تبرئة الإمام المرعشيّ مما يُنسب إليه من إعمال الذهن والرأي

إنضم
10/04/2005
المشاركات
1,122
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
الجزائر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم

استغربت من كلام أحد كبار العلماء المحققين في التجويد والقراءات أسأل الله تعالى أي يحفظه من كلّ مكروه وأن يجزيه خير الجزاء على خدمة القرءان وأهله ، حيث كان كثيراً ما يصرّح في جلساته وبعض دروسه المرئية أنّ الإمام المرعشيّ يُعمل ذهنه في المسائل التجويدية فيُدخل الكثير من الاحتمالات في المسائل مما أدّى إلى مجانبته الصواب في الكثير منها ، وممّا زاد استغرابي أنّي سمعته في أحدى الدورات العلمية المرئية يصرّح بأنّ المرعشيّ يرى بأنّ الطاء الصحيحة ما هي إلاّ الضاد الحديثة التي نسمعها اليوم. وليس هدفي مجرّد الاعتراض بل رئيت من الواجب عليّ تبرئة العلامة المرعشيّ مما ينسب إليه. فأقول : إنّ ما صرّح به الشيخ العلامة حفظه الله تعالى يحتاج إلى نظر لعدة أسباب :

أوّلاً : إن الكثير من المسائل التجويدية نبغت عن الاجتهاد والرأي وهي على أقسام : منها الخلاف في عدد مخارج الحروف والصفات ، والخلاف اللفظيّ الذي لا يترتّب عليه تغيير في الصوت الأدائي كالخلاف في القلقلة من حيث كونها صفة لازمة أم عارضة أو الخلاف في إدغام {من مال } من حيث كونه إدغاماً كاملاً أم ناقصاً وغير ذلك ، وكذا الخلاف في تقديم بعض الأوجه الأدائية على غيرها كما اختار ابن الجزريّ تقديم ترقيق الراء في {عين القطر} وتقديم التفخيم في {مصر} اعتدادً بحالة الراء وصلاًُ ، واختار تقديم الإخفاء على الإظهار في الميم الساكنة الواقعة قبل الباء في نحو {يأمركم بالسوء } اعتداداً بالإجماع على الإخفاء عند قلب النون الساكنة ميماً وغير ذلك. وهذا يدلّ على أنّ إعمال الذهن والاجتهاد في المسائل التجويدية لا يضرّ إذا لم يغيّر النطق الأدائي من جهة ولم يخالف مضمون النصوص المعتبرة من جهة أخرى.

ثانياً : أين المشكلة إذا كان المرعشيّ دقيقاً في استخراج الفوائد من عبارات الأئمّة ما دام لم يخرج عن مقتضى أقوالهم. بل صنيعه هذا هو صنيع الحذاق من أهل العلم إذ العلم فطنة ودراية كما قال مكيّ القيسي والداني عليهما رحمة الله تعالى.

ثالثاً : قد أثنى أهل العلم على الإمام المرعشي واعتمدوا على أقواله وتدقيقاته واستفادوا منها كثيراً كما فعل الشيخ محمد مكي نصر في كتابه نهاية القول المفيد وكذا شيخنا العلامة غانم قدوري الحمد الذي اطلق عليه لفظ خاتمة المحققين.

رابعاً : أن الكثير من المتأخرين اجتهدوا في بعض المسائل بل أعملوا رأيهم حتّى فيما ترتّب عليه التغيير في الأداء ولم يُعرَّج عليهم في النقد كما عرّج على الإمام المرعشي رحمه الله تعالى.

خامساً : لم أجد في كلام المرعشيّ تصريحاً بأنّ الطاء الصحيحة هي الضاد المنطوق بها اليوم بل كان كلامه مجرّد نقل لمن تقدّمه من أهل الأداء من أنّه لولا الإطباق لكانت الطاء دالا. وهذا كلام منقول من أقوال الأئمّة عليهم رحمة الله تعالى فهل يُعقل أن يُنسب هذا القول إلى المرعشيّ دون غيره ؟ وهل هذا الكلام يدلّ على ما نُسب إليه ؟ بل هو استنتاج من علماء الأصوات وبعض المحققين كشيخنا العلامة غانم قدوري الحمد حفظه الله تعالى بغضّ النظر عن صحّة هذا الاستنتاج.

