تاريخ جمع القرآن وتدوينه (وجهة نظر أخرى)

إنضم
09/09/2010
المشاركات
178
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الهند
مقال لفضيلة الوالد الدكتور محمد عناية الله سبحاني
لقد مضى على نزول القرآن أكثر من أربعة عشر قرنا، ولم يتحرر بعد تاريخ جمع القرآن وتدوينه، فمن قائل إنه دُوّن في عهد رسول الله، وعلى يد رسول الله.
وهناك من يقول:لم يتم جمعه وتدوينه في حياته عليه السلام، وإنما جمع القرآن ودوّن بعد وفاته على يد خليفته أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
أما الرأي الأول، فقائلوه قليلون، وأما الرأي الآخر فهو السائد في الآفاق، وقائلوه لايحصون!
ولكن الأخبار والمرويات لايحكم لها، ولاعليها، بكثرة القائلين، أو قلّتهم، وإنمايحكم لها، أو عليها بحكم الأدلة العلمية التي تتسم بالرصانة، وتتميز بالثقل العلمي، فلننظر أي القولين أرجح دليلا، وأقوى ثبوتا.
ولنبدأ جولتنا هذه بدراسة الروايات التي تناولت هذا الموضوع، والتي كانت موضع اهتمام الباحثين عموما، وعلى رأسها روايات صحيح البخاري، فلنبدأ بها.

رواية البخاري في جمع القرآن
روى البخاري، حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني ابن السباق أن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، وكان ممن يكتب الوحي قال:
أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة وعنده عمر فقال أبو بكر إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر يوم اليمامة بالناس وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن إلا أن تجمعوه وإني لأرى أن تجمع القرآن. قال أبو بكر قلت لعمر كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ فقال عمر هو والله خير فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله لذلك صدري ورأيت الذي رأى عمر قال زيد بن ثابت وعمر عنده جالس لا يتكلم فقال أبو بكر إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه و سلم فتتبع القرآن فاجمعه . فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن. قلت كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ فقال أبو بكر هو والله خير فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب وصدور الرجال حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم}. إلى آخرهما، وكانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حتى توفاه الله ثم عند حفصة بنت عمر.
تابعه عثمان بن عمر والليث عن يونس عن ابن شهاب . وقال الليث حدثني عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب وقال مع أبي خزيمة الأنصاري. وقال موسى عن إبراهيم حدثنا ابن شهاب مع أبي خزيمة . وتابعه يعقوب بن إبراهيم عن أبيه . وقال أبو ثابت حدثنا إبراهيم وقال مع خزيمة أو أبي خزيمة. (صحيح البخاري، سورة براءة التوبة:4 /1720/4402).
هذا ما رواه البخاري في موضوع جمع القرآن وتدوينه، وتلك الرواية وأمثالها تعتبر الأصل في هذاالموضوع. وهي صريحة في أن القرآن لم يرتب، ولم يدوّن في حياة رسول الله، وإنما بقي في صورة أجزاء، وقراطيس مفرّقة عندالناس، وهم قنعوا بماعندهم من السور القصار، أو الطوال، ولم يتطلعوا إلى المزيد الذي يوجد عند غيرهم. وظلّ الأمر هكذا، إلى أن جاءت حرب اليمامة، وتلك الحرب الضروس بنتائجها الرهيبة، وضحاياها المدهشة، هي التي أفزعت سيدنا عمر، وألقت في روعه ضرورة جمع القرآن قبل أن تأكل الحروب من يحفظه، ثم هو أقنع خليفة رسول الله أبابكر، حتى اقتنع بكلامه، وأمر بجمعه وتدوينه.
ومن يطّلع على تلك الروايات، وينعم فيهاالنظر، يجد نفسه أمام حشد من التساؤلات تثور في ذهنه، وهي كما يلي:

تساؤلات وإشكالات
• هل فارق رسول الله أصحابه، وغادر الدنيا، ولم يجمع القرآن، ولم يدونه، ولم يرتبه، ولم يحصّنه، ولم يحكم الأسوار حوله، ولم يطمئن إلى حفظه، وصيانته من الضياع؟ مع أنه لم يكن هناك شيء يحول دونه، ودون جمع القرآن، بل الأسباب كلها كانت مواتية، وكانت الدواعي متوفرة لجمعه، وتدوينه.
• هل تلهى رسول الله عن جمع القرآن، وهوكان على علم وبصيرة بماأصيبت به الأمم السالفة بعد رسلهم، حيث ضيعوا ماجاءت به رسلهم من كتاب الله، وتلاعبوا به، وأحدثوا فيه ما أملت عليهم أهواؤهم، من تحريف وتبديل!
• هل تلهى عنه رسول الله وهو على علم بأن القرآن خاتم الكتب، كماأنه خاتم الأنبياء، وإن كان تفريط في حفظه، وتدوينه، وحصل فيه شيء من تقديم أوتأخير، أوتبديل أوتحريف فهو خزي الأبد، حيث لايأتي بعده كتاب يهدي الناس إلى الرشد، ويصلح مافسد من أمرهم، ويذكّرهم بمانسوا من كتاب ربهم.
• هل شُغل رسول الله عن جمع القرآن وتدوينه، مع أنه بعث بالقرآن، وبعث لأجل القرآن، وماعاش إلا للقرآن، وما لبث بعد اكتمال نزول القرآن إلا قليلا، حتى ودّع الناس، ولحق بالرفيق الأعلى؟
• إن لم يستطع الرسول أن يجمع القرآن، ويرتبه بين الدفتين، في حياته، فما الذي منعه من الوصية جمعه، وترتيبه بعد وفاته، كماوصّى بأمور كثيرة، مثل تسيير جيش أسامة، حيث كان يردّد، وهو في الرمق الأخير من حياته: "أنفذوا جيش أُسامة، أنفذوا جيش أُسامة" (ابن سعد، الطبقات الكبرى، الطبقة الثانية من المهاجرين: 4/67)، وكما وصى بالإحسان إلى الأنصار، حيث قال عليه السلام في خطبة قبل وفاته: يا معشر المهاجرين استوصوا بالأنصار خيرا، إنهم كانوا عيبتي التي أويت إليهم فأحسنوا إلى محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم.(السيرة الحلبية: 3/461)، وكما وصّى بسد كل خَوخة إلا خَوخة أبي بكر حيث قال: (إن أمنّ الناس عليّ في بدنه، و دينه، وذات يده أبو بكر، و لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، و لكن أخوة الإسلام، سدّوا كل خوخة في المسجد إلا خوخة أبي بكر.) (السيرة لابن حبان، ذكر وفاة رسول الله:1/397). فإن وصى رسول الله لتلك الأمور وغيرها في حين وفاته، فماالذي منعه من الوصية بجمع القرآن، وتدوينه، وهو أكبر همومه، وأوجب واجباته، وغاية غاياته؟
• قد وصى المسلمين رسولهم في خطبة الوداع بالتمسك بكتاب الله، حيث قال: أيها الناس إني قد تركت فيكم ما، إن أخذتم به لم تضلوا، كتاب الله، فاعملوا به. (ابن كثير، السيرة النبوية:4/404)، فهل يتصوّر أن يوصى المسلمين بالتمسك بالكتاب، ولا يُعنى بجمعه وترتيبه، وتدوينه، حتى يمنع الزمن أن يتطرق إليه بشيء، وحتى يجعله بذلك فوق الزمن؟
• إن كان القرآن لم يدوّن بعد، ورأى أبوبكر وعمر ضرورة تدوينه، فهل يُعقل أن يُسند هذا الأمر الخطير العظيم إلى شخص واحد يتولاه، فالأمر كان جللا، وكان خطيرا جدّ خطير، وكان يتطلب أن يجمع له السابقون الأولون، ويجمع له الأنصار والمهاجرون، بل يجمع له المسلمون كلهم، ثم تشكل لجنة تضمّ ناسا يكونون موضع ثقة وتقدير عند الجميع، وهم ينجزون هذا العمل العظيم بتعاون الجميع، حتى يكون هذا العمل عملا جماعيا، ولا يكون عملا فرديا، فإن العمل الفردي لن يكون مثل العمل الجماعي في دقّته وجودته، ولن ينال ثقة الجميع.
• وقد كان من سنة الخلفاء الراشدين أنهم ماكانوا يستبدّون بالأمر مثل الملوك، بل كلما حزبهم أمر، أو نابتهم نائبة، جمعوا المهاجرين والأنصار، وطرحوا أمامهم ماحزبهم، وأفسحوا لهم المجال، حتى يبدوا رأيهم، ويشاركوا في دفع ما نابهم، ويساعدوهم في حلّ ما أشكل عليهم. وكلهم كانوا إخوة في الله، ينصح بعضهم لبعض.
• وإن سلّمنا- ولا مبرّر له – أن أبابكر وعمر استبدّا بالأمر، دون القوم، وأسندا جمع القرآن إلى شخص واحد، هو زيد بن ثابت الأنصاري، فماذا فُعِل بماجمعه زيد بن ثابت؟ تقول الروايات إن الصحف التي جمع فيها القرآن كانت عند أبي بك، حتى توفاه الله، ثم عند عمر، حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر. وهذا يدل على أن تلك الصحف ماانتسخت، وما نشرت، وما وصلت إلى أيدي الناس. بل بقيت حبيس بيت الخلافة، فهل كان هذا الجمع لزينة بيت الخلافة، أم كان للناس، حتى يكون كل شخص مع كتاب الله؟ وإذا كانت تلك الصحف حبيس بيت الخلافة، فماذا فعل الناس؟هل بقوا بغير قرآن؟ أم جمعوا القرآن لأنفسهم مرة أخرى بعد جمع زيد بن ثابت؟ وهل كان هذا الجمع أيضاجمعا فرديا كالسابق، أم كان جمعا جماعيا؟
• ماذاقصد زيد بن ثابت حينما قال: "فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن"؟ وماذا كان عمله؟ وكيف كانت خطته في جمع القرآن؟ وأين ذهبت تلك الصحف التي كان يكتبها كتاب الوحي، كلّما كان يأتي الوحي، وهو منهم؟ فإننا لانسمع لها صدىً في عمل جمع القرآن؟
• ماذا قصد زيد بن ثابت حينما قال: "فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع و الأكتاف والعسب وصدور الرجال"؟ هل كان يُكتب القرآن في أيام الوحي على الرقاع والأكتاف والعسب، واللخاف؟ وهل استُخدمت تلك الأشياء لكتابة القرآن فقط، أم استخدمت لكتابة أشياء أخرى غيرالقرآن؟ هل كتبت المعلقات العشر، أو قصائد فحول الشعراءعلى العسب واللخاف؟ هل كانت العهود والمواثيق بين القبائل، وبين المسلمين واليهود، وبين المسلمين وقرى، كلها كانت تكتب على الرقاع والأكتاف؟
أي شيء كان يكتب على الرقاع والأكتاف، وعلى العسب واللخاف حتى يكتب عليها القرآن؟ إن هذه الأشياء ماكانت تعتبر من أدوات الكتابة عند العرب، وما كتبوا عليها شيئا فكيف بالقرآن؟
• القرآن أرشد المؤمنين إلى أحسن شيء يكتبون عليه القرآن، حينما قال: وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3)
والرق كان عندهم متوفرا، وهو جلد رقيق يكتب فيه، وكان أسهل في الكتابة، وأسهل في القراءة، وأسهل في الترتيب، وأسهل في المراجعة، وأسهل في الحمل والنقل، فماالذي صرف المسلمين عن الرق إلى غيره؟
والعرب كانوا يستعملونه عادة، وكانوا يذكرونه في شعرهم، كما قال الأخنس بن شهاب التغلبي:
لاِبْنَةِ حِطَّانَ بنِ عَوْفٍ مَنازِلٌ ** كما رَقَّشَ العُنْوانَ في الرّقّ كاتِبُ
(المفضليات :1/36)
وقال طرفة بن العبد:
كسطور الرق رقشه ** بالضحى مرقش بشمه
(الأمالي في لغة العرب: 2/250)
وقال آخر:
يَحوكُهما ذَهبٌ في لُجَيْنٍ ... كمَشْقِك في الرَّقِّ خَطّاً دَقِيقَا
(الشمشاطي، الأنوار ومحاسن الأشعار: 1/111)
• وماذا قصد زيد بن ثابت؟ حينما قال: "حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم } إلى آخرهما". هل نسي المسلمون كلهم، وفيهم أبوبكر وعمر! وفيهم عثمان وعلي! وفيهم مئات من الصحابة، الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع، وكانوا يحيون لياليهم بالقرآن؟! هل نسي هؤلاء كلهم تلك الآية- الآية التي كانت أعذب وأحلى من العسل، وكانت أسنى من القمر في ليلة البدر؟! وإن نسي المسلمون كلهم تلك الآية الحلوة الجميلة، فمن يضمن ألا يكونوا قد نسوا غيرها؟

رواية ابن حبان في جمع القرآن
تلك إشكالات تحف بروايات رواها البخاري في جمع القرآن وتدوينه، وروى ابن حبان أيضا مثلم اروى البخاري، وزاد في روايته مالم يذكره البخاري، فنحذف منهاما ورد في رواية البخاري، ونثبت الزيادة، قال ابن حبان: قال إبراهيم بن سعد : وحدثني ابن شهاب عن أنس بن مالك أن حذيفة قدم على عثمان بن عفان وكان يغازي أهل الشام وأهل العراق وفتح أرمينية وأذربيجان فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب كما اختلف اليهود والنصارى فبعث عثمان إلى حفصة: أن أرسلي الصحف لننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فبعثت بها إليه فدعا زيد بن ثابت و عبد الله بن الزبير و سعيد بن العاص وأمرهم أن ينسخوا الصحف في المصاحف وقال لهم : ما اختلفتم أنتم و زيد بن ثابت في شيء فاكتبوه بلسان قريش فإنه نزل بلسانهم وكتب الصحف في المصاحف وبعث إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا وأمر مما سوى ذلك من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يمحى أو يحرق
قال ابن شهاب : فأخبرني خارجة بن ثابت أنه سمع زيد بن ثابت يقول: فقدت آية من سورة الأحزاب حين نسخت المصحف كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها فالتمستها فوجدتها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } فألحقتها في سورتها في المصحف
قال ابن شهاب: اختلفوا يومئذ في ( التابوت ) فقال زيد : التابوه وقال ابن الزبير و سعيد بن العاص: التابوت فرفع اختلافهم إلى عثمان رضوان الله عليه فقال: اكتبوه (التابوت) فإنه لسان قريش. (صحيح ابن حبان: 10/359/4506)
ذلك شطر من رواية ابن حبان، ومن يقف عند هذا الشطر الثاني من الرواية، وينعم النظر فيها تختلج في ذهنه عدة إشكالات، وهي كما يلي:

تساؤلات وإشكالات
• جمع زيد بن ثابت القرآن في عهد أبي بكر ففقد آخر سورة براءة، ولم يجدها إلا عند خزيمة الأنصاري، ما وجدها عند غيره! ثم حينما عاد إلى تلك الصحف في عهد عثمان بن عفان لينسخها، فقد مرة أخرى آية من سورة الأحزاب، كان يسمع رسول الله يقرؤها، فالتمسها فوجدها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري، فألحقها في سورتها في المصحف! أهكذا كان الأمر؟ أمر ليس فيه شيء من المسئوليّة والجدّية! وإن كان الأمر هكذا فمن يضمن لنا الصحة والدقة في جمع القرآن؟ ومن يستطيع أن يلجم الأعداء،إن بسطوا ألسنتهم إلى القرآن بسوء؟
• حينما أمر عثمان بنسخ المصاحف، شكل لجنة مؤلفة من ثلاثة أشخاص، وقال لهم: "ما اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء فاكتبوه بلسان قريش فإنه نزل بلسانهم " وهذا يعني أن القرآن مازال موضع اختلاف، وموضع نقاش إلى عهد عثمان! وهولمّا يأخذ شكله النهائي، وقد مضى على وفاة من نزل عليه أكثر من خمسة عشر عاما! وقد حدث ذلك فعلا، قال ابن شهاب: اختلفوا يومئذ في (التابوت) فقال زيد: التابوه، وقال ابن الزبير وسعيد بن العاص: التابوت. فرفع اختلافهم إلى عثمان رضوان الله عليه فقال: اكتبوه (التابوت) فإنه لسان قريش. وأيضا تذكر لنا الروايات عن زيد بن ثابت أنه قال: " فلما فرغتُ عرضته عَرْضةً، فلم أجد فيه هذه الآية: { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا } [سورة الأحزاب: 23] قال: فاستعرضتُ المهاجرين أسألهم عنها، فلم أجدْها عند أحد منهم، ثم استعرضتُ الأنصارَ أسألهم عنها، فلم أجدها عند أحد منهم،، حتى وجدُتها عند خُزيمة بن ثابت، فكتبتها، ثم عرَضته عَرضَةً أخرى، فلم أجد فيه هاتين الآيتين: { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } [سورة التوبة: 128، 129] فاستعرضت المهاجرين، فلم أجدها عند أحد منهم، ثم استعرضت الأنصارَ أسألهم عنها فلم أجدها عند أحد منهم، حتى وجدتها مع رَجل آخر يدعى خُزيمة أيضًا، فأثبتها في آخر "براءة"، ولو تمَتْ ثلاثُ آيات لجعلتها سورة على حِدَةٍ." (تفسير الطبري: 1/60-61) هكذا، بهذه السهولة: لجعلتها سورة على حِدَةٍ !! كأن السور في القرآن ليست من صنع الله، ولم تزل في الأمر سعة إلى عهد عثمان أن تضاف سورة إلى سور القرآن!! وتلك الإضافة لاتحتاج إلى سلطان، بل يمكن أن يفعلها من كُلّف بجمع القرآن!!
• وماالاختلاف الذي حدث بين المسلمين، أي: بين الصحابة وتلاميذهم في قراءة القرآن، حتى اضطر عثمان إلى أن أمر بما سوى ذلك من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يمحى أو يحرق ؟!

