تحبيس المصاحف بالقيروان

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع موراني
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

موراني

New member
إنضم
10/05/2004
المشاركات
1,236
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
ألمانيا
تحظى المكتبة العتيقة بالقيروان ( اليوم في بمركز دراسة الحضارة والفنون الإسلامية برقّادة) بشهرة عالمية حيث تحفظ - إلى جانب الكتب الفقهية الفريدة للمذهب المالكي - عددا كبيرا من قطع المصاحف نُسخت جميعها على الرقّ بالقيروان وحُبس بعضها على الجامع الأعظم في القرنين الرابع والخامس هــ .

غير أنّ أقدم تحبيس بالمكتبة يعود إلى أواخر القرن الثالث الهجرى وهو محفوظ في آخر جزءٍ من مصحف غير كامل :
على الصفحة الأولى :
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما حبستْ فضل مولاةُ أبي أيوب أحمد بن محمد طلبا لثواب الله والدار الأخرة
على الصفحة الثانية :
رحم الله من قرأ فيها ودعا لصاحبتها وكتبتْ فضل بخطّها في المحرم سنة خمس وتسعين ومائتين .
ملحوظة : [من قرأ فيها ]: يعني من قرأ في رَبْعَة المصحف .

ربما من أشهر تحبيسات المصاحف بالقيروان ما أمرت به حاضنة الأمير المعزّ بن باديس الزيري ، ونصّه :
حبس على جامع مدينة القيروان مما أمرت به فاطمة حاضنة باديس في سنة عشرة وأربعمائة ابتغاء وجه الله الكريم وطلبا مرضاته .

وعلى لوحة أخرى :
بسم الله الرحمن الرحيم قالت فاطمة الحاضنة ، حاضنة أبي مناد باديس : حبسْتُ هذا المصحف بجامع مدينة القيروان رجاء ثواب الله وابتغاء مرضاته على يدي القاضي عبد الرحمن بن القاضي محمد بن عبد الله بن هاشم نضّر الله وجْهَه آمين ربّ العالمين .
وذلك في شهر رمضان من سنة عشرة وأربعمائة .
ورحم الله من قرأ ودعا لهم ولجماعة المسلمين بالرحمة والمغفرة وصلى على سيّدنا النبي محمد وعلى أهله وسلم تسليما .

ويرافق هذا التحبيس ما أضاف إليه ناسخ المصحف :

بسم الله الرحمن الرحيم كتب هذا المصحف وشكله ورسمه وذهبه وجلده علي بن أحمد الورّاق للحاضنة الجليلة حفظها الله على يدي درة الكاتبة سلمها الله . فرحم الله من قرأ فيه ودعا لهما بالرحمة والمغفرة والنجاء من عذاب النار آمين ربّ العلمين
وصلى الله على النبي محمد وعلى آله وسلم تسليما .

وفي رصيد المكتبة العتيقة بالقيروان مصحف آخر حبسه الأمير المعزّ بن باديس نفسه وأظهر فيه انقطاع صلته بالفاطميين وانضمامه إلى أهل السنة والجماعة بالقيروان بإبراز عدم التفضيل بين الخلفاء الراشدين :
يقول عبد الله ووليه المعزّ لدينه : أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله صلى الله عليه وأنّ أفضل الناس بعد رسول الله أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم عليّ رضي الله عنهم أجمعين .
اللهم العن بني عبيد أعداءك وأعداء نبيّك نفعنا الله ببغضهم أجمعين .
حبسْتُ هذا المصحف على جامع القيروان لوجه الله الكريم سبحانه .