وختاماً أقول : لا أدري لما الاعتراض على منهجيّة الإمام المرعشيّ رحمه الله ولا أرى سبباً في ذلك إلاّ قضيّة الضاد ، أسأل الله تعالى أن يغفر لي إن سهوت كما أسأله أن يرزقنا العدل والإنصاف في كلّ الأمور وأن يوفقنا لما فيه الخير والصلاح. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
 
السلام عليكم
بارك الله فيك أخي الشيخ محمد يحيي شريف وجزاك الله خيرا علي حسن صنيعكم بالذب عن علمائنا وأئمتنا الأفاضل . لقد أصبحت منصة صواريخ تنطلق في وجه من طعن في أئمتنا .

أخي الحبيب لقد ذكرت لك من قبل في نقاشنا لقضية الفرجة ((معذرة لإقحام مسألة الفرجة هنا ، يبدوا أنك لو تحدثت في الكرة سنعرج علي الفرجة )) أن هذا الشيخ قال عن المرعشي عندما احتجوا عليه بقول المرعشي في الفرجة قال: المرعشي يعمل عقله في التجويد ..

وقال هذا القول أيضا (باحث في علم التجويد) أن المرعشي (صاحب مزاج في التجويد ..ويعمل عقله ) وهكذا أصبح الأمر.. الطعن في كل مخالف ..

والعجيب يا شيخنا عندما عرضت قول الجعبري في الفرجة علي أحد الإخوة في منتدي آخر .. هل تعلم ماذا قال لي ؟؟ قال طرائف وعجائب حيث قال :
(إن محل الخلاف في المشكلة ليست من عند الجعبري فحسب ..بل السبب الرئيسي هو "ابن مجاهد " ـ لعله يقصد رأس الفتنة في المسألة ـ لأنه ذكر الإخفاء وسيبويه لم يذكر إخفاء في حكم الميم أصلا .
(والرجل (كتّر خِيره) ترك الدنيا وذهب لمهاجمة ابن مجاهد ـ رحمه الله ـ . هل علمت يا شيخ محمد إلي أي حدٍّ بلغ التطاول ؟

وكلامك جميل في المخارج والصفات واجتهادات الأئمة فيها .. ورأيت كتابا لأحد الباحثين ملأ كتابه صورا للحنجرة وصورة لكل حرف واهتزاز الأحبال الصوتية ووو . حتي ظننتُ أنه كتاب في مادة " الأحياء " ـ فرع من مادة العلوم ـ وعندما وجدت أسماء أئمتنا علمت أنه كتاب تجويد . وأحيانا تجد اللسان في الحنك الأعلي عند نطق الطاء مثلا ..وكأنه يصف حرف الطاء عند اللدغ .

أما قولكم (( خامساً : لم أجد في كلام المرعشيّ تصريحاً بأنّ الطاء الصحيحة هي الضاد المنطوق بها اليوم ....)

المرعشي بالفعل قال هذا القول ( الكدب خيبة) راجع النص في كتاب (الدراسات الصوتية عند علماء التجويد ) ص 211

بارك الله فيكم شيخنا الجليل علي هذا الدفاع .
والسلام عليكم
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

قد نقل شيخنا العلامة غانم قدوري الحمد في كتابه الدراسات الصوتية نصّين عن الإمام المرعشيّ رحمه الله من الصفحة 208 إلى الصفحة 212.

النصّ الأوّل قول المرعشيّ رحمه الله تعالى : " فما اشتهر في زماننا هذا من قراءة الضاد المعجمة مثل الطاء المهملة فهو عجب لا يُعرف له سبب ....ومنهم من يخرج الضاد المعجمة طاءً مهملة كالمصريين ....أقول : قراءة الضاد المعجمة مثل الطاء المهملة فيها مفاسد ....." (الدراسات الصوتية ص209).

والنصّ الثاني قوله رحمه الله تعالى : "إنّ الطاء والتاء من مخرج واحد ، ومتحدتان في الصفات إلاّ الإطباق والاستعلاء والجهر ، فإنّها صفات الطاء وأضدادها وهي الانفتاح والاستفالة والهمس صفات التاء. ومتى أعدمت تلك الصفات للطاء يصير تاء. وإذا لم تُعدم إطباق الطاء واستعلاءها لكن أعدمت جهرها فأعطيت لها همساً كما يفعله بعض المبتدئين في مثل {الصراط المستقيم ، صراط الذين } ، فلا يكون المغيّر إليه حرفاً من الحروف التسعة والعشرين ، لكن لك أن تسمّي المغيّر إليه طاء مهموسة ، أو ساء مطبقة ، أو تاء مفخّمة " الدراسات الصوتية ص211.