رأي ابن جرير في سبعة أحرف
قال أبو جعفر الطبري بعد ماسرد جمعا من الروايات التي وردت في نزول القرآن على سبعة أحرف، وبعد ماذكر مافعله عثمان في شأن تلك الأحرف:
"وما أشبه ذلك من الأخبار التي يطول باستيعاب جميعها الكتابُ، والآثار الدالة على أن إمامَ المسلمين وأميرَ المؤمنين عثمانَ بن عفان رحمة الله عليه، جمع المسلمين - نظرًا منه لهم، وإشفاقًا منه عليهم، ورأفة منه بهم، حِذارَ الردّةِ من بعضهم بعدَ الإسلامَ، والدّخولِ في الكفر بعد الإيمان، إذ ظهر من بعضهم بمحضَره وفي عصره التكذيبُ ببعض الأحرف السبعة التي نزل عليها القرآن، مع سماع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم النهيَ عن التكذيب بشيء منها، وإخباره إياهم أنّ المِراء فيها كفر- فحملهم رحمةُ الله عليه، إذْ رأى ذلك ظاهرًا بينهم في عصره، ولحَدَاثة عهدهم بنزول القرآن، وفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بما أمِنَ عليهم معه عظيم البلاء في الدين من تلاوة القرآن - على حرف واحد. وجمعهم على مصحف واحد، وحرف واحد، وحَرَّق ما عدا المصحف الذي جمعهم عليه. وعزم على كل من كان عنده مُصحفٌ مخالفٌ المصحفَ الذي جمعهم عليه، أن يحرقه. فاستوسقتْ له الأمة على ذلك بالطاعة ورأت أنّ فيما فعلَ من ذلك الرشدَ والهداية، فتركت القراءة بالأحرف الستة التي عزم عليها إمامُها العادلُ في تركها، طاعةً منها له، ونظرًا منها لأنفسها ولمن بعدَها من سائر أهل ملتها، حتى دَرَست من الأمة معرفتها، وتعفت آثارها، فلا سبيلَ لأحد اليوم إلى القراءة بها، لدثورها وعُفُوِّ آثارها، وتتابعِ المسلمين على رفض القراءة بها، من غير جحود منها صحتَها وصحةَ شيء منها ولكن نظرًا منها لأنفسها ولسائر أهل دينها. فلا قراءة للمسلمين اليوم إلا بالحرف الواحد الذي اختاره لهم إمامهم الشفيقُ الناصحُ، دون ما عداه من الأحرف الستة الباقية. (جامع البيان في تأويل القرآن، محمد بن جرير الطبري:1/63-64)

لاوجه للقول بإلغاء الأحرف
ذلك ماقاله الطبري في أمرحرق المصاحف. تلك وجهة نظره، وهناك وجهات أخرى في الموضوع، والمقام لايتسع لتفصيلها، ولكن ليس من المعقول أبدا القول بإلغاء عثمان لستّ قراءات نزل بهاالقرآن، ولوكان بمشورة الصحابة أجمعين. فالشيء الذي شرعه الله، لاينسخه غير الله، والصحابة عن آخرهم لم تكن عندهم صلاحيات النسخ لشرع الله! وما كان الصحابة ليجتمعوا على إلغاء قراءة شرعها منزل القرآن. والقراءة إذا كانت قراءة القرآن، وقد شرعها منزل القرآن، فلن تكون فتنة للناس، ولن تكون موضع حرب وخصومة بين الناس. وإن رأينا رأي العين أن تلك القراءات أصبحت تهدد وحدة الأمة، وتهدد سلامتها فلنعلم أننا كنا في غرور، وأنها لم تكن من عندالله العليم الخبير، الذي لم يشرع أبدا لعباده شيئا، إلا إذا كان خيرا لهم في معاشهم ومعادهم. ولا بد أن تكون لنا وقفة عند ما رواه ابن جرير عن زيد بن ثابت، حيث قال: "ثم أرسل عثمان إلى حفصة يسألها أن تعطيه الصحيفة، وحلف لها ليردنها إليها فأعطته إياها، فعرض المصحف عليها، فلم يختلفا في شيء. فردَّها إليها، وطابت نفسه، وأمرَ الناس أن يكتبوا مصاحفَ. فلما ماتت حفصةُ أرسل إلى عبد الله بن عمر في الصحيفة بعزمة، فأعطاهم إياها فغسلتْ غسلا." (تفسير الطبري:1/61)
فإذا كان مصحف عثمان موافقا لصحيفة أبي بكر، ولم يختلفا في شيء، فما الذي دعاه إلى أن يرسل إلى عبدالله بن عمر في الصحيفة بعزمة بعد وفاة أم المؤمنين، وماالذي حمله على أن يغسلها غسلا ؟! نحن لا نتهم سيدنا عثمان بن عفان في شيء، كما لا نتهم سيدنا زيد بن ثابت في شيء، كيف؟ ونحن لا نساوي غبار أقدامهم؟! ولو وجدنا غبار أقدامهم، لطيّبنا به ثيابنا، وكحّلنا به عيوننا! ويكفيهما شرفا أن ربهما رفعهما مكانا عليا! واختارهما لصحبة نبيه، وخدمة دينه.

القصة مدخولة، والرواية غير محفوظة
وإنما نريد أن نقول فقط إن تلك القصة مع ذيوعها، وانتشارها، ورواجها عند أهل العلم غير محفوظة، وغير موثوق بها؛ فقداختلط فيها الحابل بالنابل، والتبس فيها الحق بالباطل، فهي في صورتها الموجودة أقرب إلى الكذب منها إلى الصدق.
والقصة في جميع طرقها ما جاءت إلا عن الزهري، والزهري كانت عنده مشاكل، وكانت عنده بلايا، حيث كان يدرج كلامه في الأحاديث، ولم يكن معنيّا بالصحة والدقة في روايتها، فقد روي الذهبي عنه قال: كان ابن عباس يقول: خمس يورثن النسيان: أكل التفاح، والبول في الماء الراكد، والحجامة في القفا، وإلقاء القملة في التراب، وسؤر الفأرة.
وقال أبو ضمرة: حدثنا عبيدالله بن عمر، رأيت ابن شهاب يؤتي بالكتاب ما يقرأه ولا يقرأ عليه، فنقول: نأخذ هذا عنك؟ فيقول: نعم. فيأخذونه وما قرأه ولا يرونه.
وقال يونس بن محمد: حدثنا أبو أويس، سألت الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث، فقال: إن هذا يجوز في القرآن، فكيف به في الحديث؟ إذا أصيب معنى الحديث، ولم يحلّ به حراما، ولم يحرّم به حلالا، فلا بأس، وذلك إذا أصيب معناه. (الذهبي، سير أعلام النبلاء: 5/ 344-347 )
أي تقديم أو تأخير يجوز في القرآن؟ ومن الذي أجاز هذا التقديم أوالتأخير؟ وكيف يصاب المعنى مع التقديم والتأخير؟ ألا يكون للتقديم والتأخير تأثير في المعنى؟
وذكروا عن الليث بن سعد، فقيه مصر، وهومن أصحاب الإمام مالك، أنه ترك ابن شهاب الزهري، وانصرف عنه، فأرسل إليه الإمام مالك، رسالة أنكر عليه فيها تركه للزهري، فردّ عليه الإمام الليث، وكتب في رسالته القيمة المستفيضة عن ابن شهاب الزهري مايلي:
"وكان يكون من ابن شهاب اختلاف كثير اذا لقيناه، واذا كاتبه بعضنا، فربما كتب إليه في الشيء الواحد، على فضل رأيه وعلمه، بثلاثة أنواع ينقض بعضها بعضا، ولا يشعر بالذي مضى من رأيه في ذلك، فهذا الذي يدعوني إلى ترك ما أنكرتَ تركي إياه." (ابن القيم، إعلام الموقعين، رسالة الليث إلى مالك:3/85) وإذاً، فالروايات التي جاءت في جمع القرآن وتدوينه، كلها عن الزهري، وهي لاتصلح أبدا لأن تكون عمدة لنا في أمر جمع القرآن وتدوينه. فإن الزهري ليس بذاك. وفيها من المناكير الكبر، ومن الإشكالات العُضال، مارأينا وعرفنا. ولماذا تلك الروايات كلها عن الزهري، وعن زيد بن ثابت فقط؟ فإن أمر جمع القرآن وتدوينه ماكان يخصهما، وكان المفروض أن تأتي تلك الروايات عن جمع من الصحابة والتابعين.

دُوّن القرآن في حياة الرسول
وعلى أية حال فالروايات التي وصلت إلينا عن جمع القرآن وتدوينه ليست محفوظة، فإنه خلاف الأصل، وخلاف الواقع أن يذهب رسول الله، والقرآن في صورة أجزاء مبثوثة، وصحف متفرقة، لا،بل في العسب، والكرانيف، واللخاف، والرقاع، وقطع الأديم، وعظام الأكتاف والأضلاع من الشياه والإبل! فهي مظنة للضياع.
والحق أن رسولنا عليه الصلاة والسلام مافارق الدنيا إلا بعد مادوّن القرآن وحصّنه، وأحكم الأسوار حوله، ومنع الزمن أن يتطرق إليه بشيء، وجعله بذلك فوق الزمن.

رواية تفيد ذلك
ولنا العبرة فيما رواه البخاري، قال: حدثنا معلى بن أسد حدثنا عبد الله بن المثنى قال حدثني ثابت البناني وثمامة عن أنس بن مالك قال: مات النبي صلى الله عليه و سلم ولم يجمع القرآن غير أربعة أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد . قال ونحن ورثناه. (صحيح البخاري، باب القراء من أصحاب النبي:4/1913/4718) فهؤلاء الأربعة جمعوا القرآن في حياة النبي عليه السلام، بشهادة أنس بن مالك، وه ووأهله ورثوا مصحف أبي زيد لقرابة بينهم.

رواية أخرى
وممايدل على تدوين القرآن في حياة الرسول مارواه الطبراني، قال: حدثنا أحمد بن عمرو البزار ثنا هدبة بن خالد ثنا مبارك بن فضالة عن أبي محرز: أن عثمان بن أبي العاص وفد إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم مع نا س من ثقيف فدخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له: احفظ علينا متاعنا أو ركابنا فقال : على أنكم إذا خرجتم انتظرتموني حتى أخرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فدخلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم فسألته مصحفا كان عنده فأعطانيه واستعملني عليهم وجعلني إمامهم وأنا أصغرهم.
(المعجم الكبير للطبراني، باب: عثمان بن أبي العاص كان ينزل:9/61/8393)
ومثله مارواه أبونعيم، قال: "عثمان بن أبي العاص الثقفي وهو عثمان بن أبي العاص بن بشر بن عبيد بن دهمان بن عبد الله بن همام بن أبان بن يسار بن مالك بن حطيط بن جشم بن قسي بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن غيلان بن مضر ، وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن سبع وعشرين في أناس من ثقيف ، فسأله مصحفا فأعطاه ، وأمره على الطائف." (معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني ،باب:من اسمه عثمان:14/86)
تلك الرواية نص واضح في أن القرآن كان مجموعا مرتبا، مدونا بين الدفتين في حياة رسول الله، فإن لفظ المصحف لايطلق إلا على كامل القرآن، المجموع بين الدفتين.
قال الزبيدي: "لأَنَّه في المعنَي مَأْخُوذ من أُصْحِفَ ، بالضَّمِّ : أَيْ جُعلَتْ فيه الصُّحُفُ المكْتُوبةُ بين الدَّفَّتَيْن ، وجُمعَتْ فيه." (تاج العروس:ص ح ف)
وأيضا تفيد الرواية أن رسول الله كان يحتفظ عنده بنسخ زائدة من المصاحف، وإذا جاءته الوفود، كان يجودعليهم بها، فهم كانوا يذهبون بها إلى قومهم، وكانوا يستنسخونها، ثم ينشرونها بين الناس.

رواية أخرى ثالثة
وقال أبوجعفر الطحاوي:
حدثنا فهد، قال: حدثنا يوسف بن البهلول ، قال: حدثنا سليمان بن حيان، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى بن كعب الطائفي، عن عثمان بن عبد الله بن أوس بن حذيفة، عن جده أوس بن حذيفة، قال: وفدت في وفد ثقيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت الأحلاف على المغيرة بن شعبة وأنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بني مالك في قبة له، فكان ينصرف علينا النبي صلى الله عليه وسلم بعد العشاء فيحدثنا قائما على رجليه حتى يراوح بين قدميه من طول القيام...، فلما كان ذات ليلة أبطأ علينا عن الوقت الذي كان يأتي فيه، فقلت: أبطأت علينا الليلة فقال:
« إنه طرأ عليّ حزبي من القرآن فكرهت أن أجيء حتى أتمه» قال أوس بن حذيفة: فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تحزّبون القرآن؟
قالوا : ثلاثا، وخمسا، وسبعا، وتسعا، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل وحده.
قال أبو جعفر: قال أبو خالد وهو سليمان بن حيان، فنظرنا فيه،
فإذا ثلاث سور من أول القرآن: البقرة وآل عمران والنساء.
والخمس: المائدة والأنعام والأعراف والأنفال وبراءة.
والسبع: يونس وهود ويوسف والرعد وإبراهيم والحجر والنحل.
والتسع: بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء والحج والمؤمنون والنور والفرقان. والإحدى عشرة: الطواسين والعنكبوت والروم ولقمان والسجدة والأحزاب وسبأ وفاطر ويس.
والثلاث عشرة : الصافات وص والزمر وحم يعني آل حاميم ، وسورة محمد والفتح والحجرات.
وحزب المفصل. قال أبو جعفر ففيما روينا من هذه الآثار تحقيق أمر الحجرات أنها ليست من المفصل وأن المفصل ما بعدها إلى آخر القرآن. (مشكل الآثار للطحاوي، باب:إنه طرأ علي حزبي من القرآن: 3/386/1171)
تلك رواية مشهورة رواهاعدّة من أصحاب السنن، وهي تدل على أن أصحاب رسول الله قد قسّموا القرآن إلى أحزاب، وكان لكل يوم حزب، أي: قدرمعين، أو عدد معين من السور، وهم كانوا يلتزمون به، وكانوا يختمون القرآن عادة في كل أسبوع.
وأحزابهم كانت على نفس الترتيب الذي يوجد في مصاحفنا، وهذا الحزب، وهذا الترتيب حجة قاطعة على أن القرآن كان مجمعا، ومرتبا، ومدونا كمثله في أيامنا، وكانت بيوت الصحابة كلهاعامرة بها.

رواية أخرى رابعة
وممايدل على تدوين القرآن في حياة رسول الله مارواه أهل الجوامع والسنن:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناتهِ بعد موته علماً علمه ونشره، وولداً صالحاً تركه، أو مصحفاً ورّثه، أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته) حسن ابن ماجه وابن خزيمة.(صحيح كنوز السنة النبوية: 1/68)
الشاهد في الحديث أن الحثّ على توريث المصحف لايكون إلا بعد جمع القرآن وتدوينه، فإن لفظ المصحف لايطلق إلا على القرآن المجموع بين الدفتين، فإذاحثّ رسول الله على توريث المصحف، فهي حجة واضحة ساطعة على أن القرآن قد أخذ صورة المصحف، وكان يوجد في حالة تجري الوراثة فيها.

بيان القرآن عن نفسه
وبعد هذه الجولة الشيقة الممتعة في أجواء الصحاح والسنن والجوامع، نرجع إلى القرآن نفسه، حتى نسمع ماذا يقول في شأنه، فإذاهو يلقي القول الفصل في الموضوع، قال تعالى:
لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ(19)
تلك الآيات واضحة في أن الله سبحانه وتعالى أخذ على نفسه، أنه يتولى جمع القرآن، وقراءته، وتبيينه كلما احتاج إلى بيان. وأمر النبي أن يتبع قرآنه، إذاقرأه.
وهذا يعني أن القرآن يجمع حسب أمر الله، وإرشاده، كما يعني أنه يجمع في حياة النبي عليه السلام، حتى يقرأه كما يرشده.

