ناصر عبد الغفور
Member
بسم1
تأويل غريب للإمام السيوطي في إتقانه:
أثناء قرائتي في كتاب الإتقان للإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى، -النوع الثالث والخمسون: في تشبيهه واستعارته- استوقفني كلام له في أحد أنواع التشبيه، وهو تشبيه ما لا تقع عليه الحاسة بما تقع عليه، ومثل له بقوله تعالى:" والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة..." الآية.
قال الإمام السيوطي موجها للآية:"أخرج ما لا يحس وهو الإيمان إلى ما يحس وهو السراب والمعنى الجامع بطلان التوهم مع شدة الحاجة وعظم الفاقة" اهـــــ.
فجعل رحمه الله تعالى المشبه الذي هو أعمال الكفار مما لا تقع عليه الحاسة أي غير محسوس، وذلك لأنه تأول هذه الأعمال بالإيمان.
وهذا غريب، فإن أعمال الكفار لا يمكن تأويلها بالإيمان، لأنه لا إيمان لهم، ولو كان عندهم إيمان ما سموا كفارا، فالكفر ضد الإيمان ونقيضه فكيف يصح تأويل أعمالهم بالإيمان.
بل هم سيتمنون الإيمان يوم القيامة، لكن بعد فوات أوانه، كما قال تعالى:" وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52)"-سبأ-.
قال الحافظ:" أي: وكيف لهم تعاطي الإيمان وقد بعدوا عن محل قبوله منهم وصاروا إلى الدار الآخرة، وهي دار الجزاء لا دار الابتلاء، فلو كانوا آمنوا في الدنيا لكان ذلك نافعهم، ولكن بعد مصيرهم إلى الدار الآخرة لا سبيل لهم إلى قبول الإيمان، كما لا سبيل إلى حصول الشيء لمن يتناوله من بعيد.
قال مجاهد: { وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ } قال: التناول لذلك.
وقال الزهري: التناوش: تناولهم الإيمان وهم في الآخرة، وقد انقطعت عنهم الدنيا." اهـــ.
وقال القاضي البيضاوي رحمه الله تعالى:" ومن أين لهم أن يتناولوا الإيمان تناولا سهلا { من مكان بعيد } فإنه في حيز التكليف وقد بعد عنهم وهو تمثيل لحالهم في الاستخلاص بالإيمان بعدما فات عنهم أوانه وبعد عنهم." اهـــ.
فالمقصود بأعمال الكفار في الآية التي مثل بها الإمام السيوطي وفي غيرها من الآيات ليس إيمانهم فهذا باطل شرعا وحسا، بل المقصود ما يعملونه من أعمال يحسبون أنهم سينتفعون بها، وأنى لهم ذلك وهي أعمال لم تقم على أساسها من الإخلاص والتوحيد، فانتفى الجزاء لانتفاء الشرط، وقد جاء هذا صريحا في غير ما نص، من ذلك حديث عائشة رضي الله عنها:" عن عائشة قالت :" قلت : يا رسول الله ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم و يطعم المساكين ،فهل ذاك نافعه ؟ قال : " لا يا عائشة ، إنه لم يقل يوما : رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين "-أخرجه مسلم وغيره-.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره:"فكذلك الكافر يحسب أنه قد عمل عملا وأنه قد حَصَّل شيئًا، فإذا وافى الله يوم القيامة وحاسبه عليها، ونوقش على أفعاله، لم يجد له شيئًا بالكلية قد قُبل، إما لعدم الإخلاص، وإما لعدم سلوك الشرع، كما قال تعالى: { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا } [الفرقان: 23].اهـــــ.
يقول القاضي البيضاوي رحمه الله تعالى:"شبه صنائعهم من الصدقة وصلة الرحم وإغاثة الملهوف وعتق الرقاب ونحو ذلك من مكارمهم في حبوطها وذهابها هباء منثورا لبنائها على غير اساس من معرفة الله تعالى والتوجه بها إليه أو أعمالهم للأصنام برماد طيرته الريح العاصف.". اهــــ.
وفي الأضواء:"فكذلك أعمال الكفار كصلات الأرحام وقري الضيف والتنفيس عن المكروب وبر الوالدين ونحو ذلك يبطلها الكفر ويذهبها كما تطير تلك الريح ذلك الرماد". اهـــــ.
فلا أدري كيف تأول الإمام السيوطي أعمال الكفار بإيمانهم، فهذا التأويل في غاية الغرابة منه رحمه الله تعالى.
