محمد يحيى شريف
New member
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم
استغربت من كلام أحد كبار العلماء المحققين في التجويد والقراءات أسأل الله تعالى أي يحفظه من كلّ مكروه وأن يجزيه خير الجزاء على خدمة القرءان وأهله ، حيث كان كثيراً ما يصرّح في جلساته وبعض دروسه المرئية أنّ الإمام المرعشيّ يُعمل ذهنه في المسائل التجويدية فيُدخل الكثير من الاحتمالات في المسائل مما أدّى إلى مجانبته الصواب في الكثير منها ، وممّا زاد استغرابي أنّي سمعته في أحدى الدورات العلمية المرئية يصرّح بأنّ المرعشيّ يرى بأنّ الطاء الصحيحة ما هي إلاّ الضاد الحديثة التي نسمعها اليوم. وليس هدفي مجرّد الاعتراض بل رئيت من الواجب عليّ تبرئة العلامة المرعشيّ مما ينسب إليه. فأقول : إنّ ما صرّح به الشيخ العلامة حفظه الله تعالى يحتاج إلى نظر لعدة أسباب :
أوّلاً : إن الكثير من المسائل التجويدية نبغت عن الاجتهاد والرأي وهي على أقسام : منها الخلاف في عدد مخارج الحروف والصفات ، والخلاف اللفظيّ الذي لا يترتّب عليه تغيير في الصوت الأدائي كالخلاف في القلقلة من حيث كونها صفة لازمة أم عارضة أو الخلاف في إدغام {من مال } من حيث كونه إدغاماً كاملاً أم ناقصاً وغير ذلك ، وكذا الخلاف في تقديم بعض الأوجه الأدائية على غيرها كما اختار ابن الجزريّ تقديم ترقيق الراء في {عين القطر} وتقديم التفخيم في {مصر} اعتدادً بحالة الراء وصلاًُ ، واختار تقديم الإخفاء على الإظهار في الميم الساكنة الواقعة قبل الباء في نحو {يأمركم بالسوء } اعتداداً بالإجماع على الإخفاء عند قلب النون الساكنة ميماً وغير ذلك. وهذا يدلّ على أنّ إعمال الذهن والاجتهاد في المسائل التجويدية لا يضرّ إذا لم يغيّر النطق الأدائي من جهة ولم يخالف مضمون النصوص المعتبرة من جهة أخرى.
ثانياً : أين المشكلة إذا كان المرعشيّ دقيقاً في استخراج الفوائد من عبارات الأئمّة ما دام لم يخرج عن مقتضى أقوالهم. بل صنيعه هذا هو صنيع الحذاق من أهل العلم إذ العلم فطنة ودراية كما قال مكيّ القيسي والداني عليهما رحمة الله تعالى.
ثالثاً : قد أثنى أهل العلم على الإمام المرعشي واعتمدوا على أقواله وتدقيقاته واستفادوا منها كثيراً كما فعل الشيخ محمد مكي نصر في كتابه نهاية القول المفيد وكذا شيخنا العلامة غانم قدوري الحمد الذي اطلق عليه لفظ خاتمة المحققين.
رابعاً : أن الكثير من المتأخرين اجتهدوا في بعض المسائل بل أعملوا رأيهم حتّى فيما ترتّب عليه التغيير في الأداء ولم يُعرَّج عليهم في النقد كما عرّج على الإمام المرعشي رحمه الله تعالى.
خامساً : لم أجد في كلام المرعشيّ تصريحاً بأنّ الطاء الصحيحة هي الضاد المنطوق بها اليوم بل كان كلامه مجرّد نقل لمن تقدّمه من أهل الأداء من أنّه لولا الإطباق لكانت الطاء دالا. وهذا كلام منقول من أقوال الأئمّة عليهم رحمة الله تعالى فهل يُعقل أن يُنسب هذا القول إلى المرعشيّ دون غيره ؟ وهل هذا الكلام يدلّ على ما نُسب إليه ؟ بل هو استنتاج من علماء الأصوات وبعض المحققين كشيخنا العلامة غانم قدوري الحمد حفظه الله تعالى بغضّ النظر عن صحّة هذا الاستنتاج.