كلمة وجيهة قيمة للفراهي
قال الفراهي في ضمن حديثه عن تلك الآيات:
"اعلم أن الله تعالى وعد بحفظ القرآن مرارا، إجمالا وتفصيلا، فقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) أي: إنه مصون عن الزيادة. وقال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ(9) وهذا قول في غاية الصراحة بنفي النقصان والتغير، مع الدلالة على نفي الزيادة أيضا؛ فإن كل واحد من هذه الثلاث يخالف حفظ كلام الله، وهذا أمر ظاهر.
ويزيد رحمه الله فيقول: " فلايخفى عليك أن قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) يحتوي على ثلاثة أمور:
الأول: أن القرآن يجمع في عهد النبي، ويقرأعليه بنسق واحد، فإنه لو أنجز هذا الوعد بعد عهد النبي لم يأمره باتباعه، وذلك قوله تعالى: فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ.
والثاني: أن النبي مأمور بالقراءة حسب هذه القراءة الثانية التي تكون بعدالجمع، وليس للنبي أن يلقى عليه شيء من الوحي، ولايبلغه الأمة، حيث أمره الله تعالى، فقال: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ. وقوله تعالى: (مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ) عام، فكل ماأنزل إلى الرسول من أمر الرسالة، لابد أن يبلغه الأمة، ونظم القرآن وترتيبه منه، فكيف يترك تبليغه، وهو مما أنزل إليه؟ فلا شك في أن النبي عليه السلام علّم الأمة قراءة السور بنسق آياتها.
والثالث: أن بعد هذاالجمع والترتيب بين الله ماشاء بيانه، من التعميم، والتخصيص، والتكميل، والتخفيف. وقد علمنا وقوع هذه الأمور الثلاث، فإن النبي كان يقرأ عليهم سورة القرآن كاملة، وهذا لايكون إلا بعد أن قرئ عليه بنسق خاص، فأخذوهامنه، وكان يأمرهم بوضع الآيات بمحلها اللائق بها، ثم بعد ذلك إذا أنزلت عليه آيات مبينة ضمّها إلى القرآن.
فترى هذه المبينات ربما وضعت بجنب ماتبينه، وأحيانا في آخر السورة، إن كانت متعلقة بعمودها، وترى في أكثر هذه الآيات تصريحا بأنها بيان من الله تعالى، كقوله عزّ من قائل: (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)
ثم عرض عليه جبريل الأمين عرضة أخيرة، بعد تمام القرآن، كماجاء في الخبر الصحيح المتفق عليه، فجاءه القرآن بتمامه، مرتّب السور، فكانت مواقع السور فيه، مثل مواقع الآيات مما ألقي عليه، وعلّم الأمة، كما تلقى من الروح الأمين. (عبدالحميد الفراهي، تفسير سورة القيامة:231-233)

ماذا فعل الشيخان في أمر القرآن؟
وإذاً، فالحكاية التي جاءت بها الروايات، عن جمع القرآن وتدوينه في عهد أبي بكر، على يد زيد بن ثابت، باقتراح عمربن الخطاب، حكاية مصنوعة من أولها إلى آخرها، والأمة الإسلامية لم تجن من تلك الحكاية المزوّرة إلا أُكُلا خمطا، وثمارا مُرّةعلى عبر تاريخها الطويل!
فهي التي جعلت القرآن تحوم حوله الشبهات، وأدّت الأمة الإسلامية إلى فرقة وشتات، وحوّلتهم إلى فرق وأحزاب يكيد بعضها لبعض!
والواقع أن سيدنا أبابكر، وسيدنا عمر ما فعلا بعد وفاة رسول الله في القرآن شيئا، فإنهما وجداه مجموعا، ومرتبا، ومدوّنا، ومحصّنا على أحسن مايكون، ورسول الله هو الذي أنجز هذا العمل بكل جدّ وحرص، وبكل دقّة وعناية، وما ترك لمن يأتي بعده إلا أن يتعلمه، ويعلّمه، ويبلّغه إلى من لم يبلغه.
وماكان على الشيخين بعد ذلك إلا أن يملآ الآفاق بنسخ القرآن الذي تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتبا، ومدوّنا فيهم، وقد فعلا ذلك فعلاً، حتى امتلأت بها القرى والمدن، ومابقي بيت من بيوت المسلمين إلا وهو يملك نسخا من القرآن.
ومابقيت قرية من قراهم إلا وأقاما فيهامراكز ومدارس يحفّظ فيها القرآن ويعلّم، حتى كان القرآن هو الذي يُسمع صوته، وتُشمّ رائحته، ويُؤنس إشراقه، وبريقه في قرى المسلمين.

كلمة وجيهة موفّقة لابن حزم قال الإمام ابن حزم، وكان صادقا، وموفّقا فيما قال:
"مات رسول الله صلى الله عليه وسلم والإسلام قد انتشر وظهر في جميع جزيرة العرب من منقطع البحر المعروف ببحر القلزم مارا إلى سواحل اليمن كلها إلى بحر فارس إلى منقطعه مارا إلى الفرات ثم على ضفة الفرات إلى منقطع الشام إلى بحر القلزم وفي هذه الجزيرة من المدن والقرى ما لا يعرف عدده إلا الله عز و جل كاليمن والبحرين وعمان ونجد وجبلي طي وبلاد مضر وربيعة وقضاعة والطائف ومكة. كلهم قد أسلم وبنوا المساجد ليس منها مدينة ولا قرية ولا حلة لأعراب إلا قد قرأ فيها القرآن في الصلوات وعلمه الصبيان والرجال والنساء وكتب ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون كذلك ليس بينهم اختلاف في شيء اصلا بل كلهم أمة واحدة ودين واحد ومقالة واحدة.
ثم ولى أبو بكر سنتين وستة أشهر فغزى فارس والروم وفتح اليمامة وزادت قراءة الناس للقرآن وجمع الناس المصاحف كأبي عمر وعثمان وعلي وزيد وأبي زيد وابن مسعود وسائر الناس في البلاد فلم يبق بلد إلا وفيه المصاحف ثم مات رضي الله عنه والمسلمون كما كانوا لا اختلاف بينهم في شيء اصلا أمة واحدة ومقالة واحدة ...
ثم مات أبو بكر وولى عمر ففتحت بلاد الفرس طولا وعرضا وفتحت الشام كلها والجزيرة ومصر كلها ولم يبق إلا وبنيت فيه المساجد ونسخت فيه المصاحف وقرأ الأئمة القرآن وعلمه الصبيان في المكاتب شرقا وغربا وبقي كذلك عشرة أعوام وأشهر والمؤمنون كلهم لا اختلاف بينهم في شيء بل ملة واحدة ومقالة واحدة.
وإن لم يكن عند المسلمين إذ مات عمر، أكثرمن مائة ألف مصحف من مصر إلى العراق إلى الشام إلى اليمن فما بين ذلك، فلم يكن أقلّ.
ثم ولى عثمان فزادت الفتوح واتسع الأمر فلو رام أحد إحصاء مصاحف أهل الإسلام ما قدر وبقي كذلك اثنى عشر عاما حتى مات وبموته حصل الاختلاف." (ابن حزم الظاهري، الفصل في الملل والأهواء والنحل: 2/66-67)

نوعيّة ما فعله عثمان في خدمة القرآن
فسيدنا عثمان لم يبتدع في القرآن شيئا، ولم يُلغِ منه حرفا. والخلافات التي نجمت قرونها بين المسلمين، والتي وردت بها الروايات، لا تتصل بالقراءات المشروعة من الله، وإنما كان أعداء الإسلام يريدون أن يدسوا في كتاب الله ما ليس منه.
وربما جاءوا بقرآن فيه زيادات، وفيه تحريفات، وفيه تقديم و تأخير، وأرادوا أن يروّجوه في أمة الإسلام، فإنهم ماكانوا يحبون أن يبقى لنا قرآننا محفوظا محصّنا، وقد ضيّعوا كتبهم من التوراة والإنجيل!
بالإضافة إلى ماكانت تغلي به صدورهم من العداوة والبغضاء ضدّ المسلمين الذين فتحوا بلادهم، وأزالوا سلطانهم، وهم كانوا يدركون جيدا أن سرّ قوة المسلمين و شوكتهم هو قرآنهم. فإن استطاعوا أن يفسدوا عليهم قرآنهم بالتبديل والتحريف، واستطاعوا أن يشغلوهم، بعضهم ببعض في شأن القرآن، عاد إليهم ماذهب عنهم من ملكهم وسلطانهم.
كانت تلك خطتهم، وكانت خطة رهيبة مدمرة! وهكذا انتشر في المسلمين قرآنان، قرآن منزل من عندالله، وموافق لما في اللوح المحفوظ، وقرآن فيه تحريف وتصحيف، وتبديل وتضليل!
وربما كانت نسخة من القرآن الذي جاء به محمد بن عبدالله، في مقابل نسخ متعددة كثيرة للقرآن المحرّف، أو المفترى !
والجو كان صالحا وملائما لمثل هذه الفتنة، حيث دخلت في الإسلام أفواج وأفواج من العجم، يتلو بعضهم بعضا، وهم كانوا حديثي العهد بالجاهلية، وما ذاقوا طعم الإسلام، وماعرفوا من القرآن إلا اسمه، ورسمه. فما كانوا قادرين على أن يفرقوا بين الغث والسمين، وماكانوا يملكون أن يدركوا ماهو الخالص النقيّ، وماهو المشوب المغشوش، وهكذا دهت المسلمين فتنة عمياء صماء، وهم في غفلة عنها، فما راعهم إلا أن استشرى داؤها، وتفاقم أمرها، وأفزع الصحابة شرها، وأقلق خليفة المسلمين خطرها، فكان أن أرسل أمير المؤمنين عثمان بن عفان بمشورة من علماء الصحابة، وكبارهم، إلى كل إقليم من أقاليم الإسلام نسخة من القرآن مختومة بختم الخلافة، حتى يكون هو الحكم، والمرجع المعتمد في موطن الخلاف!
وكان ذلك توفيقا من الله، حيث واجه الخليفة الراشد تلك الفتنة العمياء بحكمة ولباقة، وعالجها علاجا سريعا حاسما، فجزاه الله عن أمة الإسلام خير الجزاء.
هذا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
 
جزيت خيراً أخي الكريم ، واسمح لي بهذا التعليق على هذه العجالة ، وإلا فالمقال ملئ بمسائل و " عبارات " و " ألفاظ " يجب الوقوف عندها وتحليلها ، وهو ربما سيقوم به غيري ممن هو ألصق بالبحث مني .
استوقفني في قراءتي الأولى للمقال زعمان :
1- الزعم الأول هو قول الباحث :
تلك إشكالات تحف بروايات رواها البخاري في جمع القرآن وتدوينه........ القصة مدخولة، والرواية غير محفوظة
وإنما نريد أن نقول فقط إن تلك القصة مع ذيوعها، وانتشارها، ورواجها عند أهل العلم غير محفوظة، وغير موثوق بها؛ فقداختلط فيها الحابل بالنابل، والتبس فيها الحق بالباطل، فهي في صورتها الموجودة أقرب إلى الكذب منها إلى الصدق.
وهذا فيه ما فيه !!
2- الزعم الثاني : هو النتيجة التي توصل إليها المقال وهي قول الباحث :
والحق أن رسولنا عليه الصلاة والسلام مافارق الدنيا إلا بعد مادوّن القرآن وحصّنه، وأحكم الأسوار حوله، ومنع الزمن أن يتطرق إليه بشيء، وجعله بذلك فوق الزمن.
فأين هذه النسخة إذن ؟
وحسب منهجية الباحث حفظه الله في إيراد الاشكالات أقول : وهل يعقل أن الصحابة كلهم وفيهم الخلفاء وغيرهم فرّطوا في نسخة بل نسخ من القرآن الكريم كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم !!
وتقبلوا كل تحية وسلام ، ودعاء بأن يتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام .
 
وسؤالي للدكتور محيي كيف عرف ان سعي عثمان لجمع المسلمين على مصحف واحد او حرف واحد كان لسبب ان هناك قرآن محرف اخترعه اعداء الاسلام، وليس اختلاف حدث ولكن ليس في ظل مؤامرة على القرآن او تحريف وقع ،هذا ان كنت فهمت هذا من كلام سيادتكم
ثم كلام الامام ابن حزم الذي اوردته وهو
كلمة وجيهة موفّقة لابن حزم قال الإمام ابن حزم، وكان صادقا، وموفّقا فيما قال:
"مات رسول الله صلى الله عليه وسلم والإسلام قد انتشر وظهر في جميع جزيرة العرب من منقطع البحر المعروف ببحر القلزم مارا إلى سواحل اليمن كلها إلى بحر فارس إلى منقطعه مارا إلى الفرات ثم على ضفة الفرات إلى منقطع الشام إلى بحر القلزم وفي هذه الجزيرة من المدن والقرى ما لا يعرف عدده إلا الله عز و جل كاليمن والبحرين وعمان ونجد وجبلي طي وبلاد مضر وربيعة وقضاعة والطائف ومكة. كلهم قد أسلم وبنوا المساجد ليس منها مدينة ولا قرية ولا حلة لأعراب إلا قد قرأ فيها القرآن في الصلوات وعلمه الصبيان والرجال والنساء وكتب ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون كذلك ليس بينهم اختلاف في شيء اصلا بل كلهم أمة واحدة ودين واحد ومقالة واحدة.
ثم ولى أبو بكر سنتين وستة أشهر فغزى فارس والروم وفتح اليمامة وزادت قراءة الناس للقرآن وجمع الناس المصاحف كأبي عمر وعثمان وعلي وزيد وأبي زيد وابن مسعود وسائر الناس في البلاد فلم يبق بلد إلا وفيه المصاحف ثم مات رضي الله عنه والمسلمون كما كانوا لا اختلاف بينهم في شيء اصلا أمة واحدة ومقالة واحدة ...
ثم مات أبو بكر وولى عمر ففتحت بلاد الفرس طولا وعرضا وفتحت الشام كلها والجزيرة ومصر كلها ولم يبق إلا وبنيت فيه المساجد ونسخت فيه المصاحف وقرأ الأئمة القرآن وعلمه الصبيان في المكاتب شرقا وغربا وبقي كذلك عشرة أعوام وأشهر والمؤمنون كلهم لا اختلاف بينهم في شيء بل ملة واحدة ومقالة واحدة.
وإن لم يكن عند المسلمين إذ مات عمر، أكثرمن مائة ألف مصحف من مصر إلى العراق إلى الشام إلى اليمن فما بين ذلك، فلم يكن أقلّ.
ثم ولى عثمان فزادت الفتوح واتسع الأمر فلو رام أحد إحصاء مصاحف أهل الإسلام ما قدر وبقي كذلك اثنى عشر عاما حتى مات وبموته حصل الاختلاف." (ابن حزم الظاهري، الفصل في الملل والأهواء والنحل: 2/66-67)
ليس في هذا النص ان الرسول ترك مصحفا كاملا له دفتين، وإنما ترك قرآنا كاملا في صدور المسلمين وفي صحفهم التي كتب كثير منهم بعض السور أو الآيات أ حتى المصحف كاملا على ماافهم مما ورد عن مصحف عبد الله ابن مسعود وغيره
 
مع تقديري للدكتور محمد عناية الله سبحاني ولابنه الكريم محي الدين إلا أن في هذا الكلام مجازفات قاصمة تخالف أبجديات العلم والتخصص العلمي ، فقول الدكتور محمد عناية الله سبحاني عن الإمام الزهري : (والقصة في جميع طرقها ما جاءت إلا عن الزهري، والزهري كانت عنده مشاكل، وكانت عنده بلايا، حيث كان يدرج كلامه في الأحاديث، ولم يكن معنيّا بالصحة والدقة في روايتها) يدل على خللٍ كبيرٍ في معرفة قدر هذا الحافظ الكبير ، والثقة الجهبذ الذي سلَّم له العلماء بالتفرد في مسائل كثيرة، وليس ذلك يعني ادعاء العصمة له ، ولكن ليس بهذه الطريقة الساذجة يُقدَحُ في أئمة الحديث يا دكتور محمد وفقك الله ، والإمام الزهري هو الإمام الزهري ، ويبدو لي أنك أولى بقولك (كانت عنده مشاكل، وكانت عنده بلايا) حفظك الله .
وأما بقية المسائل فلعلها تناقش بشكل أوسع فالموضوع دقيق، وفي حاجة لكتابة موسعة .
 
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. سالم جكني: فأين هذه النسخة إذن ؟
وحسب منهجية الباحث حفظه الله في إيراد الاشكالات أقول : وهل يعقل أن الصحابة كلهم وفيهم الخلفاء وغيرهم فرّطوا في نسخة بل نسخ من القرآن الكريم كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم !! .

شكر الله لكم، ولكم مني أزكى السلام ووافر الاحترام، وأودّ أن أقول إن الصحابة وفيهم الخلفاء كانوا يدركون جيدا أن وظيفتهم هي نشر المصاحف بين الأمة الإسلامية في أرجاء العالم الإسلامي وليس الحفاظ على نسخة معينة، وكانت عنايتهم منصبة على الرسالة وليست على الآثار، ولذا لا نجد على وجه التحديد أيا من المصاحف التي وجدت في عهد الصحابة، ولكننا على يقين بأن ما يوجد لدينا من المصاحف وهي تفوق الملايين، توافق مائة بالمائة المصاحف التي دونت تحت إشراف الرسول صلى الله عليه وسلم.
 
وسؤالي للدكتور محيي كيف عرف ان سعي عثمان لجمع المسلمين على مصحف واحد او حرف واحد كان لسبب ان هناك قرآن محرف اخترعه اعداء الاسلام، وليس اختلاف حدث ولكن ليس في ظل مؤامرة على القرآن او تحريف وقع ،هذا ان كنت فهمت هذا من كلام سيادتكم
ثم كلام الامام ابن حزم الذي اوردته وهو

ليس في هذا النص ان الرسول ترك مصحفا كاملا له دفتين، وإنما ترك قرآنا كاملا في صدور المسلمين وفي صحفهم التي كتب كثير منهم بعض السور أو الآيات أ حتى المصحف كاملا على ماافهم مما ورد عن مصحف عبد الله ابن مسعود وغيره

شكر الله لكم وأود أن أقول،
أولا: إن إحراق عثمان لمصاحف لا تطابق الأصل أمر معقول وموافق لأصول الشرع، وأما إحراق عثمان رضي الله عنه لمصاحف مطابقة لما أنزل على الرسول الكريم فهذا لا يقبله العقل ولا الشرع، ولو كان لجمع كلمة الأمة، وهل سيدنا عثمان استدل بنص من الرسول صلى الله عليه وسلم يجيز له ذلك القرار الكبير. وعدم ثبوت اعتراض واحد من أي صحابي على هذا الإقدام دليل واضح على ذلك.