تأويل غريب للإمام السيوطي في إتقانه:
أثناء قرائتي في كتاب الإتقان للإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى، -النوع الثالث والخمسون: في تشبيهه واستعارته- استوقفني كلام له في أحد أنواع التشبيه، وهو تشبيه ما لا تقع عليه الحاسة بما تقع عليه، ومثل له بقوله تعالى:" والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة..." الآية.
قال الإمام السيوطي موجها للآية:"أخرج ما لا يحس وهو الإيمان إلى ما يحس وهو السراب والمعنى الجامع بطلان التوهم مع شدة الحاجة وعظم الفاقة" اهـــــ.
فجعل رحمه الله تعالى المشبه الذي هو أعمال الكفار مما لا تقع عليه الحاسة أي غير محسوس، وذلك لأنه تأول هذه الأعمال بالإيمان.
وهذا غريب، فإن أعمال الكفار لا يمكن تأويلها بالإيمان، لأنه لا إيمان لهم، ولو كان عندهم إيمان ما سموا كفارا، فالكفر ضد الإيمان ونقيضه فكيف يصح تأويل أعمالهم بالإيمان.
بل هم سيتمنون الإيمان يوم القيامة، لكن بعد فوات أوانه، كما قال تعالى:" وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52)"-سبأ-.
قال الحافظ:" أي: وكيف لهم تعاطي الإيمان وقد بعدوا عن محل قبوله منهم وصاروا إلى الدار الآخرة، وهي دار الجزاء لا دار الابتلاء، فلو كانوا آمنوا في الدنيا لكان ذلك نافعهم، ولكن بعد مصيرهم إلى الدار الآخرة لا سبيل لهم إلى قبول الإيمان، كما لا سبيل إلى حصول الشيء لمن يتناوله من بعيد.
قال مجاهد: { وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ } قال: التناول لذلك.
وقال الزهري: التناوش: تناولهم الإيمان وهم في الآخرة، وقد انقطعت عنهم الدنيا." اهـــ.
وقال القاضي البيضاوي رحمه الله تعالى:" ومن أين لهم أن يتناولوا الإيمان تناولا سهلا { من مكان بعيد } فإنه في حيز التكليف وقد بعد عنهم وهو تمثيل لحالهم في الاستخلاص بالإيمان بعدما فات عنهم أوانه وبعد عنهم." اهـــ.
فالمقصود بأعمال الكفار في الآية التي مثل بها الإمام السيوطي وفي غيرها من الآيات ليس إيمانهم فهذا باطل شرعا وحسا، بل المقصود ما يعملونه من أعمال يحسبون أنهم سينتفعون بها، وأنى لهم ذلك وهي أعمال لم تقم على أساسها من الإخلاص والتوحيد، فانتفى الجزاء لانتفاء الشرط، وقد جاء هذا صريحا في غير ما نص، من ذلك حديث عائشة رضي الله عنها:" عن عائشة قالت :" قلت : يا رسول الله ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم و يطعم المساكين ،فهل ذاك نافعه ؟ قال : " لا يا عائشة ، إنه لم يقل يوما : رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين "-أخرجه مسلم وغيره-.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره:"فكذلك الكافر يحسب أنه قد عمل عملا وأنه قد حَصَّل شيئًا، فإذا وافى الله يوم القيامة وحاسبه عليها، ونوقش على أفعاله، لم يجد له شيئًا بالكلية قد قُبل، إما لعدم الإخلاص، وإما لعدم سلوك الشرع، كما قال تعالى: { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا } [الفرقان: 23].اهـــــ.
يقول القاضي البيضاوي رحمه الله تعالى:"شبه صنائعهم من الصدقة وصلة الرحم وإغاثة الملهوف وعتق الرقاب ونحو ذلك من مكارمهم في حبوطها وذهابها هباء منثورا لبنائها على غير اساس من معرفة الله تعالى والتوجه بها إليه أو أعمالهم للأصنام برماد طيرته الريح العاصف.". اهــــ.
وفي الأضواء:"فكذلك أعمال الكفار كصلات الأرحام وقري الضيف والتنفيس عن المكروب وبر الوالدين ونحو ذلك يبطلها الكفر ويذهبها كما تطير تلك الريح ذلك الرماد". اهـــــ.
فلا أدري كيف تأول الإمام السيوطي أعمال الكفار بإيمانهم، فهذا التأويل في غاية الغرابة منه رحمه الله تعالى.