هذا التحبيس الأخير غير مؤرخ ، إلا أنّ الدباغ (ت ٦٩٦ هــ) صاحب كتاب معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان يفيدنا بأنّ المعز بن باديس أمر بلعنة عبيد الله في الخطب بالجامع الكبير يوم عيد الفطر من سنة أربعين وأربعمائة . وقام قاضي مدينة صبرة (بجوار القيروان) وإمام الجامع الكبير أبو عبد الله محمد بن جعفر بلعنة بني عبيد قائلا: اللهمّ ، والعن الفسقة الكفار المرائين الفجّار أعداء الدين وأنصار الشياطين المخالفين لأمرك والناقضين لعهْدك ، المتبعين غير سبيلك والمبدّلين لكتابك ، اللهم العنهم لعْنا وبيلا [....] : معالم الإيمان ، ج ٣ ، ص ١٩٧-١٩٨ (تحقيق عبد المجيد خيالي ، بيروت ٢٠٠٥) . وأمر الأمير أبو تميم المعزّ بن باديس الخطيبَ أن يسبّهم على منبر القيروان بأشنع من هذا السبّ ( البيان المغرب لابن عذاري المراكشي . ج ١ ، ص ٢٧٨).

وجدير بالذكر أنّ هناك آثار أخرى تؤكّد أنّ لعنة الفاطميين كانت من عادات أهل القيروان قبل هذا التأريخ ، إذ يأتي ذكرهم بهذا المعنى في كتابات شواهد القبور مؤرخا على ٦ شوال ٤٣٤ وعلى ٢٣ ذي الحجة ٤٣٤ :
[...] مات على محبّة الله ومحبّة رسوله وأصحابه الأطهار وبغض بني عبيد الكفار...

والآخر :

[...] وهو مصرّ على بغض أعداء الله بني عبيد ولعنتهم .

هذا ، وقد عثرْتُ على مثل هذه اللعنة كالجملة الأخيرة في آخر المقابلة لكتاب الرجم من المدونة لسحنون بن سعيد من نفس الفترة :
لعن الله بني عبيد وشيعتهم ومن يقول بقولهم . (مخطوط القيروان) .

أما عام ٤٤٠ الذي أمر فيه المعزّ بلعنة بني عبيد في آخر الخطبة فهو يعتبر بدايةً لهذه العادة على شكل رسمي على الساحة السياسية بإفريقيا ، فأغلب الظنّ أنّ العبارات التي اختارها هذا الأمير في تحبيس مصحفه تعود إلى ما قبل هذا التأريخ حيث قامت الحاضنة فاطمة بتحبيس مصحفها عام ٤١٠. فالكارثة التأريخية الكبرى في تلك الحقبة وهي زحف بني هلال وبني سليم القيروان وتخريبها بأمر الفاطميين (عام ٤٤٢ هـ) فهي لا تحتاج إلى عرض مفصّل في هذا المكان (فلينظر : ورقات عن الحضارة العربية بإفريقية التونسية لحسن حسني عبد الوهاب . القسم الثالث . تونس ١٩٧٢. ص ٥٦ وما بعدها).

وعلى يدي القاضي المذكور تمّ تحبيس مصحف آخر ، جاء فيه :
حبس لله عزّ وجلّ بالجامع الأعظم بمدينة القيروان لجماعة المسلمين مما حبسه عمران بن أحمد بن عمران البلوي على يدي القاضي عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن هاشم في شهر ربيع الأول من سنة ثلاث عشرة وأربعمائة .
لم يأت ذكر لعمران بن أحمد هذا في كتب طبقات الإفريقيين ، ربما كان أصله في بني بلي قرب مدينة المنورة ، كما يذكرهم السمهودي ، واستوطن عائلته القيروان في عصر فتح إفريقية .