ثانيا: إن عبارة ابن حزم تصور لنا عكس ما تصوره لنا النظرية المشهورة، من شيوع المصاحف في أرجاء العالم، ولا داعي أن نقول إنها مصاحف غير كاملة.
وأليس غريبا أن تتواجد في جزيرة العرب نسخا عدة للتوراة والإنجيل بين أهل الكتاب، ولا توجد نسخة كاملة للقرآن الكريم إلا نادرا
 
هذه المشاركة فيها حق ، وفيها باطل واضح لمن يعرف تاريخ تدوين القرآن
وإذا كان يقع من مثل هذا الفاضل هذه التساؤلات؛ فإن الأمر يدل على أن موضوع (تدوين القرآن) لا يزال فيه مشكلات تحتاج إلى حل، ونقاش هذا الموضوع، ولا يتسع المجال لذكرها الآن.
وفي هذه المشاركات مغالطات تاريخية ، واعتراضات يفترضها الذهن بلا دليل واقعي.
وانظر مثلاً قوله : (وماكان على الشيخين بعد ذلك إلا أن يملآ الآفاق بنسخ القرآن الذي تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتبا، ومدوّنا فيهم، وقد فعلا ذلك فعلاً، حتى امتلأت بها القرى والمدن، ومابقي بيت من بيوت المسلمين إلا وهو يملك نسخا من القرآن) ، ووازنه بقوله: (القرآن أرشد المؤمنين إلى أحسن شيء يكتبون عليه القرآن، حينما قال: وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3)
والرق كان عندهم متوفرا، وهو جلد رقيق يكتب فيه، وكان أسهل في الكتابة، وأسهل في القراءة، وأسهل في الترتيب، وأسهل في المراجعة، وأسهل في الحمل والنقل، فماالذي صرف المسلمين عن الرق إلى غيره؟
)
هل تصوَّر كمية الرق ( وهو من جلود الأنعام) كم سيكون؟!
كم سيحتاجون من الذبائح ليتمكنوا من استخراج الرق منها ليكون مصحف الرق في كل بيت؟!
أين النظر إلى واقعهم التاريخي، ومن أين له أن كل بيت وصله المصحف ، وأن الشيخين قاما بهذه المهمة، ؟!.
ثم إن هناك خلطًا واضحًا ، وفهمًا مغلوطًا لمعنى تكفُّل الله بحفظ القرآن، فمن قال إن الله سبحانه قد جعل طريق حفظه بهذه الطرق التي يفترضها هذا المقال، وهذه القضية بحاجة إلى تجلية بتتبع الواقع التاريخي ، والقَدَر الذي اختاره الله سبحانه لطريقة حفظ كتابه ، فهو القائل : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).
وبمناسبة ذكر هذه الآية يجب أن نعلم يقينًا أن بحوثنا حول هذه القضية لا تزيد ولا تنقص من حفظ القرآن، فالذي تكفل بحفظه هو الله، وهاهو بين يدينا غضٌّ طريٌّ كما أُنزل، لم تؤثر فيه دعاوى الطاعنين، وهاهو في هذه الليالي الرمضانية يُقرأ من شرق الأرض إلى غربها ، ومن شمالها إلى جنوبها لا يخرم القارئون منه حرفًا واحدًا.
وإنما حال الطاعنين فيه من الملاحدة والمستشرقين كحال الوعل الذي ينطح الصخرة ، كما قال الشاعر:
كناطح صخرة يومًا ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنَه الوعلُ
 
هذه المشاركة فيها حق ، وفيها باطل واضح لمن يعرف تاريخ تدوين القرآن
وإذا كان يقع من مثل هذا الفاضل هذه التساؤلات؛ فإن الأمر يدل على أن موضوع (تدوين القرآن) لا يزال فيه مشكلات تحتاج إلى حل، ونقاش هذا الموضوع، ولا يتسع المجال لذكرها الآن.
وفي هذه المشاركات مغالطات تاريخية ، واعتراضات يفترضها الذهن بلا دليل واقعي.
وانظر مثلاً قوله : (وماكان على الشيخين بعد ذلك إلا أن يملآ الآفاق بنسخ القرآن الذي تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتبا، ومدوّنا فيهم، وقد فعلا ذلك فعلاً، حتى امتلأت بها القرى والمدن، ومابقي بيت من بيوت المسلمين إلا وهو يملك نسخا من القرآن) ، ووازنه بقوله: (القرآن أرشد المؤمنين إلى أحسن شيء يكتبون عليه القرآن، حينما قال: وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3)
والرق كان عندهم متوفرا، وهو جلد رقيق يكتب فيه، وكان أسهل في الكتابة، وأسهل في القراءة، وأسهل في الترتيب، وأسهل في المراجعة، وأسهل في الحمل والنقل، فماالذي صرف المسلمين عن الرق إلى غيره؟
)
هل تصوَّر كمية الرق ( وهو من جلود الأنعام) كم سيكون؟!
كم سيحتاجون من الذبائح ليتمكنوا من استخراج الرق منها ليكون مصحف الرق في كل بيت؟!
أين النظر إلى واقعهم التاريخي، ومن أين له أن كل بيت وصله المصحف ، وأن الشيخان قاما بهذه المهمة، ؟!.
ثم إن هناك خلطًا واضحًا ، وفهمًا مغلوطًا لمعنى تكفُّل الله بحفظ القرآن، فمن قال إن الله سبحانه قد جعل طريق حفظه بهذه الطرق التي يفترضها هذا المقال، وهذه القضية بحاجة إلى تجلية بتتبع الواقع التاريخي ، والقَدَر الذي اختاره الله سبحانه لطريقة حفظ كتابه ، فهو القائل : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).
وبمناسبة ذكر هذه الآية يجب أن نعلم يقينًا أن بحوثنا حول هذه القضية لا تزيد ولا تنقص من حفظ القرآن، فالذي تكفل بحفظه هو الله، وهاهو بين يدينا غضٌّ طريٌّ كما أُنزل، لم تؤثر فيه دعاوى الطاعنين، وهاهو في هذه الليالي الرمضانية يُقرأ من شرق الأرض إلى غربها ، ومن شمالها إلى جنوبها لا يخرم القارئون منه حرفًا واحدًا.
وإنما حال الطاعنين فيه من الملاحدة والمستشرقين كحال الوعل الذي ينطح الصخرة ، كما قال الشاعر:
كناطح صخرة يومًا ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنَه الوعلُ


شكر الله لك فضيلة الشيخ، ونعم ما قلت أن بحوثنا حول هذه القضية لا تزيد ولا تنقص من حفظ القرآن.
ومن نظر إلى شيوع القرآن الكريم وتواتره الذي لا نظير له في تاريخ البشرية، لا يجد في نفسه شكا البتة في حفظ القرآن، ولكن الذي نود أن نبحث فيه، أن تاريخ حفظ القرآن لايلائم حفظ القرآن نفسه، فمن نظر إلى القرآن نفسه، آمن بأنه محفوظ، ومن نظر في تاريخ حفظ القرآن وقف أمام إشكالات كثيرة.
وأود أن أضيف إلى الحوار نقطة مهمة، وهي أن الكتابة في المصحف لا يقل دورها في حفظ القرآن عن التحفيظ، واهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة الوحي لم يقل عن اهتمامه بتحفيظه الصحابة، إن لم يكن يزيد. وأهمية الكتابة في المصحف هي التي جعلت الشيخين يلجآن إلى التدوين حينما قتل القراء وفقا للرواية المشهورة.
فالنقاش هنا ليس في حفظ القرآن على الإطلاق، وإنما في تاريخ حفظه.
وهناك أمر آخر، وهو توافر نسخ التوراة والإنجيل في جزيرة العرب، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن وسائل جمع القرآن وتدوينه في صورة مصاحف، كانت متاحة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس كما يصوره لنا التاريخ.
والذي نؤمن به أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والخلفاء الراشدين بذلوا كل إمكانياتهم في حفظ القرآن الكريم تحفيظا وكتابة، مهما كلفهم ذلك، وكانوا أكثر حبا وعناية للقرآن الكريم من حب اليهود والنصارى لكتبهم، ويشمل ذلك التحفيظ والكتابة معا.
 
شكر الله لك فضيلة الشيخ، ونعم ما قلت أن بحوثنا حول هذه القضية لا تزيد ولا تنقص من حفظ القرآن.
ومن نظر إلى شيوع القرآن الكريم وتواتره الذي لا نظير له في تاريخ البشرية، لا يجد في نفسه شكا البتة في حفظ القرآن، ولكن الذي نود أن نبحث فيه، أن تاريخ حفظ القرآن لايلائم حفظ القرآن نفسه، فمن نظر إلى القرآن نفسه، آمن بأنه محفوظ، ومن نظر في تاريخ حفظ القرآن وقف أمام إشكالات كثيرة.
.
أعتقد يا دكتور محي الدين
أن تاريخ كتابة وتدوين القرآن ـ وإن كان يحتاج إلى مزيد بحث وتقصي ـ يلائم تماما المعجزة القرآنية في تكفل الله بحفظه.
ومع هذا فالأسئلة والاستشكالات التي طرحتها في وجهة نظرك وجيهة وتحتاج إلى بحث ودراسة وجواب ، أرجو أن جهود الأخوة في هذا الملتقى تجتمع وتعطي مزيدا من الاهتمام بهذا الموضوع وتجليته.
ولي وقفة أخرى مع وجهة نظرك فقد شدت انتباهي وقمت بنسخها ولعلي إن شاء الله تعالى أخرج بشيء يسر الجميع.
 
وليس الحفاظ على نسخة معينة،

وهل تلك مجرد (نسخة معينة) ؟!!!

إنها الأصل المكين الراسخ الذي تعارض به كل نسخة،أفيضيعها الصدر الأول حفظ الله قلبك بين جنبيك؟!!
 
الحمد لله وبعد.......،
إن الكاتب(غفر الله له) وقع في مغالطات علمية صريحة، منها ما ذكره مشايخنا، ومن ذلك قوله:
((• هل فارق رسول الله أصحابه، وغادر الدنيا، ولم يجمع القرآن، ولم يدونه، ولم يرتبه، ولم يحصّنه، ولم يحكم الأسوار حوله، ولم يطمئن إلى حفظه، وصيانته من الضياع؟ مع أنه لم يكن هناك شيء يحول دونه، ودون جمع القرآن، بل الأسباب كلها كانت مواتية، وكانت الدواعي متوفرة لجمعه، وتدوينه.
• هل تلهى رسول الله عن جمع القرآن، وهوكان على علم وبصيرة بماأصيبت به الأمم السالفة بعد رسلهم، حيث ضيعوا ماجاءت به رسلهم من كتاب الله، وتلاعبوا به، وأحدثوا فيه ما أملت عليهم أهواؤهم، من تحريف وتبديل!
• هل تلهى عنه رسول الله وهو على علم بأن القرآن خاتم الكتب، كماأنه خاتم الأنبياء، وإن كان تفريط في حفظه، وتدوينه، وحصل فيه شيء من تقديم أوتأخير، أوتبديل أوتحريف فهو خزي الأبد، حيث لايأتي بعده كتاب يهدي الناس إلى الرشد، ويصلح مافسد من أمرهم، ويذكّرهم بمانسوا من كتاب ربهم.
• هل شُغل رسول الله عن جمع القرآن وتدوينه، مع أنه بعث بالقرآن، وبعث لأجل القرآن، وماعاش إلا للقرآن، وما لبث بعد اكتمال نزول القرآن إلا قليلا، حتى ودّع الناس، ولحق بالرفيق الأعلى؟)))
أقول:
إذا علمنا أن الأصل في القرآن حفظه في الصدور لا في السطور{بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} فعليه نقول أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتي خلف من الصحابة من هم من أهل الحفظ والإتقان لكتاب ربهم تبارك وتعالى .
فلا يصح أن نقول بعد ذلك(إن قلنا أن القرآن لم يدون بين دفتين في حياة النبيصلى الله عليه وسلم) أن هذا تقصير في جمع القرآن وحفظه .
 
وكذلك قوله: (( والواقع أن سيدنا أبابكر، وسيدنا عمر ما فعلا بعد وفاة رسول الله في القرآن شيئا، فإنهما وجداه مجموعا، ومرتبا، ومدوّنا، ومحصّنا على أحسن مايكون، ورسول الله هو الذي أنجز هذا العمل بكل جدّ وحرص، وبكل دقّة وعناية، وما ترك لمن يأتي بعده إلا أن يتعلمه، ويعلّمه، ويبلّغه إلى من لم يبلغه.
وماكان على الشيخين بعد ذلك إلا أن يملآ الآفاق بنسخ القرآن الذي تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتبا، ومدوّنا فيهم، وقد فعلا ذلك فعلاً، حتى امتلأت بها القرى والمدن، ومابقي بيت من بيوت المسلمين إلا وهو يملك نسخا من القرآن.
ومابقيت قرية من قراهم إلا وأقاما فيهامراكز ومدارس يحفّظ فيها القرآن ويعلّم، حتى كان القرآن هو الذي يُسمع صوته، وتُشمّ رائحته، ويُؤنس إشراقه، وبريقه في قرى المسلمين)).
اليس هذا عين ما حذر منه بل هو أولي إذ الذي رأي الرأي الآخر استدل بدليل!!!.
أما الكاتب (غفر الله له) فتكلم بكلام إنشائي ليس عليه أثارة من دليل .

 
هذا الكاتب وأبوه قد راكما من الأغاليط والأباطيل في بحثهما الكثير الكثير ، وإني لا أرى مثل هذا البحث إلا محاولة في التشكيك وحشد الضعيف من النقولات واعتماد ماليس معتمدا في المراجع في بابه ، وإني لأعجب من هذا ، وأعجب أكثر من بعض من كنت أظن لهم نظرا في العلم والدراسة ، أن يشكروا صاحب المقال على بئس ماقاله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
 
وأما كلا مه عن العلم البحر الكبير، فقد كفانا شيخنا الشهري وأما ما ذكره بقوله:
((فقد روي الذهبي عنه قال: كان ابن عباس يقول: خمس يورثن النسيان: أكل التفاح، والبول في الماء الراكد، والحجامة في القفا، وإلقاء القملة في التراب، وسؤر الفأرة)).
فقد رواه الذهبي عن متروك عن وضاع، فليت شعري أيسقط إمام بخبر مكذوب، والمقال برمته يدل علي منهجية مضطربة وبخاصة في الحكم علي المرويات .
فغن الذهبي رواه عن داود بن المحبر البكراوي وهو متروك، وأكثر أحاديث كتاب العقل الذي صنفه موضوعات، وشيخه مقاتل بن سليمان الخراساني البلخي كذبوه وهجروه.
 
مرة اخرى يادكتور محيي اقول ليس في كلام ابن حزم الذي اوردته انت دليل واضح على ان النبي ترك مصحفا مكتوبا كاملا، وأنت لم ترد على كلامي هذا، فليتك تعطيني جوابا عليه لانك احتججت به على ان مقصد ابن حزم هو القول بأن النبي ترك مصحفا كاملا مع اني لااجد مايدل على ذلك من كلام ابن حزم الذي اوردته سيادتكم.
 
كلام ابن حزم فيه (شبه دليل: من وجه بعيد)، ولا يسلم له كل ما قاله أيضا .
 