أقول : كلام المرعشيّ المنقول لا يدلّ على أنّ الطاء الصحيحة هي الضاد الحديثة ولا يدلّ أنّ الطاء المنطوق بها في زمانه مهموسة لعدّة أسباب :

أوّلاً : صرّح المرعشيّ أنّ الضاد تُنطق في زمانه مثل الطاء وأيضاُ أنّها أي الضاد تخرج طاءً مهملة إشارة إلى إخراجها من طرف اللسان كالطاء وتعطيل صفة الرخاوة مما جعلها تخرج شبيهة بالطاء أو كالطاء كما نسمعه الآن أحياناً من البعض. إذن فاعتراض المرعشيّ كان على النطق بحرف الضاد وليس على حرف الطاء حيث شبّه الضاد بالطاء وخطّأ ذلك.

ثانيا : أشار المرعشيّ إلى أنّ بعض المبتدئين يهمسون الطاء. دلّ كلامه أنّ الأغلب لا يهمسونها لا سيما المهرة من القراء ، وبالتالي فإنّ الطاء المنطوق بها زمانه صحيحة في نظره.

ثالثاً : ليس هناك في كلام المرعشيّ تصريح بأنّ الطاء الصحيحة هي الضاد الحديثة ، وحتّى شيخنا العلامة غانم قدوري الحمد حفظه الله تعالى لم ينسب هذا القول إلى المرعشيّ فيما يظهر بل نفى ذلك بقوله حفظه الله تعالى : "ولم يكن من اليسير لدى العلماء المتأخرين التصريح بأنّ الطاء صوت مهموس ، وبين أيديهم عشرات النصوص التي تؤكّد أنّ الطاء صوت مجهور ، ولم تكن وسائلهم تتجاوز الملاحظة الذاتية التي يتردد صاحبها في التصريح بنقض إجماع أجيال من العلماء على أساس ملاحظته الذاتية."(الدراسات الصوتية ص210).

من خلال ما سبق يظهر أنّ القول بأنّ الطاء في زماننا وفي زمان المرعشيّ مهموسة وأنّ الطاء الصحيحة هي الضاد الحديثة ليس من كلام المرعشيّ بل هو من استنتاجات علماء الأصوات و شيخنا العلامة غانم.


وبالمناسبة أودّ أن أتعرّض لمسألة ذكرها شيخنا العلامة غانم قدوري الحمد في مسألة همس الطاء فقال حفظه الله تعالى : " ويُفهم من قول طاش كبري زاده (ت968) : ( إنّ مخرج الطاء والتاء لما اتحدا وانحصر الفرق بينهما في صفة الاستعلاء والإطباق الحاصلتين في الصاء ..) إنّ الطاء كانت في زمانه صوتاً مهموساً ، لأنّه لم يشر إلى أنّ الجهر أحد الفروق بين الطاء والتاء " (الدراسات الصوتية ص210).

أقول في كلام شيخنا العلامة نظر لعدة أسباب :

أوّلاً : لم يصرّح طاش كبري زادة بما نُسب إليه بل هو استنتاج لا يمكن القطع به.

ثانياً : قد صرّح المرعشيّ بما يخالف كلام طاش كبري زادة بقوله "فأعطيت لها – أي الطاء- همساً كما يفعله بعض المبتدئين " فقول المرعشيّ بعض المبتدئين يخالف ما فُهم من كلام طاش كبري زادة. والمرعشيّ متأخر على طاش كبري زادة.

ثالثاً : يستبعد أن يكون طاش كبري زادة اعتمد على النطق المسموع في ذلك الزمان دون الأخذ بعين الاعتبار النصوص وصفات الحروف لكي يخطر بباله ما يُنسب إليه.

رابعاً : لو كان مراده كذلك لصرّح أو لاعترض على الأقل على ما كان مسموعاً في زمانه على ضوء ما هو موجود في المصادر والكتب.

وهذا دليل آخر يدّل أنّ ما نُسب إلى المرعشيّ لم يقل به علماء التجويد المتأخرين بل هو استنتاج من علماء الأصوات وشيخنا المحقق.

أقول في الختام :

إن كان المرعشيّ لم يصرّح بذلك ، ولم ينسب إليه شيخنا العلامة غانم قدوري الحمد هذا القول ، فما بال أقوام ينسبون ذلك للإمام المرعشيّ رحمه الله تعالى ويريدون عن طريق ذلك إسقاط منزلته العلمية والتقليل من الاعتبار بأقواله. بل أكاد أقطع أنّ ذلك كان بسبب قضية الضاد حتّى لا يُعتبر بقول المرعشيّ في ذلك.

ولستُ أقصدك أخي عبد الرازق.

أسأل الله تعالى أن يرينا الحقّ حقاً ويرزقنا اتّباعه وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
 
عودة
أعلى