ويتبين من خلال تحبيس المصاحف القيروانية أنها كانت محفوظة بالجامع الكبير وكانت تحت تصرّف (جماعة المسلمين) داخل مقصورة الجامع ، التي تم بناءها بأمر الأمير المعزّ كما يأتي ذكره في الكتابة الأصلية فوق مدخل المقصورة .
هذا ، لقد تمّ تصوير جميع المصاحف والألواح والقطع المتبقية والمتفرقة قبل أعوام على ميكروفيلم ؛ ومع تطوّر التقنيات في هذا الميدان قد يكون من الأفضل إعادة التصوير رقميا الذي لم يتم إلى الآن حسب علمي. كذالك قام المركز المذكور بترميم بعض الألواح الرقية من المصاحف . وفي الدراسات الغربية حول الخطوط العربية عامة وتأريخ المصاحف خاصة إحالات كثيرة إلى المصاحف القيروانية غير أن الدراسات التحليلية والمنظمة وترتيب الرسوم فيها لم يبدأ إلى يومنا هذا . وهنا يخطر لي ببال ما كتبه الأستاذ محمد بك بيرم (وزارة الأوقاف التونسية) بعد زيارته للقيروان وللجامع العظم بها عام ١٨٩٧ حين وصف هذه المصاحف بمصورة الجامع كما يلي :

[...] فإنّ هذه الرّزم كلّها رقوق من جلد الغزال مكتوبة بالقلم الكوفيّ بخطّ جميل ومـموَّهة بالذّهب ومزدانة بأَبْدع النّقوش والألوان ، وهي قطع مصاحف قديمة وكُتُب حديثٍ وفقْهٍ مكتوبة كلّها في القرون الأولى من الهجرة . وقد عبثت بها الأيّامُ فجُمِعَتْ هذه الرّزم بلا ترتيب ولا نظام ، الكبيرُ مع الصّغيرِ والصّغيرُ مع الكبيرِ ، صَفْحَةٌ من هذا المصحف وصَفْحَةٌ من ذاك مع صفحاتٍ من كُتُبٍ أُخْرَى في مَـوَاضِـيعَ مُخْتَلِفَةٍ ، وهلمّ جرّا . رَأَيْتُ هذه الرّزم وفككتها وقلّبتها ، وقد انصدع فُـؤَادي لِـمَا حلّ بها ، ثمّ فارقتها متحسّرا عليها متأسّفا في بقائها في مكان تضيع فيه ويُجْهَل قدْرُها ...
( نشر التقرير الكامل لهذه الزيارة في مجلة المقتطف (القاهرة) ، ج ٤ ، شوال ١٣١٤ ، ص ٢٤١ وما بعدها) .

وهذه المجموعة الكبيرة من قِطَع فريدة وثمينة من المصاحف التأريخية ما زالت في انتظار أعمال الباحثين المتخصصين في هذا الصنف من العلوم القرآنية ...

[ عند عرض نصوص التحبيسات كان اعتمادي على الكتاب التالي :
Bernard Roy & Paule Poinssot:Inscriptions Arabes de Kairouan. Publications de l‘Institut des Hautes Etudes de Tunis. Vol. II. Fasc. I. Paris 1950]
 
وأين الزيادة؟؟

وأين الزيادة؟؟

برنارد روي ربما مات 1919م
فهل اطلع على جميع المخطوطات هناك؟؟
وهل وجد د موراني جديدا اضافيا حين تردد على هذا الكنز؟؟
وسؤالي نابع من كون المكتبة الوطنية الفرنسية تحتوي مخطوطات مصاحف ربما ترجع الى القرن الثاني ومصدرها معروف هو البلاد التي استعمرتها هذه الدولة
وان كنت شخصيا ممتن لهذه المكتبة التي وضعت المصاحف رهن اشارة الباحثين في عقر بيوتهم....
 
معلوم ، يا د. هرماس ! الكتاب صدر فيما بعد بمشاركة
Louis Poinssot
وكذلك المجلد الثالث بمشاركة سليمان مصطفى زبيس (تونس ١٩٨٣ ) . عبر الأعوام الكثيرة حتى عام ٢٠٠٦ لم تمس يدي ورقة من المصاحف بل رأيت منها أوراقا معروضة في المتحف هناك . ويقال أيضا إن خلال تخزين جميع المخطوطات في المكتبة الوطنية في تونس (اختفت) ألواح من المصاحف ....غير أنني لست من أصحاب الاتهامات . الكتاب المعتمد عندي ليس كتابا حول المصاحف بل حول الكتابات القيروانية مثل التحبيس ، وكتابات على عمود الجامع وزوايا في المدينة وعلى القبور إلخ . أنا لا أعلم (أين الزيادة) . ما يهم هنا واليوم أن ما هو موجود الآن ليس موضوع الدراسة فلذلك أتساءل : وأين العلماء ؟
 