تساؤلات وإشكالات عند محيي الدين وأبيه
يقولان : هل فارق رسول الله أصحابه، وغادر الدنيا، ولم يجمع القرآن، ولم يدونه، ولم يرتبه، ولم يحصّنه، ولم يحكم الأسوار حوله، ولم يطمئن إلى حفظه، وصيانته من الضياع؟ مع أنه لم يكن هناك شيء يحول دونه، ودون جمع القرآن، بل الأسباب كلها كانت مواتية، وكانت الدواعي متوفرة لجمعه، وتدوينه.
قولكما : وكانت الدواعي متوفرة لجمعه وتدوينه !
أقول : نزل القرآن على الرسول صلى الله عليه وسلم منجما ، فكانت الآيات تنزل مفرقة يضمها الرسول إلى غيرها ويضعها في مواضعها في السور ، وكان ذلك مستمرا إلى أن توفاه ربه ، صلى الله عليه وسلم .
يقولان : هل تلهى رسول الله عن جمع القرآن، وهوكان على علم وبصيرة بماأصيبت به الأمم السالفة بعد رسلهم، حيث ضيعوا ماجاءت به رسلهم من كتاب الله، وتلاعبوا به، وأحدثوا فيه ما أملت عليهم أهواؤهم، من تحريف وتبديل ، وهل تلهى عنه رسول الله وهو على علم بأن القرآن خاتم الكتب، كماأنه خاتم الأنبياء، وإن كان تفريط في حفظه، وتدوينه، وحصل فيه شيء من تقديم أوتأخير، أوتبديل أوتحريف فهو خزي الأبد، حيث لايأتي بعده كتاب يهدي الناس إلى الرشد، ويصلح مافسد من أمرهم، ويذكّرهم بمانسوا من كتاب ربهم ، وهل شُغل رسول الله عن جمع القرآن وتدوينه، مع أنه بعث بالقرآن، وبعث لأجل القرآن، وماعاش إلا للقرآن، وما لبث بعد اكتمال نزول القرآن إلا قليلا، حتى ودّع الناس، ولحق بالرفيق الأعلى؟
قولكما : هل تلهى رسول الله عن جمع القرآن ... وهل تلهى عنه رسول الله ....
أقول : تجاوزتما واجب التأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم بقولكما : هل تلهى !!
وصيغة عبارتكما مؤداها : إما أن ما تفترضانه صحيح أو أن النبي تلهى !!!
يقولان :إن لم يستطع الرسول أن يجمع القرآن، ويرتبه بين الدفتين، في حياته، فما الذي منعه من الوصية جمعه، وترتيبه بعد وفاته، كماوصّى بأمور كثيرة، مثل تسيير جيش أسامة، حيث كان يردّد، وهو في الرمق الأخير من حياته: "أنفذوا جيش أُسامة، أنفذوا جيش أُسامة" (ابن سعد، الطبقات الكبرى، الطبقة الثانية من المهاجرين: 4/67)، وكما وصى بالإحسان إلى الأنصار، حيث قال في خطبة قبل وفاته: يا معشر المهاجرين استوصوا بالأنصار خيرا، إنهم كانوا عيبتي التي أويت إليهم فأحسنوا إلى محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم.(السيرة الحلبية: 3/461)، وكما وصّى بسد كل خَوخة إلا خَوخة أبي بكر حيث قال: (إن أمنّ الناس عليّ في بدنه، و دينه، وذات يده أبو بكر، و لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، و لكن أخوة الإسلام، سدّوا كل خوخة في المسجد إلا خوخة أبي بكر.) (السيرة لابن حبان، ذكر وفاة رسول الله:1/397). فإن وصى رسول الله لتلك الأمور وغيرها في حين وفاته، فماالذي منعه من الوصية بجمع القرآن، وتدوينه، وهو أكبر همومه، وأوجب واجباته، وغاية غاياته؟
أقول : مانقلته عن طبقات ابن سعد ( أنفذوا جيش أسامة ...) لا يصح ، وإلا ما راجع أبابكر عمر وغيره من الصحابة في عدم إنفاذ الجيش وحاشا أن يفعلوا ذلك وهم يعلمون أن هذه وصية النبي صلى الله عليه وسلم !
والعجب اتخاذكما السيرة الحلبية مصدرا لاستشهاداتكما وترككما كتب السيرة المعتبرة ! وماعلاقة ما أوردتما عن الأنصار وأبي بكر بجمع القرآن وتدوينه ؟! إن القرآن كان محفوظا غاية ومنتهى الحفظ في صدور أصحاب النبي في حياته صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته ، وهذه وسيلة الحفظ الأولى عند مثلهم الذين وصفهم الله تعالى في كتابه العزيز : ( هُوَ ٱلَّذِى بَعَثَ فِى ٱلْأُمِّيِّۦنَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُوا۟ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا۟ مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَٰلٍ مُّبِينٍ )
يقولان : قد وصى المسلمين رسولهم في خطبة الوداع بالتمسك بكتاب الله، حيث قال: أيها الناس إني قد تركت فيكم ما، إن أخذتم به لم تضلوا، كتاب الله، فاعملوا به. (ابن كثير، السيرة النبوية:4/404)، فهل يتصوّر أن يوصى المسلمين بالتمسك بالكتاب، ولا يُعنى بجمعه وترتيبه، وتدوينه، حتى يمنع الزمن أن يتطرق إليه بشيء، وحتى يجعله بذلك فوق الزمن وإن كان القرآن لم يدوّن بعد، ورأى أبوبكر وعمر ضرورة تدوينه، فهل يُعقل أن يُسند هذا الأمر الخطير العظيم إلى شخص واحد يتولاه، فالأمر كان جللا، وكان خطيرا جدّ خطير، وكان يتطلب أن يجمع له السابقون الأولون، ويجمع له الأنصار والمهاجرون، بل يجمع له المسلمون كلهم، ثم تشكل لجنة تضمّ ناسا يكونون موضع ثقة وتقدير عند الجميع، وهم ينجزون هذا العمل العظيم بتعاون الجميع، حتى يكون هذا العمل عملا جماعيا، ولا يكون عملا فرديا، فإن العمل الفردي لن يكون مثل العمل الجماعي في دقّته وجودته، ولن ينال ثقة الجميع.
أقول : ماهذا التصور الملبس ؟! إنها كانت مهمة جمع المكتوب متفرقا عند بعض الصحابة ، لكن القرآن محفوظ في الصدور يا هذان ! قبل أن يكون في القراطيس وغيرها التي جمعها زيد بن ثابت رضي الله عنه .
يقولان :وقد كان من سنة الخلفاء الراشدين أنهم ماكانوا يستبدّون بالأمر مثل الملوك، بل كلما حزبهم أمر، أو نابتهم نائبة، جمعوا المهاجرين والأنصار، وطرحوا أمامهم ماحزبهم، وأفسحوا لهم المجال، حتى يبدوا رأيهم، ويشاركوا في دفع ما نابهم، ويساعدوهم في حلّ ما أشكل عليهم. وكلهم كانوا إخوة في الله، ينصح بعضهم لبعض.
أقول : هذه دعوى متهافتة ، بها يتجاوزان واجب الأدب مع الخليفتين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فمؤدى كلامهما : أن أيا من الخلفتين رأى رأيا وأنفذه وإن خالفه بقية الصحابة ، فهو مستبد متحكم ! بل إن الخلفاء الأربعة خالفوا بقية الصحابة في عدة أمور وأنفذوا رأيهم ، ولم يتهمهم في ذلك غير الروافض !
ويقولان : وإن سلّمنا- ولا مبرّر له – أن أبابكر وعمر استبدّا بالأمر، دون القوم، وأسندا جمع القرآن إلى شخص واحد، هو زيد بن ثابت الأنصاري، فماذا فُعِل بماجمعه زيد بن ثابت؟ تقول الروايات إن الصحف التي جمع فيها القرآن كانت عند أبي بك، حتى توفاه الله، ثم عند عمر، حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر. وهذا يدل على أن تلك الصحف ماانتسخت، وما نشرت، وما وصلت إلى أيدي الناس. بل بقيت حبيس بيت الخلافة، فهل كان هذا الجمع لزينة بيت الخلافة، أم كان للناس، حتى يكون كل شخص مع كتاب الله؟ وإذا كانت تلك الصحف حبيس بيت الخلافة، فماذا فعل الناس؟هل بقوا بغير قرآن؟ أم جمعوا القرآن لأنفسهم مرة أخرى بعد جمع زيد بن ثابت؟ وهل كان هذا الجمع أيضاجمعا فرديا كالسابق، أم كان جمعا جماعيا؟
و ماذاقصد زيد بن ثابت حينما قال: "فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن"؟ وماذا كان عمله؟ وكيف كانت خطته في جمع القرآن؟ وأين ذهبت تلك الصحف التي كان يكتبها كتاب الوحي، كلّما كان يأتي الوحي، وهو منهم؟ فإننا لانسمع لها صدىً في عمل جمع القرآن؟
و ماذا قصد زيد بن ثابت حينما قال: "فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع و الأكتاف والعسب وصدور الرجال"؟ هل كان يُكتب القرآن في أيام الوحي على الرقاع والأكتاف والعسب، واللخاف؟ وهل استُخدمت تلك الأشياء لكتابة القرآن فقط، أم استخدمت لكتابة أشياء أخرى غيرالقرآن؟ هل كتبت المعلقات العشر، أو قصائد فحول الشعراءعلى العسب واللخاف؟ هل كانت العهود والمواثيق بين القبائل، وبين المسلمين واليهود، وبين المسلمين وقرى، كلها كانت تكتب على الرقاع والأكتاف؟
أي شيء كان يكتب على الرقاع والأكتاف، وعلى العسب واللخاف حتى يكتب عليها القرآن؟ إن هذه الأشياء ماكانت تعتبر من أدوات الكتابة عند العرب، وما كتبوا عليها شيئا فكيف بالقرآن؟
والقرآن أرشد المؤمنين إلى أحسن شيء يكتبون عليه القرآن، حينما قال: وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3)
والرق كان عندهم متوفرا، وهو جلد رقيق يكتب فيه، وكان أسهل في الكتابة، وأسهل في القراءة، وأسهل في الترتيب، وأسهل في المراجعة، وأسهل في الحمل والنقل، فماالذي صرف المسلمين عن الرق إلى غيره؟
أقول : قد كتب على كل ذلك ياهذان ! فلم هذه الجلبة التي تجلبان علينا بها ؟!
يقولان : وماذا قصد زيد بن ثابت؟ حينما قال: "حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم إلى آخرهما". هل نسي المسلمون كلهم، وفيهم أبوبكر وعمر! وفيهم عثمان وعلي! وفيهم مئات من الصحابة، الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع، وكانوا يحيون لياليهم بالقرآن؟! هل نسي هؤلاء كلهم تلك الآية- الآية التي كانت أعذب وأحلى من العسل، وكانت أسنى من القمر في ليلة البدر؟! وإن نسي المسلمون كلهم تلك الآية الحلوة الجميلة، فمن يضمن ألا يكونوا قد نسوا غيرها؟ و حينما أمر عثمان بنسخ المصاحف، شكل لجنة مؤلفة من ثلاثة أشخاص، وقال لهم: "ما اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء فاكتبوه بلسان قريش فإنه نزل بلسانهم " وهذا يعني أن القرآن مازال موضع اختلاف، وموضع نقاش إلى عهد عثمان! وهولمّا يأخذ شكله النهائي، وقد مضى على وفاة من نزل عليه أكثر من خمسة عشر عاما! وقد حدث ذلك فعلا، قال ابن شهاب: اختلفوا يومئذ في (التابوت) فقال زيد: التابوه، وقال ابن الزبير وسعيد بن العاص: التابوت. فرفع اختلافهم إلى عثمان رضوان الله عليه فقال: اكتبوه (التابوت) فإنه لسان قريش. وأيضا تذكر لنا الروايات عن زيد بن ثابت أنه قال: " فلما فرغتُ عرضته عَرْضةً، فلم أجد فيه هذه الآية: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا [سورة الأحزاب: 23] قال: فاستعرضتُ المهاجرين أسألهم عنها، فلم أجدْها عند أحد منهم، ثم استعرضتُ الأنصارَ أسألهم عنها، فلم أجدها عند أحد منهم،، حتى وجدُتها عند خُزيمة بن ثابت، فكتبتها، ثم عرَضته عَرضَةً أخرى، فلم أجد فيه هاتين الآيتين: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [سورة التوبة: 128، 129] فاستعرضت المهاجرين، فلم أجدها عند أحد منهم، ثم استعرضت الأنصارَ أسألهم عنها فلم أجدها عند أحد منهم، حتى وجدتها مع رَجل آخر يدعى خُزيمة أيضًا، فأثبتها في آخر "براءة"، ولو تمَتْ ثلاثُ آيات لجعلتها سورة على حِدَةٍ." (تفسير الطبري: 1/60-61) هكذا، بهذه السهولة: لجعلتها سورة على حِدَةٍ !! كأن السور في القرآن ليست من صنع الله، ولم تزل في الأمر سعة إلى عهد عثمان أن تضاف سورة إلى سور القرآن!! وتلك الإضافة لاتحتاج إلى سلطان، بل يمكن أن يفعلها من كُلّف بجمع القرآن!!
أقول : هذا عن موضع كتابة الآية وليس في ذلك خطر اختفائها ، فهي محفوظة في صدور الصحابة ياهذان !
يقولان : وماالاختلاف الذي حدث بين المسلمين، أي: بين الصحابة وتلاميذهم في قراءة القرآن، حتى اضطر عثمان إلى أن أمر بما سوى ذلك من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يمحى أو يحرق ؟!
أقول : وتلك منقبة لعثمان رضي الله عنه لا تنكر ولا تعمى على منصف !
يقولان : ولكن ليس من المعقول أبدا القول بإلغاء عثمان لستّ قراءات نزل بهاالقرآن، ولوكان بمشورة الصحابة أجمعين.
أقول : بل هو المعقول ، بل عينه ، وتلك أيضا منقبة لعثمان رضي الله عنه ، فحفظ لنا رضي الله عنه القراءات على حرف واحد .
يقولان : والقصة في جميع طرقها ما جاءت إلا عن الزهري، والزهري كانت عنده مشاكل، وكانت عنده بلايا، حيث كان يدرج كلامه في الأحاديث، ولم يكن معنيّا بالصحة والدقة في روايتها وإذاً، فالروايات التي جاءت في جمع القرآن وتدوينه، كلها عن الزهري، وهي لاتصلح أبدا لأن تكون عمدة لنا في أمر جمع القرآن وتدوينه. فإن الزهري ليس بذاك. وفيها من المناكير الكبر، ومن الإشكالات العُضال، مارأينا وعرفنا.
أقول : من أنتما لتقدحا في الزهري بل في من دونه ! كيف تتصوران أن يقبل كل ما صدر عنكما من مغالطات وأباطيل ويرد ما ورد عن الزهري لقدحكما فيه ؟!
وليعذرني المشايخ والدكاترة والإخوة والأخوات عن إكمال تتبع باقي كلامهما ، فقد تهافت عندي ما سبق ، فأعرضت عن الباقي .
 
لنلخِّص:
أولاً: نحن متفقون أنّ القرآن الكريم -كل القرآن - كُتب بإشراف الرسول عليه السلام. وهذا لم يمنع الناس أن يكتبوا مصاحف خاصة بهم؛ منهم عبد الله بن مسعود، وعلي، ...الخ.
ثانياً: توفي الرسول عليه السلام بعد تسع ليال من نزول آخر آية، ألا يكفي هذا لنعلم أنّ جمع القرآن كاملاً بين دفتين لم يكن ممكناً. ثم إنّ الوحي طمأن الرسول عليه السلام ولم يكلِّفه جمعه بين دفتين:"إن علينا جمعه وقرآنه".
ثالثاً: قام الرسول عليه السلام بالبلاغ الكامل مشافهة وكتابة. أما الجمع بين دفتين فيكفي فيه التبليغ بترتيب السور، وواضح أن الصحابة أجمعوا على الترتيب ولم يختلفوا، وهذا يدل على أنّ التبليغ المتعلق بالترتيب قد حصل لعدم اختلافهم. أما المصاحف الخاصة فليس بالضرورة أن تكون مرتبة السور، لأن الشخص يكتب لنفسه وهو يعلم أنّ القرآن لا يزال ينزل ولم يكتمل آيات وسور.
رابعاً: المسألة المطروحة تتعلق بالمصحف الرسمي الذي لا بد منه ليكون المرجع في حال أخطأ أصحاب المصاحف الخاصة. وبالتالي من أين للكاتب أنّ الناس كانت لا تمتلك صحفاً بآيات أو بسور....؟!! بل ثبت أنّ الرسول عليه السلام نهاهم في البداية عن كتابة غير القرآن.
خامساً: بعد تحقق الإجماع على الصحف الرسمية وجدوا أنّ المصلحة تقتضي أن تحرق الصحف الخاصة، لأن الأفراد عرضة للنسيان والوهم والخلط... ولا يعقل أن نعمل على تدقيق ثم إقرار كل ما بين أيدي الناس. وبقاء هذه المصاحف يُحدث فتناً في عصور متأخرة، لحتمية ورود الخطأ في بعضها.
سادساً: هناك الكثير من الصحابة الذين يحفظون خواتيم سورة التوبة، بل وربما يكتبونها. ولكن زيد يبحث عن النسخة التي كُتبت بين يدي الرسول عليه السلام، أي النسخة الرسمية. والكاتب لبّس على القراء الأمر.
سابعا: من أين لنا أنّ لفظة مصحف تعني بالضرورة وجود القرآن - كل القرآن - بين دفتين؟!! هذا لا يمكن أن يكون إلا بعد اكتمال نزول الوحي، وقلنا إنّ وفاة الرسول عليه السلام كانت بعد نزول آخر آية بتسع ليال.
ثامناً: هناك مسائل مختلف فيها بين العلماء، والنصوص تحتملها، والكاتب في سعة من أمره فيها، مثل الحروف السبعة، وحقيقة ما فعلهُ عثمان رضي الله عنه. ... ألخ.
تاسعاً: خلط الكاتب بين تكليف فرد - لم ينفرد - في الجمع الأول والثاني، وبين تدقيق النسخة وإقرار الصحابة لها بعد ذلك، وإجماعهم على صحتها. ومن الذين دققوا عثمان رضي الله عنه.
عاشراً: يسع الكاتب أن يقول: إنّ عثمان رضي الله عنه لم يزد على أن نسخ وعمم، بعد أن علم اختلاف الناس في القراءات. ومن هنا نجده رضي الله عنه يفرّق القراءات في الصحف ويبعث مع كل صحيفة قارئ. ومن هذه الصحف أخذ الناس في الأمصار صحفهم، ومن القرّاء أخذوا قراءاتهم.
أحد عشر: يسع الكاتب أن ينقد المتن بعد نقد السند، وصحة السند لا تعني صحة المتن. المهم أن يقدّم الأدلة المقنعة. وما رأيناه منه يتراوح بين القوة والضعف والوهن.
 
بيت الأوهام والأماني لا سقف له،ولا يزال الناس يطلبون ما هو أمثل حتى لربما ود أناس لو أوحي لكل مسلم بنسخة من القرآن يتنزل عليه بها ملك،وحفظ القرآن عبر الجمع بهذه الصورة من أعظم تجليات عبودية الصحابة لربهم،وحفظ القرآن في الصدور والمصاحف بعد ذلك إلى يومنا هو باب آخر جليل من أبواب تجليات العبودية للملك الجليل سبحانه،وحيث وجد أناس تقذف بهم الأماني ودوا لو جمع القرآن مكتوباً على عين رسول الله صلى الله عليه وسلم = يوجد آخرون تقذف بهم الأماني ودوا لو نزلت أحكام الله قطعية كلها مجموعة في كتاب لا تحوج لنظر واجتهاد ،وكل أولئك يغفلون عما في التسبب لحفظ الدين قرآناً وأحكاماً بعمل الأمة واجتهادها من حكم جليلة،ويغفلون عن أن جذوة الدين لا تبقى حية في النفوس إلا بمثل هذا الاجتهاد والعمل،وللساعة يقضاها زيد في الجمع ،وللساعة يقضيها فقيهان في طلب حكم الله = من الأثر في حفظ الدين وبقاء جذوته مشتعلة ما لا يعلمه إلا من فقه فأحسن الفقه ونظر فأحسن النظر.
 
