تحرير مسألة اجتماع الجمعة والعيد على مُعتَمَد مذهب الحنابلة

ضيف الله الشمراني

ملتقى القراءات والتجويد
إنضم
30/11/2007
المشاركات
1,508
مستوى التفاعل
4
النقاط
38
الإقامة
المدينة المنورة
الحمد لله وصلى الله على نبيه ومصطفاه وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فهذا تحرير موجز لما استقر المذهب الحنبلي في مسألة: "اجتماع الجمعة والعيد" ببيان أهم الأحكام المترتبة عليها، على وجه الإيجاز.
وقد لخّصتُ ذلك في نقاط؛ ليكون أكثر وضوحاً وترتيباً.
أولاً: تسقط صلاة الجمعة بصلاة العيد لمن حضرها. أي: حضر صلاة العيد.
ثانياً: سقوط الجمعة عمن حضر العيد = سقوط حضور، لا سقوط وجوب. والفرق بينهما: أن من سقطت عنه سقوط حضور يكون بمنزلة المريض، فلو حضرها = وجبت عليه، وانعقدت به، وصحّت إمامته فيها.
ثالثاً: من لم يصلِّ العيد = يلزمه السعي إلى الجمعة وجوباً.
رابعاً: إن بلغ الحاضرون للجمعة العدد المعتبر (40 رجلاً) صلّوها، وإلا فيصلونها ظهراً.
خامساً: الصحيح من المذهب سقوط صلاة العيد بصلاة الجمعة، سواء صُلِّيت الجمعة قبل الزوال أو بعده، ويُعتبر العزم على الجمعة، سواء صليت قبل الزوال أو بعده.
سادساً: من صلى العيد، ولم يحضر الجمعة = لزمه الظهر، ولا يسقط عنه.
سابعاً: صلاة العيد المسقطة لصلاة الجمعة = هي التي تكون مع الإمام، أما لو صلاها بعده = فلا تسقط عنه الجمعة.
ثامناً: يستثنى الإمام من الرخصة، فتجب عليه الجمعة، ولا تسقط عنه، إلا إن حضر معه دون العدد المعتبر = فيصلونها ظهراً.
تاسعاً: هذه المسألة من فروع قاعدةٍ ذكرها الحافظ ابن رجب –رحمه الله-، وهي:
إذا اجتمعت عبادتان من جنس واحد، في وقت واحد، ليست إحداهما مفعولة على جهة القضاء، ولا على طريق التبعية للأخرى في الوقت = تداخلت أفعالهما، واكتفي فيهما بفعل واحد.
وهو على ضربين:....
الضرب الثاني: أن يحصل له إحدى العبادتين بنيتها، وتسقط عنه الأخرى، ولذلك أمثلة:
...ومنها: إذا اجتمع في يوم جمعة وعيد، فأيهما قُدِّم أولاً في الفعل = سقط به الثاني، ولم يجب حضوره مع الإمام.
تنبيه مهم: ذكر الحافظ ابن رجب تبعاً لصاحب التلخيص وغيره أنه على رواية عدم سقوط الجمعة عن الإمام = يجب أن يحضر معه من تنعقد بهم الصلاة، وعليه: فتصير الجمعة فرض كفاية تسقط بحضور أربعين.
والجواب عن ذلك أن يُقال:
قال العلامة ابن عثيمين –رحمه الله- في حاشيته على الروض: وكلام ابن رجب هنا = فيه نظر...لأن هذا الذي فّرعه رواية أخرى. انتهى.
قلتُ: الرواية التي أشار إليها ابن عثيمين، أوردها الإمام المرداوي –رحمه الله- في الإنصاف، فقال:
وعنه: لا تسقط عن العدد المعتبر. انتهى
قلتُ: وعليه: فيتبين أن منشأ الخطأ = خلط بين روايتين مختلفتين.
فوائد ولطائف:
الأولى: لم يذكر أصحاب المتون المختصرة -كالزاد والدليل فضلاً عما دونهما- مسألة اجتماع الجمعة والعيد، وإنما ذُكرتْ في المتون المطولة كالإقناع والمنتهى.
الثانية: لم أفهم سبب عدم إيراد الإمام الحجّاوي –رحمه الله- هذه المسألة في الزاد، رغم وجودها في أصله "المقنع"، وقد قال في مقدمته: "وربما حذفتُ منه مسائل نادرة الوقوع، وزدتُ ما على مثله يُعتمد". فهل يرى الإمام الحجاوي أنها نادرة الوقوع، فحذفها لذلك؟.
الثالثة: كتاب التلخيص الذي نقل عنه ابن رجب = من مصادر كتاب الإنصاف في معرفة الخلاف للمرداوي.
واسمه: "تلخيص المطلب في تلخيص المذهب" ومؤلفه: الإمام فخر الدين ابن تيمية –رحمه الله- (ت622)، وهو أطول كتبه الثلاثة التي حذا فيها حذو الإمام أبي حامد الغزّالي الشافعي –رحمه الله- في البسيط والوسيط والوجيز، وأوسطها: "ترغيب القاصد في تقريب المقاصد"، وأخصرها: "بُلغة الساغب وبُغية الراغب"، وهذا الأخير حققه العلامة بكر أبو زيد –رحمه الله-، وطُبع في مجلد واحد.
تم ما أردتُ بيانه مختصرًا، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

كتبه: ضيف الله بن محمد الشمراني
ليلة الأربعاء الخامس عشر من ذي الحجة عام 1433
مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم
 
عودة
أعلى