وفي رصيد المكتبة العتيقة بالقيروان مصحف آخر حبسه الأمير المعزّ بن باديس نفسه وأظهر فيه انقطاع صلته بالفاطميين وانضمامه إلى أهل السنة والجماعة بالقيروان بإبراز عدم التفضيل بين الخلفاء الراشدين :
يقول عبد الله ووليه المعزّ لدينه : أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله صلى الله عليه وأنّ أفضل الناس بعد رسول الله أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم عليّ رضي الله عنهم أجمعين .
اللهم العن بني عبيد أعداءك وأعداء نبيّك نفعنا الله ببغضهم أجمعين .
حبسْتُ هذا المصحف على جامع القيروان لوجه الله الكريم سبحانه .
دكتور موراني، أنا أبحث عن الأصل الخطي لهذا التحبيس، فلعلك تفيدني به.
كما أني أبحث عن النسخة الخطية لكتاب " عمدة الكتاب"التي كانت بالقيران ، ويقال أنها كانت بحوزة ليفي بروفنسال.
 
محمد مسعود بن مبخوت المحترم :
هذه الورقة الأصلية محفوظة بالمكتبة بالقيروان في المتحف . وله صورة في الكتاب المعتمد عندي على ص ٣٨ - ٣٩ وهي صورة من الأصل. أما عمدة الكتاب فلا علم لي بأصله غير أنني أشك في صحة نسبه إلى الأمير المعز .
 
محمد مسعود بن مبخوت المحترم :
هذه الورقة الأصلية محفوظة بالمكتبة بالقيروان في المتحف . وله صورة في الكتاب المعتمد عندي على ص ٣٨ - ٣٩ وهي صورة من الأصل. أما عمدة الكتاب فلا علم لي بأصله غير أنني أشك في صحة نسبه إلى الأمير المعز .
حبذا لو ترفع لنا الورقة.
وأما عن "عمدة الكتاب وعدة ذوي الألباب" فالراجح - لدي- أنه ألفه أهل الفوائد والعقود الفرائد - وهم أهل العلم والأدب- للأمير المعز بن باديس، ونسبوه إليه، وعلى رأسهم وزير المعز ومربيه ورئيس ديوان إنشائه العالم الفلكي أبو الحسن علي بن أبي الرجال التيهرتي([1]). وقد كان للمعز زهاء مئة شاعر من بينهم الحسن بن رشيق المسيلي، ومحمد بن شرف القيراوني وهما من كتاب ديوان الإنشاء مع ابن أبي الرجال.
...................................
([1]) أشار مصنف الكتاب أنه ذهب إلى العراق وإلى الروم، ولم يفعل ذلك من أصحاب المعز إلا ابن أبي الرجال. وأظن أن ابن رشيق ألف له "العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده" اقتداء به في تأليفه هو ومن معه "عمدة الكتاب" للمعز.




 
الصورة الآن عندي على الشاشة مصورا من الكتاب . jpg
وكيف يتم رفعها إلى هنا ؟ عند (إدراج الصورة)< عنوان الرابط للصورة . ليس عندي أي عنوان .
 
الصورة الآن عندي على الشاشة مصورا من الكتاب . jpg
وكيف يتم رفعها إلى هنا ؟ عند (إدراج الصورة)< عنوان الرابط للصورة . ليس عندي أي عنوان .
5688alsh3er.jpg


يقول عبد الله ووليه المعزّ لدينه:
أشهد أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدا رسول الله صلى الله عليه، وأنّ أفضل الناس بعد رسول الله أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم عليّ، رضي الله عنهم أجمعين.
اللهم الْعن بني عبيد أعداءك وأعداء نبيّك، نفعنا الله ببغضهم أجمعين.
حبسْتُ هذا المصحف على جامع القيروان لوجه الله الكريم سبحانه .