مع تقديري للدكتور محمد عناية الله سبحاني ولابنه الكريم محي الدين إلا أن في هذا الكلام مجازفات قاصمة تخالف أبجديات العلم والتخصص العلمي ، فقول الدكتور محمد عناية الله سبحاني عن الإمام الزهري : (والقصة في جميع طرقها ما جاءت إلا عن الزهري، والزهري كانت عنده مشاكل، وكانت عنده بلايا، حيث كان يدرج كلامه في الأحاديث، ولم يكن معنيّا بالصحة والدقة في روايتها) يدل على خللٍ كبيرٍ في معرفة قدر هذا الحافظ الكبير ، والثقة الجهبذ الذي سلَّم له العلماء بالتفرد في مسائل كثيرة، وليس ذلك يعني ادعاء العصمة له ، ولكن ليس بهذه الطريقة الساذجة يُقدَحُ في أئمة الحديث يا دكتور محمد وفقك الله ، والإمام الزهري هو الإمام الزهري ، ويبدو لي أنك أولى بقولك (كانت عنده مشاكل، وكانت عنده بلايا) حفظك الله .
وأما بقية المسائل فلعلها تناقش بشكل أوسع فالموضوع دقيق، وفي حاجة لكتابة موسعة .

لقد غضبت سماحة الشيخ على خلاف دأبك، ولك الحق ولنا عذر، فإن الصورة التي تعطينا هذه الرواية دعت إلى ذلك، والموضوع إذا كان متعلقا بالتدوين لكان أهون ولكنها قادحة في التواتر عبر الصدور، فإن الرواية تقول على لسان سيدنا زيد بن ثابت: فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب وصدور الرجال حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم. إلى آخرهما
وهي صريحة أن الآيتين المذكورتين لم يجدهما لا في صدور الرجال ولا في خارجها إلا عند خزيمة، وهذا يخالف صريحا التواتر الذي نؤمن به في نقل القرآن. فالقضية ليست قضية وسيلة واحدة من عدة وسائل لحفظ القرآن، وإنما يشمل كل وسائل الحفظ التي استقصتها الرواية، ومهما تكلف القوم في توجيه الرواية فإن الإشكال لايزول.

وأرجو أن لا يضيق صدرك الرحب وملتقاك الواسع بما لايوافق الرأي المشهور.

كما أرجو من الإخوة الكرام أن يفرقوا بين هذا المقال وبين مقالات المستشرقين، فإنهم يثيرون الشبهات حول الرواية المذكورة للطعن في القرآن الكريم، وهذا المقال بما فيه من التساؤلات والإشكالات باعثه الحفاظ على تاريخ القرآن وسد الطريق أمام الطاعنين فيه.
 
وهي صريحة أن الآيتين المذكورتين لم يجدهما لا في صدور الرجال ولا في خارجها إلا عند خزيمة

ليست صريحة في ذلك بل من الشراح من نص على أن عدم الوجود يراد به :مكتوباً،وإالا فزيد وغيره كانوا قد حملوا القرآن كله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالآيتين وغيرهما..
 
خامساً: بعد تحقق الإجماع على الصحف الرسمية وجدوا أنّ المصلحة تقتضي أن تحرق الصحف الخاصة، لأن الأفراد عرضة للنسيان والوهم والخلط... ولا يعقل أن نعمل على تدقيق ثم إقرار كل ما بين أيدي الناس. وبقاء هذه المصاحف يُحدث فتناً في عصور متأخرة، لحتمية ورود الخطأ في بعضها.
سؤالي للشيخ سنان الأيوبي وذلك بعد عرضه الرائع والمنظم جدا: هل ظن بعض الصحابة أن حديث للنبي هو آية قرآنية وان بعضهم وضعها في مصحف له باعتبار انه آية قرآنية-وان هذا هو ربما ماتقصده بالخلط- ولذلك وجب حماية القرآن في نسخة مرجعية لو صح التعبير، وجاء عثمان وعمم النسخة لهذا السبب ولغيره؟
ولماذا لم يفعل خليفة رسول الله ابو بكر مافعله عثمان فيما بعد، هل لأن الأمر يتعلق بفتنة في عهد عثمان ، او لأن هناك سبب آخر وهو أن الفتوحات جعلت امر المصاحف الخاصة واحتمال اختراع قراءات من اصحاب فتنة متربصة وعدم وجود نسخة في مدن الخلافة المتسعة يمكن ان يؤدي إلى اختلاف واختلاط كبير قد يستغله اعداء الإسلام مايسبب فتنة عظيمة تخص حقيقة القرآن المنزل كما حدث في شأن الأناجيل مثلا؟
سادساً: هناك الكثير من الصحابة الذين يحفظون خواتيم سورة التوبة، بل وربما يكتبونها. ولكن زيد يبحث عن النسخة التي كُتبت بين يدي الرسول عليه السلام، أي النسخة الرسمية. والكاتب لبّس على القراء الأمر.


ماذا تعني بالنسخة الرسمية هنا، في هذا الموضع بالذات؟
وما رأيناه منه يتراوح بين القوة والضعف والوهن.
ماذا في كلام الدكتور محي جعلك تقول ان في بعضه قوة؟
 
سؤالي للشيخ سنان الأيوبي وذلك بعد عرضه الرائع والمنظم جدا:

ماذا في كلام الدكتور محي جعلك تقول ان في بعضه قوة؟
[/COLOR]

أضحك الله سنك، ما الذي يدفعك للسؤال إذا ترك الشيخ سنان مجال عزاء لنا.
 
لنلخِّص:
أولاً: نحن متفقون أنّ القرآن الكريم -كل القرآن - كُتب بإشراف الرسول عليه السلام. وهذا لم يمنع الناس أن يكتبوا مصاحف خاصة بهم؛ منهم عبد الله بن مسعود، وعلي، ...الخ.
ثانياً: توفي الرسول عليه السلام بعد تسع ليال من نزول آخر آية، ألا يكفي هذا لنعلم أنّ جمع القرآن كاملاً بين دفتين لم يكن ممكناً. ثم إنّ الوحي طمأن الرسول عليه السلام ولم يكلِّفه جمعه بين دفتين:"إن علينا جمعه وقرآنه".
ثالثاً: قام الرسول عليه السلام بالبلاغ الكامل مشافهة وكتابة. أما الجمع بين دفتين فيكفي فيه التبليغ بترتيب السور، وواضح أن الصحابة أجمعوا على الترتيب ولم يختلفوا، وهذا يدل على أنّ التبليغ المتعلق بالترتيب قد حصل لعدم اختلافهم. أما المصاحف الخاصة فليس بالضرورة أن تكون مرتبة السور، لأن الشخص يكتب لنفسه وهو يعلم أنّ القرآن لا يزال ينزل ولم يكتمل آيات وسور.
رابعاً: المسألة المطروحة تتعلق بالمصحف الرسمي الذي لا بد منه ليكون المرجع في حال أخطأ أصحاب المصاحف الخاصة. وبالتالي من أين للكاتب أنّ الناس كانت لا تمتلك صحفاً بآيات أو بسور....؟!! بل ثبت أنّ الرسول عليه السلام نهاهم في البداية عن كتابة غير القرآن.
خامساً: بعد تحقق الإجماع على الصحف الرسمية وجدوا أنّ المصلحة تقتضي أن تحرق الصحف الخاصة، لأن الأفراد عرضة للنسيان والوهم والخلط... ولا يعقل أن نعمل على تدقيق ثم إقرار كل ما بين أيدي الناس. وبقاء هذه المصاحف يُحدث فتناً في عصور متأخرة، لحتمية ورود الخطأ في بعضها.
سادساً: هناك الكثير من الصحابة الذين يحفظون خواتيم سورة التوبة، بل وربما يكتبونها. ولكن زيد يبحث عن النسخة التي كُتبت بين يدي الرسول عليه السلام، أي النسخة الرسمية. والكاتب لبّس على القراء الأمر.
سابعا: من أين لنا أنّ لفظة مصحف تعني بالضرورة وجود القرآن - كل القرآن - بين دفتين؟!! هذا لا يمكن أن يكون إلا بعد اكتمال نزول الوحي، وقلنا إنّ وفاة الرسول عليه السلام كانت بعد نزول آخر آية بتسع ليال.
ثامناً: هناك مسائل مختلف فيها بين العلماء، والنصوص تحتملها، والكاتب في سعة من أمره فيها، مثل الحروف السبعة، وحقيقة ما فعلهُ عثمان رضي الله عنه. ... ألخ.
تاسعاً: خلط الكاتب بين تكليف فرد - لم ينفرد - في الجمع الأول والثاني، وبين تدقيق النسخة وإقرار الصحابة لها بعد ذلك، وإجماعهم على صحتها. ومن الذين دققوا عثمان رضي الله عنه.
عاشراً: يسع الكاتب أن يقول: إنّ عثمان رضي الله عنه لم يزد على أن نسخ وعمم، بعد أن علم اختلاف الناس في القراءات. ومن هنا نجده رضي الله عنه يفرّق القراءات في الصحف ويبعث مع كل صحيفة قارئ. ومن هذه الصحف أخذ الناس في الأمصار صحفهم، ومن القرّاء أخذوا قراءاتهم.
أحد عشر: يسع الكاتب أن ينقد المتن بعد نقد السند، وصحة السند لا تعني صحة المتن. المهم أن يقدّم الأدلة المقنعة. وما رأيناه منه يتراوح بين القوة والضعف والوهن.

شيخنا الكريم
شكر الله لكم على توجيه الحوار توجيها علميا، والحقيقة أن توجيه الرواية (بأن ما كلف به زيد بن ثابت إنما كان لإعداد نسخة رسمية) كان رائعا جدا لولا يمنعنا من ذلك التوجيه الرواية نفسها من أولها إلى آخرها.
 
ليست صريحة في ذلك بل من الشراح من نص على أن عدم الوجود يراد به :مكتوباً،وإالا فزيد وغيره كانوا قد حملوا القرآن كله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالآيتين وغيرهما..
أخي الكريم، الرواية تقول: صدور الرجال، والشراح يقولون: بطون الصحف، فبقول من نأخذ، أثابك الله، والحق أن الشراح جزاهم الله خيرا تعبوا في هذه الرواية كثيرا.
 
هذا الكاتب وأبوه قد راكما من الأغاليط والأباطيل في بحثهما الكثير الكثير ، وإني لا أرى مثل هذا البحث إلا محاولة في التشكيك وحشد الضعيف من النقولات واعتماد ماليس معتمدا في المراجع في بابه ، وإني لأعجب من هذا ، وأعجب أكثر من بعض من كنت أظن لهم نظرا في العلم والدراسة ، أن يشكروا صاحب المقال على بئس ماقاله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
يا أخ محمد حفظك الله وبارك فيك
ما هكذا يكون الرد
ردك يا أخي الفاضل يوغر الصدر ولا يبين الحق
لنفترض أن كلام الدكتور ووالده حفظهما الله ونفع بهما قد جانبهم الصواب فيه
أليس الأولى بيان الصواب بالدليل والحجة ونشكر لهما في نفس الوقت اجتهادهما ؟
أما النيات وما في القلوب فأمرهما إلى الله وحده.
 
وهل تلك مجرد (نسخة معينة) ؟!!!

إنها الأصل المكين الراسخ الذي تعارض به كل نسخة،أفيضيعها الصدر الأول حفظ الله قلبك بين جنبيك؟!!

أخي الكريم:
الحفاظ على النسخ التي أعدت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقتضي نسخها في أكبر عدد ممكن، وبكل دقة، ونشرها في الآفاق، وهذا الذي فعله الصحابة رضي الله عنهم.
 
با دكتور غازي قولكم : (الحفاظ على النسخ التي أعدت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقتضي نسخها في أكبر عدد ممكن، وبكل دقة، ونشرها في الآفاق، وهذا الذي فعله الصحابة رضي الله عنهم).
أين الدليل على ذلك من الآثار الصحيحة، أم هو مجرد افتراض؟!
 
أيها الأفاضل
أعتقد أن مناقشة النتيجة التي وصل إليها الدكتور محيي الدين
أولى منها مناقشة المقدمات التي أوصلته إلى هذه النتيجة
هذا الأمر فيه إشكال في المرويات وفي غيرها يحتاج إلى بيان وتوضيح
وإذا كان هذا الأمر أدى بالدكتور ووالده إلى مخالفة ما أجمعت عليه الأمة فهو دليل على أن هناك إشكالات وقفا عندها وغيرهما أو أقل منهما علما ربما يكون الإشكال عنده أكبر.
فيجب أن يناقش هذا الموضوع نقطة نقطة ومن البداية حتى توضع النقاط على الحروف بشكل صحيح ومن ثم يستفيد الجميع.
 
أضحك الله سنك، ما الذي يدفعك للسؤال إذا ترك الشيخ سنان مجال عزاء لنا.
لاتتعجب يادكتور فالاسئلة وراءها ماوراءها ونحن في البداية-ابتسامة
وعموما فانا اريد ان اخرج من هذا الحوار لإوجه نتائجه العلمية المنتظرة الى مااتمناه انا(أقصد مااردته من الرابط الذي صنعته انا)!، فلاتتعجل علينا، ولك ان تبتسم ولكن ارجو ان يستمر الحوار بدون تكشير انياب-ابتسامة
وعليك حفظك الله ورعاك ان تجيب عن اعتراضي المتقدم عن روايتي ثقيف والطائف واثباتك لوجود مصحف كامل منهما مع انهما لايثبتان ذلك كما انك لم تجب على اعتراضي عن استخدامك لكلام ابن حزم لاثباتك الدليل ذاته وهو ليس فيه
لكن جميل ان تتمتع حفظك الله بروح متسامحة على ان تتقبل من الاساتذة والشيوخ اعتراضاتهم وترد عليها من غير ان تغفل شيء كما اغفلت اعتراضاتي!
وسؤالي الآن يأتي بعد قولك
الحفاظ على النسخ التي أعدت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقتضي نسخها في أكبر عدد ممكن، وبكل دقة، ونشرها في الآفاق، وهذا الذي فعله الصحابة رضي الله عنهم.
فمن اين لك الدليل على ماقلت ،فهذا الكلام المطلق انبنى على اصل وهو ان الرسول كان عنده المصحف مكتوب بشكل كامل في نسخة محفوظة عنده قبل وفاته صلى الله عليه وسلم، وهنا تضيف او تركب على اصلك ان الصحابة نشروا ليس نسخة واحدة أُعدت والرسول حي صلى الله عليه وسلم ، بل نُسخ أُخرى قام الصحابة بنشرها في الآفاق، فهل عند حضرتك دليل تاريخي على ذلك، اي النشر في الآفاق؟
وهنا يمكن القول هل نرد روايات تاريخية ثابتة ببناء منطقي كالذي تقوم به وتستخدم له حفظك الله روايات لاتدل عليه، وقد يخالف مااورده احد الافاضل هنا من آية الحفظ(إنا علينا جمعه وقرآنه) وهي تحتمل ايضا جمعه في مصحف بعد موته صلى الله عليه وسلم، خصوصا ان الرسول تُوفي كما ذكر احد الافاضل هنا، بعد نزول آخر آية بأيام معدودة.
بارك الله فيك
 
أيها المهتمون بتأريخ جمع القرآن سأطرح سؤالا وأتمنى من يجيبني عليه:
النبي صلى الله عليه وسلم كان عنده كتاب يكتبون الوحي وهذا عرفناه من كتب السنة وهذا أمر نتفق عليه
والسؤال:
على ماذا كان يكتب النبي صلى الله عليه وسلم ؟
وإذا كتب الكاتب الوحي هل يأخذه معه ؟ أو يتركه عند النبي صلى الله عليه وسلم ؟ أم ماذا؟
" لا أريد الإجابة بأن الله تكفل بحفظ القرآن فهذا أمر نتفق عليه"
 
