه". ثم قال بعد ذكر عبارات المفسرين واختلافها في ألفاظها واتفاقها على هذا المعنى: "وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في ذلك؛ لأنه أظهر معانيه" ابن جرير 18/506، ط التركي.
وعلى هذا فلا يستقيم جعل هذه الآية من آيات تحريم الربا، ثم الاستدلال بها على أن تحريم الربا كان بالتدرج كما ذهب إلى هذا د. محمد عبد الله دراز في كتابه: دراسات إسلامية في العلاقات الاجتماعية والدولية ص 157، وكذا د. أبو سريع محمد عبد الهادي، في كتابه: الربا والقرض في الفقه الإسلامي ص 21، ود. عبد الله بن محمد الطيار في كتابه: البنوك الإسلامية ص 56، والقول بالتدرج في تحريم الربا قول لا دليل عليه؛ فالنصوص الشريعة في الربا قاطعة بتحريمه والنهي عنه، والتشنيع على أهله.
فالخلاصة أن كلمة الربا إذا جاءت معرفة في كتاب الله فالمراد بها الربا المحرم، وإذا وردت منكرة فالمراد بها غيره، مما يطلب الإنسان الزيادة فيه، دون اتفاق بين المعطي والآخذ، فهذا لا أجر فيه ولا وزر. والله تعالى أعلم.
 
دكتور الحصين

رأيك له قيمته واعتباره وأنا مقتنع به

قال الماوردي في النكت والعيون

((قوله: { وَمَاءَ آتَيْتُم مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ اللَّهِ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه الرجل يهدي هدية ليكافأ عليها أفضل منها، قاله ابن عباس ومجاهد.

الثاني: أنه في رجل صحبه في الطريق فخدمه فجعل له المخدوم بعض الربح من ماله جزاء لخدمته لا لوجه الله، قاله الشعبي.

الثالث: أنه في رجل يهب لذي قرابة له مالاً ليصير به غنيّاً ذا مال ولا يفعله طلباً لثواب الله، قاله إبراهيم.

ومعنى قوله: { فَلاَ يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ } أي فلا يكون له ثواب عند الله.))
 
د سليمان وفقه الله :
ما رأيك بقول الله تعالى " ياأيها الذين آمنو لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة " ألا تدل على التدرج في تحرم الربا .
 
أشكر أخي/ جمال حسني الشرباتي على قراءته لما كتبته حول بطلان القول بتحريم الربا بالتدرج، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا جميعاً الإخلاص في القول والعمل.
وأقول للأخ/ أحمد البريدي: بارك الله فيك ونفع بك على هذا السؤال حول آية {لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة} فأقول وبالله التوفيق: هذه الآية لا تدل على تحريم الربا بالتدرج لأمرين:
1- أن المفسرين من الصحابة والتابعين لم يشيروا إلى شيء من ذلك؛ لكون تحريم الربا مستقر عندهم لم يقع التدرج فيه كما هو الحال في تحريم الخمر، قال ابن حجر رحمه الله تعالى تعليقاً على قول ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى {واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله} البقرة 281، قال: المراد بالآخرية: تأخر الآيات المتعلقة بالربا من سورة البقرة، وأما حكم تحريم الربا فنزوله سابق لذلك بمدة طويلة على ما يدل عليه قوله تعالى في سورة آل عمران في أثناء قصة أحد {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة}" فتح الباري 8/205.
2- أن الآية نزلت لبيان الواقع الغالب الذي كان عليه التعامل أيام الجاهلية والتشنيع عليهم بذلك - تفسير أبي السعود 2/84، قال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى: كان الرجل يكون له على الرجل المال فإذا حل الأجل فيقول: أخر عني وأزيدك على مالك فتلك الأضعاف المضاعفة. زاد المسير 1/457 - وهذ ما يؤدي الربا إليه ولو نظرنا في واقع الأفراد والحكومات المتعاملة بالربا لرأينا كيف يتضاعف الربا القليل ليصبح أضعافاً مضاعفة، وانظر ما ذكره الشيخ أحمد شاكر والشيخ محمود شلتوت رحمهما الله تعالى في الرد على المستدلين بهذه الآية على إباحة الربا القليل، في حاشية زاد المسير 1/458، المكتب الإسلامي، وعليه فوصف الأضعاف المضاعفة هو كوصف إرادة العفاف المذكور في قول الله تعالى {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً} وصف ورد على الأعم الأغلب. والله تعالى أعلم.
 
حياك الله شيخنا سليمان
أنا أحد من تشرف بالدراسة عندك حفظك الله , وأقول للأخوة إن شيخنا سليمان الحصين مكسب لهذا الملتقى , نسأل الله ان ينفع بأطروحاته في هذا الملتقى.

وأود أن أسألك ياشيخنا عن تفسير الواحدي الذي حققت جزءًا منه , هل سيطبع ؟
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نفع الله بهذا الطرح المبارك

أسال الله بمنه وفضله ان يجعله في ميزان حسنات قائلة
أما ايراد الدكتور احمد جزاه الله خيرا فأقول إن قوله تعالى { أضعافا مضاعفة } لا تدل على التدرج في الربا . والله اعلم

واود منك ذكر وجه استدلالك بها على التدرج جزاك الله خيرا
 

الإخوة المشاركين: السلام عليكم ورحمة الله.

ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن تحريم الربا ورد "في آخر سورة البقرة، وفي سور: آل عمران، والروم، والمدثر. وذم اليهود عليه في سورة النساء" (القواعد النورانية، دار ابن الجوزي، ص169).

فهذا يدل على أن ما ورد في سورة الروم يشمل الربا المعروف. ولا تعارض بين هذا وبين ما ذكره كثير من المفسرين حول هدية الثواب. فإنه إذا كانت الهدية بقصد الثواب من المهدى إليه لا يثاب عليها، فالربا من باب أولى.

وما أشار إليه شيخ الإسلام حول ذكر الربا في سورة المدثر فيريد قوله تعالى: "ولا تمنن تستكثر" وقد جاء في تفسيرها نحو ما جاء في تفسير آية سورة الروم.

والله أعلم.
 
عودة
أعلى