 
شكرا على رفع الصورة !
النص تكرار ، وقد جاء ذكره أعلاه في المشاركة الأولى .
 
تعليق على السؤال : وأين الزيادة

تعليق على السؤال : وأين الزيادة

في هذه المكتبة كراريس مختلفة وأوراق متفرقة من المسائل المستخرجة للعتبي (ت ٢٥٥ هـ) مما عُني بتبويبه وترسيمه عبد الله بن أبي زيد القيرواني . وجزء كامل من هذا الكتاب في المكتبة الوطنية في باريس وهو يحتوي على كتاب العتق الأول منه (الرقم ٦١٥١ ) . تمّ تحبيس هذا الجزء كما يظهر على وجه الكتاب ( ق ١ أ): وهذا الدفتر من الكتب المحبّسة على طلبة العلم بمدينة القيروان . وعلى هذه الصيغة كتب فقهية أخرى محبسة على طلبة العلم بالقيروان .
لكن من الملاحظ ما يأتي على هذه الصفحة بخط مغاير ، نصه :
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على جميع المرسلين .
هذا الكتاب النادر الوجود هو كتاب العتق من المسائل المستخرجة من الأسمعة مما ليس في المدونة ومستخرجه محمد العتبي ومؤلفه عبد الله بن أبي [زيد] القيرواني . قد أهداه عائلة السيد بيقوني لخزانة الدولة يوم ٦ ماي عام ١٩٠٤ . كاتبه الحفناوي بن الشيخ .
نعم، هذا من (الزيادة) التي جاء السؤال عنها على سبيل المثال . وهنا أتسأءل : من أي طريق حصلت هذه العائلة (غير معروفة لي: بيقوني بثلاث نقط على ق) على كتاب محبّس على طلبة العلم ومثله كان ولم يزل محفوظا في مكتبة الجامع وأصلا في المقصورة فيه ؟ وبأي حق تم إهداء هذا الكتاب على يدي الحفناوي بن الشيخ ؟ وهو أبو القاسم محمد الحفناوي بن الشيخ أبي القاسم من مدينة ديس في ولاية المسيلة اليوم (ت عام ١٩٤٣ م ، وكان مفتي الجزائر : شجرة النور لمحمد بن محمد المخلوف ، ص ٤٣٤ ) .
وفي آخر الجزء ورقة إضافية بخط يد المستشرق Edmond Fagnan ( ت ١٩٣١ م ) ، وهو مرسل المخطوط ( المسمى بالهدية) من الجزائر إلى باريس يوم ٦ يونيو ١٩٠٤ . ربما لم يُهْدَ له المخطوط بالقيروان بل في الجزائر .
هذا عبث بالتراث المحبّس بين يدي المفتي شخصيا باعتباره كاتبا للـ(ـهدية) .
 