في البداية لا يسعني إلا أن أعجب بسعة صدر ودماثة الأخ محيي الدين غازي. وأجد أن الكاتب رحمه الله يهدف إلى دفع الشبهات عن الكتاب العزيز. من هنا نرجو أن يتم مناقشة طروحاته بصدر واسع.
وحتى تكتمل الصورة أضيف إلى مداخلتي السابقة الآتي:
أولاً: بقاء النسخ التي كتبت بين يدي الرسول عليه السلام عند الكتبة هو من أجل تعميمها في الناس، لأنها كتبت من أجلهم.
ثانياً: كان اختيار الكتبة من قِبل الرسول عليه السلام، وهذا فيه ما فيه من التزكية لهم.
ثالثاً: النسخ التي كتبت بين يدي الرسول عليه السلام هي وحدها التي يمكن وصفها بانها رسمية، ثم ما كان من جمع في عهد الراشدَين.
رابعاً: ما ورد في رواية البخاري:" فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع....وصدور الرجال" وهم فيه الكاتب، لأن ما في صدور الرجال ضروري لترتيب الآيات المدونة في الصحف، وكذلك فيما بعد ترتيب السور. لأنه من المتعذر جمع القرآن بالاعتماد على النسخ فقط.
خامساً: قول الكاتب:"وهي صريحة في أنّ القرآن لم يرتب ولم يدون في حياة الرسول..."، بل الروايات تنص على أنه دوّن وحفظته القراء، ولكن لم يجمع في صيغة كتاب (بين دفتين). والروايات التي ينتقدها لا تصرّح بما فهم الكاتب رحمه الله، ولو فهمها على ضوء الروايات الاخرى لأدرك أن الأمر يتعلق بحرصهم على الجمع بين ما كتب بين يدي الرسول عليه السلام وما هو محفوظ لديهم.
سادساً: يقول الكاتب رحمه الله تعليقاً على:" حتى وجدت سورة التوبة مع خزيمة الأنصاري.."، يقول:" هل نسي المسلمون كلهم وفيهم أبو بكر وعمر...."!!! ومن قال إنهم نسوا، بل هم يبحثون عن الآية التي لا تنسى، وإلا ما الذي دعاهم للبحث؟! الذي دعاهم للبحث كونهم يذكرون الآية ولكن أين الصحيفة التي كتبت بين يدي الرسول عليه السلام؟ّ!! فهم يعلمون أن الرسول عليه السلام أملى القرآن كاملاً على الكتبة الكرام.
سابعاً: صحف أبي بكر لم تغسل في زمن عثمان، ومن هنا لا داعي لمناقشة المسألة الآن.
ثامناً: ويحق للكاتب رحمه الله أن يرتاب في ما تفرد به الزهري رحمه الله (وقد يكون الوهم عند من نقل عن الزهري). أما لماذا يحق له أن يرتاب:
ا. خواتيم التوبة هي التي وجدت نسختها عند خزيمة بن ثابت الأنصاري، وذلك في الجمع الأول. ويبدو أن بعض الرواة قد اختلط عليه الأمر. بدلالة أن رواية الجمع الثاني تنص على أن آية الأحزاب وجدت عند خزيمة نفسة، وهذا توافق يدعو إلى الشك في حفظ الراوي.
ب. رواية الزهري تذكر خزيمة وتذكر أبي خزيمة، ويمكن أن نجمع إذا ثبت أن خزيمة قد تكنّى بأبي خزيمة.
ج. كيف تم فقد آية الأحزاب والقرآن الكريم قد جمع كاملاً في عهد أبي بكر؟!! أما فقد نسخة التوبة في الجمع الأول فمفهوم.
د. تنص رواية الزهري رحمه الله على:" ولو تمت – أي خواتيم سورة التوبة - ثلاث آيات لجعلناها سورة على حدة"، فلعلهم هم الذين يسوِّرون السور !!!!!!!!!!!!!
هـ. يضاف إلى ذلك كله ما نصت عليه رواية الزهري من أنهم اختلفوا مع زيد في كتابة كلمة التابوت، مع العلم أنها مكتوبة في صحف الرسول عليه السلام والتي عنها أخذت صحف أبي بكر وعثمان رضي الله عنهم جميعاً.
تاسعاً: الصحف الشخصية يغلب أن تختلط بغيرها أو يداخلها التصحيف والإسقاط، وبقاؤها ثغرة توشك أن تكون باباً للفتنة. أما نهي الرسول عليه السلام عن كتابة الحديث فلا أظنه خوف الاختلاط بالقرآن الكريم، بل لأن التشريع في بداية المرحلة المدنية لم يكن نهائياً. ولكنني استشهدت بذلك للتدليل على أنهم – غير الكتبة – كانوا يكتبون القرآن الكريم.
 

في البداية لا يسعني إلا أن أعجب بسعة صدر ودماثة الأخ محيي الدين غازي. وأجد أن الكاتب رحمه الله يهدف إلى دفع الشبهات عن الكتاب العزيز. من هنا نرجو أن يتم مناقشة طروحاته بصدر واسع.

وحتى تكتمل الصورة أضيف إلى مداخلتي السابقة الآتي:

أولاً: بقاء النسخ التي كتبت بين يدي الرسول عليه السلام عند الكتبة هو من أجل تعميمها في الناس، لأنها كتبت من أجلهم.

ثانياً: كان اختيار الكتبة من قِبل الرسول عليه السلام، وهذا فيه ما فيه من التزكية لهم.

ثالثاً: النسخ التي كتبت بين يدي الرسول عليه السلام هي وحدها التي يمكن وصفها بانها رسمية، ثم ما كان من جمع في عهد الراشدَين.

سؤالان:
على أي شيء استندت في أولاً؟
أين كانت هذه النسخ بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟
 
با دكتور غازي قولكم : (الحفاظ على النسخ التي أعدت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقتضي نسخها في أكبر عدد ممكن، وبكل دقة، ونشرها في الآفاق، وهذا الذي فعله الصحابة رضي الله عنهم).
أين الدليل على ذلك من الآثار الصحيحة، أم هو مجرد افتراض؟!

شيخنا الكريم، وأقول بكل تأدب واحترام، هذا مبني على حقيقة أن القرآن الكريم قد ملأ الآفاق، ولولا عناية الصحابة رضي الله عنهم لما حدث ذلك أبدا، وأنا على يقين بأنه لا يمكن ذلك أبدا إذا بقي المصحف الوحيد (الرسمي كما يقول بعض الإخوة) وحيدا من عهد الصديق إلى عهد عثمان رضي الله عنهما وفي وضع شبه مهجور حتى ما علموا أن آية أو آيات لم تجد مكانها فيه.
شيخنا الكريم، نريد تاريخا لايخالف تواتر القرآن الكريم من الرسول صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا، تواترا يمنع ورود الطعن فيه على الإطلاق. وتواترا يشمل كل الآيات، وكل ترتيب. هذا مبدأ وأي شيء يعارض ذلك المبدأ، ينبغي أن يعاد النظر فيه ألف مرة.
 
لاتتعجب يادكتور فالاسئلة وراءها ماوراءها ونحن في البداية-ابتسامة
وعموما فانا اريد ان اخرج من هذا الحوار لإوجه نتائجه العلمية المنتظرة الى مااتمناه انا(أقصد مااردته من الرابط الذي صنعته انا)!، فلاتتعجل علينا، ولك ان تبتسم ولكن ارجو ان يستمر الحوار بدون تكشير انياب-ابتسامة
وعليك حفظك الله ورعاك ان تجيب عن اعتراضي المتقدم عن روايتي ثقيف والطائف واثباتك لوجود مصحف كامل منهما مع انهما لايثبتان ذلك كما انك لم تجب على اعتراضي عن استخدامك لكلام ابن حزم لاثباتك الدليل ذاته وهو ليس فيه
لكن جميل ان تتمتع حفظك الله بروح متسامحة على ان تتقبل من الاساتذة والشيوخ اعتراضاتهم وترد عليها من غير ان تغفل شيء كما اغفلت اعتراضاتي!
وسؤالي الآن يأتي بعد قولك

فمن اين لك الدليل على ماقلت ،فهذا الكلام المطلق انبنى على اصل وهو ان الرسول كان عنده المصحف مكتوب بشكل كامل في نسخة محفوظة عنده قبل وفاته صلى الله عليه وسلم، وهنا تضيف او تركب على اصلك ان الصحابة نشروا ليس نسخة واحدة أُعدت والرسول حي صلى الله عليه وسلم ، بل نُسخ أُخرى قام الصحابة بنشرها في الآفاق، فهل عند حضرتك دليل تاريخي على ذلك، اي النشر في الآفاق؟
وهنا يمكن القول هل نرد روايات تاريخية ثابتة ببناء منطقي كالذي تقوم به وتستخدم له حفظك الله روايات لاتدل عليه، وقد يخالف مااورده احد الافاضل هنا من آية الحفظ(إنا علينا جمعه وقرآنه) وهي تحتمل ايضا جمعه في مصحف بعد موته صلى الله عليه وسلم، خصوصا ان الرسول تُوفي كما ذكر احد الافاضل هنا، بعد نزول آخر آية بأيام معدودة.
بارك الله فيك

أخي الكريم، إن روايتي الثقيف والطائف تدلان على أن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم ولا سيما كتاب الوحي منهم كان عندهم تصور واضح للمصحف وكانوا يهتمون بإعداد المصحف، فهناك مصحف على كل حال يشمل ما نزل من الوحي إلى ذلك الحين، وهذا مهم جدا في قضيتنا، فإن الرواية المشهورة تصور لنا أن سيدنا أبابكر وبعدهما سيدنا زيد ترددوا في أمر جمع القرآن في مصحف وقضوا ليالي في حالة التردد والحيرة، وكأن تصور جمع القرآن وتقديمه في صورة مصحف كامل تصور غريب على الإسلام والمسلمين.لفظ الرواية: (قال أبو بكر قلت لعمر كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ فقال عمر هو والله خير فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله لذلك صدري ورأيت الذي رأى عمر قال زيد بن ثابت وعمر عنده جالس لا يتكلم فقال أبو بكر إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه و سلم فتتبع القرآن فاجمعه . فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن. قلت كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ فقال أبو بكر هو والله خير فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر)

وكذلك عبارة ابن حزم تقول إن المسلمين في الصدر الأول بذلوا اهتماما كبيرا في نسخ المصاحف ونشرها في الآفاق، وليس كما تصوره الرواية المشهورة: (وكانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حتى توفاه الله ثم عند حفصة بنت عمر.) وفي رواية أخرى: (فبعث عثمان إلى حفصة: أن أرسلي الصحف لننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فبعثت بها إليه فدعا زيد بن ثابت و عبد الله بن الزبير و سعيد بن العاص وأمرهم أن ينسخوا الصحف في المصاحف).
فإن الصورة التي تقدمها عبارة ابن حزم تخالف إلى حد كبير الصورة التي تقدمها لنا الرواية المشهورة، وقريبة من وجهة النظر التي جاءت في المقال.

وأما ما تفضل به حضرتكم من ذكر تكشير أنياب فليس له علاقة بالموضوع إلا من بعيد وهو أن الرواية ورد فيها ذكر العسب والأكتاف.
 
الدكتور محيي الدين غازي
نحن لا نختلف على أن القرآن ملأ الأفاق ، وقرأه التابعون وتلقوه من الصحابة.
نقطة الخلاف في التدوين فقط، فهل رؤيتكم في التدوين عليها دليل؟!
أما كون القرآن قرأه الصحابة ، وتلقاه منهم التابعون، وانتشر في الأفاق بحفظ الصدور ، فهذا لا جدال فيه.
 
الدكتور محيي الدين غازي
نحن لا نختلف على أن القرآن ملأ الأفاق ، وقرأه التابعون وتلقوه من الصحابة.
نقطة الخلاف في التدوين فقط، فهل رؤيتكم في التدوين عليها دليل؟!
أما كون القرآن قرأه الصحابة ، وتلقاه منهم التابعون، وانتشر في الأفاق بحفظ الصدور ، فهذا لا جدال فيه.

فضيلة الشيخ الكريم، لولا رواية الزهري رحمه الله، لاتفق المسلمون على أن التدوين قد كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان مجموعة من كتاب الوحي، وحيث كان الاهتمام من الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابة الوحي، وحيث كان مثال الكتب السماوية القديمة مثل التوراة والانجيل موجودا بين يدي الأمة الإسلامية، وكانت الإمكانيات متوفرة إلى جانب الدواعي لذلك.

وأليس الكتابة أدعى للحفظ من حفظ الصدور. وفي مسجدنا في صلاة التراويح إذا اختلف الإمام ومن يسمعون وراءه في آية رجعوا إلى المصحف.
 
المشاركة الأصلية بواسطة عمرو الشرقاوي :الحمد لله وبعد.......،
أقول:
إذا علمنا أن الأصل في القرآن حفظه في الصدور لا في السطور{بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} فعليه نقول أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتي خلف من الصحابة من هم من أهل الحفظ والإتقان لكتاب ربهم تبارك وتعالى .
فلا يصح أن نقول بعد ذلك(إن قلنا أن القرآن لم يدون بين دفتين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم) أن هذا تقصير في جمع القرآن وحفظه .


بالمناسبة شيخنا الكريم أود بكل تأدب أن أشير إلى تأويل للآية التي ذكرتم فقد ذهبوا في ذلك مذاهب منها ما أشرتم إليه ومنها:

قول ابن عاشور: فالمراد من {صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} صدر النبي صلى الله عليه وسلم عبر عنه بالجمع تعظيما له.

وما ذكره القرطبي: وقال قتادة وابن عباس:" بَلْ هُوَ" يعني محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ" من أهل الكتاب يجدونه مكتوبا عندهم في كتبهم بهذه الصفة أميا لا يقرأ، ولا يكتب، ولكنهم ظلموا أنفسهم وكتموا. وهذا اختيار الطبري.

ولكن الذي يطمئن قلبي إليه هو أن يكون (في صدور الذين أوتوا العلم) متعلقا بالبينات، أي هذه الآيات واضحة كل الوضوح عند الذين أوتوا العلم، وهو مناسب لما سبق من قوله تعالى: (إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُون). أي هي بينة لامجال فيها للارتياب. وقد سمعت هذا التأويل من شيخنا الكريم محمد أمانة الله الإصلاحي حفظه الله ورعاه.
 
أخي الكريم، الرواية تقول: صدور الرجال،

بل قالت الرواية : صدور الرجال ،والصحف..

ثم ذكر زيد عدم وجود الآيتين سوى عند خزيمة فلم يخرج الأمر عن ثلاثة احتمالات :

الأول : أنه لم يجدها مكتوبة.
الثاني : أنه لم يجدها محفوظة.
الثالث : أنه لم يجدها لا مكتوبة ولا محفوظة.

والاحتمالان الثاني والثالث يردهما الثابت بيقين من جمع زيد وغيره للقرآن محفوظاً في صدورهم مما يشمل الآيتين ؛ فلم يبق يمكن أن يكون مراد زيد إلا عدم الوجود مكتوباً،لما ثبت من أنه كان يطلب الرقاع المكتوبة لتعضد المحفوظ.
 
فضيلة الشيخ الكريم، لولا رواية الزهري رحمه الله، لاتفق المسلمون على أن التدوين قد كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم

وهذا غير صحيح أيضاً..

وهو من أعظم جوانب الخلل في بحث الدكتور إذ يوهم القاريء أن رواية الزهري لا ذيل لها مما يفتح الباب لإمكان وهمه فيها..

وهذا خطأ؛فشواهد رواية الزهري دالة على حفظه وعلى ثبوت الواقعة..

ومرادي بالشواهد : الروايات من غير طريق الزهري والتي تفيد ثبوت الجمع في زمان أبي بكر.

مثل الروايات التي تدل على رجوع الجمع العثماني للجمع الذي كان في زمان أبي بكر ،والرواية التي تتكلم عن مصير الجمع الذي كان زمان أبي بكر والمحفوظ في بيت حفصة،وثناء علي بن أبي طالب على جمع أبي بكر؛فهذه الروايات من غير طريق الزهري تشير إلى نفس الواقعة التي رواها الزهري مما يثبت صدق روايته وضبطها..
 