وختاماً أقول : لا أدري لما الاعتراض على منهجيّة الإمام المرعشيّ رحمه الله ولا أرى سبباً في ذلك إلاّ قضيّة الضاد ، أسأل الله تعالى أن يغفر لي إن سهوت كما أسأله أن يرزقنا العدل والإنصاف في كلّ الأمور وأن يوفقنا لما فيه الخير والصلاح. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
استغربت من كلام أحد كبار العلماء المحققين في التجويد والقراءات أسأل الله تعالى أي يحفظه من كلّ مكروه وأن يجزيه خير الجزاء على خدمة القرءان وأهله ، حيث كان كثيراً ما يصرّح في جلساته وبعض دروسه المرئية أنّ الإمام المرعشيّ يُعمل ذهنه في المسائل التجويدية فيُدخل الكثير من الاحتمالات في المسائل مما أدّى إلى مجانبته الصواب في الكثير منها ، وممّا زاد استغرابي أنّي سمعته في أحدى الدورات العلمية المرئية يصرّح بأنّ المرعشيّ يرى بأنّ الطاء الصحيحة ما هي إلاّ الضاد الحديثة التي نسمعها اليوم. وليس هدفي مجرّد الاعتراض بل رئيت من الواجب عليّ تبرئة العلامة المرعشيّ مما ينسب إليه. فأقول : إنّ ما صرّح به الشيخ العلامة حفظه الله تعالى يحتاج إلى نظر لعدة أسباب :
أوّلاً : إن الكثير من المسائل التجويدية نبغت عن الاجتهاد والرأي وهي على أقسام : منها الخلاف في عدد مخارج الحروف والصفات ، والخلاف اللفظيّ الذي لا يترتّب عليه تغيير في الصوت الأدائي كالخلاف في القلقلة من حيث كونها صفة لازمة أم عارضة أو الخلاف في إدغام {من مال } من حيث كونه إدغاماً كاملاً أم ناقصاً وغير ذلك ، وكذا الخلاف في تقديم بعض الأوجه الأدائية على غيرها كما اختار ابن الجزريّ تقديم ترقيق الراء في {عين القطر} وتقديم التفخيم في {مصر} اعتدادً بحالة الراء وصلاًُ ، واختار تقديم الإخفاء على الإظهار في الميم الساكنة الواقعة قبل الباء في نحو {يأمركم بالسوء } اعتداداً بالإجماع على الإخفاء عند قلب النون الساكنة ميماً وغير ذلك. وهذا يدلّ على أنّ إعمال الذهن والاجتهاد في المسائل التجويدية لا يضرّ إذا لم يغيّر النطق الأدائي من جهة ولم يخالف مضمون النصوص المعتبرة من جهة أخرى.
ثانياً : أين المشكلة إذا كان المرعشيّ دقيقاً في استخراج الفوائد من عبارات الأئمّة ما دام لم يخرج عن مقتضى أقوالهم. بل صنيعه هذا هو صنيع الحذاق من أهل العلم إذ العلم فطنة ودراية كما قال مكيّ القيسي والداني عليهما رحمة الله تعالى.
ثالثاً : قد أثنى أهل العلم على الإمام المرعشي واعتمدوا على أقواله وتدقيقاته واستفادوا منها كثيراً كما فعل الشيخ محمد مكي نصر في كتابه نهاية القول المفيد وكذا شيخنا العلامة غانم قدوري الحمد الذي اطلق عليه لفظ خاتمة المحققين.
رابعاً : أن الكثير من المتأخرين اجتهدوا في بعض المسائل بل أعملوا رأيهم حتّى فيما ترتّب عليه التغيير في الأداء ولم يُعرَّج عليهم في النقد كما عرّج على الإمام المرعشي رحمه الله تعالى.
خامساً : لم أجد في كلام المرعشيّ تصريحاً بأنّ الطاء الصحيحة هي الضاد المنطوق بها اليوم بل كان كلامه مجرّد نقل لمن تقدّمه من أهل الأداء من أنّه لولا الإطباق لكانت الطاء دالا. وهذا كلام منقول من أقوال الأئمّة عليهم رحمة الله تعالى فهل يُعقل أن يُنسب هذا القول إلى المرعشيّ دون غيره ؟ وهل هذا الكلام يدلّ على ما نُسب إليه ؟ بل هو استنتاج من علماء الأصوات وبعض المحققين كشيخنا العلامة غانم قدوري الحمد حفظه الله تعالى بغضّ النظر عن صحّة هذا الاستنتاج.
وختاماً أقول : لا أدري لما الاعتراض على منهجيّة الإمام المرعشيّ رحمه الله ولا أرى سبباً في ذلك إلاّ قضيّة الضاد ، أسأل الله تعالى أن يغفر لي إن سهوت كما أسأله أن يرزقنا العدل والإنصاف في كلّ الأمور وأن يوفقنا لما فيه الخير والصلاح. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.