في هذه المكتبة كراريس مختلفة وأوراق متفرقة من المسائل المستخرجة للعتبي (ت ٢٥٥ هـ) مما عُني بتبويبه وترسيمه عبد الله بن أبي زيد القيرواني . وجزء كامل من هذا الكتاب في المكتبة الوطنية في باريس وهو يحتوي على كتاب العتق الأول منه (الرقم ٦١٥١ ) . تمّ تحبيس هذا الجزء كما يظهر على وجه الكتاب ( ق ١ أ): وهذا الدفتر من الكتب المحبّسة على طلبة العلم بمدينة القيروان . وعلى هذه الصيغة كتب فقهية أخرى محبسة على طلبة العلم بالقيروان .
لكن من الملاحظ ما يأتي على هذه الصفحة بخط مغاير ، نصه :
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على جميع المرسلين .
هذا الكتاب النادر الوجود هو كتاب العتق من المسائل المستخرجة من الأسمعة مما ليس في المدونة ومستخرجه محمد العتبي ومؤلفه عبد الله بن أبي [زيد] القيرواني . قد أهداه عائلة السيد بيقوني لخزانة الدولة يوم ٦ ماي عام ١٩٠٤ . كاتبه الحفناوي بن الشيخ .
نعم، هذا من (الزيادة) التي جاء السؤال عنها على سبيل المثال . وهنا أتسأءل : من أي طريق حصلت هذه العائلة (غير معروفة لي: بيقوني بثلاث نقط على ق) على كتاب محبّس على طلبة العلم ومثله كان ولم يزل محفوظا في مكتبة الجامع وأصلا في المقصورة فيه ؟ وبأي حق تم إهداء هذا الكتاب على يدي الحفناوي بن الشيخ ؟ وهو أبو القاسم محمد الحفناوي بن الشيخ أبي القاسم من مدينة ديس في ولاية المسيلة اليوم (ت عام ١٩٤٣ م ، وكان مفتي الجزائر : شجرة النور لمحمد بن محمد المخلوف ، ص ٤٣٤ ) .
وفي آخر الجزء ورقة إضافية بخط يد المستشرق Edmond Fagnan ( ت ١٩٣١ م ) ، وهو مرسل المخطوط ( المسمى بالهدية) من الجزائر إلى باريس يوم ٦ يونيو ١٩٠٤ . ربما لم يُهْدَ له المخطوط بالقيروان بل في الجزائر .
هذا عبث بالتراث المحبّس بين يدي المفتي شخصيا باعتباره كاتبا للـ(ـهدية) .
ليس هذا بمستغرب،
فقد كان الشيخ الحفناوي ( ت 1942م )كاتبا للمستشرق الفرنسي آرنو لمدة اثنتي عشرة سنة ابتداء من 1884م،
وكان يعمل معه في جريدة المبشر التي أصدرتها أصدرتها الإدارة الاستدمارية في الجزائر باللغة العربية بقرار من الملك لويس فيليب.
كما شغل منصب التدريس بالجامع الكبير بالعاصمة في سنة 1897م- وقد كان زاخرا بالمخطوطات-،
وتولى منصب المفتي المالكي سنة 1925م.
ومعلوم أن المستشرق الفرنسي ادمون فانيان هو الذي وضع فهرس مخطوطات المكتبة العامة بالجزائر آنذاك.
وربما تكون عائلة بيقوني عائلة فرنسية اشترت المخطوط أو استولت عليه.
 
بل ، هو أمر مستغرب جدا في نظري .
المخطوط محبس على طلبة العلم بالقيروان ، وهذا التحبيس مشهور ومتكرر في عدة المخطوطات في المكتبة العتيقة . فعلى أي أساس يمكن إهداء مخطوط محبس على الجامع (على طلبة العلم) إلى غيره والمفتي المحترم بالجزائر كاتبه؟ أما منصبه وتأريخ سيرته المشار اليه ، فهو لا يهم .
المخطوط المصور بين يدي ورأيت من الواجب عليّ أن أعطي مصورا منه للمكتبة بالقيروان قبل أعوام لكي يعود التراث إلى أهله هناك حتى ولو كان مصورا ولتكميل ما في هذه المجموعة من التحف في المذهب.
وهذا أيضا إجابة على السؤال : ( وأين الزيادة) .
 
تعليق على السؤال : وأين الزيادة؟؟ (٢)

تعليق على السؤال : وأين الزيادة؟؟ (٢)

أثناء أعمالي في المكتبة البريطانية قبل أعوام بحثت في مجموعة من المدونة لسحنون بن سعيد ، وعثرت على بعض أوراق وكراريس غير كاملة لهذا الكتاب. وفي هذه المجموعة أيضا اكتشفت جزءً كاملا نسب أيضا (خطأ!) إلى الأوراق المتفرقة من المدونة .
وهو كتاب آخر : (أكتب عنوان الكتاب كما جاء على الورقة الأولى بالترتيب الأصلي ):
كتاب النذور من سماع
ع ابن القاسم من مالك
بن أنس رواية سحنون بن
سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم
عن مالك بن أنس رحمت (!) الله عليه
وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وسلّم
مما حبسه محمد بن عيسى بن مناس على من يقول
بمذهب مالك بن أنس رضي الله عنه .