أخي الكريم، إن روايتي الثقيف والطائف تدلان على أن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم ولا سيما كتاب الوحي منهم كان عندهم تصور واضح للمصحف وكانوا يهتمون بإعداد المصحف، فهناك مصحف على كل حال يشمل ما نزل من الوحي إلى ذلك الحين، وهذا مهم جدا في قضيتنا، ....
وكذلك عبارة ابن حزم تقول إن المسلمين في الصدر الأول بذلوا اهتماما كبيرا في نسخ المصاحف ونشرها في الآفاق، وليس كما تصوره الرواية المشهورة: (وكانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حتى توفاه الله ثم عند حفصة بنت عمر.) وفي رواية أخرى: (فبعث عثمان إلى حفصة: أن أرسلي الصحف لننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فبعثت بها إليه فدعا زيد بن ثابت و عبد الله بن الزبير و سعيد بن العاص وأمرهم أن ينسخوا الصحف في المصاحف).
فإن الصورة التي تقدمها عبارة ابن حزم تخالف إلى حد كبير الصورة التي تقدمها لنا الرواية المشهورة، وقريبة من وجهة النظر التي جاءت في المقال.
اخي الشيخ الدكتور محيي كلامك هنا يختلف عن يقينك في مقالك!
اي انك في مقالك قلت
تلك الرواية نص واضح في أن القرآن كان مجموعا مرتبا، مدونا بين الدفتين في حياة رسول الله، فإن لفظ المصحف لايطلق إلا على كامل القرآن، المجموع بين الدفتين.
قال الزبيدي: "لأَنَّه في المعنَي مَأْخُوذ من أُصْحِفَ ، بالضَّمِّ : أَيْ جُعلَتْ فيه الصُّحُفُ المكْتُوبةُ بين الدَّفَّتَيْن ، وجُمعَتْ فيه." (تاج العروس:ص ح ف)
وأيضا تفيد الرواية أن رسول الله كان يحتفظ عنده بنسخ زائدة من المصاحف، وإذا جاءته الوفود، كان يجودعليهم بها، فهم كانوا يذهبون بها إلى قومهم، وكانوا يستنسخونها، ثم ينشرونها بين الناس.
وهنا في الرد تقول
كان عندهم تصور واضح للمصحف وكانوا يهتمون بإعداد المصحف، فهناك مصحف على كل حال يشمل ما نزل من الوحي إلى ذلك الحين، وهذا مهم جدا في قضيتنا،
فهنا في رد حضرتكم تقول ان كامل القرآن لم يكن مجموعا في مصحف، بينما في مقالك تؤكد ان التدوين لايطلق الا على كامل القرآن، فكأنك تنفي بردك الثاني مااثبته في مقالك الأول!،ثم انك هنا ايضا تقول" فهناك مصحف على كل حال" ولو قلت" صحف" " تشمل مانزل من الوحي الى ذلك الحين" لكان اقرب للصواب. فالروايات تثبت صحف وليس مصحف، هو ماصار عليه مصحف عثمان واما من جمع القرآن كاملا عندهم في صحف خاصة بهم اي مكتوبة،فقد وردت بذلك الروايات وهي تتكلم عن كتابة صحف خاصة ، تمت نهائيتها قبل موت النبي بأيام فقط (وقد تكون فيه قراءات صحيحة)تختلف عن كتابة " المصحف" الرسمي(فليس فيه كل القراءات) الذي جمعه زيد رضي الله عنه هو ومجموعة موكلة بذلك، وعلى حرف واحد، بأمر من عثمان، ولسبب الفتنة التي حصلت ، بسبب اتساع الفتوحات واختلاف الناس الذين لم يعرفوا مااقره الرسول من القراءات التي علمها للصحابة، فكان أن عثمان رضي الله عنه أمر بنسخة لايختلف عليها الناس مهما اتسعت بهم الأقطار والبلاد ، اما القراءات فيمكنهم التثبت منها مما حفظه العلماء في الكتب ، ومنهم علماء الصحابة والتابعين.
وهذا تشير اليه الرواية الأولى التي احتججت انت بها على كتابة المصحف كاملا، بين دفتين ايام النبي وذلك في قولكم:
ولنا العبرة فيما رواه البخاري، قال: حدثنا معلى بن أسد حدثنا عبد الله بن المثنى قال حدثني ثابت البناني وثمامة عن أنس بن مالك قال: مات النبي صلى الله عليه و سلم ولم يجمع القرآن غير أربعة أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد . قال ونحن ورثناه. (صحيح البخاري، باب القراء من أصحاب النبي:4/1913/4718) فهؤلاء الأربعة جمعوا القرآن في حياة النبي عليه السلام، بشهادة أنس بن مالك، وه ووأهله ورثوا مصحف أبي زيد لقرابة بينهم.
فجمعهم هنا هو جمع لا في مصحف واحد ولكن في صحف مختلفة خاصة بهم بدليل ماورد عن مصحف عبد الله ابن مسعود
فلايبقى لك -في مقالك-من دليل كثير واضح على مسألة التدوين في مصحف كامل بين دفتين ايام النبي، الا ماقلت انت اخيرا عنه"عبارة ابن حزم تقول إن المسلمين في الصدر الأول بذلوا اهتماما كبيرا في نسخ المصاحف ونشرها في الآفاق" وقولك هذا الاخير هو خلاف احتجاجك في المقال به اذ انك احتججت به على وجود مصحف كامل مدون بين دفتين تركه النبي للصحابة بينما تقول هنا اخيرا ان المسلمين بذلوا اهتماما كبيرا في نسخ المصاحف في الصدر الاول ومخالفيك لايخالفونك في هذا فهذا قول مطلق وهم يخالفونك في القول بأ، الصحابة نشروا هذه المصاحف كاملة مكتوبة ايام النبي مع العلم ان القرآن لم يكتمل الا قبل موت النبي بأيام فكيف سيتسنى لهم كتابة نسخ المصاحف(القرآن كاملا مدونا) كما قلت انت في خلال خمسة ايام، وبهذه السرعة الكبيرة، ولايستوى قولك الأخير هذا الا اذا قصدت بالمصاحف انهم كاتوا يعلمون الناس كتابة وقراءة وحفظا ماكتبوه مما سمعوه من النبي واقرهم عليه، من القراءات، وهذا شيء آخر غير مااراده عثمان رضي الله عنه من جمع القرآن في نسخة مدونة على قراءة واحدة_وهذه تحتاج مراجعة من العلماء في الملتقى- او قراءات داخل المصحف الواحد.
وكون عثمان رضي الله عنه لم يبدع من القرآن شييء كما ذكرت حضرتك لايعني انه جمع كافة القراءات في مصحف واحد، بدليل وجود قراءات أخرى خارج المصحف العثماني وهي قراءات صحيحة لم يكفر بها عثمان وانما اكتفى لتوحيد المسلمين على قراءة واحدة او قراءات داخل قراءة واحدة( ومسألة القراءات داخل الحرف الواحد او القراءة الواحدة تحتاج من العلماء في الملتقى الى تصحيحها او ضبطها او تقويمها!)
والروايات الأخرى التي اوردتها سيادتك هي في مثل مستوى الحجة التي اوردناها عليه مخالفين لك في استخدامك لها ومنها رواية تحزيب القرآن كمثال، فهي ليست كما تقول حضرتك:" وهذا الترتيب حجة قاطعة على أن القرآن كان مجمعا، ومرتبا، ومدونا" ذلك ان السؤال في الرواية ليست عن تحزيب القرآن كاملا ايام النبي ذلك انه باقرار حضرتكم فان القرآن حتى ذلك الوقت(الذي اشارت اليه الروايات)، اي وجود النبي في ثقيف لم يكن القرآن قد اكتمل بعد ، نعم هناك القرآن الذي نزل حتى ذلك الوقت ويمكن تحزيبه وقراءته ولكن ليس هو كامل المصحف الذي اشرت اليه انت وقلت بانه دليل على
أن القرآن كان مجمعا، ومرتبا، ومدونا كمثله في أيامنا، وكانت بيوت الصحابة كلهاعامرة بها.
فردك الاخير لايثبت مااثبته انت في قولك الاول في المقال!، بدليل ايحاء كلمتك" فهناك مصحف على كل حال يشمل ما نزل من الوحي إلى ذلك " التي توحي انك تنبهت الى ان ماحزبوه للقراءة لم يكن هو كامل المصحف الذي هو نهائي بين دفتين.وايضا فربما ماحزبوه فيه من القراءات غير المثبتة في مصحف عثمان، ومعلوم ان مصحف عثمان لم يجمع فيه كافة القراءات التي علمها رسول الله اياهم، وهذا يعني ان المصحف الذي جمع عثمان المسلمين عليه لعدم الفرقة ليس فيه قراءات معينة (مع نسفه بهذا الجمع لتلاعبات قد تجري في الأفق باختراع قراءات وروايات)وحفاظا على الامة من الاختلاف فلو تركت الامة بدون ضبط لحرف واحد مكتوب، ولها ان تنوع بعد ذلك القراءات الصحيحة في صلاتها وقراءتها كيف شاءت، لولا ذلك لدخل التحريف الكثير العظيم في الأمة، وهذا يدل على فعل عثمان رضي الله عنه كان فعلا صائبا ملهما وهو داخل في قوله تعالى"إنا علينا جمعه وقرآنه"" وقوله" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" ومن هنا درء عثمان فتنة دخلت على الأمتين السابقتين، اي اليهود والنصارى.
 
نعم ، لقد تمعر وجهي لما كتبه غازي وأبوه ، وعبرت عنه ببعض كلمات لم يجانبها الصواب فاعترض عليها سعيد الغامدي ، ووعد بالرد وحث غيره من المتخصصين على الرد ، ومضت أيام ، ما رأينا خلالها إلا سفسطة كلام يعبث بها علينا بعض من ساهم و سجل تعليقا أو تباسما في مقابلة كلام باطل مغلوط متجريء ...
أما أنت يا ( أبوسعد) فكان أجدر بك قول غير هذا الذي وجهته إلي ، فإليك عني ، فما سمعت منك ولا من غيرك ما ينهي إن حقا كان أو باطلا ، اللهم إلا إرجاء أو تبسما وشكرا من بعضهم أو تعجبا وسؤالا من آخرين !! واستثني كلمات أبي فهر في مشاركتيه الأخيرتين اللتين كلف فيهما للتدليل لغازي وأبيه على الشمس في رابعة النهار !
رحم الله المسلمين والمسلمات وعوض أمة الإسلام خيرا .
وإن العلماء في قل والناس على فترة منهم ، وأجد نفسي مضطرا لمطالبة المسؤولين عن هذا الموقع بالرجوع لمن بقي من أهل العلم الأثبات ، للفصل في ما يدور على هذا الموقع حول هذه الشبه المثارة باسم البحث والموضوعية ! والله من وراء القصد .
 
نعم ، لقد تمعر وجهي لما كتبه غازي وأبوه ، وعبرت عنه ببعض كلمات لم يجانبها الصواب فاعترض عليها سعيد الغامدي ، ووعد بالرد وحث غيره من المتخصصين على الرد ، ومضت أيام ، ما رأينا خلالها إلا سفسطة كلام يعبث بها علينا بعض من ساهم و سجل تعليقا أو تباسما في مقابلة كلام باطل مغلوط متجريء ...
أما أنت يا ( أبوسعد) فكان أجدر بك قول غير هذا الذي وجهته إلي ، فإليك عني ، فما سمعت منك ولا من غيرك ما ينهي إن حقا كان أو باطلا ، اللهم إلا إرجاء أو تبسما وشكرا من بعضهم أو تعجبا وسؤالا من آخرين !! واستثني كلمات أبي فهر في مشاركتيه الأخيرتين اللتين كلف فيهما للتدليل لغازي وأبيه على الشمس في رابعة النهار !
رحم الله المسلمين والمسلمات وعوض أمة الإسلام خيرا .
وإن العلماء في قل والناس على فترة منهم ، وأجد نفسي مضطرا لمطالبة المسؤولين عن هذا الموقع بالرجوع لمن بقي من أهل العلم الأثبات ، للفصل في ما يدور على هذا الموقع حول هذه الشبه المثارة باسم البحث والموضوعية ! والله من وراء القصد .

أخي الفاضل محمد
الاندفاع والحماس الزائد لا يقر حقا ولا يبطل باطلا
ولو أن أهل العلم من السابقين واللاحقين تعاملوا مع المخالف بأسلوبك لما رأيت تفسير الطبري ولا بن كثير ، ولا المغني ، ولا فتح الباري.....
فهدي من حماسك الذي يبدو أنه في غير محله ورد الشبهة بالدليل ، والحجة بالحجة ، وإذا كنت لا تستطيع فاترك غيرك بارك الله فيك يناقش ويتعلم ويفيد ويستفيد...
ثم ترى القرآن محفوظ والذي تكفل بحفظه هو الذي تكلم به وأنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس أنا ولا أنت ......
 
أخي سعيد ( أبوسعد )
هنيئا لك ما أسميته مناقشة وتعلما وإفادة واستفادة !
أين ذلك العلم ؟ وأين تلك المناقشة العلمية ؟
إنها ليست إلا جرأة في إثارة الشبهات باسم الموضوعية والسفسطائية ، تبحث عن جمهرة ، فلا تكن منها !
أما أنا فسأستجيب لطلبك وأتوقف وأكتفي بتعقب أوردته على بعض ما ذكر غازي وأبيه ، ما أهمك ، وهذا من إنصافك ، وفقك الله .
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أصحابه أجمعين ومن والاهم.
لا يسعني إلا أن أشكر الأخ الكريم سنان الأيوبي على مشاركة فعالة هادفة حيث وضع نقاطا أساسية لتكون محوراً للنقاش بدل سوء الظن وطعن البعض في البعض.
تعليق على مشاركة (سؤالان) للأخ أبو سعد الغامدي:
سؤالان:
أولاً: بقاء النسخ التي كتبت بين يدي الرسول عند الكتبة هو من أجل تعميمها في الناس، لأنها كتبت من أجلهم.
على أي شيء استندت في أولاً؟
سؤالي:كيف كتابة الوحي؟ كيفية كتابة الوحي
أولاً: هل الرسول يدعو كتاب الوحي عند أو بعد نزول الوحي لكتابته؟ أو تكون كتاب الوحي كلهم أو بعضهم موجودين في مجلس الرسول لكتابة الوحي فور نزوله؟ الصورة بعد الانتهاء من نزول الوحي أين تكون تحفظ تلك النسخ؟ أ تكون عند الكتاب أو تكون تحفظ عند النبي ؟
ثانياً: أين تكون تحفظ تلك المخطوطات ( أجزاء المصحف)؟ هل عند الرسول أو أن أي كاتب يحمل ما كتبه معه ويحفظه لديه.
وقد تطرأ أسئلة عدة من هذا القبيل، لانجد نصوصًا صريحة تجيب على مثل هذه الأسئلة، وأن كل يمكن أن نجيب عليها هي الاحتمالات المتوقعة وترجيح البعض على البعض، إذاً القول على أي شيء استندت في أولاً؟ لا محل له.
ثانياً: النسخ التي كتبت بين يدي الرسول هي وحدها التي يمكن وصفها بأنها رسمية، ثم ما كان من جمع في عهد الراشدَين،
أين كانت هذه النسخ بعد النبي ؟
هذا سؤال وجيه: ومن المستحيل أن نتصور أن كتاب الوحي ضيعوها أو لم يعتنوا بحفظها حق العناية، مما يؤكد بأنها كانت موجودة لديهم.
وأرى أن يتمركز الحوار على النقاط الآتي:
1. كيفية كتابة الوحي في عهد النبي
2. كيفية حفظ تلك المخطوطات ( ما كان يكتب كل كاتب وحي) هل تترك عند الكاتب نفسه أو عند النبي
3. هذا من المتفق بل أصبح من المعتقدات أن الترتيب ألمصحفي الموجود معنا ليس بترتيب النزول؛ وكذلك هنالك العديد من السور لم تنزل كاملة بل مجزئة.
السؤال الذي يرد هنا، أن كاتب الوحي بعد الانتهاء مما كتب من الوحي المنزل عند الكتابة كيف يرتب صفحات أو ملزمة (إن جاز التعبير) ما يدون فيه الوحي؛ فمثلاً أن آخر ما نزلت هي آية المائدة " اليوم أكملت لكم.....)
يفهم من هذا أن المصحف كان مجمعًا بالترتيب الذي بين أيدينا: أي ترتيب المائدة هو الخامس بعد النساء وقبل الأنعام، وأن الآيات السابقات واللاحقات لآية (اليوم أكملت....) كانت في أماكنها. هل بقي في الآية فراغ حتى تملأ أو الرسول علم ذلك المقام.
أرجو الحوار الهادف أن يتمركز على هذه النقاط.







 
استدل بعض الإخوة بأن الوحي نزل آخر ما نزل قبل بضعة أيام من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا لا يكفي لجمع القرآن في مصحف، والحق أن المسألة فيها ما يقارب عشرة أقوال، ويقول فيها القاضي أبا بكر في الانتصار: هذه الأقوال ليس فيها شيء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكل قال بضرب من الاجتهاد وغلبة الظن ويحتمل أن كلا منهم أخبر عن آخر ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي مات فيه أو قبل مرضه بقليل وغيره سمع منه بعد ذلك وإن لم يسمعه هو ا هـ
وقد علق ذلك الزرقاني بقوله: وهي طريقة مريحة غير أنها لا تلقي ضوءا على ما عسى أن يكون قد اختتم الله به كتابه الكريم.
وأقول: هل من الضروري أن نعلم ذلك ولو عن طريق الظن.

والذي يترجح لدينا أن القرآن الكريم قد اكتمل نزوله قبل مدة غير قصيرة من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان هناك وقت كاف لجمع القرآن وإتمام المهمة التي من أجلها كانت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم. وربما كان قبل حجة الوداع، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابَ اللَّهِ. وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّى فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ ». قَالُوا نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ. فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ « اللَّهُمَّ اشْهَدِ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ». ثَلاَثَ مَرَّات. رواه مسلم. ويستأنس لذلك بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعرض الكتاب على جبريل عليه السلام في كل رمضان فإذا أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليلة التي يعرض فيها ما يعرض أصبح وهو أجود من الريح المرسلة لا يسئل عن شيء ألا أعطاه فلما كان في الشهر الذي هلك بعده عرض عليه عرضتين. رواه أحمد.
والآية التي ترجح لدى كثير من المعاصرين كونها آخر آية والتي يقال فيها أنها نزلت قبل تسع ليال، هي {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} وكان بين نزولها ووفاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحد وثمانون يوما حسبما ذكر ابن الأنباري، (أنظر البرهان في علوم القرآن).
 
عندما قرأت قول الكاتب في بداية مقاله : (( لقد مضى على نزول القرآن أكثر من أربعة عشر قرنا، ولم يتحرر بعد تاريخ جمع القرآن وتدوينه )) عرفت أنه مقال هزيل من الناحية العلمية يعتمد على إنكار وإلغاء جهود السابقين ليتسنى له اختراع رأي جديد ..
من كثرة قراءتي لهذه النوعية من المقالات صرت أعرفها من أول فقرة ، والله المستعان ..
والحق يقال لم يخيب كاتب المقال ظني ، فمقاله فعلاً كما توقعت ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ..!
 
لقد رأيت لشيخنا د. هشام عزمي في إحدى مشاركاته عبارة منهجية رائعة حيث قال:
"ما نريده هنا هو رد علمي بكل المقاييس لا ذرة للإنفعال فيه وفقنا الله لما فيه الخير"
 
موضوع في سدة الأهمية ، ونقاش غاية في الأسبقية ، بقي أن نتعاون فنجمع قوي الروايات ، ووثيق الآثار ، ومحكم الأقوال لنصوغ منها بحثا يقول كلمة الفصل ويجمع عزمة القوم ، ويضيف إلى المكتبة القرآنية رأي الفريق بعد رأي الوحدان وللجميع تحياتي .
 
ويضيف إلى المكتبة القرآنية رأي الفريق بعد رأي الوحدان وللجميع تحياتي .
صحيح؛ ثقافة التأليف الجماعي، Coauthoring أو المشاركة بالتأليف، (شبه) غائبة وللأسف في الأوساط الإسلامية. في مبحث تاريخ جمع القرآن، أعتقد أن التأليف الجماعي هو الأصلح لأن الفرد يرى الموضوع من زاوية الخط المتسلسل، أما التعدد فيلاحظ الخطوط المترابطة ليصل إلى نقطة المركز. أظن أن النقطة المركزية هي حفظ القرآن في السطور والصدور معا، هذا قبل الجمع البكري والعثماني: هذا الجمع خط متسلسل. الخطوط المترابطة تكمن في دراسة تاريخ المصحف وتاريخ الصحف، ولهذا لا أرى أي تعارض فيما قدمه الأساتذة في هذا الشريط.
 
عودة
أعلى