وفي آخر الجزء قراءة مؤرخة في دوائر علماء القيروان عام ٣٤٤ هــ . وتم نسخه بالقيروان عام ٣٩٤ هــ

أما المحبّس فهو شخصية معروفة بالقيروان إذ حبس كتبا أخرى أيضا على المالكيين بالقيروان . توفي حوال ٤٣٠ هـ . ( معالم الإيمان للدباغ ، ج ٣ ، ص ١٥٨) .
الخط نفسه خط قيرواني عتيق ، معروف بالمكتبة العتيقة .

مما لا شك فيه أنّ هذا الجزء الكامل والفريد من سماع ابن القاسم (ونصه لا يتفق ونص المدونة لسحنون!)
يعود إلى مجموعة المخطوطات التي حفظت بمقصورة جامع القيروان .

يأتي على الورقة الأولى لتجليد الجزء (أغلب المخطوطات في المكتبة البريطانية مجلدة...!) الملحوظة :

Bought of J. L. Wilson, Esq.
July 9 1927
كذا . هذا الشخص غير معروف في قائمة أسماء الناشطين بالمكتبة . غير أنه من الواضح أن اقتناء المخطوط تم من طريق الشراء . ومن هو البائع لهذا الكتاب المحبس على المالكيين بالقيروان ؟

هل هذا أيضا غير ( مستغرب ) ؟
 
بل ، هو أمر مستغرب جدا في نظري .
المخطوط محبس على طلبة العلم بالقيروان ، وهذا التحبيس مشهور ومتكرر في عدة المخطوطات في المكتبة العتيقة . فعلى أي أساس يمكن إهداء مخطوط محبس على الجامع (على طلبة العلم) إلى غيره والمفتي المحترم بالجزائر كاتبه؟ أما منصبه وتأريخ سيرته المشار اليه ، فهو لا يهم .
المخطوط المصور بين يدي ورأيت من الواجب عليّ أن أعطي مصورا منه للمكتبة بالقيروان قبل أعوام لكي يعود التراث إلى أهله هناك حتى ولو كان مصورا ولتكميل ما في هذه المجموعة من التحف في المذهب.
وهذا أيضا إجابة على السؤال : ( وأين الزيادة) .
فرنسة لم تسلب تراثنا فقط، بل قتلت آباءنا، ويتمت أبناءنا، وأيمت نساءنا، ونهبت خيراتنا، فكيف تستغرب أن تأخذ مخطوطا، خاصة وأن تونس كانت تحت حمايتها؟
 
مرحبا ! أين أنا من هذه الجوانب السياسية كلها ؟
وأين أنا من الاستعمار الفرنسي ؟
وما هي العلاقة بهذا الأمر أساسا ؟ أقول: لا شيء .
الواقع :
هناك كتاب محبّس على جامع القيروان تحبيسا واضاحا وهو يتكرر في عدة من التحبيسات .
قام مفتي الجزائر المحترم شاهدا بإهداء المخطوط لمكتبة الوطنية في باريس.

هذه هي الوقائع المسجلة في المخطوط كوثيقة تأريخية من العام المذكور .

وبقي السؤال المطروح قائما أعلاه .

أما أنا فزوّدت المكتبة بالقيروان بالمخطوط مصورا قبل أكثر من ١٠ أعوام وأتمنى أن تكون المصورات محفوظة في مكانه المناسب.... والله يستر....

والمثل الثاني كذالك : من هو بائع المخطوط إلى هذا الشخص الانجليزي ؟
 
عودة
أعلى